![]() |
|
|
الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الأهداف التربوية وانعكاساتها على العملية التعليمية[*] عبير محمد الجفير إن من أهم عوامل نجاح المناهج التربوية في أي مكان، هو تحديد أهدافها تحديدًا يتسق مع الإنسان؛ من حيث مصدر خلقه، ومركزه في الكون، ووظيفته في الحياة، وغاية وجوده. ولا شك أن تعلم كل الحقائق والمعايير والقيم الثابتة، يمثل أهدافًا ثابتة لمنهج التربية، كما أن الدقة والمهارة في إجراء كل ما تقتضيه صور التطبيق الثقافي والحضاري في المجتمع، يمثل أهدافًا متغيرة لهذا المنهج[1]. والهدف هو الغاية التي يتصورها الإنسان ويضعها نصب عينيه، وينظم سلوكه من أجل تحقيقها؛ لذلك كلما كان الهدف واضحًا محددًا كلما ساعد ذلك على تحقيقه في أسرع وقت وبأقل جهد، ومن هنا يتضح أن الهدف هو الذي يوجه النشاط الإنساني ويدفعه إلى الإنجاز، ويساعد على العمل، والهدف التربوي هو وصف للسلوك المتوقع من المتعلم نتيجة لاحتكاكه بمواقف التعلم[2]. وللأهداف التربوية تقسيمات؛ من حيث الشكل، ومن حيث المضمون، أما من حيث الشكل فهي تنقسم إلى أهداف عامة، وأهداف خاصة، فالهدف العام هو وصف للتغير السلوكي المتوقع من المتعلم، نتيجة لاحتكاكه وتفاعله مع مضمونات وخبرات منهجية واسعة ومتنوعة، ويمكن تحقيقه، وأن يكون في كل الأحوال واضحًا ومحددًا، أما الأهداف الخاصة هو الذي يمكن وصفه بأنه "هدف إجرائي"، ومن أهم صفات الهدف أنه يمكن ملاحظته، ويمكن قياسه. أما تقسيم الأهداف من حيث المضمون، فلقد صنف "بنجامين بلوم" هذا النوع من الأهداف إلى ثلاثة أنواع؛ هي:الأهداف المعرفية، وتركز على الجانب السلوكي العقلي،وأيضًا الأهداف الوجدانية، وهذه تتعلق بالجانب العقدي والشعوري؛ كالإيمان بالله ورسوله، والإيمان بأهمية تنفيذ منهج الله في الحياة، كذلك الأهداف الحركية، وتتعلق بكل أنواع السلوك الحركي والمهاري[3]. والجدير بالذكر أن لهذه الأهداف شروط لا بد من تحقيقها، أهمها أن تكون مشتقة من الثوابت والأصول الشرعية، متفقة مع منهج أهل السنة والجماعة، ومراعاة أولوياتها في المقاصد الشرعية، فتعطي كل جانب ما يستحقه، وتكون واقعية، شاملة، متكاملة وواضحة ودقيقة، محددة غير عائمة، متدرجة محققة للحاجات، وصالحة لكل زمان ومكان، وكذلك تتسم بالثبات في مستوياتها العليا، ومرونة في مستوياتها التنفيذية[4]. ومما يُميز أهداف التربية الإسلامية مصادر اشتقاقها التي تتميز بالصدق والثبات والموضوعية، وأولى مصادرها القرآن الكريم الذي آياته خطاب موجه للإنسان والسنة النبوية المطهرة التي تمثل قول وفعل رسول الله الذي يعد مربيًا لا يدانيه أحدٌ من البشر في التربية، وكذلك الإجماع الذي هو اتفاق عددٍ من المجتهدين في أصل حُكم له في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة[5]، أما المصادر التنفيذية المرنة المصادر التعليمية أهمها المنهج أو المقرر الدراسي، والمواد التعليمية المنشورة؛ كالأفلام وكراسات المعامل، أيضًا من مصادرها المجلات العلمية المتخصصة، وزملاء الدراسة. ومن الأهمية بمكان ذكر معايير جودة الأهداف التربوية الإسلامية، وسواء كانت عامة أو خاصة، فإنها يجب أن تتوافر فيها معايير لا بد من تحقيقها أولها الوضوح، ويجب أن تكون الأهداف العامة والخاصة للمنهج محددة تحديدًا واضحًا؛ بحيث لا يكون هناك اختلاف في تفسيرها، ومِن ثَمَّ في اختيار الخبرات أو المحتويات التي تتحقق من خلالها[6]، ومن معايير جودتها الشمول، فالدين في المفهوم الإسلامي هو النظام العام أو المنهج الذي يحكم الحياة، فلا يوجد عمل، أو فكر، أو سلوك، ولا توجد صغيرة ولا كبيرة في هذا الكون وفي هذه الحياة، إلا وتخضع للأصول، أو الروح المنظمة للكليات والجزئيات في هذا النظام أو المنهج، وإذا كان الشمول يعني كل جوانب النشاط الإنساني، المعرفي والوجداني والحركي، فإنه يشمل أيضًا كل جوانب النفس الإنسانية: العقلية، والوجدانية، والجسمية[7]. وتتكامل أهداف منهج التربية بتكامل جوانب النفس الإنسانية، فالأهداف يجب ألا تركز على العقل دون الجسم أو الشعور والوجدان أو العكس، فإن ذلك يحدث الخلل وعدم التوازن في النفس، وكذلك تتكامل جوانب المعرفة الإنسانية، وهذا يتطلب أن تكون أهداف منهج التربية مشتملة على الجانب المعرفي في الخبرة الإنسانية، وعلى الجانب الوجداني، وعلى الجانب الحركي، وإن إغفال أي جانب من هذه الجوانب في أهداف المنهج يؤدي إلى إغفال المحتوى، والخبرات الخاصة به، وهذا يؤدي بدوره إلى تركيز المنهج على جانب من جوانب الطبيعة الإنسانية وإغفال جانب آخر، أو الجانبين الآخرين؛ مما يؤدي إلى الخلل وعدم التوازن في طبيعة الفرد، وهو الأمر الذي يؤدي إلى عدم قدرة الإنسان على المساهمة الفعالة في عمارة الأرض وترقيتها وَفْق منهج الله، وهو الهدف الأسمى في هذا المنهج[8]. ومن أهمية هذه الأهداف أنها تساعد على اختيار الخبرات التربوية للمنهج المدرسي، وتساعد على تحديد أساليب التدريس الملائمة، أيضًا تسهم على تحديد الأنشطة التربوية الصفية واللاصفية، وتحديد أساليب التقويم وأدواته المناسبة، وتؤدي كذلك إلى تحقيق تعلُّم أفضل؛ لأن جهود المعلم والمتعلم ستتركز حول تحقيق الأهداف المقصودة بدلًا من أن تتبعثر وتوجه لتحقيق نتائج غير مرغوب فيها، وتسهل عملية التعلم؛ حيث يعرف التلاميذ تمامًا ما يتوقع منهم القيام بموجب هذه الأهداف، وتساعد على تجزئة محتوى المادة الدراسية إلى أقسام صغيرة يمكن توضيحها بفعالية ونشاط؛ مما يسهل على المعلمين وغيرهم من المشتغلين في مهنة التربوية والتعليم على تقويم العملية التعليمية، وعلى تطبيق الأهداف العامة للمنهج المدرسي[9]. وأخيرًا: إن المسلم بحاجة إلى أن يكون قادرًا على المساهمة بإيجابية وفاعلية في تحقيق هذه الأهداف التي بها تعلو أمة الإسلام كما كانت، وتقيم منهج الله في الأرض، إن ذلك هو ما تقتضيه خلافة الأرض، وإعداد الإنسان للقيام بحق الخلافة في الأرض يقتضي من مناهج التربية في التصور الإسلامي أن تعمل على تحقيق أهدافها الكبرى في شخصية المسلم، وذلك كترسيخ مفهوم الإيمان بالله والأخوة في الله، وإعداد الإنسان للمساهمة في تحقيق وسطية الأمة وشهادتها على الناس، والعمل على تحقيق تميز الأمة في عقيدتها ومنهجها، وإعلاء قيم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والعمل على تحقيق ذات المتعلم وَفق فطرة الله فيه، وإقداره على ترقية الحياة من حوله، وقيادتها إلى الحق والعدل والخير[10]. [*]للباحثة: عبير محمد الجفير: باحثة دكتوراه تخصص الأصول الإسلامية للتربية، جامعة أم القرى، كلية التربية، قسم التربية الإسلامية والمقارنة. [1] مدكور، علي أحمد، مناهج التربية أسسها وتطبيقاتها، دار الفكر العربي، ج1، 1421هـ، ص 130. [2] المرجع السابق، ص132. [3] مدكور، علي أحمد، المرجع السابق، ص 132. [4] الميمان، بدرية صالح، النظرية التربوية وتطبيقاتها عبر العصور، ط1، 1435، ص181. [5] المرجع السابق، ص 182. [6] محمد عزت وزملاؤه، أساسيات المنهج وتنظيماته، القاهرة، دار الثقافة للطباعة والنشر، 1981م، ص96. [7] مدكور، علي أحمد، مناهج التربية أسسها وتطبيقاتها، مرجع سابق، ص 134. [8] المرجع السابق، ص135. [9] جودة أحمد سعادة - استخدام الأهداف التعليمية في جميع المواد الدراسية، ط1، 1991م، دار الثقافة للنشر والتوزيع، القاهرة، ص79. [10] مدكور، علي أحمد، مناهج التربية أسسها وتطبيقاتها، مرجع سابق، ص150.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
••• جميع المشاركات والآراء المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع ••• |
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |