اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية ..... يوميا فى رمضان - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          الفهم الخطأ للدعوة يحولها من دعوة علمية تربوية ربانية إلى دعوة انفعالية صدامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          معالجة الآثار السلبية لمشاهد الحروب والقتل لدى الأطفال التربية النفسية للأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22-03-2023, 09:29 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية ..... يوميا فى رمضان



اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية (*)
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي

(1)
بشائر وفضائل

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد
فإن مشهد رمضان من المشاهد الحية في حياة المسلمين ، وهذا من توفيق الله تعالى وفضله ، فمشاهد الخير ، وأيام الطاعة ، إذا تحقق للمسلم شهودها كان ممتنّاً بنعمة الله وفضله ، وشهر رمضان من هذه المشاهد العظيمة في حياة المسلمين ، ينتظرونه في كل عام مرة ، ويشهدون بلقياه عظيم الفرحة في قلوبهم .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعُدّ شهود هذا الشهر من نعم الله تعالى فيبشر به عند قدومه حيث جاء عنه صلى
الله عليه وسلم أنه كان يقول : (( قد جاءكم شهر رمضان ، شهر مبارك افترض الله عليكم صيامه ، تفتح فيه أبواب الجنة ، وتغلق فيه أبواب الجحيم ، وتُغل فيه الشياطين ، فيه ليلة خير من ألف شهر من حُرم خيرها فقد حُرم )) (1) .
وفي صحيح السنة ما يبين بجلاء عن فضائل عظيمة تصحب هذا الشهر ، وتحل مع قدومه ، وهي كثيرة عظيمة نسوق بعضاً منها . فمن هذه الفضائل :
أن الصيام : أنه يغفر الذنوب ويكفّر السيئات : قال صلى الله عليه وسلم في : (( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه )) (2)
ومن فضائله : أن الله تعالى خص نفسه يجزاء الصوم دون غيره فقال صلى
الله عليه وسلم قال :
قال الله تعالى : (( كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به )) (3)


ومن فضائله : أنه يشفع لصاحبه يوم القيامة : قال صلى الله عليه وسلم : الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ، يقول الصيام أي ربي منعته الطعام فشفّعني فيه ، ويقول القرآن منعته النوم
بالليل فشفّعني فيه ، قال : فيشفعان .(4)
ومن فضائله : أن الصوم وقاية وحجاب من النار قال صلى الله عليه وسلم : الصيام جُنّة يستجن بها العبد من النار .(5)
ومن فضائله : أن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك .
قال صلى الله عليه وسلم : (( لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك )) (6)
ومن فضائله : أن للصائم فرحتان : فرحة عند فطره ، وفرحة عند لقاء ربه .(7)
ومن فضائله : أن الله جعل للصائمين باباً خاصاً يدخلون منه يوم القيامة . قال صلى الله عليه وسلم :
(( إن في الجنة باباً يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لايدخل منه أحد غيرهم يقال : اين الصائمون فيقومون فيدخلون ، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل أحد )) (8)
ومن فضائله : أن العمرة فيه تعدل حجة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال عليه الصلاة والسلام لأم سنان مالك لاتحجي معنا قال : إن فلان له ناضحان حج على أحدهما ، والآخر نتسق
ي عليه فقال صلى الله عليه وسلم :
اعتمري في رمضان فإن عمرة في رمضان كحجة معي .(9)
الخير بادٍ فيك والإحسان ُ *** والذكرُ والقرآن ُ يارمضانُ
والصوم فيك عبادة ٌ ورياضةٌ *** تسمو بها الأرواحُ والأبدانُ
والشّهر فيك مكبّلٌ ومغللُ *** والبرُّ
فيك مجلّلٌ هتان ُ
والليل فيك نسائمٌ هفّافةُ *** رقصت لطيب عبيرها الرّهبانُ
والفجر فيك عبادةُ وتلاوةُ *** والصبح فيك سِعايةٌ وأمان ُ
والروح فيك طليقةُ رفرافةٌ *** أحلامها الغفرانُ والرضوانُ
والجسم فيك حبيسةُ أطماعه *** لا يستريح إذا سما الوجدان ُ
والناس فيك تآلفٌ قد ضمهم *** وأظلّهم ظلُّ الهدى الفينانُ
فكأنهم جسمٌ يئن إذا اشتطى *** عضو به وكأنّهم بنيانُ


وليتأمل متأمل هذه البشائر والفضائل العظيمة بقدوم هذا الشهر المبارك ليجد ثمة فرحة تخالج قلبه ، وتسكن فؤاده ، ويجد فيض أثرها في حياته . وليعلم أن المنح عطايا ، والفضل مكرمات ، وأي منحة ، وأي فضل أعظم من شهود هذا الشهر الكريم فليهنأ المسلم بهذا الفضل وليحمد الله تعالى على ما أولاه من نعمه ، وليكتب بأثره وجهده وعمله قرى هذه الأضياف كما قال السلف : النعم أضياف وقراها الشكر .
ومن دلائل الحرمان عافانا الله وإياكم منه أن تجد أحدنا يشهد هذا الشهر ، ويعيش أيامه ، ويرحل من حياتنا دون أن نحسن ضيافته أو نحتفي بمقامه ، بل قد نتجاوز مجرد ضياع الفضل والخير فيه إلى أبعد من ذلك بكثير حين نغمس في الخطيئة في لياليه ، ونعيش في أوقاته وكأن
ما هي فُرص للمعصية ، وأوقات مهيأة للولوغ في الجريمة ، وحين نكون كذلك فما أحقنا بالعزاء في قلوبنا ، فشهر لا تنعم الروح بلقياه ، ولا تسعد بمصاحبة أيامه روح هي أمس الحاجة إلى عتاب صادق ، ومحاسبة دقيقة قبل رحيل مثل هذه الأيام من حياتها . وفقنا الله وإياكم لاستقبال شهرنا ، وجنبنا الله عواقب الحرمان .

___________________________
(*)اللطائف الروحية فيالدروس الرمضانية
تأليف مشعل بن عبد العزيز الفلاحي
(1) رواه النسائي والبيهقي وأحمد وصححه أحمد شاكر ر
حمه الله .
(2) متفق عليه
(3) متفق عليه
(4) رواه الإمام أحمد وصححه الألباني .
(5) رواه الطبراني وصححه الألباني .
(6) متفق عليه
(7) متفق عليه
(8) متفق عليه
(9) متفق عليه





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 24-03-2023, 12:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية ..... يوميا فى رمضان


اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي

(2)

لعلكم تتقون (1)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد
قال الله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون )) سورة البقرة (183) ، فهذه الغاية التي أشار إليها القرآن الكريم من فرضية الصيام غاية عظي
مة ، ومقصد نبيل إذا لا يمكن تتصل القلوب بخالقها الاتصال الأمثل إلا من خلال هذا الطريق ، طريق التقوى . والمتأمل في القرآن الكريم يجد حشداً كبيراً من النصوص لتأصيل هذا الجانب في النفس الإنسانية . فقد جاءت الوصية بالتقوى لعموم الناس كما في قول الله تعالى : ((يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس وةاحدة وخلق منها زوجها ، وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً ، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام . إن الله كان عليكم رقيباً )) سورة النساء (1) ، وجاءت الوصية بها للمؤمنين خاصة قال الله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون )) سورة آل عمران (102) ، وجاءت الوصية بها لرسوله وخليله ومصطفاه حين قال الله تعالى : (( يا أيها النبي اتق الله .. الآية )) سورة الأحزاب (1)

من الجليل ، والعمل بالتنزيل ، والقناعة بالقليل ، والاستعداد ليوم الرحيل . وقال طلق بن حبيب رحمه الله : هي أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجوا ثواب الله ، وأن تترك معصية الله ، على نور من الله ، تخاف عذاب الله . وجمعها آخرون فقالو: هي أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية بفعل أوامره واجتناب نواهيه . ومن أجمل ما دونته سيرة عمر بن عبد العزيز تلك الوصية التي كتب بها إلى أحد رجال ذلك الزمان فقال : أوصيك بتقوى الله عز وجل التي لايقبل غيرها ، ولا يرحم إلا أهلها ولا يثيب إلا عليها ؛ فإن الواعظين بها كثير والعاملين بها قليل ، جعلنا الله وإياك من المتقين . وصدق رحمه الله تعالى في كون الواعظين بها كثير ، والعاملين بها قليل . فإن هذا أوضح ما يكون في مثل
هذا الزمان . وإلا فهي أعظم عاصم عن الفتنة ،


وأقوى حجاباً عن المعصية ، وهي ستار واق بين العبد وبين الرذائل من الأقوال والأفعال ، وما سكنت قلب إلا ازدادت طمأنينته ، وعظم خوفه ، وقرب من ربه ، وراج ذكره بين الناس . قال بن رجب رحمه الله تعالى : ومن صار له هذا المقام حالاً دائماً أو غالباً ـ يعني التقوى ـ فهو من المحسنين الذين يعبدون الله كأنهم يرونه ، ومن المحسنين الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم . وفي الجملة فتقوى الله في السر هي علامة كمال الإيمان ، ولها تأثير عظيم في إلقاء الله لصاحبه الثناء في قلوب المؤمنين . قال أبو الدرداء : ليتق أحدكم أن تلعنه قلوب المؤمنين وهو لا يشعر ، يخلو بمعاصي الله ، فيلقي الله له البغض في قلوب المؤمنين . وقال سليمان التيمي : إن الرجل ليصيب الذنب في السر ، فيصبح وعليه مذلته .

وقال غيره : إن العبد ليذنب الذنب فيما بينه وبين الله تعالى ، ثم يجيء إلى إخ
وانه فيرون أثر ذلك عليه ، وهذا من أعظم الأدلة على وجود الإله الحق المجازي بذرّات الأعمال في الدنيا قبل الآخرة ، ولا يضيع عنده عمل عامل ، ولا ينفع من قدرته حجاب ولا استتار ، فالسعيد من أصلح ما بينه وبين الله تعالى ، فإنه من أصلح ما بينه وبين الله تعالى أصلح الله ما بينه وبين الخلق ، ومن التمس محامد الناس بسخط الله عاد حامده من الناس ذاماً له . ومن أعجب ما روي في هذا ما روي عن أبي جعفر السائح ؛ قال : كان حبيب أبو محمد تاجراً يكري الدراهم ، فمر ذات يوم بصبيان ، فإذا هم يلعبون ، فقال بعضهم لبعض : قد جاء آكل الربا . فنكّس رأسه وقال : يارب ! أفشيت سري إلى الصبيان . فرجع ، فجمع ماله كله ، وقال : يارب إني أسير ، وإني قد اشتريت نفسي منك بهذا المال فأعتقني ، فلما أصبح تصدق بالمال كله ، وأخذ في العبادة ، ثم مر بأولئك الصبيان ، فلما رأوه قال بعضهم لبعض : اسكتوا ، فقد جاء حبيب العابد . فبكى وقال : يارب أنت تذم مرة وتحمد مرّه وكله من عندك .(10)
أطلق الأرواح من أصفادها *** في بهيج من رياض الأتقياء
غادياتٍ رائحاتٍ كالسّنا *** سابحات بسن آفاق الضياء

إنها ياشر ظمأى فاسقها *** مشتهاها من ينابيع الصفا
شهوة الأجساد قد ألقت *** بها في قفار ، ليس فيها من رَوَاء
ماغذاء الجسم في ألوانه *** فيه للأرواح شيء من حِباء
إنما الأرواح تحيا بالذي *** في صيام الجسم تُزجيه السماء
إن رمضان أيها الصائمون من أعظم الفرص لتحقيق هذه التقوى
، وعلينا أن ندرك أن الذنب مهما صغُر في عين مرتكبه إنما يخرم سياج هذه التقوى ، فيحرم الإنسان كمالها ، وحين تستمر الخطيئة يتسع الخرق فتضيع هذه التقوى بالكلية من القلب ، وحين يكون ذلك عافانا الله وإياكم يعيش الإنسان أشبه شيء بالأنعام . وفقنا الله وإياكم لتحقيق هذه التقوى ، وجعلنا ممن يخشاه في السر والعلن . وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

________________________________
(10) جامع العلوم والحكم .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 24-03-2023, 11:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية ..... يوميا فى رمضان






اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي

(3)
لعلكم تتقون (2)

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد
فإن العبد الصالح متى ماالتزم العبادة ، وتمسّك بها قرُب من ربه تبارك وتعالى ، ولا زال سائراً في طريق العبودية حتى يصل لدرجة الولاية التي أخبر الله تعالى عنها في الحديث القدسي بقوله : (( من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب )) . (11) والعبادة جزء من ركن التقوى العظيم الذي هو : امت
ثال أمر الله تعالى ، والصائم أحق من بحث عن سر الولاية بينه وبين الله تعالى ، ومتى ما وجده فرح به وسُر ، وجدّ في الإقبال عليه والتمسك به ، والصلاة صلة بين العبد وربه ، وحبل متين في تحصيل هذه الولاية ، وما رأيت مسلماً محافظاً على هذه الصلاة إلا رجوت له الخير في عاجل أمره وآجله ، والأمثلة الحية التي نراها اليوم لمثل هؤلاء هي أصدق شاهد على ما نقول . وحين يحافظ

المسلم الصائم على هذه الفريضة ، بتحصيل أركانها ، وواجباتها ، وشروطها ، ويقيمها القيام الأمثل وفق ما جاءت بالسنة حينها إنما يتعرّض لنفحات ربه ، وكرم مولاه ، وفضل خالقه الذي جاء في أحاديث متكاثرة في الفرض والنافلة ففي الفريضة يقول صلى الله عليه وسلم فيما يريه عن ربه تبا
رك وتعالى : (( وما تقرّب إلى عبدي بأحب مما افترضته عليه )) .(12)
وفي حديث أنس ابن مالك رضى الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : (( من صلى لله أربعين يوماً بدرك التكبيرة الأولى ، كتب له براءتان : براءة من النار ، وبراءة من النفاق . )) (13) وفي حديث أبي هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا يتوضأ أحدكم فيحسن وضوءه ويسبغه ، ثم يأتي المسجد لا يريد إلا الصلاة فيه ، إلا تبشبش الله إليه كما يتبشبش أهل الغائب بطلعته .(14) وقال صلى الله عليه وسلم : (( من صلى الصبح فهو في ذمة الله ... الحديث ) .(15) وقال صلى الله عليه وسلم : (( من صلى العشاء في جماعة فكأنما قال نصف الليل ، ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله ))(16)




وفي باب النافلة يقول صلى الله عليه وسلم :: (( ما من عبد مسلم يصلي لله تعالى كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعاً غير الفريضة إلا بنى الله له بيتاً في الجنة ، أو بُني له بيت في الجنة ))(17) . وعنها رضى الله عنها قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر ، وأربع بعدها ، حرّمه الله على النار )) (18) وعن ابن عمر رضى الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( رحم الله امرءاً صلى قبل العصر أربعاً )) (19) . وعن عبد الله بن مغفّل رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( صلوا قبل المغرب ، صلوا قبل المغرب ، صلوا قبل المغرب )) ثم قال في الثالثة : لمن شاء .(20) . وعن أبي ذر رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يصبح على كل سلامي من أحدكم صدقة : فبكل تسبيحة صدقة ، وكل تحميدة صدقة ، وكل تهليلة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة ، وأمر بالمعروف صدقة ، ونهي عن المنكر صدقة ، ويجزي من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى


))(21) . ومن أعظم النوافل في هذا الشهر الكريم : قيام الليل ، قال صلى الله عليه وسلم : (( إن الله يتنزل في ثلث الليل الآخر من كل ليلة فيقول : هل من سائل فأعطيه ، هل من داع فأستجيب له ....... وذلك في كل ليلة . )) .(22) وحين تغيب عنا هذه الفضائل التي تحققها الصلاة في حياة الواحد منا ، يمكن أن نستشهد على فضلها بما قاله ابن القيّم رحمه الله تعالى حين قال : الصلاة مجلبة للرزق ، حافظة للصحة ، دافعة للأذى ، مطردة للأدواء ، مقوّية للقلب ، مبيّضة للوجه ، مفرحة للنفس ، مذهبة للكسل ، منشّطة للجوارح ، ممدة للقوى ، شارحة للصدر ، منورة للقلب ، حافظة للنعمة ، دافعة للنقمة ، جالبة للبركة ، مبعدة من الشيطان
، مقرّبة من الرحمن ... وبالجملة فلها تأثير عجيب في حفظ صحة البدن والقلب وقواهما ، ودفع المواد الرديئة عنها ، وما ابتلي رجلان بعاهة أو داء ، أو محنة أو بلية


، إلا كان حظ المصلي منهما أقل ، وعاقبته أسلم ، وللصلاة تأثير عجيب في دفع
شرور الدنيا ، ولا سيما إذا أعطيت حقها من التكميل ظاهراً وباطناً ، فما استدفعت شرور الدنيا والآخرة ، ولا استجلبت مصالحهما بمثل الصلاة ؛ وسر ذلك أن الصلاة صلة بالله ـ عز وجل ـ وعلى قدر صلة العبد بربه تُفتح عليه من الخيرات أبوابها ، وتقطع عنه من الشرور اسبابها ، وتفيض عليه مواد التوفيق من ربه ـ عز وجل ـ والعافية والصحة والغنيمة والغنى والراحة والنعيم والأفراح والمسرات كلها محضرة لديه ومسارعة إليه .(23)
جعلنا الله وإياكم من أهل الصلاة المحافظين عليها .

__________________________
(11) رواه البخاري
(12) رواه البخاري
(13) رواه الترمذي وحسنه الألباني
(14) رواه ابن خزيمة وصححه الألباني .
(15) رواه الترمذي وصححه الألباني .
(16) رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني
(17) رواه مسلم
(18) رواه الخمسة
(19) رواه أبو داود
(20) رواه البخاري
(21) متفق عليه
(22) متفق عليه
(23) جامع الفقه (3)






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 25-03-2023, 10:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية ..... يوميا فى رمضان






اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي
(4)
في دارسه القرآن (1)

القرآن الكريم كتاب الله تعالى وهو كلامه الذي أوحاه إلى جبريل فنزل به على أفضل رسول رسول هذه الأمة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وقد أبان الله تعالى عن فضل هذا القرآن وعظمته فقال تعالى : (( يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نوراً مبيناً )) وقال تعالى : (( يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للعالمين )) إلى غير ذلك من الآيات التي وردت في بيان عظمة هذا القرآن وفضله على سائر الكتب السماوية . وقد استفاضت الأحاديث في السنة النبوية عن فضل قراءة هذا الكتاب الكريم وأبانت عن أجور عظيمة لقارئ هذا القرآن .


من ذلك ما رواه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( مثل الذي يقرأ القرآن كمثل الأترُجّة ، ريحها طيّب وطعمها طيب ، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمُها حلو . ومثل المنافق الذي يقرأ الق
رآن مثل الريحانة ريحها وطيب وطعمها مر ، ومثل المنافق الذي لايقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر ))(24) . وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا حسد إلا في اثنتين : رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار ، ورجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار ))(25) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيُحب أحدكم إذا رجع إلى أهله أن يجد فيه ثلاث خَلِفَات عِظام سِمان ؟ ) قلنا : نعم . قال : ( فثلاث آيات يقرأ أحدكم بهن في صلاته خير له من ثلاث خَلِفات عظام سمان )(26) . وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصُّفّة فقال : (أيُّكم يُحب أن يغدوا كل يوم إلى بُطْحان أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كوَماوْين ، في غير إثم ولا قطع رحم ؟) فقلنا يارسول الله ! نُحب

ذلك . فقال : ( أفلا يغدوا أحدكم إلى المسجد فَيَعْلَمَ أو يقرا آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين . وثلاث خير له من ثلاث . وأربع خير له من أربع . ومن أعدادهن من الإبل . ؟ )(27) . وعن عائشة رضي الله عنها ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مثل الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة ، ومثل الذي يقرأ القرآن وهو يتتعتع فيه وهو عليه شديد فله أجران ))(28) . وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول الم حرف ، ولكن ألف حرف ، ولام حرف ، ميم حرف . (29) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأوا القرآن ، فإنه نعم الشفيع يوم القيامة ، إنه يقول يوم القيامة يارب : حلِّه حلية الكرامة ، فيُحلى حلية الكرامة ، يارب اكسه كسوة الكرامة ، فيكسى كسوة الكرامة ، يارب ألبسه تاج الكرامه ، يارب أرض عنه فليس بعد رضاك )(30)

، غير أن من المعلوم المجزوم به أنه ينبغي لقارئ أن يعتني بتدبر هذا الكتاب ولا يكون همه وشغله أن يختمه فقط فإنه ربما يكون قليل النفع والفائدة له في حياته فهذا ابن مسعود رضي الله عنه يخبر عن الحالة التي ينتفع فيها القلب بالقرآن فيقول : إن أقواماً يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع . ولهذا يقول الآجرّي رحمه الله تعالى : فالمؤمن العاقل إذا تلا القرآن استعرض القرآن فكان كالمرآة يرى بها ما حسُن من فعله ، وما قبُح فيه فما حذّره مولاه حذره وما خوّفه به من عقابه خافه ، وما رغّب فيه مولاه رغب فيه ورجاه فمن كانت هذه صفته أو ما قارب هذه الصفة فقد تلاه حق تلاوته ورعاه حق رعايته وكان له القرآن شاهداً وشفيعاً وأنيساً وحرزاً ، ومن كان هذا وصفه نفع نفسه ونفع أهله وعاد على والديه وعلى ولده كل خير في الدنيا والآخرة . .. وكان القرآن له شفاء فاستغنى بلا مال ، وعزّ بلا عشيرة ، وأنس مما يستوحش منه غيره ، وكان همه عند التلاوة للسورة إذا افتتحها : متى أتعظ بما أتلوه ؟ ولم يكن مراده : متى أختم السورة ؟ وإنما مراده متى أعقل عن الله تعالى الخطاب ، متى أزدجر ؟ متى أعتبر ؟!

لأن تلاوة القرآن عباده والعبادة لا تكون بغفلة (31) . وقال ابن القيّم رحمه الله تعالى حاضاً على التدبر : فليس أنفع للعبد في معاشه ومعاده ، وأقرب إلى نجاته من تدبّر القرآن ... اهـ (32) . ولأهمية هذا الجانب كان مالك ابن دينار ينادي ويقول : مازرع القرآن في قلوبكم يا أهل القرآن ؟ ! إن القرآن ربيع المؤمن كما أن الغيث ربيع الأرض . وهذا القرطبي رحمه الله تعالى يقول : فكانت حالهم ـ يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ـ عند الواعظ الفهم عن الله تعالى ، والبكاء خوفاً من الله ، ولذلك وصف الله أحوال أهل المعرفة عند سماع ذكر الله وتلاوة كتابه فقال : (( وإذا سمعوا ما أنزل على الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنّا فاكتبنا مع الشاهدين .)) سورة المائدة (38) ، هذه بعض فضائل قراءة هذا الكتاب الكريم والتي أرشد إليها مبلغ الوحي عليه الصلاة والسلام وهي فضائل لا تُستجمع إلى في مثل هذا الكتاب العزيز ، وشهر رمضان بالذات هو شهر القرآن ، وفيه نزل كما أرشد الله إلى ذلك في قوله تعالى : شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ....... الآية .

وقد عارض به جبريل نبي الهدى صلى
الله عليه وسلم في كل عام مرة ، وعارضه في العام الذي تُوفّي فيه مرتين ، فجدير بأهل الصوم أن يغتنموا هذه الأيام ، وأن يعيشوا هذه الفضائل مع كتاب ربهم تبارك وتعالى ، سائرين على منهج سلفهم المبارك حيث كانوا يشتغلون بالقرآن في هذا الشهر وترك ما سواه كما أُثر عن كثير منهم أنهم يُغلقون دور العلم ، ويقتصرون في هذا الشهر على قراءة هذا الكتاب وتأمله ، وتدبّره فليكن لنا فيهم قدوة ، وبهم أسوة . أعننا الله وإياكم على القيام بواجب هذا القرآن في شهر رمضان المبارك .
______________________________________


(24) متفق عليه
(25) متفق عليه
(26) مسلم

(27) مس
لم
(28) متفق عليه
(29) رواه الترمذي
(30) رواه الترمذي وصححه الألباني

(31) أخلاق حملة القرآن
(32) مدارج السالكين



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 27-03-2023, 12:57 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية ..... يوميا فى رمضان







اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي
(5)
في دارسه القرآن (2)


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد
لقد كان القرآن الكريم مدرسة ربانية تربى فيها المسلمون الأوائل حينما أدركوا أن الفلاح والنجاح منوطاً بالإقبال على هذا القرآن وفهم معانية ، ولذلك كانت قراءتهم قراءة تدبُّر ، وفهم للمعاني ، ونقلت لنا السير حال القوم عند قراءة القرآن والإقبال عليه فهذا رسول الهدى صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن وفي صدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء .(33) .

وبات ليلة من الليالي يقرأ آية ويرددها حتى بلق الفجر وهي قوله تعالى : (( إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم .)) سورة المائدة (118) ، وهذا ابن مليكة رحمه الله تعالى يقول : سافرت مع ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ من مكة إلى المدينة فكان يقوم نصف الليل فيقرأ القرآن حرفاً حرفاً ثم يبكي حتى تسمع له نشيجاً ويقول اسحاق ابن إبراهيم الطبري عن الفضيل ابن عياض ـ رحمه الله تعالى ـ كانت قراءته شهية بطيئة مترسلة كأنه يخاطب إنساناً ، وكان إذا مرّ بآية فيها ذكر الجنة يردد فيها ويسأل . وعن سعيد ابن جبير ـ رحمه الله تعالى ـ أنه ردد قوله تعالى :
(( واتقوا يوماً تُرجعون فيه إلى الله )) البقرة (281) .. وردد قول الله تع
الى : (( فسوف يعلمون * إذِ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يُسحبون )) غافر (71) ، وروي أنه أحرم بنافلة فاستفتح إذا السماء انفطرت فلم يزل فيها حتى نادى مناد السحر .

وعن عامر ابن عبد قيس ـ رحمه الله تعالى ـ أنه قرأ ليلة سورة المؤمن ، فلما انتهى إلى قوله تعالى (( وأنذرهم يوم الآزفة إذِ القلوب لدى الحناجر كاظمين )) غافر (18) ، فلم يزل يرد
دها حتى أصبح ، ونقل عنه أنه قرأ قوله تعالى (( فقالوا ياليتنا نُرد ولا نكذّب بآيات ربنا )) الأنعام (27) .
فجعل يبكي ويرددها حتى أسحر .
وردد الحسن البصري رحمه الله ليلة : (( وإن تعدوا نعمة الله لا
تحصوها )) النحل (18) ، حتى أصبح فقيل له في ذلك فقال : إن فيها معتبراً ما نرفع طرفاً ولا نرده إلا وقع على نعمة ، ومالا نعلمه من نعم الله أكثر .
وبات تميم الداري يردد قول الله تعالى : (( أم حسب الذين يعملون السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات )) الجاثية (21) . قال النووي رحمه الله تعالى : وقد
بات جماعة من السلف يتلوا الواحد منهم الآية الواحدة ليلة كاملة أو معظمها يتدبرها عند القراءة (34). وقال ابن القيّم رحمه الله تعالى : هذه كانت عادة السلف يردد أحدهم الآية إلى الصبح . .

وقال رحمه الله تعالى : فإذا قرأه بتفكّر حتى إذا مر بآية وهو محتاج إليها في
شفاء قلبه ، كررها ولو مئة مرة ولو ليلة ، فقراءة آية بتفكّر وتفهم خير من قراءة ختمة بغير تدبّر وتفهّم ، وأنفع لقلب ، وأدعى إلى حصول الإيمان وذوق حلاوة القرآن .
وقال ابن قدامه رحمه الله تعالى : وليعلم ان ما يقرأه ليس بكلام بشر ، وأن
يستحضر عظمة المتكلم سبحانه ، ويتدبر كلامه ، فإن التدبّر هو المقصود من القراءة ، وإن لم يحصل التدبّر إلا بترديد الآية فليرددها . اهـ . (35) هكذا كانت حياة القوم ، وهكذا كانت قراءتهم وملازمتهم لكتاب ربهم تبارك وتعالى ، أفلا ترون أيها الصائمون أننا في أمس الحاجة إلى هذه النوعية من الإقبال والقراءة والتدبّر ؟

إن أخذ كتاب الله تعالى على أنه مصدر عز الأمة وفلاحها هو الحل لأن نعود إلى هذا القرآن من جديد . وحين يتحقق ذلك في واقع الأمة تحقيقاً عملياً حينها يمكن أن نحقق لذواتنا وأ
متنا الأمل المنشود .

نفعنا الله وإياكم بالقرآن ورزقنا تبره وفهم معانية إنه ولي ذلك والقادر عليه .
______________________________ _____
(33) رواه أهل السنن والإمام أحمد .
(34) الأذكار
(35) المدارج ـ تدبر القرآن للسنيدي .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 28-03-2023, 12:53 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية ..... يوميا فى رمضان






اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي

(6)

العمرة في رمضان
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد




فإن العمرة في رمضان من الفرص العظيمة التي ينبغي للصائم أن يحرص عليها ، وحريّ بالواحد منا أن يمّم وجهه إلى تلك البقاع المباركة لينال موعود رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال صلى الله عليه وسلم قال :
( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما .... الحديث ) (36) وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الحاج المعتمر وفد
الله تعالى . (37) .

وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال صلى الله عليه وسلم لأم سليم عمرة في رمضان تقضي حجة أو حجة معي .(38) . وحينما يعتمر الصائم خلال أيام هذا الشهر المبارك أنما ينال من فضل الله تعالى وعظيم أجره الشيء الكثير .
فاحرص أيها الصائم الكريم على أداء هذه العمرة في مثل هذه الأيام .
وإذا نويت السفر لهذه العمرة المباركة فلا تنسى حفظك الله تعالى أن تتزوّد بالمال الحلال ، وإياك أن يصحبك في هذه الرحلة مال مظلوم من أجير أو نحوه أو مال ربا ، أو مال أخذته دون أن يكون لك فيه حق فإن الله تعالى لايقبل إلا ما كان طيباً ، وليكن حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه :
إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً ، وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ، فقال تعالى : (( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا ص
الحاً )) الآية ، وقال تعالى :
(( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات مارزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون )) ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر ، يمد يديه إلى السماء يارب ، يارب ، ومطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام ، وغذي بالحرام ، فأنى يستجاب له ؟ (39) .
وإذا جد عزمك على الرحيل فتخلّص من هذه الحقوق ، وليكن لك نفس تواقة إلى العفو والصفح فحقيق بمن يقطع أميال كبيرة نحو بيت الله يرجو
ثواب الله تعالى أن يتجرد من الخصام والنزاع والفرقة والشتات بينه وبين جيرانه وأهله وإخوانه ، وليكن حديث رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم حين قال : ( تعرض الأعمال




على الله تعالى كل اثنين وخميس فيغفر الله لكل عبد لايشرك به شيئاً إلا المتخاصمين فيقول الله تعالى :
انظروا هذين حتى يصطلحا ) . (40) على بالك حين سفرك المبارك .
وخير لك قبل أن تنوي سفرك أن تتجرد من كل حقوق بني آدم . وحينما تبدأ طريقك تذكّر دعاء السفر ، ولازم الدعاء فإن للمسافر دعوة لاترد .
فإذا وصلت إلى الميقات فتجرد من ثيابك واغتسل وتطيب ثم ألبس إحرامك إزار ورداء ثم أنوي بقلبك أداء هذه العمرة ولبي بها قائلاً لبيك اللهم عمرة .
واشتغل في طريقك بالتلبية ، وذكر الله تعالى ، وقراءة القرآن فإذا وصلت إلى بيت الله تعالى
فابدأ بالطواف من الحجر الأسود وحافظ على سنية الاضطباع كما فعل رسولك صلى الله عليه وسلم وطف سبعة أشواط مشيراً بيديك إلى الحجر قائلاً الله أكبر متخشعاً ، ذاكرا ، منيباً ، أوّاباً ،

تذكر خطيئتك وذنبك وتقصيرك في جنب مولاك وليكن دعاءك إلى الله تعالى برغبة ورهبة مؤملاً الخ
ير داعياً بالبر ، وتخير من الدعاء جوامعه وليس هناك دعاء معين إلا ما بين الركن اليماني والحجر الأسود فردد دائماً في كل شوط :
اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .
فإذا ما أتممت أشواط الطواف السبعة فصلي ركعتين خلف المقام إن تيسر أو في أي مكان آخر ، ثم إذا انتهيت فتوجه إلى المسعى فإذا وصلت إلى الصفا فارقاه واقرأ قول الله تعالى : (( إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوّف بهما ، ومن تطوع خيراً فهو خير له ...... الآية ) سورة البقرة ، ثم استقبل القبلة وارفع يديك للدعاء واقرأ هذا الدعاء :
لا إله إلا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله نصر عبد وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده وكررها ثلاث مرات وادعو الله تعالى ثم انصرف إلى المروة داعياً ، متخشعاً لمولاك جل وعلا واشتغل بالدعاء والذكر وقراءة القرآن وإذا وصلت إلى العلمين



الأخضرين فاسعى سعياً شديداً وهذا خاص بالرجل أما المرأة فتقتصر على المشي فقط دون السعي .
فإذا وصلت إلى المروة فاستقبل القبلة وارفع يديك واذكر الدعاء الذي ذكرته على الصفا ثلاثاً
وزد من الدعاء لربك ما تراه مناسباً من أمر دينك أو دنياك ، وهكذا سبعة أشواط فإذا أنتهيت من هذا السعي فلم يبق عليك إلا أن تحلق رأسك أو تقصره والحلق أفضل وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم للمحلقين ثلاثاً ، وللمقصرين مرة واحدة ، ومن المهم أن تدرك أنك إذا أحببت أن تقصّر فلا بد من تعميم الرأس ، أما المرأة فتأخذ من رأسها بقدر أنملة .

ولتكن آمراً بالمعروف ناهياً عن المنك
ر ، حسن التعامل مع المعتمرين والزائرين لبيت الله تعالى .
وبتمام هذا الأمر تكون قد انتهيت من أداء هذه المناسك .
فسفراً سعيداً وعمرة متقبلة .
وعدت إلى أهلك سليماً والله يتولاك برعايته .
___________________________
(36) متفق عليه
(37) رواه النسائي وصححه الألباني .
(38) متفق عليه .
(39) رواه مسلم .
(40) رواه مسلم .






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 29-03-2023, 04:41 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية ..... يوميا فى رمضان






اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي


(7)
فإن سابه أحد

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد




لقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثالاً واضحاً لحسن الأخلاق في شهر رمضان حين قال صلى الله عليه وسلم :
( ....... فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل إني امرؤ صائم )(41) فيرس
م النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر هذا المثال أوضح المعاني على تأثُّر الصائم الكريم بالأخلاق الفاضلة ، وهذا المعنى واضح جداً من سيرة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم حين زكاه الله تعالى بقوله :
(( وإنك لعلى خلق عظيم )) سورة القلم (4) ، وحين سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلقه صلى الله عليه وسلم فقالت في أروع تعبير وأشمله : كان خلقه القرآن . ومنزلة الأخلاق عظيمة جداً في ميزان الإسلام فهاهو صلى الله عليه وسلم يقول :
(( ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق ) (42) وفي رواية :
وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة . وفي رواية له : ( ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن ، وإن الله ليبغض الفاحش البذيء ) .

وعن عائشة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ي
قول : ( إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم )(43) وفي حديث أبي هريرة قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة ؟ فقال :
( تقوى الله وحسن الخلق )(44) وفي حديث أبي أمامة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (...... أنا زعيم ببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه ) .(45) .
وفي حديث جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن م
ن أحبكم إلىّ وأقربكم مني منزلاً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً وإن أبغضكم إلىّ وأبعدكم مني مجلساً يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون )(46) .
إن الأخلاق الكريمة هي التي يجد فيها الإنسان عند الآخرين نوعاً من الدفء الروحي الذي يجعله يتقرب إليهم دون أن يشعر أنهم يأسرونه بهذه الأخلاق .
وكلما كان الإنسان رفيقاً رحيماً يملئ حياته العطف ويفيض على




روحه الحنان كلما كان مألوفاً لدى من يعاشره أو يجالسه ، ومتى ما كان الإنسان كذلك متى مافتحت له أبواب الرحمة على مصراعيها .
إن الصائم أيها المسلمون يجد ألم الجوع وحرارة الظمأ تستعر في قلبه مما
يولد لديه ضيق الأفق فيتصرف أحياناً تصرفات غير لائقة مع من يلقاه من الناس نتيجة هذا الجوع والعطش .
أما من يدرك هذه الفضائل التي رتّب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأجر على تحقيقها فإنه مهما قابل في طريقه فإنه يبقى حريصاً على تحقيق معاني الصوم الحقيقية في حياته فلا يجد تعبيراً أصدق من قوله للطائشين الذين لايدركون معنى الصيام من قوله :
اللهم إني صا
ئم .

إن أولئك الذين يتجاوزون هذه المعاني لم يرتوا بعد من هذه التعاليم التي أسداها إليهم نبي الهدى صلى الله عليه وسلم ، وتمثّلها واقعاً حياً في حياته صلى الله عليه
وسلم .
وآن اليوم بالذات أن نراجع أنفسنا ، وأن نعيد ترتيب ذواتنا من جديد . والخصام والنزاع في أيام شهر رمضان بالذات دليل على فقد روحانية الصيام ، وضعف تأثيره في النفوس ، بل هو في حد ذاته إدبار عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم حين ارشد إلى هذا العلاج عند حدوث مثل هذه النزاعات .


جعلنا الله وإياكم مّمن تمثّل هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حياته في كل شئون حياته .
_______________________
(41) متفق عليه
(42) رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني .
(43) رواه أبو داود وصححه الألباني .
(44) رواه الترمذي وصححه الألباني .
(45) رواه أبو داود وحسنه الألباني .
(46) رواه الترمذي وحسنه الألباني




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 30-03-2023, 04:46 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية ..... يوميا فى رمضان






اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي


(8)
صلة الأرحام

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد




فإن شهر رمضان شهر البر والصلة ، فيه تمتد الصلة بين الأقارب إلى أبعد ما يمكن أن يجده الإنسان في حياته من بر ومعروف ، وحين تتأمل في نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية تجد حثاً عجيباً على صلة الأرحام ووعيداً شديداً لقطّاعها .
قال الله تعالى : (( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم )) سورة محمد
(22) ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله خلق الخلق ، حتى إذا فرغ من خلقه ، قالت : الرحم : هذا مقام العائذ بك من القطيعة ، قال : نعم ، أما ترضين أن أصل من وصلك ،

وأقطع من قطعك ؟ قالت : بلى يارب ، قال : فهو لك ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فاقرؤوا إن شئتم : (( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم )) .(47) وقال صلى الله عليه وسلم : ( خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم ، فأخذت بحقو الرحمن ، فقال له : مه ، قالت : هذا مقام العائذ بك من القطيعة ، قال : ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من ق
طعك ؟ قالت : بلى يارب ، قال : فذاك ) .(48) وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من سره أن يبسط له في رزقه ، أو ينسأ له في أثره ، فليصل رحمه )(49) وعن


أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الرحم شُِجنة من الرحمن ، فقال الله : من وصلك وصلته ، ومن قطعك قطعته )(50) وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحم مع
لقة بالعرش تقول : من وصلني وصله الله ، ومن قطعني قطعه الله )(51) وعن جبير بن مطعم : أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : لا يدخل الجنة قاطع ) .(52) و عن أبي هريرة أن رجلاً قال :
يارسول الله إن لي قرابة . أصلهم ويقطعوني . وأحسن إليهم ويسيئون إلىّ . وأحلم عنهم ويجهلون علىّ . فقال : ( لئن كنت




كما قلت ، فكأنما تُسفّهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ، مادمت على ذلك
) .(53) وعن عبد الله بن عمرو : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( ليس الواصل بالمكافئ ، ولكن الواصل الذي إذا قُطعت رحمه وصلها ) (54)
إن البر والصلة من أعظم الدلالات على شمولية هذا الدين ، وفي هذه الأحاديث من الف
ضل لأهل الصلة والبر الشيء العظيم ، وفيها من الوعيد الشديد لأهل القطيعة مافيها ، وفي رمضان بالذات تتجلى هذه الأحاديث في واقع الناس فتكثر الزيارات بين الأهل والأرحام ، وتزداد عُرى الصلة

، وتوثّق علائق الرحمة فيما بينهم وهنيئاً أيها الصائمون لمثل بمثل هذا الخير العظيم .
والعتبى على قوم لم تزدهم الأيام إلا فُرقة ، وجاء رمضان لكنه لم يقدم في حياتهم جديد ، وبقي الخصام والنزاع ، وأيام الهجر شواهد حال يشهدها رمضان ، ثم يخرج دون جديد .
إن هذه النفوس قد تكون نفوس مشؤومة ، وقد يصعب عليها لقاء ربها يوم تقف بين يدي
ه جل وعلا في عرصات القيامة ، وقد تنسى هذا الهجر في


تلك المواقف فلا تنتبه إلا حين تنادي الرحم هناك باريها : يارب هذا ممن هجرني ونسي رحمي فاقتص لي منه يارب العالمين .
وحين ما يتحقق ذلك لا يجدي النفس المحرومة من الرحمة والعطف البكاء ، ولا ينفعها العويل ، بل تضطر م
رغمة إلى مس حرارة الجحيم .
___________________________

(47) متفق عليه
(48) رواه البخاري
(49) متفق عليه
(50) رواه البخاري
(51) رواه مسلم
(52) متفق عليه
(53) رواه مسلم
(54) رواه البخاري






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 31-03-2023, 03:55 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية ..... يوميا فى رمضان


اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي


(9)
فلا يرفث ولا يجهل


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد




فإن الصيام الذي أوجبه الله تعالى على عباده في هذا الشهر الكريم ، يتجاوز معناه مجرد ترك الطعام والشراب و أرشد صلى الله عليه وسلم إلى ذلك حين قال عليه الصلاة والسلام :
(( قال الله تعالى : كل عمل ابن له إلا الصيام فإن
ه لي وأنا أجزي به ، والصيام جُنّة ، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ، ولا يجهل ، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل : إني امرؤ صائم ......))(55) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى معلقاً على الحديث : فلا يرفث : المقصود بالرفث الكلام الفاحش ، وهو يطلق على هذا وعلى الجماع وعلى مقدماته ، وعلى ماذكره مع النساء أو مطلقاً ، ويحتمل أن يكون لما هو أعم منها .
وقوله : فلا

يجهل : أي لا يفعل شيئاً من أفعال الجهل كالصياح والسفه ونحو ذلك . اهـ(56) وفي هذا الحديث بيان للمشروعية التي شرع من أجلها الصيام . إن الكف عن أعراض الناس بعدم الجهل أو التطاول عليها أمر حددته مشروعية ال
صيام ، وإذا لم نحققه في حياتنا واقعاً ملموساً فإن في صومنا قدح وشرخ لمخالفتنا لهذه الوصية العظيمة من وصايا نبينا صلى الله عليه وسلم .
ولك أن تتأمّل هذه الوصية جيداً ثم تعرض حال الصائمين عليها خلال أيام صومهم لتجد فرقاً وبوناً شاسعاً بين هذه الوصية وواقع الناس أثناء صومهم .
ولك أن ترى ذلك الصائم الذي جاع وعطش من أثر الصيام وبان ذلك على محياه ثم في الوقت


ذاته لا تجده يرعوي عن الخصومة الجائرة لأدنى خلاف ، ثم قد يتجاوز في خص
ومته الأدب الإسلامي فيسب من خاصمه ، ويقدح في عرضه ، ويفشي سره ، ويهتك عرضه ناسياً أو متناسياً هذا التوجيه الرباني العظيم فأي معنى للصيام ؟
ولك أن ترى في صورة ثانية ذلك الذي يجلس المجالس الطويلة فلا تجد ما يتحدث به غير الغيبة التي يتسلى بها على أعراض المسلمين ، فيذكر من أخبارهم ، وحياتهم ما يقدح في أشخاصهم ، ويثلب مقاماتهم ، ونسي المسكين أنه أبخس صومه حين تجاوز هذه المحرمات ، فصام بطنه عن الطعام





والشراب وأفطر لسانه على كبيرة من كبائر الذنوب ، وتناسى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال :
أتدرون ما المفلس ؟ فقالوا : المفلس منا من لادرهم له ولا متاع فقال : إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا ، وضرب هذا ، فيعطى هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أُخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طُرح في النار )) .(57) وقد قرر الإمام القرطبي رحمه الله تعالى في تفسيره :
أن الغيبة كبيرة من كبائر الذنوب . وأن الله تعالى صور المغتاب في صورة بذيئة حين حكى عنه أنه يشبه من جثى على أخيه وهو مستلق ميت فجعل يأكل من لحمه ك
ما قال الله تعالى : ....... (( ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه ... الآية )) سورة الحجرات ، أو لك أن ترى ذلك الصائم الذي يصوم بطنه عن الطعام والشراب بينما عيناه تتسلّق إلى عورات المسلمين ، فيرنو بطرفه هناك إلى سُتر بيوت مرخاه ليكشف سترها ، ويشيع الفاحشة فيها ، أو يرنو بطرفه إلى قناة فضائية يشهد فيها بعينه صور

نساء عاريات يتسلى بهذا الوقت إلى بلوغ الغروب ، ونسي المسكين أن شمسه غربت جداً حين طمس بعينه في ما يسخط الله تعالى .
أو لك أن ترى في صورة أخرى صائم يتسلى لقضاء وقته بشريط غنائي يلهو عليه ، ويبعثر به وحشية الشهوة ، ويثير في حياته التطلع إلى الحرمات .
أو قل ربما يكون صائم عن كل ذلك ، وتحقق في يومه معاني الصيام التي جاءت بها الأحاديث لكنه في المقابل ينتظر الإفطار بفارق الصبر لا ، ليحمد الله على قضاء يوم في حياته بهذه الروحانية إنما ينتظر أن يشعل سيجارة تافهة في زوايا بيته أو ربما يتمنى عجل
ة من الوقت ليركب سيارته متجهاً في ساعات مبكرة إلى إحدى المقاهي المجاورة .
إلى غير ذلك من الصور التي تخالف هذا التوجيه الرباني الكريم .
إن




هؤلاء جميعاًَ بين أمرين لا ثالث لهما إما أنهم يجهلون هذه الأحكام ، وحين يتضح
لهم الحكم الشرعي في مثل هذه الممارسات فلن تجاوزوا هذه التوجيهات الربانية لأن الجاهل إذا انقشع عنه الجهل تمثّل للحق وعمل به .
وإما إنهم يدركون هذه المعاني .
فقط الشهوات حجبت عنهم معالم الهداية للحق فهؤلاء على شفا جرف هار ، والأيام حبالى بالمجهول ، فالله الله أن نكون ضحايا هذه الدنيا العريضة وحينئذ لن يفرح بمثل هذه النهايات إلا إبليس .
عافانا الله وإياكم من البلاء والخذلان ووفقنا إلى معرفة الحق
والأخذ به ، وجعلنا ممن يقومون بواجب هذا الشهر على وجه التمام ، والله المستعان وعليه التكلان .
______________________________
(55) متفق عليه
(56) فتح الباري
(57) رواه مسلم











__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 01-04-2023, 04:25 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية ..... يوميا فى رمضان





اللطائف الروحية في الدروس الرمضانية
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي
(10)






الذكر فضائل وثمار
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد
فإن شهر رمضان من أنفس الأوقات في حياة المسلم ، وهو من الفرص العظيمة التي قد لا تتكرر مرة أخرى ، ولذا كان من المهم جداً في حياة المسلم أن يغتنم أيامه ولياليه في القربات ، فالذكر قوت القلوب ونعيمها ، وسر حياتها وحبورها .


وذكر الله تعالى من الطاعات التي ينبغي العناية به إذ هو كما يقول ابن القيّم رحمه الله تعالى : الذكر من أيسر العبادا
ت ، وهو من أجلّها وأفضلها ، فإن حركة اللسان أخف حركات الجوارح وأيسرها ، ولو تحرك عضو من الإنسان في اليوم والليلة بقدر حركة لسانه لشق ذلك عليه غاية المشقة ، بل لا يمكنه ذلك .(58)




وفي طيات السنة النبوية أحاديث متكاثرة تبين عن فضل هذه العبادة وشرفها للمؤمن . من هذه الأحاديث ماجاء عن أبي هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( كلمتان خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان ، حبيبتان إلى الرحمن : سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم . ))(59) .


وعنه رضى الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم (( لأن أقول : سبحان الله ، والحمد لله ؛ ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، أحب إلىّ مما طلعت عليه الشمس ))(60) .
وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( من قال لاإله إلا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، في يوم مئة مرة كانت له عدل عشر رقاب ، وكُتبت له مئة حسنة ، ومحيت عنه مئة سيئة ، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه ))
.(61) وقال صلى الله عليه وسلم : (( من قال : سبحان الله وبحمده في يوم مئة مرة حُطّت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر ))(62) .

وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : (( أيعجز أحدكم أن يكسب في كل يوم ألف حسنة فسأله سائل من جلسائه : كيف يكسب ألف حسنة ؟ قال : (( يسبح مئة تسبيحة فيكتب له ألف حسنة أو يُحط عنه ألف خطيئة ))(63) . وعن أبي هريرة رضى الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( يقول الله تعالى : أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ، ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ))(64) ، وعنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( سبق المفرّدون )) قالوا :
وما المفرّدون يارسول الله ؟ قال : (( الذاكرون الله كثيراً والذاكرات ))(65) . وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ألا أنبئكم بخير أعمالكم
، وأزكاها عند




مليككم ، وأرفعها في درجاتكم ، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة ، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ، ويضربوا أعناقكم ؟ قالوا : بلى ، قال : (( ذكر الله تعالى ))(66) . قال ابن القيّم رحمه الله تعالى : وفي الذكر نحو من مئة فائدة : أنه يطرد الشيطان ويقمعه ويكسره ، وأنه يرضي الرحمن عز وجل ، وأنه يزيل الهم والغم عن القلب ، وأنه يجلب للقلب الفرح والسرور والبسط ، وأنه يقوّي القلب والبدن ، وأنه ينوّر الوجه والقلب ، وأنه يجلب الرزق ، وأنه يكسوا الذاكر المهابة والحلاوة والنضرة ، وأنه يورث المحبة التي هي روح الإسلام وقطب رحى الدين ، ومدار السعادة والنجاة ، فمن أراد أن ينال محبة الله عزوجل فليلهج بذكره .

وأنه يورث حياة القلب ، وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدّس الله روحه يقول : الذكر للقلب مثل الماء للسمك ، فكيف يكون حال السمك إذا فارق الماء ؟ وأنه قوت القلب والروح فإذا فقده العبد صار بمنزلة الجسم إذا حيل بينه وبين قوته . وحضرت
شيخ الإسلام مرة صلى الفجر ثم جلس يذكر الله تعالى إلى قريب من انتصاف النهار ، ثم التفت إلىّ وقال : هذه غدوتي ولولم أتغذ هذا الغذاء سقطت قوتي ، أو كلاماً قريباً من هذا . اهـ (67)


هذه بعض من الآثار التي وردت في فضل الذكر ، وهذه
بعض فوائده ، وحريّ بنا في شهر رمضان أن نقبل على هذه العبادة ، وأن نعبّ من معينها ، فثمارها قريبة ، وغنيمتها كبيرة ، وإن لم يكن رمضان من الفرص التي يمكن أن تعمّق هذه العبادة في نفوسنا فمتى تأتي الفرص ؟ .وفقنا الله وإياكم لاغتنام أيام هذا الشهر . إنه ولي ذلك والقادر عليه .

_______________________

(58) الوابل الصيّب
(59) متفق عليه
(60) مسلم
(61) متفق عليه
(62) متفق عليه
(63) مسلم
(64) متفق عليه
(65) مسلم
(66) رواه الترمذي
(67) الوابل الصيب











__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 156.83 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 150.75 كيلو بايت... تم توفير 6.08 كيلو بايت...بمعدل (3.88%)]