الرد على دعوى معاداة الإسلام لمخالفيه وتعصبه ضد العقائد الأخرى - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12522 - عددالزوار : 213773 )           »          أطفالنا والمواقف الدموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          عشر همسات مع بداية العام الهجري الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          وصية عمر بن الخطاب لجنوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 54 )           »          انفروا خفافاً وثقالاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          أثر الهجرة في التشريع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          مضار التدخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          متعة الإجازة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          التقوى وأركانها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26-03-2023, 10:31 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي الرد على دعوى معاداة الإسلام لمخالفيه وتعصبه ضد العقائد الأخرى

الرد على دعوى معاداة الإسلام لمخالفيه وتعصبه ضد العقائد الأخرى (1)

الفرقان

يدعي بعض المغالطين أن الإسلام دين يعادي الملل والعقائد الأخرى، ويدعو إلى التعصب، والانتقام من مخالفيه، ويستدلون على هذا بتصنيف الناس إلى مسلمين وكفار، في إشارة إلى رفض الآخر ورفض التعايش معه وإهانته، ويرون أن الإسلام قد عامل الذميين بقسوة واضطهاد، وسلب حريتهم وأرهقهم بضرائب كبيرة يسميها المسلمون الجزية، وفي هذا المقال نرد على هذه الشبهة بالأدلة والبراهين.
هذه الشبهة باطلة من وجوه عدة نذكرها فيما يلي:
أولاً: التسامح
يقف الإسلام من غير المسلمين -في حال السلم- موقف الأمان، بل إنه لم ينه عن البر بهم ما داموا لم يقاتلوا المسلمين، وإنما نهى عن بر الذين قاتلوا المسلمين في دينهم، وأخرجوهم من ديارهم، أو ظاهروا على إخراجهم، فقال -جل شأنه-: {لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (الممتحنة).
ثانيا: المعاملة بالحسنى
ونهى القرآن الكريم عن مجادلة أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن، فقال الله -سبحانه وتعالى-: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (العنكبوت:46)، وقال -سبحانه وتعالى-: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (آل عمران:64)، بل أمر الإسلام بالوفاء بالعهد حتى مع المشركين، قال -تعالى-: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} {التوبة:4}، بل لو طلب المشرك من المسلم أن يجيره فعليه أن يجيره، بل ويبلغه مأمنه، كما قال الحق -سبحانه وتعالى-: {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ} (التوبة:6).

ثالثاٍ: رعاية دور العبادة
ومن رعاية الإسلام لحقوق غير المسلمين رعايته لمعابدهم وكنائسهم، ومن محافظته عليها ما جاء عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عندما حان وقت الصلاة وهو في كنيسة القيامة، فطلب البطريرك من عمر أن يصلي بها، وهم أن يفعل ثم اعتذر، ووضح أنه خشي أن يصلي بالكنيسة فيأتي المسلمون بعد ذلك ويأخذوها من النصارى على زعم أنها مسجد لهم، ويقولون: هنا صلى عمر، ولم تتوقف معاملة المسلمين عند حد المحافظة على أموالهم وحقوقهم، بل حرص الإسلام عبر عصوره على القيام بما يحتاج إليه أهل الكتاب ولا سيما الفقراء منهم. إن مثل هذه المعاملة من المسلمين لغير المسلمين تطلع العالم أجمع على أن الإسلام ربى أتباعه على التسامح، وعلى رعاية حقوق الناس، وعلى الرحمة بجميع البشر مهما اختلفت عقائدهم وأجناسهم، وقد حفظت أجيال المسلمين قيمة هذه الرعاية الإسلامية لحقوق غيرهم؛ لأنهم ما طبقوها إلا استجابة لتعاليم القرآن الكريم، وتوجيهات الرسول العظيم - صلى الله عليه وسلم -، وقد طبقها في حياته فوعاها المسلمون جيلا فجيلا، وطبقها الخلف عن السلف، والأبناء عن الآباء.

رابعًا: المساواة بين المسلمين وغير المسلمين في القضاء وسائر المعاملات
أقام الإسلام المساواة بين المسلمين وغير المسلمين في القضاء وفي سائر المعاملات، وقد سجل التاريخ نماذج رائدة لهذه المعاملات التي تعد قمة ما وصلت إليه المعاملات الإنسانية العادلة في تاريخ البشرية جمعاء، فعندما شكا رجل من اليهود علي بن أبي طالب للخليفة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال عمر لعلي: قم يا أبا الحسن فاجلس بجوار خصمك، فقام علي وجلس بجواره، ولكن بدت على وجهه علامة التأثر، فبعد أن انتهى الفصل في القضية قال له عمر: أكرهت يا علي أن نسوي بينك وبين خصمك في مجلس القضاء؟ قال: لا، ولكني تألمت لأنك ناديتني بكنيتي فلم تسو بيننا، ففي الكنية تعظيم، فخشيت أن يظن اليهود أن العدل ضاع بين المسلمين. وتتابعت وصايا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأهل الذمة والمعاهدين؛ حيث قال - صلى الله عليه وسلم -: «من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاما»، ومعنى «لم يرح رائحة الجنة»: لم يشمها، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «ألا من ظلم معاهدا، أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس، فأنا حجيجه يوم القيامة».

خامساً: عدالة الإسلام مع غير المسلمين
وقد اهتم الإسلام برعاية أهل الكتاب، فقرر سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لهم عطاء من بيت مال المسلمين، فقد روى أنه مر بباب جماعة، فوجد سائلا يسأل -وهو شيخ كبير ضرير- فسأله قائلا: من أي أهل الكتاب أنت؟ فقال: يهودي، فسأله: ما ألجأك إلى ما أرى؟ قال: أسأل الجزية والحاجة والسن، فأخذ عمر بيده إلى منزله، وأعطاه، ثم أرسل إلى خازن بيت المال، فقال له: انظر هذا وأضرابه، فوالله ما أنصفناه إن أكلنا شيبته ثم نخذله عند الهرم.

سادساً: رسالة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه
وقد أقام الإسلام العدل بين عنصري الأمة من المسلمين وغير المسلمين، ومن رسالة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إلى قاضي القضاة أبي موسى الأشعري قال له: «آس بين الناس في وجهك ومجلسك وقضائك؛ حتى لا يطمع شريف في حيفك، ولا ييأس ضعيف من عدلك». فلا يصح التفرقة بين المتخاصمين حتى لو كان أحدهما غير مسلم، وهكذا نرى كيف عامل سلفنا أهل الكتاب، وكيف أظهروا سماحة هذا الدين الذي لا يقر العصبية، ولا يرضى الظلم حتى لغير المسلمين، بل يدعو إلى التسامح والعدل معهم، وهذا المنهاج المتسامح للإسلام مع أهل الأديان الأخرى هو سر عظمة الإسلام، وسر ذيوعه وانتشاره في ربوع المعمورة.

أدلة بطلان الزعم بمعاداة الإسلام لمخالفيه
- الإسلام دين الرحمة والتسامح والهداية والسلام ولا يحض على الكراهية والعداء، بل هو دين المساواة بين المسلمين وغير المسلمين في القضاء وسائر المعاملات، والقرآن والحديث ومواقف الصدر الأول من الصحابة خير دليل على ذلك. - الحرب في الإسلام لها ضوابط وأخلاق تنأى بها عن الاعتداء والجور، فلا يلجأ الإسلام إلى الحرب إلا في الضرورة القصوى التي تستدعي الدفاع عن النفس أو الجهاد في سبيل الله. - المزايا التي يتمتع بها غير المسلمين في ظل الدولة الإسلامية، تجعلهم من أسعد الناس في كنف الدولة الإسلامية. - تسمية غير المسلمين كفارا لا يعني إهانتهم أو ظلمهم أو الاعتداء عليهم، والإسلام لم ينفرد بهذه التسمية، بل كل ذي دين يطلق مثل هذا على مخالفيه. - الجزية مبلغ زهيد مقابل الحماية واستخدام مرافق الدولة، وتؤخذ من الرجل القادر على العمل فقط، ويعفى منها الشيوخ والنساء والأطفال والفقراء. - شهادات المنصفين من غير المسلمين على سماحة الإسلام في تعامله مع مخالفيه، تؤكد كذب هذا الادعاء، والتاريخ نفسه أكبر شاهد على ذلك.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 24-04-2023, 12:09 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرد على دعوى معاداة الإسلام لمخالفيه وتعصبه ضد العقائد الأخرى

الرد على دعوى معاداة الإسلام لمخالفيه وتعصبه ضد العقائد الأخرى (2)


الفرقان

ما زال حديثنا مستمرا عن ادعاء بعض المغالطين أن الإسلام دين يعادي الملل والعقائد الأخرى، ويدعو إلى التعصب، والانتقام من مخالفيه، ويستدلون على هذا بتصنيف الناس إلى مسلمين وكفار، في إشارة إلى رفض الآخر ورفض التعايش معه وإهانته، ويرون أن الإسلام قد عامل الذميين بقسوة واضطهاد، وسلب حريتهم وأرهقهم بضرائب كبيرة يسميها المسلمون الجزية، وفي هذا المقال نرد على هذه الشبهة بالأدلة والبراهين.
وقد رددنا على هذه الشبهة في الحلقة الماضية من أوجه عدة منها: تسامح الإسلام ودعوته، ومجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن، ورعاية الإسلام لدور العبادة لغير المسلمين، والإسلام ربى أتباعه على التسامح، والمساواة بين المسلمين وغير المسلمين في القضاء وسائر المعاملات، وعدالة الإسلام مع غير المسلمين، واليوم نتكلم عن: ضوابط الحرب في الإسلام وأنها بمعزل عن التعدي والهمجية.
الإسلام هو دين السلام
من المعلوم أن الإسلام هو دين السلام، لا يأمر بالحرب إلا في الضرورة القصوى التي تستدعي الدفاع والجهاد في سبيل الله، ومع مشروعية الجهاد في سبيل الله - دفاعا عن الدين والعقيدة والأرض والعرض - فإن الحرب في الإسلام لها حدود وضوابط، وللمسلمين أخلاقهم التي يتخلقون بها حتى في حربهم مع من يحاربهم من غير المسلمين، فأمر الإسلام بالحفاظ على أموال الآخرين، وبترك الرهبان في صوامعهم دون التعرض لهم، ونهى عن الخيانة والغدر والغلول، كما نهى عن التمثيل بالقتلى، وعن قتل الأطفال والنساء والشيوخ، وعن حرق النخيل والزروع، وقطع الأشجار المثمرة.
الوفاء بالعهد وعدم الغدر
وأوصى أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - أسامة بن زيد عندما وجهه إلى الشام بالوفاء بالعهد وعدم الغدر أو التمثيل، وعاهد خالد بن الوليد - رضي الله عنه - أهل الحيرة ألا يهدم لهم بيعة ولا كنيسة ولا قصرا، ولا يمنعهم من أن يدقوا نواقيسهم أو أن يخرجوا صلبانهم في أيام أعيادهم، وكان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - رحيما بغير المسلمين من أهل الكتاب، وكان ينصح سعد بن أبي وقاص - عندما أرسله في حرب الفرس - أن يكون في حربه بعيدا عن أهل الذمة، وأوصاه ألا يأخذ منهم شيئا لأن لهم ذمة وعهدا، كما أعطى عمر - رضي الله عنه - أهل إيلياء أمانا على أموالهم وكنائسهم وصلبانهم وحذر من هدم كنائسهم.
حسن معاملة الأسرى
وأمر الإسلام بحسن معاملة الأسرى وإطعامهم، قال -عز وجل-: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} (الإنسان: 8)، بينما يعامل غير المسلمين أسرى المسلمين معاملة سيئة، فقد يقتلونهم وقد يسترقونهم أو يكلفونهم أشق الأعباء والأعمال، فإن أسرى غزوة بدر الكبرى عاملهم النبي - صلى الله عليه وسلم - خير معاملة، فأوصى الصحابة أن يحسنوا إليهم، فكانوا يؤثرونهم على أنفسهم في الطعام وفي الغذاء، ولما استشار أصحابه في شأن أسرى بدر، وأشار بعضهم بقتلهم وأشار الآخرون بالفداء، وافق على الفداء، وجعل فداء الذين يكتبون منهم أن يعلم كل واحد منهم عشرة من أبناء المسلمين القراءة والكتابة، وكان هذا أول إجراء لمحو الأمية.
عدم التمثيل بالأعداء في الحرب
ولم يقبل الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يمثل بأحد من أعدائه في الحروب مهما كان أمره، ولما أشير عليه أن يمثل بسهيل بن عمرو - الذي كان يحرص على حرب المسلمين وعلى قتالهم - بأن ينزع ثنيتيه السفليين؛ حتى لا يستطيع الخطابة بعد ذلك، لم يوافق النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، بل رفض قائلا: «لا أمثل به فيمثل الله بي»، وعندما حقق الله - عز وجل - لرسوله - صلى الله عليه وسلم - أمنيته بفتح مكة المكرمة، ودخلها فاتحا منتصرا ظافرا قال لقريش: «من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن».
وجيهات الإسلام في الحرب


ومن توجيهات الإسلام للمسلمين في الحرب:
- أن يكون القتال في سبيل الله.
- أن يكون القتال لمن يقاتلون المسلمين.
- عدم الاعتداء، قال -تعالى-: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (البقرة: 190)، فالذين يعتدون على المسلمين ويقاتلونهم أمر المسلمون أن يقاتلوهم، ولكنه قتال عادل لا مثلة فيه ولا تعذيب، حيث قال الله تعالى: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} (البقرة: 194)، وهذا فيمن يقاتلون المسلمين، أما الذين لا يقاتلون من غير المسلمين فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن قتالهم: فعن بريدة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «اغزو باسم الله في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقاتلون وليدا»، وفي رواية: «أنكر رسول - صلى الله عليه وسلم - قتل النساء والصبيان».
كما كان ينهى - صلى الله عليه وسلم - عن التعرض للرهبان وأصحاب الصوامع، وعن التمثيل والغلول، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا بعث جيوشه قال: «اخرجوا باسم الله، تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله، ولا تغلوا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع».

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 28-09-2023, 04:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرد على دعوى معاداة الإسلام لمخالفيه وتعصبه ضد العقائد الأخرى

الرد على دعوى معاداة الإسلام لمخالفيه وتعصبه ضد العقائد الأخرى (3)


ما زال حديثنا مستمرا عن ادعاء بعض المغالطين أن الإسلام دين يعادي الملل والعقائد الأخرى، ويدعو إلى التعصب، والانتقام من مخالفيه، ويستدلون على هذا بتصنيف الناس إلى مسلمين وكفار، في إشارة إلى رفض الآخر ورفض التعايش معه وإهانته، ويرون أن الإسلام قد عامل الذميين بقسوة واضطهاد، وسلب حريتهم وأرهقهم بضرائب كبيرة يسميها المسلمون الجزية، وفي هذا المقال نرد على هذه الشبهة بالأدلة والبراهين، وكنا قد تكلمنا في الحلقة الماضية عن ضوابط الحرب في الإسلام وأنها بمعزل عن التعدي والهمجية، واليوم نتكلم عن دستور العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين.
الدستور الأساسي
وضع القرآن قاعدة، تعد الدستور الأساسي في معاملة المسلمين لغيرهم من الناس فقال: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون} (الممتحنة: 9)، فالآية واضحة تماما في تقرير العلاقة بين المسلمين وغيرهم، إنها علاقة قائمة على أمر أعظم من العدل - الذي هو إعطاء كل ذي حق حقه - وإنما ترتقي هذه العلاقة إلى مرحلة الإحسان - وهو الزيادة على الحق فضلا - ولقد قدمت الآية لفظ البر على لفظ القسط - وهو العدل - وهي إشارة رائعة إلى كيفية معاملة غير المسلمين، إنها علاقة قائمة على البر والإحسان.
أهل الذمة
والشيء اللافت أن الإسلام سمى غير المسلمين داخل مجتمعه (أهل الذمة)؛ أي: أهل العهد والضمان والأمان؛ لأن لهم عهد الله وضمان رسوله وأمان جماعة المسلمين، على أن يعيشوا في حماية الإسلام وتحت راية المجتمع الإسلامي آمنين مطمئنين، ولكن العجب من بعض الناس أنهم يعدون هذه التسمية تسمية فيها شيء من الدونية، وهذا كلام مرفوض، فمن يفهم كلمة العربي حين يقول: (أنت في ذمتي) يعي تماما ما معنى أهل الذمة، أي: أنت في حمايتي ورعايتي وكنفي، لا أوذيك ولا أسمح لأحد بأذيتك، ويمكن استبدال هذه الكلمة -حاليا- فيما يسمى بالعرف السياسي باسم (حاملي الجنسية الإسلامية) فهؤلاء في الحقيقة مواطنون كبقية أفراد المجتمع المسلم.
العلاقة بين المسلمين وغيرهم
وقد وضع فقهاء الشريعة الإسلامية قاعدة لتوضيح العلاقة بين المسلمين وغيرهم داخل المجتمع، وهذه القاعدة قائمة على المعاملة بالمثل، وقد قيل قديما: من عاملك كنفسه لم يظلمك، وهذه القاعدة هي (لهم مالنا، وعليهم ما علينا)، وتفسيرها ليس على إطلاقها، وإنما، لهم ما لنا من الحقوق والحريات، وعليهم بعض الذي علينا من الواجبات، وقد فسرت هذه القاعدة من خلال النقاط التالية:
(1) تأمين الحماية من العدوان الخارجي
حيث يوجب المجتمع الإسلامي أن تؤمن كل ضوابط الحماية لكل من رضى العيش بداخله، وهذا ما صرح به الفقهاء في إرشاداتهم، يقول ابن حزم الأندلسي: «إن من كان في الذمة، وجاء أهل الحرب إلى بلادنا يقصدونه، وجب علينا أن نخرج لقتالهم بالكراع والسلاح ونموت دون ذلك؛ صونا لمن هو في ذمة الله -عز وجل- وذمة رسوله، فإن تسليمه دون ذلك إهمال لعقد الذمة، ولعل أروع الأمثلة على ذلك في التاريخ موقف القائد أبي عبيدة بن الجراح ] من أهل حمص وغيرهم، حينما رد عليهم أموالهم التي دفعوها مقابل حمايتهم من الاعتداء الخارجى؛ بسبب عجزهم عن ذلك، فقالوا: ردكم الله إلينا، ولعن الله الذين كانوا يملكوننا من الروم، ولكن والله لو كانوا هم ما ردوا إلينا بل غصبونا، وهذا ابن تيمية يقف بعنف في وجه التتار عندما أرادوا إطلاق سراح أسرى المسلمين فقط، وإبقاء النصارى بالأسر فقال: إنا لا نرضى إلا بافتكاك جميع الأسرى من المسلمين وغيرهم، لأنهم أهل ذمتنا، ولا ندع أسيرا لا من أهل الذمة، ولا من أهل الملة.
(2) تأمين الحماية الداخلية
وتشتمل هذه الحماية على ما يلى:
حماية الدماء والأبدان
فقد تضافرت الأحاديث النبوية وسلوك الصحابة على تحريم إلحاق أي أذى أو ظلم بأي إنسان، مواطنا كان أو زائرا غير مسلم فهو في ذمة المسلمين وعهدهم، ومن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا من ظلم معاهدا، أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس منه، فأنا حجيجه يوم القيامة»، وكان علماء المسلمين يوصون الأمراء والخلفاء بحسن معاملة غير المسلمين والإحسان إليهم، فهذا القاضي أبو يوسف يكتب إلى الرشيد قائلا: «... وقد ينبغي يا أمير المؤمنين - أيدك الله - أن تتقدم في الرفق بأهل ذمة نبيك؛ حتى لا يظلموا ولا يؤذوا ولا يكلفوا فوق طاقتهم»، ومن أمثلة التاريخ أيضا وقوف الإمام الأوزاعي في وجه الوالي العباسي صالح بن على عندما أساء إلى بعض أهل الذمة، كل ذلك شاهد لحماية غير المسلمين في المجتمع الإسلامي.
حماية الأعراض
حماية الأعراض؛ فلا يجوز في الإسلام إلحاق أي أذى بالمسلم، أو غير المسلم، من شتم أو قذف أو تجريح أو حتى غيبة، يقول فقهاء الحنفية: ويجب كف الأذى عنه (أي: الذمي) وتحرم غيبته كالمسلم. ويقول فقهاء المالكية: «إن عقد الذمة يوجب حقوقا علينا لهم... فمن اعتدى عليهم ولو بكلمة سوء، أو غيبة في عرض أحدهم، أو نوع من أنواع الأذية، أو أعان على ذلك فقد ضيع ذمة الله».
حماية الأموال
حماية الأموال، وهي مشابهة لحماية الدماء والأعراض، وكان من ضمن المعاهدة التي وقعها النبي مع نصارى نجران قوله: «ولنجران وحاشيتها جوار الله، وذمة محمد النبي رسول الله على أموالهم وأرضهم وملتهم وغائبهم وشاهدهم وعشيرتهم وبيعهم، وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير».
الحماية لكل ممتلكات غير المسلمين
والواقع التطبيقي لأحكام الشريعة يظهر بوضوح هذه الحماية لكل ممتلكات غير المسلمين، فلهم الحق في دخول كل المعاملات الاقتصادية وممارسة كل الصفقات وما سوى ذلك من مظاهر الحرية الاقتصادية، والتملك، كفالة بيت المال، فالمجتمع الإسلامي يكفل للمسلم وغيره كل الاحتياجات، ولا سيما عند العجز عن الكسب والعمل؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راع.... وكلكم مسؤول عن رعيته».
والأمثلة على ذلك كثيرة، فأهل الذمة هم من أولى الناس مع المسلمين بالبر والصلة، وكانت ضمانات المجتمع المسلم واضحة ضد الفقر والعجز والشيخوخة لكل فئات المجتمع، لا تفريق بين مسلم وغيره، فهذا صلح خالد بن الوليد - رضي الله عنه - مع أهل الحيرة جاء فيه: «وجعلت لهم أيما شيخ ضعف عن العمل، أو أصابته آفة من الآفات، أو كان غنيا فافتقر، وصار أهل دينه يتصدقون عليه، طرحت جزيته، وعيل من بيت مال المسلمين وعياله، ما أقام بدار الهجرة ودار الإسلام»، وقد أقر الخليفة الصديق - رضي الله عنه - خالدا - رضي الله عنه - على ذلك، وقد قيل: إن مساعدة الذمي من بيت مال المسلمين - حال عجزه - أمر قد أجمعت عليه الأمة.
(3) الحريات العامة
وتشتمل هذه الحريات على ما يلى:
حرية المعتقد وممارسة الشعائر وصون أماكن العبادة، وقد أقر الإسلام - بوضوح تام - حرية الاعتقاد لكل الناس، فلا إكراه لأحد على دخول الإسلام وإن كان يدعوهم إليه، والدعوة إلى دخول الإسلام والإجبار عليه أمران متضادان: الأول جائز مشروع، والثاني حرام ممنوع بقوله -عز وجل-: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين} (125: النحل) وقوله: {لا إكراه في الدين} (البقرة: 256) والقاعدة في ذلك هي قول الإمام على كرم الله وجهه: «نتركهم وما يدينون».
والشواهد التاريخية على هذا كثيرة، من زمن النبي إلى عصرنا الحاضر؛ فقد جاء في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى يهود المدينة «... لليهود دينهم وللمسلمين دينهم، مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم وأثم». وفي عهده - أيضا - لأهل نجران «... ولا يغير أسقف من أسقفيته، ولا راهب من رهبانيته، ولا كاهن من كهانته، وليس عليه دنية».
وقد حفظ الإسلام رجال الدين من أهل الكتاب من سطوة الحروب، فقد جاء في الحديث قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع»، وفي خطبة الصديق إلى جيوشه لتحرير العراق والشام جاء قوله: «وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع، فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له».
عهد الفاروق - رضي الله عنه
وجاء في عهد الفاروق - رضي الله عنه - إلى أهل القدس ضمانة واضحة لحريتهم الدينية وحرمة معابدهم وشعائرهم ما نصه: «هذا ما أعطى عبدالله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان: أعطاهم أمانا لأنفسهم وأموالهم، ولكنائسهم وصلبانهم، سقيمها وبريئها وسائر ملتها، أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينتقص منها ولا من حيزها، ولا من صليبهم، ولا من شيء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم، ولا يضار أحد منهم».
تسامح الإسلام الرفيع
ومن أبلغ الأمثلة على تسامح الإسلام الرفيع سماح النبي - صلى الله عليه وسلم - لوفد نصارى نجران - وكانوا ستين شخصا - أن يدخلوا مسجده وأن يجلسوا فيه بضعة أيام، فإذا حضرت صلاتهم قاموا متوجهين إلى الشرق على مرأى ومسمع من رسول الله دون اعتراض منه أو منع.
والحق الذي يجب الصدع به أن أعظم الشواهد الواقعية على حرية المعتقد في الإسلام، هو ما يرى الآن، وبعد فترة حكم دامت أربعة عشر قرنا، من أماكن العبادة: فالكنائس والمعابد والأديرة منتشرة في كل مكان من بقاع العالم الإسلامي شرقا وغربا، وهي شواهد تنطق بحرية المعتقد التي جاء بها الإسلام، فلو أن المسلمين كانوا كغيرهم من أتباع الملل والنحل، لما شوهد برج كنيسة واحد ولما سمع صوت ناقوس، على حين أن الآخرين كانوا يستأصلون شأفة المسلمين في ديارهم فما الأندلس منا ببعيد، وما البوسنة والهرسك عنا بغائبة.


اعداد: اللجنة العلمية في الفرقان




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 86.39 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 83.58 كيلو بايت... تم توفير 2.81 كيلو بايت...بمعدل (3.26%)]