|
|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
شرح حديث أنس: "اسمعوا وأطيعوا، وإن استعمل عليكم عبد حبشي"
شرح حديث أنس: "اسمعوا وأطيعوا، وإن استعمل عليكم عبد حبشي" سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اسمعوا وأطيعوا، وإن استُعمل عليكم عبدٌ حبشي، كان رأسه زبيبة)) رواه البخاري. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك وأثَرةٍ عليك))؛ رواه مسلم. قَالَ سَماحةُ العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -: قال المؤلِّف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث الواردة في وجوب طاعة ولاة الأمور. قال فيما نقله عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اسمعوا وأطيعوا، وإن استُعمل عليكم عبدٌ حبشي، كأن رأسه زبيبة)). اسمعوا وأطيعوا: يعني الزموا السمع والطاعة، السمع لمن؟ لولاة الأمور، حتى لو استُعمل عليكم عبدٌ حبشي. والنبي صلى الله عليه وسلم هنا يخاطب العرب، يقول: ولو استُعمل عليكم عبدٌ حبشي غير عربي؛ عبد حبشي أصلًا وفرعًا وخلقة، كأن رأسه زبيبة؛ لأن شعر الحبشة ليس كشعر العرب؛ فالحبشة يكون في رؤوسهم حلق كأنها الزبيب، وهذا من باب المبالغة في كون هذا العامل عبدًا حبشيًّا أصلًا وفرعًا، هذا يشمل قوله: ((وإن استعمل)) فيشمل الأمير الذي هو أمير السلطان، وكذلك السلطان. فلو فرض أن سلطانًا غلب الناس واستولى وسيطر وليس من العرب؛ بل كان عبدًا حبشيًّا، فإن علينا أن نسمع ونطيع؛ لأن العلة واحدة، وهي أنه إن لم نسمع ونطع حصلت الفوضى، وزال النظام، وزال الأمن، وحلَّ الخوف، فالمهم أن علينا أن نسمع ونطيع لولاة أمورنا إلا إذا أمَروا بمعصية. وكذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك، وأثرةٍ عليك)) السمع والطاعة لولاة الأمور في المنشط والمكره؛ في المنشط: يعني في الأمر الذي إذا أمرك به نشطت عليه؛ لأنه يوافق هواك، وفي المكره: في الأمر الذي إذا أمروك به لم تكن نشيطًا فيه؛ لأنك تكرهه، اسمع في هذا وهذا، وفي العسر واليسر، حتى إن كنت غنيًّا فأمَروك، فاسمع ولا تستكبر لأنك غني، وإذا كنت فقيرًا فاسمع ولا تقل: لا أسمع وهم أغنياء وأنا فقير. اسمع وأطع في أي حال من الأحوال، حتى في الأثرة؛ يعني إذا استأثر ولاة الأمور على الشعب، فعليهم أيضًا السمع والطاعة في غير معصية الله عز وجل. فلو أن ولاة الأمور سكنوا القصور الفخمة، وركبوا السيارات المريحة، ولبسوا أحسن الثياب، وتزوجوا وصار عندهم الإماء، وتنعَّموا في الدنيا أكبر تنعُّم، والناس سواهم في بؤس وشقاء وجوع، فعليهم السمع والطاعة؛ لأننا لنا شيء، والولاة لهم شيء آخر. فنحن علينا السمع والطاعة، وعلى الولاة النصح لنا، وأن يسيروا بنا على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن لا نقول إذا استأثروا علينا وكانت لهم القصور الفخمة، والسيارات المريحة، والثياب الجميلة، وما أشبه ذلك، لا نقول: والله لا يمكن أن نسمع وهم في قصورهم وسياراتهم ونحن في بؤس وحاجة، والواحد منا لا يجد السكن وما أشبه ذلك. هذا حرامٌ علينا، يجب أن نسمع ونطيع حتى في حال الأثرة. وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام لأصحابه للأنصار رضي الله عنهم: ((إنكم ستَلقَون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تَلْقَوني على الحوض))، يقول للأنصار ذلك منذ ألف وأربعمائة سنة: ((ستَلقَون بعدي أثرة))، من ذاك الوقت والولاة يستأثرون على الرعية، ومع هذا يقول: ((اصبروا حتى تَلقَوني على الحوض))، فليس استئثار ولاة الأمور بما يستأثرون به مانعًا من السمع والطاعة لهم، الواجب السمع والطاعة في كل ما أمَروا به، ما لم يأمروا بمعصية. وقد سبق لنا أن ولاة الأمور ينقسم إلى ثلاثة أقسام: الأول: ما أمر الله به، فهذا يجب طاعتهم فيه لوجهين: لأمر الله به، ولأمرهم به. والثاني: ما حرَّم الله، فلا يجوز السمع والطاعة لهم حتى لو أمَروه. والثالث: ما ليس فيه أمر ولا نهي من الله، فتجب علينا طاعتهم فيه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يمنع من طاعتهم إلا إذا أمَروا بمعصية. نسأل الله أن يصلحنا جميعًا رعية ورعاة، وأن يهب لنا منه رحمه إنه هو الوهاب. المصدر: «شرح رياض الصالحين» (3/ 657- 660)
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |