فن السعادة الزوجية - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الاكتفاء بسماع أذكار الصباح والمساء عند قولها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الفرق بين صلاة التراويح وصلاة القيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          قراءة القرآن بصوت مرتفع في المسجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الفرصة الأخيرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          ترزقوا وتنصروا وتجبروا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          لا سمَرَ إلَّا لِمُصَلٍّ ، أوْ مُسافِرٍ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          على أبواب العشر الأواخر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          رمضان شهر الإقبال على مجالس العلم والعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          التغيير الشامل في رمضان .. هل هو ممكن؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          تاريخ غزوة بدر .. الميلاد الثاني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأمومة والطفل

ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-01-2023, 09:28 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي فن السعادة الزوجية

فن السعادة الزوجية (1)
حياة أسرية بلا مشكلات



لقد اهتم الإسلام بالحياة الزوجية اهتماماً كبيراً، وسمى الله عقد الزواج الذي يجمع بين الرجل والمرأة بالميثاق الغليظ، كما في قوله -تعالى-: {وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً} (النساء:21)؛ لأن صلاح الأسرة يؤدي إلى صلاح المجتمع، وفساد الأسرة يؤدي إلى فساد المجتمع؛ لذلك وضعت الشريعة قواعد ثابتة للحياة الزوجية، ولم تترك شيئاً يلزم هذه الحياة إلا وضحت حكم الله فيه، وبينت لكل من الزوجين ما له وما عليه، وحذرت من كل ما يكدر صفو العلاقة الزوجية، بل وتوعدت كل من تسول له نفسه إفساد هذه العلاقة بأشد العذاب.
فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس منا من خبب امرأة على زوجها» صحيح سنن أبي داود (2175) (كتاب الطلاق، باب فيمن خبب امرأة على زوجها) وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة للعلامة الألباني (324-325). أي يفسدها عليه: إما بالتدخل المباشر في حياة الزوجين كما يفعل بعض ذوي الزوجين، أو غير المباشر كما هو ظاهر في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، من التحريض والإغراء في زرع بذور الشقاق.
حياة مودة ورحمة
إذاً فالحياة الزوجية هي حياة مودة ورحمة {لتسكنوا إليها} نعم، ليسكن إليها، ولم يقل ليسكن معها، مما يؤكد معنى الاستقرار في السلوك، والهدوء في الشعور، ويحقق الراحة والطمأنينة بأسمى معانيها؛ فكلٌّ من الزوجين يجد في صاحبه الهدوء عند القلق، والبشاشة عند الضيق، وسنضع - بإذن الله - في هذه السلسلة بعض الوسـائل السديدة للحياة الزوجية السعيدة، والحلول الناجحة لبعض المشكلات الزوجية العصرية، سائلين المولى -عز وجل- التوفيق والسداد، وأن يُديم على كل زوجين الحب والمودة والرحمة، وأن يجمع بينهما على خير في الدنيا والآخرة آمين.
حياة أسرية بلا مشكلات
لا شك أن الحياة الزوجية السعيدة الخالية من المشكلات مطلب لكل رجل وامرأة على السواء، وهي من طيب العيش الذي يرجوه كل إنسان في هذه الحياة، لكن هذه الحياة لابد أن يعتريها بعض المشكلات التي تنغص صفوها، وتهدد بقاءها واستمرارها، وقد تضع نهاية مؤلمة لها وهي الطلاق.
أمر لا مفر منه
والخلافات الزوجية أمر لا مفر منه، والذي يدّعي خلو حياته من المشكلات الزوجية أو الخلافات فادعاؤه غير صحيح، وضربٌ من الخيال، وذلك لسببين، حتى لا ننشد مثالية لا وجود لها في واقع الحياة البشرية، لا بين الزوجين، ولا بين أيِّ متعامِلَين على هذه الأرض:
- أولاً: الزواج رابطة بين اثنين مختلفين في الجنس والتكوين والعقل والعاطفة، ومن آيات الله -تعالى- أنه لم يخلق اثنين متشابهين تماماً في الصفات والأخلاق، فالاختلاف والتبايُن في الصفات والأخلاق هو الذي يسبب تلك الخلافات.
- ثانياً: أبى الله -عز وجل- أن يجعل لنعمةٍ في هذه الدنيا الكمال والتمام، عدا نعمة الدين؛ حتى لا يركن الناس إلى هذه الدنيا ويطمئنوا إليها، فيقصروا في طلب الآخرة.
نعمة من الله عظيمة
والزواج نعمة من الله عظيمة، والعاقل من الناس من إذا رأى هذه المنغصات والمكدرات في هذه الحياة أدرك أن هذه الدنيا ليست داراً له ومستقرا، إنما الدار والمستقر هي جنة النعيم التي لا نكد ولا منغص فيها، كما قال -تعالى-: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا} (الفرقان: 24). أما دنيانا هذه فليست فيها نعمة على الحقيقة، فكل نعمة فيها مشوبة بالكدر والنغص، فهي دار الفناء والتعب والابتلاء، قال -تعالى-: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ} (البلد:4).
قال بعضهم:
طُبِعتْ على كدر وأنت تريدها
صَفواً من الأقذار والأكـدار!

وقال آخر:
ما لي وللدنيـا غدت درك
الردى يا قبحها دار الأذى والعار
دار متى ما أضحكت في يومها
أبكـت غداً تبـّاً لها من دار

ويقول ابن الجوزي -رحمه الله تعالى فيمن يعيش في هذه الدنيا ويستنكر وجود ما يُنغِّص فيها ويكدر-: «عجباً لمن يضع يده في سلة الأفاعي ويأمن اللسع».
الحياة لا تخلو من المشكلات
إن الحياة الزوجية مهما كانت درجة الاتفاق والتفاهم والمحبة فيها بين الرجل والمرأة، فإنها لا تخلو ولن تخلو من مشكلة أو خلاف، بل لا نبالغ إذا قلنا بأن الحياة الزوجية السعيدة هي تلك التي لا تخلو من الخلافات الزوجية اليسيرة، والمشكلات الصغيرة العابرة، التي هي أشبه بـ(سحابة صيف) سريعاً ما تنجلي، فيزكو الحُب بين الزوجين ويتجدَّد، وتقوى الرابطة بينهما، ويدرك الزوجان قيمة السعادة، فالأشياء تُعرَف وتتميَّز بأضدادِها كما يُقال.
الخلاف المرفوض
لذلك نقول: إن الاختلاف في الرأي بين الزوجين أمرٌ مقبول، ولا داعي للخوف أو القلق منه، لكن الذي نرفضه في الحياة الزوجية ونسعى إلى الوقاية منه وعلاجه إن وقع هو: الخلاف المستمر، والتشاجر والتباغض والصراع حول التافه والجليل من الأمور، هذا هو المرفوض، وهذا هو الذي يعنينا في هذه الرسالة، حول حياة أسرية أو زوجية سعيدة بلا مشكلات.
فالمشكلات التي نعنيها هي التي تهدد حياة الزوجين مباشرة، وتحدث بينهما هُوَّة قد يصعب إغلاقها، وتؤدي إلى أمر لا يحمد عقباه، وهذه المشكلات منها ما هي: مشتركة بين الزوجين، ومنها ما يتفرد به الزوج، ومنها ما تتفرد به الزوجة. وعلى هذا تدور معظم الخلافات والمشكلات بين الزوجين، وفي السطور الآتية بيان لبعض الوسائل والطرائق الناجعة النافعة لتستمر وتدوم الحياة بين الزوجين بسعادة وحب وهناء.
الأمر الأول: احرص على الاختـيار
احرص على اختيار شريك الحياة، وهذا الكلام نُوجِّهُهُ إلى المقبلين على الزواج من أبنائنا وبناتنا، فإن اختيار شريك الحياة أكثر الاختيارات أهمية على الإطلاق، ومن استطاع أن يختار شريكه اختياراً سليماً؛ استطاع أن يحقق خطوة مهمة في سبيل تحقيق السعادة المنشودة في الحياة الزوجية.
ولقد وضع الإسلام منهجاً يُختار على أساسه شريك الحياة، تناوله الفقهاء في مدوَّناتهم بالتفصيل وليس هذا موضعه، لكن الذي يهمنا من هذا المنهج - أي منهج الاختيار - من حيث الإجمال يتمثل في: ضرورة تعرف كل من الطرفين على الآخر، وهذا التعرف لا يقتصر على معرفة التكوين الخَلقي فحسب، بل يتعداه إلى معرفة التكوين النفسي والروحي والفكري؛ حتى يتمكن الطرفان من معرفة مدى التوافق بينهما.
التكافؤ والتوافق
وقد أثبتت التجارب أن الحياة الزوجية تنال نصيبها من السعادة والهناء على قدر ما بين الزوجين من تكافؤ وتوافق، واتساق في القيم والمبادئ والاتجاهات والأفكار، والطبيعة والمزاج، وفي النظر إلى الحياة عموما، فلا نزوج بناتنا الصالحات إلا لرجال صالحين في دينهم وخلقهم «إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه» صحيح سنن ابن ماجة (1614) (كتاب النكاح، باب الأكفاء) وانظر الصحيحة (1022). وقال رجل للحسن البصري -رحمه الله-: قد خطب ابنتي جماعة فمن أزوجها؟ قال: «ممن يتقي الله؛ فإن أحبها: أكرمها، وإن أبغضها: لم يظلمها».
ويختار الشباب الصالحون المرأة الصالحة من ذوات الدين والخلق؛ لأنها الوسيلة الفاعلة في تحقيق السكينة والاستقرار، وتوفير أجواء المودة والرحمة والهناء؛ ولهذا حث النبي - صلى الله عليه وسلم - على الظَّفر بذات الدين بوصفه مطلبا جوهريا جامعا لخصال الخير، «تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك» رواه مسلم، (كتاب النكاح، باب نكاح ذات الدين). وذات الدين أي صاحبة الدين.
هذا باعتبار التوافق في القيم والمبادئ، وهو بالغ الأهمية لحصول الانسجام بين الزوجين، فلا نزوج موليةً صالحة لغير صالح، فننغص عليها عيشتها، أو العكس، لقرابة ونحوها.
التكافؤ في التفكير والطبيعة
ثم بعد ذلك التكافؤ أو التقارب بالتفكير والطبيعة والمزاج وفي النظر إلى الحياة عموما ما أمكن، كل ذلك من الأسباب المعينة على تحقيق السعادة الزوجية.
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف» رواه مسلم (كتاب البر والصلة، باب الأرواح جنود مجندة).
كم تكون المعاناة بين الزوجين عندما يكون الزوج ذا همة عالية في إنجاز أعماله اليومية في أقل وقت، وكون الزوجة من النوع البطيء (البارد) التي تحتاج إلى يوم كامل لإنجاز عمل ساعة عند الناس.


الشيخ محمد السنين


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07-01-2023, 11:56 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فن السعادة الزوجية

فن السعادة الزوجية (2)
- طريق السعادة


لقد اهتم الإسلام بالحياة الزوجية اهتماماً كبيراً، وسمى الله عقد الزواج الذي يجمع بين الرجل والمرأة بالميثاق الغليظ، كما في قوله -تعالى-: {وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً} (النساء:21)؛ لأن صلاح الأسرة يؤدي إلى صلاح المجتمع، وفساد الأسرة يؤدي إلى فساد المجتمع؛ لذلك وضعت الشريعة قواعد ثابتة للحياة الزوجية، ولم تترك شيئاً يلزم هذه الحياة إلا بيَّنت حكم الله فيه، وبينت لكل من الزوجين ما له وما عليه، وحذرت من كل ما يكدر صفو العلاقة الزوجية، بل وتوعدت كل من تسول له نفسه إفساد هذه العلاقة بأشد العذاب؛ لذلك كانت هذه السلسلة التي نستكشف فيها أسباب السعادة الزوجية.
طريـق السعـادة
اعلم أيها الزوج الكريم، وأيتها الزوجة المصونة أن الطريق إلى كل سعادة وهناء في الحياة الدنيا إنما هو بالإيمان بالله والعمل الصالح، قال -تعالى-: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (النحل:97)، ففي هذه الآية وعد من الله -عز وجل- لمن آمن به وعمل صالحاً: أي بفعل المأمور، وترك المحظور، أن يسعده في حياته الدنيوية بطمأنينة القلب، وسكون النفس، وراحة البال، ويرزقه حلالاً طيباً من حيث لا يحتسب، وفي الآخرة {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
الجزاء من جنس العمل
يقول ابن سعدي -رحمه الله-: «من أصناف اللذات مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. فيؤتيه الله في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة»، فالجزاء من جنس العمل، فمن أصلح ما بينه وبين الله؛ أصلح الله ما بينه وبين الخلق، أما من أعرض عن ذكره فجزاؤه كما قال -تعالى-: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا..} (طه:124)، وهذا وعيد من الله لمن أعرض عن دينه وشريعته، أن يصيبه ضيق ومشقة، قال بعض المفسرين: هو الهم والغم والآلام، وكل ذلك عذاب معجل من الله للمعرضين عن دينه، وعذاب الآخرة أشد.

مشكلا تكدِّر صفو الحياة

ولا شك أن ما يتعرض له الزوجان في حياتهما الزوجية، من مشكلات تكدِّر صفو حياتهما هو ابتلاء ومصيبة مقدرة، قد تكون بسبب التقصير في حق الله -تعالى-، أو بسبب ذنوب ارتكبها الزوجان أو أحدهما، قال -تعالى-: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} (الشورى:30) وقال بعض السلف: «إني أجد أثر المعصية في خلق زوجي وخادمي ودابَّتي»، فينبغي للزوجين أن يراجعا نفسهما وعلاقتهما مع الله، فيصححا ما فيها من التقصير، وذلك يتطلب منهما التوبة النصوح من أي معصية.
تمحيص بالابتلاء
وقد تكون المشكلات بسبب محبة الله -تعالى- للزوجين لصلاحهما، وهذا تمحيص بالابتلاء كما قال -تعالى-: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} (العنكبوت:2) فما كان بسبب الصلاح فثواب من الله على الابتلاء، وما كان بسبب المعصية ففيه تكفير للذنوب، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله.

تـنازل عن النظرة المثاليـة
ينبغي للزوجين أن يوطنا نفسهما على حياة زوجية يتعذر فيها الكمال الإيماني والأخلاقي والتعاملي في الجنس البشري عموما، والنساء خصوصا، فمن يريد زوجة كاملة من كل ما يجب ويستحب من الأخلاق والصفات والمعاملة، فلن يجدها إلا في الجنة. أما الدنيا فمستحيل أن تجد امرأة بهذا الكمال، حسناء جميلة في صورتها، وطاهية بارعة لألوان الطعام، ملبية لرغبات زوجها في كل وقت، صابرة محتسبة لأذاه، مديرة لشؤون بيتها على أكمل وجه، راعية لأولادها، ومعلمة لهم بلا كلال ولا مَلال، لا يظهر عليها أثر الضيق والتبرم بما تلقى من زوجها وأولادها، هذا لا يمكن وجوده في الواقع البشري. وفي المقابل نرى بعض الزوجات تريد زوجاً كاملاً من كل ما يجب ويستحب من الإيمان والأخلاق والمعاملة، تريده كريماً لا يرد لها طلباً، ودوداً، رحيماً، مادحاً لها على الدوام، رفيقاً، صابراً على جهلها وأذاها، ليناً حانياً، مؤثراً لها على نفسه، فهذا أمر متعذِّر جداً في الرجال، ولن تجده المرأة في كل الرجال.

الكمال مستحيل
إن من يأمل الكمال الديني والأخلاقي والتعاملي في زوجه شريك حياته، فلن تصفو له الحياة الزوجية، لكن العاقل من الأزواج هو الذي يرضى باليسير، ويقبل المستطاع من أخلاق شريك حياته وصفاته، ولا ينشد الكمال في كل شيء، حتى تدوم الحياة الزوجية بلا منغصات ولا مشكلات.

لا يفرك مؤمن مؤمنة
وتأمل حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي رواه مسلم في صحيحه: يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر» (كتاب النكاح، باب لا يفرك مؤمنة مؤمنة).
معنى هذا الحديث: لا يبغض المؤمن زوجته المؤمنة لخلق كرهه منها، ما دام أنه رضي منها أخلاقاً أخرى، فقد لا تكون جميلة في نظر زوجها بالقدر الكافي، لكنها صاحبة خلق حسن. ومعنى ذلك: ليشفع خلقها الحسن، لخلقها السيئ الذي كرهه منها زوجها. وهذا الحديث فيه إشارة إلى المعنى المتقدم، أنك لن تجد زوجة كاملة، وعليك أن ترضى باليسير من الأخلاق والمعاملة، حتى تدوم الحياة الزوجية، وفي هذا المعنى يقول -تعالى-: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} (النساء:19)، فلنتنازل عن النظرة المثالية التي لا مكان لها على أرض الواقع.
الرضا باليسير والممكن والمعقول
يقول الشيخ عبدالرحمن السعدي -رحمه الله- في التعليق على هذا الحديث فيما معناه: «وإن كان هذا الحديث في العشرة الزوجية فهو ينطبق على كل المتعاملين، فمن أراد دوام المحبة والألفة والتعاون ودوام الإحسان والبر والصلة فليرض باليسير والممكن والمعقول من المعاملة والإخاء والبر والإحسان، أما طلب الكمال في الأخلاق والمعاملة مع كل من نعاملهم، فهذا يعني أننا لن نجد من نعامله!».
الشيخ محمد السنين



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 07-02-2023, 06:27 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فن السعادة الزوجية

فن السعادة الزوجية (3) اعرف مسؤوليتـك



لقد اهتم الإسلام بالحياة الزوجية اهتماماً كبيراً، وسمى الله عقد الزواج الذي يجمع بين الرجل والمرأة بالميثاق الغليظ، كما في قوله -تعالى-: {وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا} (النساء:21)؛ لأن صلاح الأسرة يؤدي إلى صلاح المجتمع، وفساد الأسرة يؤدي إلى فساد المجتمع؛ لذلك وضعت الشريعة قواعد ثابتة للحياة الزوجية، ولم تترك شيئاً يلزم هذه الحياة إلا بيَّنت حكم الله فيه، وبينت لكل من الزوجين ما له وما عليه، وحذرت من كل ما يكدر صفو العلاقة الزوجية، بل وتوعدت كل من تسول له نفسه إفساد هذه العلاقة بأشد العذاب؛ لذلك كانت هذه السلسلة التي نستكشف فيها أسباب السعادة الزوجية.
اعرف مسؤوليتـك
مما يجنِّبنا المنغصات في الحياة الزوجية أن يتعرف الزوجان على مسؤولتيهما الزوجية، ماذا يريد الرجل من زوجته؟، وماذا تريد المرأة من زوجها؟، وفق ما شرع الله -عز وجل-؛ لتحقيق النجاح والسعادة في الحياة الزوجية.
الرجل يريد القوامة
الرجل يريد القوامة بمعانيها وضوابطها الشرعية على زوجته، لا يريد منافساً ولا منازعاً له فيها، لا من الزوجة ولا من ذويها، أما الزوجة الصالحة العاقلة فإنها لا تنازع زوجها هذا الحق أبداً، بل تفخر أن زوجها قيِّمٌ عليها، وتسعى إلى ترسيخ هذه القوامة من خلال التزامها الصادق بحقوقها، والذي أعطى الرجل حق القوامة على زوجته هو الله -عزوجل-، قال -تعالى-: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} (النساء:34)، فالقوامة تكليف ومسؤولية وقيادة. يقول الحافظ ابن كثير -رحمه الله عند تفسير هذه الآية-: «الرجل قيِّمٌ على المرأة، أي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها، ومُؤدِّبُها إذا اعوجت، فالصالحات مطيعات لأزواجهن، تحفظ زوجها في غيبته وماله».
طاعة الزوج بالمعروف
ومن حقوق الزوج في هذه القوامة: أن تطيعه زوجته في كل ما شرع الله له، وفي كل معروف لا يخالف أمر الله، وهذا هو معنى القنوت في قوله -تعالى-: {قانتات} أي مطيعات لأزواجهن. وألا تخرج من بيته إلا بإذنه، وأن تستأذنه في كل تصرف يمس حقوقه ورعايته. رُوي بسند حسن عن عبدالله بن أبي أوفى عن النبي - صلى الله عليه وسلم [- أنه قال: «لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لغير الله، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده، لا تؤدي المرأة حق ربها، حتى تؤدي حق زوجها، ولو سألها نفسها وهي على قتب، لم تمنعه» صحيح ابن ماجة (1515) (كتاب النكاح، باب حق الزوج على المرأة) وانظر الصحيحة (1203). والقتب هو الرحل الصغير يوضع على البعير.
ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه (أي التطوع)، أو تأذن في بيته إلا بإذنه، وما أنفقت من نفقة من غير أمره فإنه يؤدى إليه شطره» رواه البخاري (كتاب النكاح، باب صوم المرأة بإذن زوجها تطوعاً).
وهنا أود أن ألفت النظر، إلى أن الزوج -وإن كان يملك بهذه القوامة حسن الرعاية الكاملة والإصلاح والتأديب عند الحاجة-، فإنه يكون وفق المنهج الإلهي العادل والحكيم: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} (النساء:34)، لكن هذه المسؤولية القيادية لا تعني أن يتعسف الزوج في استعمال حقه فيها، أو يظلم زوجته، كما لا يجوز له أن يفرِّط فيها أو يقصِّر، يقول - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله -تعالى- سائل كل راعٍ عما استرعاه، أحفظ أم ضيَّع؟، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته» صحيح رواه ابن حبان، وانظر الصحيحة (1636).
تصور خطأ عن القوامة
إن من المؤسف جداً أن يتصور بعض الأزواج أن القوامة تتمثل في القسوة والشدة، وأن أوامر الزوج تنفذ دون مناقشة ولا تردد، في جو ومناخ أشبه بالمناخ العسكري، وهذا لا شك أنه فهم وتصور خطأ لمعنى القوامة، وأنا أذكر لكم هنا مسألة مهمة يحصل فيها تعسف من الأزواج، وهي موضوع إذن الزوج لزوجته بالخروج، وهذا في كثير من الأحيان يحصل بسببه خلاف يكدر صفو العلاقة بين الزوجين، والواجب أن يتفق الزوجان بثقة على إذن مسبق تملكه الزوجة لخروجها عند الحاجة، كما قال الشيخ عبد العزيز ابن باز -رحمه الله.
رعاية حق قوامة الرجل
وعلى الزوجة أن ترعى حق هذه القوامة لزوجها، بتوقير الزوج وإكرامه واحترام مشاعره وأحاسيسه، ولها من الله ثواب عظيم، قال - صلى الله عليه وسلم -: «إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصَّنت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت» رواه الإمام أحمد وابن حبان وصححه الألباني في آداب الزفاف (ص286). وسيأتي مزيد من التفصيل لهذا الموضوع في فصل مهم بعنوان (لنتحاش المنغصات).
المعاشرة بالمعروف
وهي تريد من زوجها في مقابل أداء حقوق القِوامة له، المعاشرة بالمعروف؛ لذلك اقترن بتكليف المنهج الرباني للزوج بالقوامة والقيادة مع تكليفه بحسن معاشرة زوجته، ضماناً لسلامة هذه القوامة وحفظ الحقوق الزوجية، قال -تعالى-: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} (النساء:19) يقول الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في معنى هذه الآية: «أمرهم الله بمعاشرتهن بالمعروف، أي طيِّبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم، كما تحب ذلك منها، فافعل أنت بها مثله».
مفاهيم مغلوطـة
بعض الأزواج - هداهم الله - يظن أن حقوق المرأة تنحصر في توفير المأكل والمشرب والمسكن ونحو ذلك من الأمور المادية، حتى أنك ترى بعضهم إذا اختلف مع زوجته صرخ بوجهها: أنا ما قصرت معاك، كل شيء وفرت لكم في البيت، أكل وشرب وملابس إلخ. وهذا تصور خطأ وفهم مغلوط للحقوق الزوجية.
المرأة ما خرجت من منزل أبيها رغبةً في الطعام أو الشراب أو الكساء، وإن كان واجباً عليك أيها الزوج أن تنفق على زوجتك لقوله -تعالى-: {لينفق ذو سعة من سعته} (الطلاق:7) وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت» صحيح أبو داود (1692) (كتاب الزكاة، باب في صلة الرحم) وانظر الإرواء (894). وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن» صحيح ابن ماجة (1513) (كتاب النكاح، باب حق المرأة على الزوج) وانظر آداب الزفاف (270).
ما تحتاجه المرأة
لكن ليس هذا ما تحتاجه المرأة يوم خرجت من بيت أبيها، المرأة تحتاج زوجاً يحنو عليها، ويلاطفها، ويراعي طبيعتها التكوينية، وعاطفتها الفطرية، عند التعامل معها كزوجة، فهي رقيقة المشاعر والعواطف، أما ترى النبي - صلى الله عليه وسلم - كيف يلاطف زوجته عائشة: فقد ثبت في مسلم عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: كنت أشرب وأنا حائض، ثم أناوله النبي - صلى الله عليه وسلم - فيضع فاه على موضع فيّ فيشرب، وأتعرق العرق وأنا حائض (أي آكل اللحم من العظم)، ثم أناوله النبي - صلى الله عليه وسلم - فيضع فاه على موضع فيّ.
وهذا يوضح مدى تلطفه - صلى الله عليه وسلم - بأهله، وعيشه عيش المحب لهم الحريص على إدخال السرور على أنفسهم. وهذه دعوة لكل زوج وكل أسرة أن تتبصر في هذا الهدي الكريم، وأن تجعله نبراساً لها تسير عليه، وصدق الله إذ قال: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (الأحزاب:21).
الزوج الحكيم
فالزوج الحكيم هو الذي يقابل تصرفاتها الخطأ بالحكمة والحلم والرفق، ويعالج إساءتها بالصبر والتسامح، وهذا ما أرشد إليه النبي - صلى الله عليه وسلم -: «استوصوا بالنساء خيراً» رواه مسلم (كتاب النكاح، باب مداراة النساء والوصية بهن) وانظر الإرواء (1997)، وقال: «إن المرأة خلقت من ضِلع أعوج، لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها».
الزوج المثالي
والزوج المثالي في عشرة أهله هو الذي يتجمل بالخلق الكريم في التعامل مع زوجته، فإذا كانت معاملة عامة الناس بالخلق الحسن مطلوبة، فمع الزوجة من باب أولى، فهي أقرب الناس إليك، وأقرب الجيران إليك، وأنت مطلوب منك أن تحسن إلى الجار، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم خلقاً» صحيح سنن الترمذي (1162) (كتاب الرضاع، باب ما جاء في حق المرأة)، وانظر الصحيحة (284). يقول الإمام مالك -رحمه الله-: «لير منك أهلك كل خير؛ حتى لا ينظروا إلى غيرك»، حتى كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخيط ثوبه، ويخصف نعله، ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم. رواه أحمد، وانظر الضعيفة (4282).

الشيخ محمد السنين

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 07-02-2023, 06:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فن السعادة الزوجية

فن السعادة الزوجية (4) الزوجة بحاجة إلى الكلمة الطيبة

لقد اهتم الإسلام بالحياة الزوجية اهتماماً كبيراً، وسمى الله عقد الزواج الذي يجمع بين الرجل والمرأة بالميثاق الغليظ، كما في قوله -تعالى-: {وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا} (النساء:21)؛ لأن صلاح الأسرة يؤدي إلى صلاح المجتمع، وفساد الأسرة يؤدي إلى فساد المجتمع؛ لذلك وضعت الشريعة قواعد ثابتة للحياة الزوجية، ولم تترك شيئاً يلزم هذه الحياة إلا بيَّنت حكم الله فيه، وبينت لكل من الزوجين ما له وما عليه، وحذرت من كل ما يكدر صفو العلاقة الزوجية، بل وتوعدت كل من تسول له نفسه إفساد هذه العلاقة بأشد العذاب؛ لذلك كانت هذه السلسلة التي نستكشف فيها أسباب السعادة الزوجية.
الزوجة بحاجة إلى الكلمة الطيبة، والعبارة الحانية، وأن تخاطب بأسلوب رقيق مهذب، وأن تحترم وجودها وتقدر رأيها ومجهودها، تقول إحدى الزوجات: «كم أتمنى أن يُطربني زوجي بكلمة إعجاب واحدة لأعلِّقها وساماً غالياً في منـزلي»، وأشادت زوجة بجمال صديقتها؛ فقالت لها -بعد أن شكرتها-: «يا ليت زوجي يشوف بعيونك»، وإنه من المؤسف أن ترى بعض الرجال يبخل على زوجته بالكلمة الطيبة، مدحاً وثناءً عليها، وعلى جمالها، أو لباسها، أو على طعامها الذي صنعته له!، وإن الجهل والموروثات الخطأ التي يتلقفها بعض الناس عن عادات مجتمعاتهم، وعن آبائهم، من أكبر الأسباب المفسدة للحياة الزوجية.
ثورة تصحيحية
نحن بحاجة إلى ثورة تصحيحية في خلق التعامل مع زوجاتنا، وأن نتخلى عن الموروثات المخالفة لدين الإسلام وأخلاقه، أعرف من الناس من إذا دخل على أهل بيته لا يُسلِّم، وإن سلَّم سلّم مكرهًا، وحدثني بعضهم أنه لا يشمِّت أهله إذا عطسوا وحمدوا الله، يقول: يستنكف من ذلك، وإذا أردت أن تعرف مبلغ هذا الجهل، فاستمع إلى بعض الرجال كيف يخاطب أهله عبر الهاتف، كأنه يتحدث مع عدوٍّ له أو غريب!
ويقول بعضهم: الوالد يقول: «عليك بالمرأة، تراها مثل قطن الندَّاف كثر ما تندف بالعصا تصير زينة»، هكذا هو العلم الذي يتلقاه بعض الأزواج عن آبائهمـ، بل إن بعض الأزواج يدخل الحياة الزوجية وكأنه داخل إلى معركة، ضد خصم يريد الاستيلاء على ملكه، أو سلب حق من حقوقه.
الأب والأصدقاء يوصون الزوج بما يحقق له السيطرة الكاملة على زوجته، يوصونه بالشدة المبكرة على الزوجة في معاملتها: لا تبتسم، لا تلبي لها كل رغباتها، حمِّر عليها العين، اغلظ عليها القول!.
والأم والأخوات والصديقات في الطرف الآخر يوصين الزوجة بما يحقق لها السيطرة على جو المعركة مع الزوج، يوصينها: لا تمكنيه من نفسك كما يريد، وأكثري عليه من الطلبات، اطلبي خادمة اطلبي كذا، اطلبي وكذا، اجعليه يمشي على طريقتك وهكذا، وصايا لتدمير الحياة الزوجية، ولمزيد من المشكلات.
احذروا نصائح الجَهَلة!
لذلك أقول: احذر أيها الزوج الكريم، وأيتها الزوجة المصونة، من وصايا الجَهَلة ونصائحهم! قليلي التجربة في الحياة، أو الفاشلين في حياتهم الزوجية؛ فإن هؤلاء لا يرتجى من نصائحهم الخير، وعليكم بتوجيهات أهل الخبرة في الحياة، أهل الصلاح الناجحين في حياتهم الزوجية، العقلاء أهل التجربة.
وصيـة جامعـة
وإلى أخواتنا المسلمات أُقَدِّم هذه الوصية الجامعة لأم رؤوم إلى ابنتها العروس عند تزويجها: فقد رُوِيَ أن أسماء بنت خارجة الفزاري قالت لابنتها عند التزويج: «إنك خرجت من العش الذي درجت فيه، فصرت إلى فراش لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فكوني له أرضاً يكن لكِ سماءً، وكوني له مهاداً يكن لكِ عماداً، وكوني له أَمَةً يكن لكِ عبداً.
لا تلحفي (تكثري) به فيقلاك (يهملك ويكرهك)، ولا تباعدي عنه فينساك، إن دنا منك فاقرُبي منه، وإن نأى فابعدي عنه، واحفظي أنفه وسمعه وعينه، فلا يشمنَّ منك إلا طيباً، ولا يسمع إلا حسناً، ولا ينظر إلا جميلاً».
وصدق الله العظيم: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (الأحزاب:71).


الشيخ محمد السنين

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 14-02-2023, 11:56 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فن السعادة الزوجية

فن السعادة الزوجية
(5) تجنبوا المنغصات



لقد اهتم الإسلام بالحياة الزوجية اهتماماً كبيراً، وسمى الله عقد الزواج الذي يجمع بين الرجل والمرأة بالميثاق الغليظ، كما في قوله -تعالى-: {وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا} (النساء:21)؛ لأن صلاح الأسرة يؤدي إلى صلاح المجتمع، وفساد الأسرة يؤدي إلى فساد المجتمع؛ لذلك وضعت الشريعة قواعد ثابتة للحياة الزوجية، ولم تترك شيئاً يلزم هذه الحياة إلا بيَّنت حكم الله فيه، وبينت لكل من الزوجين ما له وما عليه، وحذرت من كل ما يكدر صفو العلاقة الزوجية، بل وتوعدت كل من تسول له نفسه إفساد هذه العلاقة بأشد العذاب؛ لذلك كانت هذه السلسلة التي نستكشف فيها أسباب السعادة الزوجية.
هناك كثير من الأفعال والتصرفات من الرجل والمرأة تسبب ضيقًا وتعاسة لشريك الحياة الزوجية، وأنا أعرض بعضًا منها لتحاشيها، كي تمضي الحياة الزوجية دون مشكلات تُعكِّر صفوها من ذلك: بعض الناس نرى حياتهم الزوجية أشبه بمؤسسة عسكرية: أمر وتنفيذ، لا تسمع عبارات لبقة، ولا كلمات حانية، ولا شكرا، أو ثناء، وامتناناً على معروف، بل خشونة في الكلام أحياناً، وفظاظة في التعامل، وهذا بلا شك أنه يُضعف العاطفة والمودة بين الزوجين.
والواجب على كلٍّ من الزوجين أن ينتقي أطيب العبارات لزوجه، ويزن كلامه قبل أن يخرجه فـ«الكلمةُ الطيبةُ صدقة»، «وأحب الأعمال إلى الله: سرور يدخله على مسلم» والله -عز وجل- يقول: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً} (البقرة:83) {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (الإسراء:53)، لنُعوِّد أنفسنا على الكلمات الطيبة، والعبارات الحانية؛ فإنها تملأ القلب محبةً ووداً.
ومن المنغصات في الحياة الزوجية ما يلي:
(1) عبوس أحد الزوجين في وجه الآخر
بعضهم قَلَّما يُرى مبتسماً أو ضاحكاً، إلا إذا أراد شيئاً كما تقول بعض الزوجات، إن أقل مبادئ الحقوق الزوجية: الابتسامة اللطيفة، والضحكة الهادئة، التي تُنسي الزوج همومه وغمومه، وتُنسي الزوجة ما تكابده من تعب في البيت ومع الأولاد، وإذا كان تبسم المسلم في وجه أخيه له فيها صدقة، فأولى الناس بتلك الابتسامة هو رفيق الدرب وشريك العمر من الزوج والزوجة، قال أصحاب طب الأبدان: «لو يعلم العابسون كم عضلة يحتاجون إليها للعبوس تُرهِق وجوههم، لَمَا عبسوا، فإن الابتسامة تحتاج إلى عضلتين فقط في الوجه، أما العبوس فيحتاج إلى ثلاثين عضلة تُرهِق الوجه حتى تظهر!». وليبحث كل من الزوجين عن سبب عبوس الآخر، وسيجد الحلَّ إن شاء الله.
(2) عدم اختيار الأوقات
المناسبة لعرض المشكلات
بعض الزوجات لا يحلو لها عرض الطلبات والمشكلات إلا إذا حضر الزوج من العمل أو كان متعباً مرهقاً، وبعض الزوجات لا تبالي في عرض ذلك في أي وقت، طلبات الأولاد، وإصلاحات المنـزل، ومشكلات الأسرة الصغيرة والكبيرة، والرجل لا يرفض الحديث في مثل هذه الأمور، لكن يجب على الزوجة أن تختار الوقت المناسب.
وعلى الرجل في المقابل أن يوفر وقتاً كافياً لأهله كي يعرضوا ما عندهم من طلبات ومشكلات؛ لأن بعض الزوجات تقول -وهُنَّ صادقات- إن زوجها لا تراه إلا عند الطعام أو وقت النوم، فمتى تعرض طلباتها؟!.
(3) عدم شكر الزوجة لزوجها
فهو يشتري الشيء بأغلى الأثمان، وهو ينتظر منها في المقابل كلمة طيبة، أو دعوة له بطول العمر على الطاعة، وتشعره بفرحتها بما أتى به، ولكن شيئاً من ذلك لم يكن، وبعض النساء تقلل من قيمة هذا الشيء وأنه لا يساوي شيئاً، أو أن غيره أفضل منه، وكل ذلك خدش في مشاعر الزوج، ويدل على سوء خلقها ورداءة طباعها، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا ينظر الله -تبارك وتعالى- إلى امرأة لا تشكر لزوجها، وهي لا تستغني عنه» رواه النسائي في كتابه (عشرة النساء)، وانظر الصحيحة (289).
(4) الإكثار من الحديث عن التعدد
بعض الأزواج يكثر من الحديث عن رغبته في التعدد بمناسبة وبغير مناسبة، حتى تشعر بعض الزوجات وكأن معها ضرَّةً، بسبب إكثاره من الحديث عن ذلك، وبعضهم يبدي ذلك من باب المزاح، والواقع أن كل أمر يمكن أن تستطيع المرأة المزاح فيه إلا موضوع التعدد، فلا داعي لهذا الكلام؛ فإنه يوقد في قلب المرأة نار الغيرة، وهذا يعكر صفو الحياة الزوجية.
(5) الثناء على الآخر
بعض الزوجات - هداهن الله - بسبب أو بغير سبب تُثني على أزواج أخواتها وقريباتها أو صديقاتها، وتقارن زوجها بهم، ففلانة زوجها منصبه كذا، وله من الحال كذا، واشترى لزوجته كذا، ونحو ذلك مما يجرح مشاعر الزوج، ويلهب في قلبه الغيرة، والزوجة الصالحة التي تنشد السعادة في حياتها مع زوجها لا ترفع نظرها فوق مستوى زوجها، بل ترضى بما قسم الله لها، فليس المال والمركز الاجتماعي هما كل شيء، وإنما العِبرة بتوفيق الله أولاً، ثم بالرضا بالمقسوم والقناعة، والعفاف، وحسن العشرة.
وفي المقابل أيضاً تجد بعض الأزواج يجرح مشاعر زوجته بالثناء على بعض النساء من غير محارمه، أو الإشادة بحسن طبخهن ونحوه، وهذا يصيب المرأة بالغيرة، ولكي تهدأ النفس فعلينا بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: «انظروا إلى من أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم» رواه مسلم (كتاب الزهد والرقائق، باب انظروا إلى من أسفل منكم)، فالزوجة الصالحة هي التي تقارن واقعها المعيشي بمن هم دونها، لا بمن هم فوقها.
(6) الاحتفاظ بذكريات ومواقف مؤلمة
بعض الأزواج يجعلون صدورهم خزانة لأخطاء زوجاتهم وهفواتهم وسوء تصرفاتهن، ويظلون يجمعون فيها الأخطاء والهفوات والكلمات المؤلمة، خطأ بعد خطأ، وكلمة بعد كلمة، بالتاريخ والساعة، حتى إذا وقع خلاف فتحوا تلك الخزانة، وأفردوا السجلات والدفاتر العتيقة، وأخرجوا ما بداخلها من ذكريات وهفوات منسيَّة، مما يزيد أي مشكلة، ويوسع رقعة أي خلاف، فتجد المشكلة الصغيرة تجمعت حولها عشرات المواقف، فبدلاً من حلِّ المشكلة نفسها، يغوص الطرفان في حل مشكلات أخرى لا علاقة لها بالمشكلة الحالية.
ولا يمكن لهؤلاء أن يسعدوا في حياتهم الزوجية طالما أنهم يحتفظون بهذه الذكريات والهفوات والمواقف المؤلمة.
والواجب على الزوج أن يُلقي كل هذا في سلة القمامة، ولا يجعل للشيطان عليه سبيلاً في إعادتها مرة أخرى إلى ذاكرته، وعليه أن يحتفظ فقط بالذكريات السعيدة، والمواقف الطريفة، والأيام الجميلة التي قضاها مع زوجته، ويعرضها إذا نشب الخلاف؛ ليخفف به حدة التوتر.
فعوِّد نفسك على العفو والصفح والتجاوز عن الزلات، يقول -تعالى-: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} (النور:22) فالجزاء من جنس العمل، والعفو من شيم الكرام، وتتبع العثرات والهفوات إنما هو من شيم اللئام، نسأل الله العافية.
(7) عدم اهتمام أحد الزوجين بالتجمل لصاحبه
بعض الزوجات لا تهتم بجمالها وزينتها، ولا سيما مع توسط العمر إذا بلغت الأربعين، أوقفت برنامج التجمل، وتدّعي أن الزينة إنما هي في فترة الشباب فقط، أو تدّعي أنها منشغلة بالبيت والأولاد، بينما تظهر بأبهى حُلة إذا أرادت الذهاب لحفلة أو حضور مناسبة أو استقبال ضيوف، والمرأة العاقلة لا تجعل زوجها يلحظ كِبَر سِنِّها، بل يزداد تجملها له، وكأن شبابها يتجدد، فلا يطمح نظره عنها إلى غيرها.
ومن الأزواج من لا يهتم بنظافة هندامه وحسنه لأهله، والمرأة لها حق في ذلك؛ فإنه يعجبها منه ما يعجبه منها، فهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما ثبت عنه: كان المسك يسيل عن مفرق شعره، وكان ينظف فمه بالسواك دائماً عند دخوله على أهله، وعند الاستيقاظ من النوم، وكان يمشط شعره، ويرتدي الثياب البيض لنظافتها. مسلم (352) وانظر كتاب (الشمائل المحمدية) للإمام الترمذي تحقيق الألباني. وقال ابن عباس - رضي الله عنه - في تفسير قوله -تعالى-: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} (البقرة:228) قال - صلى الله عليه وسلم -: «إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي»، فالمرأة العاقلة التي تريد دوام السعادة في حياتها الزوجية دون منغصات: عليها أن تجدد جمالها لزوجها؛ لتلفت نظره بين وقت وآخر.
(8) المبالغة في الغيرة
الغيرة عموما ظاهرة صحية، ولولا الغيرة في المجتمع لانتهكت حرمات الله، ففي الحديث الذي رواه البخاري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يغار، والمؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حُرِّم عليه» رواه البخاري (كتاب النكاح، باب الغيرة) ومسلم (كتاب التوبة، باب غيرة الله وتحريم الفواحش).
لكن هذا لا يعني أن الغيرة حلال بالإطلاق، كلا، فهناك نوع من الغيرة يهدم البيوت، ويُخرِّب ولا يُعمِّر، وهذا النوع هو الغيرة المجنونة العمياء التي لا تفرق بين الحق والباطل، فالغيرة من غير ريبة ومن غير تأكد من أسبابها، غيرة منبوذة، كذلك الغيرة من أشياء غير واضحة المعالم كالشكوك والظنون والأوهام، غيرة مبغوضة، وفي الحديث: «إن من الغيرة ما يحب الله، ومن الغيرة ما يبغض.. فأما الغيرة التي يحب الله فالغيرة في الريبة، وأما الغيرة التي يبغض الله فالغيرة في غير ريبة» رواه أبو داود (كتب الجهاد، باب الخيلاء في الحرب) وصحيح سنن النسائي (2557) (كتاب الزكاة، باب الاختيال في الصدقة). وانظر الإرواء (1999).
هناك من الرجال مريض بهذا المرض، فتراه يتخون أهله دائماً، فيتجسس على أهله بالدخول المفاجئ أو عبر الهاتف. وقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذلك كما جاء في صحيح مسلم عن جابر قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يطرق الرجل أهله ليلاً يتخوَّنُهم أو يتلمس عثراتهم» (كتاب الإمارة، باب كراهة الطروق ليلاً) ومن شاء أن يغار حقا فليغر على أهله إن خرجت متبرجة أو متعطرة، وأنا أنصح الزوجين - كما أنصح غيري - أن يدع كل منهما للآخر مجالاً لمراقبة خالقه ومحاسبة نفسه.

الشيخ محمد السنين


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 19-02-2023, 08:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فن السعادة الزوجية

فن السعادة الزوجية
(6) أمور تنمي الحب بين الزوجين




لقد اهتم الإسلام بالحياة الزوجية اهتماماً كبيراً، وسمى الله عقد الزواج الذي يجمع بين الرجل والمرأة بالميثاق الغليظ، كما في قوله -تعالى-: {وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً} (النساء:21)؛ لأن صلاح الأسرة يؤدي إلى صلاح المجتمع، وفساد الأسرة يؤدي إلى فساد المجتمع؛ لذلك وضعت الشريعة قواعد ثابتة للحياة الزوجية، ولم تترك شيئاً يلزم هذه الحياة إلا بيَّنت حكم الله فيه، وبينت لكل من الزوجين ما له وما عليه، وحذرت من كل ما يكدر صفو العلاقة الزوجية، بل وتوعدت كل من تسول له نفسه إفساد هذه العلاقة بأشد العذاب؛ لذلك كانت هذه السلسلة التي نستكشف فيها أسباب السعادة الزوجية.
إن النفوس البشرية جبلت على حب من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها، وإن مما يُنَمِّي الحب بين الزوجين أمور غفل أو تغافل عنها الكثير من الأزواج:
(1) الكلام العاطفي الصريح
من الأمور المهمة التي تديم الود بين الزوجين الكلام العاطفي الصريح، وكلمات الحب والغرام، فقد جاء عن عائشة -رضي الله عنها- أنها كانت تقول: «كان حبيبي - صلى الله عليه وسلم - يكره كذا وكذا» رواه أبي داود (كتاب الترجل، باب في الخضاب للنساء) والإمام أحمد (23716).
(2) المخاطبة بالكنى والألقاب
مخاطبة شريك الحياة بالكنى والألقاب الحسنة، وتدليل الأسماء أو ترقيقها أو ترخيمها، كما كان يفعل - صلى الله عليه وسلم -: كان يخاطب عائشة -رضي الله عنها-: «يا عائش». رواه البخاري (كتاب المناقب، باب فضل عائشة) ومسلم (كتاب فضائل الصحابة، باب فضل عائشة)، فأين نحن من خلق النبي - صلى الله عليه وسلم ؟ عندنا أناس لا تحسن نطق أسماء زوجاتهم أصلاً، بعضهم يقول: (انتِ وينِك؟)، أو يا (هوش)، وهذا نداء البقر عند العامَّة.
(3) المزاح والمداعبة والابتسامة
المزاح والمداعبة والابتسامة من أهم وسائل الترويح عن نفسية شريك الحياة، وكان - صلى الله عليه وسلم - يمازح زوجاته ويداعبهُن، وكان يسابق عائشة -رضي الله عنها-، وكان يقول: «وإنك لن تنفق نفقة إلا أجرت بها، حتى اللقمة ترفعها إلى فيِّ امرأتك» البخاري (كتاب الفرائض، باب ميراث البنات) ومسلم (كتاب الوصية، باب الوصية بالثلث). وهو من صور الملاطفة.
(4) الإشادة بأخلاق الطرف الآخر
أن يشيد كل طرف بخلق الآخر وحسن تعامله، وشكره عن خدماته، ونغض الطَّرف عن الهفوات والزَّلاَّت وندفنها، وعلينا بذكر الحسنات؛ فأن بعض الأزواج قد جعل صدره خزانة ومستودعاً لأخطاء زوجته - كما سبق وأن بيّنا -، فالواجب على المسلم العفو والصفح؛ لأن تتبع الهفوات من شيم اللئام.
(5) الثناء على الزوجة ومدحها
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمدح الفعل الحسن والسلوك الحسن، فثناء الزوج ومدحه لزوجته، عن حسن اختيارها للباسها، وحسن صنعها في الطعام، وحسن ترتيبها لأثاث المنـزل، واهتمامها بشؤون العائلة من أهم الأمور التي تزيد الحب والألفة بينهما.
(6) احترام مشاعر الطرف الآخر
احترام مشاعر الطرف الآخر وأحاسيسه والابتعاد عما يكدر خاطره ويجرح مشاعره، وإن مما ينغص صفو السعادة الزوجية ويكدر صفو العلاقة بينهما: ثناء المرأة على بعض الأزواج، وثناء الرجل على بعض النساء من غير محارمه.
(7) تبادل الهدايا في المناسبات
تبادل الهدايا في المناسبات؛ فإن الهدية من أكبر أسباب المحبة، كما قال رسولنا - صلى الله عليه وسلم -: «تهادوا تحابوا» انظر الإرواء (1601).
(8) احترام أهل الطرف الآخر
احترام أهل الطرف الآخر، والإشادة بهم، وبحسن تربيتهم، وعدم ذكر عيوبهم والتنقص منهم؛ فإن في ذلك إيذاء للطرف الآخر، وتنقصا له، إلا إذا كان على سبيل التحذير من عادة أو خلق معين فينصحون به.
(9) الدعاء للطرف الآخر
من المهم أنَّ يُعَوِّد الزوجان أنفسهما على أن يدعوا لبعضهما، ويرددا: عسى الله أن يجمعنا في الدنيا والآخرة؛ فإن هذا يزيد من بنيان العلاقة الزوجية ويقوي الحب بين الزوجين، مثل: ما راح أجد مثلك زوجاً، لو عادت الأيام بنا لما قبلت بزوج غيرك، ما راح آخذ زوجة وفية مثلك.
(10) التحية الحارة والوداع
التحية الحارة والوداع، عند الدخول والخروج، وعند السفر والقدوم، وعبر الهاتف، بعض الأزواج والزوجات كأن لسانهم مربوط عند التحية، وكلٌّ منا يلاحظ، على سبيل المثال: عندما يَرِنّ صوت الهاتف ويَرُدّ الزوج على زوجته، وعندما ينتهي من الحديث معها، كأن الكلام بفلوس!
(11) المسارعة في إرضاء الطرف الآخر
المسارعة في أن يرضي أحدهما الآخر، في حالة الغضب أو وجود مشكلة، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في صفات الزوجة الصالحة: «ونساؤكم من أهل الجنة: الودود، الولود، العؤود على زوجها، التي إذا غضب جاءت حتى تضع يدها في يد زوجها وتقول: لا أذوق غمضاً حتى ترضى». صححه الألباني في الصحيحة (287).
(12) التفاعل في وقت الأزمات
التفاعل من الطرفين في وقت الأزمات، كأن تمرض الزوجة أو تحمل، فتحتاج إلى عناية حسية ومعنوية، أو يتضايق الزوج بسبب ما، فيحتاج إلى عطف معنوي وإلى من يقف بجانبه، فالتّألُّم لألم الآخر له أكبر الأثر في بناء المودة بين الزوجين، وجعلها أكثر قربة ومحبة.
علاقة مقدسة
اعلما أيها الزوجين الكريمين أن العلاقة بينكما ليست علاقة دنيوية مادية، إنها علاقة روحية كريمة، وحينما تصح هذه العلاقة، وتَصدُق هذه الصلة؛ فإنها تمتد إلى الحياة الآخرة بعد الممات: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ} (الرعد:23).


الشيخ محمد السنين


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 125.40 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 121.21 كيلو بايت... تم توفير 4.18 كيلو بايت...بمعدل (3.34%)]