شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله - الصفحة 31 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4413 - عددالزوار : 850895 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3944 - عددالزوار : 386896 )           »          شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 211 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 117 - عددالزوار : 28455 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 175 - عددالزوار : 60073 )           »          خطورة الوسوسة.. وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          إني مهاجرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          الضوابط الشرعية لعمل المرأة في المجال الطبي.. والآمال المعقودة على ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 847 )           »          صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #301  
قديم 10-10-2021, 08:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب التطبيق)
(206)


- باب صفة السجود - باب التجافي في السجود
ورد في السنة المطهرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في بيان صفة سجوده أنه كان يعتمد فيه على اليدين ويفرج بينهما تفريجاً حتى يرى بياض إبطيه، حتى أن البهمة بإمكانها أن تمر بينهما من شدة المجافاة، وهذا إذا كان المصلي إماماً أو منفرداً، أما إذا كان مأموماً فلا؛ لئلا يؤذي من بجواره، وإنما يجافي ما استطاع.
صفة السجود

شرح حديث: (... فوضع يديه بالأرض ورفع عجيزته ...) في صفة السجود
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا علي بن حجر المروزي حدثنا شريك عن أبي إسحاق قال: (وصف لنا البراء رضي الله عنه السجود، فوضع يديه بالأرض، ورفع عجيزته وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل)].يقول النسائي رحمه الله: باب صفة السجود، هذه الترجمة يراد بها بيان كيفية السجود، وقد سبق أن مر في الأبواب الماضية ذكر شيء مما يدل على ذلك، وذلك في السجود على الأعضاء السبعة التي هي الوجه، الذي هو الجبهة والأنف، واليدان، والركبتان، وأطراف القدمين، هذه من صفة السجود، وكذلك مما يتعلق بصفة السجود المجافاة بين العضدين عن الجنبين، والجنبين عن الفخذين، والفخذين عن الرجلين، بحيث لا يكون الإنسان تعتمد أعضاؤه بعضها على بعض، وإنما تسجد الأعضاء، ويكون الاعتماد عليها.
وقد أورد النسائي في هذه الترجمة حديث البراء بن عازب رضي الله عنه: أن النبي عليه الصلاة والسلام، كان إذا سجد وضع يديه على الأرض، ورفع عجيزته، أي: مؤخره، يريد بذلك أنه يعتمد على يديه، وأنه يرفع عجزه، وأنه لا تعتمد أعضاؤه بعضها على بعض، بأن يكون الجنب يعتمد على الفخذ، والفخذ يعتمد على الرجل، والرجل تعتمد على الأرض، بمعنى أنه يمد رجليه ويبسطهما، وإنما ينصب القدمين، ويرفع البطن عن الفخذين، لا يعتمد عليها، وكذلك الفخذان يرفعان عن الرجلين، ويكون الاعتماد على اليدين، وعلى الوجه، والركبتين، وأطراف القدمين، فهذا هو الذي أورده المصنفون مما اشتمل عليه الحديث.
ثم إن الكيفية هي وسط بين طرفين: طرف هو الذي يدل على الكسل والخمول، وهو كون الإنسان تعتمد أعضاؤه بعضها على بعض، بأن يضم العضدين، والبطن يعتمد على الفخذ، والفخذ يعتمد على الرجلين.. وهكذا، ويدخل في هذا كونه يبسط ذراعيه مثل بسط الكلب ذراعيه، كل هذه هيئة تدل على الكسل، والخمول ، ويقابل ذلك هيئة، وهي كون الإنسان يبالغ، فيمتد ويمد نفسه، فيكون فيه زيادة، وفيه تكلف، وهذا لا يصلح، ، والحق وسط بين الإفراط والتفريط.
تراجم رجال إسناد حديث: (... فوضع يديه بالأرض ورفع عجيزته) في صفة السجود
قوله: [أخبرنا علي بن حجر].وهو ابن إياس السعدي المروزي، وهو ثقة، حافظ، أخرج له البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا شريك].
وهو ابن عبد الله القاضي النخعي الكوفي، وهو صدوق، يخطئ كثيراً، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي إسحاق].
وهو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي الكوفي، وسبيع هم جزء من همدان، فينسبوا إلى همدان نسبة عامة، وينسبوا إلى سبيع نسبة خاصة، وكل منهما الهمداني، والسبيعي نسبة نسب، وأما بلده فهي الكوفة، أبو إسحاق مشهور بكنيته، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[وصف لنا البراء بن عازب].
صحابي ابن صحابي، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، والحديث هذا من رباعيات النسائي؛ لأن فيه علي بن حجر المروزي، وشريك بن عبد الله القاضي، وأبو إسحاق السبيعي، والبراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما.
شرح حديث: (أن رسول الله كان إذ صلى جخى)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبدة بن عبد الرحيم المروزي حدثنا ابن شميل هو النضر أخبرنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن البراء رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى جخى)].ثم أورد النسائي حديث البراء بن عازب: [(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى جخى)]، والمراد بالتجخية هي كونه يفتح يديه، ويجافي عضديه عن جنبيه، ويرفع بطنه عن الأرض، بمعنى أنه لا تعتمد أعضاؤه بعضها على بعض، ويكون بطنه على الأرض، وإنما يعتمد على يديه، وعلى ركبتيه، وعلى أطراف قدميه، لكن دون أن يبالغ في ذلك، فهذه هي التجخية التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلها في سجوده، وهي تشبه ما جاء في الرواية السابقة عن البراء بن عازب، كونه يعني وضع يديه على الأرض ورفع عجزه، بمعنى أنه لم يكن معتمداً على الأرض، ولم يكن تعتمد الأعضاء بعضها على بعض، وإنما هو توسط بين الإفراط، والتفريط.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول لله كان إذا صلى جخى)
قوله: [أخبرنا عبدة بن عبد الرحيم المروزي].صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، والنسائي.
[حدثنا النضر بن شميل].
ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وإنما قال: (هو النضر) ؛ لأن عبدة بن عبد الرحيم المروزي قال في الإسناد: أخبرنا ابن شميل، ما قال: النضر، وهو النضر بن شميل، لكن من دونه وهو النسائي، أو من دون النسائي هو الذي أتى بكلمة (هو النضر)؛ ليوضح أن هذا المنسوب الذي لم يذكر اسمه، ذكر اسمه بقوله: هو، وكلمة (هو) كما عرفنا مراراً وتكراراً تشعر بأن هذه الزيادة ليست من التلميذ، وإنما هي ممن دون التلميذ، أي: أن الذي قالها من دون عبدة بن عبد الرحيم المروزي الذي هو تلميذ النضر بن شميل، وهو إما النسائي أو ممن دون النسائي.
[أخبرنا يونس بن أبي إسحاق].
يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وهو: أبو إسرائيل، وهو صدوق يهم قليلاً، وقد أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي إسحاق عن البراء].
وقد مر ذكرهما في الإسناد الذي قبل هذا.
شرح حديث: (أن رسول الله كان إذا صلى فرج بين يديه ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة حدثنا بكر عن جعفر بن ربيعة عن الأعرج عن عبد الله بن مالك بن بحينة رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان إذا صلى فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه)].أورد النسائي حديث عبد الله بن مالك بن بحينة رضي الله عنه، الذي يصف به صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حال سجوده، وأنه قال: [(فرج بين يديه حتى يرى بياض إبطيه)]، يعني: من تفريجه بينهما، أي: لا يلصق اليدين الذي هما العضدين بالإبط أو بالجنب، وإنما يفرج بينهما حتى يتباعد، يعني ما بين العضد، والجنب، لكن هذا يكون حيث لا يضر على أحد من جيرانه إذا كان مأموماً، يفرج ويجافي ما استطاع، لكن لا يلحق الضرر بجيرانه، أو يؤذيهم، أما إذا كان إماماً أو كان وحده، فإنه يفعل المشروع الذي يمكنه فعله، وهو مجافاة العضدين عن الجنبين، والنبي صلى الله عليه وسلم كما وصف عبد الله بن مالك بن بحينة سجوده: أنه كان يجافي عضديه حتى يرى بياض إبطيه، يعني: من شدة المجافاة.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله كان إذا صلى فرج بين يديه ...)
قوله: [أخبرنا قتيبة]. وهو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا بكر].
وهو ابن مضر، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه، فإنه لم يخرج له شيئاً.
[عن جعفر بن ربيعة].
هو جعفر بن ربيعة بن شرحبيل بن حسنة المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الأعرج].
وهو عبد الرحمن بن هرمز المدني، لقبه الأعرج، وقد اشتهر بهذا اللقب، ويأتي ذكره في الأسانيد كثيراً يقال: عن الأعرج أو حدثنا الأعرج، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن مالك بن بحينة].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث أبي هريرة: (لو كنت بين يدي رسول الله لأبصرت إبطيه) يعني في سجوده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن بزيع حدثنا معتمر بن سليمان عن عمران عن أبي مجلز عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (لو كنت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبصرت إبطيه، قال أبو مجلز: كأنه قال ذلك لأنه في صلاة)].أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: [(لو كنت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأبصرت إبطيه، قال أبو مجلز وهو أحد الرواة: كأنه قال ذلك لأنه في الصلاة)]، ولو كان بين يديه لأبصر إبطيه، يعني وهذا إشارة إلى مجافاته العضدين عن الجنبين، يمكن إظهار الإبطين، يعني لو كان تمكن من ذلك، لو كان بين يديه، لكنه قال ذلك لأنه كان في صلاة، فلم يتمكن من أن ينظر إلى ذلك، ولو كان في غير الصلاة، وهو ينظر، لأبصر ذلك، أي: إبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمقصود من ذلك المجافاة، أي: مجافاة العضدين عن الجنبين بحيث يرى الإبطان.
تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة: (لو كنت بين يدي رسول الله لأبصرت إبطيه) يعني في سجوده
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن بزيع].ثقة، أخرج له مسلم، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا معتمر بن سليمان].
هو معتمر بن سليمان بن طرخان التيمي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمران].
وهو ابن الحدير، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن أبي مجلز].
وهو لاحق بن حميد البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته أبو مجلز.
[عن بشير بن نهيك].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
عبد الرحمن بن صخر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر الصحابة على الإطلاق حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #302  
قديم 10-10-2021, 08:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح حديث عبيد الله بن عبد الله بن أقرم: (صليت مع رسول الله فكنت أرى عفرة إبطيه إذا سجد)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا علي بن حجر أخبرنا إسماعيل حدثنا داود بن قيس عن عبيد الله بن عبد الله بن أقرم عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فكنت أرى عفرة إبطيه إذا سجد)].أورد النسائي حديث عبد الله بن أقرم رضي الله تعالى عنه: أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان يرى عفرة إبطيه إذا سجد، والمراد بالعفرة يعني صفة لونها، أي: الإبط؛ لأنه لون الجسد لون الوجه، إلا أن فيه منابت الشعر الذي يجعل لونه يختلف قليلاً عن هيئة البشرة، فهي تشبه يعني العفرة الذي هو لون الأرض أو التراب؛ لأنه بياض خالطه سواد منابت الشعر، هذا هو المجافاة، والمراد به أنه كان يجافي عضديه عن جنبيه حتى يرى إبطاه صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث عبيد الله بن عبد الله بن أقرم: (صليت مع رسول الله فكنت أرى عفرة إبطيه إذا سجد)
قوله: [أخبرنا علي بن حجر]. وقد مر ذكره قريباً.
[أخبرنا إسماعيل].
هو ابن جعفر، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا داود بن قيس].
ثقة، فاضل، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عبيد الله بن عبد الله بن أقرم].
ثقة، أخرج له الترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[عن أبيه].
وهو عبد الله بن أقرم صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو: صحابي مقل، وقد أخرج له الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، أي:كابنه.
التجافي في السجود


شرح حديث: (أن النبي كان إذا سجد جافى يديه ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [التجافي في السجود.أخبرنا قتيبة حدثنا سفيان عن عبيد الله وهو ابن عبد الله بن الأصم عن عمه يزيد وهو ابن الأصم عن ميمونة رضي الله عنها أنها قالت: (إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد جافى يديه، حتى لو أن بهمة أرادت أن تمر تحت يديه مرت)].
أورد النسائي: التجافي في السجود، والمراد به ما تقدمت الإشارة إليه في الباب السابق في صفة السجود، وهو مجافاة العضدين عن الجنبين، وقد أورد النسائي في هذه الترجمة حديث ميمونة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها: أن النبي عليه الصلاة والسلام، كان إذا سجد جافى يديه، حتى لو أرادت بهمة، وهي: الصغيرة من أولاد الغنم أن تمر من تحت يده لمرت، وذلك لكونه يباعد عضديه عن جنبيه،، وهذا فيه إشارة إلى المجافاة، وتحققها.
وكما قلت: هذا فيما إذا لم يكن هناك إلحاق مضرة بالجيران في السجود، من يكون على يمينه وشماله، إذا كان كذلك، أي: كون الصفوف متلاصقة، فلا يعمل هذا العمل بحيث يؤذي الناس، وإنما يجافي ما استطاع، أما إذا كان إماماً أو منفرداً فإنه يجافي.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي كان إذا سجد جافى يديه ...)
قوله: [أخبرنا قتيبة]. وقد مر ذكره.
[حدثنا سفيان].
وهو ابن عيينة، وقد عرفنا أن قتيبة إنما يروي عن سفيان بن عيينة، فليس له رواية عن الثوري، فإذا جاء قتيبة يروي عن سفيان، فالمراد به ابن عيينة، كما أنه إذا جاء قتيبة يروي عن حماد، فالمراد به ابن زيد، وليس ابن سلمة، وسفيان بن عيينة ثقة، حجة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبيد الله وهو ابن عبد الله بن الأصم]،
مقبول، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن عمه يزيد وهو ابن الأصم].
وهو عمرو بن عبيد بن معاوية البكائي أبو عوف، كوفي نزل الرق، وهو ابن أخت ميمونة أم المؤمنين، فهو ثقة، يقال: له رؤية، ولا يثبت. أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن ميمونة].
هي ميمونة بنت الحارث الهلالية، أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.
الأسئلة

الخروج من الصلاة بتسليمة واحدة
السؤال: هل جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان يسلم في الصلاة تسليمة واحدة؟ الجواب: نعم جاء في بعض الأحاديث، ومن العلماء من صححها، ومنهم من تكلم فيها، وممن تكلم فيها ابن القيم في كتابه إعلام الموقعين، فإنه أطال الكلام في هذه المسألة، وقال: إن الثابت عنه أنه كان يسلم تسليمتين.
درجة حديث صاحب الشجة
السؤال: ما درجة هذا الحديث: (قتلوه قاتلهم الله، ألا سألوا..)؟الجواب: (قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذ لم يعلموا، فإنما شفاء العي السؤال)، فالحديث ثابت، وهو في قصة الشجة، يعني الحديث ثابت، بس ما أذكر أين تخريجه.
اشتراط النية في الصلاة
السؤال: شخص دخل في الصلاة، وفي الركعة الثانية ذكر أنه لم ينو الصلاة، فما حكم الصلاة، هل باطلة أم يكملها؟الجواب: إذا كان لم ينو الصلاة والمقصود بالنية التلفظ، فذلك لا يجوز، وإن كان يعني أنه ما دخل في الصلاة، يعني ناوياً الدخول فيها، وناوياً أداء ذلك الفرض، فإنما الأعمال بالنيات، ولا عمل إلا بنية، وتكبيرة الإحرام هي التي يكون بها الدخول في الصلاة، فإذا كان ما كبر تكبيرة الإحرام، ولا حصل منه نية، فإنه لا عمل إلا بنية، يعني لا بد أن يكون العمل منوياً، بمعنى أنه نواه بقلبه، وكبر تكبيرة الإحرام التي بها يدخل في الصلاة، وإذا كان ما حصل منه هذا الشيء، وإنما دخل في الصلاة بدون تكبير، فإن صلاته لا تصح؛ لأن تكبيرة الإحرام ركن من أركان الصلاة، والنية أيضاً شرط يعني: النية التي محلها القلب، وليست النية الذي يتلفظ بها، فإن تلك بدعة، لا يجوز التلفظ بالنية عند الدخول في الصلاة، ما يقول: نويت أن أصلي كذا.
التكبير والتسليم في سجود التلاوة
السؤال: ما هو القول الراجح في صفة سجود التلاوة، هل فيه تكبير وتسليم أم لا؟ الجواب: هو لا تسليم فيه، وإذا كان في داخل الصلاة ففيه التكبير، يعني عند الخفض، والرفع؛ لأنه يدخل تحت عموم: كان يكبر في كل خفض ورفع، إذا كان في الصلاة، وإذا كان خارج الصلاة فإنه ليس فيه تسليم؛ ولهذا قال بعض العلماء: إنه يصح من غير المتوضئ؛ لأنه ليس صلاة، يعني سجود التلاوة، وكذا سجود الشكر لا يشترط له ما يشترط في الصلاة، وقضية التكبير فيه تكبير فقط.
معنى قول المحدثين: فلان مقبول، صدوق يهم، رواته ثقات
السؤال: ما معنى قولكم: (فلان مقبول)، هل تعني أن حديثه من قبيل الحسن وكذا قولهم: (صدوق يهم) و(ورجاله ثقات)؟الجواب: المقبول: هو الذي إذا اعتضد بغيره، ووجد ما يساعده، احتج به، أي: أنه يتوقف فيه حتى يأتي ما يساعده ويؤيده من متابعات أو شواهد.
وأما قولهم: صدوق، معناه: هو الذي خف ضبطه، وحديثه من قبيل الحسن، و(يهم)، يعني: يحصل منه شيء من الأوهام.
وأما قولهم رواته ثقات، يعني: الرجال الذين بني عليهم الإسناد هم ثقات، لكن هذا لا يعني أن يكون الحديث صحيحاً، فقد يكونوا ثقات، ولكن في انقطاع، ومن المعلوم أن الانقطاع يؤثر؛ لأنه لا بد أن يكونوا ثقات، وأن يكون كل واحد روى عن الذي قبله.
تخطي رقاب الناس في الجمعة وغيرها
السؤال: هل النهي عن تخطي الرقاب قاصر في صلاة الجمعة أو يثبت في كل الصلوات؟ الجواب: تخطي الرقاب فيه إيذاء للناس، ولا يجوز لا في الجمعة، ولا في غيرها، إلا إذا كان هناك فرجة لا يصل إليها إلا بالتخطي، فإن له ذلك؛ لأن الذين تأخروا عن وصل الصفوف هم الذين قصروا، وهم الذين عرضوا أنفسهم لأن تتخطى رقابهم من أجل أن يوصل الصف، ومن أجل أن تسد الفرجة، وإن وصل إليها بغير التخطي، فهو أولى من التخطي؛ لأن التخطي فيه إيذاء للناس.
درجة حديث: (لا تنسنا من دعائك يا أخي)
السؤال: ما درجة حديث: (لا تنسانا من دعائك يا أخي)؟الجواب: ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال هذا لـعمر، والحديث فيه كلام لأهل العلم، ولا أذكره الآن.
حكم مقولة (فلان شؤم علينا بقدر الله)
السؤال: هل يجوز أن يقال: فلان شؤم علينا بقدر الله؟الجواب: ما يصلح أن يقال مثل هذا الكلام، ومن المعلوم أن التشاؤم والتطير جاءت الشريعة بخلافه، فالإنسان لا يتطير، ولا يتشاءم بأمور وأحوال، وإنما يرضى بقضاء الله وقدره، ويحرص على ما ينفعه، ويبتعد عما يضره، والابتعاد عن التعبيرات التي لا تنبغي، فهذا هو الذي ينبغي للإنسان الحريص على سلامته وسعادته.
الفرق بين الطيرة والخوف من ركوب الطائرات والسيارات
السؤال: هل من الطيرة الخوف من الركوب في الطائرة خوف السقوط أو السيارة خوف الحوادث؟الجواب: هذا ما يعتبر من التطير، لكنه يعتبر من الخوف الشديد، وإلا فإن الشيء إذا غلب عليه السلامة، مثل ركوب الطائرات، والسيارات؛ لأن السلامة هي الغالب، والهلاك نادر جداً، فحوادث السيارات، وحوادث الطائرات، هي نادرة، ما دام أن الغالب هو السلامة، ليس للإنسان أن يكون حريصاً على حياته هذا الحرص الشديد الذي يخالف غيره من الناس، وإنما يرضى بقضاء الله وقدره، وسيصل إليه الأجل ولو ما ركب في الطائرة، أو السيارة، يمكن أن يأتيه القدر في أي لحظة من اللحظات، وركوب الطائرة، وركوب السيارة ما هو سبب الهلاك في الغالب؛ لأن الغالب السلامة في ركوبها، والهلاك هو القليل النادر بالنسبة لسعة السلامة، وكثرة السلامة، لكن هذا فيه حرص زائد على الحياة، وفيه خوف شديد من الإنسان، حتى لو ركب السيارة يمكن أن يحصل له شيئاً يعني من شدة خوفه. وكذا أنه يبتلى بأن يحصل له هذا الشيء، مثل ما يذكرون أن أحداً من الناس ما كان يركب الطائرة، وحتى السيارات الصغيرة ما كان يركبها، يركب السيارات الكبار التي تحمل الأثقال؛ لأنها تضر غيرها، ولا يضرها غيرها، فكان مرة من المرات ركب طائرة، والله سبحانه وتعالى قدر لتلك الطائرة الذي ركبها يصير فيه عجاج في المكان هذا، وتروح إلى مكان آخر، وتنتقل من بلد إلى بلد، فقد ابتلي بهذا الشيء.
الفرق بين من أخرج لهم البخاري تعليقاً، ومن أخرج لهم في الأصول
السؤال: خرج البخاري لبعض الرجال تعليقاً، فهل هم كالرجال الذين خرج لهم في الأصول من حيث العدالة والضبط؟الجواب: ما يقال: إنهم عنده كالذين خرج لهم، لكن قد يكون فيمن خرج له البخاري تعليقاً من هو يعني في غاية الثقة؛ لأنه لا يدل على أن من خرج له تعليقاً أن يقال: أنه خرج له في الأصول؛ لأنه فيه تمييز بين من يورد له تعليقاً، ومن يورد له أصولاً، لكن لا يعني أن من يورد له تعليقاً، أنه يكون فيه ضعف أو كذا.
كيفية قضاء الركعة الفائتة من صلاة الاستسقاء
السؤال: إذا فاتتني ركعة من صلاة الاستسقاء فكيف أقضيها؟ الجواب: تقضى كما تقضى صلاة الاستسقاء، كما تؤدى صلاة الاستسقاء، يعني: عندما يفوته ركعة يأتي بها، مثل ما يأتي بها لو أدركها من أولها، يعني يكبر تكبيرات، ويأتي بالقضاء كهيئة الأداء.
تقبيل رأس الوالدين وأيديهم
السؤال: ما حكم تقبيل يد الوالد أو رأسه؟ الجواب: تقبيل اليد جاء ما يدل عليه، لكن ما ينبغي امتهانه وابتذاله؛ لأنه أصبح ديدناً للصوفية، وللذين يغلون في الأشخاص ويقدسون الأشخاص، ويعملون مع بعض الأشخاص أموراً منكرة، وإلا فإنه في الأصل جائز، يعني حصول تقبيل اليد جائز، جاء ما يدل عليه.
وأما فعل بعضهم: من حط الجبين على اليد، هذا والله أسوأ، وهو يشبه السجود.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #303  
قديم 10-10-2021, 08:26 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب التطبيق)
(207)


- (باب الاعتدال في السجود) إلى (باب النهي عن كف الثياب في السجود)
السجود عبادة عظيمة أمرنا أن نقيمها على أتم وجه، فينبغي للساجد أن يعتمد على السبعة الأعضاء: الأنف مع الجبهة واليدين والركبتين والقدمين، وقد نهينا أن نتمثل في سجودنا بالكلب في انبساطه، والسبع في افتراشه، والغراب في نقره.
الاعتدال في السجود

‏ شرح حديث: (اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الاعتدال في السجود. أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبدة حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس، (ح) وأخبرنا إسماعيل بن مسعود عن خالد عن شعبة عن قتادة سمعت أنساً رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب)، اللفظ لـإسحاق].
يقول النسائي رحمه الله: الاعتدال في السجود. المراد بالاعتدال في السجود: كون الإنسان يأتي بالسجود كما هو مطلوب منه من غير تكاسل، ومن غير تجاوز، والتكاسل بأن تعتمد أعضاؤه بعضها على بعض، فتعتمد بطنه على فخذيه، وفخذيه على ساقيه، ويكون عجزه قريباً من الأرض، صفة الكسول الخامل الذي لا يعتمد على أعضائه التي هي يداه، وكفاه، وقدماه، فالاعتدال في السجود هو تمكين اليدين، والركبتين، والجبهة، والأنف، وأطراف القدمين من الأرض، والمجافاة للعضدين عن الجنبين، بحيث لا يكون الاعتماد على فخذه، أو الفخذ على الساق، وإنما يكون الاعتماد على هذه الأعضاء السبعة، كلها تأخذ نصيبها من السجود، وذلك بالاعتماد عليها، وعدم اعتماد أعضاء الإنسان بعضها على بعض، هذا هو الاعتدال في السجود.
وقد أورد النسائي فيه حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: [(اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه بساط الكلب)]، وقد أشار في الجملة الأخيرة إلى أن مما يخالف الاعتدال في السجود هذه الهيئة التي تدل على الكسل، والخمول، بحيث تكون ذراعيه مبسوطة وموضوعة على الأرض، واعتماده على ذراعه وليس على كفيه، وهذه هيئة الكسول الخامل، فالاعتماد لا يكون على اليدين، وإنما على الذراعين، وهذا في مقدم الجسد، وأما المؤخر فيكون البطن أو الجنبين قد اعتمدا على الفخذين، وكذلك الفخذين على الساقين، فيكون خاملاً كسولاً، لا يعطي مواضع السجود أو أعضاء السجود ما تستحقه من الاعتماد عليها.
تراجم رجال إسناد حديث: (اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب)
قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم]. وهو ابن مخلد بن راهويه الحنظلي المروزي، وهو ثقة، ثبت، إمام، محدث، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً.
[أخبرنا عبدة].
وهو عبدة بن سليمان البصري، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سعيد].
هو سعيد بن أبي عروبة البصري، وهو ثقة، فقيه، كثير التدليس، وهو من أثبت الناس في قتادة، وهو هنا يروي عن قتادة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة].
وهو ابن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس].
أنس بن مالك، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[(ح) وأخبرنا إسماعيل بن مسعود].
(ح) هذه يؤتى بها علامة للتحول من إسناد إلى إسناد، والانتقال من إسناد إلى إسناد؛ لأنه ذكر إسناد شيخه إسحاق بن راهويه، ومضى فيه إلى آخره الذي هو أنس بن مالك راوي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: (ح)، أي: إشارة إلى التحول من إسناد إلى إسناد.
ثم قال: [وأخبرنا]، الواو عاطفة، يعني: تعطف الإسناد الذي بعد (ح) على الإسناد الذي قبلها؛ لأن النسائي قال: [أخبرنا إسحاق]، ثم قال: [وأخبرنا إسماعيل بن مسعود]، فالواو في (وأخبرنا) معطوفة على (أخبرنا إسحاق بن إبراهيم)، وشيخه الثاني إسماعيل بن مسعود هو أبو مسعود البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن خالد].
وهو ابن الحارث البصري، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة].
وهو: ابن الحجاج الواسطي الذي وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو واسطي ثم بصري، يعني كان في واسط ثم انتقل منها إلى البصرة، فيؤتى مع الذي تعددت بلدانه -بأن كان أولاً في بلد، ثم تحول إلى بلد-: تذكر بـ (ثم)، يعني لبيان أنه كان أولاً كذا، ثم كان آخراً كذا.
[عن قتادة].
قتادة مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.
[سمعت أنس بن مالك].
مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا، ولم يوحد الإسنادين عند قتادة ؛ لأن قتادة هو ملتقى الإسنادين؛ لأن الإسناد الأول ينتهي إلى سعيد بن أبي عروبة يروي عن قتادة، والإسناد الثاني يروي عن شعبة عن قتادة، فكان ملتقى الإسنادين هو قتادة، لكنه مضى به إلى آخره، والسبب في هذا: أن الإسناد الثاني فيه تصريح قتادة بالسماع من أنس، حيث قال: سمعت أنساً يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما الأول ففيه الرواية بالعنعنة، يعني فمضى في الإسناد إلى آخره؛ لأنه مشتمل على فائدة، وهي التصريح بالسماع من قتادة؛ لأن قتادة مدلس.
ثم قال في الآخر: [واللفظ لـإسحاق].
يعني: أن اللفظ الذي ساقه -وهو المتن- لشيخه الأول، وهو إسحاق بن إبراهيم بن راهويه، وهذا يبين لنا ما سبق أن أشرت إليه فيما مضى: أن طريقة النسائي ليست الالتزام بطريقة معينة، وهي أن المتن يكون للثاني كما هو صنيع البخاري، بل إنه أحياناً يكون للثاني، وأحياناً يكون للأول، وهذا مما فيه بيان أن المتن للشيخ الأول، والبخاري من طريقته أنه إذا روى الحديث من شيخين بإسناد واحد، فإنه يكون للشيخ الثاني لا للأول، هذا هو الذي عرف بالاستقراء من صنيع البخاري في صحيحه، وأما النسائي فإنه ليس له طريقة ثابتة، بل أحياناً يكون المتن للشيخ للثاني، وأحياناً يكون للشيخ الأول، وهذا مما فيه إضافة المتن إلى الشيخ الأول الذي هو إسحاق.
إقامة الصلب في السجود


شرح حديث: (لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب إقامة الصلب في السجود.أخبرنا علي بن خشرم المروزي أخبرنا عيسى وهو ابن يونس عن الأعمش عن عمارة عن أبي معمر عن أبي مسعود رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود)].
أورد النسائي هذه الترجمة، وهي إقامة الصلب في السجود، وقد سبق أن مر مثل هذه الترجمة، وهي إقامة الصلب في الركوع، وهنا إقامة الصلب في السجود؛ لأن الحديث مشتمل على ذكر الركوع والسجود، يقيم صلبه في ركوعه، وسجوده، يعني بصلبه: ظهره، أي: بأن يسجد متمكناً، فلا يكون عنده إخلال بذلك على هيئة الكسول، ولا هيئة المتجاوز للحد الذي يمتد ويتقدم، وتطول حالة سجوده، فهذا فيه مجاوزة، وهو ضد الكسل والخمول الذي تكون أعضاؤه في حالة يركب بعضها على بعض، أما هذا الثاني لا شيء من ذلك، فيكاد أن يكون متقوساً ما بين ركبته وما بين مقدمه، بحيث تكون الركبتان ذاهبةً إلى الوراء؛ لشدة تقدمه وامتداده في السجود، وإنما يكون في التوسط بأن، يعتمد على أعضائه السبعة التي جاء ذكرها في الحديث، فهذا هو إقامة الصلب في السجود، والاعتدال في السجود، ولا يكون كسولاً، ولا يكون أيضاً متجاوزاً.
ثم أورد حديث أبي مسعود رضي الله عنه قال: [(لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود)].
وكلمة (الرجل) هنا لا مفهوم لها وإنما ذكر الرجال؛ لأن الغالب أن الحديث معهم ، وإلا فالمرأة مثل الرجل، وهي تماثل الرجل في الأحكام إلا إذا جاء شيء دليل يدل على اختصاصها بهيئة معينة تخالف الرجال، وهذا الحديث مثل ما جاء في الحديث: (لا تتقدموا رمضان بيوم أو يومين إلا رجلاً كان يصوم صوماً فليصم)، فكلمة (رجل) تشمل المرأة، وكذلك: (من وجد متاعه عند رجل قد أفلس فهو أحق به من الغرماء)، وكذلك لو وجد متاعه عند امرأة إذا كان قد باع لامرأة وأفلست، فذكر الرجال لا لأن الأحكام تخصهم، ولكن لأن الغالب أن الكلام والحديث معهم.
تراجم رجال إسناد حديث: (لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع
والسجود) قوله: [أخبرنا علي بن خشرم]. هو علي بن خشرم المروزي، وهو ثقة، أخرج له مسلم، والترمذي، والنسائي، وهو معمر؛ لأنه عاش قريباً من مائة سنة، وهو الذي جاء عنه أنه قال: صمت رمضان ثمان وثمانين سنة، أو ست وثمانين سنة، أو ست وسبعين، فمعناه أنه بلغ، وصام هذه الرمضانات الكثيرة بعد بلوغه، فهو من المعمرين.
[أخبرنا عيسى وهو ابن يونس].
وهو عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وهو ثقة، مأمون، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وكلمة هو ابن يونس، هذه ليست من التلميذ الذي هو علي بن خشرم، وإنما هي من النسائي أو من دون النسائي؛ لأن التلميذ كما ذكرت مراراً وتكراراً لا يحتاج إلى أن يقول: (هو)، بل ينسب شيخه كما يريد، يمكن أن يأتي بسطر كامل لشيخه، مثل ما فعل النسائي في إسناد سيأتي، بمقدار سطر كامل وزيادة، كله يتعلق بشيخه؛ لأن التلميذ يذكر الشيخ كما يريد، ولكن من دون التلميذ لا يزيد على ما ذكر التلميذ، بل يأتي به كما أتى به التلميذ، وإذا أراد أن يوضح فإنه يأتي بكلمة (هو) أو (يعني)، ويأتي بعدها بما يوضح.
[عن الأعمش].
وهو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمارة].
هو عمارة بن عمير الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي معمر].
وهو عبد الله بن سخبرة الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي مسعود].
هو عقبة بن عمرو الأنصاري رضي الله تعالى عنه، وهو صحابي مشهور، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
النهي عن نقرة الغراب


شرح حديث: (أن رسول الله نهى عن ثلاث: عن نقرة الغراب ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب النهي عن نقرة الغراب.
أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم عن شعيب عن الليث حدثنا خالد عن ابن أبي هلال عن جعفر بن عبد الله: أن تميم بن محمود أخبره: أن عبد الرحمن بن شبل رضي الله عنه أخبره: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثلاث: عن نقرة الغراب، وافتراش السبع، وأن يوطن الرجل المقام للصلاة كما يوطن البعير)].
يقول النسائي النهي عن نقرة الغراب. والمقصود بذلك أنه أوردها في باب السجود، وإن كان نقر الغراب يكون في جميع الصلاة، فهو ينقر الصلاة، يعني: كما ينقر الغراب، معناه: أنه يسرع، ويبادر بها بإسراع شديد، ولكنه ذكره في السجود؛ لأن هذا هو الذي يناسبه أكثر، من جهة أن الغراب إذا أراد أن يأخذ شيئاً من الأرض، فإنه ينزل رأسه ومنقاره عليه بسرعة ثم يرفعه، فكذلك الذي يسجد فإنه يضع رأسه على الأرض بسرعة ثم يرفعه، فهذا مثل نقر الغراب، فذكره في حال السجود مناسب؛ لأنه يشبهه، وإلا فإن الاستعجال في الصلاة، يقال عنه: إنه ينقر الصلاة كما ينقر الغراب، ولكن الشبه أكثر فيما يتعلق بالأرض؛ لأنه عندما يريد أن يأخذ شيئاً ليأكله فإنه ينزل رأسه ثم يرفعه بسرعة بدون تمهل وبدون تؤدة، بل بسرعة شديدة، فشبه به من ينقر الصلاة، ومن إذا وصل وجهه إلى الأرض يرفعه دون أن يستقر، ودون أن يطمئن في سجوده.
وأورد تحت الترجمة حديث عبد الرحمن بن شبل رضي الله عنه: (أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن ثلاث: نقرة الغراب، وافتراش السبع، وأن يوطن..)، المشتمل على هذه الأمور الثلاثة، ومحل الشاهد منها الأول، وهو قوله: [(نهى عن نقرة الغراب)]؛ لأن هذا هو محل الشاهد، لكونه مثل الذي عندما يلقط الأكل بسرعة.
(وافتراش السبع)، قد مر؛ الذي هو افتراش الكلب، وانبساطه، فإنه يبسط يديه في الأرض، ويعتمد على ذراعيه، ولا يعتمد على كفيه، وهي هيئة تدل على الكسل والخمول.
فافتراش السبع والكلب كلها بمعنى واحد.
قوله: [(أن يوطن الرجل المقام للصلاة كما يوطن البعير)]، يعني: معناه: أنه يتخذ مكاناً في المسجد لا يصلي إلا فيه، كما يوطن البعير الذي ألف، واعتاد أنه ما يتمرغ إلا في المكان الدمث الذي يكون عند العطن، عندما يشرب، وتبرك الإبل في معاطنها، يختار البعير ذلك المكان الدمث الذي يتمرغ فيه، ويبقى فيه، فيكون الرجل هيئته تلك، ولعل السبب في هذا لأجل الإكثار من المواضع، ومن المعلوم أن الأرض تشهد لصاحبها يوم القيامة، والمواضع المتعددة تشهد لصاحبها، وأنه حصل عليها كذا من فعل الخير، يعني بخلاف المكان المعين الواحد فإنه لا يكون فيه تعدد البقع التي تشهد لصاحبها، أو للذي صلى عليها يعني يوم القيامة، كما جاء في القرآن الكريم: (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا )[الزلزلة:4]، وتشهد على ما فعل على ظهرها من خير وشر، ويخرج بذلك الإمام، وذلك لأن مكانه واحد وهو المكان المعين أمام المصلين.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #304  
قديم 10-10-2021, 08:26 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله نهى عن ثلاث: عن نقرة الغراب ...)
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم]. محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له النسائي وحده.
[عن شعيب].
هو شعيب بن الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، نبيل، فقيه كما قال الحافظ ابن حجر في التقريب. أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي.
[عن الليث].
هو الليث بن سعد، وهو ثقة، فقيه، محدث، فقيه مشهور، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا خالد].
وهو خالد بن يزيد المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن أبي هلال].
وهو سعيد بن أبي هلال المصري، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن جعفر بن عبد الله].
هو جعفر بن عبد الله بن الحكم، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[أن تميم بن محمود].
قال فيه الحافظ في التقريب: فيه لين، خرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه .
[أن عبد الرحمن بن شبل أخبره].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه .
والحديث في سنده تميم بن محمود، والذي قد قال فيه الحافظ: فيه لين، وقد وثقه ابن حبان، وتكلم فيه بعض العلماء، والشيخ الألباني حسن إسناد هذا الحديث، وأنا ما أدري وجه تحسينه له، هل بمتابع أو وجود شيء يعضده في هذا.
النهي عن كف الشعر في السجود


شرح حديث: (أمرت أن أسجد على سبعة، ولا أكف شعراً ولا ثوباً)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب النهي عن كف الشعر في السجود.أخبرنا حميد بن مسعدة البصري عن يزيد وهو ابن زريع حدثنا شعبة وروح يعني ابن القاسم عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أمرت أن أسجد على سبعة، ولا أكف شعراً ولا ثوباً)].
هنا أورد النسائي هذه الترجمة، وهي النهي عن كف الشعر في السجود، أي: كون الإنسان عندما يسجد يكون شعره مكفوفاً، بمعنى أنه يرد شعره بأن يجمعه وراء ظهره ويشده، أو يرفعه بطاقية أو بغيرها، بحيث يأخذ الشعر ويجعله تحتها ويرده إلى الخلف؛ وذلك لأنه لا يمكن للشعر أن يسجد كما يسجد الوجه، وإرساله أو تركه دون أن يدفعه، ودون أن يرده إلى الآخر، فإنه يحصل مشاركته في السجود، أي: يكون له نصيب في السجود، هذا هو وجه النهي عن ذلك.
والنسائي أورد حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنه أنه قال: [(أمرت أن أسجد على سبعة)]، والسبعة جاءت مفسرة في بعض الروايات، وقد مر ذكرها، وهي: الأنف، والجبهة، واليدان، والركبتان، وأطراف القدمين، فهذه هي الأعضاء السبعة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد عليها.
وقوله: [(أمرت)]، الآمر للنبي صلى الله عليه وسلم هو الله عز وجل؛ وأما الصحابي إذا قال: أمرت أو أمرنا، فإنه يقصد بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم مبلغ عن الله، والآمر في الحقيقة هو الله عز وجل، ولكن يمكن أن يضاف إلى الرسول صلى الله عليه وسلم مثل ما جاء في حديث علي المتقدم: (نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم)، ولا أقول: نهاكم، ومن المعلوم أن نهي الرسول صلى الله عليه وسلم، إنما هو تبليغ عن الله عز وجل، ويضاف إليه النهي والأمر؛ لأنه هو الذي بلغ عن الله عز وجل، وإلا فإن الآمر الناهي في الحقيقة هو الله عز وجل، والله عز وجل يقول: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:3-4]، يعني: السنة هي وحي من الله عز وجل، إلا أنه وحي غير متعبد بتلاوته كالقرآن، وإلا فإن القرآن، والسنة متعبد بالعمل بهما، بتصديق أخبارهما، وامتثال أوامرهما، واجتناب نواهيهما.
قوله: [(ولا أكف شعراً )].
يكفه يعني في مقدمة رأسه بحيث يرجعه إلى الوراء، سواء كان بشده أو بوضع شيء عليه يرده إلى الآخر مثل الطاقية.
تراجم رجال إسناد حديث: (أمرت أن أسجد على سبعة ولا أكف شعراً ولا ثوباً)
قوله: [أخبرنا حميد بن مسعدة].هو حميد بن مسعدة البصري، وهو صدوق، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن يزيد وهو ابن زريع].
ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وكلمة [هو ابن زريع]، هذه أضافها من دون حميد بن مسعدة الذي هو النسائي أو من دون النسائي.
[حدثنا شعبة وروح يعني ابن القاسم].
شعبة هو ابن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث.
وروح هو ابن القاسم، وهو ثقة، حافظ، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي، فإنه لم يخرج له شيئاً.
وكلمة: [يعني ابن القاسم]، قالها من دون يزيد بن زريع، إما حميد بن مسعدة أو النسائي أو من دون النسائي، وكلمة (يعني) هي مثل كلمة (هو)، فمؤداهما واحد؛ ويؤتى بهما للتوضيح، والمقصود بها أن الذي قالها غير التلميذ؛ وفاعل (يعني) ضمير مستتر يرجع للتلميذ، وهو ابن زريع، قال: من دون يزيد بن زريع يعني به يزيد بن زريع.
روح بن القاسم، فكلمة (يعني) لها قائل ولها فاعل، قائلها من دون يزيد بن زريع، وفاعلها ضمير مستتر يعود إلى يزيد بن زريع؛ لأنه فعل مضارع له فاعل، والفاعل ضمير مستتر يرجع إلى يزيد بن زريع، أي: قال من دون يزيد بن زريع: ابن القاسم.
وهذا الإسناد جمع فيه بين اللفظين اللذين يوضح بهما وهما كلمة (هو) عند ابن زريع، وكلمة (يعني) عند روح بن القاسم.
[عن عمرو بن دينار]
هو عمرو بن دينار المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن طاوس].
هو طاوس بن كيسان اليماني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة في أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهم جميعاً من صغار الصحابة، وهم عبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، إذا قيل: العبادلة الأربعة فهم هؤلاء الأربعة، وأيضاً ابن عباس أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
مثل الذي يصلي ورأسه معقوص


شرح حديث ابن عباس في مثل من يصلي ورأسه معقوص
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب مثل الذي يصلي ورأسه معقوص.أخبرنا عمرو بن سواد بن الأسود بن عمرو السرحي من ولد عبد الله بن سعد بن أبي السرح أخبرنا ابن وهب أخبرنا عمرو بن الحارث: أن بكيراً حدثه: أن كريباً مولى ابن عباس حدثه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: (أنه رأى عبد الله بن الحارث يصلي ورأسه معقوص من ورائه، فقام فجعل يحله، فلما انصرف أقبل إلى ابن عباس فقال: ما لك ورأسي؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما مثل هذا مثل الذي يصلي وهو مكتوف)].
يقول النسائي: باب مثل الذي يصلي ورأسه معقوص، يعني: أنه مثل المكتوف الذي يسجد وهو مكتوف اليدين، يديه قد شدت وراء ظهره، فلا يتمكن أن يستجديهما؛ لأن يديه قد شدت وراءه، فالذي يسجد أو يصلي ورأسه معقوص، يعني: معناه أن شعره قد ذهب به إلى الوراء، مثل الذي يصلي وهو مكتوف، يعني: يداه مكتوفتان، لا تصل إلى الأرض، ولا يتمكن من السجود عليهما، والنسائي عقد الترجمة ببعض الحديث؛ لأن الحديث فيه ضرب المثل، ولكنه قال: باب مثل الذي يصلي ورأسه معقوص.
ثم أورد حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنه أنه رأى عبد الله بن الحارث يصلي ورأسه معقوص، فجاء وجعل يحله وهو في الصلاة، يعني: ذاك يصلي كأنه في نافلة، فجاء وجعل يحله، ولما فرغ من صلاته قال: [(ما لك ولرأسي؟)]، يقولها عبد الله بن الحارث، فقال ابن عباس: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (مثل هذا -أي الذي يصلي ورأسه معقوص- مثل الذي يصلي وهو مكتوف)، الحديث أورده ابن عباس رضي الله تعالى عنه، واستدل به على الفعل الذي فعله مع عبد الله بن الحارث، وهو: كونه جعل يحل رأسه المشدود، أو المعقوص إلى ورائه، جعل يحله وذاك في الصلاة، والمحصل، أنه لم يمكن شعره من السجود على الأرض كهيئة الذي يصلي وهو مكتوف.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في مثل من يصلي ورأسه معقوص
قوله: [عمرو بن سواد بن الأسود بن عمرو السرحي].من ولد عبد الله بن سعد بن أبي السرح، هذا الكلام كله من النسائي ينسب شيخه، وكما قلت: التلميذ لا يحتاج إلى أنه يقول: هو، بل يأتي بالكلام الذي يريد ولو كان طويلاً، مثل ما فعله هنا، سطر كامل كله يتعلق بشيخ النسائي، عمرو بن سواد بن الأسود بن عمرو السرحي، من ولد عبد الله بن سعد بن أبي السرح.
أي: كل هذا الكلام من النسائي يعرف ويوضح به شيخه، فالتلميذ لا يحتاج إلى أن يقال: (هو)، وإنما يأتي بالكلام مباشرة؛ لأن الكلام كلامه، وإنما الذي يحتاج إلى كلمة (هو) أو كلمة (يعني) من دون التلميذ.
فعمرو بن سواد ثقة، أخرج له مسلم، والنسائي، وابن ماجه .
[أخبرنا ابن وهب].
وهو عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا عمرو بن الحارث].
وهو المصري، وهو: ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أن بكيراً].
هو بكير بن عبد الله بن الأشج المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أن كريباً مولى ابن عباس].
هو كريب بن أبي مسلم مولى ابن عباس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
رضي الله تعالى عنهما قد مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.
وأما عبد الله بن الحارث فهو عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، وقد ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وحنكه الرسول صلى الله عليه وسلم، وروى عن كبار الصحابة، وممن روى عنه ابن عباس، لكنه هنا ليس من رواة الحديث.
النهي عن كف الثياب في السجود

شرح حديث ابن عباس في النهي عن كف الثياب في السجود
قال المصنف رحمه الله تعالى: [النهي عن كف الثياب في السجود. أخبرنا محمد بن منصور المكي عن سفيان عن عمرو عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (أُمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد على سبعة أعظم، ونهي أن يكف الشعر والثياب)].
هنا أورد النسائي هذه الترجمة وهي: النهي عن كف الثياب في السجود، وأورد فيها حديث ابن عباس الذي مر ذكره قريباً عند النهي عن كف الشعر في السجود من طريق أخرى، وفيه ما في الذي قبله من الدلالة على النهي عن كف الشعر، والثياب في السجود، وقد مر بنا الحديث من طرق متعددة الذي هو حديث ابن عباس، وفيه النهي عن كف الشعر، والثياب، والنهي عن كف الثياب، يعني كونه يرفعها عند السجود، ويكفها ويجمعها، يعني: ينحيها عن الأرض، وإنما يجعلها على هيئتها وتصل إلى الأرض، ويسجد عليها، أي: على ثيابه تحت ركبتيه وتحت ساقه، ولا يكفها، وإنما يتركها، فلا يكف الشعر ولا الثياب.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في النهي عن كف الثياب في السجود
قوله: [أخبرنا محمد بن منصور المكي]. نسبه المكي، والنسائي في مواضع نسبه بالمكي، وقد سبق أن عرفنا أنه يراد به الجواز الذي هو المكي؛ لأن من شيوخ النسائي من يسمى محمد بن منصور الطوسي والمكي، والذي يروي عن سفيان بن عيينة كثيراً هو المكي؛ لأنه من بلده، وإن كان الطوسي روى عنه، إلا أنه يحمل عند الإهمال إذا لم ينسب على من يكون أكثر اتصالاً، وهو من أهل بلده، وهنا نص على أنه المكي، فهذا يرشد ويشعر بأنه إذا حصل الإهمال فإن المقصود به المكي؛ يحمل على من له به اتصال، ومن له به علاقة أكثر، وكل منهما من مكة، سفيان بن عيينة من مكة، ومحمد بن منصور المكي من مكة، فالارتباط بينها، والاتصال وثيق دائماً وأبداً، بخلاف الذي لا يكون من بلده.
وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن سفيان].
هو سفيان بن عيينة المكي، وهو ثقة، حجة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو عن طاوس عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهم.
الأسئلة

إعطاء الزكاة لمن تجب على المزكي نفقته
السؤال: هل يجوز إيتاء الزكاة إلى من يجب على المزكي نفقته، كإيتاء الوالد زكاته إلى ولده؟ وكيف يكون العكس؟ وكالزوج إلى زوجته، وكيف يكون العكس؟ الجواب: لا يجوز لأحد أن يعطي الزكاة لمن تجب نفقته عليه؛ لأن هذا يعتبر حماية ووقاية للمال؛ لأنه يقي ماله بأن يترك أداء الشيء الواجب عليه، ويتخلص منه بالزكاة، فلا يجوز أن يعطي زكاته من تجب نفقته عليه، بل يعطيه من ماله، فالشيء الواجب عليه يخرجه من ماله، والزكاة يعطيها للفقراء، والمساكين، فلا يدفع الوالد الزكاة لولده، ولا الولد زكاته لوالده، فالزكاة لا تعطى للأصول ولا للفروع، وكذلك الزوجة، لا يجوز أن يعطيها زكاته.
مجافاة المرأة في الصلاة
السؤال: هل المجافاة في الصلاة حكمها تشمل المرأة؟ الجواب: الأصل في الأحكام أن النساء والرجال سواء، ولا أعلم دليلاً يدل على تميز المرأة بعدم المجافاة.
المقصود بالكفاءة في الزواج
السؤال: ما المراد بالكفء في الزواج؟ نرجو توضيح هذا الحكم. الجواب: الكفء في الزواج هو الذي يرضى دينه، ويكون مكافئاً للزوجة، بحيث يكون من جنسها، ولا يترتب مفاسد على الزواج، ولا يكون هناك حساسيات.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #305  
قديم 10-10-2021, 08:28 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب التطبيق)
(208)


- (باب السجود على الثياب) إلى (باب النهي عن القراءة في السجود)
لقد دلت السنة النبوية على جواز السجود على الثياب في شدة الحر، ما يدل على سماحة ويسر هذا الدين العظيم، إن السجود معناه أن تضع أشرف عضو فيك -وهو الوجه- على الأرض خضوعاً لله تبارك وتعالى، ولذا كان العبد أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد فعليه أن يكثر من الدعاء والتضرع لله رب العالمين.
السجود على الثياب

‏ شرح حديث أنس: (كنا إذا صلينا خلف رسول الله بالظهائر سجدنا على ثيابنا...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله بن المبارك عن خالد بن عبد الرحمن هو السلمي حدثني غالب القطان عن بكر بن عبد الله المزني عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالظهائر سجدنا على ثيابنا اتقاء الحر)].يقول النسائي رحمه الله: باب السجود على الثياب. ومقصود النسائي من هذه هو: أنه في شدة الحر يسجد على الثياب؛ أي: على أطرافها وأجزائها؛ حتى يتقي بها الإنسان شدة الحرارة عن وجهه ويديه عند السجود، وقد سبق أن مر بنا باب في تبريد الحصى عند السجود، وهذه الترجمة تتعلق بالسجود على الثياب، والمراد بها الثياب التي تكون على الإنسان؛ بمعنى: أنه يكون عليه إزار ورداء، فيرخي طرف ردائه ويجعله أمامه، فيضع يديه ووجهه عليه اتقاء الحرارة.
وقد أورد النسائي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنهم كانوا إذا صلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهائر -يعني: في شدة حرارة الشمس- يسجدون على ثيابهم اتقاء الحر والرمضاء، وحرارة الشمس التي تكون على الأرض، فيتقونها بتلك الثياب، وهذا فيه دليل على جواز مثل هذا العمل، ويمكن أن يكون المراد به: أنه شيء يضعونه من الثياب، لكنه شيء متصل بهم، وعليهم من ملبوساتهم، كالرداء الذي يكون على الإنسان، ويكون له طرفان، فيبسط أحد طرفيه، ويسجد عليه، والرداء على كتفيه، هذا هو الأظهر والأقرب، وفيه دليل أيضاً على جواز السجود على الفرش، وعلى شيء يقي الأرض، وقد جاءت السنة بالسجود على الحصير، وهذا يدل على ما دل عليه ذلك، من جهة أنه يسجد على شيء، ويكون الإنسان بينه وبين الأرض شيء؛ يتقي به الأرض إذا كانت حارة، فالحديث دال على هذا.
تراجم رجال إسناد حديث أنس: (كنا إذا صلينا خلف رسول الله بالظهائر سجدنا على ثيابنا...)
قوله: [أخبرنا سويد بن نصر].هو سويد بن نصر المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[أخبرنا عبد الله بن المبارك].
هو المروزي أيضاً، وهو ثقة، ثبت، عالم، جواد، مجاهد، قال عنه الحافظ ابن حجر بعدما ذكر جملة من صفاته في التقريب: جمعت فيه خصال الخير، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن خالد بن عبد الرحمن هو السلمي].
صدوق يخطئ، وقد أخرج حديثه البخاري، والترمذي، والنسائي.
وقوله: [هو السلمي]، هذه زيادة زادها من دون تلميذ خالد بن عبد الرحمن، وهو سويد بن نصر، أو من دون سويد بن نصر؛ الذي هو النسائي، أو من دونه زادها؛ لأنها ليست من لفظ عبد الله بن المبارك، ولكن أراد من دون عبد الله بن المبارك أن يبين هذا الرجل، فقال: [هو السلمي]، ولم يقل: السلمي بدون (هو)؛ لأنها لو قيلت بدون (هو) لفهم أنها من كلام ابن المبارك، وابن المبارك ما قال في الإسناد: أخبرنا خالد بن عبد الرحمن السلمي، وإنما قال: خالد بن عبد الرحمن فقط، فالذي دون سويد بن نصر هو الذي أضاف هذه الزيادة الموضحة المبينة، وأتى بكلمة (هو)، حتى يتبين أنها ليست من التلميذ؛ الذي هو عبد الله بن المبارك، وإنما هي ممن دون التلميذ.
[حدثني غالب القطان].
هو غالب بن خطاف القطان، وهو صدوق، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن بكر بن عبد الله].
هو بكر بن عبد الله المزني، وهو ثقة، ثبت، جليل، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس].
هو أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخادمه، قد خدمه عشر سنوات؛ منذ قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة إلى أن توفاه الله عز وجل، وهو متشرف بخدمته رضي الله تعالى عنه، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
الأمر بإتمام السجود


شرح حديث: (أتموا الركوع والسجود ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الأمر بإتمام السجود.أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبدة عن سعيد عن قتادة عن أنس رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أتموا الركوع والسجود، فوالله إني لأراكم من خلف ظهري في ركوعكم وسجودكم)].
هنا أورد النسائي هذه الترجمة وهي: إتمام السجود، وأورد فيه حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(أتموا الركوع والسجود، فوالله إني لأراكم من خلف ظهري في ركوعكم وسجودكم)].
قوله: [(أتموا الركوع والسجود)].
يعني: كون المصلي يأتي بهما على الهيئة المشروعة، ويطمئن فيهما، ويأتي بالركوع على الهيئة المشروعة، وبالسجود على الهيئة المشروعة، مع الاطمئنان في ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(إني لأراكم من خلف ظهري في ركوعكم وسجودكم)]، ومعنى هذا: أن فيه تنبيه إلى الهيئة التي ينبغي أن يكونوا عليها، وأن الله تعالى يري نبيه إياهم، وإن كانوا من ورائه، فإن هذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم، والحديث سبق أن مر فيما مضى.
تراجم رجال إسناد حديث: (أتموا الركوع والسجود ...)
قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم]. هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي المروزي، وهو ثقة، ثبت، مجتهد، محدث، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من الصفات العالية، والألقاب الرفيعة، التي لم يظفر بها إلا النادر القليل من المحدثين، وحديث إسحاق بن راهويه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه ، وسبق أن ذكرت: أن لفظ ابن راهويه للمحدثين، وللغويين لهم إطلاقان، فالمحدثون يقولون: ابن راهويه بسكون الواو وضم ما قبلها، وفتح الياء بعدها، وأما اللغويون فيقولون: راهويه، يعني بفتح الواو وسكون الياء، يعني يكون مختوماً بويه، يكون عند اللغويين مختوماً بويه، عند اللغويين مختوم بالواو والساكنة التي بعدها ياء مفتوحة وهاء، وما قبل الواو يكون مضموماً؛ راهويه، وكما قلت: أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه .
[أخبرنا عبدة].
هو عبدة بن سليمان البصري، وهو ثقة ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد].
هو ابن أبي عروبة، وهو ثقة، كثير التدليس، وهو من أثبت الناس في قتادة، وهو يروي عن قتادة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس].
هو أنس بن مالك رضي الله عنه، وقد مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #306  
قديم 10-10-2021, 08:28 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

النهي عن القراءة في السجود

شرح حديث علي: (نهاني حبي صلى الله عليه وسلم عن ثلاث ... ولا أقرأ ساجداً ولا راكعاً) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب النهي عن القراءة في السجود.أخبرنا أبو داود سليمان بن سيف حدثنا أبو علي الحنفي وعثمان بن عمر قال أبو علي: حدثنا، وقال عثمان: أخبرنا داود بن قيس عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبيه عن ابن عباس عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: (نهاني حبي صلى الله عليه وسلم عن ثلاث: لا أقول: نهى الناس، نهاني عن تختم الذهب، وعن لبس القسي، وعن المعصفر المفدمة، ولا أقرأ ساجداً ولا راكعاً)].
هنا أورد النسائي هذه الترجمة؛ وهي: النهي عن القراءة في السجود، وقد سبق أن مر في الترجمة: النهي عن القراءة في الركوع، وقد أورد النسائي حديث علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه قال: [(نهاني حبي صلى الله عليه وسلم)]، و(حبي) بمعنى حبيبي؛ لأن الحب هو بمعنى الحبيب؛ ولهذا يقال عن أسامة بن زيد: الحب ابن الحب؛ حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن حبه، يعني: حبيبه أو محبوبه وابن محبوبه، فالحب بمعنى الحبيب، وكما أنه يأتي ذكر الحبيب أيضاً في كلام بعض الصحابة في كلام أبي الدرداء رضي الله عنه في صحيح مسلم أنه قال: (أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاث: ركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن أوتر قبل أن أرقد)، وقال أبو هريرة: (أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: ركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن أوتر قبل أن أنام)، وهنا يقول علي رضي الله عنه: [نهاني حبي صلى الله عليه وسلم، ولا أقول: نهى الناس]، يقصد بذلك: أن تحديث الرسول صلى الله عليه وسلم إياه بهذا كان وحده ليس معه أحد، ولهذا قال: [نهاني]؛ لأنه كان وحده عندما حدثه صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث، ولم يكن معه أحد، وليس معنى ذلك أن الحكم يخصه، وأن الناس لا يشاركونه في هذا الحكم، فإن خطاب الرسول صلى الله عليه وسلم لواحد خطاب للجميع، وخطابه للواحد خطابه للأمة، لكن هذا هو معنى كلام علي رضي الله عنه: [نهاني ولا أقول: نهى الناس]؛ لأنه ما قال: لا تفعلوا كذا، أو افعلوا كذا، بخطاب الجمع للناس، وإنما كان يخاطبه وحده ليس معه أحد؛ فمن أجل ذلك أتى بالصيغة على الهيئة التي حصل بها التحمل، هذا هو معنى كلام علي رضي الله عنه، وليس معنى ذلك أن هذا حكم يخصه، فإن الأحكام عامة، ولا تكون خاصة إلا إذا جاء نص يدل على الخصوص؛ مثل قصة الرجل الذي ضحى قبل الصلاة، ثم قال: إن لنا عناقاً داجناً، والعناق: هي التي لم تبلغ، السنة التي تجزئ فيها الأضحية، فقال: فهل تجزئ عني؟ قال: (تجزئ عنك ولن تجزئ عن أحد بعدك)، فقوله: [(لن تجزئ عن أحد بعدك)]، يعني: أن هذا حكم يخصه؛ لأنه جاء نص من رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الخصوص. ومثل ما جاء في قصة خزيمة بن ثابت الذي اعتبر الرسول صلى الله عليه وسلم شهادته عن اثنين، فهذا يخصه، فلا يقال: إن هذا حكم عام.
وكلام علي رضي الله عنه الذي قاله ليس المراد منه أن هذا من خصائصه، وأن هذا حكم يخصه، وأن النهي يتعلق به، ولا يتعلق بغيره، وإنما مراده أنه حين التحمل كان وحده، والرسول صلى الله عليه وسلم قال له: لا تلبس كذا، أو أنهاك عن لبس كذا وكذا، فعندما ذهب يحدث عن تحديث الرسول إياه، قال: [نهاني]؛ لأنه قال: لا تفعل كذا، لا تلبس كذا، فالخطاب موجه إليه، فصار عند الأداء يماثل التحمل؛ لأنه كان عند التحمل بالإفراد، وعند الأداء أتى به على صيغة الإفراد، قال: [نهاني الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أقول: نهى الناس عن تختم الذهب].
يعني: كون الرجل لا يتختم بالذهب، ولا يجوز للمسلم أن يتختم بخاتم الذهب، إنما استعمال الذهب للنساء، والرجال لا يستعملون الذهب، والنبي صلى الله عليه وسلم أخذ ذهباً وحريراً وأشار بهما والناس يرون، قال: (هذان -أي: الذهب والحرير- حرام على ذكور أمتي، حل لإناثها)، والنساء لهن أن يتختمن، ولهن أن يلبسن الذهب والفضة كما شئن، ومعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما جاء النساء وخطبهن يوم العيد، بعدما خطب الناس وجاء وتكلم معهن، وقال: (تصدقن يا معشر النساء! فإني رأيتكن أكثر حطب جهنم)، فجعلن يلقين في ثوب بلال من أقراطهن وخواتيمهن، يعني: تنزع الخواتم؛ لأنها تبادر إلى الصدقة، يعني: ما كان معها إلا الخواتم، أو ما معها إلا الحلي، فجعلن يلقين من خواتمهن وأقراطهن؛ يعني: ينزعن مما على الأذنين، ومما في أصابع اليدين من الخواتم، يلقين بأقراطهن وخواتيمهن، فالتختم بالذهب والفضة للنساء سائغ وجائز، والرجال لا يجوز لهم استعمال الذهب.
قوله: [(وعن لبس القسي)].
هي ثياب مضلعة بالحرير، وتنسب إلى بلد تصنع فيه، فنهى عن ذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ وذلك لأنها من الحرير أو مخلوطة بالحرير، والرجال منهيون عن استعمال الحرير وعن لبس الحرير.
قوله: [(وعن المعصفر المفدمة)].
قد سبق أن مر الحديث عن لبس المعصفر والمفدم، والمعصفر غير المفدم، المفدم هو: المصبوغ أو الذي لونه لون أحمر قان شديد الحمرة متناهي في الحمرة، يعني نهى عن المعصفر، وهو: الذي صبغ بذلك النبات الذي يصبغ به ويقال له: المعصفر، وهو لونه أصفر، وعن المفدم، وهو الذي صبغ باللون الأحمر، والمراد به المتناهي في الحمرة الذي لا يقبل الزيادة، لا يقبل أن يزاد عليه في هذا اللون؛ لأنه بلغ نهايته وغايته في الحمرة.
قوله: [(ولا أقرأ ساجداً ولا راكعاً)].
هذا هو محل الشاهد، يعني: لا أقرأ في الركوع والسجود؛ لأن القراءة إنما هي في حال القيام قبل الركوع، هذه محل القراءة، وهي التي يطول فيها القيام، وتكون فيها القراءة، وأما الركوع والسجود فليس محلاً للقراءة، فالركوع محل تعظيم الرب، وكثرة الثناء عليه وتعظيمه، والسجود محل كثرة الدعاء. ويجوز تعظيم الرب في السجود مثل: سبحان ربي الأعلى، وسبوح قدوس، ويجوز أيضاً الدعاء في الركوع كما دل عليه قوله: (سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي)؛ لأن اللهم اغفر لي يؤتى بها في الركوع وهي دعاء، وهي لفظ مشتمل على ثناء ودعاء، (سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي)، فيؤتى بها في الركوع والسجود، وهي مشتملة على: ثناء ودعاء، والثناء الغالب عليه أن محله الركوع، والدعاء الغالب عليه أن محله السجود، لكن يجوز الدعاء في حال الركوع، والثناء في حال السجود.
تراجم رجال إسناد حديث علي: (نهاني حبي صلى الله عليه وسلم عن ثلاث .. ولا أقرأ ساجداً ولا راكعاً) قوله: [أخبرنا أبو داود سليمان بن سيف]. هو سليمان بن سيف الحراني، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا أبو علي الحنفي وعثمان بن عمر].
أبو علي الحنفي هو عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي، وهو صدوق، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وأما عثمان بن عمر فهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[قال أبو علي: حدثنا، وقال عثمان: أخبرنا].
يعني: معنى أن الصيغة التي حصلت من كل منهما تختلف، فأشار النسائي إلى صيغة كل منهما، وهذه الطريقة قليلة عند النسائي، وأما عند مسلم فهي كثيرة جداً، فما أكثرها في صحيح مسلم، يقول: إذا ذكر شيوخه ذكر من قال: حدثنا، ومن قال: أخبرنا؛ قال فلان: حدثنا، وقال فلان: أخبرنا، هذه موجودة بكثرة في صحيح مسلم، وأما النسائي، فهي عنده قليلة، والسبب في هذا أن ذكر عدد من الشيوخ في إسناد واحد قليل، الكثير هو أنه يروي عن شيخ واحد، لا يذكر شيخين، وذكر الشيخين معاً هذا قليل جداً بالنسبة لكثرة الرواة عن شيخ واحد، وبإسناد واحد، بخلاف مسلم، فإنه يجمع الأسانيد، ويجمع الأحاديث في مكان واحد، فيحتاج إلى أن يجمعهم في إسناد واحد، ويذكر عدد من شيوخه، ويبين من قال كذا ومن قال كذا، وكذلك من له اللفظ منهم.
[داود بن قيس].
ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
أبوه عبد الله بن حنين، وهو كذلك ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ وهم: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[عن علي بن أبي طالب].
هو أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، أبو الحسنين، وصهر رسول الله عليه الصلاة والسلام على ابنته فاطمة رضي الله تعالى عنهما، وهو ذو المناقب الجمة، والخصال الحسنة، والمناقب العظيمة رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
حديث علي: (نهاني رسول الله أن أقرأ راكعاً أو ساجداً) وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح أخبرنا ابن وهب عن يونس (ح) والحارث بن مسكين قراءةً عليه وأنا أسمع عن ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب حدثني إبراهيم بن عبد الله: أن أباه حدثه أنه سمع علياً رضي الله عنه قال: (نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ راكعاً أو ساجداً)].هنا أورد النسائي حديث علي رضي الله عنه أنه قال: [(نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ راكعاً وساجداً)]، وهو طريق آخر، ولكنه مختصر من الحديث الأول، وهي طريق أخرى من حديث علي مختصرة، اقتصر فيها على ذكر النهي عن القراءة في الركوع والسجود، الذي هو محل الشاهد للترجمة.
قوله: [أخبرنا أحمد بن عمرو].
هو أحمد بن عمرو بن السرح المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه ، ما خرج له البخاري، ولا الترمذي.
[أخبرنا ابن وهب].
هو عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يونس].
هو يونس بن يزيد الأيلي، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[(ح) والحارث بن مسكين].
(ح) التحول من إسناد إلى إسناد، والحارث بن مسكين معطوف على أحمد بن عمرو بن السرح، الذي هو شيخه؛ لأن هذا شيخ آخر له؛ وهو الحارث بن مسكين المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن ابن وهب].
هو الذي مر ذكره.
[عن يونس].
يونس بن يزيد هو الذي تقدم ذكره في الطريق الأولى.
[عن ابن شهاب].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، وهو ينسب إلى جده شهاب، وإلى جده زهرة بن كلاب، فيقال: الزهري، ويقال: ابن شهاب، وهو ثقة، فقيه، محدث، إمام جليل، معروف بكثرة الرواية، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، وهو من صغار التابعين الذين أدركوا صغار الصحابة، وهو ممن يروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وأنس من صغار الصحابة، والزهري من صغار التابعين.
[حدثني إبراهيم بن عبد الله].
هو إبراهيم بن عبد الله بن حنين.
[عن أبيه عن علي].
قد مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا، وأبوه يروي عن علي مباشرة وبدون واسطة، يعني يروي بواسطة ابن عباس، ويروي عن علي مباشرة وبدون واسطة.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #307  
قديم 10-10-2021, 08:30 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب التطبيق)
(209)


- (باب الأمر بالاجتهاد في الدعاء في السجود) إلى (باب نوع آخر من الدعاء في السجود)
أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، لذا يستحب أن يكثر المصلي من الدعاء، ويلح على الله عز وجل فيه وهو ساجد؛ لأن السجود من المواطن التي هي مظنة الإجابة.
الأمر بالاجتهاد في الدعاء في السجود

شرح حديث: (... وإذا سجدتهم فاجتهدوا في الدعاء ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الأمر بالاجتهاد في الدعاء في السجود.أخبرنا علي بن حجر المروزي أخبرنا إسماعيل هو ابن جعفر حدثنا سليمان بن سحيم عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن عباس عن أبيه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم الستر ورأسه معصوب في مرضه الذي مات فيه، فقال: اللهم قد بلغت، ثلاث مرات، أنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها العبد أو ترى له، ألا وإني قد نهيت عن القراءة في الركوع والسجود، فإذا ركعتم فعظموا ربكم، وإذا سجدتم فاجتهدوا في الدعاء، فإنه قمن أن يستجاب لكم)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الاجتهاد في الدعاء في السجود، يعني: كون الإنسان يجتهد في الدعاء، ويكثر منه، ويلح على الله عز وجل في الدعاء وهو ساجد؛ لأن هيئة السجود وحالة السجود، من المواطن التي هي حرية بالإجابة، وقريب أن يستجاب للداعي فيها، وقد جاء في الحديث: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد)، وهو حديث سيأتي.
وأورد النسائي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: (كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم الستر)، يعني الذي كان على حجرته، أو على باب حجرته، [(ورأسه معصوب في مرضه الذي مات فيه)]، يعني: في أواخر أيامه عليه الصلاة والسلام، [(ورأسه معصوب)]، يعني: من شدة المرض، وهذا فيه دليل: على أنه إذا مرض الرأس وصار فيه وجع أنه يجوز شده، وكونه يعصب بعصابة تشده حتى يهون المرض، وهذا من الأسباب السائغة، والجائزة؛ لأن شد الرأس مع وجود المرض والصداع فيه، ينفع ويفيد بإذن الله عز وجل، والرسول صلى الله عليه وسلم فعل هذا، وهو القدوة، والأسوة عليه الصلاة والسلام، فقال: [(اللهم قد بلغت، ثلاث مرات، ثم قال: إنه لم يبق من مبشرات النبوة، إلا الرؤيا الصالحة، يراها الرجل أو ترى له)]، والحديث سبق أن مر، وقد عرفنا معناه، وأن الوحي ومعرفة الأمور المغيبة والطرق المشروعة، إنما كان يعرف عن طريق الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو الذي ينزل عليه الوحي ويخبر بالأمر المغيب المستقبل، والأمر الذي هو غائب يخبر عنه عليه الصلاة والسلام بإيحاء الله عز وجل إليه، وبعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس هناك وحي، وليس هناك طريق مشروع لمعرفة أمر مغيب، أو أمر مستقبل، لكن الرؤيا الصالحة هي من هذا القبيل؛ لأنها تكون إشارة إلى شيء يحصل في المستقبل، فتكون بشارةً يراها مؤمن أو ترى له، يعني بأن يكون مؤمن هو يراها في منامه، أو يراها لغيره، أقول: أو هو يراها لغيره، يراها لنفسه، أو يراها لغيره، [(يراها المؤمن أو ترى له)].
ومن المعلوم، أن المنام يأتي الإنسان فيه رؤى، ويأتي فيه أحلام، أحلام تأتي على هواجس، وعلى أمور يعني قد تكون نتيجةً عن تفكيرات، وعن انشغال بال بشيء، فيأتيه في المنام كما جاءه في اليقظة، وكما كان مشغولاً به في اليقظة يأتيه في المنام، لكن الرؤيا الصالحة هي التي تأتي للإنسان، وتكون بشارةً له، إما لرائيها، أو لشخص آخر مؤمن يراها له مؤمن، فهذه من المبشرات. معناه: أنه إذا رآها فيكون فيها بشارة له إذا كانت حسنة وكانت طيبة، ولهذا جاء في الحديث أن الإنسان لا يخبر بها إلا من يحب، يعني: إذا كان رأى أمراً حسناً، فإنه يحدث به من يحب، لا يحدث به كل أحد، وإذا كانت سيئة، فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وليتحول عن جنبه الذي رأى فيه، ويستعيذ بالله، ولا تضره بإذن الله.
قوله: [(ألا وإني قد نهيت عن القراءة في الركوع والسجود)]، وهذا يدل على ما دل عليه الذي تقدم عن علي رضي الله تعالى عنه.
قوله: [(فإذا ركعتم فعظموا ربكم، وإذا سجدتم فاجتهدوا في الدعاء؛ فإنه قمن أن يستجاب لكم)].
وهذا هو المقصود من الترجمة، أما السجود فأكثروا فيه من الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم.
معناه: أنه يجتهد في الدعاء، ويحرص على الدعاء، ويكثر من الدعاء في ذلك الموطن، وذلك الموضع من مواضع الصلاة؛ لأنه قمن، أي: حري، وجدير بأن يحصل لصاحبه الإجابة، وهذا هو محل الشاهد؛ لأن فيه الاجتهاد في الدعاء.
تراجم رجال إسناد حديث: (... وإذا سجدتم فاجتهدوا في الدعاء ...)
قوله: [أخبرنا علي بن حجر المروزي]. وهوعلي بن حجر بن إياس السعدي المروزي، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[أخبرنا إسماعيل هو ابن جعفر]، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وكلمة: [هو: ابن جعفر]، هذه الزيادة ممن دون علي بن حجر، إما النسائي، أو من دون النسائي.
[حدثنا سليمان بن سحيم].
صدوق، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه .
[عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد].
وهو إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن عباس، وهو صدوق، أخرج له مثل الذين أخرجوا لـسليمان بن سحيم، مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه .
[عن أبيه].
وهو ثقة، أخرج له نفس الذين أخرجوا لابنه ولـسليمان بن سحيم، وهم: مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه ، ثلاثة متوالون الإخراج لهم واحد.
[عن عبد الله بن عباس].
وقد مر ذكره.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #308  
قديم 10-10-2021, 08:30 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

الدعاء في السجود

شرح حديث ابن عباس في الدعاء في السجود
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الدعاء في السجود.أخبرنا هناد بن السري عن أبي الأحوص عن سعيد بن مسروق عن سلمة بن كهيل عن أبي رشدين وهو كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (بت عند خالتي ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها، وبات رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها، فرأيته قام لحاجته، فأتى القربة فحل شناقها، ثم توضأ وضوءًا بين الوضوءين، ثم أتى فراشه فنام، ثم قام قومةً أخرى، فأتى القربة فحل شناقها، ثم توضأ وضوءًا هو الوضوء، ثم قام يصلي، وكان يقول في سجوده: اللهم اجعل في قلبي نورًا، واجعل في سمعي نورًا، واجعل في بصري نورًا، واجعل من تحتي نورًا، واجعل من فوقي نورًا، وعن يميني نورًا، وعن يساري نورًا، واجعل أمامي نورًا، واجعل خلفي نورًا، وأعظم لي نورًا، ثم نام حتى نفخ، فأتاه بلال، فأيقظه للصلاة)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الدعاء في السجود، وهنا قال: الدعاء، ولم يقل: الذكر، وسبق في الركوع، أن الأبواب ذكرها بلفظ الذكر، الذكر في الركوع، ما قال: الدعاء في الركوع، وإنما قال: الذكر في الركوع، وهنا قال: الدعاء في الركوع؛ وذلك أن الركوع هو موطن يكثر فيه تعظيم الرب كما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم: (أما الركوع فعظموا فيه الرب)، وأما السجود فإنه يكثر فيه الدعاء؛ ولهذا قال الرسول: (فاجتهدوا فيه من الدعاء، فقمنٌ أن يستجاب لكم)، فهناك عبر بالذكر؛ لأن الغالب عليه الذكر، الذي هو الركوع، والتعظيم لله عز وجل، وهنا عبر بالدعاء؛ لأن الغالب على السجود الدعاء، وإن كان كما قلت: أنه يجوز أن يدعى في الركوع، ويجوز أن يعظم الله في السجود، وحديث عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوع وسجوده: (سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي)، يدل على هذا وهذا، فالإتيان به في الركوع يدل على الدعاء في الركوع، والإتيان به في السجود يدل على الثناء في السجود، ثم سبحان ربي الأعلى هو ثناء، وهو يؤتى به في السجود، وكذلك يؤتى بغيره من الثناء على الله عز وجل.
ثم أورد النسائي حديث ابن عباس، وأنه بات عند خالته ميمونة أم المؤمنين رضي الله عنها، وكان عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة، ثم إن النبي عليه الصلاة والسلام نام وقام وحل شناق القربة، وهو الوكاء، فأفرغ ماءً وتوضأ وضوءاً بين وضوئين، يعني: خفيف، توضأ وضوءاً خفيفاً، ثم إنه رجع فنام، ثم إنه قام وحل شناق القربة وتوضأ الوضوء، أي: الوضوء المعروف، الوضوء الذي يسبغه، ولهذا قال: (الوضوء)، يعني: الوضوء المعروف ما قال مثل ما قال في الأول: وضوءاً بين وضوءين، يعني: خفيف، ليس فيه تقليل الماء جداً، وليس فيه إكثاره جداً، وإنما هو بين هذا وهذا؛ ولهذا قال: (هو الوضوء)، أي: المعتاد الذي كان يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن المعلوم أن الوضوء لا يزاد فيه على ثلاث مرات، غسل الأعضاء لا يزاد فيها على ثلاث مرات، يعني لا بد من مرة مستوعبة، وهذا هو المجزئ والواجب الذي لا بد منه، مرة واحدة مستوعبة، وبعد ذلك الغسلة الثانية والثالثة، ولا يزاد على الثالثة في الوضوء.
قوله: [(ثم قام يصلي، فكان يقول في سجوده: اللهم اجعل في قلبي نوراً، وفي سمعي نوراً، واجعل في بصري نوراً، واجعل تحتي نوراً، ومن فوقي نوراً، وعن يميني نوراً، وعن يساري نوراً، وأمامي نوراً، وخلفي نوراً، اللهم أعظم لي نوراً، ثم نام حتى نفخ)]، يعني معنى أنه نفخ من تمكنه في النوم عليه الصلاة والسلام، حتى جاءه بلال يؤاذنه في الصلاة، يخبره بالخروج إلى الصلاة.
والمقصود من ذلك: أن هذا الدعاء، كان يدعو به الرسول صلى الله عليه وسلم في سجوده، وهو دعاء عظيم، يعني كون الإنسان يسأل ربه أن يعطيه النور في جميع أحواله، وفي جميع جهاته، وفي أعضائه، في سمعه، وبصره، وقلبه، ومن جهاته الست، يعني عن يمينه، وشماله، وأمامه، وخلفه، وفوقه، وتحته، وأن يعظم له النور.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في الدعاء في السجود
قوله: [أخبرنا هناد بن السري]. وهو هناد بن السري أبو السري الكوفي، أبو السري، والسري هذا اسم أي: يسمى به، وهو بمعنى السيد، ويقول الشاعر:
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ولا سراة إذا جهالهم سادوا
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم، يعني: ليس لهم رؤساء، يعني يسوسونهم ويصيرون متبوعين لهم، ولا سراة، يعني: ولا ولاية ولا تقدم على الغير، إذا كان الجهال هم الذين يسودون، فالسري هذا هو المراد به، يعني في الأصل هذا معناه، ويسمى به، ولهذا هناد بن السري هو أبو السري، وهو ابن السري، وقد ذكرت مراراً وتكراراً، أن فائدة معرفة من وافقت كنيته اسم أبيه: ألا يظن التصحيف فيما لو ذكر بالكنية بدل النسبة، لو قيل: هناد أبو السري، الذي ما يعرف أن هناد بن السري هو أبو السري، يظن أن (أب) صحفت من (ابن)، وأبدلت وجاءت مكانها (أبو)، لكن من عرف أن هناد كنيته وافقت اسم أبيه، فسواءً قيل: هناد بن السري أو قيل: هناد أبو السري، كلها صحيحة، ولا تصحيف ولا تعرية.
[عن أبي الأحوص].
وهو سلام بن سليم الحنفي، وهو ثقة، متقن، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن مسروق].
الكوفي، وهو والد سفيان الثوري، سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، سعيد بن مسروق هذا هو والد سفيان، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سلمة بن كهيل]، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة أيضاً.
[عن أبي رشدين وهو كريب].
هذه إضافة ممن دون تلميذ كريب أبو رشدين؛ لأنه ذكره تلميذه بالكنية فقط، لكن أتى به من دونه فقال: [وهو كريب]، يعني: مولى ابن عباس؛ لأن كريب مولى ابن عباس، كنيته أبو رشدين، وهنا ذكر بالكنية لكن من دون سلمة بن كهيل قال: [هو كريب]، يعني: يبين من هو أبو رشدين، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
وقد مر ذكره.
نوع آخر من الدعاء


شرح حديث عائشة في الدعاء في السجود
قال المصنف رحمه الله تعالى: [نوع آخر.أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن سفيان عن منصور عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، يتأول القرآن)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: نوع آخر من الدعاء. أورد فيه عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، يتأول القرآن)، فقوله: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي)، فيه دعاء وثناء، دعاء في قوله: (اللهم اغفر لي)، وثناء في قوله: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك)، فهو جمع بين الثناء والدعاء، وهنا أورده من أجل اشتماله على الدعاء وهو (اللهم اغفر لي)، فإن هذا هو المقصود به نوع آخر من الدعاء، يعني: كون (اللهم اغفر لي)، موجودة فيه وهو دعاء، وأتى به هناك في الركوع، نوع آخر من الذكر؛ لأن اعتبار أوله وهو (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك)؛ لأن هذا ثناء وذكر لله عز وجل، فهو هناك عبر له بالذكر، وعبر له هنا بالدعاء، وهو مشتمل على ذكر ودعاء، ذكر في أوله، ودعاء في آخره، وقولها: (يتأول القرآن)، تعني: أنه يمتثل القرآن، ويطبق ما أمر به في القرآن، وذلك في قول الله سبحانه وتعالى: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ )[النصر:1-3]، فكان يقول في ركوعه )وسجوده: (سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي يتأول القرآن)، يعني: ينفذ ما أمر به في القرآن؛ لأنه أمر بالتسبيح، وأمر بالاستغفار، فكان يقول: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك)، وهذا فيه امتثال لقوله: (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ)، ويقول: (اللهم اغفر لي)، وهذا امتثال لقوله: (وَاسْتَغْفِرْهُ)، فمعنى: (يتأول القرآن)، يعني: يمتثل القرآن، ويطبق ما جاء في القرآن.
والتأويل يأتي ويراد به التفسير، وهذا هو الذي يستعمله ابن جرير بكثرة، يقول: تأويل قول الله عز وجل كذا، ويفسر القرآن، ويأتي بمعنى التنفيذ والتطبيق، وما يئول إليه الأمر من الحقيقة، وهذا منه، (يتأول القرآن)، يعني: يطبق ما أمر به في القرآن، ويمتثل ما أمر به في القرآن، وهذا هو معنى ما جاء في الحديث الآخر عن عائشة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان خلقه القرآن)، يعني: معناه أنه يتخلق بأخلاق القرآن، الأخلاق التي جاءت في القرآن، ويتأدب بالآداب التي جاءت في القرآن، ويمتثل ما جاء في القرآن، وينتهي عما نهي عنه في القرآن، وهنا (يتأول القرآن)، يعني: ينفذ ويمتثل الشيء الذي أمر به في القرآن في قوله: )فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا )[النصر:3].
تراجم رجال إسناد حديث عائشة في الدعاء في السجود
قوله: [أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله بن المبارك].وقد مر ذكرهما.
[عن سفيان].
وهو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، ثبت، حجة، فقيه، إمام مشهور، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن منصور].
وهو منصور بن المعتمر الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الضحى].
وهو مسلم بن صبيح الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن مسروق].
وهو مسروق بن الأجدع، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها الصديقة بنت الصديق، وهي الصحابية المكثرة من رواية حديث رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ورضي الله عنها وعن أمهات المؤمنين، وعن الصحابة أجمعين، وهي من السبعة المعروفين بكثرة الحديث، ستة رجال وامرأة واحدة، وتلك المرأة هي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها.
نوع آخر من الدعاء

شرح حديث عائشة في الدعاء في السجود من طريق أخرى
قال المصنف رحمه الله تعالى: [نوع آخر.أخبرنا محمود بن غيلان حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، يتأول القرآن)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: نوع آخر، وهي في الحقيقة ليس نوع آخر، وإنما هي نفس النوع الأول؛ لأن الحديث الذي قبله وهذا الحديث بلفظ واحد، وهي بإسناد واحد، إلا أن شيخ النسائي ومن فوقه، يختلف عن الإسناد الذي قبله، وإلا فإن بقية الإسناد واحد والمتن واحد، فليس نوعاً جديداً من أنواع الدعاء، بل هو نفس النوع الأول الذي قبله، ولهذا فالتعبير بالنوع بعده، يعني ليس بواضح، وإنما هما تحت موضوع واحد، وهما نوع واحد وليس نوعين، فذكر نوع آخر بينهما، يعني: بين حديثي عائشة، وهما بلفظ واحد ومؤداهما واحد، ليس بواضح، يعني ذكر العنوان وهو نوع آخر؛ لأنه نفس النوع الذي قبله؛ لأن اللفظ واحد، (كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي، يتأول القرآن)، فهو إما من النسائي، أو من دون النسائي، يعني ذكر هذه الترجمة التي هي: نوع آخر، وهو في الحقيقة ليس بنوع آخر.
تراجم رجال إسناد حديث عائشة في الدعاء في السجود من طريق أخرى
قوله: [أخبرنا محمود بن غيلان].وهو المروزي، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، إلا أبا داود فإنه لم يخرج له شيئاً.
[عن وكيع].
وهو ابن الجراح الرؤاسي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #309  
قديم 10-10-2021, 08:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصلاة
(كتاب التطبيق)
(210)

- (تابع باب نوع آخر من الدعاء في السجود)
أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، لذا يستحب أن يكثر المصلي من الدعاء، ويلح على الله عز وجل، تأسياً بالنبي عليه الصلاة والسلام.
تابع نوع آخر من الدعاء في السجود

‏ شرح حديث عائشة في دعاء النبي في السجود: (اللهم اغفر لي ما أسررت وما أعلنت...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الدعاء في السجود، وقال: نوع آخر.أخبرنا محمد بن قدامة ، حدثنا جرير ، عن منصور ، عن هلال بن يساف قالت عائشة رضي الله عنها: (فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم من مضجعه، فجعلت ألتمسه، وظننت أنه أتى بعض جواريه، فوقعت يدي عليه وهو ساجد، وهو يقول: اللهم اغفر لي ما أسررت وما أعلنت)].
فالتراجم هذه تتعلق بالدعاء في السجود، وقد مر بعض الأحاديث المشتملة على الأدعية الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعاء في السجود، وقد عرفنا من قبل أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: إن السجود يكثر فيه من الدعاء، وأن الركوع يعظم فيه الرب، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا فيه في الدعاء؛ فقمن أن يستجاب لكم).
وقد وردت أدعية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في السجود، وقد عقد النسائي عدة تراجم بهذه الأنواع من الأدعية، وقد مر بعضها وهو الدعاء الذي فيه: (اللهم اجعل في قلبي نوراً، وفي سمعي نوراً، وفي بصري نوراً..)، إلى آخره، والدعاء الذي فيه -أيضاً- التعظيم لله عز وجل وهو حديث عائشة، أنه ( كان يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي )، وهو مشتمل على دعاء، وعلى ثناء على الله عز وجل، ثم بعد ذلك جملة من التراجم المشتملة على أنواع من الأدعية الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في السجود، ومن هذه الأنواع هذا الحديث، أو ما اشتمل عليه هذا الحديث عن عائشة رضي الله عنها، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم في سجوده: (اللهم اغفر لي ما أسررت وما أعلنت)، وقد أخبرت عائشة رضي الله عنها: أنها سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو بهذا الدعاء، وكان ذلك في مناسبة حصلت لها، وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عندها، وكان في مضجعه، فتنبهت وإذا هو ليس في مضجعه، فظنت أنه ذهب إلى بعض جواريه، وهذا فيه بيان ما كانت عليه النساء من الغيرة على الأزواج، فبحثت عنه عليه الصلاة والسلام، فوجدته ساجداً، وهو يدعو في سجوده ويقول هذا الدعاء: (اللهم اغفر لي ما أسررت وما أعلنت)، يعني أنه قام من مضجعه يصلي عليه الصلاة والسلام، وكان يدعو في سجوده بهذا الدعاء: (اللهم اغفر لي ما أسررت وما أعلنت) وهذا من الجوامع، أن العبد يسأل الله عز وجل أن يغفر له سره وعلانيته، ما حصل له في السر، وما حصل له في العلانية، ومن المعلوم أن أحواله تنقسم إلى قسمين: سر وعلانية، فالمصلي عندما يدعو ربه بهذا الدعاء المأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يسأل الله عز وجل أن يغفر له ما أسره وما أعلنه، وهذا من جوامع الأدعية التي كان يدعو بها الرسول الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
تراجم رجال إسناد حديث عائشة في دعاء النبي في السجود: (اللهم اغفر لي ما أسررت وما أعلنت...)
قوله: [أخبرنا محمد بن قدامة].وهو محمد بن قدامة المصيصي، وهو ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[حدثنا جرير].
وهو ابن عبد الحميد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن منصور].
وهو منصور بن المعتمر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن هلال بن يساف].
ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[قالت عائشة...].
وهي أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق، التي أنزل الله براءتها في آيات من سورة النور، وهي من أوعية السنة، وممن حفظ الله تعالى بها سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، فإنها روت الأحاديث الكثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا سيما الأحاديث المتعلقة بأحوال البيوت، والتي تجري بين الرجل وبين أهله، فإنها حفظت الشيء الكثير في ذلك وفي غيره، رضي الله تعالى عنها وأرضاها.
ومن المعلوم أن أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام هم الذين حفظوا السنن وتلقوها وأدوها إلى من بعدهم، فمن أخذ وعمل بتلك السنن التي جاءت عن طريق الصحابي، أو عن طريق الصحابية، كالذي جاء عن طريق عائشة رضي الله عنها وأرضاها من السنن، فإن أي عامل يعمل بتلك السنن، فإنه مأجور على عمله الذي جاء عن طريقه ذلك، والذي استفاد عن طريقه ذلك، يكون مأجوراً مثل أجور ذلك العامل، ولهذا فإن أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام ورضي الله تعالى عنهم وأرضاهم مأجورون على أعمالهم، ومأجورون على ما يعمله العاملون من السنن التي جاءت عن طريقهم، فإن الأحاديث التي يروونها هم الواسطة وهم السبب فيها، فكل من عمل بتلك السنة، فإنه يكون مأجوراً على عمله بها، ويكتب الله عز وجل لمن كان هو الدليل، ولمن كان واسطةً في ذلك، وهم أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، مثل أجور العاملين، وكذلك يكتب لمن بعدهم والذين كانوا سبباً في حفظها، أي: حفظ السنن، مثل أجور من عمل بها؛ لأن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قال: (من دل على هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً)، وكذلك: (من دل على خيرٍ فله مثل أجر فاعله)، ومعلوم أن أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، هم الذين دلوا على هذا الخير، الذي تلقوه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولهذا صاروا أفضل الناس، وصاروا خير الناس، ولهم مثل أجور من جاء بعدهم ممن أخذوا عنهم السنن، وممن عملوا بتلك السنن التي جاءت عن طريقهم رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، ولهذا فإن محبتهم علامة الإيمان، وبغضهم أو بغض أحد منهم علامة النفاق، وعلامة الخذلان، وليس هناك أعظم خذلاناً ممن يبتلى بأن يكون في قلبه غل على أصحاب الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، ورضي الله عنهم وأرضاهم، والله عز وجل أخبر في سورة الحشر أن الناس ينقسمون إلى ثلاثة أقسام: المهاجرين، والأنصار، والذين يجيئون بعد المهاجرين والأنصار، سائلين الله عز وجل ألا يجعل في قلوبهم غلاً لهم، فهذه هي علامة الإيمان، وعلامة الهداية، والناس ثلاثة أصناف لا رابع لها، الناجون، والذين هم على الحق والهدى، هم هؤلاء الأصناف الثلاثة: المهاجرون، والأنصار، والذين يجيئون بعد المهاجرين والأنصار مستغفرين لهم، سائلين الله عز وجل ألا يجعل في قلوبهم غلاً لهم، وحقداً عليهم، ومن كان في قلبه حقد وغل على أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، فإن هذه هي العلامة الواضحة على أنه مخذول، وعلى أنه جنى على نفسه، وعلى أنه جر البلاء إلى نفسه؛ لأن هؤلاء الأخيار، وهؤلاء الصفوة المختارة، لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق، وقد جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في حق الأنصار: (أن آية الإيمان: حب الأنصار، وآية النفاق: بغض الأنصار)؛ وذلك لأنهم نصروا الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد أظهر الله على أيديهم دينه، وكذلك المهاجرون مثلهم؛ لأنهم تركوا بلادهم، وجاءوا لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وللجهاد معه، فمن يحب أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام سعى إلى جلب الخير إلى نفسه، ومن كان في قلبه بغض لهم، أو لأحد منهم، فإنه جنى على نفسه، وجلب المصائب على نفسه، ونادى على نفسه بأنه مخذول ممن خذله الله.
فـعائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، ممن حفظ الله تعالى بها سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكذلك غيرها من الصحابة، الذين حفظ الله تعالى بهم السنة، وكانوا هم الواسطة بين الناس وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالمسلمون لا يربطهم بالرسول صلى الله عليه وسلم إلا الصحابة، ولا يعرفون شيئاً جاء عن رسول الله، إلا عن طريق الصحابة، فإذا قطعت الصلة بالرسول عليه الصلاة والسلام، وذلك بالقدح في الصحابة، وبالنيل من الصحابة، فإن هذا علامة الخذلان، وأن الإنسان لا صلة له بالرسول صلى الله عليه وسلم أصلاً، ولا علاقة له بالرسول، ولا تربطه به أي علاقة؛ لأن فيه رد للشريعة، ورد للكتاب والسنة؛ لأن القدح في الناقل قدح في المنقول، وقد قال أبو زرعة الرازي رحمة الله عليه، وهو من علماء القرن الثالث الهجري، ومن أئمة الجرح والتعديل، ومعروف بكلامه في ذلك، كان يقول كلمة رواها عنه الخطيب البغدادي في كتاب الكفاية بإسناده إليه، أنه قال: إذا رأيتم أحداً ينتقص أحداً من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم فاعلموا أنه زنديق، ثم بين ذلك فقال: وذلك أن الرسول حق، والكتاب حق، وإنما أدى إلينا الكتاب والسنة، أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء -يعني يشير إلى الذين يقدحون فيهم- يجرحون شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، وذلك أن القدح في الناقل قدح في المنقول، القدح في الصحابة قدح للكتاب والسنة؛ لأن الكتاب والسنة ما جاء إلا عن طريق الصحابة، وهؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، ثم قال: والجرح بهم أولى وهم زنادقة، وإذا كان من خذله الله عز وجل لا يقدر الصحابة، ولا يعرف فضل الصحابة، بل يذمهم، ويعيبهم، ولا يقبل ما جاء عن طريقهم، فما هو الحق الذي في يده؟! إنه ليس في يده إلا الخذلان، وليس في يده إلا الحرمان، وليس في يده إلا الوقوع في حبائل الشيطان.
شرح حديث عائشة في قول النبي في سجوده: (رب اغفر لي ما أسررت وما أعلنت) من طريق أخرى
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن المثنى ، حدثنا محمد ، حدثنا شعبة ، عن منصور ، عن هلال بن يساف ، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فظننت أنه أتى بعض جواريه، فطلبته، فإذا هو ساجد يقول: رب! اغفر لي ما أسررت وما أعلنت)].ثم ذكر الحديث من طريق آخر، وهو مثل الذي قبله إلا أنه بلفظ: (رب! اغفر لي ما أسررت وما أعلنت)، بدل: (اللهم اغفر لي) فهو رب، يعني: يا رب، و(اللهم)، يعني: يا ألله؛ لأن (اللهم) معناها يا ألله، يعني حذفت ياء النداء وعوض عنها ميم في الآخر، والروايتان جاءتا بلفظ واحد إلا في هذا اللفظ، ولا فرق بين اللفظين؛ لأن (اللهم) هي بمعنى يا رب، أو بمعنى رب.
تراجم رجال إسناد حديث عائشة في قول النبي في سجوده: (رب اغفر لي ما أسررت وما أعلنت) من طريق أخرى
قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى].وهو أبو موسى الملقب بـالزمن، كنيته أبو موسى، وهو العنزي الملقب بـالزمن، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرةً وبدون واسطة، وهو من صغار شيوخ البخاري، إذ كانت وفاته قبل البخاري بأربع سنوات، فـالبخاري توفي سنة ست وخمسين ومائتين، ومحمد بن المثنى توفي سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وقد ذكرت فيما مضى أن هناك شيخين للبخاري، هما مثل محمد بن المثنى في كونهم من صغار الشيوخ، وكونهم ماتوا في سنة واحدة، وهما: محمد بن بشار بندار، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، فإن هؤلاء الثلاثة: محمد بن المثنى الذي معنا، ومحمد بن بشار بندار، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، هؤلاء الثلاثة روى لهم أصحاب الكتب الستة مباشرةً وبدون واسطة، وهم من صغار شيوخ البخاري، وقد ماتوا في سنة واحدة، وهي سنة اثنتين وخمسين ومائتين.
[حدثنا محمد].
غير منسوب، والمراد به محمد بن جعفر الملقب غندر، إذا جاء محمد بن بشار، ومحمد بن المثنى يرويان عن محمد غير منسوب، فالمراد به ابن جعفر الذي هو: غندر، وكذلك إذا جاء محمد يروي عن شعبة غير منسوب، فالمراد به محمد بن جعفر غندر، فمحمد هذا غير منسوب وهو ابن جعفر الملقب غندر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
وهو ابن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
وما بعد شعبة قد مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا منصور بن المعتمر، وهلال بن يساف، وعائشة.
نوع آخر من الدعاء


شرح حديث علي: (أن رسول الله كان إذا سجد يقول: اللهم لك سجدت ولك أسلمت وبك آمنت...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [نوع آخر.
أخبرنا عمرو بن علي ، أخبرنا عبد الرحمن هو: ابن مهدي ، حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة ، حدثني عمي الماجشون بن أبي سلمة ، عن عبد الرحمن الأعرج ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، عن علي رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد يقول: اللهم لك سجدت، ولك أسلمت، وبك آمنت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره فأحسن صورته، وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين)].

أورد النسائي نوعاً آخر من الدعاء في السجود، وهو عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: [(أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في سجوده يقول: اللهم لك سجدت، وبك آمنت، وعليك توكلت، سجد وجهي لله الذي خلقه، وصوره فأحسن صورته، وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين)].
فهذا دعاء من الأدعية الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في السجود، وقد جاء عن علي رضي الله تعالى عنه، بهذا اللفظ وبألفاظ أخرى، وفيه ثناء على الله عز وجل وتعظيم له، وأن وجهه سجد له، ثم يثني على ربه الذي خلقه فأحسن خلقه، وصوره فأحسن صورته، وشق سمعه وبصره، فجعل في وجهه السمع والبصر، ويسمع بسمعه الأصوات، ويبصر ببصره المرئيات، وهي من أعظم النعم التي أنعم الله تعالى بها على عباده، فالعبد يثني على ربه، ويعظمه، ويذكر آلاءه عليه، ونعمه عليه، وأنه ما من نعمة إلا وهي منه سبحانه وتعالى، ثم بعدما ذكر هذه الهيئة التي خلقه الله تعالى عليها، وهي أنه خلقه وصوره فأحسن صورته، وشق سمعه وبصره، قال: (فتبارك الله أحسن الخالقين)، والمراد بالخالق هنا بمعنى المقدر، الخالقين بمعنى: المقدرين؛ لأن الخالق يأتي بمعنى الموجد من العدم، وهذا لا يوصف به إلا الله عز وجل، فهو الذي يوجد الشيء من العدم، ويأتي بمعنى التقدير، وهذا يضاف إلى الله عز وجل، ويضاف إلى غيره، ولكن إنما يضاف إلى الله عز وجل من التقدير ما يناسبه ويليق بكماله وجلاله، وما يضاف إلى العباد يليق بنقصهم وافتقارهم؛ ولهذا جاء: (فتبارك الله أحسن الخالقين) والمراد بذلك: المقدرين؛ لأن الله تعالى يقدر، وغيره يقدر، ولكن تقدير الله عز وجل يليق بكماله وجلاله، وتقدير المخلوقين يليق بضعفهم وافتقارهم، وكل تقديره يناسبه، ولكن ليس أحد يقدر كتقدير الله، بل الله عز وجل يعلم الشيء كيف يكون، ثم يوجده على الوجه الذي كان عليه، وأما الناس فقد يقدر الإنسان، ولكنه لا يقدر على أن ينفذ الشيء الذي قدره، وعلى هذا فإن الخلق يفسر بمعنى الإيجاد من العدم، وهذا لا يضاف إلا إلى الله عز وجل، ويفسر بمعنى التقدير، وهذا هو الذي يضاف إلى الله عز وجل ويضاف إلى غيره، مع الفرق بين ما يضاف إلى الله عز وجل وما يضاف إلى المخلوقين.
وقوله: (فتبارك الله أحسن الخالقين) هو من هذا القبيل، الذي هو من قبيل التقدير، وأن الله تعالى يقدر وغيره يقدر، ولكن ليس تقدير غيره يشبه تقديره، بل تقديره وفعله هو الذي في غاية الكمال، وأما غيره فهو يليق بضعفه وافتقاره، وقد ذكر هذا ابن القيم رحمه الله، في كتابه شفاء العليل، بين أن هذا المعنى، أو أن هذه الآية الذي يناسب في تفسيرها، ما دام أنه ذكر فيها من هو خالق مع الله، أنه بمعنى التقدير، (تبارك الله أحسن الخالقين)، الله تعالى يخلق وغيره يخلق، بمعنى يقدر، لكن لا أحد يوجد من العدم، بل هو وحده الذي يوجد من العدم، ولهذا يأتي في كلام العرب ذكر الخلق مضافاً إلى العباد ويراد به التقدير، ومن ذلك قول الشاعر يمدح ممدوحه:
ولا أنت تفري ما خلقت وبعض القوم يخلق ثم لا يفري
يعني: أنت تقدر وترسم لنفسك خطة ثم تنفذ، يعني: تقول وتفعل، لست ممن يقول ثم لا يتمكن من الفعل، بل أنت ترسم الخطة وترسم الشيء الذي تريده، وتنفذ ما أردت وما قدرت، ولا أنت تفري ما خلقت، وأصل الفري هو أن الحذاء عندما يريد أن يعمل النعال، يكون عنده الجلد، فيعمل بالقلم، يعني رسمة لمقدار الرجل، يعني على هيئة الرجل في الجلد، ثم يأتي بالمقص ويقص على مكان التقدير، فإذا كان حاذقاً في القص، يأتي به بسرعة على نفس الرسم، وإذا كان ليس بحاذق، فإنه يميل شمالاً ويكون معروجاً ولا يكون مستقيماً، فهذا هو معنى قوله: ولا أنت تفري ما خلقت، يعني: تقدر ثم تشك طبقاً لتقديرك، وطبقاً لما رسمته لنفسك.
ومنه قول الحجاج في خطبته في العراق:
إنني لا أقول إلا أمضيت ولا أخلق إلا فريت
ولا أخلق إلا فريت، يعني: ما أقدر إلا وأنفذ، معناه: لست من الناس الذين يتكلمون، ثم تخالف أفعالهم، أقوالهم، أقول القول ثم لا أنفذه، بل أنا أقول القول وأنفذه، وأنا لا أقول إلا أمضيت، ولا أخلق إلا فريت، يعني: ما أقدر إلا وفريت وفقاً لتقديري، فهذا هو معنى الخلق في هذه الآية الذي يناسبه ذكر الخالقين، وأما الخلق بمعنى الإيجاد من العدم، فهذا مما اختص به الله سبحانه وتعالى، ولهذا من الأسماء التي لا يصلح أن يسمى بها غير الله: الرحمن، والخالق، والصمد. هذه من الأسماء التي لا تضاف إلا إليه سبحانه وتعالى، ولا تطلق إلا عليه، ولا تطلق على غيره، يعني هذا الإطلاق، الصمد أو الخالق أو الرحمن، وإنما هذه من الأسماء التي يختص بها، وقد ذكر هذا ابن كثير رحمه الله في أول تفسيره لسورة الفاتحة، في تفسير القرآن العظيم عند تفسير سورة الفاتحة، وذكر الرحمن الرحيم، إما في البسملة وإما في الرحمن الرحيم، ذكر أن الرحمن من الأسماء التي لا تضاف إلا إلى الله عز وجل، بخلاف الرحيم، فإنه يطلق على غير الله، وقد جاء في القرآن وصف الرسول أنه رحيم، (عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ )[التوبة:128]، فهذا وصف الله تعالى به رسوله عليه الصلاة والسلام بأنه رءوف رحيم، لكن (رحمن) ما تطلق إلا على الله، و(خالق) ما يطلق إلا على الله، و(الصمد) ما يطلق إلا على الله، وقد ذكر هذا ابن كثير رحمه الله كما قلت في أول تفسيره للقرآن الكريم عند تفسير سورة الفاتحة؛ ولهذا لما تطاول مسيلمة الكذاب وقال عن نفسه: إنه رحمان اليمامة، وأطلق عليه ذلك، ظفر بهذا اللقب الذي يلازم اسمه فصار يقال له: الكذاب، بحيث لا يذكر اسمه إلا ويقرن به كلمة: (الكذاب).
تراجم رجال إسناد حديث علي: (أن رسول الله كان إذا سجد يقول: اللهم لك سجدت ولك أسلمت وبك آمنت...) قوله: [أخبرنا عمرو بن علي]. هو الفلاس، المحدث، الناقد، ثقة ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو من النقاد، وكثيراً ما يأتي ذكره عند تراجم الرجال يقال: قال فيه الفلاس كذا، ويقال: عمرو بن علي، وهو الفلاس، والنسائي كثيراً ما يذكره بهذا اللفظ عمرو بن علي.
[أخبرنا عبد الرحمن هو ابن مهدي].
وهو عبد الرحمن بن مهدي البصري، وهو ثقة ثبت، ممن كلامه في الرجال كثير، وهو محدث، ناقد، وعمرو بن علي قال: حدثنا عبد الرحمن، ولم يقل: ابن مهدي، لكن من دون عمرو بن علي، أي: النسائي أو من دون النسائي، هو الذي قال: هو ابن مهدي، أراد أن يوضح من هو عبد الرحمن؛ لأن عمرو بن علي لا يحتاج إلى أن يقول: هو، وإنما يقول: عبد الرحمن بن مهدي رأساً، ينسبه كما يريد؛ لأن التلميذ ينسب شيخه كما يريد، لكن من دون التلميذ هو الذي يحتاج إلى أن يضيف هذه الإضافة، حتى يعلم أنها ليست من التلميذ، وإنما هي ممن دون التلميذ، وعبد الرحمن بن مهدي حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة].
وهو عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثني عمي الماجشون بن أبي سلمة].
وهو يعقوب، ولقبه الماجشون، واسمه يعقوب بن أبي سلمة، وهو صدوق، أخرج له مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن عبد الرحمن الأعرج].
هو عبد الرحمن بن هرمز الملقب بـالأعرج، ذكر باسمه ولقبه، وهو مشهور باللقب، ومشهور أيضاً بالاسم، يأتي ذكره عبد الرحمن بن هرمز، ويأتي ذكره الأعرج، ويجمع بين الاسم واللقب فيقال: عبد الرحمن الأعرج، وهو: المدني، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن عبيد الله بن أبي رافع].
أبوه هو أبو رافع مولى رسول الله عليه الصلاة والسلام، وعبيد الله بن أبي رافع هذا ثقة، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو كاتب علي رضي الله عنه، كان كاتباً لـعلي رضي الله عنه، وهو هنا يروي عن علي، وكان كاتب علي، ومعناه الارتباط بينه وبينه حاصل وموجود، من جهة أنه ملازم له؛ لأنه كان كاتباً له.
[عن علي].
وهو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي، ابن عم رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وصهره على ابنته فاطمة رضي الله تعالى عنها، وهو أبو الحسنين: الحسن، والحسين رضي الله تعالى عنهما وأرضاهما، وهو رابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، وهو أفضل الصحابة بعد أبي بكر، وعمر، وعثمان، رضي الله تعالى عن الجميع، ومناقبه جمة، وفضائله كثيرة رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #310  
قديم 10-10-2021, 08:38 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

نوع آخر من الدعاء


حديث جابر: (أن النبي كان يقول في سجوده: اللهم لك سجدت...) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [نوع آخر.
أخبرنا يحيى بن عثمان ، أخبرنا أبو حيوة ، حدثنا شعيب بن أبي حمزة ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه كان يقول في سجوده: اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، وأنت ربي، سجد وجهي للذي خلقه، وصوره، وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين)].
أورد النسائي: حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه، وهو قريب من لفظ حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه المتقدم.
قوله: [أخبرنا يحيى بن عثمان].
وهو يحيى بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي، وهو صدوق، أخرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه .
[أخبرنا أبو حيوة].
وهو شريح بن يزيد الحمصي، وقد وثقه ابن حبان، وأخرج له أبو داود، والنسائي.
[حدثنا شعيب بن أبي حمزة].
وهو شعيب بن أبي حمزة الحمصي أيضاً، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن المنكدر].
وهو محمد بن المنكدر المدني، وهو ثقة فاضل، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن جابر].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري، صحابي ابن صحابي، أبوه استشهد يوم أحد، وهو عبد الله بن حرام، وهو الذي جاء عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـجابر: (إن الله لم يكلم أحداً إلا من وراء حجاب، وإنه كلم أباك كفاحاً)، وجابر بن عبد الله أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأنس، وأبو سعيد الخدري، وجابر، وعائشة أم المؤمنين، وقد قال فيهم السيوطي في الألفية:
والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر
وأنس والبحر كالخدري وجابر وزوجة النبي
نوع آخر من الدعاء

حديث محمد بن سلمة: (أن النبي كان إذا قام من الليل يصلي تطوعاً قال إذا سجد: اللهم لك سجدت...) وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [نوع آخر.
أخبرنا يحيى بن عثمان ، أخبرنا ابن حمير ، حدثنا شعيب بن أبي حمزة ، عن محمد بن المنكدر وذكر آخر قبله، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، عن محمد بن مسلمة رضي الله عنه أنه قال: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل يصلي تطوعاً قال إذا سجد: اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، اللهم أنت ربي، سجد وجهي للذي خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين)].
أورد النسائي حديث محمد بن مسلمة، وهو مثل أو قريب من حديث علي وجابر المتقدمين.
قوله: [أخبرنا يحيى بن عثمان].
وهو الذي مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.
[أخبرنا ابن حمير].
وهو محمد بن حمير الحمصي، وهو صدوق، أخرج له البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي، وابن ماجه .
[حدثنا شعيب بن أبي حمزة].
وقد مر ذكره.
[عن محمد بن المنكدر وذكر آخر قبله].
يعني شعيب بن أبي حمزة روى عن شخصين، لكن لم يصرح من هو دون شعيب بهذا الثاني، ومن المعلوم أن عدم التصريح به لا يؤثر على الإسناد؛ لأن الإسناد عن محمد بن المنكدر، ومحمد بن المنكدر ثقة فاضل، ما يتفرد به يعول عليه، فسواءً عرف أن أحداً شاركه أو لم يعرف، فالرجل ثقة، ويعول على ما يأتي من طريقه، ولم يسم ذلك الشخص الذي ذكره شعيب، لم يسمه من دون شعيب، وإنما اكتفى بذكر محمد بن المنكدر وقال: إنه ذكر، أي شعيب آخر قبله، يعني: قبله في الذكر.
[عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج].
وقد مر ذكره.
[عن محمد بن مسلمة]
ومحمد بن مسلمة هو الأنصاري، وهو صحابي مشهور، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، ويقال: هو أكبر من يسمى محمداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم وأرضاهم.
والحديث سبق أن مر بنا في ذكر الركوع، وفيه الثناء في الركوع، وفيه ذكر محمد بن المنكدر، ورجل آخر قبله.
نوع آخر من الدعاء في السجود


شرح حديث عائشة: (أن النبي كان يقول في سجود القرآن بالليل: سجد وجهي للذي خلقه...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [نوع آخر.
أخبرنا سوار بن عبد الله بن سوار القاضي ومحمد بن بشار، عن عبد الوهاب، حدثنا خالد، عن أبي العالية، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجود القرآن بالليل: سجد وجهي للذي خلقه، وشق سمعه وبصره بحوله وقوته)].

أورد النسائي حديث آخر، يتعلق بدعاء من أدعية السجود، وهو قول عائشة رضي الله تعالى عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجود القرآن)، وسجود القرآن يحتمل أن يكون سجود تلاوة، أو يكون سجود صلاة الليل التي يقرأ فيها القرآن، وتطول فيها القراءة، ويمر المصلي بالسور التي فيها السجدة فيسجد، فيمكن أن يكون المراد بسجود القرآن سجود التلاوة، ويمكن أن يراد به غيره، ومن المعلوم أنه في سجود التلاوة يقال ما يقال في سجود الصلاة، وهذا اللفظ ثبت في الصلاة من طرق أخرى عن غير عائشة رضي الله تعالى عنها، فيصلح أن يؤتى به في سجود التلاوة، وأن يؤتى به في سجود الصلاة، أنه كان يقول: (سجد وجهي لله الذي خلقه، وشق سمعه وبصره، بحوله وقوته) يعني هذا الفعل الذي فعله الله عز وجل هو بحوله وقوته؛ لأنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فهو الذي أوجد الإنسان على هذه الهيئة، وهو الذي شاء ذلك وفعل، وهو سبحانه وتعالى على كل شيء قدير.
تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (أن النبي كان يقول في سجود القرآن بالليل: سجد وجهي للذي خلقه...)
قوله: [أخبرنا سوار بن عبد الله بن سوار القاضي].
وهو سوار بن عبد الله بن سوار القاضي البصري، وهو ثقة، أخرج له أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[ومحمد بن بشار].
ومحمد بن بشار -أيضاً- شيخ ثان له، وهو بندار الذي سبق الإشارة إليه قريباً مع محمد بن المثنى، وهو رفيق محمد بن المثنى، وزميله الذي شاركه في الشيوخ والتلاميذ، وشاركه في سنة الولادة وسنة الوفاة، وقد قال عنهما الحافظ ابن حجر: وكانا كفرسي رهان؛ لأنهما ولدا في سنة واحدة، وماتا في سنة واحدة، وهما من أهل البصرة، واتفقا في الشيوخ، واتفقا في التلاميذ، فهما كفرسي رهان، ما كل واحد يسابق الثاني؛ لتباريهما وتقاربهما، فهما متماثلان في هذه الأمور، فأطلق عليهما أنهما كفرسي رهان، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرةً وبدون واسطة.
[عن عبد الوهاب].
وهو عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا خالد].
وهو خالد بن مهران البصري الحذاء، وهو مشتهر بلقب الحذاء، وقيل: السبب في ذلك أنه كان يجالس الحذائين فنسب إليهم، وهي من النسب التي إلى غير ما يسبق إلى الذهن؛ لأن الذي يسبق إلى الذهن إذا قيل: الحذاء، أنه يصنع الأحذية أو يبيعها، فيقال: الحذاء، لكن كونه يقال له: الحذاء؛ فقط لكونه يجلس عند الحذائين، فهذا لا يسبق إلى الذهن، ولا يتبادر للذهن أنه ينسب حذاء بسبب جلوسه عند الحذائين، وإنما الذي يتبادر للذهن أنه يبيع الأحذية، أو يصنعها، إما يعملها ويصنعها، أو أنه يبيعها فيقال له: حذاء.
نوع آخر من الدعاء في السجود


شرح حديث عائشة في قول النبي في سجوده: (أعوذ برضاك من سخطك...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [نوع آخر.
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنبأنا جرير، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، عائشة قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فوجدته وهو ساجد وصدور قدميه نحو القبلة، فسمعته يقول: (أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك).
أورد النسائي رحمه الله نوعاً آخر، وهو حديث عائشة رضي الله عنها: أنها فقدت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فبحثت عنه ووجدته ساجداً ناصباً قدميه، وصدور قدميه نحو القبلة، بمعنى أنه يجعل أصابعه متجهةً إلى القبلة، وهذا مثل ما جاء في حديث أبي حميد الساعدي: أنه يستقبل بأصابعه القبلة، أصابع قدميه، بحيث ينصب القدمين وتكون الأصابع متجهةً إلى القبلة، فهو في حديث أبي حميد الساعدي، وفي حديث عائشة هذا؛ لأن كونها صدورها إلى القبلة، معناه: أن الأصابع متجهةً إلى القبلة، وقد نصبها، فلم يضعها وضعاً، ولم يعرضها على يمينها وشمالها، وإنما جعلها منصوبة، وصدورها إلى القبلة، أطراف الأصابع متجهةً إلى القبلة، (وكان يقول في سجوده: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك)، وهذا الحديث سبق أن مر بنا في مواضع من سنن النسائي، وذكرت أن من أحسن من تكلم عليه وشرحه ابن القيم في كتابه شفاء العليل، فإنه عقد له باباً خاصاً من أبواب شفاء العليل، تكلم فيه على هذا الحديث وما اشتمل عليه من الحكم والأسرار، وما اشتمل عليه من الإيمان بالقضاء والقدر، وما اشتمل عليه من صفات الله عز وجل، والاستعاذة بصفاته وبأفعاله، والباب الذي عقده ابن القيم له من كتابه شفاء العليل، هو الباب السادس والعشرون من أبواب شفاء العليل؛ لأن شفاء العليل مشتمل على ثلاثين باباً تتعلق بالقضاء والقدر، والباب السادس والعشرون من هذا الكتاب هو شرح لهذا الحديث.
تراجم رجال إسناد حديث عائشة في قول النبي في سجوده: (أعوذ برضاك من سخطك...)
قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو ابن مخلد بن راهويه الحنظلي المروزي، ثقة ثبت، إمام مجتهد، محدث فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً.
[أنبأنا جرير].
هو جرير بن عبد الحميد، وقد مر ذكره قريباً.
[عن يحيى بن سعيد].
هو الأنصاري المدني، وهو من صغار التابعين، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن إبراهيم].
هو التيمي، وهو ثقة، له أفراد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
هي أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها، وقد مر ذكرها.
ويحيى بن سعيد الأنصاري ومحمد بن إبراهيم جاءا في إسناد أول حديث في صحيح البخاري، وهو حديث: (إنما الأعمال بالنيات)، يعني: يرويه من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري عن شيخه محمد بن إبراهيم التيمي، ومحمد بن إبراهيم التيمي يروي عن علقمة بن وقاص الليثي، وعلقمة بن وقاص الليثي يروي عن عمر بن الخطاب.
محمد بن إبراهيم التيمي هنا يروي عن عائشة، وهو من أوساط التابعين؛ لأن يحيى بن سعيد الأنصاري من صغارهم، ومحمد بن إبراهيم التيمي من أوساطهم.
ويحيى بن سعيد يطلق على أربعة أشخاص: اثنان في طبقة، واثنان في طبقة.
يحيى بن سعيد القطان، ويحيى بن سعيد الأموي، هذان في طبقة واحدة، من طبقة شيوخ شيوخ البخاري، وشيوخ شيوخ أصحاب الكتب الستة، يحيى بن سعيد القطان الذي يمر ذكره كثيراً في شيوخ شيوخ النسائي، ويحيى بن سعيد الأموي، أما الآخران فهما: يحيى بن سعيد الأنصاري، ويحيى بن سعيد، ولعله التيمي أبو حيان، وهما في طبقة واحدة من طبقة صغار التابعين، والأربعة من رجال أصحاب الكتب الستة.
نوع آخر من الدعاء في السجود

شرح حديث عائشة في قول النبي في سجوده: (سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [نوع آخر.

أخبرني إبراهيم بن الحسن المصيصي المقسمي، حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء، أخبرنا ابن أبي مليكة، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فظننت أنه ذهب إلى بعض نسائه، فتحسسته فإذا هو راكع أو ساجد يقول: سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت. فقالت: بأبي أنت وأمي إني لفي شأنٍ، وإنك لفي آخر)].

أورد النسائي حديث عائشة: وهو أنها فقدت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وظنته ذهب إلى بعض نسائه، فبحثت عنه فوجدته راكعاً أو ساجداً، ويقول: (سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت، فقالت: بأبي أنت وأمي إنك لفي شأن، وأنا في شأن آخر). قولها: (بأبي أنت وأمي) يعني: ليس قسم وليس حلف، وإنما هو تفدية، أي: أنت مفدي بأبي وأمي، هذا هو المقصود بهذا الكلام، قولها: (أنت في شأن وأنا في شأن آخر) يعني: هي تظن أنه ذهب إلى بعض نسائه، وهو في شأن آخر وهو الصلاة.
تراجم رجال إسناد حديث عائشة في قول النبي في سجوده: (سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت...)
قوله: [أخبرني إبراهيم بن الحسن المصيصي المقسمي].ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[حدثنا حجاج].
وهو ابن محمد المصيصي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن جريج].
وهو عبد الملك بن عبد العزيز المكي، مشهور بـابن جريج، وهو ثقة، فقيه يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عطاء].
هو عطاء بن أبي رباح المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا ابن أبي مليكة].
وهو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
وقد مر ذكرها.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 335.70 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 329.60 كيلو بايت... تم توفير 6.10 كيلو بايت...بمعدل (1.82%)]