الإمام ابن عاشور .. ومَقاصِدُ الشريعة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         معارج البيان القرآني ـــــــــــــ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 7820 )           »          انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 45 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 859374 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 393690 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215905 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 75 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 59 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24-02-2024, 09:49 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,062
الدولة : Egypt
افتراضي الإمام ابن عاشور .. ومَقاصِدُ الشريعة

الإمام ابن عاشور .. ومَقاصِدُ الشريعة


لا يَسَع المتكلم، إذا تناول بالحديث موضوع مَقاصد الشَريعة، إلا أن يذكرَ الإمام الجليل والفقيه الأصوليّ المُجتهد محمد بن الطاهر عاشور التونسيّ، شيخ جامعة الزيتونة، وصاحب المؤلفات العظيمة مثل «مقاصد الشريعة الإسلامية» و»النظام الاجتماعيّ في الإسلام»، و»التحرير والتنوير»، وغيرها من جليل المؤلفات وفريدها في التفسير واللغة والبيان والحديث. ويذكِّرك كتابه الجليل في شرح «ديوان بشار» بما فيه من إمامةٍ في الفقه اللّغوي، وحِرصٍ على العربية وتملك ناصيتها، ودأبٍ في البحث والتنقيب، بكتاب «المُتنبي» لإمام اللغة وفحلِ البيان في عَصرِنا العَلامة الجليل محمود محمد شاكر، رحمهم الله جميعا.
وسيرةُ الشيخ الإمام ابن عاشور مَسرودة في كثيرٍ من المَواضع، لا داعي لترديدها، يجدها القارئ في أعلام الزركليّ، وفي العديد من المؤلفات التي كُتبت عنه، في العقود الأخيرة من القرن السالف.
لكن ما يهمنا هنا هو الحديث عن أمرين يتعلقان بالإمام ابن عاشور، أولهما دراسته لمقاصدِ الشريعة، وما انفرد فيها به، والثاني علاقته الفكرية بخير الدين التونسي .
ابن عاشور ومقاصد الشريعة:
جرى ابن عاشور في بحث المقاصد على سبيلٍ يَختلف في النّظر إليها عما جَرى عليه العُلماء في توجِيهها، وما دَرَج عليه الدارسون في هذا العلم، من أنها تُعنى بحفظ الضرورات الخمس: الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال، وإن كانت تلتقي بها في أعلى مراتبها. فابن عاشور، وإن أدرج الضرورات الخمس في إقامة مصالح الناس، يعني بالمقاصد أمرين: العلل الأولى أو المبادئ الأصلية التي بنيت عليها الشريعة، وجعلها الفطرة التي بني عليها الدين وخلق بها الإنسان ومقاصدها هي السَماحة والمُساواة والحُرية، ثم الثاني، وهو الأدْنى منها، علل الأحكام التفصيلية أو الجزئية التي جاءت في مفردات في الشريعة. ونكاد نجزم من دراستنا لمَنهج الإمام، بأنه إنما عرّف المقاصد بالحِكَمَ التي تقوم عليها الشريعة التي تكون سابقة لمقاصدها، وبعلل الأحكام التي تنبني عليها.
وقد ذكر الإمام قول من فرّقوا بين المقاصد والمَصالح، ونبّه إلى أنه إذا ثَبتَ أنّ إدراك المَقاصد قد جُعل لتحقيق المصالح معاشاً ومعاداً، فليس من المُجدي التفرقة بينهما، إذ رأى أنّ المصالح هي التي ترجع إليها الأحكام الشرعية «وكان ذلك هو الأصل والأساس من وضع كتاب المقاصد، وهو اعتبار المَصالح مناطاً للأحكام الشرعية» الشيخ محمد بن الحبيب بن الخوجة، كتاب «ابن عاشور وكتابه مقاصد الشريعة ج2 ص171.
إلا أنني قد نحوت مَنحى التفريق بينهما، في مقالي عن التجديد السّنيّ المعاصر، حيث ذكرت «ضَرورة الفصلِ بين ما هو من مقاصد الشرع، وما هو من حِسابات المصالح والمفاسد، ومن ثمّ بين ما هو من المقاصد العامة والكليات الشرعية التي تثبت بجزئياتٍ متناثرة في الشريعة، نستلهمها من الأحكام الشرعية الثابتة، وبين حسابات المصالح والمفاسد التي تتخذ مجالها أساساً في تلك الحوادث التي ليس فيها حُكمٌ شرعيّ خَاصٌ، وإن أمكن إدراجها تحتَ قاعِدة كليةٍ أو مقصدٍ شَرعي عامٍ ثابتٍ، وهي ما أطلقَ عليها العلماء «المَصالح المرسلة»، فأقمت التفريق على أساس عمليّ لا نظري؛ وذلك لمّا رأيت من أهمية ذلك في عَصرِنا؛ إذ اعتمد كثيرٌ ممن هم محسوبون على التيار الإسلاميّ وعلى الفِكر الإسلاميّ، على تقصي حسابات المصالح والمفاسد من حيث هي مقاصد الشرع الحنيف، فصحّحوا الزائف، وزيّفوا الصحيح. ثم نبدأ رحلة المَقاصد مع الإمام.
الفطرة، التي بُني عليها الإسلام، هي أصْلُ أصول الشريعة، وهي التي بُني عليها الإنسان {فِطْرَة اللَّهِ الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} الروم: 30)، وقوله [ :»كل مولودٍ يولد على الفطرة»، فمنها تصدُر كلّ تصرّفاته، وبموافقتها تصلح هذه التصرفات أو تفسد، فهي «جملة الدين في عقائده وشرائعه» المقاصد 271. وقد جَاءت كلّ الأحكام الشرعية تؤكدَ حكم الفطرة، وتصونها، وتمنع إفسادها، وتنظّم موارِدُها، كما في أحكام الوضوء والطهارة، والزواج والرضاع، والقصاص والحدود، وإنشاء المعاملات وإبرام العقود، وكافة الأحكام الشرعية، إذ تتوجه بناء على هذا الغرض ولتأكيده. فكلّ ما ينافي الفطرة السليمة من العيوب الخالية من الدنس، فهو من أمر الله وشرعه؛ ولذلك فإن الشريعة لمّا جاءت لم تهدم كلّ ما قبلها، بل جاءت «بالتغيير والتقرير» السابق 340، فأقرت ما هو من الفطرة، وبدّلت ما يناوئها ويضادها.
والسماحة، هي مقصد من أعظم مقاصد الشريعة؛ يجدها من استقرأ أحكامها، منتشرة في كافة الأحكام الشرعية والتوجيهات النبوية، وهي معنى الوسطية والاعتدال في الشرع، ومعنى اليسر في الدين، قال تعالى: {وَكَذَ‌لِكَ جَعَلْنَـكُمْ أُمَّةً وسطا} (البقرة: 143)، وقوله [ : «رحم الله رجلا سمحا إذا باع، سمحاً إذا اشترى، سمحاً إذا اقتضى» البخاري. ولذلك سُيى الدين بالحنيفية السَمحة كما في حديث البخاري؛ وقد بنيت عليها أكثر أحكام الشريعة بلا شذوذ، ولا عجب؛ إذ الدين هو الفطرة، والفطرة لا تستقل عن السماحة، والسماحة تأتي من معنى الرحمة، التي هي مقصود بعثة رسول الله [ {وَمَا أَرْسَلْناك إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَـالَمِينَ} (الأنبياء: 107)، وقد جاءت السّماحة في تفاصيل الشرائع كما في المُعاملات من أحكام البيوع، والتيسير في الزواج، وتحريم الإعضال، وأنواع الرخص، والحثّ على الدخول فيها بحقها، وما لا يحصى من الجزئيات التي وردت مبنية على هذا المقصد.
والمساواة، هي مقصد عام للتشريع، وهي الأصل في المعاملات وإقامة الحُدود؛ إذ القصد من القصاص العدل بين الناس، الذي يقوم على أنهم سواسية بلا فرق، إلا ما فرضَه ظرفٌ طارئ على الأصل كالعبودية، أو الصِغر، أو فساد العقيدة. والنساء سواسية كالرجال في أصل التكليف وفي الحقوق بحسب الفطرة الخاصة بكِلا الجنسين: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَآ أُضِيعُ عَمَلَ عَاـمِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى} (آل عمران: 195). والمساواة مثلا في مفهوم الشريعة تستدعي حفظ الدين والتساوي في الجامعة الدينية، وحفظ المال لتساوي حقوق المِلكيات بين الناس. وفي المساواة بين المسلم وغير المسلم، يقرر ابن عاشور أن الأصل هو المساواة في غالب الحقوق لخضوعهما لحكومة واحدة، كما في القاعدة الفقهية بالمذاهب الأربعة «لهم ما لنا وعليهم ما علينا»، ثم إجماع العلماء على منعهم من الولايات الكبرى؛ لأنها، كما ذكر ابن عاشور، تنافي مقصد حفظ الدين، وهم غير مؤتمنين على الجامعة الدينية التي تقوم على حفظها الحكومة المسلمة، لا على أي جامعة أخرى كالقومية أو العرقية، من أنها لا تتمشى مع منع عقد الولاء معهم لما ثبت في القرآن من ذلك، وكذلك ما في الولاية العامة من التشريف المضاد لذم الكفر وتحقيره. ثم ما في الجبلة من منع مساواة الرجل للمرأة في حق الإنفاق؛ إذ هو حق لها دونه، ومنع مساواة المرأة للرجل في كفالة الصغير لقدرته على الإنفاق والتوجيه وهي أمور ثابتة في مقصد الفطرة.
والحرية، مبنية على أن «استواء أفراد الأمة في تصرفهم في أنفسهم مقصد أصلي من مقاصد الشريعة، وذلك هو المراد بالحرية» المقاصد 390. ومن هنا جاء التأكيد على القضاء على العبودية التي هي ضد الحرية. والشرع يؤكد على أن الحُرية تجري في الإعتقاد والعمل، فحرية الاعتقاد تعني التحرر من الخرافات والأوهام التي أضافها الإنسان لدين الفطرة، في غيبة من عقله، وحرية العمل تعني أن «الداخلين تحت الحكومة الإسلامية متصرفون في أحوالهم التي يخولهم الشرع التصرف فيها غير وجلين ولا خائفين من أحد. ولكل ذلك قوانين وحدود حددتها الشريعة لا يستطيع أحدٌ أن يحملهم على غيرها» المقاصد 396. وقد نوّهنا بأولوية هذا المقصد الشرعيّ في مقالنا عن التجديد السنيّ حيث قلنا إنّ «هذا يدلّ على عِظم قدر الحرية وحق التعبير، والدفاع عنهما ولو بالموت دونهما، وهو أوضَحَ من أن ندلّل عليه. ولتحقيق هذا المَقصد، يجب على المُجتمع المُسلم عامة، ويندب للفرد خاصة، أن يشارك في كل عملٍ من شأنِه أن يأتي بالحُرية، ويمنع الكَبتَ والظُلم».
ثم يتحول ابن عاشور إلى الحديث عن مقاصد الشريعة في أوجه الأحكام الشرعية التي تتناول مناحى الحياة الإنسانية في شتى جوانبها. فمقاصد الشريعة في القضاء « أن يشتمل على ما فيه إعانة على إظهار الحقوق وقمع الباطل الظاهر والخفيّ، وذلك مأخوذٌ من حديث الموطأ أن رسول الله [ قال «إنما أنا بشر، وإنكم تختصِمون إليّ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له على نحو ما أسمع، فمن قضيتُ له بحقِ أخيه فلا يأخُذه، فإنما أقتطعُ له قطعةً من النار» «المقاصد 498. ثم مقاصد الشرع في نظام العائلة «أن الأصل الأصيل في تشريع العائلة هو إحكام آصرة النِكَاح، ثم آصرة القرابة، ثم آصرة الصهْر، ثم ما يقبل الانحلال من هذه الأواصر الثلاثة» المقاصد 430. ثم تحدث عن مقاصد المال والتصرفات المالية، يقوله: «فالمال الذي يَتداول بين الأمة ينظر إليه على وجه الجُملة وعلى وجه التفصيل، فهو على وجه الجملة حقٌّ للأمة عائدٌ عليها بالغنى عن الغير، فمن شأن الشريعة أن تضبط نظام إدارته بأسلوبٍ يحفظه موزعاً بين الأمة بقدر المستطاع، وأن تعين على نمائِه في نفسه أو بأعواضه بقطع النظر عن كون المنتفع به مباشرة أفراداً خاصة، أو طوائف وجماعاتٍ صغرى أو كبرى، وينظر إليه على وجه التفصيل باعتبار جزء منه حقاً راجعاً لمكتسبه ومعالجه من أفراد أو طوائف أو جماعاتٍ معينة أو غير معينة، أو حقاً لمن ينتقل إليه من مكتسبه» المقاصد 456. وهكذا في أحكام التبرعات والشهادة وغيرها.
ولا يخفى فضل هذا النظر وأهميته لمن يتصدى للقول في الحكومة الإسلامية، وللقيام بها فضلاً عن القول فيها؛ إذ إن مناحي النظر في متطلبات الحياة الحديثة، وضَرورة التشريع في كافة ما يَعرِض على الناس من حاجاتٍ، يجعل اعتبار هذه المقاصد الكلية غاية في الأهمية، وموَجّهاً للتقنين جُملة وتفصيلاً.
ومما يجدر بالذكر والتنويه هنا هو أن المَقاصد الشرعية التي ذكرنا، ونبّه عليها ابن عاشور، ليست عِللا للأحكام التفصيلية، ومن ثمّ لا يمكن أن نرجع إليها في إصدار الفتاوى دون الرجوع إلى جزئيات الشرع وأدلته. وهذا الالتفاف حول الشرع هو ما ينادي به عدد من المنتمين إلى الإسلام اسماً، النائين عنه قلباً وفكراً، بالرجوع إلى مبادئ الشريعة، أي مقاصدها العامة. وهذا خلل في العقيدة، لا اختلاف في الاجتهاد كما يهيأ للعامة. ودور المقاصد، بأي من معانيها أو مستوياتها أن تُرشِد المُجتهد في الأحكام بشكلٍ عام، يوجه اجتهاده في الطريق الصحيح، لا أن يكون علة مباشرة للحكم، إلا فيما كان من مصلحة مرسلة.



اعداد: د.طارق عبد الحليم




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



 

[حجم الصفحة الأصلي: 52.13 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 49.78 كيلو بايت... تم توفير 2.35 كيلو بايت...بمعدل (4.50%)]