حكمة النص وأمانة القص: إشكالية السطوع والخفوت - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12410 - عددالزوار : 208862 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 167 - عددالزوار : 59544 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 60 - عددالزوار : 752 )           »          الأعمال اليسيرة.. والأجور الكثيرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          خواطر متفرقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          السلفية منهج الإسلام وليست دعوة تحزب وتفرق وإفساد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 24 )           »          القذف أنواعه وشروطه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 58 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 59 - عددالزوار : 15857 )           »          الضلع أعود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النقد اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-03-2023, 08:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,380
الدولة : Egypt
افتراضي حكمة النص وأمانة القص: إشكالية السطوع والخفوت

حكمة النص وأمانة القص: إشكالية السطوع والخفوت
محمد صادق عبدالعال

وكم يشيع في الناس من خطرٍ، وتُرَدُّ الأمور لغير نِصابها، ويبقى الحالمون بالحق الحقيق حائرين!!
ذلك ديدنُ أمور كثيرة؛ منها ما هو واضح جَلي، ومنها ما هو مخبوء خفي، فما اتضح كاد أن يتفق عليه الناس، وما خفي كان أعظم! إذ هو من تدبير مساء وديباجة الأعداء؛ عَصفًا بتلك الأمة، عمدًا إلى ما يوجعها بسياط ناعمة تستمرئ بعد حينٍ وَقْعَها على جسد تبلَّد بلادةً، وسُلِب خاصية الإحساس بما كان معتادًا عليه، ومنصرفًا إليه؛ ليؤوب صفرًا بكفيه!

والأزمة التي نحياها اليوم وكلَّ يوم في السياقات الأدبية للأعمال الدرامية، لا تقل خطورةً عن مشكلات أخرى اقتصادية واجتماعية، لقد صار بعضٌ من منصات الإعلام والتواصل والعوالم الافتراضية، تُتَّخذ قاعدةً لمواجهةٍ يُراد بها ما أُريد بمن يلتقي بالسيف وجهًا لوجه، ولربما كان اللقاء قديمًا يتسم بالشرف والحياد، لكن الحاصل الآن يخلو حتى من تلك القيمة الخُلقية لآداب التنافس.

ولا يظن القارئ أن ما سنتطرق إليه بالهيِّن اليسير، قدر ما هو بالمحير الخطير الذي يستلزم مجموعة كبيرة ممن كانوا ندامى لزمن القص الجميل، فتعالوا نغرِّد سويًّا تغريدةً لا يُراد بها إلا الإصلاحُ ما استطعنا لذلك سبيلًا.

فمعلوم أن رافعَ البناء القصصي يَوَد أن يجعل في نهاية المطاف وآخر تَقَصٍّ لِمَا يكتُب - لحظةَ تنوير أو نقطة إضاءةٍ تتناسب شدتُها أو حِدَّتها مع السياق الدرامي والأدبي للعمل القصصي، متخذًا من خيوط القص مرافئَ توصيلٍ ومواكبَ زفافٍ لتلك اللحظة التي يتعلق بها القارئ؛ ليحكم بمستساغ العمل من بارده، ومن أحقيَّته في اعتباره الممتاز أو الجيد، أو ما دون ذلك.

فإن استطاع الكاتب وبتوفيق من الله أن يضعَ لتلك اللحظة الرائعة إشارات وصولٍ قوية وعتبات ممهدة مُمددة، لم يتعثر مؤيدوه حين يحفد إليها الواحد منهم بِمُقلتيه، وتَسوقه أنامله اشتياقًا وترقبًا لِما شرع في متابعته وتقصِّيه.

وما من مقدمٍ على تلك اللحظة التنويرية، إلا وهو حريص على أن تأتي تلك اللقطة الأخيرة في الجنس الأدبي قويةً ساطعة، ظاهرة كاشفة، تنقل القارئ من مجاهل الغموض إلى روضات وجنات من الحقائق والفضائل؛ ليخرج للناس ولسان حاله يقول: بارع مبدع، صاحب ذا القلم.

ولو كان في أصحاب الأقلام واحد أَولى بالانصياع لتلك اللحظة التنويرية، والانقياد لضوابطها ومسالكها - لكان القاص السارد أَولى الناس بذلك، لما تفرض عليه مفردةُ التقصي من موجبات تصريف الفعل: "قص - يقصص القصص"، كاتباع الأثر وتتبُّع الخبر للوصول للمفاد والمستفاد، لقد عَزَّز الشارع الحكيم مفردة التقصِّي بإشارة ضمنية في قوله تعالى على لسان أم نبي الله موسى: ﴿ وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ ﴾ [القصص: 11]؛ أي: لاحقيه وتتبَّعي مسار تابوته وخبره.

وعلى الرغم من أن الومضة القصصية تستهوي الكثير الآن، لِما فيها من سرعة إدراك واستدراك للمغزى في كلمات معدودات، لكنها لا تستهويني، وحُجتي في ذلك هي: "ديناميكية" الفعل نفسه "قَص - يقص - أو يقصص بمعنى التتبع والملاحقة"، وعلى الرغم من ذلك - صار للومضة روادُها ومُحِبُّوها، وتقام المسابقات الأدبية والمحافل الدولية لتلك المستحدثة التي أفقَدت فنَّ القص حلاوةَ السمر ورقةَ الاستطلاع، والشغفَ بالمتابعة، والتعرف على أسلوب الكاتب وحصيلته اللغوية، ودور المتلقي في العملية الإبداعية، فتكاد أن تُلغيه تمامًا، ولا أُنكر أنه مع الإيجاز إنجازٌ وبلاغة ٌعاليةٌ لا يستوي فيها الكثير.

ولست بصدد الهجوم على تلك المستحدثة الأدبية المختصرة "الميكرو قصصية"، فلكُتَّابِها وجمهورها المبررُ المقنع لاتباعها وابتداعها، ولعله هو نفسه ما يقال لمن أراد أن يُسهب ويسترسل في جماليات اللغة العربية، وحلاوة ترادفاتها؛ حتى يؤخذ على يديه وقلمه: تلك كانت طبيعة الكتابة في العصور الوسطى، وكأن العصور الوسطى على إشراقاتها وسطوع صفحاتها، أصبحت نقطة خافتة بفعل فاعل وجهل جاهل، وإرغام الأقلام الجديدة على ألا يَقربوها!

وبالذكر أيضًا، فإن من فنيات القص الجميل ألا يستعرض الكاتب عضلاته اللغوية على القارئ استعراضًا يُفقد النص حلاوةَ التنوير، وذائقة الدهشة والتصدير، فيُصبح النص سمجًا غير مقبول.

واللحظة التنويرية تتناسب مع العمل القصصي تناسبًا طرديًّا؛ إذ تمتد محطات الوصول إليها في العمل الروائي أو القصصي الطويل لمحاور ومداخل متنوعة، تفرض على المطلع والمتابع أن يدقِّق فيها، ويستنبط نجدة الكاتب من أن يخرج القارئ وقد أثبت العمل قيمة غير خلقية أو إيجابية!

وما نراه في زماننا من انقلاب وانفراجٍ لزاوية كانت قائمة راشدة حالمة بعالم مثالي، لتُمسي على انفراجها غير منصفة للدور التربوي المنوط بها؛ ففي كثير من الأعمال الدرامية التي تطغى فيها عواملُ لعوالِمَ عجيبة، ووقائع مريبة صادمة للفكر التربوي والأخلاقي، تبَشِّر بأجيال تتخوف مَن أن تَحيا حياة هنيئة إلا "بقانون وشرعة الغاب والناب"، لينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان قد علَّمه "أبطال من ورق"، لهم سيوف كسيوف الجاهلية، ولسان ما أمسك عن كلام يستنكف العفيف عن التصريح به؛ إذ يؤذي السامع والناظر، وللأسف أُطلقت لتلك المهاترات وتلك العبارات المقززة فرصة السياحة الإعلامية، فصارت إلى ألسنة الناس سَرَيانَ النار في حطب يتوق للاشتعال، أو كَشُهبٍ مُوقدة تطَّلع على الأفئدة، وتُطوِّق المدار، فرحم الله زمنًا كانت الكلمة تقاس بميزان الصرف الأدبي والأخلاقي، رحم الله زمنًا لكلمات إذا سمعناها قلنا: ليتها تعود ككلمة "متشكر أو ممنون"، ولو أردت أن تعرف البديل عنها الآن، فقل: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

ولست أول من تعرض لهذا الأمر ولا آخرهم؛ فأقلام الشرفاء كثيرة، والرافضون لهذا الشكل وتلك النمطية من الأعمال الدرامية أكثر، يقاومون قدر المستطاع، حتى وإن وُصِفت اجتهاداتهم بما يحرث في الماء، أو يناطح طواحين الهواء، لكن رسالة الأديب الحقيقية تفرض ذلك، استجاب مَن استجاب وأعرض مَن أعرض!

ولو توقَّفت أعمال تلك الفئة وقيل للناس: هل أنتم مجتمعون لعلكم ترون أو تستمعون، لكان في جمهور الحاضرين أنفسهم منصفون كثيرون لهم، وعليهم سيعول أرباب التُّهَم، بأن الجمهور نفسه هو الراغب في ذلك؛ إشباعًا لحاجات لم يستطع أن يزاولها على أرض الواقع، فيستمتع بها ويحياها داخل العالم الدرامي صورةً حية، حتى ولو كانت تلك الحياة بها من الرَّجفة التي تُزلزل كِيان المجتمع، وتهدِّد أساسات القيم الأخلاقية.

ولو قلنا: إن في الجمهور رافضين لهذا الشكل البطولي الأخرق المنبعث من تحت عباءة التخريب، واسترقاق الضعيف، وما أشبه، لقلنا: ستنجلي الغمة عما قريب بإذن الله.

وثاني ما يعَول عليه المنتجون لتلك الفئة من الأمثلة البطولية المقززة هو "البنكنوت" نفسه، ذلك الورق الأخضر الحاد حِدَّةَ العاقر في طريقه أسرابًا من الحمام الأخضر، ويدمِّر حدائق ذات بهجةٍ من غض النباتات، فيَبتُرها بترًا؛ لتنمو على هيئة جديدة وقد فقَدت حلاوة الفطرة وجمال الصِّبا!

إن صناعة البطولة والزعامة وإن اختلفت من زمان لآخر في أشكالها، لتتفق جميعها ولا تختلف على أن سريان الفضيلة فيها سريانًا يجعلها دائمة الحياة والذكر والاقتداء بها، وما يقدِّمه هؤلاء المفسدون من نماذجَ أسطورية تتمثل في "ابن الشارع الذي عَرك المعارك، واختبر المهالك، وأبلَتْ أثوابَه المسالكُ، حتى أنجبت منه "البطل المثالي الجديد"، لتُعزِّز في نفوس الصغار من أولادنا سماتِ النمو العقلي الخاطئ، فيتمرد على نُظم المعيشة وتدرُّجاتها، ونواميس الهيكل المجتمعي، ويستجدي وسائل الانتقام، ويختزل قاموسًا من الكلمات والعبارات الغريبة والعجيبة التي تُسعفه عند الحاجة، خشية أن يُضَمَّ لفريق من غير المواكبين للتيار.

وإن هذا التيار لجارفٌ عاصف يجتاح في طريقه الكثير من الفضائل والقيم، طاويًا تحت عباءته السوداء عديدًا من المساوئ تنبعث ابتعاث السموم في يوم ريح تسكن البيوت والأدمغة.

وأما عن لحظة التنوير في أعمالهم الدرامية كما أشرنا، فيجب أن يمهد كل كاتبٍ لها في مناطق متفرقة من العمل الدرامي، وللأسف الشديد يتم تسليط الضوء على الحركات البهلوانية والمغامرة التي لا يقوم بها غيرُ ذوي الأفعال الخارقة وقتًا طويلًا، أو المشاهد المخجلة خادشة الحياء؛ ليُشبع رغبة المشاهد في أن يحيا تلك الحياة ويقلِّدها، ويتمثل بها في الواقع، فتقع الجرائم المفزعة التي يَشيب لهولِها الولدان، وحين تأتي اللحظة الكاشفة يكون المشاهد قد أُشرب في قلبه ما تقدَّم من حركات ولَمزات مُقززة من سياق العمل الدرامي، فتأتي خافتة باهتة لا يُلتَفت إليها!

لقد أصبح التخريب مِن مُكسبات الطعم واللون لتلك العروض أيًّا كانت أشكالها، وصار لهذا النوع الهدام أربابُه الذين تقترن أسماؤهم به اقترانًا يكاد أن يكون كالوشم!

ومَن منَّا الآن ليس له مكان على منصات التواصل الاجتماعي، فيُبصر بعينه انحدار المستوى اللغوي والأخلاقي والتعبيري أيضًا عن المجاملات والمناسبات، فيقرأ على صفحات مَن يجامل صاحبه أو صديقه بإعجاب وتفاعل لصورة أو منشور، فيكتب مثلًا كلمة "فاجر" والعياذ بالله، أو كلمة "نار"، بدلًا من أن يقول كما علَّمنا معلِّمُ البشرية صلى الله عليه وسلم: (ما شاء الله، الله أكبر)، وعلى تلك الشواكل الشيطانية من الكلمات والعبارات الغريبة الكثير.

إن مَرَدَّ ذلك للشارع والجمهور الذي سمح لتلك الكلمات الهابطة وروادها بأن تسودَ وتَجوب البيوت والأزِقَّة والحارات، فما المخرج؟!

لا بد من بتر أمثال تلك العبارات، والبت في تلك الأدوار البطولية الخرافية المهلكة التي تخنق رُوح الحماسة والعمل في نفوس أبناء الأمة؛ وتُصوِّر إليه أنه بين يوم وليلة سيُصبح من الأثرياء الأقوياء المسيطرين الآمرين، بما يشبع رغبات انتقامية وعدائية مكبوتة من كثرة ممارسة المشاهدات الهابطة، وكأن الأمر مسابقة من المسابقات التافهة، وضربة حظ تأتي باتصال أو إرسال رسالة فارغة.

إن دور المؤسسات التربوية فاعل قوي، قادرٌ على أن يَمحق تلك التفاهات بمكنسة حادة الأسنان، تُلقي بتلك الأساطير المختلقة في مكان سحيق، ولنا دورٌ فربما كانت الوقاية قبل العلاج من البيوت عروجًا، ومِن قِبَل المعلمين بالمدارس ومؤسسات المجتمع المدني والدعاة بالمساجد.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 13-03-2023 الساعة 11:31 AM.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.90 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 56.00 كيلو بايت... تم توفير 1.91 كيلو بايت...بمعدل (3.29%)]