|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
اغتنام عشر ذي الحجة
اغتنام عشر ذي الحِجَّة يحيى سليمان العقيلي الحمد لله الذي هيَّأ لعباده مواسمَ الطاعات، ورغَّبهم في فِعْلِ الصالحات والقُرُبات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، واسعُ الرحمات، رفيع الدرجات، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي للفضائل والخيرات، وعلى آله وصحبه أولي الفضل والْمَكْرُمات، ومن سار على نهجه، واستنَّ بسنته إلى يوم العرض على رب البريات؛ أما بعد: فاتقوا الله - عباد الله - حقَّ التقوى، وتعاهدوا طاعته بالعمل الذي يرضى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ﴾ [الطلاق: 5]. معاشر المؤمنين: مِن فَضْلِ الله تعالى على عباده أنْ جَعَلَ لهم مواسمَ للطاعات، يُعظِم فيها الأجر، ويُغفَر فيها الوِزْرُ، ليستكثروا فيها من الصالحات، ويستدركوا ما فاتهم من الخيرات، فيتجدد إيمانهم، وتسمو نفوسهم، وتتهذب أخلاقهم، وتعلو عند الله تعالى درجاتهم. ومن هذه المواسم الفاضلة التي آن أوانُها العشرُ الأُوَلُ من ذي الحِجَّة التي حلَّت، أقسم الله تعالى بها لعِظَمِ فضلها؛ فقال جل وعلا: ﴿ وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾ [الفجر: 1، 2]، وهي أيام شهِد لها الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها أفضل أيام الدنيا، وحثَّ على العمل الصالح فيها؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من أيامٍ العملُ الصالح فيهن أحبُّ إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجلًا خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء))؛ [رواه البخاري]. والأحب يعني الأفضل مَرْتَبةً والأعظم أجرًا، فمنزلة العمل الصالح وثوابه فيها أعظم من غيرها؛ ففيها خير أيام الدنيا: يوم النحر؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القَرِّ))؛ [رواه أبو داود والنسائي، وصححه الألباني]. وفيها يوم عرفة، يوم مغفرة الذنوب، وستر العيوب، ويوم العتق من النار والنجاة من الخزي والعار. وفيها يؤدَّى ركن الحج الذي افترضه الله على عباده؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أيها الناس... قد فُرِض عليكم الحج فحُجُّوا))؛ [البخاري]. فعلى المسلم أن يبادر لحج فريضته إذا لم يكن قد أدَّاه؛ فعن ابن عباس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((تعجَّلوا إلى الحج - يعني الفريضة - فإن أحدكم لا يدري ما يعرِض له))؛ [صحيح الجامع]، ويكفي في فضل الحج قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((العمرة إلى العمرة كفَّارة لِما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة))؛ [متفق عليه]. معاشر المؤمنين: حرِيٌّ بالمسلم أن يغتنم العشر بالقربات والطاعات، وأَوْلَاها بالعناية الأعمالُ التي هي أحب إلى الله، وهي فرائضه التي افترضها على عباده؛ كما ورد في الحديث القدسي: ((... وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحبَّ إليَّ مما افترضت عليه))، ثم يأتي المرء بنوافل العبادات من الصلوات والصيام والصدقات، والذكر والتلاوات، وكل أعمال البر والإحسان والصِّلات، وما تعدَّى نفعه زاد فضله وأجره؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: ((وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أُحِبَّه))؛ [رواه البخاري]. ومن رحمة الله تعالى وكرمه بعباده أنْ فضَّل العشر، وثوابها شاملٌ لكل بِرٍّ وخير، ما دام مصحوبًا بنية وإخلاص؛ من صلاة وقيام، وصوم وحج، وأُضْحِيَّة وذِكْرٍ، ولا سيما التهليل والتكبير والتحميد، حتى تبسُّمك في وجه أخيك، وإماطة الأذى عن الطريق، والإصلاح بين المتخاصمين، والتفريج عن المكروبين، ومساعدة المحتاجين؛ قال عليه الصلاة والسلام: ((الإيمان بضع وسبعون شعبة، أدناها إماطة الأذى عن الطريق، وأعلاها قول: لا إله إلا الله، والحياء شعبة من الإيمان)). وقد خصَّ النبي صلى الله عليه وسلم صيامَ يوم عرفة من بين أيام عشر ذي الحِجَّة بمزيد عناية، وبيَّن فضل صيامه؛ فقال: ((صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفِّر السنة التي قبله، والتي بعده))؛ [رواه مسلم]. كما يُسَنُّ للمسلم أن يصوم تسع ذي الحِجَّة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حثَّ على العمل الصالح فيها؛ قال الإمام النووي: "صيامها مُستحَبٌّ استحبابًا شديدًا". ومن الأعمال الفاضلة في العشر: ذِكْرُ الله من التكبير والتحميد والتهليل؛ قال تعالى عن فضل الذكر فيها: ﴿ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ﴾ [الحج: 28]، وجمهور العلماء على أن الأيام المعلومات هي عشر ذي الحِجَّة. وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من أيام أعظمُ عند الله ولا أحبُّ إليه العملُ فيهن من هذه الأيام العشر، فأكْثِرُوا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد))؛ [رواه أحمد]، فيُسَنُّ ذلك الذِّكرُ مطلقًا مع أول يوم فيها. الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. الله أكبر الله أكبر ولله الحمد. وفَّقنا الله تعالى للبر والتقوى، والعمل الذي يرضى، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية معاشر المؤمنين:السعيدُ مَنِ اغتنم تلك المواسم، ولم يجعلها تمر عليه كسائر الأيام، بل يغتنم الساعات واللحظات، ويشمِّر عن ساعد الجِدِّ والعزم، ويتنافس لنَيلِ أفضل القُرُبات، ويتسابق لأعلى الدرجات، ممتثلًا لقوله تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133]. كما تعظُم هذه الأيام بالبعد عن المعاصي وتعظيم شعائر الله فيها، لا سيما في تقديم الأضحية التي تُقدَّم يوم العاشر وأيام التشريق؛ قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32]. وروى الترمذي وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما عمِلَ ابنُ آدم يومَ النحر أحبَّ إلى الله من إهراق الدم، وإنه لَيُؤتَى يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم لَيَقَعُ من الله بمكانٍ قبل أن يقع بالأرض، فطِيبوا بها نفسًا)). ومما ينبغي التنبُّهُ له لمن أراد أن يضحِّيَ ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((من كان له ذِبْحٌ يذبحه، فإذا أُهِلَّ هلال ذي الحِجَّة، فلا يأخذَنَّ من شعره، ولا من أظفاره شيئًا حتى يضحي))؛ [صحيح مسلم]. أما أفضل الإحسان - عباد الله - في هذا الوقت، فهو دعم أهل غزة، وإغاثتهم في رِباطهم وثباتهم وجهادهم لهذا العدو الصهيوني الغاشم؛ فعن زيد بن خالد الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من جهَّز غازيًا في سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازيًا في سبيل الله بخير فقد غزا)).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |