زواج زوجي بأخرى! - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         أبو بكر الصديق رضي الله عنه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 22 )           »          لماذا يصمت العالم عن المجاعة في غزة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          أعمال تعدل أجر الصدقات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          البلاء في حقك: نعمةٌ أو نقمة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          الدنيا دار من لا دار له ولها يجمع من لا عقل له (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          شرح النووي لحديث: كان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          شرح النووي لحديث: ارم فداك أبي وأمي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          شرح النووي لحديث: ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          أنسيت بأنك في غزة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى مشكلات وحلول

ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-10-2021, 04:12 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي زواج زوجي بأخرى!

زواج زوجي بأخرى!
أ. عائشة الحكمي

السؤال
السلام عليكم.
أنا مُتزوِّجة وعندي أبناء، وأنا مغتربةٌ مع زوجي وأولادي، مشكلتي أنِّي اكتشفتُ أنَّ زوجي قرَّر الزواجَ بأجنبيَّة عن طريق الإنترنت، وهو يُعاملني معاملةً ممتازة، وعلاقتنا - والحمد لله - ممتازة، والكلُّ يضربُ بنا المثل، وهو يحبُّني كثيرًا وأنا - نفس الشيء - أحبُّه كثيرًا، في البداية تضايقتُ كثيرًا، لكنِّي علمتُ أنها فقيرة وكبيرة ولم تتزوَّج وموظَّفة براتبٍ قليل، وتعول أهلها، وتعيشُ في دولة يُضطَهدُ الإسلامُ فيها لدرجة أنها لا تستطيع أنْ تلبسَ الحجاب في وظيفتها، وقد عرفتُ هذه المعلومات بطريقتي؛ لأنَّ زوجي أخفَى الأمرَ عنِّي؛ حتى لا أتَضايق ويخاف عليَّ، وصارَحتُه بمعلوماتي التي اكتَشفتُها عن طريق البريد الإلكتروني، وقد استغرب أنِّي أعرفُ من فترةٍ ولم أُخبِرْه بذلك، فاستَحى من نفسه؛ لأنَّنا مُعتادان على الصَّراحة التامَّة بيننا، فهو كان مُتضايقًا لأنَّه لا يقدر أنْ يخبرني بذلك، فأخبرني أنَّه اشترط عليها أنْ يتزوَّجها في السر لمدَّة سنة أو سنتين؛ لأنَّه لا يقدر أنْ يُصرِّح بهذا من أجل وظيفته؛ لأنَّه ممنوع الزواج من أجنبيَّة، وأنْ تعيشَ زوجته الثانية في بلدها؛ يعني: تكون الزيارات على الشهور، وهي راضيةٌ بهذا؛ يعني: تريد أنْ تتستَّر وتتزوَّج، فقلت لها: إذا يَسَّرَ الله لنا هذا الزواج، فسوف أُعامِلُها معاملةَ الأخت، وإنِّي والله صادقةٌ في هذا الشيء مع أنِّي حسَّاسةٌ لدرجةٍ قُصوى، وكنتُ لا أتخيَّل في يومٍ من الأيَّام أنْ يتزوَّج زوجي عليَّ، وأقول: إذا تزوَّج عليَّ فلن أقدر أنْ أعيشَ معه، لكني لَمَّا عرفت عنها هذه المعلومات، حزنت عليها، وخِفتُ أنْ يُعاقِبني الله؛ لأنها تريدُ أنْ تُحافظ على إسلامها، ومحتاجة جدًّا، ولكنِّي في بعض الأحيان أدعو ربي ألا يتمَّ هذا الزواج؛ من غيرتي عليه وحبِّي له، بل أحيانًا أدعو أمامه، وهو يقول لي: إنِّي كبرت في عينه زيادةً، وأنا والله مُلاحِظة هذا الشيء من مُعامَلته لي، والله شهيدٌ على ما أقول.
أرجو أنْ تخبروني: هل الذي قلته لزوجي صحيح أو خطأ؟
أرجو التخفيف عنِّي لأنِّي في بعض الأحيان تكون نفسي متعبة رغم أنَّه لم يتزوج حتى الآن، لكن مع زيادة قُربي من خالقي يُخفِّف عنِّي التفكير، فأرجو إرشادي ونُصحي.

ولكم جزيلُ الشُّكر.


الجواب
بِسْمِ اللهِ المُلْهِم للصَّواب
وهو المُستعان

أيَّتها العزيزة:
إنَّ لكِ قلبًا ذوَّب الزَّمنُ حبَّه في قلْبِ زوجِكِ، فخرجَ الحبُّ المُذابُ سَبيكةً من الذَّهب الخَالِص تسرُّ النَّاظر، وتُبهِج الخاطِر، ولكِ من المَحاسن ما لو قِيسَ بأكثر مَحاسن النِّساء اليوم ما وُجِد فيهنَّ مثلكِ، ولكنَّه الهوى حين يستولي على الفِكْر، ويأخُذ بحواشي القَلْب، فإنَّه يُعمي ويصمُّ، ويُشعِل ويُحرق، ويُؤذي ويُؤلِم، وقد طغى الهوى على تفكير زوجكِ، حتى غاب عنه أن يفكِّر إن كان الزَّواجُ - وفق هذه الشُّروط التي أملاها على تلك المرأة - حلالاً أو حرامًا؟! فدفعكِ للتَّفكير في إباحة التَّعدُّد، ولم يجعلكِ تُفكِّرين معه في صحَّة هذا النِّكاح أو بُطلانه!

يريد زوجكِ الكريم الزَّواج بأخرى وفق هذه الشُّروط:
1. أنْ يكون زواجًا سريًّا؛ "اشترط عليها أنْ يتزوَّجها في السِّر".
2. ولأجَلٍ مُحدَّد؛ "لمدَّة سنة أو سنتين".
3. وغيرَ مُصرَّح به؛ "لا يقدر أنْ يُصرِّح بهذا من أجل وظيفته؛ لأنَّه ممنوع الزواج من أجنبية".
4. الإقامة في بلدها ويعود هو لبلده "وأنْ تعيشَ زوجُه الثانية في بلدها؛ يعني: تكون الزيارات على الشهور".
فهل النِّكاح وفْق هذه الشُّروط يصحُّ أو لا يصحُّ؟! هنا مَرْبط الفرَس، وليس رِضا المَرْأة أو رِضاك بالمهم هاهُنا، والجوابُ عن ذلك يمكن استنباطُه من جواب شَيْخ الإسلامِ ابن تيميَّة - رَحِمه اللهُ تعالى - في "مَجْموع الفتاوى" حين سُئل عن رجلٍ ركَّاضٍ يسيرُ في البِلاد في كلِّ مَدينةٍ شهرًا أو شَهْرين ويعزلُ عنها، ويخافُ أنْ يقعَ في المَعْصية، فهل له أنْ يتزوَّجَ في مُدَّة إقامتِه في تلكَ البَلْدة، وإذا سافرَ طلَّقَها وأعطاها حقَّها، أو لا؟ وهل يصحُّ النِّكاحُ أو لا؟ فأجاب: "له أنْ يتزوَّجَ، لكن ينكِحُ نِكاحًا مُطلقًا لا يَشترطُ فيه توقيتًا، بحيث يكونُ إنْ شاءَ أمسكَها وإنْ شاءَ طلَّقها، وإنْ نوَى طلاقَها حتْمًا عندَ انقِضاء سفرِه، كُرِه في مثلِ ذلك، وفي صِحَّة النِّكاحِ نِزاعٌ، ولو نوَى أنَّه إذا سافرَ وأعجبَتْهُ أمسكَها وإلاَّ طلَّقها، جازَ ذلك، فأمَّا أنْ يشترطَ التَّوْقيتَ، فهذا نِكاحُ المُتْعة الَّذي اتَّفقَ الأئِمَّةُ الأربعةُ وغيرُهم على تحريمِه، وإنْ كانَ طَائِفةٌ يُرخِّصون فيه إمَّا مُطلقًا، وإمَّا للمُضْطر، كما قدْ كان ذلكَ في صَدْر الإسْلام، فالصَّواب أنَّ ذلكَ مَنْسوخ؛ كما ثبتَ في الصَّحيح أنَّ النَّبيَّ بعدَ أنْ رخَّصَ لهم في المُتْعة عامَ الفتح، قال: ((وإنَّ اللهَ قد حرَّم المُتْعَةَ إلى يومِ القيامَة))، والقُرآنُ قد حرَّمَ أنْ يطأَ الرَّجُل إلا زَوْجةً أو مملوكةً بقولهِ: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾ [المعارج: 29 - 31]، وهذه المُستمتَعُ بها ليستْ من الأَزْواج، ولا ما ملكَت اليَمِين؛ فإنَّ اللهَ قد جعلَ للأزواجِ أَحْكامًا مِن المِيرَاث، والاعتدادِ بعد الوَفاة بأربعة أَشْهر وعَشْر، وعِدَّة الطَّلاق ثلاثة قُروء، ونحو ذلك من الأَحْكام التي لا تثبتُ في حَقِّ المُستمتَعِ بها، فلو كانتْ زوجةٌ لثبتَ في حقِّها هذهِ الأحكامُ؛ ولهذا قالَ مَن قالَ من السَّلَف: "إنَّ هذه الأَحْكام نسخت المُتْعة"، وبَسْطُ هذا طَويل، وليسَ هذا مَوْضِعَه، وإذا اشترطَ الأجَلَ قبلَ العَقْد، فهو كالشَّرط المُقارن في أصحِّ قولي العُلماء، وكذلك في نِكاح المُحلِّل، وأمَّا إذا نوى الزَّوج الأجَلَ ولم يُظهِرْه للمَرْأة، فهذا فيه نزاعٌ: يرخِّص فيه أبو حَنِيفة والشَّافعيُّ، ويكرهه مالكٌ وأحمدُ وغيرهما، كما أنَّه لو نوى التَّحليل كان ذلك ممَّا اتَّفق الصَّحابة على النَّهي عنه، وجعلوه من نِكاح المُحلل، لكنَّ نكاحَ المُحلل شرٌّ من نِكاح المُتْعة؛ فإنَّ نِكاح المُحلل لم يُبَح قطُّ؛ إذ ليس مَقْصود المُحلل أن ينكحَ، وإنَّما مقصوده أن يعيدَها إلى المُطلِّق قبله، فهو يثبِتُ العقدَ ليزيلَه، وهذا لا يكون مَشْروعًا بحال، بخلاف المُستمتِع؛ فإنَّ له غَرَضًا في الاستمتاع، لكنَّ التَّأجيلَ يخلُّ بمقصود النِّكاحِ من المودَّة والرَّحمة والسَّكن، ويجعلُ الزَّوجةَ بمنزلةِ المُستأجَرة؛ فلهذا كانت النِّية في نكاح المُتعة أخفَّ من النِّية في نكاح المُحلل، وهو يتردَّد بين كراهةِ التَّحريم وكراهةِ التَّنزيه، وأمَّا العَزْل، فقد حرَّمَه طائفةٌ من العُلماء، لكنَّ مذهبَ الأئمةِ الأربعة أنَّه يجوزُ بإذْنِ المَرْأة، واللهُ أعلم"؛ انتهى.
والحاصل أنَّ النِّكاحَ بنيَّة الطَّلاق لأجَلٍ تَعلمُه المَرْأة هو نِكاح مُتعة مُحرَّم بإجماعِ أهلِ السُّنَّة، فكيف إذا اجتمعتْ فيه جُمْلةٌ من المَفاسِد، مثل:
- سِرِّيته، وهو ما يخالفُ ركنَ الإشهارِ في النِّكاح؛ فعن عائشَةَ - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أَعلِنُوا النِّكاحَ، واجعَلُوه في المساجد، واضربوا عليه بالدُّفوف، وليُولِمْ أحدُكم ولو بشاةٍ))؛ رواه الترمذي.
- عدَم تصريحِه من قبل الجِهات المُختصَّة، وما ينطَوِي تحته ولا بُدَّ من اشتراط عدمِ الإنْجاب، والزَّواج بلا تصريحٍ من وزارة الدَّاخليَّة هو مُخالفة، لو عَلِمتْ بها الدَّولة فسيُحاكم زوجُكِ تأديبيًّا؛ لِمُخالفتِه القانونَ بعدمِ توثيقه عَقْدَ النِّكاح من قِبَلِ الجهات المُختصَّة، والأصل في عَقْد النِّكاح أنْ يُفضي إلى تحقيقِ مَقاصدِه الشَّرعيَّة، وهذه المَقاصِد لا تقتصرُ على الإحْصان والعَفاف وحسْب، بل العِشْرة كذلك، وتكثير النَّسْل، وتربية الأبناء، وهي - كما ترَيْن - مَقاصد مَفْقودة ومَعْدومة في هذا النِّكاح المبني على العَاطفة والهَوى!

فَلَوْ تَرَكَتْ عَقْلِي مَعِي مَا طَلَبْتُهَا
وَلَكِنْ طِلابِيهَا لِمَا فَاتَ مِنْ عَقْلِي



فأيُّ خيرٍ هذا الذي ينشدُه زوجُكِ حين يفتحُ عينيْ هذه المَرأة على مُتَعِ الزَّواجِ وحُبِّ الزَّوج، ثم يُطلِّقها بعد سنَةٍ أو سنتيْن؟!
لستُ أشكُّ في نيَّة زوجكِ وسَلامةِ مَقْصده، ولا أريدكِ أنْ تَشُكِّي أنتِ أيضًا، وعسى اللهُ أنْ يثيبَه على حُسْن قَصدِه؛ "وقد يفعل الرَّجلُ العملَ الذي يعتقدُه صالحًا، ولا يكون عالمًا أنَّه منهيٌّ عنه، فيُثاب على حُسْن قصدِه، ويُعفَى عنه لعدم علمِه، وهذا بابٌ واسعٌ"، كما يقولُ شيخُ الإسلام في "اقتضاء الصِّراط المُستقيم"، لكنَّ النِّكاحَ وفقَ هذه الشُّروط نكاحٌ فاسدٌ جُملةً وتفصيلاً، والخيرُ الذي يريدُه زوجكِ لهذه المرأة قليلٌ أمام الشَّر العظيم الذي سيفتحه على نفسِه وعليها.
هذه المَرأة لا تنظرُ إلى الزَّواج الآن إلا من مَنْظورٍ ماديٍّ بَحْت، وهو ما يحملُها على الموافَقة برغم قَسْوة الشُّروط عليها، ولكن بعد أنْ تتزوَّج وتعيش جوَّ الأُسرة ويعلق حبُّ زوجكِ في قلبها، ستتعلَّق بالشُّؤون العاطفيَّة، شأنها في ذلك شأن أيِّ امرأةٍ في الدُّنيا، وستُصبِحُ مُعاناتُها بعدَ الطَّلاق أضعافَ مُعاناتها قبلَ الارْتِباط، كما أنَّ احتمالَ حملها أكبرُ من احتمالِ قُدرتها على التَّحرُّز من الحَمْل؛ كونَها لا تزالُ بِكرًا، وسيُسبِّب ذلكَ الكثيرَ من المُشكِلات لها ولزوجكِ، فليتَّقِ اللهَ فيها! فما هكذا يكونُ الإحسانُ والمَعْروف، وما هكذا يتمُّ صُنع الخير.
لو أراد زوجكِ بهذه المرأة خيرًا بحقٍّ، فلا يُعلِّق قلبَها به ثم يتركها بعد عام أو عامين ويرحل إلى الأبَدِ، شأنه في ذلك شأن أيِّ رجلٍ خبيثِ الطَّويَّة في عَلاقة غَراميَّة مُحرَّمة! ولكن ليبذلَ لها المَعْروف بمَعْروف، ويُساعدها ماديًّا إذا كانَ مُقتدِرًا، ويدل عليها أهلَ الخَيْر والصَّلاح، ويدعو لها بظهْر الغَيْب، هذا أفضل ما يمكنُ أن يسعى به لصَلاحِ أمرِها.
وأمَّا هذه المَرْأة، فلو أرادت السِّترَ والعفافَ حقًّا ما قبِلتْ بزواجٍ مُعلَّب له مُدَّة صلاحية وانتهاء، وسيفسد بعد وقت! زواج كهذا ليس سِترًا للمَرْأة؛ بل هتك للسِّتر والعفَّة! ومَن تقبل أنْ تتزوَّج للمُتعة فقط، فليست بامرأةٍ حُرَّة، كَرِيمة الأَصْل والمَحْتِد، بل هي امرأةٌ رخيصةٌ جدًّا، وإن كانت حُرَّة، فرُوحُها رُوح أمَةٍ تُباع وتُشترى بثمنٍ بخسٍ دَراهمَ مَعْدودة؛ لقَضاء الوطَر وحسب! وأمَّا الحُرَّة العفيفة، فلا تقبل على نفسها المَهانة والرخص والزِّنا، سواء وُلِدت حُرَّةً في الجاهليَّة أو في الإسلام؛ ولذلك حين بايَع النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - هندَ بنت عُتبة مع نساءٍ من قُريش قال النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ولا تَزْنِين))، قالتْ هِند بنتُ عُتبة: "يا رسُولَ الله، هل تَزْني الحُرَّة؟!"، تريد أنَّ هذا الأمر مفروغٌ منه، لا تحتاج الحُرَّة إلى مَن يُذكِّرها بأصالتِها وشرَفها!
فلتُكرِم هذه المَرْأة نفْسَها عن هذا الزَّواج، وتعزِف عنه، وتُجمِل في الطَّلَب؛ فإنَّ رزقَها مقسومٌ، وستَناله بكمالِه وتمامِه لا نُقصان فيه، حين يشاءُ اللهُ ربُّ العالمين؛ ﴿ وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ [النور: 33]، ومَن خلَق زوجَكِ خلَق غيرَه وخيرًا منه وأفضل.
فاطلُبي من زوجِكِ أنْ يستفتي شيخًا قبلَ الإقدامِ على هذا الزَّواج؛ ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43]، وشَجِّعيه ليبحثَ عن المَسْألة بنفسه؛ كي يتَّخذَ قَرارَ البُعد بعقلِه وقناعتِه، ولا تُشعِريه أنَّ الغاية عدم زواجه بأخرى، ولكنَّ الخوف عليه من عَذاب النَّار، وكُوني قريبةً دائمًا من ربِّ العالمين؛ فإنَّه لن يُضيِّعكَ أيَّتها الزَّوجة الفاضلة.
بقيتْ في النَّفسِ بقيَّةٌ، لولا أنَّكِ "الزَّوجة" في هذه الاستشارة كنتُ بسطتُها، وجلُّ ما يمكنني أنْ أقولَه في هذا المقام: إنَّ زوجكِ الآن مُقبِلٌ على مَرْحلةٍ انتقاليَّة حسَّاسة من عُمره، هي مَرْحلة "الأربعين"، حيثُ يستيقظ قلبُ الرَّجل في حالٍ من الشَّوق إلى الحُبِّ والاهتمام والأمور الوجدانيَّة بعد سُبات شتويٍّ عميق، في الوَقْت الذي تبتَعِدُ فيه مُعظَمُ الزَّوجات عن أزواجهنَّ، وينشَغِلنَ بالأبناءِ والصَّديقات والجارات! فأقبِلي على زَوْجكِ، وجَدِّدي حَياتكِ معه، ولا تجعَلِي حَمْلكِ وتربية أبنائكِ يصرفكِ أو يشغلكِ عن الاهتمام بزوجكِ.

تذكَّري: إنْ أنتِ لم تهتمِّي بزوجكِ، فستهتمُّ به أُخرى غيركِ، وإذا ذهبتْ هذه ستجيءُ غيرُها، فحافظي على قلْبِ زوجِكِ، فلن يجدَ امرأةً فاضلة تحبُّه مثلكِ، فلا تترُكيه يجرِّب غيركِ، فيندم!
نُقطة أخيرة أختمُ بها الجواب، تتمحورُ حولَ "الغَريزة" التي اِستطاعتْ هذه المَرأة أنْ تُوقِظها بداخلِ زَوْجكِ، حتى جعلَتْه يخاطر بلا رويَّة بعملِه، وبيته، وأهله، ودينِه من أجلِها!
أعني بها "غَرِيزة الحِماية"! فمن طبيعة الرَّجُل "الوالديَّة" المَيْل إلى حِماية مَن حوله من النِّساء والأطفال، فهو "الرَّاعي" المَسْؤُول، ودورُ الرَّاعي حِماية المَرْعى من اللُّصوص والكِلاب والذِّئاب!
والمرْأة الذَّكيَّة هي التي تُشعِر زوجَها بحاجتِها الدَّائِمة إلى رِعايتِه وحمايتِه مهما كانتْ قويَّة، ومُكتفيةً بذاتِها، ومُعتمِدة على نفسِها، فكوني امرأةً ذكيَّة، وادفَعِي بزوجكِ لحمايتكِ ورعايتكِ، مثلما نجحَتْ تلك المَرْأة في دفعهِ لحمايتِها ورعايتِها حتى طلب الزَّواج بها، وعسى الله أنْ يُقرَّ عينَ زوجكِ بكِ، ويقرَّ عينكِ بزوجكِ، ويكافئكِ بأحسن ما نويتِ، ويصون لكِ زوجكِ وبيتكِ وعيالكِ، آمين.

والله - سبحانه وتعالى - أعلم بالصَّواب.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 63.27 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.37 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (2.99%)]