|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الرجاء والخوف ـ 2 ـ الشيخ : مجد مكي من الأخلاق الإيمانية العظيمة: خُلق الرجاء. والرجاء في اللغة: الأمل، فهو ضد اليأس. وفي الاصطلاح: ظنٌّ يقتضي حصول ما فيه مَسرَّة ، كما قال الراغب في (مفرداته) ، وهو:تعلُّق القلب بحصول محبوب مستقبلاً كما في (التعريفات) للجرجاني. وقد حثَّ القرآن على التخلُّق بهذا الخلق، فقال سبحانه:[قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ] {الزُّمر:53}. وهذه الآية أرجى آية في كتاب الله سبحانه، فقد أضاف العباد إلى نفسه تشريفاً لهم وبشارةً، ووصفهم بالإسراف في المعاصي والاستكثار من الذنوب، ونهاهم عن القنوط واليأس:[إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا]، وأنه سبحانه كثير المغفرة عظيم الرحمة، [إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ]. وقد نوَّه الله عزَّ وجل بأصحاب هذا الخُلُق، وبيَّن أنه من أخلاق المؤمنين التي يستوجبون بها رحمة الله وغفرانه. [إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ] {البقرة:218}. وقال تعالى:[أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ] {الزُّمر:9}. فوصفهم سبحانه بالقنوت والطاعة، والخوف من عذابه، والطمع في رحمته. قرب الرجاء بالعمل الصالح: والله عزَّ وجل قَرَنَ الرجاء بالعمل الصالح، فهو قانتٌ لا يَفْتُر عن الطاعة. وقَرَن الرجاء بالخوف، فالخوف والرجاء قرينان لا ينفكُّ أحدهما عن الآخر. [وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا] {الأعراف:56}.[وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا] {الأنبياء:90}.[وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ] {الإسراء:57}. فينبغي على المؤمن أن يكون في حال وسط بين الرجاء والخوف، فلا يبالغ في الرجاء فيوصله إلى ترك العمل فيكون غروراً وخداعاً للنفس، ولا يبالغ في الخوف فيوصله إلى اليأس والقنوط من رحمة الله. اشتراط العمل مع حسن الرجاء: إنَّ الرجاء لا يكون محموداً إلا إذا اقترن بحُسْن العمل، لذلك قَرَن الله تعالى الرجاء بالعمل الصالح. قال تعالى [إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ] {البقرة:218}. وقال سبحانه: [فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا] {الكهف:110}. وقال عزَّ وجل: [إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ] {فاطر:29}. فهذه الآيات تدلُّ على أنَّ الرجاء المعتبر شرعاً شرطه العمل ، وأنه بدونه غرور لا قيمة له. قال ابن القيم في (مدارج السالكين) 2/36: (أجمع العارفون على أنَّ الرجاء لا يصحُّ إلا مع العمل). عدم الاتكال على العمل: والمؤمن مع قيامه بالأعمال الصالحة لا يتَّكل عليها، ولكن على رحمة ربه، لأنَّ العمل لا يوازي نعمةً واحدةً من نِعَمِ الله سبحانه. قال صلى الله عليه وسلم: (لن ينجي أحدٌ عمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله. قال: ولا أنا إلا أن يتغمَّدني الله برحمته، سَدِّدوا وقاربوا، واغدُوا ورُوحوا ـ أي: اقصدوا السَّداد، وهو الصواب ، وقاربوا أي: لا تفرطو فتجهدوا أنفسكم فتتركوا العمل. والغدو: السير أول النهار، والرواح: آخر النهار) وشيء من الدلجة، والقصدَ القصد َتبلغوا» ـ الدلجة: سير الليل ، والقصد القصد أي:الزموا الطريق الوسط المعتدل ـ ) أخرجه البخاري (6463)، ومسلم (2816). فلم يبق إلا صدق الرجاء مع قدر الاستطاعة من العمل. فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صاحب العمل الصالح الكثير المقبول لا يتَّكل على عمله، بل على رحمة ربه، فغيره ممن قلَّ عملُه، أوْلى بأن لا يتَّكل على عمله، وأن يعتمد على صدق الرجاء في الله، وإحسان الظنَّ مع المثابرة على العمل.
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() الرجاء والخوف ـ 3 ـ الشيخ : مجد مكي أشدُّ الآيات رجاءً ذكر الله تعالى في كتابه العزيز كثيراً من آيات الرجاء في مناسبات متعدِّدة ليثبِّت بذلك إيمانهم، ويشرح صدورهم، وتستبشر نفوسهم، وليضاعف في نشاطهم للعمل الصالح، والإقلاع عن المخالفات والسَّيِّئات، وليتحبَّب إلى عباده، فيزدادون له حباً، ويتسارعون إليه قُرباً.وقد اختلف العلماء في أشدِّ الآيات وأعظمها رجاء، وكل ذلك صحيح: 1 ـ فقال بعضهم: أرجى آية قوله تعالى:[قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ] {الزُّمر:53}. 2 ـ وقال ابن عباس رضي الله عنهما: أرجى آية: قال: [قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي] {البقرة:260}. قال: فَرَضِيَ منه سبحانه بقوله: بلى. 3 ـ وقال بعضهم: أرجى آية قوله تعالى:[إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا] {النساء:48}. 4 ـ وقال بعضهم: أرجى آية قوله تعالى:[ أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ] {النور:22} .. 5 ـ وقال بعضهم: أرجى آية قول الله تعالى:[وَآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ] {التوبة:102}. فإنَّ (عسى) من الله تعالى فيها إطْمَاعٌ، وفتح باب الرجاء، والكريم إذا أطمع لم يمنع، فكيف والله تعالى أكرم وأجل، فلذلك كانت: (عسى) و(لعل) من الله تعالى واجبة التحقيق كما في قوله تعالى:[عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ] {الإسراء:8}. 6 ـ وقال بعضهم: أرجى آية قوله تعالى:[ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ] {الرعد:6}. 7 ـ وقال بعضهم: أرجى آية:[إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ العَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى] {طه:48}. 8 ـ وقال بعضهم: أرجى آية:[قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ] {الأنفال:38}. فالكافر إذا أتى بالتوحيد والشهادة يغفر له، فيكف بالموحِّد؟ ***
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() الرجاء والخوف ـ 4 ـ الشيخ : مجد مكي أشد الآيات رجاءً في القرآن الكريم نتابع الحديث في هذه الحلقة ما تقدم من ذكر أشد الآيات رجاء في القرآن الكريم: 9 ـ وقال بعضهم: أرجى آية قوله تعالى:[غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ العِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ المَصِيرُ] {غافر:3}. فإنه سبحانه قدَّم مغفرة الذنب على التوبة، فكأنَّه يغفر للمذنب قبل أن يتوب، ثم عقب على ذلك بوعيد عظيم [شَدِيدُ العِقَابِ]، لكن ختمه بوعد كريم فقال: (ذِي الطَّوْلِ). فذكر الوعيد بين وعودٍ كريمةٍ سابقةٍ ولاحقةٍ، فإنَّ رحمة الله سبحانه سبقت وغلبت غضبه. ذكر القرطبي في تفسيره (15: 255)، والسيوطي، وغيرهما: أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه افتقد رجلاً من أهل الشام، فقيل له: تتابع في هذا الشراب. فقال عمر لكاتبه: اكتب. من عمر إلى فلان، سلام عليك، فأنا أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو [حم(1) تَنْزِيلُ الكِتَابِ مِنَ اللهِ العَزِيزِ العَلِيمِ(2) غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ العِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ المَصِيرُ(3) ]. {غافر}.. وختم الكتاب. وقال عمر لحامل الكتاب: لا تدفعه إليه حتى تجده صاحياً، ثم أمر عمر من عنده بالدعاء لذلك الرجل بالتوبة. فلما أتته الصحيفة جعل يقرؤها، ويقول: قد وعدني ربي، قد وعدني الله أن يغفر لي، وحذَّرني عقابه، فلم يَبْرَح يردِّدها حتى بكى، ثم نزع عن الشرب، وحَسُنَت توبته. فلما بلغ عمرَ توبتُه. قال: هكذا فاصنعوا إذا رأيتم أخاكم قد زلَّ زَلَّةً فسدِّدوه، ووقّفوه، وادعوا الله له أن يتوب عليه، ولا تكونوا أعواناً للشياطين عليه، أي: بالسبِّ واللعن والشتم وتعجيل إقامة الحد عليه. 10 ـ وقال الصِّدِّيق رضي الله عنه: لم أر آية أرجى من قوله تعالى: [وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا(83) قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ]. {الإسراء}.. أي: كلُّ أحد يعمل على شاكلته، ثم قال: لا يشاكل بالعبد إلا العصيان، ولا يشاكل بالرب إلا الغفران.وهذا من باب: إن تغفر اللُهمَّ تغفر جماً وأي عبدٍ لك لا ألمَّا
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]() الرجاء والخوف ـ 5 ـ الشيخ : مجد مكي 11 ـ ومن آيات الرجاء قوله تعالى: [وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ(33) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ المُحْسِنِينَ(34) لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ(35) ]. {الزُّمر}. قال شيخنا عبد الله سراج الدين رحمه الله تعالى: فالذي كفّر عنهم أسوَأ ما عملوا، قد كفَّر عنهم ممَّا دونه من كل شيء ، ثم جزاهُم أجرهم على نسبةِ أحسن عملٍ عملوه ، فرفع عملهم الحسن إلى رتبة الأحسن ، وجزاهم أجرهم على ذلك ، هذا هو الله العظيم ، ذو الفضل العظيم. 12 ـ ومن آيات الرجاء: [مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ] {النحل:97}. 13 ـ ومن آيات الرجاء العظيمة قوله تعالى في وصف المؤمن:[أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ(16)]. {الأحقاف}.. فانظر كيف قال تعالى: نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ ولم يقل: نتقبل منهم ، لأنه ضمَّن التَّقبُّل معنى العَفْو والصَّفح. والمعنى: نعفوُ ونَصْفَحُ عنهم ونتقبَّل منهم ، ولولا صَفْحُه عن تقصيرهم ما قَبِلَ منهم سبحانه وتعالى ، فما أعظم عَفْوَه وما أوسَعَ مغفرتَهُ. ***
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
![]() الرجاء والخوف ـ 6 ـ الشيخ : مجد مكي سَعَةُ رحمة الله تعالى إن المؤمن عظيم الرجاء بالله عزَّ وجل ، لأنه يؤمن بسعة رحمته ، وعظيم مغفرته ، ويحسن الظن بربه عزَّ وجل.وحديثنا اليوم عن أهم موجبات الرجاء بالله عزَّ وجل ، وهو: الإيمان بسعة رحمته سبحانه وتعالى. قال الله تعالى:[ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ] {الأعراف:156}. وقد توسَّلت بتلك الرحمة حملة العرش ومن حوله في دعائهم.قال تعالى:[الَّذِينَ يَحْمِلُونَ العَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الجَحِيمِ] {غافر:7}.فلولا أنَّ في ذلك مَطْمَعاً ورجاءً ما توسَّلت به ملائكة الله تعالى في دعائهم. وروى البخاري (6469) عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنَّ الله خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة، فأمسك عنده تسعةً وتسعين رحمةً، وأرسل في خلقه كلهم رحمة واحدة، فلو يعلم الكافر بكلِّ الذي عند الله من الرحمة لم يَيْأس من جنَّته، ولو يعلم المؤمن بكلِّ الذي عند الله من العذاب لم يَأْمن من النار). ورواه مسلم (2752) بلفظ: (إنَّ لله مائة رحمة، واحدة بين الجنِّ والإنس والبهائم والهوام، فبها يتعاطفون، وبها يتراحمون، وبها تعطف الوحش على ولدها، وأخَّر الله تعالى تسعاً وتسعين رحمةً يرحم بها عباده يوم القيامة). فما أحوجَ الخلائق إلى رحمة الله تعالى يوم القيامة، لقد وسعهم كلهم جزءٌ واحدٌ في الدنيا، أما يوم القيامة فيُرحمون بمائة جزء. وروى البخاري (2955) ، ومسلم (4941) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لما قضى الله الخلق). وعند مسلم (4939): (لما خلق الله الخلق ، كَتَبَ في كتابه، فهو عنده فوق العرش ، إنَّ رحمتي تَغْلب غضبي). وعند البخاري(2955): (إنَّ رحمتي غَلَبت غضبي). وفي رواية له(6872): (إنَّ رحمتي سبقت غضبي). رحمة الله واسعةٌ، قضى بها لمن يستحقُّها: قال الله تعالى [ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ] {الأعراف:156}. روى الترمذي (2519)، عن أنس، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: (يقول الله تعالى: أخرجوا من النار من ذكرني يوماً، أو خافني في مقام». وتتجلَّى الرحمة الإلهية في هذا اليوم العصيب يوم يفرُّ المرء من أخيه وأمه وأبيه. وقال صلى الله عليه وسلم:« الراحمون يرحمهم الرحمن: ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء». رواه الترمذي (1924)، وقال: حديث حسن صحيح. ***
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
![]() الرجاء والخوف ـ 7 ـ الشيخ : مجد مكي سَعَة مغفرة الله تعالى قال تعالى: [إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ المَغْفِرَةِ] {النَّجم:32}. فمهما اتَّسعت رقعة الذنب فميدان المغفرة أوسع، ولذلك أرشد النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى التوسُّل إلى الله تعالى بسَعَة مغفرته.روى الحاكم (1994) عن جابر رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: واذنوباه، قال هذا القول مرتين أو ثلاثاً. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قل: اللهمَّ مغفرتك أوسع من ذنوبي، ورحمتك أرجى عندي من عملي) فقالها. ثم قال له صلى الله عليه وسلم: (عد) ـ أي: قلها ـ فعاد، ثم قال له: (عد)، فقالها ثلاثاً. فقال له صلى الله عليه وسلم: (قم فقد غفر الله لك). فمهما اتَّسعت رقعة الذنب فساحة المغفرة أوسع، ومهما تَغَلَّظت نجاسات المعاصي وأدناس الذنوب فبحر الغفران يُطهِّرها دون أن يتغيَّر ولا يتبدَّل، فعلى المذنبين أن يسارعوا إلى مغفرة الله بالتوبة والاستغفار، قبل أن ينقلوا من هذه الدار إلى دار القرار. روى مسلم (2687)، عن أبي ذر مرفوعاً: «يقول الله تعالى: من تقرَّب مني شبراً تقرَّبت منه ذراعاً، ومن تقرَّب مني ذراعاً تقرَّبت منه باعاً، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة، ومن لقيني بقُراب الأرض ـ بملء الأرض ـ خطيئة لا يشرك بي شيئاً لقيته بقُرابها مغفرة). ***
__________________
|
#7
|
||||
|
||||
![]() الرجاء والخوف ـ 8 ـ الشيخ : مجد مكي ما زلنا نتابع الحديث عن سعة مغفرة الله عزَّ وجل، ونورد في هذه الحلقة من سلسلة الرجاء هذا الحديث القدسي العظيم الذي يبعث الأمل في القلوب والرجاء في النفوس. روى الترمذي (3540)، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقول الله تبارك وتعالى: يا ابنَ آدم: إنَّك ما دعوتَني ورجَوْتَني غفرتُ لك على ما كان منك ولا أبالي. يا ابنَ آدم: إنك لو بلغت ذنوبك عَنان السماء ـ أي: السحاب ـ ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي. يا ابنَ آدم: إنك لو أتيتني بقُراب الله خطايا ـ أي: ما يقارب ملأها ـ ثم لقيتني لا تشرك بك شيئاً لأتيتك بقُرابها مغفرة» وفي هذا الحديث القدسي نداءان من الغفور الرحيم لعباده: النداء الأول: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك..) وفي هذا النداء بيان لسببين من أسباب المغفرة ، وهما: الدعاء والرجاء، دعاؤك إيَّاه بالمغفرة والتَّجاوز عما فرط منك مع رجائك الإجابة منه، وعدم القنوط إن تأخَّرت الإجابة. و(ما) في قوله: «ما دعوتني» مصدرية ظرفية. والتقدير: مدَّة دوام دعائك، فيستفاد من هذا التقدير ضرورة المداومة على الدعاء والإلحاح، وأنت ترجو من الله الحصول على المطلوب، فكن له راجياً يكن لك معطياً. ومعنى قوله: «ولا أبالي» أي: لا تهمُّني كثرة ذنوبك، ولا يعظم عليَّ مغفرتها: [إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا] {الزُّمر:53} إلا الشرِّك به:[إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ] {النساء:48}. والنداء الثاني: (يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني...) والمراد بالاستغفار: التوبة النَّصوح. وفي هذا النداء الربَّاني يفتح الله عزَّ وجل لعباده باب الرجاء فتحاً كبيراً، فَيُصَوِّر له كَثْرةَ ذنوبه كثرةً فاحشة بحيث إنَّها بلغت وعمَّت ما بينه وبين سَحَاب السماء، ثم تاب إلى الله توبةً صادقة، فإنَّ الله يغفر له هذه الذنوب الكثيرة ولا يبالي سبحانه بكَثْرتها. والمغفرة: وقاية شرِّ الذنوب مع سَتْرها، فالمغفرة من الله تقي صاحبها من شرِّ الذنوب، وذلك بسَتْر الله لها. والتوبة: العودةُ والرجوع إلى الله عزَّ وجل، ولتكون توبةً صادقةً ينبغي أن تستوفي شروطها وهي ثلاثة: الإقلاع عن الذنب في الحاضر، والندم على ما فرط منه في الماضي، والعزم على ألا يعود في المستقبل. ومن سَعَة مغفرته سبحانه أنه يغفر لبني آدم خطاياهم المتواصلة في الليل والنهار، من كبائر أوصغائر، أو فرطات أو تقصيرات، إذا هم استغفروه. وفي حديث أبي ذر رضي الله عنه فيما يرويه عن ربِّه عزَّ وجل أنه قال:« يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعاً، فاستغفروني أغفر لكم» رواه مسلم(4674). وأفاد هذا الحديث ـ وهو مشاهَدٌ من أنفسنا ـ أنَّ هذه الآثام والذنوب كثيرة مستمرة لا تنقطع، ليل نهار، ولكنَّ عفو الله تعالى ومغفرته أعظم وأوسع، ولذلك تمدَّح الله عزَّ وجل بقوله عقبه:«وأنا أغفر الذنوب جميعاً». ينظر: (من صحاح الأحاديث القدسية) ص29. ***
__________________
|
#8
|
||||
|
||||
![]() الرجاء والخوف ـ 9 ـ الشيخ : مجد مكي من أسباب المغفرة وإنَّ مغفرة الله تعالى لا خَطَر عليها ولا ضيق فيها، فإنَّ الله تعالى يغفر لمن يشاء بأيِّ سببٍ شاء من أسباب ظاهرة: كالتوبة، والاستغفار، والدعاء، والصَّدقات، والصَّلوات، والأوراد.. ومنها أسباب باطنة خفيَّة هو أعلمُ بها سبحانه... قال الله تعالى:[إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا] {النساء:48}. في كل كبد رطبة أجر: أخرج البخاري (2363)، ومسلم (2244)، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: « بَيْنا رجل يمشي فاشتدَّ عليه العطش، فنزل بئراً، فشرب منها، ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث، يأكل الثَّرى من العطش، ـ واللهث: ارتفاع النَّفَس من شدة الإعياء، ولهث الكلب: إخراج لسانه ـ، فقال: لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي فملأ خفه، ثم أمسكه بفيه، ثم رقي، فسقى الكلب، فشكر الله تعالى له، فغفر له. قالوا: يا رسول الله وإنَّ لنا في البهائم أجرا ؟ ـ أي: إذا رحمناها وأحسنَّا إليها؟ ـ قال صلى الله عليه وسلم: (في كلِّ كبدٍ رَطْبةٍ أجر). إيصال الخير ودفع الشر: روى البخاري (654)، ومسلم (1914)، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم:«بينما رجلٌ يمشي بطريق وَجَد غُصْنَ شْوكٍ على الطريق ـ فأخَّره ـ أي: أزاله عن الطريق ـ فَشَكَرَ الله تعالى له، فغفر له». مغفرة الله للكفْل من بني إسرائيل: ومن أعظم أسباب المغفرة: الصبر عن المعصية بعد القدرة عليها والتمكن منها: روى أحمد في مسنده (4747)، والترمذي (2496)، والحاكم في مستدركه (7651) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدّث حديثاً: « كان الكفْل من بني إسرائيل لا يتورَّع من ذنب عمله، فأتته امرأة، فأعطاها ستين ديناراً على أن يطأها، فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته، أُرعدت ( اضْطَربت) وَبَكت. فقال: ما يبكيك أكرهتك ـ هل أرغمتك وحملتك على الفاحشة كرهاً ؟ ـ قالت: لا، ولكنه عمل ما عملته قط، وما حملني عليه إلا الحاجة، فقال: أتفعلينَ هذا وما فعلته، اذهبي فهي لك. وقال: واللهِ لا أعصي الله بعدها أبداً، فماتَ من ليلته، فأصبح مكتوباً على بابه: إنَّ الله قد غَفَر للكِفْل». ***
__________________
|
#9
|
||||
|
||||
![]() الرجاء والخوف ـ 10 ـ الشيخ : مجد مكي لا تَحَكُّم للمخلوقِ في مغفرة الله عزَّ وجل: روى مسلم (2621)، عن جندب:« أنَّ رسول الله صلى الله عليه و سلم حدَّث أن رجلاً قال: والله لا يغفر الله لفلان، وإنَّ الله تعالى قال: مَنْ ذا الذي يتألّى عليَّ ـ أي: يحلف ـ أن لا أغفر لفلان فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك». فمن حَلَف أنَّ الله تعالى لا يغفر لفلان، واستبعد ذلك عن الله تعالى فإن الله تعالى يُحبط عمله، ويغفر لذلك المذنب، فلا حكم على الله تعالى، وإنما الحكم لله تعالى. الرجلان المتآخيان: المذنب والطائع من بني إسرائيل: وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كَانَ رَجُلاَنِ فِى بَنِى إِسْرَائِيلَ مُتَآخِيَيْنِ، فَكَانَ أَحَدُهُمَا يُذْنِبُ وَالآخَرُ مُجْتَهِدٌ فِى الْعِبَادَةِ، فَكَانَ لاَ يَزَالُ الْمُجْتَهِدُ يَرَى الآخَرَ عَلَى الذَّنْبِ، فَيَقُولُ: أَقْصِرْ ـ أي: كفَّ وأمسك ـ فَوَجَدَهُ يَوْمًا عَلَى ذَنْبٍ، فَقَالَ لَهُ: أَقْصِرْ، فَقَالَ: خَلِّنِى وَرَبِّى أَبُعِثْتَ عَلَىَّ رَقِيبًا؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ لاَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ، أَوْ لاَ يُدْخِلُكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ. فَقُبِضَ أَرْوَاحُهُمَا، فَاجْتَمَعَا عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَقَالَ لِهَذَا الْمُجْتَهِدِ ـ في العبادة ـ: أَكُنْتَ بِى عَالِمًا أَوْ كُنْتَ عَلَى مَا فِى يَدِى قَادِرًا ـ أي: حتى حلفت عليَّ أن لا أغفر له؟ وَقَالَ لِلْمُذْنِبِ: اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِى، وَقَالَ لِلآخَرِ: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى النَّارِ». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَتَكَلَّمَ ـ أي: العابد ـ بِكَلِمَةٍ أَوْبَقَتْ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ» أي: أهلكته في الدنيا والآخرة ـ. أخرجه أحمد (8292)، وأبو داود (4901). فيجب على العابد الطائع أن لا يحتقر غيره من المذنبين، وأن لا ينظر إليهم بعين الازدراء، وينظر إلى حاله بعين التعظيم والإكبار والإعجاب، فإنَّ ذلك من موجبات الهلاك والطرد والشقاء. قال أحد الصَّالحين: انكسار العاصي خير من صَوْلة المطيع. وقال العارف ابن عطاء الله: معصية أورثت ذلاً واحتقاراً خيرٌ من طاعةٍ أورثت عزاً واستكباراً. ***
__________________
|
#10
|
||||
|
||||
![]() الرجاء والخوف ـ 11 ـ الشيخ : مجد مكي خوف الرجل المسرف من بني إسرائيل من ذنوبه وفي صحيح البخاري (3481)، ومسلم (2756)،والرواية للبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:« كان ـ أي: في بني إسرائيل ـ رجلٌ يُسْرف على نفسه ـ يبالغ في المعاصي ويتجاوز الحد ـ، فلما حضره الموت قال لبنيه: إذا أنا متّ فأحرقوني، ثم اطحنوني، ثم ذرُّوني ـ انثروني وفرِّقوني ـ في الريح، فوالله لئن قَدَر ـ من القدرة أو قدَّر بتشديد الدال من القضاء والقدر ـ عليَّ ربي ليعذِّبني عذاباً ما عذَّبه أحداً فلما مات فعل به ذلك، فأمر الله الأرض، فقال: اجمعي ما فيك منه ففعلت، فإذا هو قائم، فقال: ما حملك على ما صنعت ؟ قال: يا رب خشيتك فغفر له. وقال غيره: مخافتك يا رب» كيف يغفر الله للمتشكك في قدرة الله سبحانه على إحياء الموتى؟ قال الخطَّابي: قد يستشكل، فيقال: كيف يغفر الله له، وهو منكر للبعث والقدرة على إحياء الموتى؟ والجواب: أنه لم ينكر البعث، وإنما جهل، فظنَّ أنه إذا فعل ذلك به لا يعاد فلا يعذَّب، وقد ظهر إيمانه باعترافه بأنه فعل ذلك من خشية الله تعالى. قال العلامة الشيخ عبد الله سراج الدين ـ رحمه الله تعالى: وظنُّه يمسُّ بالإيمان بأنَّ الله على كل شيء قدير. ولكن يتمشَّى ذلك على أن بني إسرائيل خُفِّف عنهم في باب العقائد لقصور أفكارهم، وضيق قلوبهم وعقولهم، ولم يخفَّف عنهم في التكاليف العملية،فكلفوا بخمسين صلاة كل يوم، بخلاف هذه الأمة المحمديَّة: خفَّف الله عنها التكاليف العملية، ولكن شدَّد عليهم في باب العقائد. وقد يقال في الجواب عن شأن ذاك الرجل: بأنه كان يُسْرِف على نفسه، ولكن عنده خوف من الله تعالى، فلما حضرته الوفاة اشتدَّ عليه الخوف، وكبُر وعظم، فشدَّة الخوف أدهشته، اختلَّ تفكيره، فأوصى بذلك، والله تعالى أعلم. ***
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |