شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله - الصفحة 58 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4418 - عددالزوار : 854825 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3949 - عددالزوار : 389703 )           »          معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #571  
قديم 24-05-2022, 01:31 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث: (كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد ... ولم يصل عليهم)

قوله:
[أخبرنا قتيبة حدثنا الليث].
قتيبة عن الليث وقد مر ذكرهما.
[عن ابن شهاب].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، وهو ثقة فقيه، وإمام جليل، ومكثر من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو من صغار التابعين الذين لقوا صغار الصحابة وأدركوا صغار الصحابة.
[عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أن جابر بن عبد الله أخبره].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو صحابي ابن صحابي، وأبوه عبد الله بن حرام ممن استشهد يوم أحد رضي الله تعالى عنه، وكان دفن في مكان المعركة، ولكن جاء في بعض الروايات الصحيحة أنه كاد أن يجترفه السيل، وقرب منه الوادي فانحصر قريباً منه، وخشي أن يصل إليه وأن يجترفه السيل، فنبشه ابنه بعد ستة أشهر من دفنه ووجده كما كان لم يتغير جسده، بل وجده على الهيئة التي وضعوه عليها، وهذا لا يدل على أن الشهداء يبقون إلى يوم البعث والنشور على هيئتهم؛ لأنه ما جاء شيء يدل على ذلك، وإنما الذي جاء في حقهم أنهم يبقون هم الأنبياء: (إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء)، وأما الشهداء فلم يرد فيهم شيء، لكن وجد في بعض الصور مثل هذه الصورة أنه بعد ستة أشهر من دفنه وجد على هيئته ولم يتغير جسده رضي الله تعالى عنه وأرضاه، فيجوز أن يبقى على هذه الحال ويجوز أن يتغير بعد ذلك، فلا يقطع لأحد بأن يبقى جسده كما كان عند الدفن إلا للأنبياء صلوات الله وسلامه وبركاته عليهم.


ترك الصلاة على المرجوم

شرح حديث: (أن رجلاً من أسلم جاء إلى النبي فاعترف بالزنا ... ولم يصل عليه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ترك الصلاة على المرجوم.أخبرنا محمد بن يحيى ونوح بن حبيب قالا: حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما: (أن رجلاً من أسلم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاعترف بالزنا فأعرض عنه، ثم اعترف فأعرض عنه، ثم اعترف فأعرض عنه، حتى شهد على نفسه أربع مرات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أبك جنون، قال: لا، قال: أحصنت، قال: نعم، فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فرجم، فلما أذلقته الحجارة فر فأدرك، فرجم فمات، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم خيراً ولم يصل عليه)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: ترك الصلاة على المرجوم، يعني: الذي رجم بالحجارة حداً، الذي هو حد الزنا؛ لأن الرجم بالحجارة هو حد الزنا للمحصن، وأما البكر فحده جلد مائة وتغريب عام، كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكما جاء القرآن في حده من حيث الجلد.
وجاءت السنة في إضافة التغريب إلى الجلد، فالمرجوم يعني: المحصن الذي زنى وقد سبق له الزواج، وحصل له هذه النعمة، واستفاد من هذه النعمة، فإن عقوبته أشد من عقوبة من لم يذق هذه النعمة، أي: من لم يحصل له الزواج، فجاء في السنة الصلاة على المرجوم، وترك الصلاة على المرجوم، فدل هذا على أن أهل الفضل أو من لهم شأن ومنزلة ينبغي أن يحصل منهم التخلف وترك الصلاة عن بعض أصحاب المعاصي، حيث يكون هناك فائدة ومصلحة في الزجر والردع عن الوقوع في مثلها، وإن كانت الحدود إذا أقيمت على من حصلت منهم الأمور الكبيرة التي عليها حدود، فإنها تكون كفارة لهم بها، بحيث تكون عقوبتهم عليها هي هذه العقوبة التي عوقبوا عليها في الدنيا فلا يعاقبون عليها في الآخرة، لا يعاقبون على هذا الشيء الذي وقعوا فيه، وأقيم عليهم الحد.
ولهذا فإن إقامة الحدود عند أهل السنة تعتبر جوابر وزواجر، بمعنى: أنها تجبر النقص، وأن الذنب الذي حصل منه كفرته هذه العقوبة التي هي إقامة الحد، فلا يؤاخذ في الآخرة بسبب هذه العقوبة التي حصلت له على هذا الذنب الذي قد حصل وعوقب عليه بهذه العقوبة.
وهذا خلاف الخوارج الذي يقولون: إن الحدود ليست جوابر بل هي زواجر فقط، ويعتبرون أن الإنسان إذا مات من غير توبة فإنه خالد مخلد في النار، ويحكمون عليه بالكفر إذا حصلت منه الكبيرة ولم يتب منها، فيكون كافراً في الدنيا، وإذا مات يكون خالداً مخلداً في النار، وعندهم الحدود زواجر فقط وليست جوابر، وأهل السنة عندهم الحدود جوابر وزواجر في آن واحد.
فهذه المسألة عندما يسأل فيها ويقال: هل الحدود زواجر أو جوابر؟ لا يصلح أن يقال فيها جوابر أو زواجر فقط، بل يقال: الاثنين مع بعض جوابر وزواجر، لا يقال: هي جوابر فقط، ولا يقال: هي زواجر فقط، بل هي جوابر وزواجر في آن واحد، فهي جوابر لحصول النقص, وأيضاً تزجر صاحبها إذا بقي على قيد الحياة مثل السارق الذي تقطع يده فإنها تزجره أن يعود مرة أخرى، وأيضاً تزجر غيره من أن يقع فيما وقع فيه فتقطع يده، وإذا كانت حداً يكون فيه الموت كالرجم فإنها تكون زواجر للآخرين، وهي جابرة لهذا الذي وقع منه الذنب أو الكبيرة التي عوقب عليها بهذا الحد، وقد جاء ذلك مبيناً من حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام في حديث عبادة بن الصامت في الصحيحين: (من أصاب من هذه الحدود شيئاً كان كفارة له، ومن ستره الله فأمره إلى الله عز وجل) فإن أقيم عليه الحد كانت كفارة له، ومن ستره الله عز وجل ولم يحصل له إقامة حد فأمره إلى الله سبحانه وتعالى، يعني: من لم يقم عليه حد ولم يعلن بكبيرته وجرمه، ولم يقام عليه الحد فأمره إلى الله سبحانه وتعالى، هكذا جاء الحديث في ذلك عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
إذاً: فالحدود -كما قلت- هي جوابر وزواجر، فليست جوابر فقط ولا زواجر فقط.
وهذه من الأسئلة التي إذا سئل عنها هل هي كذا وكذا، لا يصلح الجواب أن يقال فيها بواحد، وإنما يصلح الجواب بالاثنين، وهذا أيضاً من جنس السؤال الذي يكون مشابهاً لهذا، وهو مسألة هل الإنسان مسير أو مخير، فلا يصلح أن يقال: هو مسير فقط، ولا مخير فقط، وإنما يقال: هو مسير ومخير كله مع آن واحد، فهو مسير باعتبار ومخير باعتبار، هو مسير بحيث لا يقع منه إلا شيئاً قد قدره الله، ومخير بمعنى أن له إرادة ومشيئة، وأنه أقدم على ما حصل منه بمشيئته وإرادته، لكن هذا الذي فعله لا يخرج أن يكون حصل بمشيئة الله وإرادته كما قال الله عز وجل: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )[التكوير:29]، فالعبد له مشيئة ومشيئته تابعة لمشيئة الله سبحانه وتعالى.
وهذا الحديث الذي معنا وهو حديث جابر بن عبد الله في قصة ماعز رضي الله عنه، وأنه جاء إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، واعترف بالزنا، وأعرض عنه حتى شهد على نفسه أربع مرات، فقال له: أحصنت، يعني: هل تزوجت، فقال: نعم، فأمر به فرجم، وفي آخره أنه لم يصل عليه، وفائدة ترك الصلاة عليه كما ذكرت هي الزجر، وأنه ينبغي لأهل الفضل ومن لهم شأن أن يتخلفوا في الصلاة على بعض أصحاب المعاصي حتى يحصل الارتداع من أصحاب المعاصي لئلا يقعوا فيما وقع فيه من لم يصل عليه، فلا يصلى عليه كما لم يصل على ذاك الذي تركت الصلاة عليه.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن رجلاً من أسلم جاء إلى النبي فاعترف بالزنا ... ولم يصل عليه)

قوله:
[أخبرنا محمد بن يحيى].
يحتمل أن يكون الذهلي، ويحتمل أن يكون ابن أبي عمر العدني، والنسائي قد روى عن عدد ممن يقال لهم: محمد بن يحيى، لكن عبد الرزاق الذي روى عنه ممن يسمون بـمحمد بن يحيى اثنان، وهما محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني شيخ مسلم، وصاحب كتاب الإمام، ومحمد بن يحيى الذهلي، فيحتمل هذا ويحتمل هذا؛ لأن صاحب تحفة الأشراف ما زاد على محمد بن يحيى شيئاً، وكذلك في السنن الكبرى ليس فيه ذكر زيادة توضح من هو محمد بن يحيى، لكن الذين رووا عن عبد الرزاق كما في تهذيب الكمال ممن يسمون بـمحمد بن يحيى هذان الاثنان، وهما محمد بن يحيى الذهلي روى له البخاري، وأصحاب السنن، وهو ثقة، ومحمد بن يحيى بن أبي عمر العدني هو صدوق، أخرج له مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، ما خرج له البخاري، ولا أبو داود فيحتمل هذا ويحتمل هذا، وسواء يكون هذا أو هذا لا إشكال.
ثم أيضاً الحديث عن شخص آخر، يعني: أيضاً له قرين، وله شريك في هذا الإسناد؛ لأن النسائي رواه عن شيخين محمد بن يحيى، ونوح بن حبيب، وسواء يكون محمد بن يحيى هذا أو هذا، كل منهما محتج به، ومعه أيضاً نوح بن حبيب.
[نوح بن حبيب]
وهو ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[حدثنا عبد الرزاق].
هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني، وهو ثقة حافظ مصنف، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا معمر].
هو ابن راشد البصري، نزيل اليمن، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري].
وقد مر ذكره.
[عن أبي سلمة].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم؛ لأن الستة من فقهاء المدينة السبعة متفق على عدهم الفقهاء السبعة، والسابع منهم فيه ثلاثة أقوال: قيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن هذا، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
[عن جابر].
هو جابر بن عبد الله وقد مر ذكره.


الصلاة على المرجوم

شرح حديث: (... فشكت عليها ثيابها ثم رجمها ثم صلى عليها ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [الصلاة على المرجوم.أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا خالد حدثنا هشام عن يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه: (أن امرأة من جهينة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني زنيت وهي حبلى، فدفعها إلى وليها فقال صلى الله عليه وسلم: أحسن إليها، فإذا وضعت فائتني بها، فلما وضعت جاء بها فأمر بها، فشكت عليها ثيابها، ثم رجمها ثم صلى عليها، فقال له عمر رضي الله عنه: أتصلي عليها وقد زنت؟ فقال صلى الله عليه وسلم: لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله عز وجل؟!)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الصلاة على المرجوم، وأورد فيه حديث الجهنية التي زنت، وجاءت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنا، وطلبت منه أن يقيم عليها الحد، فدفعها إلى وليها وقال: أحسن إليها فإذا وضعت فأتني بها، ثم لما أتي بها عليه الصلاة والسلام بعد أن وضعت وبعد أن كبر ولدها، (أمر بها فشكت عليها ثيابها) يعني: حزمت عليها، وربطت حتى لا تنكشف، وحتى لا تتكشف عندما ترمى بالحجارة، فأمر بها فرجمت، ثم صلى عليها رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهذا هو محل الشاهد من الصلاة على المرجوم، فقال عمر رضي الله عنه: (أتصلي عليها وقد زنت، فقال: لقد تابت توبة لو قسمت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل رأيت توبة أعظم من أن جادت بنفسها لله عز وجل) يعني: كونها جاءت واعترفت وأرادت أن تقتل لكونها وقعت في ذلك الجرم، وتريد أن يحصل لها ذلك الحد الذي يكون فيه تطهيرها من جرمها (وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله عز وجل) يعني: رخصت نفسها عليها تريد أن تطهر، وأن تتخلص من مغبة ذلك الجرم الذي وقعت فيه ألا وهو الزنا، فهذا يدل على الصلاة على المرجوم، وعلى صاحب الكبيرة إذا أقيم عليه الحد أنه يصلى عليه، لكن إذا تركت الصلاة من بعض أهل الفضل لما يترتب على ذلك من الزجر، والردع لأمثالهم من الناس، حتى لا يقعوا فيما وقعوا فيه فإن ذلك فيه فائدة ومصلحة، لكن قال بعض العلماء: ينبغي أيضاً مع هذا أن يدعو له، يعني: وإن لم يصل عليه فإنه يدعو لذلك الذي لم يصل عليه، حتى يكون قد جمع بين الإحسان إلى الميت وإلى ما أريد من زجر الناس بأن يقعوا في مثل ما وقع فيه هذا.

تراجم رجال إسناد حديث: (... فشكت عليها ثيابها ثم رجمها ثم صلى عليها ...)

قوله:
[عن هشام].
هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن أبي كثير].
هو يحيى بن أبي كثير اليمامي، وهو ثقة ثبت، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي قلابة].
هو أبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي الكوفي، وهو ثقة، يرسل، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي المهلب].
هو الجرمي، واسمه عمرو وهو عم أبي قلابة، وهو ثقة، أخرج البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عمران بن حصين].
هو عمران بن حصين أبي نجيد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.


الأسئلة

زيادة العقوبة بما لم يفعل الإنسان

السؤال: هل يعاقب الإنسان على زيادة ما فعل؟

الجواب: يمكن والله تعالى أعلم أنه فيما إذا كانت الحدود تتعلق بشيء غير الشيء الذي قتلوا من أجله، يعني: مثلاً يكون قد حصل منهم أمور كقطع الطريق، وما يحصل منهم من الأمور الكثيرة من إيذاء الناس، وقد يكون ذلك ما يتعلق بحقوق للناس باقية عليهم لم يؤدوها، فتكون تلك العقوبة لغير الجرم الذي عوقب عليه؛ لأنه كما هو معلوم قطع الطريق عدة جرائم تكون فيه، يكون فيه القتل، وفيه النهب، وفيه الترويع، وفيه كذا وفيه كذا، فيمكن والله أعلم أن يكون هذا هو الذي فيه ذكر العذاب في الآخرة.

المقصود من ترك الصلاة على المرجوم والصلاة عليه

السؤال: ما المقصود من ترك الصلاة على المرجوم والصلاة عليه؟

الجواب: كما قلنا: لعل الفرق بينهما أن هذا يقصد الزجر للناس: في ترك الصلاة عليه، ومن المعلوم أن الذنب الذي قد حصل منه، قد كفر له بتلك التوبة التي قد حصلت منه وبذلك الحد، حتى ولو لم يتب، فإنه يكون مكفراً له بذلك الحد.
وكما قلت الرسول فعل هذا، وفعل هذا فدل على أنه يصلى عليهم، وأنه يجوز ترك الصلاة على بعض أصحاب الحدود.

العلة في تقديم الزانية على الزاني في آية النور

السؤال: لماذا قدمت الزانية على الزاني في آية النور؟


الجواب: لأن المرأة فيما يتعلق بالزنا أخطر من الرجل، فالزنا في حق المرأة أخطر من الرجل؛ ولهذا قدمت الزانية على الزاني (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي )[النور:2] بخلاف السارقة: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ )[المائدة:38] قدم السارق؛ لأنه قد يكون الإنسان مثلاً بحاجة إلى أن يسرق فقد يدفعه إلى السرقة كونه في حاجة شديدة، وهو يكسب له ولغيره، وأما المرأة فيما يحصل منها من الزنا فهو أعظم مما يحصل للرجل؛ لأن فيه تلويث الفراش، واختلاط الأنساب، وإدخال على الناس ما ليس منهم، فالمرأة في باب الزنا هي أخطر من الرجل؛ ولهذا قدمت الزانية على الزاني في قوله: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِد مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَة )[النور:2].

الدليل في خصوصية رسول الله بالصلاة على القبر بعد فترة طويلة

السؤال: حفظكم الله، ذكرتم فيما سبق أن الخصوصية لا تثبت إلا بدليل، وذكرتم في الصلاة على الميت بعد فترة طويلة أنه خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، ما الدليل على ذلك؟


الجواب: الدليل عليه أنهم قالوا: كالمودع للأحياء والأموات، فهذا يدل على أن هذا من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #572  
قديم 07-06-2022, 07:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الجنائز

(341)

- (باب الصلاة على من يحيف في وصيته) إلى (باب الصلاة على من عليه دين)

امتنع النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة على من غلّ من الغنيمة، وهمّ أن لا يصلي على من أعتق مملوكيه فلم يترك لورثته شيئاً، أما من مات وعليه دين فقد صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل الوفاء عليه.
الصلاة على من يحيف في وصيته

شرح حديث: (... لقد هممت أن لا أصلي عليه ...) في الذي أعتق ستة مملوكين له عند موته

قال المصنف رحمه الله تعالى: [الصلاة على من يحيف في وصيته.أخبرنا علي بن حجر حدثنا هشيم عن منصور وهو: ابن زاذان عن الحسن عن عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه (أن رجلاً أعتق ستة مملوكين له عند موته، ولم يكن له مال غيرهم، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فغضب من ذلك وقال: لقد هممت أن لا أصلي عليه، ثم دعا مملوكيه فجزأهم ثلاثة أجزاء، ثم أقرع بينهم، فأعتق اثنين وأرق أربعة)].
يقول النسائي رحمه الله: الصلاة على من يحيف في وصيته. مراد النسائي من هذه الترجمة أن من يحيف في وصيته يرتكب ذنباً، وقد هم النبي عليه الصلاة والسلام على أن لا يصلي على من حصل منه ذلك الحيف، ومن المعلوم أن الوصية إنما تكون بعد الموت، وتكون في حدود الثلث فأقل، ولا تكون بأكثر من الثلث، وقد أورد النسائي حديث عمران بن حصين رضي الله عنه، في قصة الرجل الذي له ستة أعبد ليس له مال غيرهم، فأعتقهم عند موته، فيحتمل أن يكون هذا العتق على أنه وصية، وأنه أوصى بأنه إذا مات فإنهم عتقاء، وهذا هو الذي يقتضيه أو يشير إليه النسائي في الترجمة حيث قال: يحيف في الوصية، ويحتمل أن يكون ذلك في مرض الموت المخوف، وأنه أعتقهم في مرض موته.
ومن المعلوم أنه إذا حصل التصرف في مرض الموت المخوف، فإن هذا فيه تهمة في حرمان الورثة وعدم تمكينهم مما يستحقونه، ومما شرعه الله عز وجل لهم من الميراث، ولكن ترجمة النسائي وإيراد الحديث تحتها يعني: كأن العتق إنما هو وصية، معناه: أنه يكون بعد موته يعتقون، والرسول صلى الله عليه وسلم لما بلغه صنيع ذلك الرجل غضب، وقال: (لقد هممت أن لا أصلي عليك) لكونه حاف في الوصية، ولكونه تصرف هذا التصرف الذي هو على خلاف الشرع، وخلاف ما جاءت به الشريعة، ثم إنه لم يقره على ذلك التصرف بل جزأهم ثلاثة أجزاء، يعني: جعلهم ثلاثة أثلاث؛ لأنهم ستة اثنين، اثنين، اثنين، [(ثم أقرع بينهم، فأرق أربعة وأعتق اثنين)]، يعني: حصل العتق في حدود الثلث، وبقي أربعة يكون المال الذي يورث عنه، فكونه جزأهم هذه التجزئة ليبين من يكون الثلث، ثم لما كان العتق حصل منه للجميع، ولم يسلم ولم يتم هذا الذي حصل أو الذي أراده، وإنما يتم في حدود الثلث، لم يكن هناك اختيار لأربعة أو لاثنين منهم يعتقون، والباقين يبقون أرقاء، وإنما حصل ذلك عن طريق القرعة، حيث جزأهم ثلاثة أجزاء وأقرع بينهم، فمن خرجت له القرعة بأن يعتق عتق، ومن خرجت له القرعة بأن يبقى رقيقاً بقي رقيقاً.
هذا هو الذي فعله النبي الكريم صلى الله عليه وسلم مع هذا الرجل الذي أعتق الجميع، لكونه تصرف تصرفاً غير صحيح، وعمل عملاً لم يقر عليه، بل ألغي ما أراده من إعتاق الجميع، وتحقق العتق لاثنين منهم، أي: في حدود الثلث، ولم يكن إعتاق اثنين منهم عن طريق أن يختار اثنان، وإنما عن طريق القرعة؛ لأنهم متساوون، والقرعة مشروعة إذا حصل تساوي، فإنها تميز القرعة من يستحق التقديم حيث يكونون متماثلين، ومتساوين فإن القرعة هي التي تميز، والقرعة جاءت بها السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في أحاديث، هذا واحد منها.
وقد ذكر الشوكاني في نيل الأوطار في الجزء الخامس صفحة (268) بأن القرعة جاءت في آيتين من القرآن، وخمسة أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر الأحاديث ومنها: هذا الحديث، ومنها: حديث إقراع النبي صلى الله عليه وسلم بين نسائه إذا أراد أن يسافر، وحديث: (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه) أحاديث خمسة جاءت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وآيتان هما ما جاء في قصة مريم: (إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ )[آل عمران:44] وفي قصة يونس: (فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ )[الصافات:141] فساهم يعني: صار قرعة حتى يعرف من الذي يلقى في البحر، فوقعت عليه القرعة، فألقي في البحر، فالتقمه الحوت، فجاءت القرعة في القرآن في موضعين وجاءت في السنة في خمسة مواضع.
وهذا الذي معنا هو واحد منها، وهو دليل على أن القرعة من الطرق التي يعول عليها في القسمة، حيث يكون التساوي وعدم التفاوت، فالقرعة تميز من يستحق ومن لا يستحق، أو تميز ما يستحقه كل واحد من المشتركين المتساوين في الحقوق.

تراجم رجال إسناد حديث: (... لقد هممت أن لا أصلي عليه ...) في الذي أعتق ستة مملوكين عند موته

قوله:
[أخبرنا علي بن حجر].
هو علي بن حجر السعدي المروزي، وهو ثقة، حافظ، أخرج له البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا هشيم].
هو هشيم بن بشير الواسطي، وهو ثقة، كثير التدليس، والإرسال الخفي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن منصور وهو ابن زاذان].
هشيم ذكر منصوراً بدون أن ينسبه فقال: منصور، ومن دون هشيم هو الذي قال: (هو ابن زاذان)؛ ليميزه وليوضح من هو هذا الذي أهمل فلم ينسب فقال: (هو ابن زاذان)، وعلى هذا فمثل هذه العبارة يأتي بها من دون التلميذ ليوضح بها ذلك الشخص المهمل الذي أهمله التلميذ ولم ينسبه، وهذه إحدى العبارتين التي يأتون بها فيقول: (هو ابن فلان)، أو يقولون (يعني: ابن فلان)، عبارتان يؤتى بهما لتوضيح الزيادة وأنها ليست من التلميذ فيقال: (هو ابن فلان)، أو يقال: (يعني: ابن فلان)، يعني أي: التلميذ بهذا الشخص المهمل أنه ابن فلان.
منصور بن زاذان الواسطي أيضاً هو مثل هشيم، وهو ثقة، ثبت، عابد، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وذكر في ترجمته أنه كان يقرأ ويسترسل في القراءة، ولا يستطيع أن يتمهل مع رغبته في التمهل، كان يحب أن يرتل وأن يتمهل في القراءة ولكنه لا يستطيع ذلك؛ لأنه اعتاد الإسراع، وذكروا في ترجمته في عبادته، وصلاحه، واستقامته، قال عنه بعض العلماء: (لو قيل لـمنصور بن زاذان أن ملك الموت بالباب ما كان ليزيد شيئاً على ما كان يحصل منه قبل ذلك) يعني: في استقامته، وملازمته للعبادة، وهذا يدل على صلاحه، واستقامته، وعبادته.
[عن الحسن].
هو ابن أبي الحسن البصري، وهو ثقة، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمران بن حصين].
هو أبو نجيد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.


الصلاة على من غل

شرح حديث: (صلوا على صاحبكم إنه غل في سبيل الله ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [الصلاة على من غل.أخبرنا عبيد الله بن سعيد حدثنا يحيى بن سعيد عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن يحيى بن حبان عن أبي عمرة عن زيد بن خالد رضي الله تعالى عنه قال: (مات رجل بخيبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلوا على صاحبكم إنه غل في سبيل الله، ففتشنا متاعه فوجدنا فيه خرزاً من خرز يهود ما يساوي درهمين)].
أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: الصلاة على من غل، أي: غل من الغنيمة، وأخذ شيئاً منها قبل قسمتها؛ لأنها قبل القسمة مشاعة ومشتركة، وإذا قسمت وعرف كل نصيبه، اختص كل بما يخصه وبما يعطاه، فأورد النسائي تحت هذه الترجمة حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله تعالى عنه، أن رجلاً في غزوة خيبر قال النبي عليه الصلاة والسلام صلوا عليه؟
قوله: [(مات رجل بخيبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلوا على صاحبكم فإنه غل)].
يعني: بين السبب في كونه ترك الصلاة عليه ولم يصل عليه وهو غلوله، قال: ففتشوا متاعه، وإذا فيه خرزات من خرز يهود لا تساوي درهمين، يعني: أنها شيء قليل تافه، ولكنه غلول وأخذ لشيء هو لا يستحقه، وهو مشاع، ومشترك للناس الغانمين المجاهدين في سبيل الله.
ومن المعلوم: أنه كما أشرت من قبل أن أصحاب المعاصي، وأصحاب الكبائر، ومن يحصل منهم أمور كبيرة، إذا تخلف عنهم بعض الناس من ذوي الفضل والمنزلة الطيبة في الصلاة عليهم، من أجل أن يحصل تأديب لأمثالهم حتى لا يقعوا فيما وقعوا فيه، فإن هذا لا بأس به وهو سائغ، وصنيع الرسول صلى الله عليه وسلم يدل عليه، وفيه مصلحة.
والحديث يتعلق بالغلول وكون النبي صلى الله عليه وسلم ترك الصلاة عليه، وأمرهم بأن يصلوا عليه، والحديث ذكره الشيخ الألباني في جملة ما ضعف، وأورده في ضعيف سنن النسائي وقال: إنه ضعيف، وفي إسناده شخص وصف بأنه مقبول، والمقبول هو الذي لا يعول على حديثه إلا إذا توبع، لكن موضوع كون أصحاب الكبائر أو بعض أصحاب الكبائر إذا حصل مصلحة في تخلف بعض أهل الفضل عن الصلاة عليهم بما يترتب على ذلك من الردع، والزجر لأمثالهم.
وأيضاً هذا المتخلف يمكن أن يدعو دون أن يصلي فيكون بذلك جمع بين الدعاء للميت الذي لم يصل عليه، وبين ما أريد من التأديب وزجر الناس من أن يقعوا في تلك الأمور المحرمة، التي تكون سبباً في امتناع بعض الناس من الذين يرغب ويُحرص على صلاتهم على الميت، فتركهم للصلاة أو تخلفهم عن الصلاة كان فيه مصلحة، من حيث زجر الناس الآخرين أن لا يقعوا فيما وقع فيه ذلك الذي تُخلف عن الصلاة عليه.

تراجم رجال إسناد حديث: (صلوا على صاحبكم إنه غل في سبيل الله ...)

قوله:
[أخبرنا عبيد الله بن سعيد].
هو عبيد الله بن سعيد السرخسي، وهو ثقة، مأمون، سني، أخرج له البخاري، ومسلم، والنسائي.
[حدثنا يحيى بن سعيد].
هو يحيى بن سعيد القطان، المحدث، الناقد، ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن سعيد].
عندنا يحيى بن سعيد القطان البصري، ويحيى بن سعيد الأنصاري المدني، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن يحيى بن حبان].
هو محمد بن يحيى بن حبان، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي عمرة].
هو مولى زيد بن خالد الجهني، وهو مقبول، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن زيد بن خالد].
هو زيد بن خالد الجهني صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.


الصلاة على من عليه دين

شرح حديث: (... صلوا على صاحبكم فإن عليه ديناً ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [الصلاة على من عليه دين. أخبرنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود حدثنا شعبة عن عثمان بن عبد الله بن موهب سمعت عبد الله بن أبي قتادة يحدث عن أبيه رضي الله تعالى عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي برجل من الأنصار ليصلي عليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صلوا على صاحبكم، فإن عليه ديناً، قال أبو قتادة: هو عليّ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: بالوفاء، قال: بالوفاء، فصلى عليه)].
أورد النسائي الصلاة على من عليه دين، يعني: في أنه تترك الصلاة عليه من قبل بعض الناس الذين لهم شأن، ولهم مكانة في النفوس، والذين يحرص على صلاتهم، ويؤثر تخلفهم عن الصلاة على الذي عليه دين، فيؤثر ذلك في الناس بحيث يحذرون من الدين، ويتحرزون منه ولا يستهينون بأمره؛ لأن شأنه عظيم، وحقوق الناس شأنها كبير عند الله عز وجل، وحقوق الله عز وجل مبنية على التسامح، والفضل من الله عز وجل، وأما حقوق الآدميين فهي مبنية على التشاح.
وأورد النسائي حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه، أن رجلاً من الأنصار قدّم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه، فقال: (صلوا على صاحبكم، فإن عليه ديناً) يعني: أنه هم بالتخلف عن الصلاة عليه لكونه عليه دين، ومراده من ذلك: أن لا يتورط الناس بالديون، وألا يستهينوا في أمر الدين، وألا يستمرئوه ولا يهتموا به، بل يحذروا من الوقوع فيه، ولا يقدم الإنسان عليه إلا لضرورة لا بد منها، أما أن يقدم الإنسان عليه في أمور له عنها مندوحة وليس بمضطر إليها، فإن هذا من الاستهانة في حقوق الناس، وتبعة ذلك عظيمة في الدنيا والآخرة، ومن أعظم تبعاته هم النبي صلى الله عليه وسلم بالتخلف عن الصلاة عليه، لولا أنه تحمل ذلك الدين عنه الصحابي أبو قتادة رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
فالحديث ساقه المصنف للاستدلال به على أن المدين والذي عليه دين إذا لم يترك وفاءً، ولم يترك شيئاً يوفى به الدين فإنه، يستحق أن يعامل هذه المعاملة، وأن يكون ذلك ممن له شأن ومنزلة، اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم، وتحذيراً للناس من الوقوع في تبعة الديون.
[قال أبو قتادة: هو عليّ].
وجاء في بعض الروايات أن عليه دينارين، وأن أبا قتادة تحملهما فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما قال له: عليّ [(قال: بالوفاء)]، أي: أنت ملتزم بالوفاء وتحملت هذه التبعة، وتؤدي ذلك عن الميت وتوفيه عن الميت؟ قال: نعم، بالوفاء، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان في هذا التصرف، وبهذا الصنيع، وفي هذا العمل من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقدم ذلك الصحابي على تحمل ذلك الدين، وصلى عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن التحذير من تحمل الديون الحديث واضح الدلالة عليه.

تراجم رجال إسناد حديث: (... صلوا على صاحبكم فإن عليه ديناً ...)

قوله:
[أخبرنا محمود بن غيلان].
هو محمود بن غيلان المروزي، وهو ثقة، حافظ، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.
[حدثنا أبو داود].
هو الطيالسي سليمان بن داود بن الجارود، وهو ثقة، حافظ، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي، ثم البصري، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عثمان بن عبد الله بن موهب].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.
[سمعت عبد الله بن أبي قتادة].
هو عبد الله بن أبي قتادة الأنصاري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[يحدث عن أبيه].
هو أبو قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (... قال: هل ترك ديناً ... صلوا على صاحبكم ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي ومحمد بن المثنى قالا: حدثنا يحيى حدثنا يزيد بن أبي عبيد حدثنا سلمة يعني: ابن الأكوع رضي الله عنه قال: (أتي النبي صلى الله عليه وسلم بجنازة فقالوا: يا نبي الله، صل عليها، قال: هل ترك عليه ديناً؟ قالوا: نعم، قال: هل ترك من شيء؟ قالوا: لا، قال: صلوا على صاحبكم، قال رجل من الأنصار يقال له أبو قتادة: صل عليه، وعليّ دينه فصلى عليه)].أورد النسائي حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، وهو يتعلق بقصة الرجل من الأنصار الذي هم النبي صلى الله عليه وسلم بالتخلف عن الصلاة عليه، وسألهم: هل عليه دين؟ قالوا: نعم، قال: هل ترك شيئاً، يعني: هل ترك وفاءً، هل ترك سداداً؛ لأن الإنسان إذا كان عليه دين، وترك شيئاً يسدد به معناه: أن الدين ينتهي والتبعة تنتهي، قالوا: لا. قال: صلوا على صاحبكم، قال أبو قتادة: عليّ دينه يا رسول الله، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو مثل الذي قبله.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #573  
قديم 07-06-2022, 07:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله



تراجم رجال إسناد حديث: (... قال: هل ترك ديناً ... صلوا على صاحبكم ...)

قوله:
[أخبرنا عمرو بن علي].
هو عمرو بن علي الفلاس، وهو ثقة، ناقد، متكلم في الرجال جرحاً وتعديلاً، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[ومحمد بن المثنى].
هذا شيخ آخر للنسائي في هذا الحديث، وهو الملقب الزمن، كنيته أبو موسى بصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، فهذان الشيخان للنسائي هما شيخان لبقية أصحاب الكتب الستة، كل من أصحاب الكتب الستة رووا عن هذين الرجلين عمرو بن علي الفلاس، ومحمد بن المثنى رووا عنهما مباشرة وبدون واسطة.
[قالا حدثنا يحيى].
هو يحيى بن سعيد القطان وقد تقدم ذكره.
[حدثنا يزيد بن أبي عبيد].
هو: يزيد بن أبي عبيد مولى سلمة بن الأكوع، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سلمة].
يعني: ابن الأكوع، يعني: يزيد بن أبي عبيد ما عبر عند الرواية عن سلمة إلا بقوله: عن سلمة، ولم يأت بكلمة (ابن الأكوع) وهو مولاه، يعني: يروي عن مولاه سلمة بن الأكوع، فالراوي الذي دون يزيد بن أبي عبيد أراد أن يوضح من هو سلمة فقال: (يعني: ابن الأكوع)، وهذه العبارة الثانية التي قلت: أن العلماء يستعملونها عندما يضيفون شيئاً يميزون به المهمل، مثل (هو ابن زاذان) التي مرت في الحديث الأول، وهنا عبارة (يعني) هي فعل وفاعل، فعل مضارع له فاعل وله قائل، فقائل هذه الكلمة هو من دون يزيد بن أبي عبيد، والفاعل لهذا الفعل ضمير مستتر يرجع إلى يزيد بن أبي عبيد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، ومولاه سلمة بن الأكوع صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام أخرج له أصحاب الكتب الستة، وأصحاب رسول الله لا يحتاجون إلى توثيق الموثقين، فأنا أريد من كلمة: هو ثقة، المولى وليس سلمة بن الأكوع، فأصحاب رسول الله لا يحتاجون إلى توثيق الموثقين وتعديل المعدلين بعد أن أثنى عليهم رب العالمين، وأثنى عليهم رسوله الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ورضي الله تعالى عن الصحابة أجمعين.
ولهذا فإن المجهول من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام الذي لا يعرف اسمه سواء يكون مهملاً يعني: يكون مبهماً، بأن يقال عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكفي في قبول الخبر، وقد اتفق العلماء على أن كل واحد من الرواة يحتاج إلى معرفة حاله إلا الصحابة، فإنه لا يسأل عن حالهم، فيكفي عن الشخص أن يقال: أنه صحابي، ولهذا نجد في كتب الرجال عندما يأتي ذكر الشخص يقولون صحابي فقط ولا يزيدون عليها شيئاً، أو يضيفون شيئاً من مناقبه يقولون: شهد بدراً، أو شهد المشاهد كلها، أو شهد أحداً، أو حصل منه كذا وكذا، أما أن يتكلموا عليه ويبينوا عليه شيئاً من حاله من حيث ثقة، وغير ذلك، حتى يعول على حديثه فهذا لا يحتاجون إليه؛ لأن أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام هم عدول بتعديل الله عز وجل لهم، وتعديل رسوله الله عليه الصلاة والسلام لهم، وثنائه عليهم.

شرح حديث: (كان النبي لا يصلي على رجل عليه دين ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا نوح بن حبيب القومسي حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر رضي الله تعالى عنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يصلي على رجل عليه دين، فأتى بميت فسأل: أعليه دين؟ قالوا: نعم عليه ديناران، قال: صلوا على صاحبكم، قال أبو قتادة رضي الله تعالى عنه: هما علي يا رسول الله، فصلى عليه، فلما فتح الله على رسوله صلى الله عليه وسلم قال: أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، من ترك ديناً فعلي، ومن ترك مالاً فلورثته)].أورد النسائي حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه، وهو مثل الذي قبله، لكن فيه زيادات وهو أنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي على رجل عليه دين، والمقصود من ذلك هو: الزجر من تحمل الديون، والوقوع في تبعة الديون، فأتي برجل ليصلي عليه فقال: هل عليه دين؟ قالوا: عليه ديناران. قال: صلوا على صاحبكم، قال أبو قتادة: هما عليّ يا رسول الله، فصلى عليه.
وهذا الحديث فيه: بيان ما أجمل في الحديثين السابقين من ذكر الدين وأنه ديناران؛ لأن القصة كلها في أبي قتادة، الذي تحمل الدين هو أبو قتادة، فالحديثان الأولان مطلقان، وهذا فيه تحديد الدين، وبيان مقداره، وأنه ديناران، فقال أبو قتادة: هما عليّ يا رسول الله، فصلى عليه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل هذا في أول الأمر، وبعد أن فتح الله عليه، وكثرت الفتوحات، وكثرت الغنائم قال عليه الصلاة والسلام: (من ترك ديناً فعليّ، ومن ترك مالاً فهو لورثته) معناه: أنه إذا خلف مالاً فإنه يورث عنه، وإذا كان عليه دين فإنه يتحمل دينه، ويوفيه عنه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، من تلك الأموال التي أفاء الله تعالى عليه بها.

تراجم رجال إسناد حديث: (كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يصلي على رجل عليه دين ...)

قوله:
[أخبرنا نوح بن حبيب القومسي].
هو نوح بن حبيب القومسي، وهو ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[حدثنا عبد الرزاق].
هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني، وهو ثقة، حافظ، مصنف، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا معمر].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري نزيل اليمن، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، وهو ثقة، فقيه، مكثر من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو من صغار التابعين الذين أدركوا صغار الصحابة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سلمة عن جابر].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وهو أبو سلمة هذا، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب هؤلاء الثلاثة فيهم ثلاثة أقوال، من العلماء من جعل السابع أبا سلمة هذا، ومنهم من جعل السابع أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، ومنهم من جعل السابع سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
[عن جابر].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري صحابي ابن صحابي وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهم أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وجابر، وأنس بن مالك وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عن الجميع.

حديث: (كان إذا توفي المؤمن وعليه دين... قال: صلوا على صاحبكم ...) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا يونس بن عبد الأعلى أنبأنا ابن وهب أخبرني يونس وابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توفي المؤمن وعليه دين سأل: هل ترك لدينه من قضاء؟ فإن قالوا: نعم صلى عليه، وإن قالوا: لا قال صلوا على صاحبكم، فلما فتح الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفى وعليه دين فعلي قضاؤه، ومن ترك مالا فهو لورثته)].ثم أورد النسائي حديث أبي هريرة وهو بمعنى حديث جابر بن عبد الله الأنصاري المتقدم.
قوله:
[أخبرنا يونس بن عبد الأعلى].
هو الصدفي المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، والنسائي، وابن ماجه.
[أنبأنا ابن وهب].
هو عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني يونس].
هو يونس بن يزيد الأيلي المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[وابن أبي ذئب].
هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب].
وقد مر ذكره.
[عن أبي سلمة].
وقد مر ذكره.
[عن أبي هريرة].
صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله تعالى عنه، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو أكثر السبعة حديثاً على الإطلاق.


الأسئلة

مشروعية دعاء الاستفتاح للإمام والمأموم

السؤال: هل يلزم المأمومين قراءة دعاء الاستفتاح في الصلاة الجهرية أو يكفيهم الإمام؟


الجواب: يأتون بالاستفتاح؛ لأنه ما بين التكبير وقبل القراءة فيه سكوت من الإمام، فهم في ذلك الوقت يأتون بالاستفتاح؛ لأن الإمام ساكت يقرأ الاستفتاح فهم يأتون بالاستفتاح.
وكما هو معلوم، أن دعاء الاستفتاح سنة، وليس بواجب، والإنسان يحافظ على السنة.

حكم متابعة المأموم للإمام إذا سجد للسهو بعد السلام

السؤال: حفظكم الله، سلم إمام من صلاته ثم سجد للسهو، إلا أن بعض المصلين ممن فاتهم بعض الصلاة قاموا لإتمام ما فاتهم، فما الذي عليهم في هذه الحالة هل يتابعوا الإمام فيسجدوا معه بعد قيامهم أو أنهم بذلك انفكوا عن إمامهم بتسليمه؟


الجواب: هذه المسألة وهي: إذا كان سجود السهو بعد السلام فيها خلاف بين أهل العلم، هل يلزم المأموم إذا سلم الإمام وقام لقضاء ما فاته، ثم سجد الإمام للسهو بعد السلام هل يرجع أو أنه يستمر ويواصل إكمال بقية صلاته؟ الذي يظهر والله أعلم أنه لا يرجع؛ لأنه لما سلم الإمام فإن على المأموم أن يقوم ويدخل في صلاته التي بقيت عليه يتمها، لكنه يسجد في آخر صلاته؛ لأن الإنسان إذا سها الإمام فعلى المأموم أن يسجد معه، لكن لكون السجود بعد السلام فالشخص لا يسلم، بل يقوم ويقضي ما فاته، فإذا سجد الإمام استمر المأموم، ولا يرجع ليسجد معه، ولكنه يسجد في آخر صلاته أي: المأموم.

علاقة قوله صلى الله عليه وسلم: (أنا أولى بكل مؤمن من نفسه) بمن يلي الأمر من بعده من الأمراء وغيرهم

السؤال: حفظكم الله، قوله صلى الله عليه وسلم: (أنا أولى بكل مؤمن من نفسه) هل هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم أو هو عام لمن بعده؟


الجواب: الذي يبدو والله تعالى أعلم، أنه يمكن أن يعمل به من بعده عليه الصلاة والسلام، من أن يعمل على تسديد الديون، لكن الديون التي تحملت لضرورة، أو ما إلى ذلك، وليست الديون التي حصل فيها تساهل، وحصل فيها الإقدام على تحصيل دنيا، وما إلى ذلك؛ لأن الناس يتفاوتون منهم من يستدين لضرورة، ومنهم من يستدين ليتاجر بالدين ثم يخسر، فيكون الاستدانة لغير ضرورة.
فالذي يبدو أنه إذا فعل ذلك غير النبي صلى الله عليه وسلم اتباعاً للنبي عليه الصلاة والسلام ممن يلي الأمر أنه لا بأس بذلك.

السنن التي تفعل عند ولادة المولود

السؤال: حفظكم الله، ما هي السنن التي تفعل مع المولود عند ولادته وكيفيتها؟


الجواب: المولود كما هو معلوم، هناك كتاب مؤلف في الموضوع لـابن القيم هو من خير ما بين كل ما يتعلق بالمولود، وهو: (تحفة المودود في بيان أحكام المولود)، تكلم عنه في كونه حمل، وكونه بعد ولادته، ثم بعد ذلك كل ما يتعلق به، تكلم فيه أيضاً من جهة تسميته، ومن جهة العقيقة، ومن جهة الختان، ومن جهة حلق الرأس، يعني: أشياء عديدة يمكن للإنسان أن يرجع إلى هذا الكتاب فيجدها مفصلة، موضحة، مبينة بأدلتها وكلام العلماء عليها، فأنا أحيل على مليء.

اختلاط عبد الرزاق الصنعاني وأثر ذلك على مصنفه

السؤال: حفظكم الله، ذكر ابن الصلاح أن الإمام عبد الرزاق الصنعاني ممن اختلط عند كبره، فهل هذا يؤثر في صحة مصنفه إذا لم يعلم زمن روايته له؟


الجواب: قضية المصنف والمؤلف كما هو معلوم يعني: كونه ألف كتابه أي: صدر من تأليفه وصنفه، ولهذا قيل: أنه مصنف وهو ثقة، حافظ، وأما مسألة أنه أختلط، فأنا ما أتذكر الآن ما هو حكم اختلاط عبد الرزاق، وما يترتب عليه، ومن أخذ منه قبل اختلاطه، ومن أخذ منه بعد اختلاطه، فأنا ما أذكر شيئاً من هذا، لكنه مع ذلك لا يؤثر على المصنف، وهو كتاب من كتب السنة، بل هو موسوعة من الموسوعات، وخاصة فيما يتعلق بالآثار عن السلف، وعن الصحابة، فمصنف عبد الرزاق، ومصنف ابن أبي شيبة هما مظنة الآثار الكثيرة عن السلف، مع اشتمالهما على الأحاديث الكثيرة عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

الصحابي الذي أعتق المملوكين وحصول ذلك في عافيته أو مرض موته

السؤال: حفظكم الله، جاء في رواية ذكرها الحافظ في بلوغ المرام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذي أعتق الستة المملوكين قولاً شديداً على فعله، فدل أن الإعتاق تم قبل الموت، وأن هذا الإعتاق ليس من الوصية، فما قولكم حفظكم الله؟

الجواب: لا أدري، أنا قلت يحتمل، وحتى لو كان أنه في الحياة فهو في مرض الموت، وكما هو معلوم مثل ذلك ليس كحال تصرفه في حال صحته وعافيته.

حكم قيام المأمومين للخامسة مع الإمام بعد تحققهم زيادتها


السؤال: حفظكم الله، هل يجب على المأمومين إذا قام الإمام إلى خامسة في صلاة العصر القيام معه أم الانتظار، وما حكم صلاة من قام إلى خامسة؟


الجواب: لا يجوز، من تحقق أن الركعة زائدة فلا يجوز له أن يقوم إليها، بل عليهم أن يسبحوا وأن ينبهوا، وإذا استمر فإنهم لا يقومون، ومن كان متحققاً بأنها زائدة لا يجوز له؛ لأن الإقدام على الزيادة معناه: فعل شيئاً غير سائغ، وزيادة شيء في الصلاة عمداً يبطلها، فعلى من تحقق أن الركعة زائدة أن ينتظر، ويجلس، ولا يسلم، بل ينتظر حتى يسلم ويسلم معه، ومن المعلوم أن التشهد الأخير من المواطن التي يطال فيها الدعاء ويكثر فيها من الدعاء، فالإنسان ينتظر حتى يسلم الإمام ويسلم معه، لكن لا يقوم معه للخامسة؛ لأن من تحقق أنها زائدة لا يجوز له، ومن كان شاكاً أو كان ما عنده يقين وما عنده جزم بأنها زائدة فهو معذور، وأما الجاهل فهو معذور.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #574  
قديم 07-06-2022, 07:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الجنائز

(342)

- (باب ترك الصلاة على من قتل نفسه) إلى (باب الصلاة على الجنازة بالليل)

الأصل في المسلم أنه يصلى عليه عند موته، ولكن يجوز لأهل الفضل أن يتركوا الصلاة على مرتكب الكبيرة؛ ردعاً وزجراً لأمثاله، وأما المنافق فلا تجوز الصلاة عليه إن كان نفاقه اعتقادياً، كما أنه يجوز الصلاة على الجنازة في المسجد وفي الليل كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.
ترك الصلاة على من قتل نفسه

شرح حديث: (أن رجلاً قتل نفسه بمشاقص فقال النبي: أما أنا فلا أصلي عليه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ترك الصلاة على من قتل نفسه. أخبرنا إسحاق بن منصور حدثنا أبو الوليد حدثنا أبو خيثمة زهير حدثنا سماك عن جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنه: (أن رجلاً قتل نفسه بمشاقص، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أنا فلا أصلي عليه)].
يقول النسائي رحمه الله: ترك الصلاة على قاتل نفسه، يريد النسائي رحمه الله بهذه الترجمة أن قاتل نفسه تترك الصلاة عليه من بعض الناس، أو من بعض أهل الفضل، وذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام امتنع من الصلاة عليه، لكنه لم يمنعهم من الصلاة عليه، وفي تخلفه صلى الله عليه وسلم وكذلك في تخلف من يكون تخلفه فيه تأثير على الناس يكون في ذلك مصلحة، وهي الزجر، والردع من الوقوع في مثل هذه الكبائر والمعاصي، فينتج عنها، ويترتب عليها تخلف بعض أهل الفضل في الصلاة عليه، فليس المقصود من الترجمة أنه لا يصلى عليه أصلاً، ولكن المراد منها أن ترك الصلاة عليه من بعض من له شأن فيه مصلحة، وفيه فائدة، وقد سبق أن مر أن من ترك الصلاة عليه فإنه يدعو له حتى تحصل الفائدة له من حيث الدعاء، ولكن إظهار الصلاة عليه وإعلانها عليه التي يكون في تركها مصلحة وتأديب لبعض الناس أو لكثير من الناس حتى لا يقعوا في مثل ما وقع فيه فإنه يكون بذلك حسناً، وفيه فائدة ومصلحة.
وقد أورد النسائي حديث جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم (أن رجلاً قتل نفسه بمشاقص فأتي به ليصلي عليه صلى الله عليه وسلم فقال: أما أنا فلا أصلي عليه) فقوله: (أما أنا) هذا يفيد أن غيره يصلي عليه، ولكنه ترك الصلاة عليه من أجل التأديب، وقوله: [(قتل نفسه بمشاقص)] أي: جمع مشقص، وهو نصل السهم، فهو قتل نفسه بتلك الحديدة التي هي نصل السهم، فاعتبر قاتلاً لنفسه، فترك النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة عليه، لكنه لم يمنع الناس من الصلاة عليه.
ومثل هذا ما مر في قضية الذي عليه دين وقال: (صلوا على صاحبكم) وهمَّ بترك الصلاة عليه حتى قال أبو قتادة رضي الله عنه: عليّ دينه يا رسول الله، فتقدم وصلى عليه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن رجلاً قتل نفسه بمشاقص فقال النبي: أما أنا فلا أصلي عليه)

قوله:
[أخبرنا إسحاق بن منصور].
هو ابن بهرام المروزي الكوسج، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود فإنه لم يخرج له شيئاً، مثله بهذه التسمية إسحاق بن منصور السلولي، وهو صدوق، خرج له أصحاب الكتب الستة، ولكنه أعلى طبقة من هذا؛ لأنه من رجال النسائي ولكنه ليس من شيوخه، بل من طبقة شيوخ شيوخه، فإذا جاء إسحاق بن منصور من شيوخ النسائي فالمراد به الكوسج، وإذا جاء إسحاق بن منصور من طبقة شيوخ شيوخ النسائي فالمراد به السلولي.
[حدثنا أبو الوليد].
هو هشام بن عبد الملك أبو الوليد الطيالسي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبو خيثمة زهير].
هو أبو خيثمة زهير بن معاوية الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهناك من يوافقه في الاسم والكنية، وهو أبو خيثمة زهير بن حرب النسائي وهو من شيوخ مسلم الذين أكثر من الرواية عنهم، بل روى عنه مسلم أكثر من ألف حديث، فكل منهما زهير، وكل منهما كنيته أبو خيثمة، إلا أن ذاك متقدم وهذا متأخر، الذي معنا متقدم، وهو أبو خيثمة زهير بن معاوية، وشيخ مسلم هو أبو خيثمة زهير بن حرب النسائي، روى عنه مباشرة أكثر من ألف حديث.
[حدثنا سماك].
هو سماك بن حرب، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن جابر بن سمرة].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو جابر بن سمرة بن جنادة صحابي ابن صحابي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا خالد حدثنا شعبة عن سليمان سمعت ذكوان يحدث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تحسى سماً فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بحديدة ثم انقطع علي شيء -خالد يقول:- كانت حديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً)].أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وهو يتعلق بأن قتل النفس من الكبائر لكن ليس فيه تعرض لترك الصلاة عليه، والذي فيه تعرض لترك الصلاة عليه هو المتقدم، لكن هنا فيه بيان أن قتل النفس من الكبائر؛ لأنه توعد عليه بهذا الوعيد الشديد، ومن المعلوم أن الكبائر أحسن ما قيل فيها: إنها ما كان عليه حد في الدنيا، أو توعد عليه بلعنة، أو غضبٍ، أو نار في الآخرة، فكون الإنسان يقتل نفسه بأن يتردى من جبل، أو يشرب سماً، أو يقتل نفسه بحديدة هذه أنواع من أنواع قتل النفس، والمراد التمثيل، وليس الحصر، فإذا قتل نفسه بأي شيء -سواء كان عن طريق حديدة، أو شيء يشربه، أو كونه يتردى أو غير ذلك، أي طريقة يقتل الإنسان بها نفسه- يعتبر قاتلاً لنفسه، وقد بين النبي عليه الصلاة والسلام أن من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة، أي: عذب به في الآخرة، فإن النبي عليه الصلاة والسلام قال في حديث أبي هريرة هذا.
قوله: [(من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى خالداً مخلداً فيها أبداً)].
معناه: أنه يسقط ويهوي مثل ما سقط ذلك الذي قتل نفسه من جبل وتردى، فالتردي معناه: هو السقوط يسقط نفسه من الجبل بأن يقف على قمته، ثم يرمي بنفسه، فيترتب على ذلك القتل أو عدمه، فإن حصل قتله بذلك ومات بسبب ذلك، فإنه يعتبر قاتلاً لنفسه، وعقوبته أنه يعاقب بمثل ما فعله، والجزاء من جنس العمل، فكما أنه قتل نفسه بهذا التردي، فإنه يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً.
وكذلك من تحسى سماً يعني: شربه وابتلعه؛ ومات بسبب ذلك، فإنه يتحسى سماً في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بحديدة فإنه يجأ نفسه بحديدته في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، يعني: أن من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة، فالجزاء من جنس العمل.
وقد جاء نصوص كثيرة تدل على أن الجزاء من جنس العمل في الخير والشر، (من نفّس عن مسلم كربة من كرب أهل الدنيا نفّس الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة)، (من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة)، (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة) الجزاء من جنس العمل، وكذلك في الأمور الضارة هنا في التردي، وفي شرب السم، وفي قتل النفس بحديدة، فإنه يعذب بذلك يوم القيامة.
وما جاء فيه من ذكر التخليد ليس المقصود منه أنه يكون مخلداً تخليد الكفار أبد الآباد، بحيث لا يكون له سبيل من الخروج من النار ودخول الجنة، فإن كل ذنب دون الشرك فهو تحت مشيئة الله سبحانه وتعالى، إن شاء تجاوز عن صاحبه وغفر له، وإن شاء عذبه، ولكنه إذا عذب فإنه يخرج من النار ويدخل الجنة، بعد أن يمحص ويحصل جزاءه على ما اقترفه من الجرائم، والكبائر، ولكنه لا يبقى فيه أبد الآباد؛ لأنه جاء في الأحاديث المتواترة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام خروج أصحاب الكبائر من النار، وأنهم يخرجون منها بعد أن يعذبوا، وأن يجازوا على أعمالهم التي عملوها في النار فإنهم يخرجون منها، ويدخلون الجنة، ولا يبقى في النار إلا الكفار الذين هم أهلها، والذين لا سبيل لهم إلى الخروج عنها.
فإذاً: ما جاء في الحديث فيه: وعيد شديد لمن قتل نفسه، وأنه يخلد في النار، ولكنه خلود نسبي، وليس خلوداً دائماً مستمراً لا ينتهي، ولا ينقطع كما يحصل للكفار؛ لأن كل ذنبٍ دون الشرك فهو تحت مشيئة الله، وقد جاء عن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام أحاديث كثيرة متواترة تدل على إخراج أهل الكبائر من النار بشفاعة الشافعين، وقد جاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (لكل نبي دعوة مستجابة دعا به على قومه، وإنني قد اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة).

تراجم رجال إسناد حديث: (من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم ...)

قوله:
[أخبرنا محمد بن عبد الأعلى].
هو الصنعاني البصري، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأبو داود في كتاب القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا خالد].
هو ابن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو المراد بقوله: خالد في أثناء الحديث عندما جاء ذكر الحديدة، وأن من قتل نفسه بحديدة، وهنا انقطع عني شيء -خالد يقول-: فإنه يجأ نفسه بحديدته؛ لأن الذي قال هذا الكلام هو: محمد بن عبد الأعلى الذي هو شيخ النسائي.
وقوله: (يقول خالد) يعني: يجأ نفسه بحديدته، يعني: قتل نفسه بحديدة فهو يعاقب على ذلك بأن يجأ نفسه، يعني: يقطع نفسه، ويعذب نفسه بتلك الحديدة التي قتل بها نفسه، وذلك في نار جهنم.
والحديث في البخاري من جهة خالد بن الحارث وليس فيه هذا الكلام، وإنما فيه: (من قتل نفسه بحديدة يجأ نفسه بحديدته خالداً مخلداً في نار جهنم).
[حدثنا شعبة].
هو ابن الحجاج الواسطي، ثم البصري، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن سليمان].
سليمان بن مهران الكاهلي الأعمش الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور باسمه وبكنيته، يأتي ذكره باسمه غير منسوب، ويأتي ذكره باللقب، وهنا ذكر باسمه غير منسوب، والمراد به الأعمش.
[سمعت ذكوان].
هو أبو صالح السمان المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن صخر الدوسي وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق رضي الله تعالى عنه وأرضاه.


الصلاة على المنافقين

شرح حديث: (لما مات عبد الله بن أبي بن سلول دعي له رسول الله ليصلي عليه ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [الصلاة على المنافقين.
أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك حدثنا حجين بن المثنى حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: (لما مات عبد الله بن أبي ابن سلول دعي له رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبت إليه فقلت: يا رسول الله! تصلي على ابن أبي وقد قال يوم كذا، وكذا كذا، وكذا؟ أعدد عليه، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: أخر عني يا عمر، فلما أكثرت عليه قال: إني قد خيرت، فاخترت، فلو إن علمت أني لو زدت على السبعين غفر له لزدت عليها، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم انصرف، فلم يمكث إلا يسيراً حتى نزلت الآيتان من براءة: وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ [التوبة:84] فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ، والله ورسوله أعلم)].
أورد النسائي رحمه الله هذه الترجمة، وهي الصلاة على المنافقين، والمراد بذلك أنه كان أولاً يصلي عليهم النبي صلى الله عليه وسلم، ثم لما نزلت الآية في نهيه عن الصلاة عليهم ترك الصلاة عليهم، هذا هو مقصود النسائي من هذه الترجمة، كان يصلي عليهم أولاً ولما نهي عن ذلك، ونزل القرآن بنهيه عن الصلاة عليهم فلم يصل عليهم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
وأورد النسائي حديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه أنه أوتي بـعبد الله بن أبي ابن سلول وهو من رءوس المنافقين ليصلي عليه فتقدم للصلاة عليه، فوثب عمر إليه يعني: جاء مسرعاً؛ وقال له: يا رسول الله! كيف تصلي عليه وهو عمل كذا وكذا، ويعدد أشياء، يعني: حصلت منه، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: أخر عني يا عمر، إنني خيرت، وإنني لو علمت أنني لو زدت على السبعين غفر له لزدت اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً [التوبة:80] يعني: يقصد إن زدت على السبعين يعني: التي جاء ذكرها في القرآن، فبعد ذلك صلى عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم إنه نزلت الآيتان بعد ذلك فلم يصل عليهم، أي: على المنافقين، قال عمر رضي الله عنه: (فعجبت من جرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم).
والمراد بالنفاق الذي لا يصلى على صاحبه إذا علم هو النفاق الاعتقادي الذي هو إظهار الإيمان وإبطان الكفر، أما النفاق العملي؛ الذي هو الكذب، والفجور في الخصومة، وإخلاف الوعد، وما إلى ذلك مما جاء في بعض الأحاديث، فهذا ليس هو المراد، وإنما المراد ما جاء في الأحاديث والآيات التي نزلت في منعه من صلاته على المنافقين المراد بذلك المنافقين الكفار، بل هم في الدرك الأسفل من النار، ولا يخرجون من النار أبد الآباد؛ لأنهم كفار، يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر، فمن كان من المسلمين، وعلم منه شيء يدل على نفاقه، وعلى كفره، وعلى ردته مما يقتضي كفره فإنه لا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، وإذا كان أمر الإنسان مجهولاً، فإنه يصلى على المسلم الذي لا تعرف حاله، وإذا عرف منه النفاق الاعتقادي فهذه ردة، ولا يصلى على المرتد، والمنافقون الذين نفاقهم اعتقادي هم في الدرك الأسفل من النار، والعياذ بالله، وهم خالدون فيها مخلدون أبد الآباد، وهم من الكفار إلا أن الكفار مظهرون، وهؤلاء مبطنون للكفر، الكفار مظهرون للكفر وهؤلاء مبطنون له.

تراجم رجال إسناد حديث: (لما مات عبد الله بن أبي بن سلول دعي لرسول الله له رسول عليه ...)

قوله:
[أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك].
هو محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي، وهو ثقة، أخرج له البخاري، وأبو داود، والنسائي.
[حدثنا حجين بن المثنى].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن الليث].
هو الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عقيل].
هو عقيل بن خالد بن عقيل المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، وهو ثقة، فقيه، مكثر من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة وهو: من صغار التابعين الذين أدركوا صغار الصحابة.
[عن عبيد الله بن عبد الله].
هو ابن عتبة بن مسعود الثقفي، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين الذين اشتهروا بلقب الفقهاء السبعة في المدينة، وهم عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود هذا، وخارجة بن زيد بن ثابت وعروة بن الزبير بن العوام، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وسليمان بن يسار، وسعيد بن المسيب هؤلاء ستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، والسابع فيه ثلاثة أقوال، قيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
[عن عبد الله بن عباس].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد العبادلة من أصحابه الكرام، وهم عبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من صغار الصحابة، توفي رسول الله عليه الصلاة والسلام وقد ناهز الاحتلام، كما جاء ذلك في حديث حجة الوداع.
[عن عمر بن الخطاب].
رضي الله تعالى عنه هو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثاني الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الحميدة، وهو الذي قال عنه الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام: (ما سلكت فجاً إلا وسلك الشيطان فجاً غير فجك) رضي الله تعالى عن عمر وعن الصحابة أجمعين.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #575  
قديم 07-06-2022, 07:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

الصلاة على الجنازة في المسجد

شرح حديث: (ما صلى رسول الله على سهيل بن بيضاء إلا في المسجد)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [الصلاة على الجنازة في المسجد. أخبرنا إسحاق بن إبراهيم وعلي بن حجر قالا: حدثنا عبد العزيز بن محمد عن عبد الواحد بن حمزة عن عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن بيضاء إلا في المسجد)].
أورد النسائي هذه الترجمة، وهي الصلاة على الجنازة في المسجد، ومن المعلوم أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يصلي على الجنائز خارج المسجد، يعني: في مكان ليس في المقبرة، وليس في المسجد، ولكنه جاء عنه ما يدل على الصلاة على الجنازة في المسجد، وقد أورد النسائي وأورد تحتها حديث أم المؤمنين رضي الله تعالى وأرضاها: (ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن بيضاء إلا في المسجد) معناه: أن صلاته عليه كان في المسجد، وهذا يدلنا على جواز الصلاة في المسجد على الجنازة، وسهيل بن بيضاء هو منسوب إلى أمه، وقد اشتهر بذلك، قد عرفنا أن هناك عدداً من الرواة، ومن الصحابة يأتي ذكرهم منسوبين إلى أمهاتهم، وهذا منهم، والمقصود أن الصلاة على الجنازة في المسجد سائغة، لا سيما فيما إذا كان الأعداد كبيرة، ولا يتيسر لها أن تجتمع في مكان مثل اجتماعها في المسجد، فإن السنة وردت بذلك، والصلاة في المسجد سائغة ولا مانع منها.

تراجم رجال إسناد حديث: (ما صلى رسول الله على سهيل بن بيضاء إلا في المسجد)

قوله:
[أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].
هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه، وقد وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل، وأرفعها.
[وعلي بن حجر].
هو ابن إياس السعدي المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا عبد العزيز بن محمد ].
هو الدراوردي، وهو صدوق، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الواحد بن حمزة].
هو عبد الواحد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير وقد قال عنه الحافظ في التقريب: إنه لا بأس به، وهي تعادل كلمة صدوق، وحديثه أخرجه مسلم، والترمذي، والنسائي.
[عن عباد بن عبد الله بن الزبير].
عباد بن عبد الله بن الزبير يعني: أن عبد الواحد بن حمزة يروي عن عمه عباد بن عبد الله، وعباد هو أخو حمزة، فـعبد الواحد يروي عن عمه، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها].
هي الصديقة بنت الصديق، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من أصحابه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم.

حديث: (ما صلى رسول الله على سهل بن بيضاء إلا في جوف المسجد) من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد بن نصر حدثنا عبد الله عن موسى بن عقبة عن عبد الواحد بن حمزة أن عباد بن عبد الله بن الزبير أخبره أن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن بيضاء إلا في جوف المسجد)].أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، وأن صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم على ابن بيضاء إنما هي في المسجد، وهو واضح الدلالة على أن المسجد يصلى فيه على الجنازة كما عرفنا ذلك.
قوله: [أخبرنا سويد بن نصر].
هو المروزي، وهو ثقة، أخرج له الترمذي، والنسائي.
[حدثنا عبد الله].
هو ابن المبارك المروزي، وهو ثقة، جواد، مجاهد، قال عنه الحافظ في التقريب بعد أن ذكر جملة من صفاته الحميدة: جمعت فيه خصال الخير، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن موسى بن عقبة].
هو موسى بن عقبة المدني وهو مولى آل الزبير، وهو ثقة، فقيه، إمام في المغازي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الواحد بن حمزة أن عباد بن عبد الله بن الزبير أخبره أن عائشة].
وقد مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.


الصلاة على الجنازة بالليل

شرح حديث: (... فجاءوا بها إلى المدينة بعد العتمة ... فصلوا عليها ودفنوها ببقيع الغرقد ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [الصلاة على الجنازة بالليل. أخبرنا يونس بن عبد الأعلى أنبأنا ابن وهب حدثني يونس عن ابن شهاب أخبرني أبو أمامة بن سهل بن حنيف رضي الله تعالى عنه أنه قال: (اشتكت امرأة بالعوالي مسكينة، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يسألهم عنها، وقال: إن ماتت فلا تدفنوها حتى أصلي عليها، فتوفيت، فجاءوا بها إلى المدينة بعد العتمة، فوجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نام فكرهوا أن يوقظوه، فصلوا عليها ودفنوها ببقيع الغرقد، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءوا، فسألهم عنها، فقالوا: قد دفنت يا رسول الله، وقد جئناك، فوجدناك نائماً، فكرهنا أن نوقظك، قال صلى الله عليه وسلم: فانطلقوا، فانطلق يمشي، ومشوا معه حتى أروه قبرها، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفوا وراءه فصلى عليها وكبر أربعاً)].
أورد النسائي هذه الترجمة، وهي الصلاة على الجنازة في الليل. يعني: ودفنها في الليل؛ ومقصود النسائي أن ذلك سائغ، وأنه لا مانع منه، ولكنه مكروه عند بعض أهل العلم؛ قالوا: لأنه يترتب على ذلك أنه لا يصلى عليه مثل ما يصلى عليه فيما إذا كان في النهار أو في وقت صلاة من الصلوات.
وقد أورد النسائي حديث أبي أمامة بن سهل بن حنيف رضي الله تعالى عنه: أنه كان هناك امرأة مسكينة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن ماتت فأخبروني حتى أصلي عليها، فماتت في الليل وجاءوا بها بعد صلاة العشاء وقد تفرق الناس، وكرهوا أن يوقظوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم أخذوا بما جاء في الإسراع في الجنازة، والصلاة عليها، ودفنها، فأخبروا رسول الله عليه الصلاة والسلام بعد ذلك فقال: ألم أقل لكم كذا؟ قالوا: إنا كرهنا أن نوقظك يا رسول الله، فذهب إليها وذهبوا معه، وصلى عليها، وصلوا معه، وكبر عليها أربعاً، فدلنا هذا على جواز الصلاة على الجنازة في الليل، وكذلك دفن الميت في الليل، ولكن دفنه في الأوقات التي يكثر فيها المصلون لا شك أنه أولى من دفنه في الليل، والدفن في الليل سائغ لا بأس به.
وفي الحديث أيضاً ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم من الرأفة بالمساكين، وكذلك ما كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم من إكرام الرسول، واحترامه، وحرصهم على عدم المشقة عليه، وعلى عدم إزعاجه، وإيقاظه من النوم ليصلي على تلك الجنازة، ويدلنا أيضاً على أن الجنازة يصلى عليها، وأنه يكبر عليها أربع تكبيرات، ويدلنا أيضاً على أن صلاة الجنازة قد يصلى عليها أكثر من مرة، وذلك أن الرسول أمرهم بأن يذهبوا معه وفيهم من صلى، وهذا يشير أو يفيد بأن الصلاة أعيدت من بعض من صلى، ومن صلى فإنه صلى من جديد، كما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويدلنا على أن الجنازة يجوز أن يصلى عليها بعد الدفن، ولكن بعد وقت يسير من الدفن، فلا يصلى عليها بعد طول المدد، وبعد الأمد الطويل والوقت الطويل؛ لأن فعل الرسول صلى الله عليه وسلم كان قريب العهد بالدفن، وهو العمدة والدليل على هذه المسألة، والحديث سبق أن مر بنا.

تراجم رجال إسناد حديث: (... فجاءوا بها إلى المدينة بعد العتمة ... فصلوا عليها ودفنوها ببقيع الغرقد ...)

قوله:
[أخبرنا يونس بن عبد الأعلى].
هو الصدفي المصري، وهو ثقة، أخرج له مسلم، والنسائي، وابن ماجه.
[أنبأنا ابن وهب].
هو عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثني يونس].
هو يونس بن يزيد الأيلي المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب].
وقد مر ذكره.
[أخبرني أبو أمامة].
هو أسعد بن سهل بن حنيف، ومشهور بكنيته، وهو معدود في الصحابة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.


الأسئلة

سبب مخالفة الصحابة لنهي النبي عن الصلاة على الميت في الليل

السؤال: في حديث أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهاهم ومع ذلك لم يفهموا من النهي التحريم، كيف ذلك؟

الجواب: لأنهم نظروا إلى أمر آخر وهو المشقة عليه، يعني: عدم المشقة عليه، وإلا فإنهم قد علموا ذلك، ولكن دفعهم إلى ذلك أنهم لا يريدون أن يشقوا على رسول الله عليه الصلاة والسلام، والنبي عليه الصلاة والسلام أراد منهم أن يصلي عليها، يعني: أراد من نهيهم عن ذلك حتى يصلي عليها، ولكنهم رأوا أنهم إن أخبروه وقد نام أنه يكون في ذلك مشقة عليه فآثروا أن لا يشقوا عليه بإخباره بذلك.

مآل قاتل نفسه في الآخرة

السؤال: استدللتم على خلود قاتل نفسه بنص عام، والحديث هنا خاص، فكيف قدمتم العام على الخاص؟

الجواب: أنا قلت أن الخلود نسبي، يعني: كل ما جاء من ذكر خلود في أهل الكبائر فهو نسبي، وليس كخلود الكفار، وإنما هو خلود نسبي، ليس خلوداً دائماً مؤبداً، ومن المعلوم أن قول الله عز وجل: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ )[النساء:48] يدخل تحته هذا الذنب؛ لأن هذا الذنب دون الشرك ودون الكفر بالله عز وجل، فهو تحت مشيئة الله، لكن إذا شاء الله عز وجل أن لا يغفر له فإنه يعذبه، ولكنه بعد ذلك تناله شفاعة الشافعين، ويستحق الخروج من النار بعفو أرحم الراحمين وبشفاعة الشافعين.
وقد جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام ما يدل على أن من حصل منه ذلك، فإنه يحصل له العفو والمغفرة من الله عز وجل، وذلك أنه جاء في صحيح مسلم أن الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله تعالى عنه قدم إلى النبي عليه الصلاة والسلام وهو في مكة، فعرض عليه أن يهاجر إلى بلاده بلاد دوس، وقال: إننا نمنعك ونمكنك من القيام بدعوتك، فأمره بأن يرجع إلى قومه ويدعوهم، ولم يجبه إلى ما طلب؛ لأن الله تعالى قد جعل هجرته إلى المدينة، فهاجر النبي عليه الصلاة والسلام إلى المدينة، فجاء الطفيل بن عمرو ومعه صاحب له إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرين إلى المدينة، فصاحب الطفيل بن عمرو أصاب يديه، يعني: أصابه جرح فتضرر منه فقطع إصبعه، فحصلت السراية، ومات بسبب ذلك، فـالطفيل بن عمرو رأى في المنام رؤيا، وقصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إنني رأيته وعليه هيئة حسنة، ورأيته قد لف يده، أو أصابعه بلفاف، أو بشيء، فقلت له: ما حالك؟ قال: غفر لي بهجرتي إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقال له: ما هذا الذي بيديك؟ قال: إنه قيل لي: لن نصلح منك ما أفسدت، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال: (اللهم وليديه فاغفر)، فهذا حصل منه هذا العمل، ومع ذلك رأى الطفيل هذه الرؤيا، والرسول صلى الله عليه وسلم دعا له هذه الدعوة، فدلنا هذا على أن كل ذنب دون الشرك فهو تحت مشيئة الله عز وجل.

ضابط الوقت اليسير المشترط في الصلاة على الميت بعد دفنه

السؤال: ذكرتم -حفظكم الله- أن الصلاة على الجنازة بعد دفنها يكون بعد وقت يسير، وفي الحديث أن دفنها كان ليلاً وصلى عليها النبي صلى الله عليه وسلم في الصباح، وهذا الوقت ليس بقصير، فما هو ضابط تحديد هذا الوقت القصير؟


الجواب: لا، هو وقت قصير بعض العلماء قال: إلى شهر، وبعض العلماء قال أقل من ذلك، لكن كما حصل للرسول صلى الله عليه وسلم؛ صلى عليها بعد وقت يسير من دفنها، وليس معنى ذلك: الوقت اليسير يكون ساعة، أو ربع ساعة، أو ما إلى ذلك، يعني: مثل هذا الوقت خلال وقت يسير ما هو مثل سنة بعد سنة، أو سنتين، أو ثلاث، أو عشر سنين، أو ما إلى ذلك.

ذكر الحديث الذي ذكره الشوكاني فيما يتعلق بقصة القرعة

السؤال: ذكرتم -حفظكم الله- أن الشوكاني ذكر في نيل الأوطار في الجزء الخامس صفحة (268) مسألة القرعة، فلو ذكرتم الحديث؛ لأن الطبعات تختلف.

الجواب: هناك طبعة قديمة جداً، وطبعة مشهورة التي بأيدي الناس هي التي أشرت إلى مكانها، والحديث يتعلق بقصة الرجلين اللذين جاءا يختصمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان فيما قال: (إنكم تختصمون، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له فإنما أقطع له قطعة من نار)، فكل واحد منهما تبرأ من الحق، وقال: ليس هو لي هو له، كل واحد يقول هو للثاني، فقال الرسول: أما وقد قلتما هذا فاقسماه قسمين، ثم استهما عليه، وكل يأخذ ما يخرج له، فأتى به عند هذا الحديث، وهو كما قلت في الصفحة التي أشرت إليها؛ الجزء الخامس صفحة (268).

حكم تكرار الآية في الركعة الواحدة أكثر من مرة

السؤال: ما حكم تكرار الآيات في الصلاة، أي: في الركعة أكثر من مرة، والتي فيها وعيد، أو غير ذلك؟الجواب: ما ينبغي للإنسان أن يكثر من التكرار، لكن إذا أعاد الآية مرة أو كذا فلا بأس به، لكن كونه يكرر ويردد ما ينبغي هذا.

حكم تكرار الصلاة على الجنازة أكثر من مرة

السؤال: هل تكرار صلاة الجنازة فوق المرتين جائز؟

الجواب: إذا كان المقصود بالسؤال هو كون الذي ما صلى يصلي فلا بأس من التكرار، ولو تكررت، يعني: مثلاً صلى عليه جماعة، ثم جاء أناس جماعة وصلوا عليه، ثم جاء أناس جماعة وصلوا عليه، وهكذا لا بأس بذلك، لكن كون الإنسان يكرر الصلاة عليه نفسه، طبعاً الذي جاء في الحديث الذي معنا أن الرسول لما قال لهم، وعاتبهم على كونهم لم يقولوا له، ثم قال: قوموا، فذهبوا معه، فيحتمل أن يكون الذين صلوا معه لم يصلوا، ويحتمل أنهم أعادوا الصلاة، فالمسألة محتملة، وإذا كان قبل الدفن فيمكن أن يصلى عليه، ما دام أنه لم يدفن، فالذي فاتته الصلاة يمكن أن يصلي عليه؛ لأن عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها لما مات سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه، طلبت منهم أن يحضروه عند باب حجرتها لتصلي عليه، فهو قد صلي عليه وهي تريد أن تصلي عليه، فالذي ما صلى يصلي، ولو تكررت الصلاة عليه؛ بأن جاءت جماعة وصلوا، ثم جاء جماعة ما صلوا وصلوا، وجماعة جاءوا بعد الدفن فصلوا لا بأس بذلك.

معنى بقيع الغرقد

السؤال: ما معنى بقيع الغرقد؟

الجواب: هو هذا البقيع الذي يدفن فيه المسلمون.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #576  
قديم 07-06-2022, 07:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الجنائز

(343)

- باب الصفوف على الجنازة - باب الصلاة على الجنازة قائماً

من السنة عند الصلاة على الجنازة أن يكون المأمومون صفوفاً وأن يكونوا قياماً ما لم يوجد عذر يمنع من قيامهم.
الصفوف على الجنازة

شرح حديث: (إن أخاكم النجاشي قد مات فقوموا فصلوا عليه فقام فصف بنا كما يصف على الجنازة ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [الصفوف على الجنازةأخبرنا محمد بن عبيد عن حفص بن غياث عن ابن جريج عن عطاء عن جابر رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن أخاكم النجاشي قد مات فقوموا فصلوا عليه، فقام فصف بنا كما يصف على الجنازة وصلى عليه)].
يقول النسائي رحمه الله: الصفوف على الجنازة، أي أنه عند الصلاة على الجنازة يكون المصلون صفوفاً ولو كان الصف أو المصلون يمكن أن يستوعبهم صف واحد في المسجد أو غيره، فإنه ينبغي أن تتعدد الصفوف فيكونون ثلاثة صفوف، وقد جاءت في ذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الأحاديث أنه صفهم وجعلهم ثلاثة صفوف، فدل هذا على تعدد الصفوف في صلاة الجنازة، وقد أورد النسائي جملة من الأحاديث لكن ليس في شيء منها ذكر ثلاثة صفوف، وإنما الذي أورده فيه ذكر الصفوف، وفيه ذكر الصفين وأنه جعلهم صفين، فدل ذلك على مشروعية التعدد بالنسبة للصفوف على الجنازة، وقد أورد النسائي حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام نعى لهم النجاشي في اليوم الذي مات فيه (فقام فصف بنا كما يصف على الجنازة فصلى عليه).
وقوله: [(صف)] هذا محل الشاهد، (صف بنا كما يصف على الجنازة)، يعني: أن هذه صلاة غائب، وأنه فعل في تلك الصلاة مثل ما يفعل في الصلاة الحاضرة، أي: أنه صلى صلاة الجنازة على الغائب كما يصلى على الحاضر، فصف بهم وصلى بهم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، والحديث دليل على مشروعية الصلاة على الغائب إذا كان لم يصل عليه كما حصل للنجاشي، وفيه: الصفوف للصلاة، وأن الصلاة على الغائب هي كالصلاة على الحاضر؛ يكبر أربع تكبيرات، كما يأتي ذلك مبيناً في بعض الروايات الآتية، أي: أنها أربع تكبيرات.

تراجم رجال إسناد حديث: (إن أخاكم النجاشي قد مات فقوموا فصلوا عليه فقام فصف بنا كما يصف على الجنازة ...)

قوله:
[أخبرنا محمد بن عبيد].
هو محمد بن عبيد المحاربي الكوفي، وهو صدوق، أخرج له أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن حفص بن غياث].
هو حفص بن غياث بن طلق بن معاوية الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن جريج].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، فقيه، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عطاء].
هو ابن أبي رباح المكي، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن جابر].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم الذين وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وجابر، وأنس، وأبو سعيد، وأم المؤمنين عائشة، فهؤلاء سبعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام ورضي الله عنهم وأرضاهم عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، والذي رووه من الأحاديث أكثر مما رواه غيرهم وهم ستة رجال وامرأة واحدة، رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين.

شرح حديث: (إن النبي نعى للناس النجاشي... ثم خرج بهم إلى المصلى فصف بهم ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد بن نصر حدثنا عبد الله عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: (إن النبي صلى الله عليه وسلم نعى للناس النجاشي اليوم الذي مات فيه، ثم خرج بهم إلى المصلى فصف بهم، فصلى عليه وكبر أربع تكبيرات)].أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أنه نعى لهم النجاشي أي: أخبرهم بموته، في اليوم الذي مات فيه، وهو في الحبشة [(ثم خرج بهم إلى المصلى فصف بهم، فصلى عليه، وكبر أربع تكبيرات)].

يعني: كانت صلاته على الغائب كصلاته على الحاضر، وفيه أيضاً دليل على أن الصلاة على الجنازة تكون في المصلى، وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم، إلى المصلى الذي يصلي فيه على الجنائز وهو خارج المسجد، فصلى على النجاشي، وقد عرفنا أن الصلاة في المسجد سائغة، وقد مر بنا الحديث الذي هو صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على ابن بيضاء في المسجد، كما جاء عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها.
والأصل أن الصلاة تكون في المصلى وهو خارج المسجد، وإذا صلي في المسجد فإن ذلك يكون سائغاً، ولا سيما فيما إذا كان الجمع في المسجد كثيراً، فإنه لا يتأتى اجتماعهم في مكان آخر غير المسجد، والصلاة في المسجد لها أصل ثابت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو حديث عائشة الذي مر بنا سابقاً، والذي تقول فيه أم المؤمنين عائشة: ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن بيضاء إلا في المسجد.

تراجم رجال إسناد حديث: (إن النبي نعى للناس النجاشي... ثم خرج بهم إلى المصلى فصف بهم ...)

قوله:
[أخبرنا سويد بن نصر].
هو سويد بن نصر المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي والنسائي.
[حدثنا عبد الله].
هو عبد الله بن المبارك المروزي، وعبد الله هنا غير منسوب، وكلما جاء عبد الله غير منسوب يروي عنه سويد بن نصر فهو عبد الله بن المبارك المروزي، وهو ثقة، ثبت، جواد، مجاهد، عابد، جمعت فيه خصال الخير كما قال ذلك الحافظ ابن حجر في ترجمته في تقريب التهذيب، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن مالك].
هو ابن أنس إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد أفراد السلسلة الذهبية التي هي أصح الأحاديث، أو التي إسنادها أصح الأسانيد عند البخاري وهي: مالك عن نافع عن ابن عمر.
[عن ابن شهاب].
هو الزهري محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله ببن الحارث بن زهرة بن كلاب يلتقي نسبه مع نسب الرسول صلى الله عليه وسلم بـكلاب بن مرة، وهو ثقة، فقيه، وإمام مشهور، وهو من صغار التابعين، ومكثر من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي قام بجمع السنة بتكليف من الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه، ويقول السيوطي في ألفيته بهذا الشأن:
أول جامع الحديث والأثر ابن شهاب آمر له عمر
والمقصود بالأولية هذه هي الأولية بتكليف من السلطان، أما كون الكتابة بجهود شخصية وبأعمال فردية فهذا موجود في الصحابة وفي غير الصحابة، وقد جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن عبد الله بن عمرو بن العاص كان يكتب وهو لا يكتب، وأنه كثير الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فإذاً: أولية الزهري في الكتابة إنما هي أولية بتكليف من السلطان لا أولية بجهد شخصي أو جهد فردي، وإنما هو بتكليف من ولي الأمر الذي هو الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه، وكانت خلافته في آخر القرن الأول، توفي سنة (101) للهجرة، وعمره حين توفي أي: عمر بن عبد العزيز أربعون سنة.
[عن سعيد بن المسيب].
ثقة، فقيه، ومن فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين؛ لأن هذه المدينة المباركة مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم اشتهر فيها في عصر التابعين سبعة أطلق عليهم: الفقهاء السبعة، فإذا جاء في مسألة من المسائل يقال فيها: وقال بها الفقهاء السبعة، ولا يذكرون أسماءهم اختصاراً واكتفاء بهذا اللقب، فأحد هؤلاء السبعة سعيد بن المسيب، وهم ستة متفق على عدهم السبعة والسابع فيه ثلاثة أقوال، والستة المتفق على عدهم هم: سعيد بن المسيب، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وخارجة بن زيد بن ثابت، وعروة بن الزبير بن العوام، وسليمان بن يسار، هؤلاء الستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، أما السابع ففيه ثلاثة أقوال:
فقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عنه عليه الصلاة والسلام، بل هو أكثر السبعة حديثاً على الإطلاق.
وأبو هريرة رضي الله تعالى عنه، أسلم في السنة السابعة من الهجرة عام خيبر، ولكنه كثر حديثه لعدة أسباب: منها: أنه كان ملازماً النبي عليه الصلاة والسلام؛ يأكل معه من طعامه إذا طعم، ويصحبه أين ذهب، فعندما يحدث النبي صلى الله عليه وسلم بحديث فإنه يتلقاه منه ويأخذ عنه، وكذلك أيضاً يأخذ عن الصحابة ما لم يسمعه من رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومن المعلوم أن مراسيل الصحابة حجة؛ لأنهم لا يروون إلا عن الصحابة.
ومن أسباب كثرة حديثه: أن النبي عليه الصلاة والسلام دعا له بقوة الحفظ، فكان يحفظ ما يسمعه من رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومنها: أنه كان مقيماً في المدينة، وقد عمر وعاش مدة طويلة في المدينة، والمدينة يفد إليها الناس الزائرون، وفي طريقهم إلى الحج ذاهبين وآيبين، ومن المعلوم أن أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام إذا كان واحد منهم في بلد ومر أحد في ذلك البلد، فإن من أهم مطالبه ومن أهم ما يريده أن يظفر برؤية ذلك الصحابي وبلقي ذلك الصحابي، فيتلقى منه ويأخذ عنه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذه عدة عوامل جعلت أبا هريرة رضي الله عنه -وإن كان متأخر الإسلام- كثير الحديث، ومن ذلك: ما يسمعه من الصحابة الذين سمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عن الصحابة أجمعين.

شرح حديث: (نعى رسول الله النجاشي ... فصفوا خلفه ...) من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال (نعى رسول الله صلى الله عليه وسلم النجاشي لأصحابه بالمدينة فصفوا خلفه، فصلى عليه وكبر أربعاً) قال أبو عبد الرحمن: ابن المسيب إني لم أفهمه كما أردت].
أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله عنه من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله؛ نعى لهم النبي صلى الله عليه وسلم النجاشي في اليوم الذي مات فيه (فصفوا خلفه فصلى عليه وكبر عليه أربعاً).
وقوله: (فصفوا خلفه) هذا محل الشاهد، يعني: صفوا خلفه، وصلى بهم وكبر أربع تكبيرات، فالمتن مثل الذي قبله.

تراجم رجال إسناد حديث: (نعى رسول الله النجاشي ... فصفوا خلفه ...) من طريق ثانية

قوله:
[أخبرنا محمد بن رافع].
هو النيسابوري القشيري وهو من شيوخ مسلم ومن قبيلة مسلم وهو من بلد مسلم، فـمسلم قشيري نيسابوري؛ قشيري من حيث القبيلة، ونيسابوري من حيث البلد، ومحمد بن رافع شيخه مثله، أي: أن الكل من نيسابور، والكل من بني قشير، فـمحمد بن رافع هذا قشيري نيسابوري، وهو ثقة، عابد، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً، وهو ممن أكثر عنه الإمام مسلم في صحيحه، بل إن صحيفة همام بن منبه التي روى مسلم في صحيحه منها أحاديث كثيرة إنما أخرجها من هذه الطريق، وهي محمد بن رافع عن عبد الرزاق عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة فالأحاديث التي أخرجها أو رواها الإمام مسلم من صحيفة همام بن منبه التي تبلغ مائة وأربعين حديثاً رواية مسلم إياها إنما هو من طريق شيخه محمد بن رافع.
[حدثنا عبد الرزاق].
هو ابن همام الصنعاني اليماني المحدث، الحافظ، المصنف، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وقد وصف بالتشيع، ولكن التشيع الذي وصف به لا يضيره شيئاً؛ لأن المقصود منه أنه يفضل علياً على عثمان رضي الله تعالى عن الجميع، ومسألة تفضيل علي على عثمان هذه من المسائل التي لا يبدع من يقول بها ولا يضلل، والمشهور عن أهل السنة تقديم عثمان على علي، ولكن بعض أهل السنة -وهم قليلون- منهم عبد الرزاق هذا ومنهم عبد الرحمن بن أبي حاتم الإمام ابن الإمام، ومنهم: الأعمش، ومنهم: ابن جرير.
أشخاص قليلون جاء عنهم القول بتفضيل علي على عثمان من حيث الفضل لا أنه أولى منه بالخلافة؛ لأن كون عثمان أولى بالخلافة هذا محل اتفاق، ولا يخالف في ذلك أحد، والمخالف في ذلك يضلل؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم اتفقوا على تقديم عثمان على علي، فالقول بأنه أحق منه بالخلافة اعتراض على اتفاق الصحابة وعلى تقديم الصحابة إياه، أما مسألة الفضل، وأنه أفضل منه فإن الذين قالوا بذلك لا يبدعون ولا يضللون وإن كان قولهم خلاف المشهور من قول أهل السنة والجماعة، وهو تفضيل عثمان على علي كما جاء في صحيح البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه، أنه قال:
(كنا نخير ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي فنقول: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان فيبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ولا ينكره) فدل على تقديم عثمان على علي في الفضل وأن من خالف في ذلك من أهل السنة فقدم علي على عثمان في الفضل فإنه لا يبدع، ولا يضلل ولا يضيره شيئاً، فإذاً: فالتشيع الذي نسب إلى عبد الرزاق وهو من هذا القبيل لا يضره.
[أخبرنا معمر].
هو ابن راشد الأزدي البصري، نزيل اليمن، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري].
وقد مر ذكره.
[عن سعيد بن المسيب].
وقد مر ذكره.
[وأبي سلمة].
هو ابن عبد الرحمن بن عوف، وهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع والذين أشرت إليهم آنفاً.
[عن أبي هريرة].
وقد مر ذكره.
وقول أبي عبد الرحمن النسائي في آخره: (ابن المسيب لم أفهمه كما أردت)، المقصود من ذلك أنه لم يكن جازماً بأن ابن المسيب هو في هذا الإسناد من هذا الطريق، وإن كان عنده من الطريق السابقة التي هي غير طريق محمد بن رافع، لكن طريق محمد بن رافع هو جازم بأن الحديث من طريق أبي سلمة ولكنه لم يجزم بأن ابن المسيب فيه.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #577  
قديم 07-06-2022, 07:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح حديث: (... إن أخاكم قد مات فقوموا فصلوا عليه فصففنا عليه صفين)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا علي بن حجر أخبرنا إسماعيل عن أيوب عن أبي الزبير عن جابر رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن أخاكم قد مات فقوموا فصلوا عليه فصففنا عليه صفين)].أورد النسائي حديث جابر رضي الله عنه وأرضاه أن النبي عليه الصلاة والسلام أخبرهم بموت النجاشي، وأنه خرج وصلى بهم، وأنه جعلهم صفين، وهذا محل الشاهد، وهو تعدد الصفوف، وأنه جعلهم صفين، المهم أن الصفوف تتكرر وتتعدد، والأولى أن تكون ثلاثة، وفي هذا الحديث أنه جعلهم صفين فذلك سائغ، ولكن كونها ثلاثة هو الأولى كما جاء ذلك في بعض الأحاديث حيث صفهم وجعلهم ثلاثة صفوف.

تراجم رجال إسناد حديث: (... إن أخاكم قد مات فقوموا فصلوا عليه فصففنا عليه صفين)

قوله:
[أخبرنا علي بن حجر].
هو ابن إياس السعدي المروزي، وهو ثقة، حافظ، أخرج له البخاري ومسلم والترمذي والنسائي، بل إن مسلماً أكثر من الرواية عنه. وعلي بن حجر ومحمد بن رافع هذان ممن أكثر عنهما الإمام مسلم في صحيحه.
[أخبرنا إسماعيل].
هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم المشهور بـابن علية، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أيوب].
هو ابن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة أيضاً.
[عن أبي الزبير].
هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي، وهو صدوق، يدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن جابر].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري وقد مر ذكره.

شرح حديث: (كنت في الصف الثاني يوم صلى رسول الله على النجاشي..) من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا أبو داود سمعت شعبة يقول: الساعة يخرج .. الساعة يخرج حدثنا أبو الزبير عن جابر رضي الله تعالى عنه قال: (كنت في الصف الثاني يوم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على النجاشي)].أورد النسائي حديث جابر بن عبد الله من طريق أخرى، وفيه أنه كان في الصف الثاني من الصفين في الصلاة على النجاشي، وهو مثل الذي قبله قال: جعلهم صفين، وهنا بين مكانه من الصفين، وأنه في الثاني منهما، ففي تعدد الصفوف في الصلاة على الجنازة.

تراجم رجال إسناد حديث: (كنت في الصف الثاني يوم صلى رسول الله على النجاشي ...) من طريق ثانية

قوله:
[أخبرنا عمرو بن علي].
هو عمرو بن علي الفلاس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[حدثنا أبو داود].
هو سليمان بن داود الطيالسي، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[سمعت شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي، ثم البصري، وقد وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[الساعة يخرج الساعة يخرج].
جاء في الإسناد عن شعبة أنه قال: الساعة يخرج الساعة يخرج، وقيل: الظاهر أن المراد من هذا الكلام أنهم كانوا عند منزل أبي الزبير ينتظرون خروجه ليحدثهم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنهم كانوا يقولون: الساعة يخرج.. الساعة يخرج، فخرج وحدثهم، فهذا هو المقصود مما جاء في الإسناد من كلمة: (الساعة يخرج .. الساعة يخرج) أي: المقصود بذلك أبو الزبير.
[حدثنا أبي الزبير عن جابر].
مر ذكرهما في الإسناد الذي قبل هذا.

حديث: (... إن أخاكم النجاشي قد مات فقمنا فصففنا عليه كما يصف على الميت ...) من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا بشر بن المفضل حدثنا يونس عن محمد بن سيرين عن أبي المهلب عن عمران بن حصين قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أخاكم النجاشي قد مات، فقوموا فصلوا عليه، قال: فقمنا فصففنا عليه، كما يصف على الميت، وصلينا عليه كما يصلي على الميت)].أورد النسائي حديث عمران بن حصين رضي الله عنه، وهو مثل الأحاديث التي تقدمت؛ فيها نعي النجاشي، وأمرهم بالصلاة عليه، وأنه قام وصف بهم، وصلى عليه كما يصلى على الميت، وصف بهم كما يصف على الميت، أي: أن صلاة الغائب كصلاة الحاضر، أي: أن الصلاة على الغائب كالصلاة على الحاضر.
قوله: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود].
هو إسماعيل بن مسعود البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا بشر بن المفضل].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يونس].
هو ابن عبيد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن سيرين].
ثقة أيضاً، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي المهلب].
هو الجرمي واسمه عمرو وهو عم أبي قلابة الجرمي، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عمران بن حصين].
هو عمران بن حصين أبي نجيد، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.


الصلاة على الجنازة قائماً

شرح حديث: (... فقام رسول الله في الصلاة في وسطهما)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [الصلاة على الجنازة قائماً. أخبرنا حميد بن مسعدة عن عبد الوارث حدثنا حسين عن ابن بريدة عن سمرة رضي الله عنه قال: (صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم كعب ماتت في نفاسها، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة في وسطها)].
ثم أورد النسائي الصلاة على الجنازة قائماً، يعني: أن المصلين يصلون عن قيام، والإمام يصلي وهو قائم، وغيره يصلون قياماً، إلا إذا كان هناك أمر عدم القدرة؛ فالإنسان كما يصلي الفرض جالساً حيث لا يقدر فإنه يصلي جالساً، ولكن المشروع في السنة في الجنازة أنه يصلى عليها عن قيام ولا يصلى عليها عن جلوس.
وقد أورد النسائي حديث سمرة بن جندب رضي الله تعالى عنه، أنه صلى على أم كعب مع النبي صلى الله عليه وسلم حين ماتت في نفاسها، (فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة في وسطها)، يعني: أنه وقف عند وسطها، وهذه هي السنة في الوقوف على الجنازة أنه عندما يصلي على المرأة يقف عند وسطها، أما إذا صلى على الرجل فإن السنة أن يقف عند رأسه، وهذا من الأحكام التي تختلف فيها النساء عن الرجال؛ لأن الأصل هو التساوي بين الرجال والنساء في الأحكام إلا إذا جاءت نصوص تميز ما يختص به الرجال عن النساء والنساء عن الرجال، وهذا من هذا القبيل الذي فيه اختلاف النساء عن الرجال في الأحكام، وهذا في الموقف في الصلاة على الجنازة؛ فالرجل يوقف عند رأسه، والمرأة يوقف عند وسطها، ومحل الشاهد من هذا أن النبي قام في وسط المرأة -أي: أنه كان محاذياً لوسطها- وأنه صلى على الجنازة قائماً.

تراجم رجال إسناد حديث: (... فقام رسول الله في الصلاة في وسطهما)

قوله:
[أخبرنا حميد بن مسعدة].
هو حميد بن مسعدة البصري، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عبد الوارث].
هو عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان العنبري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا حسين].
هو ابن ذكوان المعلم، وهو ثقة، ربما وهم، وقد أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن بريدة].
هو عبد الله بن بريدة بن الحصيب المروزي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وابن بريدة يطلق على شخصين عبد الله هذا وسليمان، وقد ذكر الحافظ ابن حجر في آخر التقريب أنه إذا جاء في الأسانيد ابن بريدة غير مسمى، فإنه إن كان الراوي عنه الأعمش، أو محمد بن جحادة، أو محارب بن دثار وعلقمة بن مرثد، فإنه يعتبر سليمان، وما عدا أولئك فإنه يكون عبد الله بن بريدة.
[عن سمرة].
هو سمرة بن جندب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.


الأسئلة

كيفية وضع الجنازتين لرجل وامرأة وموقف الإمام منهما

السؤال: يا شيخ حفظكم الله! إذا اجتمع رجل وامرأة في صلاة الجنازة كيف يكون موقف الإمام؟


الجواب: إذا اجتمع رجل وامرأة في صلاة الجنازة، فإن رأس الرجل يكون محاذياً لوسط المرأة يعني: يجعل الرجل يلي الإمام ثم وراءه المرأة، ويجعل رأس الرجل محاذياً لوسط المرأة، بحيث إذا وقف عند رأسه يكون واقفاً عند وسطها.


حكم صلاة المأموم مع الإمام خلف الصف منفرداً

السؤال: حفظكم الله! ما حكم صلاة المأموم خلف الإمام مع الجماعة خلف الصف منفرداً؟الجواب: لا يجوز للإنسان أن يصلي وحده ويكون صافاً وحده؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا صلاة لمنفردٍ خلف الصف)، فلا يجوز للإنسان أن يصلي وحده ويكون صافاً، وإنما يبحث أو ينتظر أحد يصلي ويصطف معه، ويمكن أن يتقدم ويصلي بجوار الإمام عن يمينه، وإن وجد فرجة دخل بها، وإذا لم يتمكن من أن يصل إلى الإمام وليس هناك أحد يأتي، وكان الأمر دائراً بين أن يصلي جماعة أو تفوته الصلاة، فإنه عند ذلك يكون مضطراً، فله أن يصلي وحده في هذه الحالة.

وجود جدار يفصل بين المأمومين في الصف الواحد

السؤال: حفظكم الله! إذا صلى ركعة فجاء بعض الناس فصف معه بعد أن أتم ركعة، وكذلك إذا صلى وبينه وبين الصف جدار فصلى خلف الجدار منفرداً؟


الجواب: كون هناك جدار يفصل بين الصف لا يؤثر، ولا يمنع الائتمام وجود جدار بين بعض المأمومين بعضهم عن بعض ما دام أنه يتمكن من المتابعة ويسمع الصوت، والصفوف متصلة ومتقاربة.

زمن تسليم المأمومين في الصلاة بعد تسليم الإمام

السؤال: كثير من الناس يسلمون عند انتهاء الصلاة حين ينتهي الإمام من التسليمتين الاثنتين، فما هي السنة في هذا؟


الجواب: المأمومون يسلمون بعد انتهاء التسليمة الثانية من تسليمة الإمام، هذا هو الذي عليهم أن يفعلوه، يعني: إذا فرغ الإمام من التسليمتين يبدأون بالتسليم.

حكم تسمية الولد بعبد الباقي ونحوه

السؤال: هل تجوز التسمية بعبد الباقي ونحوه؟

الجواب: أسماء الله الحسنى يسمى بها، والإنسان عليه إذا أراد أن يسمي بأسماء الله أن يبحث وأن يسأل عن أسماء الله ويسمي بواحد منها، وأما ما لم يرد فيه شيء من أسماء الله عز وجل، ولكن المقصود به الله عز وجل، فمثل هذه الألفاظ، أنا ما أدري الباقي هل هي موجودة في أسماء الله الحسنى أو ليست موجودة، لكن الباقي هو الله عز وجل، وإذا سمي وأريد به الله فالأمر في ذلك واضح أنه سائغ؛ لأنه إنما سمي أو عبد لله عز وجل، ولم يعبد لغيره، لكن الاختيار عند التسمية ينبغي أن يكون الإنسان على علم بالاسم الذي يسمي به أو يجعل المولود معبداً له.
فالكلام على كلمة اسم الباقي مثلما يقال: الحي القيوم؛ فالله تعالى هو الباقي لا شك، الله تعالى هو الذي يبقى، لكن هل ورد في أسماء الله الحسنى؟ لأن أسماء الله توقيفية لا يقال: إن من أسمائه كذا، ولا نشتق له اسماً من الصفات، فالله تعالى متصف بالبقاء لا شك، باق لا ينتهي، لكن هل من أسماء الله الحسنى الباقي؟ فأنا لا أتذكر أنه ورد نص في ذلك.

حكم التكني بأبي رافع

السؤال: حفظكم الله! حكم التكني بأبي رافع؟

الجواب: ما نعلم شيئاً يمنع منها.

معنى سوق الهدي

السؤال: حفظكم الله! ما معنى سوق الهدي؟ وهل سوق الهدي يمنع من التمتع وما السبب؟

الجواب: الإنسان إذا ساق الهدي، أو إذا أراد أن يسوق الهدي، فإنه يحرم بالقران كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسوقه هو الذهاب به سواء كان يمشي أو محمولاً إذا حمله الناس في سياراتهم؛ فهذا أيضاً يدخل تحت سوقه؛ لأن الأصل سوق الهدي، وأن الناس يسوقون قبل ذلك إن كان الهدي يمشي، ولكن لو حصل أنه حمل في سيارة يدخل تحت سوق الهدي، فالإنسان الذي يريد أن يسوق هدياً فإنه يحرم بالقران كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

جواز الصفوف الثلاثة ولو كان العدد قليل

السؤال: حفظكم الله! هل تشرع الصفوف الثلاثة ولو كان العدد قليل؟

الجواب: نعم ولو كان العدد قليلا؛ لأنه جاء في بعض الأحاديث أنه كان معه سبعة فجعلهم ثلاثة صفوف، الصف الأول ثلاثة، ثم اثنين، ثم اثنين.
وأما قضية تكثيرها ما أعلم شيئاً يدل عليه، ولكن كونها تصير ثلاثة جاءت به السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.

استخدام الكحول لمداواة الجروح

السؤال: حفظكم الله! هل يجوز أن يداوى الجرح بالكحول؟


الجواب: الجرح كما هو معلوم يداوى بما ليس بحرام، لكن إذا كان هذا الكحول مع شيء آخر وهو الغالب فلا بأس بذلك.

ما يميز داخل المسجد عن خارجه باعتبار الباب

السؤال: حفظكم الله! الذي يصلي في جهة باب السلام عند الصناديق خارج الباب، لكن داخل تحت المظلة؟

الجواب: العبرة هو الباب، هو الحد الفاصل بين داخل المسجد وخارجه، فمكان الباب هو الفاصل، والبرحة التي خارجه وإن كانت مغطاة لا تعتبر من المسجد لأنها خارج المسجد؛ لأن الباب إذا أغلق فإن ما وراءه يعتبر خارجاً عن المسجد وما دونه يعتبر داخلاً في المسجد.

اشتراك البنات مع الذكور في سنة حلق الرأس

السؤال: حفظكم الله، هل تشترك البنات مع الأولاد مع الذكور في سنة حلق الرأس، وهل هي من الأحكام التي لا تنطبق عليهن؟


الجواب: لا أدري بالنسبة للنساء؛ هو ورد بالنسبة للذكور.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #578  
قديم 07-06-2022, 07:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الجنائز

(344)

- (باب اجتماع جنازة صبي وامرأة) إلى (باب عدد التكبير على الجنازة)

لكل نوع من أنواع الصلوات هيئات وصفات تختص بها، من ذلك صلاة الجنازة، فقد بين الشرع الحكيم صفاتها، منها موقف الإمام من الجنازة عند الصلاة عليها، فيقف عند رأس الرجل ووسط المرأة، فإذا كان معهم صبي أو أكثر فيقدم الرجل مما يلي الإمام ثم الصبي ثم المرأة، ويكبر عليها أربع تكبيرات أو خمساً، إلا أن الأربع هي أكثر فعل النبي عليه الصلاة والسلام.
اجتماع جنازة صبي وامرأة

شرح حديث عمار: (حضرت جنازة صبي وامرأة فقدم الصبي مما يلي القوم ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [اجتماع جنازة صبي وامرأة. أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد، حدثنا أبي، حدثنا سعيد، حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن عطاء بن أبي رباح، عن عمار رضي الله تعالى عنه قال: (حضرت جنازة صبي وامرأة فقدم الصبي مما يلي القوم ووضعت المرأة وراءه فصلى عليهما، وفي القوم أبو سعيد الخدري، وابن عباس، وأبو قتادة، وأبو هريرة رضي الله تعالى عنهم، فسألتهم عن ذلك فقالوا: السنة)].
يقول النسائي رحمه الله: اجتماع جنازة صبي وامرأة. أي: إذا اجتمع جنازة صبي وامرأة فأيها يكون أقرب إلى الإمام، وأيها يكون إلى جهة القبلة، يعني: مما يلي الإمام، هذا هو مقصود النسائي في الترجمة، والحكم بالنسبة لاجتماع الرجال والنساء والصبيان أنهم يرتبون في القرب من الإمام كترتيبهم في الصلاة، كما أنه إذا حضر رجال وصبيان ونساء، فالرجال هم المقدمون، ثم يليهم الصبيان، ثم يليهم النساء، فكذلك في صلاة الجنازة يقدم إلى الإمام الرجال، ثم يليه الصبيان ثم يلي ذلك النساء إلى جهة القبلة، والترجمة هي اجتماع صبي وامرأة، وأنه يكون الصبي إلى جهة الإمام، والمرأة إلى جهة القبلة فتكون وراءه، وقد أورد النسائي في هذا حديث جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم ابن عباس، وأبو هريرة، وأبو سعيد، وأبو قتادة الأنصاري رضي الله تعالى عنهم، أنهم سئلوا في تقديم الصبي إلى جهة الإمام والمرأة وراءه فقالوا: السنة، أي: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصحابي إذا أطلق السنة، أو قال: من السنة، أو قال: هذا هو السنة، فيعني بذلك سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ويكون له حكم الرفع، أي: أنه من قبيل المرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن السنة إذا أطلقت، وقيل: من السنة كذا، فإن المراد بذلك سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
والنسائي أورد هذا الحديث الذي هو حديث هؤلاء الجماعة من الصحابة، وقد ذكر عمار وهو ابن أبي عمار مولى بني هاشم أنه حضرت جنازة صبي وامرأة، فصار الصبي من جهة الإمام، والمرأة وراءه أي: إلى جهة القبلة، وكان في القوم أي: الذين صلوا هؤلاء الصحابة الأربعة، فسألهم فقالوا: السنة، أي: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إذاً: هذا الحديث جاء عن جماعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، ورضي الله عنهم وأرضاهم، وبينوا أن جنازة الغلام تلي الإمام، وجنازة المرأة تكون وراءه إلى جهة القبلة فيما إذا اجتمعت جنازة صبي وامرأة، هذا هو السنة كما جاء عن جماعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، لما سئلوا عن ذلك فقالوا: السنة، أي: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

تراجم رجال إسناد حديث عمار: (حضرت جنازة صبي وامرأة فقدم الصبي مما يلي القوم ...)

قوله:
[أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد].
هو محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي، وابن ماجه.
[حدثنا أبي].
هو عبد الله بن يزيد المكي المقرئ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سعيد].
هو ابن أبي أيوب المصري، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثني يزيد بن أبي حبيب].
هو يزيد بن أبي حبيب المصري، وهو ثقة، فقيه، يرسل، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عطاء بن أبي رباح].
هو عطاء بن أبي رباح المكي، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمار].
هو ابن أبي عمار مولى بني هاشم، وهو صدوق ربما وهم، وحديثه أخرجه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[أبو سعيد الخدري، وابن عباس، وأبو هريرة، وأبو قتادة].
هؤلاء أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: إن هذا هو السنة، أي: سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، فأبو سعيد هو سعد بن مالك بن سنان الخدري، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وابن عباس كذلك ابن عبد المطلب وهو أحد السبعة، وأبو هريرة كذلك عبد الرحمن بن صخر الدوسي وهو أكثر السبعة حديثاً، فهؤلاء ثلاثة من الذين عرفوا بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، وأبو قتادة هو الحارث بن ربعي الأنصاري رضي الله عنه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.


اجتماع جنائز الرجال والنساء

شرح حديث: (أن ابن عمر صلى على تسع جنائز جميعاً فجعل الرجال يلون الإمام ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [اجتماع جنائز الرجال والنساء. أخبرنا محمد بن رافع، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج قال (سمعت نافعاً يزعم أن ابن عمر صلى على تسع جنائز جميعاً، فجعل الرجال يلون الإمام والنساء يلين القبلة، فصفهن صفاً واحداً، ووضعت جنازة أم كلثوم بنت علي رضي الله تعالى عنه، امرأة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، وابن لها يقال له: زيد وضعا جميعاً والإمام يومئذ سعيد بن العاص وفي الناس ابن عمر، وأبو هريرة، وأبو سعيد، وأبو قتادة، فوضع الغلام مما يلي الإمام، فقال رجل: فأنكرت ذلك فنظرت إلى ابن عباس، وأبي هريرة، وأبي سعيد، وأبي قتادة فقلت: ما هذا؟ قالوا: هي السنة)].
أورد النسائي رحمه الله حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي اجتماع جنازة الرجال والنساء، فأيها يقدم، أو كيف توضع؟ وقد عرفنا أن الرجال يوضعون إلى جهة الإمام مما يلي الإمام، والنساء يكن وراءهم إلى جهة القبلة، بمعنى أن الرجال يصفون وتكون رءوسهم متساوية، ثم تصف النساء وراءهم إلى جهة القبلة، وتكون صفوفهن متساوية إلا أن أوساطهن تكون محاذية لرءوس الرجال، كما هي السنة في وقوف الإمام عند الرجل والمرأة، فهو يقف عند رأس الرجل، ويقف عند وسط المرأة، فتكون جنازة الرجال إلى جهة النساء وهم على نسق واحد رءوسهم متساوية، فهذه هي السنة فيما يتعلق بوضع الرجال والنساء.
وذكر أن ابن عمر حضر تسع جنائز، ليصلي عليها، فوضعوا بهذا الترتيب أو بهذا الوضع الذي هو الرجال يلون الإمام، والنساء إلى جهة القبلة، وكذلك أيضاً جنازة أم كلثوم بنت علي امرأة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وابنها، وقد أحضروا فقدم الغلام إلى جهة الإمام، وهي إلى جهة القبلة، وفي الذين حضروا رجل كأنه أنكر ذلك، فنظر وإذا في القوم أربعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام وهم ابن عباس، وأبو سعيد، وأبو هريرة، وأبو قتادة فقالوا: هذا هو السنة.
والذي سبق أن مر، أو في الحديث الأول عمار بن أبي عمار هو الذي ظهر منه السؤال عن ذلك أو إنكار ذلك، ولكنه أخبر بأن هذه سنة رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن ابن عمر صلى على تسع جنائز جميعاً فجعل الرجال يلون الإمام ...)

قوله:
[أخبرنا محمد بن رافع].
هو القشيري النيسابوري، وهو ثقة، عابد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن عبد الرزاق].
هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني، وهو ثقة، حافظ، مصنف، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن جريج].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة فقيه، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن نافع].
هو مولى ابن عمر، وهو ثقة ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[يزعم أن ابن عمر].
وكلمة: (يزعم) هنا المقصود بها الخبر المحقق؛ لأن كلمة الزعم تأتي لمعان، وأحياناً تأتي ويراد بها الخبر المحقق، أي: يخبر خبراً محققاً بأن ابن عمر حصل له كذا وكذا.
[ابن عمر].
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي آخر الحديث ذكر الأربعة من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، وهم الذين جاء عنهم بيان أن الغلام يقدم إلى جهة الإمام والمرأة تكون إلى جهة القبلة، وأن هذا هو سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، والذي يفهم ويبدو من الحديث أن فيه واقعتين: واقعة فيها رجال ونساء اجتمعوا، وعبد الله بن عمر هو الذي يصلي بالناس، وأن الرجال إلى جهة الإمام، والنساء إلى جهة القبلة، والقصة الثانية قصة الصبي والمرأة، والصبي هو ابن أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب زوجة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، وفيه تقديم الصبي إلى جهة الإمام والمرأة إلى جهة القبلة، وأن ذلك هو السنة كما جاء عن أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث: (أن رسول الله صلى على أم فلان... فقام في وسطها)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا علي بن حجر، أخبرنا ابن المبارك والفضل بن موسى (ح) وأخبرنا سويد، أخبرنا عبد الله، عن حسين المكتب، عن عبد الله بن بريدة، عن سمرة بن جندب رضي الله تعالى عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على أم فلانة ماتت في نفاسها فقام في وسطها)].أورد النسائي رحمه الله حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه (أن النبي عليه الصلاة والسلام صلى على جنازة أم فلانة فقام في وسطها)، يعني: هذا فيه الموقف بالنسبة للمرأة، وأنه يكون في وسط المرأة، وهذا بخلاف الرجل، فإن الإمام يقف عند رأسه.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله صلى على أم فلان... فقام في وسطها)

قوله:
[أخبرنا علي بن حجر].
هو ابن إياس السعدي المروزي، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[أخبرنا ابن المبارك].
هو عبد الله بن المبارك المروزي، وهو ثقة ثبت، جواد، مجاهد، عابد، جمعت فيه خصال الخير كما قال ذلك الحافظ ابن حجر في ترجمته في تقريب التهذيب، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ والفضل بن موسى].
هو الفضل بن موسى المروزي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قال النسائي: (ح) أي: هذا الحرف يدل على التحول من إسناد إلى إسناد.
[وأخبرنا سويد بن نصر].
هو سويد بن نصر المروزي، وهو ثقة، أخرج له الترمذي، والنسائي.
[عن عبد الله].
هو ابن المبارك وهو الذي في الإسناد الأول.
[عن حسين المكتب].
هو حسين بن ذكوان المعلم، ويقال له: المكتب، وهو ثقة، ربما وهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن بريدة].
هو عبد الله بن بريدة بن الحصيب المروزي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سمرة].
هو سمرة بن جندب بن جنادة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.


عدد التكبير على الجنازة

شرح حديث: (... نعى للناس النجاشي ... وكبر أربع تكبيرات)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [عدد التكبير على الجنازة.أخبرنا قتيبة، عن مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى للناس النجاشي، وخرج بهم، فصف بهم، وكبر أربع تكبيرات)].
أورد النسائي رحمه الله هذه الترجمة وهي: عدد التكبير على الجنازة. والصلاة على الجنازة فيها تكبيرات أقلها أربع وأعلاها تسع، وقد جاء في ذلك أحاديث ذكرها الشيخ الألباني في كتابه أحكام الجنائز، لكن الذي جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم كثيراً، وجاء عن الخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم هو أربع تكبيرات.
وقد أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله عنه في قصة الصلاة على النجاشي، وأن النبي عليه الصلاة والسلام نعى لهم النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وخرج وصلى بهم فكبر أربعاً، وهذا هو المقصود من إيراد الحديث هنا؛ لأن الحديث دال على التكبير على الجنازة أربع تكبيرات، وذلك في صلاة الغائب، وأن صفة الصلاة على الميت الغائب كصفة الصلاة على الميت الحاضر، وأن عدد التكبيرات أربع تكبيرات.

تراجم رجال إسناد حديث: (... نعى للناس النجاشي ... وكبر أربع تكبيرات)

قوله: [أخبرنا قتيبة].
هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مالك].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، وهو ثقة، فقيه، مكثر من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو من صغار التابعين الذين أدركوا صغار الصحابة، وأخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد].
هو ابن المسيب المدني، وهو ثقة، فقيه، أحد الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، بل هو أكثر السبعة حديثاً على الإطلاق.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #579  
قديم 07-06-2022, 07:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح حديث: (... فأتى قبرها فصلى عليها وكبر أربعاً)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة، حدثنا سفيان، عن الزهري، عن أبي أمامة بن سهل رضي الله تعالى عنه، قال: (مرضت امرأة من أهل العوالي، وكان النبي صلى الله عليه وسلم، أحسن شيء عيادة للمريض، فقال صلى الله عليه وسلم: إذا ماتت فآذنوني، فماتت ليلاً فدفنوها، ولم يعلموا النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أصبح سأل عنها، فقالوا: كرهنا أن نوقظك يا رسول الله، فأتى قبرها فصلى عليها، وكبر أربعاً)].أورد النسائي رحمه الله حديث أبي أمامة بن سهل بن حنيف في قصة المرأة التي كانت قد مرضت، وهي من المساكين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعودها وقال: إذا ماتت فأخبروني، فماتت ليلاً، وكرهوا أن يوقظوا الرسول عليه الصلاة والسلام، وأن يشقوا عليه، فدفنوها في الليل، فلما علم بذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام، ذهب ووقف على قبرها، وصلى عليها، وكبر أربع تكبيرات، وهذا هو محل الشاهد؛ أن الجنازة عندما يصلى عليها يكبر أربع تكبيرات، والحديث سبق أن مر في عدة تراجم سابقة.

تراجم رجال إسناد حديث: (... فأتى قبرها فصلى عليها وكبر أربعاً)

قوله:
[أخبرنا قتيبة].
قد مر ذكره.
[حدثنا سفيان].
هو ابن عيينة المكي وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو غير منسوب هنا، فإذا جاء غير منسوب يروي عن قتيبة فالمراد به ابن عيينة، وكذلك إذا جاء سفيان يروي عن الزهري وهو غير منسوب فالمراد به ابن عيينة؛ لأن ابن عيينة هو المعروف بكثرة الرواية عن الزهري، بل قد ذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري أن الثوري لا يروي عن الزهري إلا بواسطة.
[عن أبي أمامة بن سهل].
هو أبو أمامة بن سهل بن حنيف واسمه أسعد، وهو من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث زيد بن أرقم: (أنه صلى على جنازة فكبر عليها خمساً...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي، حدثنا يحيى، حدثنا شعبة، حدثني عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى (أن زيد بن أرقم رضي الله تعالى عنه، صلى على جنازة فكبر عليها خمساً، وقال: كبرها رسول الله صلى الله عليه وسلم)].وهنا أورد النسائي رحمه الله حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه (أنه صلى على جنازة فكبر عليها خمساً، وقال: كبرها رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي: كبر هذه التكبيرات رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا يدلنا على أن الجنازة يكبر عليها أربعاً ويكبر عليها خمساً، وكذلك يكبر عليها أكثر من ذلك إلى تسع، كما جاء في ذلك الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، لكن الغالب من فعله عليه الصلاة والسلام، والذي كان يفعله كثيراً، وفعله الخلفاء الراشدون من بعده أنه يكبر عليها أربع تكبيرات.

تراجم رجال إسناد حديث زيد بن أرقم: (أنه صلى على جنازة فكبر عليها خمساً...)

قوله:
[أخبرنا عمرو بن علي].
هو عمرو بن علي الفلاس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[حدثنا يحيى].
هو ابن سعيد القطان، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثني عمرو بن مرة].
هو عمرو بن مرة الكوفي المرادي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن أبي ليلى].
هو عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أن زيد بن أرقم... ].
صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو صحابي مشهور، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.


الأسئلة

وجه إقرار العلماء بمشروعية الإفراد في الحج

السؤال: حفظكم الله، لماذا ذهب أهل العلم إلى أن التمتع هو الأفضل وأقروا بالإفراد، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم نسخ الإفراد وأمر أمراً جازماً لمن كان مفرداً ولم يسق الهدي أن يحل، حتى أنه غضب لما رأى من الصحابة عدم الاستجابة لأول مرة، وقال: (مالي آمر ولا يستجاب؟ وقال: لولا أني سقت الهدي، لفعلت مثل الذي أمرتكم به)، فهذا أمر من النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان للأفضلية لما غضب وأمرهم أمراً جازماً فأحلوا كلهم ما عدا المقرنين؟ نرجو التفصيل بارك الله فيك.


الجواب: هذه المسألة وهي قضية التمتع هل هو واجب أو مستحب مسألة خلافية بين أهل العلم، بعض أهل العلم، ومنهم ابن عباس قالوا بوجوب التمتع، وأنه ليس لأحد أن يأتي إلا إذا ساق هدياً، فإنه يقرن، أو يفرد إذا ساق الهدي، أما إذا لم يسق هدياً، فإنه يجب عليه أن يتمتع، وقال بذلك من أهل العلم ابن القيم، وقال جمهور أهل العلم: إن التمتع مستحب، وأن القران والإفراد جائزان مع عدم سوق الهدي، وأوضحوا دليلاً لهم على ذلك بفعل الخلفاء الراشدين الثلاثة أبي بكر، وعمر، وعثمان، فإنهم كانوا يفردون، ولم يكونوا يتمتعون، فدل فعل الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، وأنهم كانوا يختارون الإفراد، وما كانوا يختارون التمتع على أن التمتع إنما هو المستحب، وأن الإفراد والقران سائغان.
ومعلوم أن هؤلاء الصحابة، وهم الثلاثة الخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم قد فعلوا ذلك، وهم من أعلم الناس بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأتبع الناس لسنة الرسول عليه الصلاة والسلام، دل صنعهم هذا على أن هذا الفعل سائغ، وأن التمتع يحمل ما ورد فيه على الاستحباب لا على الوجوب.

كيف يصوم من عليه صيام الهدي إذا كان أولاده غير البالغين أكثر من ثلاثة وقد حجوا معه


السؤال: حفظكم الله، إذا كان رجل له أربعة أولاد غير بالغين، وأراد أن يحج معهم، فإذا دخل بهم بالتمتع وليس له مال للهدي وأراد الصوم عنهم فكيف يصوم، مع العلم أن أيام الحج قليلة بالنسبة للصيام على الأربعة، وهل يجوز أن يصوم عنهم في هذه الأيام قبل الثامن من ذي الحجة وقبل الحج؟


الجواب: بالنسبة للأطفال الصغار في هذا الزمان إذا كان هناك أحد يحفظهم، ولا يذهب بهم إلى المسجد لشدة الزحام فلا شك أن هذا هو الأولى في حقهم؛ لما يترتب على ذلك من المضرة، وإذا أحرم لهم متمتعين أو أحرم لهم قارنين، فإنه عليه أن يعمل معهم ما يعمل مع الكبير؛ لأن الواجب هو الهدي، وإذا لم يستطع فإنه يصام عنهم، لكن بالنسبة للصيام كما هو معلوم الذي يجب هو صيام ثلاثة أيام في الحج، وقد لا يتيسر للإنسان أن يأتي إلا فيما يجب عليه، لكن إذا أحرم بهم بالإفراد إذا كان ولا بد حتى يسلم من كثرة دخولهم وخروجهم إلى المسجد أو تعدد الطواف والسعي عليهم، فإنه يحصل المقصود من حيث حصول الحج، وإذا أيضاً وجد من يحافظ عليهم ويبقون في الخيام، فإن هذا فيه فائدة له ولهم، وأما قضية الصيام، وهل يصوم عنهم هذه المقادير أو هذه الأعداد فلا أستطيع أن أقول في هذا شيئاً، ولا أدري، والله تعالى أعلم.

الدواعي لتدليس المدلسين

السؤال: حفظكم الله، ذكرتم أن تدليس التسوية هو أسوأ أنواع التدليس، وأنه يأتي إلى حديث فيه ضعفاء وثقات فيحذف الضعفاء ويسوي الثقات وينسب تدليسه إلى شيخه أو إلى شيخ شيخه ولا ينسب له، وما الداعي لهذا الفعل السيئ من هذا المدلس، وكيف يسوي بين الثقات؟


الجواب: التسوية بين الثقات إذا حذف الضعفاء صار الثقات بعضهم متصل ببعض، فظن أن الإسناد كله ثقات مع أن فيه ضعفاء حذفوا من أسماء الإسناد، فهذا هو تسوية الإسناد بأن يكونوا ثقات، يعني: فيهم ضعفاء في أثناء الطريق حذفوا، وكل شخص صار قبله ثقة، والضعيف الذي بين الثقتين حذف، فهذا شر أنواع التدليس؛ لأن هذا التدليس فيه إضافة التدليس إلى غيره، وكأن غيره رواه عن ذاك الثقة، مع أن غيره رواه عن ذاك الضعيف، وذلك الضعيف يروي عن الثقة، وهذا المدلس جاء، وحذف ثقة بين ضعيفين ووصل الثقة بالثقة، فصار الإسناد كله ثقات، يعني: متصل بعضهم ببعض، مع أن الواقع أن هناك ضعفاء بين الثقات حذفوا من قبل ذلك المدلس الذي يدلس تدليس التسوية.

من أتى بعمرة وأتى بحج بعدها في سفرة واحدة فهو متمتع

السؤال: حفظكم الله، شخص قدم من مصر واعتمر في شهر رجب، ثم بقي في المدينة، ويريد أن ينزل في السادس من ذي الحجة إلى مكة فيأتي بعمرة عن أمه المتوفاة، ثم يحج مفرداً، فهل يجوز له ذلك وهل عليه هدي؟

الجواب: ما يقال له مفرد، إذا ذهب من هنا في عمرة له أو لغيره ثم حج بعد ذلك، فإنه يعتبر متمتعاً، ولو كانت العمرة لغيره والحج له؛ لأنه يجوز أن يأتي الإنسان متمتعاً والعمرة له والحج لغيره أو العكس، أو تكون العمرة لشخص والحج لشخصٍ آخر، يعني: يعطي العمرة لشخص والحج لشخص، فهو متمتع وعليه هدي، فلا يقال أنه هنا مفرد؛ لأنه قد أتى بعمرة، وأتى بعدها بحج في سفرة واحدة، فهو متمتع وعليه هدي إن كان مستطيعاً وإلا صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله.

ما يشترط لمن أراد أن يؤدي العمرة عن غيره

السؤال: يا شيخ، هل يشترط في أداء العمرة أن يكون قد اعتمر من قبل عن نفسه؟

الجواب: نعم، ليس للإنسان أن يعتمر عن غيره ويحج عن غيره إلا إذا كان قد سبق له أن اعتمر لنفسه، وأدى الحج لنفسه.

كيفية التعامل مع بنت أخذت من إحدى المستشفيات لغرض التربية، ثم بلغت عندهم

السؤال: حفظكم الله، توجد أسرة أخذت طفلة من مستشفيات الرعاية لغرض تربيتها، وعندما كبرت هذه الطفلة والأم في هذه الأسرة لم ترضعها، فهم الآن في حيرة فكيف يعملون؟ وما هي الطريقة الصحيحة لبقاء هذه البنت مع وجود ذكور في المنزل، والبنت قد بلغت الثامنة عشرة، وليس هناك من يقوم بتربيتها الآن غيرهم؟الجواب: إذا لم يكن هناك إرضاعاً لها من جهة امرأة رب البيت، أو أقاربه، مثلاً بناته أو أخواته أو ما إلى ذلك بحيث يكون محرماً لها، فإنها تكون أجنبية، وما دام أنها بلغت سن الثامنة عشرة وكبرت، فهي تبقى معهم، وتبتعد عن الرجال، ويبادر إلى تزويجها إذا جاء لها زوج.

حكم استعمال اللولب كمانع للحمل

السؤال: حفظكم الله، ما حكم استعمال اللولب كمانع للحمل؟

الجواب: لا ينبغي للمرأة أن تحرص على تأخير الحمل، بل عليها أن تفرح بكونها منجبة وأنها ممن تلد، وكم من امرأة ما حصل هذا الذي حصل لهذه المرأة، وهي تبذل الأسباب، وينفقون الأموال من أجل أن تحمل ولو بولد واحد، وقد يحصل لهم ذلك وقد لا يحصل، فالمرأة التي أكرمها الله عز وجل بأن جعلها منجبة، تحمد الله عز وجل على هذه النعمة، وتحرص على كثرة الأولاد وكثرة الأولاد فيهم خير إن شاء الله، والنبي عليه الصلاة والسلام، حث على كثرتهم وقال: (تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة) فالمرأة ما ينبغي لها أن تقدم على شيء يؤخر الحمل، اللهم إذا كان هناك ضرورة، وذكر لها أطباء مؤتمنون أن الحمل يلحق ضرراً بالغاً بها، ويؤدي إلى تلفها، فهذا شيء آخر، أما مجرد كونها تريد أن ترتاح وما تريد أن تحمل، وما تريد أن تتعب في الحمل والولادة فهذا ليس سبباً يقتضي مثل هذا التصرف الذي هو العمل على تأخير الحمل، أما التحديد فغير، التحديد معناه قطع النسل، معناه أنه يحصل كذا من الأولاد ثم يعملون على قطع النسل، طبعاً هذا أسوأ، وأما التأخير الذي هو إرجاؤه واتخاذ أسباب تأخره فهذا هو الذي ذكرت فيه الإشكال، والذي ينبغي للمرأة ألا تقدم عليه إلا إذا كان هناك ضرورة ملجئة إلى ذلك يترتب عليها ضرر بالغ لها، ويكون ذلك بمشورة أو بكلام أطباء مأمونين يقولون ذلك، فقطع النسل نهائياً هذا أخطر، وهذا خطير جداً، وأما تأخيره والعمل على تأخيره فهذا هو الذي فيه التفصيل الذي ذكرته.

حكم صلاة ركعتين في المحاريب التي في المسجد النبوي

السؤال: حفظكم الله، ما حكم صلاة ركعتين في المحاريب التي في المسجد النبوي، فإن كثيراً من الحجاج يزدحمون عليها؟

الجواب: ليس لهذا أساس، وإنما الإنسان يصلي في أي مكان من المسجد والصلاة بألف صلاة، وإذا تمكن أن يصلي في الروضة -أي: النافلة- من غير أن يشق على أحد ومن غير أن يؤذي أحداً فهذا أحسن، أما الذهاب للمحاريب والمزاحمة على المحاريب، فهذا ليس له أساس يعتمد عليه، فلا ينبغي للإنسان أن يشغل نفسه به، وإنما يصلي ما أمكنه أن يصلي فيه من المسجد، وإذا كان ذلك نافلة وهو في الروضة، فلا شك أنه أولى بشرط ألا يترتب على ذلك إيذاء لأحد.

ما يجب على من يصلي من مسجد تقام فيه البدع

السؤال: حفظكم الله، إذا كنا في مسجد تعمل فيه البدع من ذكر وغيره، فهل الأفضل لنا أن نجلس بعد الصلاة نذكر الله تعالى أو نخرج من المسجد مباشرة؟
الجواب: الإنسان يذكر الله عز وجل ويأتي بالذكر المشروع، وإذا كان هناك أحد يفعل فعلاً مخالفاً للسنة فإن عليه أن ينصحه، وأن ينبهه إلى ذلك.

معنى فقه الواقع عند السلف

السؤال: حفظكم الله، ما معنى فقه الواقع عند السلف الصالح؟الجواب: فقه الواقع عند السلف أن الإنسان يحيط علماً بالقضية وملابساتها، وما يتعلق بها حتى يكون الحكم على بينة؛ لأنهم يقولون: الحكم على الشيء فرع عن تصوره، فالواقعة التي تقع ويكون الحكم عليها يحتاج إلى معرفة ملابساتها وما يتعلق بها، وهذا هو المقصود بفقه الواقع أو فقه الواقعة التي يكون فيها الكلام.

ما يشترط على المرأة من إذن زوجها لأداء فريضة الحج

السؤال: حفظكم الله، هل يمكن للمرأة المتزوجة أن تحج فرضها دون مشاورة زوجها؟

الجواب: نعم، بالنسبة للفرض يجب عليها ذلك، وليس للزوج أن يمنعها، له أن يمنعها من النفل، أما الفرض فإنها إذا كانت قد وجدت المال، ووجدت المحرم فإنه يتعين عليها أن تحج؛ لأن الله تعالى يقول: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا )[آل عمران:97] فإنها إذا كانت قادرة وكذلك المحرم موجوداً فإنها تحج وإن لم يأذن الزوج، وليس لها أن تحج مع نساء؛ لأن النساء لسن محارماً، ولو كن ثقات، وإنما المحارم هم الأقارب الذين تحرم عليهم على التأبيد، محرم المرأة هو زوجها، أو من تحرم عليه على التأبيد بنسب، أو سبب مباح.

بيان أعمال الحج المفرد للمقيم في المدينة

السؤال: حفظكم الله، رجل مقيم في المدينة ويريد الحج مفرداً فماذا يلزمه من أعمال الحج؟


الجواب: يحرم من الميقات بالحج، وإذا وصل مكة طاف وسعى وقصر، وبقي على إحرامه حتى يأتي من عرفة ومزدلفة، فإذا جاء من مزدلفة يوم العيد ورمى جمرة العقبة يحلق رأسه، ثم ينزل إلى مكة ويطوف طواف الإفاضة، وبذلك يكون انتهى وبقي عليه أن يأتي بالمبيت وبرمي الجمار، ويودع البيت إذا أراد أن يغادر بعد التعجل أو التأخر، وليس عليه هدي.

مدى جواز الحج عن النفس والعمرة عن الأم في رحلة حج واحدة

السؤال: يا شيخ! هذا نفس السؤال السابق يقول: امرأة تريد أن تحج لنفسها وتعتمر لأمها، فهل هذا جائز؟


الجواب: أنا قلت: أن الشخص سواء كان رجلاً أو امرأة إن كان متمتعاً فيجوز أن تكون العمرة والحج لغيره أو العكس، أو تكون متمتعة والحج والعمرة لغيرها بحيث تكون العمرة لشخص والحج لشخص كل ذلك سائغ، وهي متمتعة بجميع الأحوال، وعليها الهدي إن كانت مستطيعة وإلا صامت ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعت إلى أهلها.

حكم الإنابة في رمي الجمرات عن الغير في حال التعب والمرض

السؤال: حفظكم الله، هل يجوز له أن يرمي الجمرات عن صاحبه وعن أمه إذا أصابهما تعب؟


الجواب: نعم، إذا كان رجل أو امرأة مريضاً أو لا يستطيع الذهاب إلى الجمرة لعدم قدرته على المشي إليها، لكبره أو لمرضه فإن له أن ينيب غيره، والإنسان إذا ذهب ليرمي فإنه يرمي عن نفسه أولاً، ثم يرمي عن منيبه وموكله.

ما على المأموم في صلاة الجنازة إذا زاد الإمام على أربع تكبيرات

السؤال: حفظكم الله، ماذا يقول إذا زاد على التكبيرات الأربع في الجنازة؟الجواب: ليس فيه إلا الدعاء بين التكبيرات.

تعريف الطلاق وشروطه

السؤال: حفظكم الله، ما كيفية الطلاق، وهل يلزم الإشهاد على ذلك؟

الجواب: الطلاق هو أن يطلق طلاقاً شرعياً، وأن يكون ذلك طلقة واحدة، وأن يكون في طهر لم يجامعها فيه، فلا يكون في حيض، ولا يكون في طهر جامعها فيه، ويكون مرة واحدة ويشهد على ذلك، هذه هي السنة في الطلاق.

بيان علم المنطق والكلام

السؤال: حفظكم الله، ما معنى علم المنطق والكلام؟

الجواب: علم المنطق والكلام، الكلام هو هذه الأفكار والعقائد التي جاءت إلى الناس، وولدت بعد زمن الصحابة، ولم يكن لها وجود في زمن الصحابة.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #580  
قديم 07-06-2022, 07:12 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الجنائز

(345)

- باب الدعاء

بيّن الشرع الحكيم ما يقال في تكبيرات صلاة الجنازة عند الصلاة على الميت، سواء كان كبيراً أم صغيراً، ذكراً أو أنثى، فللإمام أن يقرأ في صلاة الجنازة الفاتحة، ويصلي على النبي عليه الصلاة والسلام؛ ثم يدعو للميت.
الدعاء

شرح حديث عوف بن مالك: (سمعت رسول الله صلى على جنازة يقول: اللهم اغفر له وارحمه ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [الدعاء.أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح عن ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن أبي حمزة بن سليم عن عبد الرحمن بن جبير عن أبيه عن عوف بن مالك رضي الله تعالى عنه قال:
(سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة يقول: اللهم اغفر له وارحمه، واعف عنه، وعافه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بماء، وثلج، وبرد، ونقه من الخطايا كما ينقي الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وزوجاً خيراً من زوجه، وقه عذاب القبر، وعذاب النار، قال عوف فتمنيت أن لو كنت الميت لدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك الميت)].
يقول النسائي رحمه الله: الدعاء، أي: الدعاء للميت في الصلاة عليه؛ لأن المقصود من الصلاة على الميت هو الدعاء، وشرع قبل ذلك بقراءة الفاتحة والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن ذلك من أسباب قبول الدعاء، حيث يسبق بحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جاء في الحديث الذي سبق أن مر بنا؛ (أن النبي عليه الصلاة والسلام رأى أو سمع رجلاً يدعو في صلاته فلم يحمد الله، ولم يصل على رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال: عجل هذا)، يعني: أنه بادر إلى الدعاء دون أن يقدم بين يديه بحمد وثناء على الله عز وجل، وصلاة على رسول الله الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
وعلى هذا فالمقصود من الصلاة على الميت هو الدعاء له، وسؤال الله عز وجل له المغفرة، وقد أورد النسائي في ذلك حديث عوف بن مالك رضي الله تعالى عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام صلى على ميت فدعا له بهذا الدعاء المأثور:
(اللهم اغفر له، وارحمه، وعافه، واعفو عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بماءٍ، وثلجٍ، وبرد، ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وزوجاً خيراً من زوجه، وقه عذاب القبر، وقه عذاب النار)، فقال عوف رضي الله عنه: (فتمنيت أن أكون ذلك الميت، أو الذي دعا له الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الدعاء).
فالحديث دال على أن الميت عندما يصلى عليه يدعى له بهذا الدعاء الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

تراجم رجال إسناد حديث عوف بن مالك: (سمعت رسول الله صلى على جنازة يقول: اللهم اغفر له وارحمه ...)

قوله:
[أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح].
هو أحمد بن عمرو بن السرح أبو الطاهر المصري، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن ابن وهب].
هو عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن الحارث].
هو عمرو بن الحارث المصري أيضاً، وهو ثقة، فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي حمزة بن سليم].
اسمه عيسى بن سليم الحمصي، وهو صدوق له أوهام، وأخرج حديثه مسلم، والنسائي.
[عن عبد الرحمن بن جبير].
هو عبد الرحمن بن جبير بن نفير الحمصي، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبيه].
هو جبير بن نفير الحمصي، وهو ثقة، أخرج له أيضاً البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عوف بن مالك].
هو عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

حديث عوف بن مالك: (... فسمعت في دعائه وهو يقول: اللهم اغفر له وارحمه ...) من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا هارون بن عبد الله حدثنا معن حدثنا معاوية بن صالح عن حبيب بن عبيد الكلاعي عن جبير بن نفير الحضرمي سمعت عوف بن مالك رضي الله تعالى عنه يقول: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على ميت، فسمعت في دعائه وهو يقول: اللهم اغفر له وارحمه، وعافه، واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وزوجاً خيراً من زوجه، وأدخله الجنة ونجه من النار، أو قال: وأعذه من عذاب القبر)].هنا أورد النسائي حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه من طريق أخرى، وهو قريب من لفظ الذي قبله.
قوله: [أخبرنا هارون بن عبد الله].
هو الحمال البغدادي وهو ثقة أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ حدثنا معن ].
هو أبو يحيى معن بن عيسى القزاز، وهو ثقة ثبت أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا معاوية بن صالح]
هو معاوية بن صالح بن حدير الحضرمي، صدوق له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن حبيب بن عبيد الكلاعي].
ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن جبير سمعت عوف بن مالك].
وقد مر ذكرهما في الإسناد الذي قبل هذا.

شرح حديث: (... اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، اللهم ألحقه بصاحبه ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة سمعت عمرو بن ميمون يحدث عن عبد الله بن ربيعة السلمي، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبيد بن خالد السلمي رضي الله تعالى عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين رجلين، فقتل أحدهما ومات الآخر بعده، فصلينا عليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما قلتم، قالوا: دعونا له: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، اللهم ألحقه بصاحبه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فأين صلاته بعد صلاته؟ وأين عمله بعد عمله؟ لما بينهما كما بين السماء والأرض) قال عمرو بن ميمون: أعجبني لأنه أسند لي].هنا أورد النسائي حديث عبد الله بن ربيعة السلمي يحدث عن عبيد بن خالد السلمي رضي الله تعالى عنهما؛ [وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين رجلين، فاستشهد أحدهما ومات الآخر بعده فصلوا عليه، فقال عليه الصلاة والسلام: ماذا قلتم؟ قالوا: دعونا له؛ قلنا: اللهم ارحمه، اللهم اغفر له، اللهم ألحقه بصاحبه، فقال عليه الصلاة والسلام: فأين صلاته بعد صلاته؟ وأين عمله بعد عمله؟] يعني: هذا الذي مات أخيراً، والذي قلتم: اللهم ألحقه بصاحبه أي: أن يكون معه، وأن يكون في درجته، وذاك مات شهيداً، فقال: [أين صلاته بعد صلاته؟ وأين عمله بعد عمله؟] أي: أن هذا عاش بعد ذاك وصلى، وعمل، وله أجر على ذلك.
ثم قال عليه الصلاة والسلام: [لما بينهما أبعد ما بين السماء والأرض]؛ يعني: أن الأخير يفوق ذلك الأول بما حصل له من عمل بعد ذلك، ولما حصل له من اجتهاد من عبادة بعد موت صاحبه الذي مات قبله، والمقصود من إيراد الحديث هو ذكر الدعاء الذي دعوا به له، وقد أنكر عليهم اللفظ الأخير، وأما اللفظ الأول الذي هو الدعاء له بالمغفرة، والدعاء له بالرحمة، فهذا لا إشكال فيه، وقد جاء ذلك في الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وإنما الذي أنكره النبي عليه الصلاة والسلام عليهم قولهم: [اللهم ألحقه بصاحبه]، هذا هو الذي أنكره النبي عليه الصلاة والسلام، وقال: [أين صلاته بعد صلاته؟ وأين عمله بعد عمله؟ لما بينهما أبعد ما بين السماء والأرض]، (لما بينهما) أي: أن الأخير أعلى درجة من الأول، وأن بينهما كما بين السماء والأرض.
وفي الحديث: دليل على أن الإنسان إذا مد له في العمر، ووفق للعمل وعبادة الله عز وجل، فإن زيادة عمره هي خير له، ما دام أن هذا العمر معمور بطاعة الله وطاعة رسول الله عليه الصلاة والسلام فإنه خير له، وهذا هو شأن المؤمن الذي يوفقه الله عز وجل إذا طال عمره وحسن عمله، فإن طول العمر مع حسن العمل فائدته عظيمة، وأجر الإنسان الذي يعمل وقد طال عمره أن درجته عالية ومنزلته رفيعة، وقد جاء عن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام في الدعاء المأثور الثابت في صحيح مسلم قوله عليه الصلاة والسلام في دعائه:
(اللهم أصلح ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، والموت راحة لي من كل شر) فقوله عليه الصلاة والسلام في هذا الدعاء: (واجعل الحياة زيادة لي في كل خير) يعني: الإنسان عندما يعمر ويزداد عملاً صالحاً، ويقدم أعمالاً صالحة مع هذا التعمير، لا شك أن الإنسان يكون على خير بهذه الزيادة في العمر والبقاء في هذه الحياة.

تراجم رجال إسناد حديث: (... اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، اللهم ألحقه بصاحبه ...)

قوله:
[أخبرنا سويد بن نصر].
هو المروزي، وهو ثقة، أخرج له الترمذي، والنسائي.
[أخبرنا عبد الله].
هو ابن المبارك المروزي وهو ثقة، ثبت، عابد، جواد، مجاهد جمعت فيه خصال الخير، قال ذلك الحافظ ابن حجر في التقريب، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
هو ابن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن مرة].
هو عمرو بن مرة الكوفي المرادي، وهو ثقة، عابد، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن ميمون].
هو عمرو بن ميمون الأودي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن ربيعة السلمي].
كان من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود، والنسائي.
[عبيد بن خالد السلمي].
أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، والحديث من رواية صحابي عن صحابي.
[وقول عمرو بن ميمون: أعجبني بأنه أسند لي].
لعل مقصوده بذلك أن الذي حدثه هو عبد الله بن ربيعة السلمي أعجبه حديثه؛ لأنه أسند إلى عبيد بن خالد السلمي؛ لأن عبد الله بن ربيعة اختلف في صحبته، ومن العلماء من قال: إنه لم يثبت صحبته ووثقه، ومنهم من أثبتها، وفي الإسناد هنا قال: أثبتت؛ لأنه قال: وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو قد أسنده إلى غيره، وهو إن كان من صغار الصحابة إلا أنه سمعه من غيره، وأيضاً ذلك الذي هو: عبيد بن خالد هو صحابي صغير.

شرح حديث: (... اللهم اغفر لحينا وميتنا ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا يزيد وهو ابن زريع حدثنا هشام بن أبي عبد الله عن يحيى بن أبي كثير عن أبي إبراهيم الأنصاري عن أبيه رضي الله تعالى عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الصلاة على الميت: (اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وذكرنا وأنثانا، وصغيرنا وكبيرنا)].هنا أورد النسائي حديث أبي إبراهيم الأنصاري عن أبيه رضي الله تعالى عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام صلى على ميت فقال في دعائه:
[اللهم اغفر لحينا وميتنا، وصغيرنا وكبيرنا، وشاهدنا وغائبنا، وذكرنا وأنثانا]، وهذا دعاء من الأدعية التي يدعى بها في الصلاة على الميت، وهذا يناسب للصلاة على الصغير؛ لأن فيه (اللهم اغفر لحينا وميتنا، وصغيرنا وكبيرنا) فهو مشتمل على دعاء في الصلاة على الميت، وهو يشمل الحي والميت، والشاهد والغائب، والذكر والأنثى، والصغير والكبير.

تراجم رجال إسناد حديث: (... اللهم اغفر لحينا وميتنا ...)

قوله:
[أخبرنا إسماعيل بن مسعود].
هو إسماعيل بن مسعود أبو مسعود البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا يزيد وهو ابن زريع].
هو ابن زريع البصري، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وقوله: (هو ابن زريع) هذه الكلمة الذي قالها هو من دون تلميذه إسماعيل بن مسعود أي: الذي قالها النسائي أو من دون النسائي، وحديث يزيد بن زريع أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا هشام بن أبي عبد الله].
هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن أبي كثير].
هو يحيى بن أبي كثير اليمامي، وهو ثقة، ثبت، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو صاحب الكلمة المأثورة المشهورة التي رواها عنه مسلم في صحيحه حيث قال: (لا يستطاع العلم براحة الجسم)؛ يعني: أن من أراد أن يحصل علماً فإنه يحتاج إلى تعب، ونصب، ومشقة؛ لأن العلم لا يحصل براحة الجسم، وإنما يحصل بالتعب، والنصب، والمشقة، فلا بد من البذل، ولا بد من العمل، ولا بد من الجد والاجتهاد، ولا بد من الصبر والمصابرة، ولا بد من العناية التامة، كل ذلك لا بد منه في تحصيل العلم، وإلا فإذا أخلد الإنسان إلى الدعة، والخمول، وحب الراحة، فإنه لا يحصل شيئاً، وقد قيل: ملء الراحة لا يدرك بالراحة؛ ملء الراحة وهي: راحة الكف مقدار الكف لا يدرك بالراحة أي: بدون عمل، وبدون مشقة وبدون تعب، فلا بد لمن أراد شيئاً أن يبذل أشياء، ولا بد لمن أراد العلم أن يعطي العلم ما يستحق من الجد والاجتهاد، وحفظ الوقت، والعمل على تحصيله بالطرق الشرعية الممكنة.
[عن أبي إبراهيم الأنصاري].
هو أبو إبراهيم الأنصاري الأشهلي وهو مقبول، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[عن أبيه].
أبوه لا أدري ما اسمه، ويكفي أن يعلم بأنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام لا يحتاج الواحد منهم إلى أن يعرف شخصه أو يعرف اسمه، بل يكفي أن يضاف إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وأنه من أصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
والحديث فيه رجل مقبول؛ وهو أبو إبراهيم، ولكن الحديث جاء من طرق أخرى عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.

شرح حديث: (صليت خلف ابن عباس على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة ... فقال: سنة وحق)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا الهيثم بن أيوب حدثنا إبراهيم وهو ابن سعد حدثنا أبي عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال: (صليت خلف ابن عباس على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة، وجهر حتى أسمعنا، فلما فرغ أخذت بيده فسألته فقال: سنة وحق).هنا أورد النسائي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنه، [أن طلحة بن عبد الله بن عوف صلى خلف ابن عباس على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة، وجهر حتى أسمعنا، فلما فرغ أخذت بيده، فسألته فقال: سنة وحق].
يعني: حكم قراءة الفاتحة والقراءة في الصلاة على الجنازة أنها سنة وحق، والمقصود بالجهر يعني: كما جاء في بعض الروايات قال: (ليعلم أن ذلك سنة)، يعني: أنه أسمعهم القراءة، وليس المقصود منه أنه يجهر بالقراءة في الصلاة على الجنازة، وأن الإمام يجهر به، وإنما المقصود من ذلك أنه يقرأ بالفاتحة وبسورة؛ ليعلموا أن ذلك سنة، وأنه ثابت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكان من هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه كان أحياناً يسمعهم الآية في السورة التي يقرأ بها في الصلاة السرية حتى يعلموا، ويعرفوا السورة التي قرأ بها في تلك الصلاة السرية؛ لأنه يجهر ليسمعهم أحياناً، وهنا جاء في بعض الروايات أنه قال: (إنما جهرت لأسمعكم ولتعلموا أن ذلك سنة)، والحديث ليس فيه ذكر دعاء، وإنما فيه ذكر قراءة الفاتحة والسورة، والفاتحة مشتملة على دعاء وهو: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6] لكن المقصود من الصلاة على الجنازة هو: الدعاء للميت، وقد جاء ذلك في السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيغ متعددة.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 304.02 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 297.96 كيلو بايت... تم توفير 6.07 كيلو بايت...بمعدل (2.00%)]