كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله - الصفحة 31 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         بيان للناس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          المرأة المسلمة.. مكانتها وحقوقها في الشريعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12 - عددالزوار : 3201 )           »          دور المعلم وواجب الطلاب والمجتمع نحوه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          السنن الإلهية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 13 - عددالزوار : 4712 )           »          ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 116 )           »          تفسير قوله تعالى: {قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون ... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »          {أمة يدعون إلى الخير} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 100 )           »          تفسير سورة الأنعام الآيات (157: 158) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 123 )           »          التفسير الموضوعي للقرآن الكريم: الإنسان في القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 156 )           »          من أسرار الحروف المقطعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 96 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #301  
قديم 09-09-2024, 02:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 141,042
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السابع
الحلقة (301)
صــــــــــ 143 الى صـــــــــــ 149



الأداء كان مملوكا بينهما، ولو أعتقه مالك النصف الذي لم يكاتبه قبل الأداء كان نصفه منه حرا فإن كان موسرا ضمن نصفه الباقي؛ لأن الكتابة كانت فيه باطلة ولا أخير العبد؛ لأن عقد الكتابة كان فاسدا وإن كان معسرا عتق منه ما عتق، وكانت الكتابة بينهما باطلة إلا أن يشاء مالك العبد أن يجددها
(قال) : ولو أن مملوكا بين اثنين دبره أحدهما فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول ليس للآخر أن يبيعه لما دخل فيه من العتق وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول له أن يبيع حصته، وإذا ورث أحد المتفاوضين ميراثا فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول هو له خاصة وبهذا يأخذ، قال وتنتقض المفاوضة إذا قبض ذلك، وكان ابن أبي ليلى يقول هو بينهما نصفان
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كان العبد بين رجلين فدبره أحدهما فللآخر بيع نصيبه؛ لأن التدبير عندي وصية، وكذلك للذي دبره أن يبيعه وهذا مكتوب في كتاب المدبر ومن زعم أنه ليس للمدبر أن يبيع المدبر لزمه أن يزعم أن على السيد المدبر نصف القيمة لشريكه إن كان موسرا ويكون مدبرا كله كما يلزمه هذا في العتق إذا جعل هذا عتقا يكون له بكل حال فإن قال فالعتق الذي ألزمته فيه نصف القيمة عتق واقع مكانه قيل فأنت تزعم في الجارية بين الرجلين يطؤها أحدهما فتلد أنها أم ولد وعليه نصف القيمة وهذا عتق ليس بواقع مكانه إنما هو واقع بعد مدة كعتق المدبر يقع بعد مدة.
وإن كان العبد بين اثنين فدبره أحدهما، ثم أعتقه الآخر ألبتة فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: الذي دبره بالخيار إن شاء أعتق وإن شاء استسعى العبد في نصف قيمته مدبرا وإن شاء ضمن المعتق نصف قيمته مدبرا إن كان موسرا ويرجع به المعتق على العبد، والولاء بينهما نصفان، وكان ابن أبي ليلى يقول التدبير باطل، والعتق جائز، والمعتق ضامن لنصف قيمته إن كان موسرا وإن كان معسرا سعى فيه العبد، ثم يرجع على المعتق، والولاء كله للمعتق وقال أبو يوسف إذا دبره أحدهما فهو مدبر كله وهو ضامن نصف قيمته وعتق الآخر باطل لا يجوز فيه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كان العبد بين اثنين فدبر أحدهما نصيبه وأعتق الآخر بتاتا فإن كان موسرا فالعبد حر كله وعليه نصف قيمته وله ولاؤه وإن كان معسرا فنصيبه منه حر ونصيب شريكه مدبر ومن زعم أنه لا يبيع المدبر فيلزمه أن يبطل العتق الآخر ويجعله مدبرا كله إذا كان المدبر الأول موسرا؛ لأن تدبير الأول عتق، والعتق الأول أولى من الآخر قال وهكذا قال أهل القياس الذين لم يبيعوا المدبر.
[باب في المكاتب]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كاتب الرجل المكاتب على نفسه فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول ماله لمولاه إذا لم يشترط المكاتب ذلك وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول المكاتب له المال وإن لم يشترط
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كاتب الرجل عبده وبيد العبد مال فالمال للسيد؛ لأنه لا مال للعبد إلا أن يشترط المكاتب على السيد ماله فيكون له بالشرط وهذا معنى السنة نصا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع ولا يعدو المكاتب أن يكون مشتريا لنفسه فرب المكاتب بائع» ، وقد جعل له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المال، أو يكون غير خارج من ملك مولاه فيكون معه كالمعلق فذلك أحرى أن لا يملك على مولاه مالا كان لمولاه قبل الكتابة، والمشتري الذي أعطى ماله في العبد أولى أن يكون مالكا لمال العبد بشراء العبد؛ لأنه لو مات مكانه مات من ماله من المكاتب الذي لو مات لم يلزمه شيء
وإذا قال المكاتب قد عجزت وكسر
مكاتبته ورده مولاه في الرق فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول ذلك جائز وبهذا يأخذ، وقد بلغنا عن عبد الله بن عمر أنه رد مكاتبا له حين عجز وكسر مكاتبته عند غير قاض، وكان ابن أبي ليلى يقول لا يجوز ذلك إلا عند قاض، وكذلك لو أتى القاضي فقال قد عجزت فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يرده وبهذا يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول لا أرده حتى يجتمع عليه نجمان قد حلا عليه في يوم خاصم إليه، ثم قال أبو يوسف بعد لا أرده حتى أنظر فإن كان نجمه قريبا، وكان يرجى لم يعجل عليه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال المكاتب قد عجزت عند محل نجم من نجومه فهو كما قال وهو كمن لم يكاتب يبيعه سيده ويصنع به ما شاء كان ذلك عند قاض، أو لم يكن (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا الثقفي وابن علية عن أيوب عن نافع عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - أنه رد مكاتبا له عجز في الرق.
(قال الشافعي) : أخبرنا سفيان بن عيينة عن شبيب بن غرقدة أنه شهد شريحا رد مكاتبا عجز في الرق
وإذا تزوج المكاتب، أو وهب هبة، أو أعتق عبدا، أو كفل بكفالة، أو كفل عنه رجل لمولاه بالذي عليه فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول هذا كله باطل لا يجوز وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول نكاحه وكفالته باطل وما تكفل به رجل عنه لمولاه فهو جائز وأما عتقه وهبته فهو موقوف فإن عتق أمضى ذلك وإن رجع مملوكا فذلك كله مردود وقال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - كيف يجوز عتقه وهبته وكيف تجوز الكفالة عنه لمولاه أرأيت رجلا كفل لرجل عن عبده كفالة أليست باطلا فكذلك مكاتبة وبهذا يأخذ وبلغنا عن إبراهيم النخعي أنه قال لا يجوز أن يكفل الرجل للرجل بمكاتبة عبده؛ لأنه عبده وإنما كفل له بماله وقال أبو حنيفة - رحمه الله - إذا كان له مال حاضر فقال، أؤديه اليوم، أو غدا فإنه كان يقول يؤجله ثلاثة أيام
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا تزوج المكاتب، أو وهب، أو أعتق، أو كفل عن أحد بكفالة فذلك كله باطل لأن في هذا إتلافا لماله وهو غير مسلط المال أما التزوج فأبطلناه بالعبودية التي فيه أنه لا يكون للعبد أن ينكح إلا بإذن سيده، ولو كفل رجل لرب المكاتب بالكتابة كانت الكفالة باطلة من قبل أنه إنما تكفل له بماله عن ماله
[باب في الأيمان]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال الرجل لعبده إن بعتك فأنت حر، ثم باعه فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول لا يعتق؛ لأن العتق إنما وقع عليه بعد البيع وبعدما خرج من ملكه وصار لغيره وبهذا يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول يقع العتق من مال البائع ويرد الثمن على المشتري؛ لأنه حلف يوم حلف وهو في ملكه، وكذلك لو قال البائع إن كلمت فلانا فأنت حر فباعه، ثم كلم فلانا فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول لا يعتق، ألا ترى أنه قد خرج من ملك البائع الحالف أرأيت لو أعتقه المشتري أيرجع إلى الحالف، وقد صار مولى للمشتري؟ أرأيت لو أن المشتري ادعاه وزعم أنه ابنه فأثبت القاضي نسبه وهو رجل من العرب وجعله ابنه، ثم كلم البائع ذلك الرجل الذي حلف عليه أن لا يكلمه أبطل دعوى هذا ونسبه ويرجع الولاء إلى الأول، وكان ابن أبي ليلى يقول في هذا يرجع الولاء إلى الأول ويرد الثمن ويبطل النسب
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال الرجل لعبده إن بعتك فأنت حر فباعه بيعا ليس ببيع خيار بشرط فهو حر حين عقد البيع وإنما زعمت أنه يعتق من قبل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا» (قال الشافعي) : وتفرقهما تفرقهما عن مقامهما الذي تبايعا فيه فلما
كان لمالك العبد الحالف بعتقه إجازة البيع ورده كان لم ينقطع ملكه عنه الانقطاع كله، ولو ابتدأ العتق في هذه الحال لعبده الذي باعه عتق فعتق بالحنث، ولو كان باعه بيع خيار كان هكذا عندي لأني أزعم أن الخيار إنما هو بعد البيع ومن زعم أن الخيار يجوز مع عقد البيع لم يعتق؛ لأن الصفقة أخرجته من ملك الحالف خروجا لا خيار له فيه فوقع العتق عليه وهو خارج من ملكه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وهكذا لو قال رجل لغلامه أنت حر لو كلمت فلانا، أو دخلت الدار فباعه وفارق المشتري، ثم كلم فلانا، أو دخل الدار لم يعتق لأن الحنث وقع وهو خارج من ملكه، وإذا قال الرجل لامرأته أنت طالق إن كلمت فلانا، ثم طلقها واحدة بائنة، أو واحدة يملك الرجعة وانقضت عدتها، ثم كلم فلانا فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول لا يقع عليه الطلاق الذي حلف به لأنها قد خرجت من ملكه، ألا ترى أنها لو تزوجت زوجا غيره، ثم كلم الأول فلانا وهي عند هذا الرجل لم يقع عليها الطلاق وهي تحت غيره وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول يقع عليها الطلاق؛ لأنه حلف بذلك وهي في ملكه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولو قال لامرأته أنت طالق إن كلمت فلانا، ثم خالعها، ثم كلمت فلانا لم يقع عليها طلاق من قبل أن الطلاق وقع وهي خارجة من ملكه وهكذا لو طلقها واحدة فانقضت عدتها، ثم كلم فلانا لم يقع عليه الطلاق؛ لأن الطلاق لا يقع إلا على زوجة وهي ليست بزوجة، ولو نكحها نكاحا جديدا لم يحنث بهذا الطلاق وإن كلمه كلاما جديدا؛ لأن الحنث لا يقع إلا مرة، وقد وقع وهي خارجة من ملكه
(قال) : وإذا قال الرجل كل امرأة أتزوجها أبدا فهي طالق ثلاثا وكل مملوك أملكه فهو حر لوجه الله تعالى فاشترى مملوكا وتزوج امرأة فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول يقع العتق على المملوك والطلاق على المرأة، ألا ترى أنه طلق بعدما ملك وأعتق بعدما ملك، وقد بلغنا عن علي - رضي الله عنه - أنه كان يقول لا طلاق إلا بعد نكاح ولا عتق إلا بعد ملك فهذا إنما وقع بعد الملك كله، ألا ترى أنه لو قال إذا تزوجتها، أو ملكتها فهي طالق صارت طالقا وبهذا يأخذ، ألا ترى أن رجلا لو قال لأمته كل ولد تلدينه فهو حر، ثم ولدت بعد عشر سنين كان حرا فهذا عتق ما لم يملك، ألا ترى أن رجلا لو كانت عنده امرأة فقال لها إن تزوجتك فأنت طالق ثلاثا، ثم طلقها واحدة بائنة، ثم تزوجها في العدة، أو بعدها أن ذلك واقع عليها؛ لأنه حلف وهو يملكها ووقع الطلاق وهو يملكها أرأيت لو قال لعبد له إن اشتريتك فأنت حر فباعه، ثم اشتراه أما كان يعتق، وكان ابن أبي ليلى يقول لا يقع في ذلك عتق ولا طلاق إلا أن يوقت وقتا فإن وقت وقتا في سنين معلومة، أو قال ما عاش فلان، أو فلانة، أو وقت مصرا من الأمصار، أو مدينة، أو قبيلة لا يتزوج ولا يشتري منها مملوكا فإن ابن أبي ليلى يوقع على هذا الطلاق وأما قول أبي حنيفة - رحمه الله تعالى - فإنه يوقع في الوقت وغير الوقت، وقد بلغنا عن عبد الله بن مسعود - رضي الله تعالى عنه - أنه قال إذا وقت وقتا، أو قبيلة، أو ما عاشت فلانة وقع.
إذا قال الرجل إن وطئت فلانة فهي حرة فاشتراها فوطئها فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول لا تعتق من قبل أنه حلف وهو لا يملكها وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى - رحمه الله تعالى - يقول تعتق فإن قال إن اشتريتك فوطئتك فأنت حرة فاشتراها فوطئها فهي حرة في قولهما جميعا (قال الربيع) للشافعي - رحمه الله تعالى - ها هنا جواب.
[باب في العارية وأكل الغلة]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أعار الرجل الرجل أرضا يبني فيها ولم يوقت وقتا، ثم بدا له أن
يخرجه بعدما بنى فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول نخرجه ويقال للذي بنى انقض بناءك وبهذا يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول: الذي أعاره ضامن لقيمة البنيان، والبناء للمعير، وكذلك بلغنا عن شريح، فإن وقت له وقتا فأخرجه قبل أن يبلغ ذلك الوقت فهو ضامن لقيمة البناء في قولهما جميعا
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أعار الرجل الرجل بقعة من الأرض يبني فيها بناء فبناه لم يكن لصاحب البقعة أن يخرجه من بنائه حتى يعطيه قيمته قائما يوم يخرجه، ولو وقت له وقتا وقال أعرتكها عشر سنين وأذنت لك في البناء مطلقا كان هكذا ولكنه لو قال فإن انقضت العشر السنين كان عليك أن تنقض بناءك كان ذلك عليه؛ لأنه لم يغر إنما هو غر نفسه
(قال) : وإذا أقام الرجل البينة على أرض ونخل أنها له، وقد أصاب الذي هو في يديه من غلة النخل، والأرض فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: الذي كانت في يديه ضامن لما أخذ من الثمر وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول لا ضمان عليه في ذلك
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كانت النخل، والأرض في يدي الرجل فأقام رجل عليها البينة أنها له منذ عشر سنين، وقد أصاب الذي هي في يديه ثمرها منذ عشر سنين أخرجت من يديه وضمن ثمرها وما أصاب منها من شيء فدفعه إلى صاحب البينة فإن كانت الأرض تزرع فزرعها للزارع وعليه كراء مثل الأرض وإن كان لم يزرعها فعليه كراء مثل الأرض
(قال) : وإذا زرع الرجل الأرض فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: الزرع للذي كانت في يديه وهو ضامن لما نقص الأرض في قول أبي حنيفة ويتصدق بالفضل، وكان ابن أبي ليلى يقول لا يتصدق بشيء وليس عليه ضمان
(قال) : وإذا أخذ الرجل أرض رجل إجارة سنة وعملها وأقام فيها سنتين فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول هو ضامن لما نقص الأرض في السنة الثانية ويتصدق بالفضل ويعطي أجر السنة الأولى، وكان ابن أبي ليلى يقول عليه أجر مثلها في السنة الثانية
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا تكارى الرجل الأرض ليزرعها سنة فزرعها سنتين فعليه كراؤها الذي تشارطا عليه في السنة الأولى وكراء مثلها في السنة الثانية، ولو حدث عليها في السنة الثانية حدث ينقصها كان ضامنا، وهكذا الدور، والعبيد والدواب وكل شيء استؤجر
(قال) : وإذا وجد الرجل كنزا قديما في أرض رجل، أو داره فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول هو لرب الدار وعليه الخمس وليس للذي وجده منه شيء، وكان ابن أبي ليلى يقول هو للذي وجده وعليه الخمس ولا شيء لصاحب الدار والأرض فيه وبه يأخذ
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا وجد الرجل كنزا جاهليا في دار رجل فالكنز لرب الدار وفيه الخمس، وإنما يكون الكنز لمن وجده إذا وجده في موضع لا يملكه أحد، وإذا كان الكنز إسلاميا ولم يوجد في ملك أحد فهو لقطة يعرفه سنة، ثم هو له.
[باب في الأجير والإجارة]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا اختلف الأجير، والمستأجر في الأجرة فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول: القول قول المستأجر مع يمينه إذا عمل العمل وبهذا يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول: القول قول الأجير فيما بينه وبين أجر مثله إلا أن يكون الذي ادعى أقل فيعطيه إياه، وإن لم يكن عمل العمل تحالفا وترادا في قول أبي حنيفة وينبغي كذلك في قول ابن أبي ليلى وقال أبو يوسف بعد: إذا كان شيء متقارب قبلت قول المستأجر وأحلفته، وإذا تفاوت لم أقبل وأجعل للعامل أجر مثله إذا حلف
(قال
الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا استأجر الرجل أجيرا فتصادقا على الإجارة واختلفا كم هي فإن كان لم يعمل تحالفا وترادا الإجارة وإن كان عمل تحالفا وترادا أجر مثله كان أكثر مما ادعى، أو أقل مما أقر به المستأجر إذا أبطلت العقدة وزعمت أنها مفسوخة لم يجز أن أستدل بالمفسوخ على شيء، ولو استدللت به كنت لم أعمل المفسوخ ولا الصحيح على شيء
(قال) : وإذا استأجر الرجل بيتا شهرا يسكنه فسكنه شهرين، أو استأجر دابة إلى مكان فجاوز ذلك المكان فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول الأجر فيما سمى ولا أجر له فيما لم يسم؛ لأنه قد خالف وهو ضامن حين خالف ولا يجتمع عليه الضمان والأجرة وبهذا يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول له الأجر فيما سمى وفيما خالف إن سلم وإن لم يسلم ذلك ضمن ولا نجعل عليه أجرا في الخلاف إذا ضمنه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا تكارى الرجل الدابة إلى موضع فجاوزه إلى غيره فعليه كراء الموضع الذي تكاراها إليه الكراء الذي تكاراها به وعليه من حين تعدى إلى أن ردها كراء مثلها من ذلك الموضع، وإذا عطبت لزمه الكراء إلى الموضع الذي عطبت فيه وقيمتها وهذا مكتوب في كتاب الإجارات
(قال) : وإذا تكارى الرجل دابة ليحمل عليها عشرة مخاتيم فحمل عليها أكثر من ذلك فعطبت الدابة فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول هو ضامن قيمة الدابة بحساب ما زاد عليها وعليه الأجر تاما إذا كانت قد بلغت المكان وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول: عليه قيمتها تامة ولا أجر عليه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا تكارى الرجل الدابة على أن يحمل عليها عشرة مكاييل مسماة فحمل عليها أحد عشر مكيالا فعطبت فهو ضامن لقيمة الدابة كلها وعليه الكراء، وكان أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - يجعل عليه الضمان بقدر الزيادة كأنه تكاراها على أن يحمل عليها عشرة مكاييل فحمل عليها أحد عشر فيضمنه سهما من أحد عشر سهما ويجعل الأحد عشر كلها قتلتها، ثم يزعم أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - أنه تكاراها مائة ميل فتعدى بها على المائة ميلا، أو بعض ميل فعطبت ضمن الدابة كلها، وكان ينبغي في أصل قوله أن يجعل المائة والزيادة على المائة قتلتها فيضمنه بقدر الزيادة لأنه يزعم أنه ضامن للدابة حين تعدى بها حتى يردها، ولو كان الكراء مقبلا ومدبرا فماتت في المائة ميل
وإذا غرقت سفينة الملاح فغرق الذي فيها، وقد حمله بأجر فغرقت من مده، أو معالجته السفينة فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول هو ضامن وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول لا ضمان عليه في المد خاصة (قال الشافعي) : - رحمه الله: وإذا فعل من ذلك الفعل الذي يفعل بمثلها في ذلك الوقت الذي فعل لم يضمن، وإذا تعدى ذلك ضمن والله سبحانه وتعالى الموفق.
[باب القسمة]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كانت الدار صغيرة بين اثنين، أو شقص قليل في دار لا يكون بيتا فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول أيهما طلب القسمة وأبى صاحبه قسمت له، ألا ترى أن صاحب القليل ينتفع بنصيب صاحب الكثير وبهذا يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول لا يقسم شيء منها
(قال الشافعي) : وإذا كانت الدار، أو البيت بين شركاء فسأل أحدهم القسمة ولم يسأل ذلك من بقي فإن كان يصل إليه بالقسم شيء ينتفع به وإن قلت المنفعة قسم له وإن كره أصابه، وإن كان لا يصل إليه منفعة ولا إلى أحد لم يقسم له.





[باب الصلاة]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أتى الرجل إلى الإمام في أيام التشريق وقد سبقه بركعة فسلم الإمام عند فراغه فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول: يقوم الرجل فيقضي ولا يكبر معه لأن التكبير ليس من الصلاة إنما هو بعدها وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: يكبر ثم يقوم فيقضي.
(قال) : وإذا صلى الرجل في أيام التشريق وحده أو المرأة فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول: لا تكبير عليه ولا تكبير على من صلى في جماعة في غير مصر جامع ولا تكبير على المسافرين وكان ابن أبي ليلى يقول عليهم التكبير أبو يوسف عن عبيدة عن إبراهيم أنه قال: التكبير على المسافرين وعلى المقيمين وعلى الذي يصلي وحده وفي جماعة وعلى المرأة وبه يأخذ مجالد عن عامر مثله.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا سبق الرجل بشيء من الصلاة في أيام التشريق فسلم الإمام وكبر لم يكبر المسبوق بشيء من الصلاة وقضى الذي عليه فإذا سلم كبر وذلك أن التكبير أيام التشريق ليس من الصلاة إنما هو ذكر بعدها وإنما يتبع الإمام فيما كان من الصلاة وهذا ليس من الصلاة ويكبر في أيام التشريق المرأة والعبد والمسافر والمصلي منفردا وغير منفرد والرجل قائما وقاعدا ومضطجعا وعلى كل حال.
وإذا أدرك الإمام وهو راكع فكبر معه ثم لم يركع حتى رفع الإمام رأسه فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول يسجد معه ولا يعتد بتلك الركعة أخبرنا بذلك عن الحسن عن الحكم عن إبراهيم وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: يركع ويسجد ويحتسب بذلك من صلاته. وكان أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - ينهى عن القنوت في الفجر وبه يأخذ ويحدث به عن «رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يقنت إلا شهرا واحدا حارب حيا من المشركين فقنت يدعو عليهم» وأن أبا بكر - رضي الله عنه - لم يقنت حتى لحق بالله عز وجل وأن ابن مسعود - رضي الله عنه - لم يقنت في سفر ولا في حضر وأن عمر بن الخطاب لم يقنت وأن ابن عباس - رضي الله عنه - لم يقنت وأن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - لم يقنت وقال: يا أهل العراق أنبئت أن إمامكم يقوم لا قارئ قرآن ولا راكع يعني بذلك القنوت وأن عليا - رضي الله عنه - قنت في حرب يدعو على معاوية فأخذ أهل الكوفة عنه ذلك وقنت معاوية بالشام يدعو على علي - رضي الله عنه - فأخذ أهل الشام عنه ذلك وكان ابن أبي ليلى - رحمه الله تعالى - يرى القنوت في الركعة الأخيرة بعد القراءة وقبل الركوع في الفجر ويروى ذلك عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قنت بهاتين السورتين "اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير نشكرك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكفار ملحق" وكان يحدث عن ابن عباس عن عمر - رضي الله عنه - بهذا الحديث ويحدث عن علي - رضي الله عنه - أنه قنت.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ومن أدرك الإمام راكعا فكبر ولم يركع حتى يرفع الإمام رأسه سجد مع الإمام ولم يعتد بذلك السجود لأنه لم يدرك ركوعه ولو ركع بعد رفع الإمام رأسه لم يعتد بتلك الركعة لأنه لم يدركها مع الإمام ولم يقرأ لها فيكون صلى لنفسه فقرأ ولا صلى مع الإمام فيما أدرك مع الإمام ويقنت في صلاة الصبح بعد الركعة الثانية «قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يترك» علمناه القنوت في الصبح قط وإنما «قنت النبي - صلى الله عليه وسلم - حين جاءه قتل أهل بئر معونة خمس عشر ليلة يدعو على قوم من المشركين في الصلوات كلها ثم ترك القنوت في الصلوات كلها» فأما في صلاة الصبح فلا أعلم أنه تركه بل نعلم أنه قنت في الصبح قبل قتل أهل بئر معونة وبعد وقد قنت بعد رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر وعمر وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنهم - كلهم بعد الركوع وعثمان - رضي الله عنه - في بعض إمارته ثم قدم القنوت على الركوع وقال ليدرك من سبق بالصلاة الركعة.
[باب صلاة الخوف]
(قال) : وكان أبو حنيفة - رحمه الله - يقول في صلاة الخوف: يقوم الإمام وتقوم معه طائفة فيكبرون مع الإمام ركعة وسجدتين ويسجدون معه فينفلتون من غير أن يتكلموا حتى يقفوا بإزاء العدو ثم تأتي الطائفة التي كانت بإزاء العدو فيستقبلون التكبير ثم يصلي بهم الإمام ركعة أخرى وسجدتين ويسلم الإمام فينفلتون هم من غير تسليم ولا يتكلموا فيقوموا بإزاء العدو وتأتي الأخرى فيصلون ركعة وحدانا ثم يسلمون وذلك لقول الله عز وجل {ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك} [النساء: ١٠٢] وكذلك بلغنا عن عبد الله بن عباس وإبراهيم النخعي وكان ابن أبي ليلى يقول: يقوم الإمام والطائفتان جميعا إذا كان العدو بينهم وبين القبلة فيكبر ويكبرون ويركع ويركعون جميعا ويسجد الإمام والصف الأول ويقوم الصف الآخر في وجوه العدو فإذا رفع الإمام رفع الصف الأول رءوسهم وقاموا وسجد الصف المؤخر فإذا فرغوا من سجودهم قاموا ثم تقدم الصف المؤخر ويتأخر الصف الأول فيصلي بهم الإمام الركعة الأخرى كذلك ويحدث بذلك ابن أبي ليلى عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان ابن أبي ليلى يقول: إذا كان العدو في دبر القبلة قام الإمام وصف معه مستقبل القبلة والصف الآخر مستقبل العدو ويكبر ويكبرون جميعا ويركع ويركعون جميعا ثم يسجد الصف الذي مع الإمام سجدتين ثم ينفتلون فيستقبلون العدو ويجيء الآخرون فيسجدون ويصلي بهم الإمام الركعة الثانية فيركعون جميعا ويسجد معه الصف الذي معه ثم ينفتلون فيستقبلون العدو ويجيء الآخرون فيسجدون ويفرغون ثم يسلم الإمام وهم جميعا.
(قال الشافعي) : وإذا صلى الإمام صلاة الخوف مسافرا جعل طائفة من أصحابه بينه وبين العدو وصلى بطائفة ركعة ثم ثبت قائما يقرأ وصلوا لأنفسهم الركعة التي بقيت عليهم وتشهدوا وسلموا ثم انصرفوا وقاموا بإزاء العدو وجاءت الطائفة التي كانت بإزاء العدو فكبروا لأنفسهم وصلى بهم الركعة التي كانت بقيت عليه فإذا جلس في التشهد قاموا فصلوا الركعة التي بقيت عليهم ثم جلسوا فتشهدوا فإذا رأى الإمام أن قد قضوا تشهدهم سلم بهم وبهذا المعنى صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف يوم ذات الرقاع وقد روي عنه في صلاة الخوف خلاف هذا وهذا مكتوب في كتاب الصلاة.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كان العدو بينه وبين القبلة لا حائل بينه وبينهم ولا سترة وحيث لا يناله النبل وكان العدو قليلا مأمونين وأصحابه كثيرا وكانوا بعيدا منه لا يقدرون في السجود على الغارة عليه قبل أن يصيروا إلى الركوب والامتناع: صلى بأصحابه كلهم فإذا ركع ركعوا كلهم وإذا رفع رفعوا كلهم وإذا سجد سجدوا كلهم إلا صفا يكونون على رأسه قياما فإذا رفع رأسه من السجدتين فاستوى قائما أو قاعدا في مثنى اتبعوه فسجدوا ثم قاموا بقيامه وقعدوا بقعوده وهكذا كان - صلى الله عليه وسلم - في غزوة الحديبية بعسفان وخالد بن الوليد بينه وبين القبلة وكان خالد في مائتي فارس منتبذا من النبي - صلى الله عليه وسلم - في صحراء ملساء ليس فيها جبل ولا شجر والنبي - صلى الله عليه وسلم - في ألف وأربعمائة ولم يكن خالد فيما نرى يطمع بقتالهم وإنما كان طليعة يأتي بخبرهم.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا جهر الإمام في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة عمدا فإن أبا حنيفة



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #302  
قديم 09-09-2024, 02:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 141,042
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السابع
الحلقة (302)
صــــــــــ 150 الى صـــــــــــ 156





رحمه الله تعالى - كان يقول: قد أساء وصلاته تامة وكان ابن أبي ليلى يقول: يعيد بهم الصلاة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا جهر الإمام في الظهر أو العصر أو خافت في المغرب أو العشاء فليس عليه إعادة وقد أساء إن كان عمدا.
وإذا صلى الرجل أربع ركعات بالليل ولم يسلم فيها فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: لا بأس بذلك وكان ابن أبي ليلى يقول: أكره ذلك له حتى يسلم في كل ركعتين وبه يأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : صلاة الليل والنهار من النافلة سواء يسلم في كل ركعتين، وهكذا جاء الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الليل وقد يروى عنه خبر يثبت أهل الحديث مثله في صلاة النهار ولو لم يثبت كان إذ أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الليل أن يسلم من كل ركعتين كان معقولا في الخبر عنه أنه أراد والله تعالى أعلم الفرق بين الفريضة والنافلة ولا تختلف النافلة في الليل والنهار كما لا تختلف المكتوبة في الليل والنهار لأنها موصولة كلها (قال) : وهكذا ينبغي أن تكون النافلة في الليل والنهار.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : والتكبير على الجنائز أربع وما علمت أحدا حفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجه يثبت مثله أنه كبر إلا أربعا وكان أبو حنيفة يكبر على الجنائز أربعا وكان ابن أبي ليلى يكبر خمسا على الجنائز.
(قال الشافعي) : ويجهر في الصلاة ب بسم الله الرحمن الرحيم قبل أم القرآن وقبل السورة التي بعدها فإن جمع في ركعة سورا جهر ب "بسم الله الرحمن الرحيم" قبل كل سورة وكان أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - يكره أن يجهر ب "بسم الله الرحمن الرحيم" وكان ابن أبي ليلى يقول: إذا جهرت فحسن وإذا أخفيت فحسن.
(قال) : وذكر عن ابن أبي ليلى عن رجل توضأ ومسح على خفيه من حدث ثم نزع الخفين قال: يصلي كما هو وحدث بذلك عن الحكم عن إبراهيم وذكر أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - عن حماد عن إبراهيم أنه قال: لا يصلي حتى يغسل رجليه وبه يأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا صلى الرجل وقد مسح على خفيه ثم نزعهما أحببت له أن لا يصلي حتى يستأنف الوضوء لأن الطهارة إذا انتقضت عن عضو احتملت أن تكون على الأعضاء كلها فإذا لم يزد على غسل رجليه أجزأه وقد روي عن ابن عمر أنه توضأ وخرج إلى السوق ثم دعي لجنازة فمسح على خفيه وصلى.
وذكر عن الحكم أيضا عن إبراهيم أنه قال لا بأس بعد الآي في الصلاة (قال) : ولو ترك عد الآي في الصلاة كان أحب إلي وإن كان إنما يعدها عقدا ولا يلفظ بعددها لفظا لم يكن عليه شيء وإن لفظ بشيء من ذلك لفظا فقال: واحدة وثنتان وهو ذاكر لصلاته انتقضت صلاته وكان عليه الاستئناف.
قال وإذا توضأ الرجل بعض وضوئه ثم لم يتمه حتى جف ما قد غسل فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: يتم ما قد بقي ولا يعيد على ما مضى وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: إن كان في طلب الماء أو في الوضوء فإنه يتم ما بقي وإن كان قد أخذ في عمل غير ذلك أعاده على ما جف (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ورأيت المسلمين جاءوا بالوضوء متتابعا نسقا على مثل ما توضأ به النبي - صلى الله عليه وسلم - فمن جاء به كذلك ولم يقطعه لغير عذر من انقطاع الماء وطلبه بنى على وضوئه ومن قطعه بغير عذر حتى يتطاول ذلك فيكون معروفا أنه أخذ في عمل غيره فأحب إلي أن يستأنف وإن أتم ما بقي أجزأه.
أخبرنا ابن أبي ليلى عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: لا يمسح وجهه من التراب في الصلاة حتى يتشهد ويسلم وبه يأخذ أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه كان يمسح التراب عن وجهه في الصلاة قبل أن يسلم وكان أبو حنيفة - رحمه الله تعالى: لا يرى بذلك بأسا وبه يأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولو ترك المصلي مسح وجهه من التراب حتى يسلم كان أحب إلي فإن فعل فلا شيء عليه.
[باب الزكاة]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كان على رجل دين ألف درهم وله على الناس دين ألف درهم وفي يده ألف درهم فإن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - كان يقول: ليس عليه زكاة فيما في يديه حتى يخرج دينه فيزكيه وكان ابن أبي ليلى يقول: عليه فيما في يديه الزكاة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كانت في يدي رجل ألف درهم وعليه مثلها فلا زكاة عليه وإن كانت المسألة بحالها وله دين ألف درهم فلو عجل الزكاة كان أحب إلي وله أن يؤخرها حتى يقبض ماله فإن قبضه زكى مما في يديه وإن تلف لم يكن عليه فيه زكاة (قال الربيع) : آخر قول الشافعي إذا كانت في يديه ألف وعليه ألف فعليه الزكاة (قال الربيع) : من قبل أن الذي في يديه إن تلف كان منه وإن شاء وهبها وإن شاء تصدق بها فلما كانت في جميع أحكامها مالا من ماله وقد قال الله عز وجل {خذ من أموالهم صدقة} [التوبة: ١٠٣] كانت عليه فيها الزكاة، قال: وكان ابن أبي ليلى يقول: زكاة الدين على الذي هو عليه فقال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى: بل هي على صاحبه الذي هو له إذا خرج كذلك بلغنا عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وبهذا يأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كان للرجل دين على الناس فإن كان حالا وقد حال عليه الحول في يدي الذي هو عليه أو أكثر من حول فإن كان يقدر على أخذه منه فتركه فعليه فيه الزكاة وهو كمال له وديعة في يدي رجل عليه أن يزكيه إذا كان قادرا عليه وإن كان لا يدري لعله سيفلس له به أو كان متغيبا عنه فعليه إذا كان حاضرا طلبه منه بألح ما يقدر عليه فإذا نض في يديه فعليه الزكاة لما مضى في يديه من السنين فإن تلف قبل أن يقبضه فلا زكاة عليه فيه وهكذا إذا كان صاحب الدين متغيبا عنه.
قال: وإذا كانت أرض من أرض الخراج فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: ليس فيها عشر لا يجتمع عشر وخراج وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: عليه فيها العشر مع الخراج (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا زرع الرجل أرضا من أرض الخراج فعليه في زرعها العشر كما يكون عليه في زرع أرض لرجل تكاراها منه، وهي لذلك الرجل أو هي صدقة موقوفة،.
قال: وإذا كانت الأرض من أرض العشر فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: في كل قليل وكثير أخرجت من الحنطة والشعير والزبيب والتمر والذرة وغير ذلك من أصناف الغلة العشر ونصف العشر والقليل والكثير في ذلك سواء وإن كانت حزمة من بقل وكذلك حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم وكان ابن أبي ليلى يقول: ليس في شيء من ذلك عشر إلا في الحنطة والشعير والثمر والزبيب ولا يكون فيه العشر حتى يبلغ خمسة أوسق فصاعدا والوسق عندنا ستون صاعا والصاع مختوم بالحجاجي وهو ربع بالهاشمي الكبير وهو ثمانية أرطال والمد رطلان وبه يأخذ وقال أبو يوسف - رحمه الله تعالى: ليس في البقول والخضراوات عشر ولا أرى في شيء من ذلك عشرا إلا الحنطة والشعير والحبوب وليس فيه شيء حتى يبلغ خمسة أوسق (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا زرع الرجل أرضا من أرض العشر فلا زكاة عليه حتى يخرج منها خمسة أوسق من كل صنف مما أخرجت مما فيه الزكاة وذلك ثلثمائة صاع بصاع النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وليس في الخضر زكاة والزكاة فيما اقتيت ويبس وادخر مثل الحنطة والذرة والشعير والزبيب والحبوب التي في هذا المعنى التي ينبت الناس.
قال: وإذا كان لرجل إحدى وأربعون بقرة فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: إذا حال عليها الحول ففيها مسنة وربع عشر مسنة وما زاد فبحساب ذلك إلى أن تبلغ ستين بقرة وأظنه حدثه أبو حنيفة
عن حماد عن إبراهيم وكان ابن أبي ليلى يقول: لا شيء في الزيادة على الأربعين حتى تبلغ ستين بقرة وبه يأخذ وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا شيء في الأوقاص» والأوقاص عندنا ما بين الفريضتين وبه يأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وليس في البقر صدقة حتى تبلغ ثلاثين فإذا بلغت ثلاثين ففيها تبيع ثم ليس في الزيادة على الثلاثين صدقة حتى تبلغ أربعين فإذا بلغت أربعين ففيها مسنة ثم ليس في زيادتها شيء حتى تبلغ ستين فإذا بلغت ستين ففيها تبيعان ثم ليس في الفضل على الستين صدقة حتى تبلغ سبعين فإذا بلغت سبعين ففيها تبيع ومسنة ثم ليس في الفضل على السبعين صدقة حتى تبلغ ثمانين فإذا بلغت الثمانين ففيها مسنتان ثم هكذا صدقتها وكل صدقة من الماشية فلا شيء فيها فيما بين الفريضتين وكل ما كان فوق الفرض الأسفل لم يبلغ الفرض الأعلى فالفضل فيه عفو صدقته صدقة الأسفل.
قال وإذا كان للرجل عشرة مثاقيل ذهب ومائة درهم فحال عليها الحول فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: في الزكاة يضيف أقل الصنفين إلى أكثرهما ثم يزكيه إن كانت الدنانير أقل من عشرة دراهم بدينار تقوم الدراهم دنانير ثم يجمعها جميعا فتكون أكثر من عشرين مثقالا من الذهب فيزكيها في كل عشرين مثقالا نصف مثقال فما زاد فليس فيه شيء من الزكاة حتى يبلغ أربعة مثاقيل فيكون فيها عشر مثقال.
وإذا كانت الدنانير أكثر من عشرة دراهم بدينار قوم الدنانير دراهم وأضافها إلى الدراهم فتكون أكثر من مائتي درهم ففي كل مائتين خمسة دراهم ولا شيء فيما زاد على المائتين حتى يبلغ أربعين درهما فإذا بلغت ففي كل أربعين زادت بعد المائتين درهم وكان ابن أبي ليلى يقول: لا زكاة في شيء من ذلك حتى يبلغ الذهب عشرين مثقالا وتبلغ الفضة مائتي درهم ولا يضيف بعضها إلى بعض ويقول: هذا مال مختلف بمنزلة رجل له ثلاثون شاة وعشرون بقرة وأربعة أبعرة فلا يضاف بعضها إلى بعض وقال ابن أبي ليلى: ما زاد على المائتي الدرهم والعشرين المثقال من شيء فبحساب ذلك ما كان من قليل أو كثير وبهذا يأخذ في الزيادة.
وقال أبو حنيفة - رضي الله تعالى عنه: ليس فيما زاد على المائتين شيء حتى يبلغ أربعين درهما وكذلك بلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وقال أبو يوسف - رحمه الله تعالى: لا يقوم الذهب ولا الفضة إنما الزكاة على وزنه جاءت بذلك السنة إن كان له منها خمسة عشر مثقالا ذهبا لم يكن عليه فيها زكاة ولو كان قيمتها ألف درهم لأن الحديث إنما جاء في عشرين مثقالا ولو كان له مع ذلك أربعون درهما لم يزكه حتى يكون خمسين درهما فإذا كمل من الأخرى أوجبت فيه الزكاة وكذلك لو كان نصف من هذا ونصف من هذا ففيه الزكاة فيضيف بعضه إلى بعض ويخرجه دراهم أو دنانير وإن شاء زكى الذهب والفضة بحصتهما أي ذلك فعل أجزأه ولو كان له مائتا درهم وعشرة مثاقيل زكى المائتي الدرهم بخمسة دراهم وزكى العشرة مثاقيل بربع مثقال (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كانت لرجل عشرة مثاقيل ذهب ومائة درهم فحال عليها الحول فلا زكاة فيها ولا يضم الذهب إلى الورق وهو صنف غيرها يحل الفضل في بعضها على بعض يدا بيد كما لا يضم التمر إلى الزبيب وللتمر بالزبيب أشبه من الفضة بالذهب وأقرب ثمنا بعضه من بعض وكما لا تضم الإبل إلى البقر ولا البقر إلى الغنم، قال: ولو أن رجلا له مائتا درهم وعشرة مثاقيل ذهبا فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول: إذا حال عليها الحول يضيف بعضه إلى بعض ويزكيه كله وقال ابن أبي ليلى هذان مالان مختلفان تجب الزكاة على الدراهم ولا تجب على الذهب وقال أبو يوسف: فيه الزكاة كله ألا ترى أن التاجر يكون له المتاع للتجارة وهو مختلف فيقومه ويضيف بعضه إلى بعض ويزكيه وكذلك الذهب والفضة وقد بلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه أمر
رجلا تاجرا أن يقوم تجارته عند الحول فيزكيها.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولو كان له مائتا درهم وتسعة عشر مثقالا زكى المائتين ولم يزك عشر مثقالا كما يكون له خمسة أوسق تمرا وخمسة أوسق زبيبا إلا صاعا فيزكي التمر ولا يزكي الزبيب.
[باب الصيام]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا اكتحل الرجل في شهر رمضان أو غير رمضان وهو صائم فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: لا بأس بذلك وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يكره ذلك ويكره أن يدهن شاربه بدهن يجد طعمه وهو صائم (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : لا بأس أن يكتحل الصائم ويدهن شاربه ورأسه ووجهه وقدميه وجميع بدنه بأي دهن شاء غالية أو غير غالية.
وإذا صام الرجل يوما من شهر رمضان فشك أنه من شهر رمضان ثم علم بعد ذلك أنه من رمضان فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - قال: يجزيه وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لا يجزيه ذلك وعليه قضاء يوم مكانه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أصبح الرجل يوم الشك من رمضان وقد بيت الصوم من الليل على أنه من رمضان فهذه نية كاملة تؤدي عنه ذلك اليوم إن كان من شهر رمضان وإن لم يكن من شهر رمضان أفطر (قال الربيع) : قال الشافعي في موضح آخر لا يجزيه لأنه صام على الشك.
، وإذا أفطرت المرأة يوما من رمضان متعمدة ثم حاضت من آخر النهار فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: ليس عليها كفارة وعليها القضاء وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: عليها الكفارة وعليها القضاء.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أصاب الرجل امرأته في شهر رمضان ثم مرض الرجل في آخر يومه فذهب عقله أو حاضت المرأة فقد قيل: على الرجل عتق رقبة وقيل: لا شيء عليه فأما إذا سافر فإن عليه عتق رقبة وذلك أن السفر شيء يحدثه فلا يسقط عنه ما وجب عليه بشيء يحدثه.
(قال) : وإذا وجب على الرجل صوم شهرين من كفارة إفطار من رمضان فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: ذانك الشهران متتابعان ليس له أن يصومهما إلا متتابعين وذكر أبو حنيفة نحوا من ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: ليسا بمتتابعين.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا لم يجد المجامع في شهر رمضان عتقا فصام لم يجز عنه إلا شهران متتابعان وكفارته كفارة الظهار ولا يجزي عنه الصوم ولا الصدقة وهو يجد عتقا.
(قال) : وإذا توضأ الرجل للصلاة المكتوبة فدخل الماء حلقه وهو صائم في رمضان ذاكرا لصومه فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: إن كان ذاكرا لصومه حين توضأ فدخل الماء حلقه فعليه القضاء وإن كان ناسيا لصومه فلا قضاء عليه وذكر أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم وكان ابن أبي ليلى يقول: لا قضاء عليه إذا توضأ لصلاة مكتوبة وإن كان ذاكرا لصومه وقد ذكر عن عطاء عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: إذا توضأ لصلاة مكتوبة وهو صائم فدخل الماء حلقه فلا شيء عليه وإن كان توضأ لصلاة تطوع فعليه القضاء.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا توضأ الرجل للصلاة وهو صائم فتمضمض ودخل الماء جوفه وهو ناس لصومه فلا شيء عليه. ولو شرب وهو ناس لم ينقض ذلك صومه وإذا كان ذاكرا لصومه فدخل الماء جوفه فأحب إلي أن يعيد الصوم احتياطا وأما الذي يلزمه فلا يلزمه أن يعيد حتى يكون أحدث شيئا من ازدراد أو فعل فعلا ليس له دخل به الماء جوفه فأما إذا كان إنما أراد المضمضة فسبقه شيء في حلقه بلا إحداث ازدراد
تعمد به الماء إلا إدخال النفس وإخراجه فلا يجب عليه أن يعيد الصوم وهذا خطأ في معنى النسيان أو أخف منه.
[باب في الحج]
(قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - وكان أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - يقول لا تشعر البدن ويقول: الإشعار مثلة وكان ابن أبي ليلى يقول: الإشعار في السنام من الجانب الأيسر وبه يأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وتشعر البدن في أسنمتها والبقر في أسنمتها أو مواضع الأسنمة ولا تشعر الغنم والإشعار في الصفحة اليمنى وكذلك «أشعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» وروي عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - عن «النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أشعر في الشق الأيمن» وبذلك تركنا قول من قال: لا يشعر إلا في الشق الأيسر وقد روي أن ابن عمر أشعر في الشق الأيسر أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن نافع أن عبد الله بن عمر - رضي الله تعالى عنهما - كان لا يبالي في أي الشقين أشعر في الأيمن أو الأيسر.
قال: وإذا أهل الرجل بعمرة فأفسدها فقدم مكة وقضاها فإن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - كان يقول: يجزيه أن يقضيها من التنعيم وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لا يجزيه أن يقضيها إلا من ميقات بلاده (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أهل الرجل بعمرة من ميقات فأفسدها فلا يجزيه أن يقضيها إلا من الميقات الذي أبتدأ منه العمرة التي أفسدها ولا نعلم القضاء في شيء من الأعمال إلا بعمل مثله فأما عمل أقل منه فهذا قضاء لبعض دون الكل وإنما يجزي قضاء الكل لا البعض ومن قال له أن يقضيها خارجا من الحرم دخل عليه خلاف ما وصفنا من القياس وخلاف الآثار وقد ظننت أنه إنما ذهب إلى أن «عائشة - رضي الله تعالى عنها - إنما كانت مهلة بعمرة وأنها رفضت العمرة وأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن تقضيها من التنعيم» وهذا ليس كما روي إنما أمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تدخل الحج على العمرة فكانت قارنة وإنما كانت عمرتها شيئا استحبته فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - بها فاعتمرت لا أن عمرتها كانت قضاء.
وإذا أصاب الرجل من صيد البحر شيئا سوى السمك فإن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - كان يقول: لا خير في شيء من صيد البحر سوى السمك وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لا بأس بصيد البحر كله (قال الشافعي) : - رضي الله تعالى عنه - ولا بأس بأن يصيد المحرم جميع ما كان معاشه في الماء من السمك وغيره قال الله عز وجل {أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما} [المائدة: ٩٦] فقال بعض أهل العلم بالتفسير: طعامه كل ما كان فيه وهو شبه ما قال والله تعالى أعلم.
وقال أبو يوسف - رحمه الله - سألت أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - عن حشيش الحرم فقال أكره أن يرعى من حشيش الحرم شيئا أو يحتش منه.
قال وسألت ابن أبي ليلى عن ذلك فقال: لا بأس أن يحتش من الحرم ويرعى منه قال وسألت الحجاج بن أرطاة فأخبرني أنه سأل عطاء بن أبي رباح فقال: لا بأس أن يرعى وكره أن يحتش وبه يأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولا بأس أن يرعى نبات الحرم شجره ومرعاه ولا خير في أن يحتش منه شيء لأن الذي «حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة أن يختلى خلاها إلا الإذخر» والاختلاء الاحتشاش نتفا وقطعا وحرم أن يعضد شجرها ولم يحرم أن يرعى.
قال أبو يوسف - رحمه الله تعالى: سألت أبا حنيفة - رضي الله عنه - قال: لا بأس أن يخرج من تراب الحرم وحجارته إلى الحل وبه يأخذ قال وسمعت ابن أبي ليلى يحدث عن
عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس وابن عمر - رضي الله تعالى عنهم - أنهما كرها أن يخرج من تراب الحرم وحجارته إلى الحل شيئا وحدثنا شيخ عن رزين مولى علي بن عبد الله بن عباس أن علي بن عبد الله كتب إليه أن يبعث إليه بقطعة من المروة يتخذها مصلى يسجد عليه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : لا خير في أن يخرج من حجارة الحرم ولا ترابه شيء إلى الحل لأن له حرمة ثبتت باين بها ما سواها من البلدان ولا أرى والله تعالى أعلم أن جائزا لأحد أن يزيله من الموضع الذي باين به البلدان إلى أن يصير كغيره (قال الشافعي) : وقد أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن بن القاسم الأزرق عن أبيه عن عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر قال: قدمت مع أمي أو قال جدتي مكة فأتتها صفية بنت شيبة فأكرمتها وفعلت بها فقالت صفية: ما أدرى ما أكافئها به فأرسلت إليها بقطعة من الركن فخرجت بها فنزلنا أول منزل فذكر من مرضهم وعلتهم جميعا قال: فقالت أمي أو جدتي ما أرانا أتينا إلا أنا أخرجنا هذه القطعة من الحرم فقالت لي: وكنت أمثلهم انطلق بهذه القطعة إلى صفية فردها وقل لها إن الله جل وعلا وضع في حرمه شيئا فلا ينبغي أن يخرج منه قال عبد الأعلى فقالوا لي: فما هو إلا أن تجينا دخولك الحرم فكأنما أنشطنا من عقل.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وقال غير واحد من أهل العلم: لا ينبغي أن يخرج من الحرم شيء إلى غيره.
وإذا أصاب الرجل حماما من حمام الحرم فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول: عليه قيمته وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: عليه شاة وسمعت ابن أبي ليلى يقول: في حمام الحرم عن عطاء بن أبي رباح شاة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أصاب الرجل بمكة حماما من حمامها فعليه شاة اتباعا لعمر وعثمان وابن عباس وابن عمر ونافع بن عبد الحارث وعاصم بن عمر وعطاء وابن المسيب وغيرهم - رضوان الله تعالى عليهم أجمعين - وقد زعم الذي قال فيه قيمة أنه لا يخالف واحدا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد خالف أربعة في حمام مكة.
وسئل أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - عن المحرم يصيب الصيد فيحكم عليه فيه عناق أو جفرة أو شبه ذلك فقال: لا يجزي في هدي الصيد إلا ما يجزي في هدي المتعة الجذع بن الضأن إذا كان عظيما أو الثني من المعز والبقر والإبل فما فوق ذلك لا يجزي ما دون ذلك ألا ترى إلى قول الله عز وجل في كتابه في جزاء الصيد {هديا بالغ الكعبة} [المائدة: ٩٥] وسألت ابن أبي ليلى عن ذلك فقال يبعث به وإن كان عناقا أو حملا قال أبو يوسف - رحمه الله: أخذ بالأثر في العناق والجفرة وقال أبو حنيفة - رحمه الله - في ذلك كله قيمته وبه يأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أصاب الرجل صيدا صغيرا فداه بشاة صغيرة لأن الله عز وجل يقول: {مثل} [المائدة: ٩٥] والمثل مثل الذي يفدى فإذا كان كبيرا كان كبيرا وإذا كان الذي يفدى صغيرا كان صغيرا ولا أعلم لا يجوز أن يفدى الصيد الصغير بصغير مثله من الغنم إلا خالف القرآن والآثار والقياس والمعقول وإذا كان يزعم أن الصيد محرم كله فزعم أنه تفدى الجرادة بتمرة أو أقل من تمرة لصغرها وقلة قيمتها وتفدى بقرة الوحش ببقرة لكبرها فكيف لم يزعم أنه يفدى الصغير بالصغير وقد فدى الصغير بصغير والكبير بكبير وقد قال الله عز وجل {فجزاء مثل ما قتل من النعم} [المائدة: ٩٥] وإنما رفع وخفض بالمثل عنده فكيف يفدي بتمرة ولا يفدي بعناق وما للضحايا وهدي المتعة وجزاء الصيد هل رآه قياس جزاء الصيد حين أصاب المحرم البقرة بأن قال: يكفيه شاة كما يكفي المتمتع أو المضحي أو قاسه حين أصاب المحرم جرادة بأن قال: لا يجزي المحرم إلا شاة كما لا يجزي المضحي والمتمتع إلا شاة فإن قال: لا قيل ألأن جزاء الصيد كما قال الله تبارك وتعالى مثل وإنما المثل صغيرا أو كبيرا على قدر المصاب فإن قال: نعم قيل: فما أضلك عن الجفرة إذا كانت مثل ما أصيب وإن كنت تقلد عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - وحده في أقضية لا
حجة لك في شيء منها إلا تقليده فكيف خالفته ومعه القرآن والقياس والمعقول وغيره من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ وقد قضى عمر - رضي الله عنه - في الأرنب بعناق وفي اليربوع بجفرة وقضى في الضب بجدي قد جمع الماء والشجر وقضى ابن مسعود - رضي الله عنه - في اليربوع بجفرة أو جفر وقضى عثمان - رضي الله عنه - في أم حبين بحلان من الغنم يعني حملا.
وذكر عن خصيف الجزري عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود أنه قال في بيض النعامة يصيبه المحرم ثمنه وأخبرنا داود بن أبي هند عن عامر مثله وسمعت ابن أبي ليلى يقول: عن عطاء بن أبي رباح في البيضة درهم وقال أبو حنيفة - رحمه الله: قيمتها (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أصاب المحرم بيض نعام أو بيض حمام أو بيضا من الصيد ففيه قيمته قياسا على الجرادة وعلى ما لم يكن له مثل من النعم.
[باب الديات]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قتل الرجل الرجل عمدا وللمقتول ورثة صغار وكبار فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: للكبار أن يقتلوا صاحبهم إن شاءوا وكان ابن أبي ليلى يقول: ليس لهم أن يقتلوا حتى يكبر الأصاغر وبه يأخذ حدثنا أبو يوسف عن رجل عن أبي جعفر أن الحسن بن علي - رضي الله عنهما - قتل ابن ملجم بعلي وقال أبو يوسف وكان لعلي - رضي الله عنه - أولاد صغار.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قتل الرجل الرجل عمدا وله ورثة صغار وكبار أو كبار غيب فليس لأحد منهم أن يقتل حتى تبلغ الصغار وتحضر الغيب ويجتمع من له سهم في ميراثه من زوجة أو أم أو جدة على القتل فإذا اجتمعوا كان لهم أن يقتلوا فإذا لم يجتمعوا لم يكن لهم أن يقتلوا وإذا كان هذا هكذا فلأيهم شاء من البالغين الحضور أن يأخذ حصته من الدية من مال الجاني بقدر ميراثه من المقتول وإذا فعل كان لأولياء الغيب وعلى أولياء الصغار أن يأخذوا لهم حصصهم من الدية لأن القتل قد حال وصار مالا فلا يكون لولي الصغير أن يدعه وقد أمكنه أخذه فإن قال قائل: كيف ذهبت إلى هذا دون غيره من الأقاويل وقد قال بعض أهل العلم: أي ولاة الدم قام به قتل وإن عفا الآخرون فأنزله بمنزلة الحد وقال غيره من أهل العلم: يقتل البالغون ولا ينتظرون الصغار وقال غيره: يقتل الولد ولا ينتظرون الزوجة؟ قيل: ذهبنا إليه أنه السنة التي لا ينبغي أن تخالف أو في مثل معنى السنة والقياس على الإجماع.
فإن قال: فأين السنة فيه؟ قيل: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين إن أحبوا أخذوا القصاص وإن أحبوا فالدية» فلما كان من حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لولاة الدم أن يقتلوا ولهم أن يأخذوا المال وكان إجماع المسلمين أن الدية موروثة لم يحل لوارث أن يمنع الميراث من ورث معه حتى يكون الوارث يمنع نفسه من الميراث وهذا معنى القرآن في قول الله عز وجل {فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان} [البقرة: ١٧٨] وهذا مكتوب في كتاب الديات ووجدنا ما خالفه من الأقاويل لا حجة فيه لما وصفت من السنة بخلافهم ووجدت مع ذلك قولهم متناقضا إذ زعموا أنهم امتنعوا من أن يأخذوا الدية من القاتل لأنه إنما عليه دم لا مال فلو زعموا أن واحدا من الورثة لو عفا حال الدم مالا ما لزموا قولهم ولقد نقضوه فأما الذين قالوا هو كالحد يقوم به أي الورثة شاء وإن عفا غيره فقد خالفوا بينه وبين الحد من أجل أنهم يزعمون أن للورثة العفو عن القتل ويزعمون أنه لا عفو لهم عن الحد ويزعمون أنهم لو اصطلحوا في القتل على الدية جاز ذلك ويزعمون أنهم لو
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #303  
قديم 09-09-2024, 02:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 141,042
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السابع
الحلقة (303)
صــــــــــ 157 الى صـــــــــــ 163





اصطلحوا على مال في الحد لم يجز.
وإذا اقتتل القوم فانجلوا عن قتيل لم يدر أيهم أصابه فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: هو على عاقلة القبيلة التي وجد فيها إذا لم يدع ذلك أولياء القتيل على غيرهم وكان ابن أبي ليلى - رحمه الله تعالى - يقول: هو عاقلة الذين اقتتلوا جميعا إلا أن يدعي أولياء القتيل على غير أولئك وبهذا يأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا اقتتل القوم فانجلوا عن قتيل فادعى أولياؤه على أحد بعينه أو على طائفة بعينها أو قالوا: قد قتلته إحدى الطائفتين لا يدرى أيتهما قتلته قيل لهم: إن جئتم بما يوجب القسامة على إحدى الطائفتين أو بعضهم أو واحد بعينه أو أكثر قيل لكم: أقسموا على واحد فإن لم تأتوا مالك فلا عقل ولا قود ومن شئتم أن نحلفه لكم على قتله أحلفناه ومن أحلفناه أبرأناه وهكذا إن كان جريحا ثم مات ادعى على أحد أو لم يدع عليه إذا لم أقبل دعواه فيما هو أقل من الدم لم أقبلها في الدم وما أعرف أصلا ولا فرعا لقول من قال تجب القسامة بدعوى الميت وما القسامة التي قضى فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عبد الله بن سهل إلا على خلاف ما قال فيها دعوى ولا لوث من بينة.
وإذا أصيب الرجل وبه جراحة فاحتمل فلم يزل مريضا حتى مات فإن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - كان يقول: ديته على تلك القبيلة التي أصيب فيهم وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: ليس عليهم شيء.
وكان أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - يقول: القصاص لكل وارث وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يجعل لكل وارث قصاصا إلا الزوج والمرأة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : الزوج والمرأة الحرة والجدة وبنت الابن وكل وارث من ذكر أو أنثى فله حق في القصاص وفي الدية.
وإذا وجد القتيل في قبيلة فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: القسامة على أهل الخطة والعقل عليهم وليس على السكان ولا على المشترين شيء وبه يأخذ ثم قال أبو يوسف - رحمه الله تعالى - بعد على المشترين والسكان وأهل الخطة وكان ابن أبي ليلى يقول: الدية على السكان والمشترين معهم وأهل الخطة، وكذلك إذا وجد في الدار فهو على أهل القبيلة قبيلة تلك الدار والسكان الذين فيها في قول ابن أبي ليلى، وكان أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - يقول: على عاقلة أرباب الدور خاصة وإن كانوا مشترين وأما السكان فلا وبهذا يأخذ رجع أبو يوسف - رحمه الله تعالى - إلى قول ابن أبي ليلى وقول أبي حنيفة المعروف ما بقي من أهل الخطة رجل فليس على المشتري شيء (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا وجد الرجل قتيلا في دار رجل أو أهل خطة أو سكان أو صحراء أو عسكر فكلهم سواء لا عقل ولا قود إلا ببينة تقوم أو بما يوجب القسامة فيقسم الأولياء فإذا ادعى الأولياء على واحد وألف أحلفناهم وأبرأناهم لأن «النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للأنصاريين فتبرئكم يهود بخمسين يمينا فلما أبوا أن يقبلوا أيمانهم لم يجعل على يهود شيئا وقد وجد القتيل بين أظهرهم ووداه النبي - صلى الله عليه وسلم - من عنده متطوعا» .
وإذا قطع رجل يد امرأة أو امرأة يد رجل فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول: ليس في هذا القصاص ولا قصاص فيما بين الرجال والنساء فيما دون النفس ولا فيما بين الأحرار والعبيد فيما دون النفس ولا قصاص بين الصبيان في النفس ولا غيرها وكذلك حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: القصاص بينهم في ذلك وفي جميع الجراحات التي يستطاع فيها القصاص (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : القصاص بين الرجل والمرأة في الجراح وفي النفس وكذلك العبيد بعضهم من بعض وإذا كانوا يقولون: القصاص بينهم في النفس وهي الأكثر كان الجرح الذي هو الأقل أولى لأن الله عز وجل ذكر النفس والجراح في كتابه ذكرا واحدا وأما الصبيان فلا قصاص بينهم؛
وإذا قتل الرجل رجلا بعصا أو بحجر فضربه ضربات حتى مات من ذلك فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: لا قصاص بينهما
وكان ابن أبي ليلى يقول: بينهما القصاص وبه يأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أصاب الرجل الرجل بحديدة تمور أو بشيء يمور فمار فيه موران الحديد فمات من ذلك ففيه القصاص وإذا أصابه بعصا أو بحجر أو ما لا يمور موران السلاح فأصله شيئان إن كان ضربه بالحجر العظيم والخشبة العظيمة التي الأغلب منها أنه لا يعاش من مثلها وذلك أن يشدخ بها رأسه أو يضرب بها جوفه أو خاصرته أو مقتلا من مقاتله أوحمل عليه الضرب بشيء أخف من ذلك حتى بلغ من ضربه ما الأغلب عند الناس أن لا يعاش من مثله قتل به وكان هذا عمد القتل وزيادة أنه أشد من القتل بالحديد لأن القتل بالحديد أوحى وإن ضربه بالعصا أو السوق أو الحجر الضرب الذي الأغلب منه أنه يعاش من مثله فهذا الخطأ شبه العمد ففيه الدية مغلظة ولا قود فيه.
وإذا عض الرجل يد الرجل فانتزع المعضوض يده فقلع سنا من أسنان العاض فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: لا ضمان عليه في السن لأنه قد كان له أن ينزع يده من فيه وبه يأخذ وقد بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن «رجلا عض يد رجل فانتزع يده من فيه فنزع ثنيته فأبطلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال أيعض أحدكم أخاه عض الفحل» وكان ابن أبي ليلى يقول: هو ضامن لدية السن وهما يتفقان فيما سوى ذلك مما يجني في الجسد سواء في الضمان (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا عض الرجل يد الرجل أو رجله أو بعض جسده فانتزع المعضوض ما عض منه من في العاض فسقط بعض ثغره أو كله فلا شيء عليه لأنه كان للمعضوض أن ينزع يده من في العاض ولم يكن متعديا بالانتزاع فيضمن وقد قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مثل هذا (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء عن صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه أن «رجلا عض يد رجل فانتزع المعضوض يده في العاض فسقطت ثنيته أو ثنيتاه فأهدرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال أيدع يده في فيك تقضمها كأنها في فحل» .
وإذا نفحت الدابة برجلها وهي تسير فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: لا ضمان على صاحبها لأنه بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال «الرجل جبار» وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: هو ضامن في هذا لما أصابت (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : يضمن قائد الدابة وسائقها وراكبها ما أصابت بيد أو فم أو رجل أو ذنب ولا يجوز إلا هذا ولا يضمن شيئا إلا أن يحملها على أن تطأ شيئا فيضمن لأن وطأها من فعله فنكون حينئذ كأداة من أداته جنى بها فأما أن نقول يضمن عن يدها ولا يضمن عن رجلها فهذا تحكم فإن قال: لا يرى رجلها فهو إذا كان سائقا لا يرى يدها فينبغي أن يقول في السائق يضمن عن الرجل ولا يضمن عن اليد وليس هكذا بقول فأما ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أن «الرجل جبار» فهو والله تعالى أعلم غلط لأن الحفاظ لم يحفظوا هكذا.
وكان أبو حنيفة - رحمه الله - يقول في الرجل إذا قتل العبد: إن قيمته على عاقلة القاتل وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لا تعقله العاقلة ثم رجع أبو يوسف فقال: هو مال لا تعقله العاقلة وعلى القاتل قيمته ما بلغ حالا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قتل الرجل العبد خطأ عقلته عاقلته لأنها إنما تعقل جناية حر في نفس محرمة قد يكون فيها القود قال: ويكون فيها الكفارة كما تكون في الحر بكل حال فهو بالنفوس أشبه منه بالأموال هو لا يجامع الأموال في معنى إلا في أن ديته قيمته فأما ما سوى ذلك فهو مفارق للأموال مجامع للنفوس في أكثر أحكامه وبالله تعالى التوفيق.
[باب السرقة]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أقر الرجل بالسرقة مرة واحدة والسرقة تساوي عشرة دراهم فصاعدا فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: أقطعه ويقول: إن لم أقطعه جعلته عليه دينا ولا قطع في الدين وكان ابن أبي ليلى يقول: لا أقطعه حتى يقر مرتين وبهذا يأخذ ثم رجع إلى قول أبي حنيفة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أقر الرجل بالسرقة مرة واحدة وثبت على الإقرار وكانت مما تقطع فيه اليد قطع وسواء إقراره مرة أو أكثر فإن قال قائل: كما لا أقطعه إلا بشاهدين فهو إذا شهد عليه شاهدان قطعه ولم يلتفت إلى رجوعه لو كان أقر وهو لو أقر عنده مائة مرة ثم رجع لم يقطعه فإن قال قائل: فهكذا لو رجعت الشهود لم نقطعه، قيل: لو رجع الشهود عن الشهادة عليه ثم عادوا فشهدوا عليه بما رجعوا عنه لم تقبل شهادتهم، ولو أقر ثم رجع ثم أقر: قبل منه فالإقرار مخالف للشهادات في البدء والمتعقب.
وإن كان المسروق منه غائبا فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - قال: لا أقطعه وبهذا يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول: أقطعه إذا أقر مرتين وإن كان المسروق منه غائبا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كان المسروق منه غائبا حبس السارق حتى يحضر المسروق منه لأنه لعله أن يأتي له بمخرج يسقط عنه القطع أو القطع والضمان.
وإن كانت السرقة تساوي خمسة دراهم فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: لا قطع فيها بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن علي - رضي الله عنه - وعن ابن مسعود أنهم قالوا: لا تقطع اليد إلا في عشرة دراهم وبهذا يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: تقطع اليد في خمسة دراهم ولا تقطع في دونها (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - أخبرنا الثقة عن عبد الله بن عمر بن حفص وسفيان بن عيينة عن الزهري عن عمرة عن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «القطع في ربع دينار فصاعدا» وبه نأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فأما ما ذهب إليه أبو حنيفة من الرواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - التي تخالف هذا فإنها ليست من وجه يثبت مثله لو انفرد، وأما ما روي عن علي - رضي الله عنه - وابن مسعود فليست في أحد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة ولا أعلمه ثابتا عن واحد منهما وقد أخبرنا سفيان بن عيينة عن حميد الطويل أنه سمع قتادة يسأل أنس بن مالك - رحمه الله تعالى - عنه عن القطع فقال: حضرت أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - قطع سارقا في شيء ما يسوى ثلاثة دراهم أو قال: ما يسرني أنه لي بثلاثة دراهم وثبت عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: القطع في ربع دينار فصاعدا وهو مكتوب في كتاب السرقة.
(قال) : وإذا شهد الشاهدان على رجل بالسرقة والمسروق منه غائب فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول: لا أقبل الشهادة والمسروق منه غائب أرأيت لو قال: لم يسرق مني شيئا أكنت أقطع السارق وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: أقبل الشهادة عليه وأقطع السارق (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا شهد شاهدان على رجل بسرقة والمسروق منه غائب قبلت الشهادة وسألت عن الشهود وأخرت القطع إلى أن يقدم المسروق منه.
(قال) : وإذا اعترف الرجل بالسرقة مرتين وبالزنا أربع مرات ثم أنكر بعد ذلك فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: ندرأ عنه الحد فيهما جميعا ونضمنه السرقة وقد بلغنا عن «رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين اعترف عنده ماعز بن مالك وأمر به أن يرجم هرب حين أصابته الحجارة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: فهلا خليتم سبيله» حدثنا بذلك أبو حنيفة - رحمه الله - يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لا أقبل رجوعه فيهما جميعا وأمضي عليه الحد (قال الشافعي) : وإذا أقر الرجل بالزنا أو
بشرب الخمر أو بالسرقة ثم رجع قبلت رجوعه قبل أن تأخذه السياط أو الحجارة أو الحديد وبعد جاء بسبب أو لم يأت به عير أو لم يعير قياسا على أن «النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في ماعز: فهلا تركتموه» وهكذا كل حد لله فأما ما كان للآدميين فيه حق فيلزمه ولا يقبل رجوعه فيه وأغرمه السرقة لأنها حق للآدميين.
وإذا دخل الرجل من أهل الحرب إلينا بأمان فسرق عندنا سرقة فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول: يضمن السرقة ولا يقطع لأنه لم يأخذ الأمان لتجري عليه الأحكام وكان ابن أبي ليلى يقول: تقطع يده وبه يأخذ ثم رجع إلى قول أبي حنيفة - رضي الله عنه - (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا دخل الحربي دار الإسلام بأمان فسرق ضمن السرقة ولا يقطع ويقال له: ننبذ إليك عهدك ونبلغك مأمنك لأن هذه دار لا يصلح أن يقيم فيها إلا من يجري عليه الحكم (قال الربيع) : لا يقطع إذا كان جاهلا فإن كان عالما قطع (قال الشافعي) : - رحمه الله - لا ينبغي لأحد أن يعطي أحدا أمانا على أن لا يجري عليه حكم الإسلام ما دام مقيما في دار الإسلام.
[باب القضاء]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أثبت القاضي في ديوانه الإقرار وشهادة الشهود ثم رفع إليه ذلك وهو لا يذكره فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول: لا ينبغي له أن يجيزه وكان ابن أبي ليلى - رحمه الله - يجيز ذلك وبه يأخذ قال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى: إن كان يذكره ولم يثبته عنده أجازه وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لا يجيزه حتى يثبته عنده وإن ذكره (قال الشافعي) : - رحمه الله - وإذا وجد القاضي في ديوانه خطا لا يشك أنه خطه أو خط كاتبه بإقرار رجل لآخر أو بثبت حق عليه بوجه لم يكن له أن يقضي به حتى يذكر منه أو يشهد به عنده كما لا يجوز إذا عرف خطه ولم يذكر الشهادة أن يشهد.
وإذا جاء رجل بكتاب قاض إلى قاض والقاضي لا يعرف كتابه ولا خاتمه فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول: لا ينبغي للقاضي الذي أتاه الكتاب أن يقبله حتى يشهد شاهدا عدل على خاتم القاضي وعلى ما في الكتاب كله إذا قرئ عليه عرف القاضي الكتاب والخاتم أو لم يعرفه ولا يقبله إلا بشاهدين على ما وصفت لأنه حق وهو مثل شهادة على شهادة ثم رجع أبو يوسف - رحمه الله - وقال: لا يقبل الكتاب حتى يشهد الشهود أنه قرأه عليهم وأعطاهم نسخة معهم يحضرونها هذا القاضي مع كتاب القاضي وكان ابن أبي ليلى يقول: إذا شهدوا على خاتم القاضي قبل ذلك منهم وبه يأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا شهد الشاهدان على كتاب القاضي إلى القاضي عرف المكتوب إليه كتاب القاضي وخاتمه أو لم يعرفه فهو سواء في الحكم ولا يقبل إلا بشاهدين عدلين يشهدان أن هذا كتاب فلان قاضي بلد كذا إلى فلان قاضي بلد كذا ويشهدان على ما في الكتاب إما بحفظ له وإما بنسخة معهما توافق ما فيه ولا أرى أن يقبله مختوما وهما يقولان: لا ندري ما فيه لأن الخاتم قد يصنع على الخاتم ويبدل الكتاب.
وإذا قال الخصم للقاضي: لا أقر ولا أنكر فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول: لا أجبره على ذلك ولكنه يدعو المدعي بشهوده بهذا يأخذ (قال) : وكان ابن أبي ليلى لا يدعه حتى يقر أو ينكر وكان أبو يوسف إذا سكت يقول له: احلف مرارا فإن لم يحلف قضى عليه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا تنازع الرجلان وادعى أحدهما على الآخر دعوى فقال المدعى عليه: لا أقر ولا أنكر قيل للمدعي: إن أردت أن نحلفه عرضنا عليه اليمين فإن حلف برئ إلا أن تأتي ببينة وإن نكل قلنا لك
احلف على دعواك وخذ فإن أبيت لم نعطك بنكوله شيئا دون يمينك مع نكوله.
وإذا أنكر الخصم الدعوى ثم جاء بشهادة الشهود على المخرج منه فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول: أقبل ذلك منه وبهذا يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لا أقبل منه بعد الإنكار مخرجا وتفسير ذلك أن الرجل يدعي قبل الرجل الدين فيقول ماله قبلي شيء فيقيم الطالب البينة على ماله ويقيم الآخر البينة أنه قد أوفاه إياه وقال أبو حنيفة: المطلوب صادق بما قال ليس قبلي شيء وليس قوله هذا بإكذاب لشهوده على البراءة (قال الشافعي) : - رحمه الله - وإذا ادعى الرجل على الرجل دينا فأنكر المدعى عليه فأقام عليه المدعى بينة فجاء المشهود عليه بمخرج مما شهد به عليه قبلته منه وليس إنكاره الدين إكذابا للبينة فهو صادق لأنه ليس عليه شيء في الظاهر إذا جاء بالمخرج منه ولعله أراد أولا أن يقطع عنه المؤنة.
وإذا ادعى رجل قبل رجل دعوى فقال: عندي المخرج فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول: ليس هذا عندي بإقرار إنما يقول: عندي البراءة وقد تكون عند البراءة من الحق ومن الباطل وبهذا يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: هذا إقرار فإن جاء بمخرج وإلا ألزمه الدعوى وأبو حنيفة يقول: إن لم يأت بالمخرج لم تلزمه الدعوى إلا ببينة (قال الشافعي) : - رحمه الله - وإذا ادعى الرجل على الرجل حقا فقال المدعى عليه: عندي منها المخرج فسأل المدعي القاضي أن يجعل هذا إقرارا يأخذه به إلا أن يجيء منه بالمخرج فليس هذا بإقرار لأنه قد يكون عنده المخرج بأن لا يقر به ولا يوجد عليه بينة ولا يأخذ المدعي إلا ببينة يثبتها ويقبل من المدعى عليه المخرج وإن شهد عليه.
قال: وإذا أقر الرجل عند القاضي بشيء فلم يقض به القاضي عليه ولم يثبته في ديوانه ثم خاصمه إليه فيه بعد ذلك فإن أبا حنيفة - رحمه الله - قال: إذا ذكر القاضي ذلك أمضاه عليه وبهذا يأخذ وكان ابن أبي ليلى - رحمه الله - يقول لا يمضي ذلك عليه وإن كان ذاكرا له حتى يثبته في ديوانه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أقر الرجل عند الحاكم فأثبت الحاكم إقراره في ديوانه أو كان ذاكرا لإقراره ولم يثبت في ديوانه فسواء فإن كان ممن يأخذ بالإقرار عنده أخذه به ولا معنى للديوان إلا الذكر وإذا كان القاضي ذاكرا فسواء كان في الديوان أو لم يكن (قال الربيع) : وكان الشافعي يجيز الإقرار عند القاضي وإنما كره أن يتكلم بإجازته لحال ظلم بعض القضاة.
[باب الفرية]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال رجل لرجل من العرب: يا نبطي أو لست بني فلان لقبيلة فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول: لا حد عليه في ذلك وإنما قوله هذا مثل قوله يا كوفي، يا بصري يا شامي حدثنا أبو يوسف عمن حدثه عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس بذلك وأما قوله لست من بني فلان فهو صادق ليس هو من ولد فلان لصلبه وإنما هو من ولد الولد إن القذف ها هنا إنما وقع على أهل الشرك الذين كانوا في الجاهلية وبهذا يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: فيهما جميعا الحد (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال رجل لرجل من العرب: يا نبطي وقفته فإن قال: عنيت نبطي الدار أو نبطي اللسان أحلفته بالله ما أراد أن ينفيه وينسبه إلى النبط فإن حلف نهيته عن أن يقول ذلك القول وأدبته على الأذى وإن أبى أن يحلف أحلفت المقول له لقد أراد نفيك فإذا حلف سألت القائل عمن نفى فإذا قال: ما نفيته ولا قلت ما قال جعلت القذف واقعا على أم المقول له لقد أراد نفيك فإذا حلف سألت القائل عمن نفى فإذا قال: ما نفيته ولا قلت ما قال جعلت القذف واقعا على أم المقول
له فإن كانت حرة مسلمة حددته إن طلبت الحد فإن عفت فلا حد لها وإن كانت ميتة فلابنها القيام بالحد وإن قال: عنيت بالقذف الأب الجاهلي أحلفته ما عنى به أحدا من أهل الإسلام وعزرته ولم أحده وإن قال: لست من بني فلان لجده ثم قال: إنما عنيت لست من بنيه لصلبه إنما أنت من بني بنيه لم أقبل ذلك منه وجعلته قاذفا لأمه فإن طلبت الحد وهي حرة كان لها ذلك إلا أن يقول: نفيت الجد الأعلى الذي هو جاهلي فأعزره ولا أحده لأن القذف وقع على مشركة. .
وإذا قال الرجل لرجل: لست ابن فلان وأمه أمة أو نصرانية وأبوه مسلم فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: لا حد على القاذف إنما وقع القذف ها هنا على الأم ولا حد على قاذفها وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: في ذلك عليه الحد (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا نفى الرجل الرجل من أبيه وأم المنفي ذمية أو أمة فلا حد عليه لأن القذف إنما وقع على من لا حد له ولكنه ينكل عن أذى الناس بتعزير لا حد.
قال: وإذا قذف رجل رجلا فقال: يا ابن الزانيين وقد مات الأبوان فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: إنما عليه حد واحد لأنها كلمة واحدة وبهذا يأخذ قلت: إن فرق القول أو جمعه فهو سواء وعليه حد واحد وكان ابن أبي ليلى يقول: عليه حدان ويضربه الحدين في مقام واحد وقد فعل ذلك في المسجد (قال الشافعي) : - رحمه الله - وإذا قال الرجل للرجل: يا ابن الزانيين وأبواه حران مسلمان ميتان فعليه حدان ولا يضربهما في موقف واحد ولكنه يحد ثم يحبس حتى إذا برأ جلده حد حدا ثانيا وكذلك لو فرق القول أو جمعه أو قذف جماعة بكلمة واحدة أو بكلام متفرق فلكل واحد منهم حده ألا ترى أنه لو قذف ثلاثة بالزنا فلم يطلب واحد الحد وأقر آخر بالزنا حد للطالب الثالث حدا تاما ولو كانوا شركاء في الحد ما كان ينبغي أن يضرب إلا ثلث حد لأن حدين قد سقطا عنه أحدهما باعتراف صاحبه والآخر بترك صاحبه الطلب وعفوه وإذا كان الحد حقا لمسلم فكيف يبطل بحال؟ أرأيت لو قتل رجل ثلاثة أو عشرة معا أما كان عليه لكل واحد منهم دية إن قتلهم خطأ وعليه القود إن قتلهم عمدا ودية لكل من لم يقد منه لأنهم لا يجدون إلى القود سبيلا.
وإذا قال الرجل للرجل: يا ابن الزانيين أو قالت المرأة للرجل: يا ابن الزانيين والأبوان حيان فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: إذا كانا حيين بالكوفة لم يكن على قاذفهما الحد إلا أن يأتيا يطلبان ذلك ولا يضرب الرجل حدين في مقام واحد وإن وجبا عليه جميعا وبه يأخذ قال: ولا يكون في هذا أبدا إلا حد واحد وكان ابن أبي ليلى يضربهما جميعا حدين في مقام واحد ويضرب المرأة قائمة ويضربهما حدين في كلمة واحدة ويقيم الحدود في المسجد أظن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - قال: لا ولا يكون على من قذف بكلمة واحدة أو كلمتين أو جماعة أو فرادى إلا حد واحد فإن أخذه بعضهم فحد له كان لجميع ما قذف بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبه يأخذ وقال: لا تقام الحدود في المساجد (قال الشافعي) : ولا يقام على رجل حدان وجبا عليه في مقام واحد ولكنه يحد أحدهما ثم يحبس حتى يبرأ ثم يحد الآخر ولا يحد في مسجد، ومن قذف أبا رجل وأبوه حي لم يحد له حتى يكون الأب الذي يطلب وإذا مات كان للابن أن يقوم بالحد وإن كان له عدد بنين فأيهم قام به حد له وقال أبو حنيفة - رحمه الله: لا يضرب الرجل حدين في مقام واحد وإن وجبا عليه جميعا ولكنه يقيم عليه أحدهما ثم يحبس حتى يخف الضرب ثم يضرب الحد الآخر وإنما الحدان في شرب وقذف أو زنا وقذف أو زنا وشرب فأما قذف كله وشرب كله مرارا أو زنا مرارا فإنما عليه حد واحد، قال: ولو كان الأبوان المقذوفان حيين كانا بمنزلة الميتين في قول ابن أبي ليلى وأما في قول أبي حنيفة فلا حق للولد حتى يجيء الوالدان أو أحدهما يطلب قذفه وإنما عليه حد واحد في ذلك كله.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وتضرب الرجال في الحدود قياما وفي التعزير وتترك لهم أيديهم يتقون بها ولا تربط ولا يمدون وتضرب النساء جلوسا: وتضم عليهن ثيابهن ويربطن لئلا ينكشفن ويلين رباط ثيابهن أو تليه منهن امرأة.
، وإذا قذف الرجل رجلا ميتا فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: لا يأخذ بحد الميت إلا الولد أو الوالد وبهذا يأخذ وكان ابن أبي ليلى - رحمه الله تعالى - يقول: يأخذ أيضا الأخ والأخت وأما غير هؤلاء فلا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : يأخذ حد الميت ولده وعصبته من كانوا.
وإذا قذف الرجل امرأته وشهد عليه الشهود بذلك وهو يجحد فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: إذا رفع إلى الإمام خبره حبسه حتى يلاعن وبهذا يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: إذا جحد ضربته الحد ولا أجبره على اللعان منها إذا جحد (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا شهد الشاهدان على رجل أنه قذف امرأته مسلمة وطلبت أن يحد لها وجحد شهادتهما قيل له: إن لاعنت خرجت من الحد وإن لم تلاعن حددناك.
[باب النكاح]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا تزوج المرأة بغير مهر مسمى فدخل بها فإن لها مهر مثلها من نسائها لا وكس ولا شطط وقال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى: نساؤها أخواتها وبنات عمها وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: نساؤها أمها وخالاتها (قال الشافعي) : وإذا تزوج الرجل المرأة بغير مهر فدخل بها فلها صداق مثلها من نسائها ونساؤها نساء عصبتها الأخوات وبنات العم وليس الأم ولا الخالات إذا لم يكن بنات عصبتها من الرجال ونساؤها اللاتي يعتبر عليها بهن من كان مثلها من أهل بلدها وفي سنها وجمالها ومالها وأدبها وصراحتها لأن المهر يختلف باختلاف هذه الحالات.
.
وإذا زوج الرجل ابنته وهي صغيرة ابن أخيه وهو صغير يتيم في حجره فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: النكاح جائز وله الخيار إذا أدرك وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لا يجوز ذلك عليه حتى يدرك ثم رجع أبو يوسف وقال إذا زوج الولي فلا خيار وهو مثل الأب (قال الشافعي) : - رحمه الله - ولا يجوز نكاح الصغار من الرجال ولا من النساء إلا أن يزوجهن الآباء والأجداد إذا لم يكن لهن آباء وإذا زوجهن أحد سواهم فالنكاح مفسوخ ولا يتوارثان فيه وإن كبرا فإن دخل عليها فأصابها فلها المهر ويفرق بينهما ولو طلقها قبل أن يفسخ النكاح لم يقع طلاقه ولا ظهاره ولا إيلاؤه لأنها لم تكن زوجة قط.
وإذا تزوج الرجل المرأة وامرأة أبيها فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: هو جائز بلغنا ذلك عن عبد الله بن جعفر أنه فعل ذلك وبه يأخذ تزوج عبد الله بن جعفر امرأة علي - رضي الله عنه - وابنته جميعا، وكان ابن أبي ليلى يقول: لا يجوز النكاح وقال: كل امرأتين لو كانت إحداهما رجلا لم يحل لها نكاح صاحبتها فلا ينبغي للرجل أن يجمع بينهما (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : لا بأس أن يجمع بين امرأة رجل وابنته من غيرها (قال الشافعي) : فإن قال قائل: لم زعمت أن الآباء يزوجون الصغار قيل: «زوج أبو بكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عائشة وهي بنت ست أو سبع وبنى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي بنت تسع» فالحالان اللذان كان فيهما النكاح والدخول كانا وعائشة صغيرة ممن لا أمر لها في نفسها وزوج غير واحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابنته صغيرة فإن قال قائل فإذا: أجزت هذا للآباء ولم تلتفت إلى القياس في أنه لا يجوز أن يعقد على حرة صغيرة نكاح ثم يكون لها الخيار لأن أصل النكاح لا يجوز أن يكون فيه خيار إلا في الإماء إذا تحولت حالهن والحرائر لا تحول حالهن ولا يجوز أن يعقد
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #304  
قديم 09-09-2024, 07:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 141,042
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السابع
الحلقة (304)
صــــــــــ 164 الى صـــــــــــ 170



عليهن ما لهن منه بد ثم يلزمهن فكيف لم تجعل الأولياء قياسا على الآباء؟ قيل: لافتراق الآباء والأولياء وأن الأب يملك من العقد على ولده ما لا يملكه منه غيره ألا ترى أنه يعقد على البكر بالغا ولا يرد عنها وإن كرهت ولا يكون ذلك للعم ولا للأخ ولا ولي غيره فإن قال قائل: فإنا لا نجيز للأب أن يعقد على البكر بالغا ونجعله فيها وفي الثيب مثل غيره من الأولياء قيل: فأنت تجعل قبضه لمهر البكر قبضا ولا تجعل ذلك لولي غيره إلا وصي بمال وتجعل عقده عليها صغيرة جائزا لا خيار لها فيه وتجعل لها الخيار إن عقد عليها ولي غيره ولو كان مثل سائر الأولياء ما كنت قد فرقت بينه وبين الأولياء وهذا مكتوب في كتاب النكاح.
وإذا نظر الرجل إلى فرج المرأة من شهوة فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول: تحرم على ابنه وعلى أبيه وتحرم عليه أمها وابنتها بلغنا ذلك عن إبراهيم وبلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - أنه خلا بجارية له فجردها وأن ابنا له استوهبها منه فقال له: إنها لا تحل لك وبلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - أنه قال ملعون من نظر إلى فرج وأمها وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لا يحرم من ذلك شيء ما لم يلمسه.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إذا لمس الرجل الجارية حرمت على أبيه وابنه ولا تحرم عليه بالنظر دون اللمس.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولا بأس أن يتزوج الرجل ابنة الرجل وامرأة الرجل فيجمع بينهما لأن الله عز وجل إنما حرم الجمع بين الأختين وهاتان ليستا بأختين وحرم الأم والبنت إحداهما بعد الأخرى وهذه ليست بأم ولا بنت وقد جمع عبد الله بن جعفر بين امرأة علي - رضي الله عنه - وابنته وعبد الله بن صفوان بين امرأة رجل وابنته.
وإذا نظر الرجل إلى فرج أمته من شهوة فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: لا تحل لأبيه ولا لابنه ولا تحل له أمها ولا بنتها وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى - رضي الله عنه - يقول: هي له حلال حتى يلمسها.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا زنى الرجل بالمرأة فلا تحرم عليه هي إن أراد أن ينكحها ولا أمها ولا ابنتها لأن الله عز وجل إنما حرم بالحلال والحرام ضد الحلال، وهذا مكتوب في كتاب النكاح من أحكام القرآن.
وإذا تزوج الرجل المرأة بشاهدين من غير أن يزوجها ولي والزوج كفؤ لها فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول: النكاح جائز ألا ترى أنها لو رفعت أمرها إلى الحاكم وأبى وليها أن يزوجها كان للحاكم أن يزوجها ولا يسعه إلا ذلك ولا ينبغي له غيره فكيف يكون ذلك من الحاكم والولي جائزا ولا يجوز ذلك منها وهي قد وضعت نفسها في الكفاءة بلغنا عن علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه - أن امرأة زوجت ابنتها فجاء أولياؤها فخاصموا الزوج إلى علي - رضي الله تعالى عنه - فأجاز علي النكاح وكان ابن أبي ليلى لا يجيز ذلك وقال أبو يوسف: هو موقوف وإن رفع إلى الحاكم وهو كفء أجزت ذلك كأن القاضي ها هنا ولي بلغه أن ابنته قد تزوجت فأجاز ذلك (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : كل نكاح بغير ولي فهو باطل لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ثلاثا» .
وإذا تزوج الرجل المرأة فأعلن المهر وقد كان أسر قبل ذلك مهرا وأشهد شهودا عليه وأعلم الشهود أن المهر الذي يظهره فهو كذا وكذا سمعة يسمع بها لقوم وأن أصل المهر هو كذا وكذا الذي في السر ثم تزوج فأعلن الذي قال فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول: المهر هو الأول وهو المهر الذي في السر والسمعة باطل الذي أظهر للقوم وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: السمعة هي المهر والذي أسر باطل أبو يوسف عن مطرف عن عامر قال: إذا أسر الرجل مهرا وأعلن أكثر من ذلك أخذ بالعلانية أبو يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن شريح وإبراهيم مثله (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا تزوج الرجل امرأة بمهر علانية وأسر قبل ذلك مهرا أقل منه فالمهر مهر العلانية الذي وقعت عليه عقدة النكاح إلا أن يكون شهود المهرين واحدا فيثبتون على أن المهر مهر السر وأن المرأة والزوج عقدا النكاح عليه وأعلنا الخطبة بمهر غيره أو
يشهدون أن المرأة بعد العقد أقرت بأن ما شهد لها به منه سمعة لا مهر.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولا يجوز النكاح إلا بولي وشاهدي عدل ورضا المنكوحة والناكح إلا في الأمة فإن سيدها يزوجها والبكر فإن أباها يزوجها ومن لم يبلغ فإن الآباء يزوجونهم وهذا مكتوب في كتاب النكاح.
(قال) : وإذا زوج الرجل ابنته وقد أدركت فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: إذا كرهت ذلك لم يجز النكاح عليها لأنها قد أدركت وملكت أمرها فلا تكره على ذلك، بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال «البكر تستأمر في نفسها وإذنها صماتها» فلو كانت إذا كرهت أجبرت على ذلك لم تستأمر وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: النكاح جائز عليها وإن كرهت.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إنكاح الأب خاصة جائز على البكر بالغة وغير بالغة والدلالة على ذلك قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأمر في نفسها» ففرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهما فجعل الأيم أحق بنفسها وأمر في هذه بالمؤامرة والمؤامرة قد تكون على استطابة النفس لأنه روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «وآمروا النساء في بناتهن» ولقول الله عز وجل {وشاورهم في الأمر} [آل عمران: ١٥٩] ولو كان الأمر فيهن واحدا لقال: الأيم والبكر أحق بنفسيهما وهذا كله مستقصى بحججه في كتاب النكاح.
وإذا تزوج الرجل المرأة ثم اختلفا في المهر فدخل بها وليس بينهما بينة فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول في ذلك: لها مهر مثلها إلا أن يكون ما ادعت أقل من ذلك فيكون لها ما ادعت، وكان ابن أبي ليلى يقول: إنما لها ما سمى لها الزوج وليس لها شيء غير ذلك وبه يأخذ ثم قال أبو يوسف بعد أن أقر الزوج بما يكون مهر مثلها أو قريبا منه قبل منه وإلا لم يقبل منه.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا تزوج الرجل المرأة دخل بها أو لم يدخل فاختلفا في المهر تحالفا وكان لها مهر مثلها كان أقل مما ادعت أو أقل مما أقر به الزوج أو أكثر كالقول في البيوع الفائتة إلا أنا لا نرد العقد في النكاح بما يرد به العقد في البيوع ونحكم له حكم البيوع الفائتة لأن البيوع الفائتة يحكم فيها بالقيمة وهذا يحكم فيه بالقيمة والقيمة فيه مهر مثلها كما هي في البيوع قيمة مثل السلعة.
وإذا أعتقت الأمة وزوجها حر فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يجعل لها الخيار إن شاءت اختارت نفسها وإن شاءت أقامت مع زوجها وكان ابن أبي ليلى يقول: لا خيار لها ومن حجة ابن أبي ليلى في بريرة أنه يقول: كان زوجها عبدا ومن حجة أبي حنيفة في ذلك أنه يقول: إن الأمة لا تملك نفسها ولا نكاحها وقد بلغنا «عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه خير بريرة حين عتقت» وقد بلغنا عن عائشة - رضي الله عنها - أن زوج بريرة كان حرا.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أعتقت الأمة فإن كانت تحت عبد فلها الخيار وإن كانت تحت حر فلا خيار لها وذلك أن زوج بريرة كان عبدا وهذا مكتوب في كتاب النكاح.
وإذا تزوجت وزوجها غائب كان قد نعي إليها فولدت من زوجها الآخر ثم جاء زوجها الأول فإن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - كان يقول: الولد للأول وهو صاحب الفراش وقد بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال «الولد للفراش وللعاهر الحجر» وكان ابن أبي ليلى يقول: الولد للآخر لأنه ليس بعاهر والعاهر الزاني لأنه متزوج وكذلك بلغنا عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وبه يأخذ.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا بلغ المرأة وفاة زوجها فاعتدت ثم نكحت فولدت أولادا ثم جاء زوجها المنعى حيا فسخ النكاح الآخر واعتدت منه وكانت زوجة الأول كما هي وكان الولد للآخر لأنه نكحها نكاحا حلالا في الظاهر حكمه حكم الفراش.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا لمس الرجل الجارية: حرمت على أبيه وابنه ولا تحرم على أبيه وابنه بالنظر دون اللمس.
[باب الطلاق]
قال أبو يوسف عن الأشعث بن سوار عن الحكم عن إبراهيم عن ابن مسعود أنه كان يقول: في الحرام إن نوى يمينا فيمين وإن نوى طلاقا فطلاق وهو ما نوى من ذلك وإذا قال الرجل: كل حل علي حرام فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: القول قول الزوج فإن لم يعن طلاقا فليس بطلاق وإنما هي يمين يكفرها وإن عنى الطلاق ونوى ثلاثا فثلاث وإن نوى واحدة فواحدة بائنة وإن نوى طلاقا ولم ينو عددا فهي واحدة بائنة وكذلك إذا قال لامرأته: هي علي حرام وكذلك إذا قال لامرأته: خلية أو برية أو بائن أو بتة فالقول قول الزوج وهو ما نوى إن نوى واحدة فهي واحدة بائنة وإن نوى ثلاثا فثلاث بلغنا ذلك عن شريح وإن نوى اثنتين فهي واحدة بائنة وإن لم ينو طلاقا فليس بطلاق غير أن عليه اليمين ما نوى طلاقا وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: في جميع ما ذكرت هي ثلاث تطليقات لا ندينه في شيء منها ولا نجعل القول قوله في شيء من ذلك (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال الرجل لامرأته: أنت علي حرام فإن نوى طلاقا فهو طلاق وهو ما أراد من عدد الطلاق والقول في ذلك قوله مع يمينه وإن لم يرد طلاقا فليس بطلاق ويكفر كفارة يمين قياسا على الذي يحرم أمته فيكون عليه فيها الكفارة لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرم أمته فأنزل الله عز وجل {لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك} [التحريم: ١] وجعلها الله يمينا فقال {قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم} [التحريم: ٢] . .
وإذا قال الرجل لامرأته: أمرك في يدك فقالت: قد طلقت نفسي ثلاثا فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: إذا كان الزوج نوى ثلاثا فهي ثلاث وإن كان نوى واحدة فهي واحدة بائنة وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: هي ثلاث ولا يسأل الزوج عن شيء (قال الشافعي) : وإذا خير الرجل امرأته أو ملكها أمرها فطلقت نفسها تطليقة فهو يملك الرجعة فيها كما يملكها لو ابتدأ طلاقها، وكان أبو حنيفة يقول: في الخيار إن اختارت نفسها فواحدة بائنة وإن اختارت زوجها فلا شيء وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: إن اختارت نفسها فواحدة يملك بها الرجعة وإن اختارت زوجها فلا شيء. .
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال الرجل لامرأته ولم يدخل بها أنت طالق أنت طالق بانت بالأولى ولم يكن عليها عدة فتلزمها الثنتان وإنما أحدث كل واحدة منهما لها وهي بائن منه حلال لغيره وهكذا قال أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.
وإذا قال الرجل لامرأته ولم يدخل بها: أنت طالق أنت طالق أنت طالق طلقت بالتطليقة الأولى ولم يقع عليها التطليقتان الباقيتان وهذا قول أبي حنيفة بلغنا عن عمر بن الخطاب وعن علي وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وإبراهيم بذلك لأن امرأته ليست عليها عدة فقد بانت منه بالتطليقة الأولى وحلت للرجال ألا ترى أنها لو تزوجت بعد التطليقة الأولى قبل أن يتكلم بالثانية زوجا كان نكاحها جائزا فكيف يقع عليها الطلاق وهي ليست بامرأته وهي امرأة غيره وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: عليها الثلاث التطليقات إذا كانت من الرجل في مجلس واحد على ما وصفت لك.
وإذا شهد شاهد على رجل أنه طلق امرأته واحدة وشهد آخر أنه طلقها اثنتين فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: شهادتهما باطلة لأنهما قد اختلفا وكان ابن أبي ليلى يقول: يقع عليها من ذلك تطليقة لأنهما قد اجتمعا عليها وبهذا يأخذ.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا شهد الرجل أنه سمع رجلا يقول لامرأته: أنت طالق واحدة وشهد آخر أنه سمعه يقول: لها أنت طالق ثنتين فهذه شهادة مختلفة فلا تجوز ولو شهدا فقالا: نشهد أنه طلق امرأته وقال أحدهما: قد أثبت الطلاق ولم أثبت عدده وقال الآخر: قد أثبت
الطلاق وهو ثنتان لزمته واحدة لأنهما يجتمعان عليها.
وإذا طلق الرجل امرأته ثلاثا وقد دخل بها فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول في ذلك: لها السكنى والنفقة حتى تنقضي عدتها وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لها السكنى وليس لها النفقة وقال أبو حنيفة: لم؟ وقد قال الله عز وجل في كتابه {فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن} [الطلاق: ٦] وبلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - أنه جعل للمطلقة ثلاثا السكنى والنفقة.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا طلق الرجل امرأته ثلاثا ولا حبل بها فلها السكنى وليس لها نفقة وهذا مكتوب في كتاب الطلاق.
وإذا آلى الرجل من امرأته فحلف لا يقربها شهرا أو شهرين أو ثلاثا لم يقع عليه بذلك إيلاء ولا طلاق لأن يمينه كانت على أقل من أربعة أشهر حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن عامر الأحول عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس - رضي الله عنهما - وهو قول أبي حنيفة وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: هو مول منها إن تركها أربعة أشهر بانت بالإيلاء والإيلاء تطليقة بائنة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف الرجل لا يطأ امرأته أربعة أشهر أو أقل لم يقم عليه حكم الإيلاء لأن حكم الإيلاء إنما يكون بعد مضي الأربعة الأشهر فيوم يكون حكم الإيلاء يكون الزوج لا يمين عليه وإذا لم يكن عليه يمين فليس عليه حكم الإيلاء وهكذا مكتوب في كتاب الإيلاء.
وإذا حلف الرجل لا يقرب امرأته في هذا البيت أربعة أشهر فتركها أربعة أشهر فلم يقربها فيه ولا في غيره فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول: ليس عليه في هذا إيلاء ألا ترى أن له أن يقربها في غير ذلك البيت ولا تجب عليه الكفارة وإنما الإيلاء كل يمين تمنع الجماع أربعة أشهر لا يستطيع أن يقربها إلا أن يكفر يمينه وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: في هذا هو مول إن تركها أربعة أشهر بانت بالإيلاء والإيلاء تطليقة بائنة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف الرجل لا يقرب امرأته في هذا البيت أو في هذه الغرفة أو في موضع يسميه فليس على هذا حكم الإيلاء إنما حكم الإيلاء على من كان لا يصل إلى أن يصيب امرأته بحال إلا لزمه الحنث فأما من يقدر على إصابة امرأته بلا حنث فلا حكم للإيلاء عليه.
وإذا ظاهر الرجل من امرأته فقال: أنت علي كظهر أمي يوما أو وقت وقتا أكثر من ذلك فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول: هو مظاهر منها لا يقربها في ذلك الوقت حتى يكفر كفارة الظهار فإذا مضى ذلك الوقت سقطت عنه الكفارة وكان له أن يقربها بغير كفارة وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: هو مظاهر منها أبدا وإن مضى ذلك الوقت فهو مظاهر لا يقربها حتى يكفر كفارة الظهار.
(قال الشافعي) : - رحمه الله - وإذا ظاهر الرجل من امرأته يوما فأراد أن يقربها في ذلك اليوم كفر كفارة الظهار وإن مضى ذلك اليوم ولم يقربها فيه فلا كفارة للظهار عليه كما قلنا في المسألة في الإيلاء إذا سقطت اليمين سقط حكم اليمين والظهار يمين لا طلاق.
وإذا ارتد الزوج عن الإسلام وكفر فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول: بانت منه امرأته إذا ارتد لا تكون مسلمة تحت كافر وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: هي امرأته على حالها حتى يستتاب فإن تاب فهي امرأته وإن أبى قتل وكان لها ميراثها منه (قال الشافعي) : - رحمه الله: وإذا ارتد الرجل عن الإسلام فنكاح امرأته موقوف فإن رجع إلى الإسلام قبل أن تنقضي عدتها فهما على النكاح الأول وإن انقضت عدتها قبل رجوعه إلى الإسلام فقد بانت منه والبينونة فسخ بلا طلاق وإن رجع إلى الإسلام فخطبها لم يكن هذا طلاقا وهذا مكتوب في كتاب المرتد (قال) : وإذا رجعت المرأة من أهل الإسلام إلى الشرك كان هذا والباب الأول سواء في قولهما جميعا غير أن أبا حنيفة كان يقول: يعرض على المرأة الإسلام فإن أسلمت خلي سبيلها وإن أبت حبست في السجن حتى تتوب ولا تقتل بلغنا ذلك عن ابن عباس
رضي الله عنهما - وكان ابن أبي ليلى يقول: إن لم تتب قتلت وبه يأخذ ثم رجع إلى قول أبي حنيفة وكيف تقتل وقد «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل النساء في الحروب من أهل الشرك» فهذه مثلهم (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا ارتدت المرأة عن الإسلام فلا فرق بينها وبين الرجل تستتاب فإن تابت وإلا قتلت كما يصنع بالرجل فخالفنا في هذا بعض الناس فقال: يقتل الرجل إذا ارتد ولا تقتل المرأة واحتج بشيء رواه عن ابن عباس لا يثبت أهل الحديث مثله وقد روي شبيه بذلك الإسناد عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أنه قتل نسوة ارتددن عن الإسلام فلم نر أن نحتج به إذا كان إسناده مما لا يثبته أهل الحديث واحتج من خالفنا بأن «النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قتل النساء في دار الحرب» وقال: إذا نهى عن قتل المشركات اللاتي لم يؤمن فالمؤمنة التي ارتدت عن الإسلام أولى أن لا تقتل قيل لبعض من يقول هذا القول: قد رويت أن «النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قتل الكبير الفاني وعن قتل الأجير» ورويت أن أبا بكر الصديق نهى عن قتل الرهبان أفرأيت إن ارتد شيخ فان أو أجير أتدع قتلهما أو ارتد رجل راهب أتدع قتله؟ قال: لا قيل: ولم؟ ألأن حكم القتل على الردة حكم قتل حد لا يسع الوالي تعطيله مخالف لحكم قتل المشركين في دار الحرب؟ قال: نعم قلت: فكيف احتججت بحكم دار الحرب في قتل المرأة ولم تره حجة في قتل الكبير الفاني والأجير والراهب ثم قلت لنا: أن ندع أهل الحرب بعد القدرة عليهم ولا نقتلهم وليس لنا أن ندع مرتدا فكيف ذهب عليك افتراقهما في المرأة فإن المرأة تقتل حيث يقتل الرجل في الزنا والقتل؟ .
وإذا قال الرجل: كل امرأة أتزوجها فهي طالق فإن أبا حنيفة كان يقول: هو كما قال وأي امرأة تزوجها فهي طالق واحدة وبهذا يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لا يقع عليه الطلاق لأنه عمم فقال: كل امرأة أتزوجها فإذا سمى امرأة مسماة أو مصرا بعينه أو جعل ذلك إلى أجل فقولهما فيه سواء ويقع به الطلاق (قال الربيع) : للشافعي فيه جواب (قال) : وإذا قال الرجل لامرأة إن تزوجتك فأنت طالق أو قال: إذا تزوجت إلى كذا وكذا من الأجل امرأة فهي طالق أو قال: كل امرأة أتزوجها من قرية كذا وكذا فهي طالق أو من بني فلان فهي طالق فهما جميعا كانا يقولان إذا تزوج تلك فهي طالق وإن دخل بها فإن أبا حنيفة كان يقول: لها مهر ونصف مهر مهر بالدخول ونصف مهر بالطلاق الذي وقع عليها قبل الدخول وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لها نصف مهر ويفرق بينهما في قولهما جميعا.
(قال) : وإذا قذف الرجل امرأته وقد وطئت وطئا حراما قبل ذلك فإن أبا حنيفة كان يقول: لا حد عليه ولا لعان وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: عليه الحد. ولو قذفها غير زوجها لم يكن عليه حد في قول أبي حنيفة وكان ابن أبي ليلى يقول: عليه الحد ينبغي في قول ابن أبي ليلى أن يكون مكان الحد اللعان (قال الشافعي) : وإذا وطئت المرأة وطئا حراما مما يدرأ عنها الحد فيه ثم قذفها زوجها سئل فإن قذفها حاملا وانتفى من ولدها لوعن بينهما لأن الولد لا ينفى إلا بلعان وإن قذفها غير حامل بالوطء الأول أو بزنا غيره فلا حد عليه وعليه التعزير، وكذلك إن قذفها بأجنبي فقال: عنيت ذلك الوطء الذي هو محرم فلا حد عليه وعليه التعزير.
وإذا قال الرجل لامرأته: لا حاجة لي فيك فإن أبا حنيفة كان يقول: ليس هذا بطلاق وإن أراد به الطلاق وبه يأخذ وقال أبو حنيفة: وكيف يكون هذا طلاقا وهو بمنزلة لا أشتهيك ولا أريدك ولا أهواك ولا أحبك؟ فليس في شيء من هذا طلاق (قال الشافعي) : وإذا قال الرجل لامرأته لا حاجة لي فيك فإن قال: لم أرد طلاقا فليس بطلاق وإن قال: أردت طلاقا فهو طلاق وهي واحدة إلا أن يكون أراد أكثر منها ولا يكون طلاقا إلا أن يكون أراد به إيقاع طلاق فإن كان إنما قال: لا حاجة لي فيك سأوقع عليك الطلاق فلا طلاق حتى يوقعه
بطلاق غير هذا.
وإذا قذف الرجل وهو عبد امرأته وهي حرة وقد أعتق نصف العبد أحد الشريكين وهو يسعى للآخر في نصف قيمته فإن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - كان يقول: هو عبد ما بقي عليه شيء من السعاية وعليه حد العبد وكان ابن أبي ليلى يقول: هو حر وعليه اللعان وبه يأخذ، وكذلك لو شهد شهادة أبطلها أبو حنيفة وأجازها ابن أبي ليلى (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ويحد العبد والأمة في كل شيء حد العبد والأمة حتى تكمل فيهما جميعا الحرية ولو بقي سهم من ألف سهم فهو رقيق (قال الشافعي) : وكذلك لا يحد له حتى تكمل فيه الحرية ولا يقص له من جرح حتى يستكمل العبد الحرية، ولو قذف رجل هذا العبد الذي يسعى في نصف قيمته لم يكن عليه حد في قول أبي حنيفة لأنه بمنزلة العبد وكان على قاذفه الحد في قول ابن أبي ليلى وبه يأخذ، ولو قطع هذا العبد يد رجل متعمدا لم يكن عليه القصاص في قول أبي حنيفة وبه يأخذ وهو بمنزلة العبد وكان عليه القصاص في قول ابن أبي ليلى وهو بمنزلة الحر في كل قليل أو كثير أو حد أو شهادة أو غير ذلك وهو في قول أبي حنيفة بمنزلة العبد ما دام عليه درهم من قيمته وكذلك هو في قولهما جميعا لو أعتق جزءا من مائة جزء أو بقي عليه جزء من مائة جزء من كتابته إن شاء الله تعالى.
وإذا كانت أمة بين اثنين ولها زوج عبد أعتقها أحد موليها وقضى عليها بالسعاية للآخر لم يكن لها خيار في النكاح في قول أبي حنيفة حتى تفرغ من السعاية وتعتق وكان لها الخيار في قول ابن أبي ليلى يوم يقع العتق عليها وبه يأخذ، ولو طلقت يومئذ كانت عدتها وطلاقها في قول أبي حنيفة عدة أمة وطلاق أمة وكانت عدتها وطلاقها في ابن أبي ليلى عدة حرة وطلاق حرة ولو لم يكن لها زوج وأرادت أن تتزوج لم يكن لها ذلك حتى يأذن الذي له عليها السعاية فهي في قول أبي حنيفة بمنزلة الأمة وفي قول ابن أبي ليلى بمنزلة الحرة.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كانت أمة تحت عبد لم يكن لها الخيار حتى تكمل فيها الحرية فيوم تكمل فيها الحرية فلها الخيار فإن طلقت وهي لم تكمل فيها الحرية كانت عدتها عدة أمة وحكمها في كل شيء حكم أمة.
وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق إن شاء فلان وفلان غائب لا يدرى أحي هو أو ميت أو فلان ميت قد علم بذلك فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: لا يقع عليها الطلاق وبهذا يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: يقع عليها الطلاق قال أبو حنيفة: وكيف يقع عليها الطلاق ولم يشأ فلان؟ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق إن شاء فلان وفلان ميت قبل ذلك أو مات فلان بعدما قال ذلك وقبل أن يشاء فلا تكون طالقا أبدا بهذا الطلاق إذ لو كان فلان حاضرا حيا ولم يشأ لم تطلق وإنما يتم الطلاق بمشيئته فإذا مات قبل أن يشاء علمنا أنه لا يشاء أبدا ولم يشأ قبل فتطلق بمشيئته.
وإذا قذف الرجل امرأته وقامت لها البينة وهو يجحد فإن أبا حنيفة كان يقول: يلاعن وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لا يلاعن ويضرب الحد.
وإذا تزوج العبد بغير إذن مولاه فقال له مولاه: طلقها فإن أبا حنيفة كان يقول: ليس هذا بإقرار بالنكاح إنما أمره بأن يفارقها فكيف يكون هذا إقرارا بالنكاح وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: هذا إقرار بالنكاح (قال الشافعي) : وإذا تزوج العبد بغير إذن مولاه فقال له مولاه: طلقها فليس هذا بإقرار بالنكاح من مولاه في قول من يقول: إن أجازه مولاه فالنكاح يجوز وأما في قولنا فلو أجازه له المولى لم يجز لأن أصل ما نذهب إليه أن كل عقدة نكاح وقعت والجماع لا يحل أن يكون فيها أو لأحد فسخها فهي فاسدة لا نجيزها إلا أن تجدد ومن أجازها بإجازة أحد بعدها فإن لم يجزها كانت مفسوخة دخل عليه أن يجيز أن ينكح الرجل المرأة على أنه بالخيار وعلى أنها بالخيار والخيار لا يجوز عنده في النكاح كما يجوز في البيوع.
وإذا طلق الرجل امرأته
بائنة فأراد أن يتزوج في عدتها خامسة فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: لا أجيز ذلك وأكرهه له وكان ابن أبي ليلى يقول: هو جائز وبه يأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا فارق الرجل امرأته بخلع أو فسخ نكاح كان له أن ينكح أربعا وهي في العدة وكان له إن كان لا يجد طولا لحرة وخاف العنت على نفسه أن ينكح أمة مسلمة لأن المفارقة التي لا رجعة له عليها غير زوجة.
وإذا طلق الرجل امرأة ثلاثا وهو مريض فإن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - كان يقول: إن مات بعد انقضاء العدة فلا ميراث لها منه وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لها الميراث ما لم تتزوج (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا طلق الرجل امرأته ثلاثا أو تطليقة لم يكن بقي له عليها غيرها وهو مريض ثم مات بعد انقضاء عدتها فإن عامة أصحابنا يذهبون إلى أن لها منه الميراث ما لم تتزوج وقد خالفنا في هذا بعض الناس بأقاويل فقال أحدهم: لا يكون لها الميراث في عدة ولا في غير عدة وهذا قول ابن الزبير وقال غيره: هي ترثه ما لم تنقض العدة ورواه عن عمر بإسناد لا يثبت مثله عند أهل العلم بالحديث وهو مكتوب في كتاب الطلاق وقال غيره: ترثه وإن تزوجت (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : لا ترث مبتوتة في عدة كانت أو غير عدة وهو قول ابن الزبير وعبد الرحمن طلق امرأته إن شاء الله على أنها لا ترث وأجمع المسلمون أنه إذا طلقها ثلاثا ثم آلى منها لم يكن موليا وإن تظاهر لم يكن متظاهرا وإذا قذفها لم يكن له أن يلاعنها ويبرأ من الحد وإن ماتت لم يرثها فلما أجمعوا جميعا أنها خارجة من معاني الأزواج لم ترثه.
وإذا طلق الرجل امرأته في صحته ثلاثا فجحد ذلك الزوج وادعته عليه المرأة ثم مات الرجل بعد أن استحلفه القاضي فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول: لا ميراث لها وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لها الميراث إلا أن تقر بعد موته أنه كان طلقها ثلاثا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا ادعت المرأة على زوجها أنه طلقها ثلاثا ألبتة فأحلفه القاضي بعد إنكاره وردها عليه ثم مات لم يحل لها أن ترث منه شيئا إن كانت تعلم أنها صادقة ولا في الحكم بحال لأنها تقر أنها غير زوجة فإن كانت تعلم أنها كاذبة حل لها فيما بينها وبين الله أن ترثه.
وإذا خلا الرجل بامرأته وهي حائض أو وهي مريضة ثم طلقها قبل أن يدخل بها.
فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: لها نصف المهر وبه يأخذ: وكان ابن أبي ليلى يقول: لها المهر كاملا.
وإذا قال الرجل لامرأته: إن ضممت إليك امرأة فأنت طالق واحدة فطلقها فبانت منه وانقضت العدة ثم تزوج امرأة أخرى ثم تزوج تلك المرأة التي حلف عليها فإن أبا حنيفة كان يقول: لا يقع عليها الطلاق من قبل أنه لم يضمها إليها وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: يقع عليها الطلاق (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال الرجل لامرأته: إن ضممت إليك امرأة فأنت طالق ثلاثا فطلقها وانقضت عدتها ثم نكح غيرها ثم نكحها بعد نكاحا جديدا فلا طلاق عليها وهو لم يضم إليها امرأة إنما ضمها هي إلى امرأة.
وإذا قال الرجل: إن تزوجت فلانة فهي طالق فتزوجها على مهر مسمى ودخل بها فإن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - كان يقول: هي طالق واحدة بائنة وعليها العدة ولها مهر ونصف، نصف من ذلك بالطلاق ومهر بالدخول وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لها نصف مهر بالطلاق وليس لها بالدخول شيء ومن حجته في ذلك أن رجلا آلى من امرأته فقدم بعد أربعة أشهر فدخل بامرأته ثم أتى ابن مسعود فأمره أن يخطبها فخطبها وأصدقها صداقا مستقبلا ولم يبلغنا أنه جعل في ذلك الوطء صداقا ومن حجة أبي حنيفة أنه قال: قد وقع الطلاق قبل الجماع فوجب لها نصف المهر وجامعها بشبهة فعليه المهر ولو لم أجعل عليه الحد وقال أبو حنيفة: كل جماع يدرأ فيه الحد ففيه صداق لا بد من الصداق إذا درأت الحد وجب الصداق وإذا لم أجعل الصداق


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #305  
قديم 09-09-2024, 07:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 141,042
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السابع
الحلقة (305)
صــــــــــ 171 الى صـــــــــــ 177





فلا بد من الحد قال أبو يوسف حدثني محدث عن حماد عن إبراهيم أنه قال فيه: لها مهر ونصف مهر مثل قول أبي حنيفة.
وإذا قال الرجل لامرأته: إن دخلت الدار فأنت طالق إن شاء الله فدخلت الدار فإن أبا حنيفة وابن أبي ليلى قالا: لا يقع الطلاق ولو قال: أنت طالق إن شاء الله ولم يقل إن دخلت الدار فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - قال: لا يقع الطلاق وقال: هذا والأول سواء وبه يأخذ أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال في ذلك: لا يقع الطلاق ولا العتاق وأخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح أنه قال: لا يقع الطلاق (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق إن شاء الله تعالى فلا طلاق ولا عتاق.
وإذا طلق الرجل امرأته واحدة فانقضت عدتها فتزوجت زوجا ودخل بها ثم طلقها ثم تزوجها الأول فإن أبا حنيفة قال: هي على الطلاق كله وبه يأخذ وقال ابن أبي ليلى: هي على ما بقي (قال الشافعي) : وإذا طلق الرجل امرأته واحدة أو اثنتين فانقضت عدتها ونكحت زوجا غيره ثم أصابها ثم طلقها أو مات عنها فانقضت عدتها فنكحت الزوج الأول فهي عنده على ما بقي من الطلاق يهدم الزوج الثاني الثلاث ولا يهدم الواحدة ولا الثنتين وقولنا هذا قول عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - وعدد من كبار أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد خالفنا في بعض هذا بعض الناس فقال: إذا هدم الزوج ثلاثا هدم واحدة واثنتين واحتج بقول ابن عمر وابن عباس - رضي الله عنهم - وسألنا فقال: من أين زعمتم أن الزوج يهدم الثلاث ولا يهدم ما هو أقل منها؟ قلنا: زعمناه بالأمر الذي لا ينبغي لأحد أن يدفعه قال وما هو؟ قلنا: حرمها الله بعد الثلاث حتى تنكح زوجا غيره وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الله عز وجل أن النكاح الذي أحلها الله به بعد الثلاث إصابة الزوج وكانت محرمة قبل الزوج لا تحل بحال إلا بالزوج فكان للزوج حكم هدم الثلاث لهذا المعنى وكانت في الواحدة والثنتين حلالا فلم يكن للزوج ها هنا حكم فزعمنا أنه يهدم حيث كانت لا تحل له إلا به وكان حكمه قائما ولا يهدم حيث لا حكم له وحيث كانت حلالا بغيره وكان أصل المعقول أن أحدا لا يحل له بفعل غيره شيء فلما أحل الله له بفعل غيره أحللنا له حيث أحل الله له ولم يجز أن نقيس عليه ما خالفه لو كان الأصل للمعقول فيه وقد رجع إلى هذا القول محمد بن الحسن بعدما كان يقول بقول أبي حنيفة؛ والله أعلم.
[باب الحدود]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أقيم الحد على البكر وجلد مائة جلدة فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: لا أنفيه من قبل أنه بلغنا عن علي بن أبي طالب أنه نهى عن ذلك وقال كفى بالنفي فتنة وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: ينفى سنة إلى بلد غير البلد الذي فجر به وروي ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن أبي بكر وعلي - رضي الله عنهما - (قال الشافعي) : وينفى الزانيان البكران من موضعهما الذي زنيا به إلى بلد غيره بعد ضرب مائة وقد نفى النبي - صلى الله عليه وسلم - الزاني ونفى أبو بكر وعمر وعثمان وعلي - رضي الله تعالى عنهم - وقد خالف هذا بعض الناس وهذا مكتوب في كتاب الحدود بحججه.
وإذا زنى المشركان وهما ثيبان فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - قال: ليس على واحد منهما الرجم وكان ابن أبي ليلى يقول: عليهما الرجم ويروى ذلك عن نافع عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - عن «رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه رجم يهوديا ويهودية» وبه يأخذ
أبو يوسف قال أبو حنيفة: لا تقام
الحدود في المساجد وروي ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: نقيم الحدود في المساجد وقد فعل ذلك.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا تحاكم إلينا أهل الكتاب ورضوا أن نحكم بينهم فترافعوا في الزنا وأقروا به رجمنا الثيب وضربنا البكر مائة ونفيناه سنة وقد «رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهوديين زنيا» وهو معنى كتاب الله تبارك وتعالى فإن الله عز وجل: يقول لنبيه - صلى الله عليه وسلم - {وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط} [المائدة: ٤٢] وقال {وأن احكم بينهم بما أنزل الله} [المائدة: ٤٩] ولا يجوز أن يحكم بينهم في شيء من الدنيا إلا بحكم المسلمين لأن حكم الله واحد لا يختلف (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولا تقام الحدود في المساجد. .
وإذا وطئ الرجل جارية أمه فقال: ظننت أنها تحل لي فإن أبا حنيفة كان يقول: يدرأ عنه الحد فإذا أقر بذلك في مقام واحد أربع مرات لم يحد وبه يأخذوا عليه المهر وقال ابن أبي ليلى وأنا أسمع أقر عندي رجل أنه وطئ جارية أمه فقال له وطئتها؟ قال: نعم فقال له أوطئتها؟ قال: نعم فقال له أوطئتها؟ قال نعم قال له الرابعة: وطئتها؟ قال: نعم قال ابن أبي ليلى: فأمرت به فجلد الحد وأمرت الجلواز فأخذه بيده فأخرجه من باب الجسر نفيا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أصاب الرجل جارية أمه وقال ظننتها تحل لي أحلف ما وطئها إلا وهو يراها حلالا ثم درئ عنه الحد وأغرم المهر فإن قال: قد علمت أنها حرام علي قبل الوطء ثم وطئتها حد ولا يقبل هذا إلا ممن أمكن فيه أنه يجهل مثل هذا فأما من أهل الفقه فلا قال أبو حنيفة: ليس ينبغي للحاكم أن يقول له: أفعلت ولا نوجب عليه الحد بإقرار أربع مرات في مقام واحد ولو قال: وطئت جارية أمي في أربعة مواطن لم يكن عليه حد لأن الوطء قد يكون حلالا وحراما فلم يقر هذا بالزنا، والله أعلم.
[اختلاف علي وعبد الله بن مسعود في أبواب الوضوء والغسل والتيمم]
اختلاف علي وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهما - أبواب الوضوء والغسل والتيمم.
(أخبرنا الربيع بن سليمان) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن علية عن شعبة عن عمرو بن مرة عن زاذان قال: سأل رجل عليا - رضي الله عنه - عن الغسل فقال: اغتسل كل يوم إن شئت فقال: لا الغسل الذي هو الغسل قال: يوم الجمعة ويوم عرفة ويوم النحر ويوم الفطر وهم لا يرون شيئا من هذا واجبا، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا هشيم عن خالد عن أبي إسحاق أن عليا - رضي الله عنه - قال: في التيمم ضربة للوجه وضربة للكفين هكذا يقولون ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين.
باب الوضوء (قال الشافعي) : أخبرنا ابن عيينة عن أبي السوداء عن ابن عبد خبير عن أبيه قال: «توضأ علي - رضي الله تعالى عنه - فغسل ظهر قدميه وقال: لولا أنى رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح ظهر قدميه لظننت أن باطنهما أحق» ، أبو معاوية عن الأعمش عن أبي ظبيان قال: رأيت عليا - رضي الله عنه - بال ثم توضأ ومسح على النعلين ثم دخل المسجد فخلع نعليه وصلى ابن مهدي عن سفيان عن حبيب عن زيد بن وهب أنه رأى عليا - رضي الله عنه - فعل ذلك ابن مهدي عن سفيان عن الزبير بن عدي عن أكتل بن سويد بن غفلة أن عليا - رضي الله عنه - فعل ذلك محمد بن عبيد عن محمد بن أبي إسماعيل عن معقل الخثعمي
أن عليا فعل ذلك.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولسنا ولا إياهم ولا أحد نعلمه يقول بهذا من المفتين خالد بن عبد الله الواسطي عن عطاء بن السائب عن أبي البحتري عن علي - رضي الله عنه - في الفأرة تقع في البئر فتموت قال تنزح حتى تغلبهم قال ولسنا ولا إياهم نقول بهذا أما نحن فنقول بما روينا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسا» وأما هم فيقولون ينزح منها عشرون أو ثلاثون دلوا. عمرو بن الهيثم عن شعبة عن أبي إسحاق عن ناجية بن كعب «عن علي - رضي الله عنه - قال قلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي إن أبي قد مات قال اذهب فواره فقلت إنه مات مشركا قال اذهب فواره فواريته ثم أتيته قال اذهب فاغتسل» وهم لا يقولون بهذا هم يزعمون أنه ليس على من مس ميتا مشركا غسل ولا وضوء. عمرو بن الهيثم عن الأعمش عن إبراهيم بن أبي عبيدة عن عبد الله قال القبلة من اللمس وفيها الوضوء عن شعبة عن مخارق عن طارق عن عبد الله مثله وهم يخالفون هذا فيقولون لا وضوء من القبلة ونحن نأخذ بأن في القبلة الوضوء وقال ذلك ابن عمر وغيره وعن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن عبد الله أنه قال: الماء من الماء.
(قال الشافعي) : ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول: إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل وهذا القول كان في أول الإسلام ثم نسخ (قال الشافعي) أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله قال: الجنب لا يتيمم وليسوا يقولون بهذا ويقولون لا نعلم أحدا يقول به ونحن نروي عن «النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر الجنب أن يتيمم» ورواه ابن علية عن عوف الأعرابي عن أبي رجاء عن عمران بن حصين عن «النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر رجلا أصابته جنابة أن يتيمم ويصلي» .
(قال الشافعي) أخبرنا سفيان عن ابن إسحاق عن الحارث بن الأزمع قال: سمعت ابن مسعود يقول: إذا غسل الجنب رأسه بالخطمي فلا يعيد له غسلا وليسوا يقولون بهذا يقولون: ليس الخطمي بطهور وإن خالطه الماء الطهور إنما الطهور الماء محضا فأما غسل رأسه بالماء بعد الخطمي أو قبله فأما الخطمي فلا يطهر وحده.
[أبواب الصلاة]
(قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى: أخبرنا سعيد بن سالم عن سفيان الثوري عن عبد الله بن محمد عن عقيل عن ابن الحنفية أن عليا - رضي الله تعالى عنه - أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مفتاح الصلاة الوضوء وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم» وبهذا نقول نحن لا يحرم بالصلاة إلا بالتكبير وقال صاحبهم يحرم بها بغير التكبير بالتسبيح ورجع صاحباه إلى قولنا وقولنا لا تنقضي الصلاة إلا بالتسليم فمن عمل عملا مما يفسد الصلاة فيما بين أن يكبر إلى أن يسلم فقد أفسدها لا فيما بين أن يكبر إلى أن يجلس قدر التشهد (قال الشافعي) : أخبرنا ابن علية عن شعبة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال: إذا وجد أحدكم في صلاته في بطنه رزا أو قيئا أو رعافا فلينصرف فليتوضأ فإن تكلم استقبل الصلاة وإن لم يتكلم احتسب بما صلى وليسوا يقولون بهذا يقولون: ينصرف من الرز وإن انصرف من الرعاف فصلاته تامة ويخالفونه في بعض قوله ويوافقونه في بعضه وإن كانوا يثبتون هذه الرواية فيلزمهم أن يقولوا في الرز ما يقولون في الرعاف لأنه لم يخالفه في الرز غيره من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - علمته (قال الشافعي) - رحمه الله تعالى - أخبرنا هشيم عن حصين قال حدثنا أبو ظبيان قال: كان علي - رضي الله عنه - يخرج إلينا ونحن ننظر إلى تباشير الصبح فيقول: الصلاة فإذا قام
الناس نعم ساعة الوتر هذه فإذا طلع الفجر صلى ركعتين ثم أقيمت الصلاة (قال الشافعي) : - رحمه الله - أخبرنا ابن عيينة عن شبيب بن غرقدة عن حبان بن الحارث قال أتيت عليا - رضي الله عنه - وهو معسكر بدير أبي موسى فوجدته يطعم فقال: ادن فكل فقلت إني أريد الصوم فقال وأنا أريده فدنوت فأكلت فلما فرغ قال: يا ابن التياح أقم الصلاة وهذان خبران عن علي - رضي الله عنه - كلاهما يثبت أنه كان يغلس بأقصى غاية التغليس وهم يخالفونه فيقولون: يسفر بالفجر أشد الإسفار ونحن نقول بالتغليس به وهو يوافق ما روينا من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في التغليس.
(قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - أخبرنا هشيم وغيره عن ابن حبان التيمي عن أبيه عن علي - رضي الله عنه - قال لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد قيل ومن جار المسجد؟ قال من أسمعه المنادي ونحن وهم نقول يحب لمن لا عذر له أن لا يتخلف عن المسجد فإن صلى فصلاته تجزي عنه إلا أنه قد ترك موضع الفضل.
(قال الشافعي) - رحمه الله تعالى - أخبرنا وكيع عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن زاذان أن عليا - رضي الله عنه - كان يغتسل من الحجامة ولسنا ولا إياهم نقول بهذا.
(قال الشافعي) : أخبرنا شريك عن عمران بن ظبيان عن حكيم بن سعد أن رجلا من الخوارج قال لعلي - رضي الله عنه - {ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك} [الزمر: ٦٥] الآية فقال علي - رضي الله عنه - {فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون} [الروم: ٦٠] وهو راكع وهم يقولون من فعل هذا يريد به الجواب فصلاته فاسدة:.
(قال الشافعي) : أخبرنا ابن علية عن شعبة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي - رضي الله عنه - قال إذا ركعت فقلت اللهم لك ركعت ولك خشعت ولك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت فقد تم ركوعك وهذا عندهم كلام يفسد الصلاة وهم يكرهون هذا وهذا عندي كلام حسن وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شبيه به ونحن نأمر بالقول به وهم يكرهونه.
(قال الشافعي) : أخبرنا ابن علية عن خالد الحذاء عن عبد الله بن الحارث عن الحارث الهمداني عن علي - رضي الله تعالى عنه - كان يقول: بين السجدتين اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وزاد ابن علية عن شعبة عن أبي إسحاق ونسى إسناده وهم يكرهون هذا ولا يقولون به.
(قال الشافعي) : أخبرنا هشيم عن مغيرة عن أبي رزين أن عليا - رضي الله عنه - كان يسلم عن يمينه وعن شماله سلام عليكم سلام عليكم.
(قال الشافعي) : أخبرنا ابن علية عن شعبة عن الأعمش عن أبي رزين عن علي - رضي الله عنه - مثله سواء وليسوا يأخذون به ويزيدون فيه ورحمة الله وبركاته.
(قال الشافعي) : أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن عبد الله بن معقل أن عليا - رضي الله عنه - قنت في المغرب يدعو على قوم بأسمائهم وأشياعهم فقلنا آمين هشيم عن رجل عن ابن معقل أن عليا - رضي الله عنه - قنت بهم فدعا على قوم يقول: "اللهم العن فلانا بادئا وفلانا" حتى عد نفرا وهم يفسدون صلاة من دعا لرجل باسمه أو دعا على رجل فسماه باسمه ونحن لا نفسد بهذا صلاته لأنه يشبه ما روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - زيد بن الحباب عن سفيان عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي - رضي الله عنه - أن رجلا قال: إني صليت ولم أقرأ قال: أتممت الركوع والسجود؟ قال: نعم قال: تمت صلاتك وهم لا يقولون بهذا ويزعمون أن عليه إعادة الصلاة هشيم عن منصور عن الحسن عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال "اقرأ فيما أدركت مع الإمام" وهم لا يقولون بهذا يقولون إنما يقرأ فيما يقضي لنفسه فأما وهو وراء الإمام فلا قراءة عليه ونحن نقول: كل صلاة صليت خلف الإمام والإمام يقرأ قراءة لا يسمع فيها قرأ فيها.
هشيم ويزيد عن حجاج عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي - رضي الله تعالى عنه - في إمام صلى بغير وضوء قال: يعيد ولا يعيدون وهذا موافق للسنة وما روينا عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان
وابن عمر - رضي الله تعالى عنهم -.
(قال الشافعي) : رحمه الله تعالى عنه أخبرنا مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم عن عطاء بن يسار أن «رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كبر في صلاة من الصلوات ثم أشار إليهم ثم رجع وعلى جلده أثر الماء» (قال الشافعي) أخبرنا وكيع عن أسامة بن زيد عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه (قال الشافعي) : أخبرنا حماد بن سلمة عن زياد الأعلم عن الحسن عن أبي بكرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه (قال الشافعي) : أخبرنا ابن علية عن ابن عون عن ابن سيرين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه وقال: «إني كنت جنبا فنسيت» (قال الشافعي) : أخبرنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال: إذا أحدث في صلاة بعد السجدة فقد تمت صلاته ولسنا ولا إياهم نقول بهذا أما نحن فنقول: انقضاء الصلاة بالتسليم للحديث الذي رويناه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأما هم فيقولون: كل حدث يفسد الصلاة إلا حدثا كان بعد التشهد أو أن يجلس مقدار التشهد فلا يفسد الصلاة.
(قال الشافعي) أخبرنا هشيم عن أصحابه عن أبي إسحاق عن أبي الخليل عن علي - رضي الله عنه - كان إذا افتتح الصلاة قال: "لا إله إلا أنت سبحانك ظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين" وقد روينا من حديثنا عن علي - رضي الله عنه - عن «النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول هذا الكلام إذا افتتح الصلاة وبهذا ابتدأ، يقول: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض» (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضيل عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي - رضي الله تعالى عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثله وهم يخالفونه ولا يقولون منه بحرف يقولون: إن سبحانك اللهم وبحمدك كلام.
(أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي عن وكيع عن الأعمش عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي - رضي الله تعالى عنه - كان إذا تشهد قال: "بسم الله وبالله" وليسوا يقولون بهذا وقد روي عن علي - رضي الله عنه - فيه كلام كثير هم يكرهونه.
(أخبرنا الربيع) : قال (أخبرنا الشافعي) : قال أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن السدي عن عبد خير أن عليا - رضي الله عنه - قرأ في الصبح ب {سبح اسم ربك الأعلى} [الأعلى: ١] فقال سبحان ربي الأعلى وهم يكرهون هذا ونحن نستحبه وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيء يشبهه.
(أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن منصور عن الحسن عن علي - رضي الله عنه - كره الصلاة في جلود الثعالب ولسنا ولا إياهم نقول بهذا بل نقول نحن وإياهم: لا بأس بالصلاة في جلود الثعالب إذا دبغت.
(أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن علية عن أيوب عن سعيد بن جبير عن علي - رضي الله عنه - في المستحاضة تغتسل لكل صلاة ولسنا ولا إياهم نقول بهذا ولا أحد علمته.
(أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن منصور عن هلال عن وهب بن الأجدع عن علي - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «لا تصلوا بعد العصر إلا أن تصلوا والشمس مرتفعة» ولسنا ولا إياهم ولا أحد علمناه يقول بهذا بل نكره جميعا الصلاة بعد العصر والصبح نافلة ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي - رضي الله عنه - قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي دبر كل صلاة ركعتين إلا العصر والصبح» وهذا يخالف الحديث الأول (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن مهدي عن شعبة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة
قال: كنا مع علي - رضي الله تعالى عنه - في سفر فصلى العصر ثم دخل فسطاطه فصلى ركعتين وهذه الأحاديث يخالف بعضها بعضا إذا كان علي يروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان لا يصلي بعد العصر ولا الصبح فلا يشبه هذا أن يكون صلى ركعتين بعد العصر وهو يروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يصليهما
[باب الجمعة والعيدين]
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق قال: رأيت عليا - رضي الله عنه - يخطب نصف النهار يوم الجمعة ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول: لا يخطب إلا بعد زوال الشمس وكذلك روينا عن عمر وعن غيره.
(أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي عن الحسن بن صالح عن أبي إسحاق قال: رأيت عليا - رضي الله عنه - يخطب يوم الجمعة ثم لم يجلس حتى فرغ ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول: يجلس الإمام بين الخطبتين ونقول: يجلس على المنبر قبل الخطبة وكذلك فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأئمة بعده.
(أخبرنا الربيع) : قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا شريك عن العباس بن ذريح عن الحارث بن ثور أن عليا - رضي الله عنه - صلى الجمعة ركعتين ثم التفت إلى القوم فقال: أتموا ولسنا ولا إياهم ولا أحد يقول بهذا ولست أعرف وجه هذا إلا أن يكون يرى أن الجمعة عليه هو ركعتان لأنه يخطب وعليهم أربع لأنهم لا يخطبون فإن كان هذا مذهبه فليس يقول بهذا أحد من الناس.
(قال الربيع) : أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن أبي حصين عن أبي عبد الرحمن أن عليا - رضي الله عنه - قال: من كان منكم مصليا بعد الجمعة فليصل بعدها ست ركعات ولسنا ولا إياهم نقول بهذا أما نحن فنقول: يصلي أربعا.
(أخبرنا الربيع) : قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن منهال عن عباد بن عبد الله أن عليا كان يخطب على منبر من آجر فجاء الأشعث وقد امتلأ المسجد وأخذوا مجالسهم فجعل يتخطى حتى دنا وقال: غلبتنا عليك هذه الحمراء فقال علي: ما بال هذه الضياطرة يتخلف أحدهم ثم ذكر كلاما وهم يكرهون للإمام أن يتكلم في خطبته ويكرهون أن يتكلم أحد والإمام يخطب وقد تكلم الأشعث ولم ينهه علي - رضي الله عنه - وتكلم علي وأحسبهم يقولون يبتدئ الخطبة ولسنا نرى بأسا بالكلام في الخطبة تكلم فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعمر وعثمان - رضي الله عنهما -.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن شعبة عن محمد بن النعمان عن ابن قيس الأودي عن هذيل أن عليا - رضي الله عنه - أمر رجلا أن يصلي بضعفة الناس يوم العيد أربع ركعات في المسجد.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي أخبرنا أبو أحمد عن سفيان عن أبي قيس الأودي عن هذيل عن علي مثله (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن علية عن ليث عن الحكم عن حنش بن المعتمر أن عليا - رضي الله عنه - قال: صلوا يوم العيد في المسجد أربع ركعات ركعتان للسنة وركعتان للخروج.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق أن عليا - رضي الله تعالى عنه - أمر رجلا أن يصلي بضعفة الناس يوم العيد في المسجد ركعتين وهذان حديثان مختلفان ولسنا ولا
إياهم نقول بواحد منهما يقولون: الصلاة مع الإمام ولا جماعة إلا حيث هو فإن صلى قوم جماعة في موضع فليست بصلاة العيد ولا قضاء منها وهي كنافلة لو تطوع بها رجل في جماعة ونحن نقول: إذا صلاها أحد صلاها وقرأ وفعل كما يفعل الإمام فيكبر في الأولى سبعا قبل القراءة وفي الآخرة خمسا قبل القراءة.
(أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن علي - رضي الله تعالى عنه - في الفطر إحدى عشرة تكبيرة وفي الأضحى خمس وليسوا يأخذون بهذا.
[باب الوتر والقنوت والآيات]
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عبد الرحيم عن زاذان أن عليا - رضي الله تعالى عنه - كان يوتر بثلاث يقرأ في كل ركعة بتسع سور من المفصل وهم يقولون: يقرأ ب {سبح اسم ربك الأعلى} [الأعلى: ١] والثانية ب {قل يا أيها الكافرون} [الكافرون: ١] وفي الثالثة يقرأ بفاتحة الكتاب و {قل هو الله أحد} [الإخلاص: ١] وأما نحن فنقول: يقرأ فيها ب {قل هو الله أحد} [الإخلاص: ١] و {قل أعوذ برب الفلق} [الفلق: ١] و {قل أعوذ برب الناس} [الناس: ١] يفصل بين كل ركعتين والركعة بالتسليم.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي أن عليا - رضي الله عنه - كان يقنت في الوتر بعد الركوع وهم لا يأخذون بهذا يقولون يقنت قبل الركوع فإن لم يقنت قبل الركوع لم يقنت بعده وعليه سجدتا السهو (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن عطاء عن أبي عبد الرحمن أن عليا - رضي الله تعالى عنه - كان يقنت في صلاة الصبح قبل الركوع.
(أخبرنا الربيع) قال: (أخبرنا الشافعي) قال: أخبرنا هشيم عن معقل أن عليا - رضي الله عنه - قنت في صلاة الصبح وهم لا يرون القنوت في الصبح ونحن نراه للسنة الثابتة «عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قنت في الصبح» أخبرنا بذلك سفيان عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - أن «رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قنت في الصبح فقال: اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة» وذكر الحديث.
ونقول: من أوتر أول الليل صلى مثنى مثنى حتى يصبح (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا: ابن علية عن أبي هارون الغنوي عن حطان بن عبد الله قال: قال علي - رضي الله عنه - الوتر ثلاثة أنواع فمن شاء أن يوتر أول الليل أوتر ثم إن استيقظ فشاء أن يشفعها بركعة يصلي ركعتين ركعتين حتى يصبح ثم يوتر فعل وإن شاء صلى ركعتين ركعتين حتى يصبح وإن شاء أوتر آخر الليل وهم يكرهون أن ينقض الرجل وتره ويقولون: إذا أوتر صلى مثنى مثنى.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا يزيد بن هارون عن حماد عن عاصم عن أبي عبد الرحمن أن عليا - رضي الله عنه - خرج حين ثوب المؤذن فقال: أين السائل عن الوتر؟ نعم ساعة الوتر هذه ثم قرأ {والليل إذا عسعس - والصبح إذا تنفس} [التكوير: ١٧ - ١٨] وهم لا يأخذون بهذا ويقولون: ليست هذه من ساعات الوتر.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا عباد عن عاصم الأحول عن قزعة عن علي - رضي الله تعالى عنه - أنه صلى في زلزلة ست ركعات في أربع سجدات خمس ركعات وسجدتين في ركعة وركعة وسجدتين في ركعة ولسنا نقول بهذا نقول: لا يصلي في شيء من الآيات إلا في كسوف الشمس والقمر ولو ثبت هذا الحديث عندنا عن علي - رضي الله تعالى عنه - لقلنا به وهم يثبتونه ولا يأخذون به ويقولون: يصلي ركعتين في الزلزلة في كل ركعة ركعة.
(أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن يونس عن الحسن أن عليا - رضي الله تعالى عنه - صلى
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #306  
قديم 09-09-2024, 07:38 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 141,042
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السابع
الحلقة (306)
صــــــــــ 178 الى صـــــــــــ 184






في كسوف الشمس خمس ركعات وأربع سجدات ولسنا ولا إياهم نقول بهذا أما نحن فنقول بالذي روينا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربع ركعات وأربع سجدات أخبرنا بذلك مالك عن يحيى عن عمرة عن عائشة أن «النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في كسوف الشمس ركعتين وسجدتين في كل ركعة ركعتين» (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن هشام عن أبيه عن عائشة بمثله (أخبرنا الربيع) : قال: أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثله وقالوا هم يصلي ركعتين كما يصلي سائر الصلوات ولا يركع في كل ركعة ركعتين فخالفوا سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخالفوا ما رووه عن علي - رضي الله تعالى عنه -
[الجنائز]
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا محمد بن يزيد عن إسماعيل عن الشعبي عن عبد الله بن معقل قال: صلى علي على سهل بن حنيف فكبر عليه ستا.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن ابن أبي زياد عن عبد الله بن معقل أن عليا - رضي الله تعالى عنه - كبر على سهل بن حنيف خمسا ثم التفت إلينا وقال: إنه بدري وهذا خلاف الحديث الأول ولسنا ولا إياهم نأخذ بهذا التكبير عندنا وعندهم على الجنائز أربع وذلك الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمير بن سعيد أن عليا - رضي الله عنه - كبر على ابن المكفف أربعا وهذا خلاف الحديثين قبله.
(أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن أشعث عن الشعبي عن قرظة أن عليا - رضي الله تعالى عنه - أمره أن يصلي على قبر سهل بن حنيف وهم لا يأخذون بهذا ولا يقولون به يقولون: لا يصلي على قبر وأما نحن فنأخذ به لأنه موافق ما روينا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه «صلى على قبر» (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك؛ وسفيان عن الزهري عن أبي أمامة بن سهل أن «النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على قبر امرأة» (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن عثمان بن حكيم عن خارجة بن زيد عن عمه يزيد بن ثابت وكان أكبر من زيد بن ثابت الشيباني عن الشعبي عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أن «النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على قبر» .
[سجود القرآن]
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن شعبة عن عاصم عن زر عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال: عزائم السجود {الم - تنزيل} [السجدة: ١ - ٢] و {حم - تنزيل} [غافر: ١ - ٢] والنجم و {اقرأ باسم ربك الذي خلق} [العلق: ١] ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول في القرآن عدد سجود مثل هذه (أخبرنا الربيع) : قال: أخبرنا الشافعي
قال: أخبرنا هشيم عن أبي عبد الله الجعفي عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال: كان يسجد في الحج سجدتين وبهذا نقول وهذا قول العامة قبلنا يروى عن عمر وابن عمر وابن عباس وهم ينكرون السجدة الآخرة في الحج وهذا الحديث عن علي - رضي الله تعالى عنه - يخالفونه
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن محمد بن قيس عن أبي موسى أن عليا - رضي الله تعالى عنه - لما أتى بالمخدج خر ساجدا ونحن نقول: لا بأس بسجدة الشكر ونستحبها ويروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سجدها وعن أبي بكر وعمر - رضي الله تعالى عنهما - وهم ينكرونها ويكرهونها ونحن نقول: لا بأس بالسجدة لله تبارك وتعالى في الشكر.
[الصيام]
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن عبيد بن عمرو أن عليا - رضي الله تعالى عنه - نهى عن القبلة للصائم فقال: ما يريد إلى خلوف فمها ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول: لا بأس بقبلة الصائم.
(أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان وغيره عن إسماعيل عن أبي السفر عن علي - رضي الله تعالى عنه - أنه صلى الصبح ثم قال: هذا حين يبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود ولسنا ولا إياهم ولا أحد علمناه يقول بهذا إنما السحور قبل طلوع الفجر فإذا طلع الفجر حرم الطعام والشراب على الصائم.
[أبواب الزكاة]
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن أبي رافع أن عليا - رضي الله تعالى عنه - كان يزكي أموالهم وهم أيتام في حجره وبهذا نأخذ وهو موافق لما روينا عن عمر وابن عمر وعائشة في زكاة أموال اليتامى وهم يخالفونه فيقولون: ليس على مال اليتيم زكاة.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي - رضي الله عنه - أنه قال: في خمس وعشرين من الإبل خمس من الغنم ولسنا ولا إياهم ولا أحد علمناه نأخذ بهذا والثابت عندنا من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أن في خمس وعشرين بنت مخاض فإن لم تكن بنت مخاض فابن لبون ذكر» (أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا عباد بن محمد عن محمد بن يزيد عن سفيان بن حسين عن الزهري عن سالم عن أبيه أن «رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب في خمس وعشرين بنت مخاض فإن لم تكن بنت مخاض فابن لبون ذكر» وكان عمر يأمر عماله بذلك (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو كامل وغيره عن حماد بن سلمة عن ثمامة عن أنس قال: «أعطاني أبي كتابا كتبه له أبو بكر فقال: هذه فريضة الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خمس وعشرين بنت مخاض فإن لم تكن فابن لبون ذكر» .
أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا شريك عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال: إذا زادت الإبل على عشرين ومائة ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين بنت لبون.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا عمرو بن الهيثم وغيره عن شعبة عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي

رضي الله تعالى عنه - مثله وبهذا نقول وهو موافق للسنة (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا عباد ومحمد بن يزيد عن سفيان بن حسين عن الزهري عن سالم عن أبيه أن «رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين ابنة لبون» أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو كامل عن حماد بن سلمة عن ثمامة عن أنس عن أبي زكريا أنه كتب له السنة فذكر هذا وهم لا يأخذون بهذا يقولون: إذا زادت على عشرين ومائة استقبل بالفرائض أولها وكان في كل خمس شاة إلى أن يبلغ بها خمسين ومائة ثم في كل خمسين حقة وهذا قول متناقض لا أثر ولا قياس فيخالفون ما رووا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر والثابت عن علي عندهم إلى قول إبراهيم وشيء يغلط به عن علي - رضي الله تعالى عنه -.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن عبد الرحمن بن زياد عن عبد الله بن الحارث أن عثمان أهديت له حجل وهو محرم فأكل القوم إلا عليا فإنه كره ذلك ولسنا ولا إياهم نقول بهذا أما نحن فنقول بحديث أبي قتادة أن «النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم أن يأكلوا لحم الصيد وهم حرم» . أخبرنا بذلك مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي قتادة (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن صالح بن كيسان عن أبي محمد عن أبي قتادة نحوه.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن منصور عن الحسن عن علي - رضي الله تعالى عنه - فيمن أصاب بيض نعام قال: يضرب بقدرهن نوقا قيل له: فإن أربعت منهن ناقة؟ قال: فإن من البيض ما يكون مارقا ولسنا ولا إياهم ولا أحد علمناه نأخذ بهذا نقول يغرم ثمنه.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن علية عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن علي فيمن يجعل عليه المشي:؟ قال: يمشي فإن عجز ركب وأهدى بدنة وهم يقولون: يمشي إن أحب وكان مطيقا وإلا ركب وأهدى شاة ونحن نقول: ليس لأحد أن يركب وهو يستطيع أن يمشي بحال وإن عجز ركب وأهدى فإن صح مشى الذي ركب وركب الذي الذي مشى حتى أتى به كما نذر (قال الربيع) : وقد قال: الشافعي غير هذا قال: عليه كفارة يمين.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا وكيع عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن علي في هذه الآية {وأتموا الحج والعمرة لله} [البقرة: ١٩٦] قال: أن يحرم الرجل من دويرة أهله وهم يقولون: أحب إلينا أن يحرم من الميقات.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا شعبة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي مثله بهذا نقول وهو موافق للسنة.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن علية عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن علي - رضي الله تعالى عنه - في الضبع كبش.
(أخبرنا الشافعي) قال: أخبرنا ابن أبان عن سفيان عن سماك عن عكرمة أن عليا - رضي الله تعالى عنه - قضى في الضبع بكبش وبهذا يقول وهو يوافق ما ذكرنا عن عمر وعن غيره من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأما هم فيقولون: يغرم قيمتها في الموضع الذي أصابها فيه لا يجعلون فيها شيئا موقتا.
[أبواب الطلاق والنكاح]
(أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا وكيع عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن معاوية بن سويد بن مقرن أنه وجد في كتاب أبيه عن علي - رضي الله تعالى عنه - أن لا نكاح إلا بولي فإذا بلغ الحقائق النص فالعصبة أحق وبهذا نقول لأنه يوافق ما روينا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
«أيما امرأة لم ينكحها الولاة فنكاحها باطل فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له» أخبرنا بذلك الزنجي عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - وهم يقولون: إذا كان الزوج كفوا وأخذت صداق مثلها جاز النكاح وإن كان غير ولي.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا وكيع عن سفيان عن سماك بن حرب عن حنش أن رجلا تزوج امرأة فزنى بها قبل أن يدخل بها فرفع إلى علي ففرق بينهما وجلده الحد وأعطاها نصف الصداق ولسنا ولا إياهم ولا أحد علمناه يقول بهذا.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا وكيع عن سفيان عن رجل عن الشعبي عن علي - رضي الله تعالى عنه - في رجل تزوج امرأة بها جنون أو جذام أو برص قال: إذا لم يدخل بها فرق بينهما فإن كان دخل بها فهي امرأته إن شاء طلقها وإن شاء أمسك وهم يقولون: هي امرأته على كل حال إن شاء طلق وإن شاء أمسك.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن مطرف عن الشعبي عن علي - رضي الله تعالى عنه - في النصراني تسلم امرأته قال: هو أحق بها ما لم يخرجها من دار الهجرة ولسنا ولا إياهم ولا أحد علمناه يقول بهذا.
(أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن عطاء بن السائب عن عبد خير عن علي - رضي الله تعالى عنه - في الرجل يتزوج المرأة ثم يموت ولم يدخل بها ولم يفرض لها صداقا أن لها الميراث وعليها العدة ولا صداق لها وبهذا نقول إلا أن يثبت حديث بروع وقد رويناه عن ابن عمر وابن عباس وزيد بن ثابت - رضي الله عنهم - وهم يخالفونه ويقولون: لها صداق نسائها.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا يحيى بن عباد عن حماد بن سلمة عن بديل عن ميسرة عن أبي الوضيء أن أخوين تزوجا أختين فأهديت كل واحدة منهما إلى أخي زوجها فأصابها فقضى علي - رضي الله عنه - على كل واحد منهما صداق وجعله يرجع به على الذي غره وهم يخالفونه ويقولون: لا يرجع بالصداق وبه يقول: الشافعي لا يرجع بالصداق.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن علية عن جرير بن حازم عن عيسى عن عاصم الأسدي عن زاذان عن علي - رضي الله عنه - يقول في الخيار إن اختارت زوجها فواحدة وهو أحق بها ولسنا ولا إياهم نقول بهذا القول أما نحن فنقول: إن اختارت زوجها فلا شيء ويروى عن «عائشة - رضي الله تعالى عنها - قالت: خيرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاخترناه» فلم يعد ذلك طلاقا.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن منصور عن الحكم عن إبراهيم أن عليا - رضي الله تعالى عنه - قال: في الخلية والبرية والحرام ثلاثا ثلاثا ولسنا ولا إياهم نقول بهذا أما نحن: فنقول إن نوى الطلاق فهو ما نوى من الطلاق إن كانت واحدة فواحدة وإن أراد اثنتين فاثنتين ويملك الرجعة وأما هم فيقولون: إن نوى واحدة فواحدة وإن نوى اثنتين فلا يكون اثنتين (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن علية عن داود عن الشعبي عن علي - رضي الله عنه - في الحرام ثلاث ولسنا ولا إياهم نقول بهذا (أخبرنا الربيع)
قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا محمد بن يزيد ومحمد بن عبيد وغيرهما عن إسماعيل عن الشعبي عن رياش بن عدي الطائي قال: أشهد أن عليا - رضي الله عنه - جعل ألبتة ثلاثا ولسنا ولا إياهم نقول بهذا. .
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم وسفيان بن عيينة عن الشيباني عن الشعبي عن عمرو بن سلمة أن عليا - رضي الله عنه - وقف المولي.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن الشيباني عن بكير بن الأخنس عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن عليا - رضي الله تعالى عنه - وقف المولى: (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن ليث عن مجاهد عن مروان شهد عليا - رضي الله عنه - وقف المولي وهكذا نقول وهو موافق لما روينا عن عمر وابن عمر وعائشة وعثمان وزيد بن ثابت
وبضعة عشر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم وقفوا المولي وهم يخالفونه ويقولون: لا يوقف إذا مضت أربعة أشهر بانت منه.
أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا محمد بن عبيد عن إسماعيل عن الشعبي أن عليا - رضي الله عنه - كان يؤجل المتوفى عنها لا ينظر بها.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن فراس عن الشعبي قال: نقل علي - رضي الله تعالى عنه - أم كلثوم بعد قتل عمر بسبع ليال ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول بحديث «فريعة ابنة مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرها أن تمكث في بيتها حتى يبلغ الكتاب أجله» ونحن نقول بهذا وهم في المتوفى عنها والمبتوتة وهم يروون عن علي - رضي الله عنه - أنه نقل ابنته في عدتها من عمر.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن أشعث عن الحكم عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجد عن علي - رضي الله عنه - قال: العدة من يوم يموت أو يطلق وبهذا نقول ويقولون بقولنا.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عمن سمع الحكم يحدث عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجد عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال: الحامل المتوفى عنها لها النفقة من جميع المال وليسوا يقولون بهذا وينكرون هذا القول فيقولون ما نقول بهذا.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي الضحى عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال: الحامل المتوفى عنها زوجها تعتد بآخر الأجلين وليسوا يقولون بهذا.
(أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن عبد ربه بن سعيد عن أبي سلمة قال: سألت ابن عباس وأبا هريرة عن المتوفى عنها زوجها وهي حامل فقال ابن عباس: آخر الأجلين وقال أبو هريرة: إذا ولدت فقد حلت قال أبو سلمة: فدخلت على أم سلمة فسألتها عن ذلك فقالت: «ولدت سبيعة الأسلمية بعد وفاة زوجها بنصف شهر فخطبها رجلان: أحدهما شاب والآخر شيخ فخطبت إلى الشاب فقال الكهل لم تحلل وكان أهلها غيبا فرجا إذا جاء أهلها أن يؤثروه بها فجاءت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: قد حللت فانكحي من شئت» فبهذا نقول وهم يقولون بقولنا فيه وينكرون ما روي عن علي - رضي الله عنه - ويخالفونه
وعن صالح بن مسلم عن الشعبي أن عليا - رضي الله عنه - قال: في التي تتزوج في عدتها قال: تتم ما بقي من عدتها من الأول وتستأنف من الآخر عدة جديدة وكذلك نقول وهو موافق لما روينا عن عمر وهم يقولون: عليها عدة واحدة وينكرون ما روي عن علي - رضي الله عنه - ويخالفونه.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم وأبو معاوية ومحمد بن يزيد عن إسماعيل عن الشعبي عن شريح أن رجلا طلق امرأته فذكرت أنها قد حاضت في شهر ثلاث تبتت فقال علي - رضي الله عنه - لشريح: قل فيها؟ فقال: إن جاءت ببينة من بطانة أهلها يشهدون صدقت فقال له علي: قالون وقالون بالرومية أصبت وهم لا يأخذون بهذا ويخالفونه أما بعضهم فيقول: لا تنقضي العدة في أقل من أربعة وخمسين يوما.
(قال الربيع) : قول الشافعي أقل ما تنقضي العدة فيمن تحيض ثلاثة وثلاثون يوما لأن أقل الحيض يوم وليلة وأقل الطهر خمس عشرة ليلة وقال بعضهم: أقل ما تنقضي منه تسعة وثلاثون يوما وأما نحن فنقول بما روي عن علي - رضي الله عنه - لأنه موافق ما روي «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يجعل للحيض وقتا» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إنه لا تنقضي عدتها في أقل من ثلاثة وثلاثين يوما (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة - رضي الله عنها - قالت «قالت فاطمة بنت أبي حبيش لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -
إني لا أطهر أفأدع الصلاة؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما ذلك عرق وليست بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي» فلم يوقت النبي - صلى الله عليه وسلم - لها وقتا في الحيضة فيقول كذا وكذا يوما ولكنه قال: إذا أقبلت وإذا أدبرت.
وروي عن سليمان التيمي عن أبي عمرو الشيباني عن ابن مسعود في العزل قال: هو الوأد الخفي ولسنا نقول بهذا لا يرون بالعزل بأسا وروي عن عمرو بن الهيثم عن شعبة عن عاصم عن زر عن علي - رضي الله عنه - أنه كره العزل وليسوا يأخذون بهذا ولا يرون بالعزل بأسا ونحن نروي عن عدد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عنه فلم يذكر عنه نهيا (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن عمرو عن عطاء بن أبي رباح عن جابر قال: كنا نعزل والقرآن ينزل.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا يزيد بن هارون عن الأشعث عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي - رضي الله عنه - قال: اكتموا الصبيان النكاح فإن كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه ولسنا نأخذ بهذا ونقول: لا طلاق لصغير حتى يبلغ ولا نجيز طلاق المعتوه ولا المبرسم ولا النائم.
ويروى عن حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن أن عليا - رضي الله عنه - قال: لا طلاق لمكره وهم يخالفون هذا ويقولون: طلاق المكره جائز.
وحماد عن قتادة عن خلاس أن رجلا طلق امرأته فأشهد على طلاقها وراجعها وأشهد على رجعتها واستكتم الشاهدين حتى انقضت عدتها فرفع ذلك إلى علي - رضي الله عنه - ففرق بينهما ولم يجعل له عليها رجعة وعزر الشاهدين وهم يخالفون هذا ويجعلون الرجعة ثابتة.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن داود عن سماك عن أبي عطية الأسدي أنه تزوج امرأة أخيه وهي ترضع ابن أخيه فقال: والله لا أقر بها حتى تفطمه فسأل عليا - رضي الله عنه - عن ذلك فقال علي: إن كنت إنما تريد الإصلاح لك ولابن أخيك فلا إيلاء عليك وإنما الإيلاء ما كان في الغضب؛ والله أعلم.
[المتعة]
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن إسماعيل عن قيس بن أبي حازم قال: سمعت ابن مسعود يقول: «كنا نغزو مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وليس معنا نساء فأردنا أن نختصي فنهانا عن ذلك ثم رخص لنا أن ننكح المرأة إلى أجل بالشيء» وليسوا يأخذون بهذا ويخالفون ما روي عن عبد الله (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن الزهري قال حدثني حسن وعبد الله ابنا محمد بن علي عن أبيهما عن علي - رضي الله عنه - أنه قال لابن عباس أن «رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن نكاح المتعة ولحوم الحمر الأهلية زمن خيبر» (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي عن أبيهما عن علي - رضي الله عنه - أن «النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن متعة النساء يوم خيبر» (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن الزهري قال: أخبرني الربيع بن سبرة عن أبيه أن «رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن نكاح المتعة» وبهذا يقول: الشافعي.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مغيرة عن إبراهيم عن عبد الله قال: بيع الأمة طلاقها وهم يثبتون مرسل إبراهيم عن عبد الله ويروون عنه أنه قال: إذا قلت قال عبد الله فقد حدثني غير واحد من أصحابه وهم لا يقولون بقول عبد الله هذا ويقولون: لا يكون بيع الأمة طلاقها وهكذا نقول ونحتج بحديث «بريرة أن عائشة - رضي الله عنها - اشترتها ولها زوج ثم أعتقتها
فجعل لها النبي - صلى الله عليه وسلم - الخيار» ولو كان بيعها طلاقها لم يكن للخيار معنى وكانت قد بانت من زوجها بالشراء وروينا عن عثمان وعبد الرحمن بن عوف أنهما لم يريا بيع الأمة طلاقها أخبرنا بذلك سفيان عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف اشترى من عاصم بن عدي جارية فأخبر أن لها زوجا فردها.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا عمرو بن الهيثم عن شعبة عن الحكم عن سالم بن أبي الجعد عن أبيه عن ابن مسعود في الرجل يزني بامرأة ثم يتزوجها قال: لا يزالان زانيين ولسنا ولا إياهم نقول بهذا هما آثمان حين زنيا ومصيبان الحلال حين تناكحا غير زانيين وقد قال عمر وابن عباس نحو هذا.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا شريك عن أبي حصين عن يحيى بن وثاب عن مسروق عن عبد الله قال: إذا قال الرجل لامرأته: استلحقي بأهلك أو وهبها لأهلها فقبلوها فهي تطليقة وهو أحق بها وبهذا نقول إذا أراد الطلاق وهم يخالفونه ويزعمون أنها تطليقة بائنة
عبد الله بن موسى عن ابن أبي ليلى عن طلحة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: لا يكون طلاق بائن إلا خلع أو إيلاء وهم يخالفونه في عامة الطلاق فيجعلونه بائنا وأما نحن فنجعل الطلاق كله يملك الرجعة إلا طلاق الخلع وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن عمر في البتة أنها واحدة يملك فيها الرجعة.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا عمي محمد بن علي عن عبد الله بن علي بن السائب عن نافع بن عجير «عن ركانة أنه طلق امرأته ألبتة فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ما أردت؟ فقال: والله ما أردت إلا واحدة فردها إليه» (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن محمد بن عباد عن المطلب قال: قال لي عمر وطلقت امرأتي ألبتة: أمسك عليك امرأتك فإن الواحدة تبت وروي عن زيد بن ثابت في التمليك وطلقت نفسها واحدة يملك الرجعة.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال أخبرنا هشيم عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي ومغيرة عن إبراهيم عن عبد الله في الخيار إن اختارت نفسها فواحدة وهو أحق بها وهكذا نقول نحن وهم يخالفونه ويرون الطلاق فيه بائنا (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا حفص عن الأعمش عن إبراهيم في اختاري وأمرك بيدك سواء وبهذا نقول وهم يخالفونه فيفرقون بينهما أبو معاوية ويعلى عن الأعمش عن إبراهيم عن مسروق أن امرأة قالت لزوجها: لو أن الأمر الذي بيدك بيدي طلقت نفسي فقال: قد جعلت الأمر إليك فطلقت نفسها ثلاثا فسأل عمر عبد الله عن ذلك فقال: هي واحدة وهو أحق بها فقال عمر: وأنا أرى ذلك وبهذا نقول إذا جعل الأمر إليها ثم قال: لم أرد إلا واحدة فالقول قوله وهي تطليقة يملك الرجعة وهم يخالفون هذا فيجعلونها واحدة بائنة.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن سيار أبي الحكم وأبي حيان عن الشعبي أن رجلا قال: من يذبح للقوم شاة وأزوجه أول بنت تولد لي فذبح لهم رجل من القوم فأجاز عبد الله النكاح ولسنا ولا إياهم ولا أحد من الناس علمته يقول بهذا يجعلون للذابح أجر مثله ولا يكون هذا نكاحا.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن منصور عن إبراهيم عن ابن مسعود قال: يكره أن يطأ الرجل امرأته إذا فجرت أو يطأها وهي مشركة وهم لا يقولون بهذا ويقولون: لا بأس أن يطأها قبل الفجور وبعده.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن ابن أبي ليلى عن الشعبي عن عبد الله في الحامل المتوفى عنها لها النفقة من جميع المال ولسنا ولا أحد يقول بهذا إذا مات الميت وجب الميراث لأهله والله أعلم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #307  
قديم 09-09-2024, 07:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 141,042
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السابع
الحلقة (307)
صــــــــــ 185 الى صـــــــــــ 191






[ما جاء في البيوع]
(أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا إسماعيل عن الشعبي عن عبيدة قال: قال علي - رضي الله تعالى عنه: استشارني عمر في بيع أمهات الأولاد فرأيت أنا وهو أنها عتيقة فقضى به عمر حياته وعثمان بعده فلما وليت رأيت أنها رقيق ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول بقول عمر لا تباع.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن نسير بن ذعلوق عن عمرو بن راشد الأشجعي أن رجلا باع نجيبة واشترط ثنياها فرغب فيها فاختصما إلى عمر فقال: اذهبا إلى علي - رضي الله عنه - فقال علي: اذهبا بها إلى السوق فإذا بلغت أقصى ثمنها فأعطوه حساب ثنياها من ثمنها وليسوا يقولون بهذا وهو عندهم بيع فاسد فخالفوا عليا ولا نعلم له مخالفا في هذا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم يثبتون هذه الرواية عن علي - رضي الله عنه - فإن يثبتوها فيلزمهم أن يقولوا به لأنه ليس له دافع عندهم ونحن نقول: هذا فاسد.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن علية عن عثمان البتي عن الحسن أن عليا - رضي الله عنه - قضى بالخلاص وليسوا يقولون بهذا يقولون: إن استحق البائع الثمن الذي قبض ولم يكن عليه أن يخلصها بثمن ولا غير ذلك وليسوا يروون خلاف هذا عن أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فيلزمهم إذا ثبتوا هذا في أصل قولهم أن يقولوا به.
(أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا حماد بن سلمة عن عطاء الخراساني عن عبد الله بن ضمرة عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال: كسب الحجام من السحت وليسوا يأخذون بهذا ولا يرون بكسب الحجام بأسا ونحن لا نرى بذلك بأسا ونروي «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أعطى الحجام أجره» ولو كان سحتا لم يعطه إياه.
(أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم وحفص وغيرهما عن الحجاج عن ابن عمرو بن حريث عن أبيه أنه باع عليا - رضي الله عنه - درعا منسوجة بالذهب بأربعة آلاف درهم إلى العطاء وليسوا يقولون بهذا هذا عندهم بيع مفسوخ لأنه إلى غير أجل.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا حماد بن سلمة عن قتادة عن خلاس بن عمر وعن علي - رضي الله عنه - فيمن اشترى ما أحرز العدو قال: هو جائز وهم يقولون إن صاحبه إذا جاء بالخيار إن أحب أخذه بالثمن أخذه.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن عبد الله قال: لا بأس بالدرهم بالدرهمين ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول بالأحاديث التي رويت «عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن الفضة بالفضة إلا مثلا بمثل وعن الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل» وقد كان عبد الله لقي أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فنهوه فلما رجع قال: ما أرى به بأسا وما أنا بفاعله.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن ابن مسعود قال: من ابتاع مصراة فهو بالخيار إن شاء ردها وصاعا من طعام وهكذا نقول وبهذا مضت السنة وهم يزعمون أنه إذا حلبها فليس له ردها لأنه قد أخذ منها شيئا.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الله أنه قال في أم الولد تعتق من نصيب ولدها ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول بحديث عمر أنه أعتق أمهات الأولاد إذا مات ساداتهن ويقولون جميعا تعتق من رأس المال.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن علية عن
حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله أنه كره شراء المصاحف وبيعها وليسوا يقولون بهذا لا يرون بأسا ببيعها وشرائها ومن الناس من لا يرى بشرائها بأسا، ونحن نكره بيعها.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا وكيع أن عليا - رضي الله عنه - قال: لا يحل أكل الثوم إلا مطبوخا وليسوا يقولون بهذا بل ينكرونه ويقولون: ما يقول بهذا أحد ويروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن مساجدنا يؤذينا بريح الثوم» وهذا الذي نأخذ به.
[باب الديات]
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي - رضي الله عنه - قال: الخطأ شبه العمد بالخشبة والحجر الضخم ثلث حقاق وثلث جذاع وثلث ما بين ثنية إلى بازل عامها كلها خلفة وفي الخطأ خمس وعشرون بنت مخاض وخمس وعشرون حقة وخمس وعشرون جذعة وخمس وعشرون بنت لبون ونحن نروي «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في شبه العمد أربعون خلفة في بطونها أولادها» وروي عن عمر أنه قضى به ثلاثين حقة وثلاثين جذعة وأربعين خلفة وبهذا نقول وهم يقولون بخلاف هذا ويقولون: في الحجر الضخم والخشبة هذا عمد فيه القود ويعيبون مذهب صاحبهم بأنه يقول: هو خطأ.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا الطنافسي عن عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت عن الشعبي عن مسروق قال: كنت عند علي - رضي الله عنه - فأتاه ثلاثة فشهدوا على اثنين أنهما غرقا صبيا وشهد الاثنان على الثلاثة أنهم غرقوه فقضى علي - رضي الله عنه - على الثلاثة بخمسي الدية وقضى على الاثنين بثلاثة أخماس الدية ولسنا ولا أحد علمناه يقول بهذا يقولون: لولي الدم أن يدعي على إحدى الطائفتين.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا جرير عن مغيرة عن الشعبي عن علي - رضي الله عنه - في الرجل يقتل المرأة قال: إن أراد أولياء المرأة أن يقتصوا لم يكن ذلك لهم حتى يعطوا نصف الدية وليسوا يقولون بهذا يقولون: بينهما القصاص في النفس وينكرون هذا القول ويقولون: ما نعلم أحدا يقوله.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا يزيد بن هارون عن هشام عن الحسن أن عليا - رضي الله عنه - قضى بالدية اثني عشر ألفا وهم يقولون: الدية عشرة آلاف.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن أبي زائدة عن مجالد عن الشعبي عن علي - رضي الله تعالى عنه - أنه قضى في القامصة والقارصة والواقصة جارية ركبت جارية فقرصتها جارية فقمصت فوقصت المحمولة فاندق عنقها فجعلها أثلاثا وليسوا يقولون بهذا وينكرون الحكم به ويقولون: ما يقول هذا أحد ويزعمون أن ليس على الموقوصة شيء وأن ديتها على العاقلة.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا عباد بن العوام عن عمرو بن عامر عن قتادة عن خلاس عن علي - رضي الله عنه - أن غلامين كانا يلعبان بقلة فقال أحدهما: حذار، وقال الآخر: حذار فأصابت ثنيته فكسرتها فرفع إلى علي - رضي الله عنه - فلم يضمنه وهم يضمنون هذا ويخالفون ما رووا فيه.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا حماد عن قتادة عن خلاس عن علي قال: إذا أمر الرجل عبده أن يقتل رجلا فإنما هو كسيفه أو سوطه يقتل المولى ويحبس العبد في السجن.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن مطرف عن الشعبي عن أبي جحيفة قال: «قلت لعلي - رضي الله عنه: هل عندكم من النبي - صلى الله عليه وسلم - غير ما في أيدي الناس؟ قال: لا إلا أن يؤتي الله عبدا فهما في القرآن وما
في الصحيفة قلت: وما في الصحيفة؟ قال: العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مؤمن بكافر» وهم يخالفون هذا ويقولون: يقتل المؤمن بالكافر ويخالفون ما رووا عن علي - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال أخبرنا حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن عبيد بن القعقاع قال: كنت رابع أربعة نشرب الخمر فتطاعنا بمدية كانت معنا فرفعنا إلى علي - رضي الله عنه - فسجننا فمات منا اثنان فقال أولياء المتوفيين: أقدنا من الباقيين فسأل علي - رضي الله عنه - القوم ما تقولون؟ فقالوا: نرى أن تقيدهما قال: فلعل أحدهما قتل صاحبه قالوا: لا ندري قال: وأنا لا أدري وسأل الحسن بن علي - رضي الله تعالى عنهما - فقال مثل مقالة القوم فأجابه بمثل ذلك فجعل دية المقتولين على قبائل الأربعة ثم أخذ دية جراح الباقيين.
(أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا حماد بن سلمة عن سماك عن حنش بن المعتمر «أن ناسا حفروا بئرا لأسد فازدحم الناس عليها فتردى فيها رجل فتعلق برجل وتعلق الآخر بآخر فجرحهم الأسد فاستخرجوا منها فماتوا فتشاجروا في ذلك حتى أخذوا السلاح فقال علي - رضي الله تعالى عنه: لم تقتلون مائتين من أجل أربعة؟ تعالوا فلنقض بينكم بقضاء إن رضيتم وإلا فارتفعوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال للأول ربع الدية وللثاني ثلث الدية وللثالث نصف الدية وللرابع الدية كاملة وجعل الدية على قبائل الذين ازدحموا على البئر فمنهم من رضي ومنهم من لم يرض فترافعوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقصوا عليه القصة وقالوا إن عليا - رضي الله عنه - قضى بكذا وكذا فأمضى قضاء علي - رضي الله تعالى عنه -» وهم لا يأخذون بهذا.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا شعبة عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله في جراحات الرجال والنساء تستوي في السن والموضحة وما خلا فعلى النصف وهم يخالفون هذا فيقولون: على النصف من كل شيء.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا سعيد عن أبي معشر عن إبراهيم عن عبد الله في الذي يقتص منه فيموت قال: على الذي اقتص منه الدية ويرفع عنه بقدر جراحته وليسوا يقولون بهذا بل نقول نحن وهم: لا شيء على المقتص لأنه فعل فعلا كان له أن يفعله.
[باب الأقضية]
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الأجلح عن الشعبي عن «علي - رضي الله عنه - اختصم إليه ناس ثلاثة يدعون ولدا فسألهم أن يسلم بعضهم لبعض فأبوا فقال: أنتم شركاء متشاكسون ثم أقرع بينهم فجعله لواحد منهم خرج سهمه وقضى عليه بثلثي الدية فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أصبت وأحسنت» .
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا شعبة عن سلمة بن كهيل قال: سمعت الشعبي يحدث عن أبي الخليل أو ابن الخليل أن ثلاثة نفر اشتركوا في طهر فلم يدر لمن الولد فاختصموا إلى علي - رضي الله عنه - فأمرهم أن يقترعوا وأمر الذي أصابته القرعة أن يعطي للآخرين ثلثي الدية وليسوا يقولون بهذا وهم يثبتون هذا عن علي - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم يخالفونه والذي يقولونه هم ما يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فليس لأحد أن يخالفه ولو ثبت عندنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قلنا به ونحن نقول: ندعو القافة له فإن ألحقوه بأحدهم فهو ابنه وإن ألحقوه بكلهم أو لم يلحقوه بأحدهم فلا يكون له ويوقف حتى يبلغ فينتسب إلى أيهم شاء ولا يكون له أبوان في الإسلام وهم يقولون هو ابنهم يرثهم ويرثونه وهو للباقي منهم.
(أخبرنا الربيع) قال
أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا شعبة عن سماك عن أبي عبيد بن الأبرص أن رجلا استأجر نجارا يضرب له مسمارا فانكسر المسمار فخاصمه إلى علي - رضي الله عنه - فقال: أعطه درهما مكسورا وهم يخالفون هذا ولا يقولون به ونحن لا نقول به ومن ضمن الأجير ضمنه قيمة المسمار ولم يجعل له شيئا إذا لم يتم العمل فإن تم العمل فله ما استأجره عليه إن كانت الإجارة صحيحة وإن كانت الإجارة فاسدة فله أجر مثله.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو بكر بن عياش عن عبد العزيز بن رفيع عن موسى بن طريف الأسدي قال: دخل علي - رضي الله عنه - بيت المال فأضرط به وقال: لا أمسي وفيك درهم فأمر رجلا من بني أسد فقسمه إلى الليل فقال الناس: لو عوضته فقال: إن شاء ولكنه سحت وهم يخالفون هذا ويقولون: لا بأس بالجعل على القسم وهم يقولون: قال علي: سحت وهم يروون عن علي - رضي الله عنه - إن شاء أعطيته وهو سحت ونحن وهم نقول: لا يحل لأحد أن يعطي السحت كما لا يحل لأحد أن يأخذه ولا نرى عليا - رضي الله عنه - يعطي شيئا يراه سحتا إن شاء الله تعالى.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن علية عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال: أتى علي - رضي الله عنه - في بعض الأمر فقال: ما أراه إلا جورا ولولا أنه صلح لرددته وهم يخالفون هذا ويقولون: إذا كان جورا فهو مردود ونحن نروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن «من اصطلح على شيء غير جائز فهو رد» .
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا حفص بن غياث عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن حنش أن عليا - رضي الله عنه - رأى الحلف مع البينة وهم يخالفون هذا ولا يستحلفون أحدا مع بينته وهم يروون عن شريح أنه استحلف مع البينة ولا نعلمهم يروون عن أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافهما.
[باب اللقطة]
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا رجل عن شعبة عن أبي قيس قال: سمعت هذيلا يقول: رأيت عبد الله أتاه رجل بصرة مختومة فقال قد: عرفتها ولم أجد من يعرفها فقال: استمتع بها وهذا قولنا إذا عرفها سنة فلم يجد من يعرفها فله أن يستمتع بها وهكذا السنة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وحديث ابن مسعود أشبه بالسنة وقد خالفوا هذا كله ورووا حديثا عن عامر عن أبيه عن عبد الله أنه اشترى جارية فذهب صاحبها فتصدق بثمنها وقال: اللهم عن صاحبها فإن كره فلي وعلي الغرم ثم قال: هكذا نفعل باللقطة فخالفوا السنة في اللقطة التي لا حجة فيها وخالفوا حديث عبد الله بن مسعود الذي يوافق السنة وهو عندهم ثابت واحتجوا بهذا الحديث الذي عن عامر وهم يخالفونه فيما هو فيه بعينه يقولون: إن ذهب البائع فليس للمشتري أن يتصدق بثمنها ولكنه يحبسه حتى يأتي صاحبها متى جاء.
[باب الفرائض]
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا رجل عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة
عن علي - رضي الله عنه - أنه كان يشرك بين الجد والإخوة حتى يكون سادسا وليسوا يقولون بهذا أما صاحبهم فيقول: الجد أب فيطرح الإخوة وأما هم ونحن فنقول بقول زيد يقاسم الإخوة ما كانت المقاسمة خيرا له ولا ينقص من الثلث من رأس المال وهم ينكرون قول علي ويقولون ما يقول هذا أحد.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم قال: كان عمر وعبد الله يورثان الأرحام دون الموالي وكان علي - رضي الله عنه - أشدهم في ذلك وليسوا يقولون بهذا يقولون: إذا لم يكن أهل فرائض مسماة ولا عصبة ورثنا الموالي ونقول نحن لا نورث أحدا غير من سميت له فريضة أو عصبة وهم يورثون الأرحام وليسوا بعصبة ولا مسمى لهم إذا لم تكن أموال وقالوا: القول قول زيد والقياس عليه.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا رجل عن ابن أبي ليلى عن الشعبي عن الحارث عن علي - رضي الله عنه - أنه ورث نفرا بعضهم من بعض ويقولون في هذا بقولنا.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا رجل عن سفيان الثوري عن أبي قيس عن هذيل عن عبد الله أنه لم يشرك (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا وكيع عن سفيان عن منصور عن إبراهيم أن عبد الله أشرك ونحن نقول يشرك وهم يخالفونه ويقولون: لا نشرك. .
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا رجل عن سفيان الثوري عن معبد بن خالد عن مسروق عن عبد الله في ابنتين وبنات ابن وبني ابن للبنتين الثلثان وما بقي فلبني الابن دون البنات وكذلك قال: في الإخوة والأخوات للأب مع الأخوات لأب وأم ولسنا ولا أحد علمته يقول: بهذا إنما يقول الناس للبنات أو الأخوات الثلثان وما بقي فلبني الابن وبنات الابن أو الإخوة والأخوات من الأب للذكر مثل حظ الأنثيين.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم قال كان عبد الله يشرك الجد مع الإخوة فإذا كثروا أوفاه السدس ولسنا ولا أحد يقول بهذا أما نحن فنقول: إنه إذا كان مع الإخوة لم ننقصه من الثلث وأما بعضهم فكان يطرح الإخوة ويجعل المال للجد وبذلك يقولون (أخبرنا الربيع) : قال أخبر الشافعي قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم قال: كان عبد الله يجعل الأكدرية من ثمانية للأم سهم وللجد سهم وللأخت ثلاثة أسهم وللزوج ثلاثة أسهم ولسنا ولا أحد يقول: بهذا ولكنهم يقولون بما روي عن زيد بن ثابت نجعلها من تسعة للأم سهمان وللجد سهم وللأخت ثلاثة أسهم وللزوج ثلاثة أسهم ثم يقاسم الجد الأخت فيجعل بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين.
(أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي عن رجل عن الثوري عن إسماعيل بن رجاء عن إبراهيم (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عمن سمع الشعبي يقول: في جد وأم وأخت فللأخت ثلاثة أسهم وللأم سهم وللجد سهمان وليسوا يقولون بهذا إنما يقولون بقول زيد يجعلها من تسعة للأم ثلاثة أسهم وللجد أربعة أسهم وللأخت سهمان.
(أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا رجل عن شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن عبد الله قال: أهل الكتاب والمملوكون يحجبون ولا يورثون وليسوا يقولون بهذا يقولون بقول زيد لا يحجبون ولا يرثون وهم يقولون في هذا بقولنا (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا هشيم عن يونس عن ابن سيرين (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان الثوري عن الأعمش عن إبراهيم أن عبد الله سئل عن رجل مات وترك أباه مملوكا ولم يدع وارثا قال: يشترى من ماله فيعتق ثم يدفع إليه ما ترك وليسوا يقولون بهذا يقولون لا يرث المملوك ولا يورث ونحن نقول ماله في بيت المال وكذلك يقولون هم إن لم يوص به.
[باب المكاتب]
(أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن طارق عن الشعبي أن عليا - رضي الله تعالى عنه - قال: في المكاتب يعتق منه بحساب وقال ابن عمر وزيد بن ثابت هو عبد ما بقي عليه شيء وروى ذلك عمرو بن شعيب وبذلك نقول ويقولون به معنا وهم يخالفون الذي رووا عن علي - رضي الله تعالى عنه - (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا حجاج عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن الحارث عن علي - رضي الله عنه - يعتق من المكاتب بقدر ما أدى ويرث بقدر ما أدى وليسوا يقولون بهذا.
(أخبرنا الربيع) : قال (أخبرنا الشافعي) : قال أخبرنا رجل عن حماد عن قتادة عن خلاس عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال: يستسعى المكاتب بعد العجز وليسوا ولا أحد من الناس يقول: بهذا إنما نقول إذا عجز فهو رقيق وحدثنا أن عليا - رضي الله تعالى عنه - قال: لا نعجز المكاتب حتى يدخل نجما في نجم وليسوا ولا أحد من المفتين يقول بهذا نحن وهم نقول إذا حلت نجومه فإن لم يجد فهو عاجز رقيق ولا ينتظر بتعجيزه النجم الآخر وكذلك يقول: مفتو الناس لا أعلمهم يختلفون فيه.
(أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا حماد بن خالد الخياط عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن أبي الأحوص قال: قال: عبد الله: إذا أدى المكاتب قيمته فهو حر ونحن نروي عن زيد بن ثابت وابن عمر وعائشة أنه عبد ما بقي عليه شيء وبه نقول
[باب الحدود]
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا رجل عن شعبة عن سلمة بن كهيل عن الشعبي أن عليا - رضي الله تعالى عنه - جلد شراحة يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة وقال: أجلدها بكتاب الله وأرجمها بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليسوا يقولون بهذا، يقولون: ترجم، ولا تجلد، والسنة الثابتة أن تجلد البكر، ولا ترجم، وترجم الثيب ولا تجلد وقد «رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماعزا ولم يجلده، وقال لأنيس اغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها فغدا أنيس فاعترفت فرجمها» (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن أشياخه أن عليا - رضي الله تعالى عنه - جلد امرأة في الزنا وعليها درع قيل لي: جديد، وكذلك يقول المفتون، ولا أعلمهم يختلفون في ذلك. هشيم عن الشيباني عن الشعبي أن عليا نفى إلى البصرة.
ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن أشياخه أن عليا - رضي الله تعالى عنه - نفى إلى البصرة وليسوا يأخذون بهذا ويزعمون أنه لا نفى علي أحدا، وأما نحن فنأخذ به؛ لأنه موافق لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الثابتة (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك وسفيان عن ابن شهاب عن عبيد الله عن أبي هريرة وزيد بن خالد «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للرجلين اللذين اختصما إليه: لأقضين بينكما بكتاب الله عز وجل على ابنك جلد مائة وتغريب عام» ابن مهدي عن سفيان عن نسير بن ذعلوق عن خليد الثوري أن رجلا أقر عند علي بحد فجهد عليه أن يخبره ما هو فأبى فقال: اضربوه حتى ينهاكم، وهم يخالفون هذا، ولا يقولون به، ولا أعلمهم يروون عن أحد من أصحاب النبي خلاف هذا فإن كانوا يثبتون مثل هذه الرواية عن علي - رضي الله تعالى عنه - فيلزمهم أن يقولوا بهذا (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان وإسرائيل عن عبد الأعلى عن أبي جميلة عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم» وهم يخالفون هذا إلى غير فعل أحد علمته من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن نقول به وهو السنة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا بذلك مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة وزيد بن خالد «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الأمة إذا زنت فقال: إذا زنت أمة أحدكم فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم بيعوها في الرابعة ولو بضفير حبل» قال ابن شهاب: لا أدري بعد الثالثة أو الرابعة، والضفير الحبل (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن عبيد الله عن أبي هريرة وزيد بن خالد نحوه (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن أيوب بن موسى عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها الحد، ولا يثرب عليها ثم إن عادت فزنت فتبين زناها فليجلدها الحد ولا يثرب عليها فإن عادت زناها فليبعها ولو بضفير من شعر» - يعني الحبل وهم يخالفون ما رووا عن علي - رضي الله تعالى عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وما روينا نحن عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد عن حجر بن عنبس قال: شهد رجلان على رجل عند علي - رضي الله تعالى عنه - أنه سرق فقال السارق: لو كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيا لنزل عذري فأمر بالناس فضربوا حتى اختلطوا ثم دعا الشاهدين فلم يأتيا فدرأ الحد وليسوا يأخذون بهذا يقولون: لا نسترهب الشهود يقولون: نقف الشاهدين فإن شهدا وكانا عدلين قطع وإن لم يكونا عدلين لم تجز الشهادة وما علمت أحدا يأخذ بقولهم هذا (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن عاصم بن كليب عن أبيه قال: لم أر السارق قط أكثر منهم في زمان علي - رضي الله تعالى عنه - ولا رأيته قطع أحدا منهم قلت: وكيف كان يصنع؟ قال: كان يأمر الشهود أن يقطعوا وليسوا يأخذون بهذا يقولون: إذا شهد الشهود فمن شاء الحاكم أن يأمر بقطعه قطع ولا يأمر بذلك الشهود ونحن نقول بهذا ولم نعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأئمة بعده أمروا شاهدين بقطع.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن مطرف عن الشعبي أن رجلين أتيا عليا - رضي الله تعالى عنه - فشهدا على رجل أنه سرق فقطع يده ثم آتياه بآخر فقالا: هذا الذي سرق وأخطأنا على الأول فلم يجز شهادتهما على الآخر وغرمهما دية يد الأول، وقال: لو أعلمكما تعمدتما لقطعتكما، وبهذا نقول إذا قالا أخطأنا على الأول غرمتهما دية يد المقطوع وإن قالا: عمدنا أن نشهد عليه بباطل قطعت أيديهما بيده قودا، وهذا أشبه بالقياس إن كان يجوز أن يقتل اثنان بواحد فلم لا تقطع يدان بيد، واليد أقل من النفس، وإذا جاز الكثير فلم لا يجوز القليل؟ وهم يخالفون عليا - رضي الله عنه - في الشاهدين إذا تعمدا ويقولون: لا تقطع أيديهما بيد، ولا تقطع يدان بيد وهم يقولون: يقتل اثنان بواحد ولا تقطع يدان بيد.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا رجل عن رجل عن علي بن عبد الأعلى عن أبيه عن أبي حنيفة أن عليا - رضي الله عنه - أتي بصبي قد سرق بيضة فشك في احتلامه فأمر به فقطعت بطون أنامله وليسوا ولا أحد علمته يقول بهذا يقولون: ليس على الصبي حد حتى يحتلم أو يبلغ خمس عشرة (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن حماد بن زيد عن عمرو بن دينار أن عليا - رضي الله تعالى عنه - قطع من شطر القدم (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال أخبرنا هشيم عن مغيرة عن الشعبي أن عليا كان يقطع الرجل من القدم، ويدع العقب يعتمد عليه وليسوا، ولا أحد علمناه يقول بهذا القول بل يقولون:

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #308  
قديم 09-09-2024, 07:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 141,042
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السابع
الحلقة (308)
صــــــــــ 192 الى صـــــــــــ 198






تقطع الرجل من الكعب الذي فيه المفصل بين الساق والقدم.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو بكر بن عياش عن ابن حصين عن سويد بن غفلة أن عليا - رضي الله عنه - أتي بزنادقة فخرج بهم إلى السوق فحفر لهم حفرا فقتلهم ثم رمى بهم في الحفر فحرقهم بالنار وهم يخالفون هذا فيقولون: لا يحرق بالنار أحد أما نحن فروينا «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى أن يعذب أحد بعذاب الله» فقلنا به، ولا نحرق حيا ولا ميتا. ابن علية عن سليمان التيمي عن أبي عمرو الشيباني أن رجلا تنصر بعد إسلامه فأتي به إلى علي - رضي الله تعالى عنه - فجعل يعرض عليه فقال: لا أدري ما تقول غير أنه يشهد أن المسيح ابن الله فوثب إليه علي - رضي الله تعالى عنه - فوطئه، وأمر الناس أن يطئوه ثم قال: كفوا فكفوا عنه فإذا هو قد مات وهم لا يأخذون بهذا يقولون: لا يقتل الإمام أحدا بهذه القتلة ولا يقتل إلا بالسيف. .
أبو بكر بن عياش عن عاصم عن أبي المغيرة في قوم دخلوا على امرأة في دار قوم فخرج إليهم بعض أهل الدار فقتلوهم فأصبحوا وقد جاءت عشائرهم إلى علي - رضي الله تعالى عنه - فرفعوهم إليه فقال علي - رضي الله تعالى عنه: وما جمع هؤلاء في دار واحدة ليلا وقال بيده فقلبها ظهرا لبطن ثم قال: لصوص قتل بعضهم بعضا قوموا فقد أهدرت دماءهم فقال الحسن أنا أضمن هذه الدماء فقال: أنت أعلم بنفسك وليسوا يقولون بهذا أما نحن فنروي عن علي - رضي الله عنه - أن رجلا وجد مع امرأته رجلا فقتله فسئل علي - رضي الله تعالى عنه - فقال: إن لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته أخبرنا بذلك مالك عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب وبهذا نقول نحن وهم إلا أنهم يقولون في اللص يدخل دار رجل فيقتله ينظر إلى المقتول فإن لم يكن يعرف باللصوصية قتل القاتل، وإن كان يعرف باللصوصية درئ عن القاتل القتل، وكانت عليه الدية وهذا خلاف ما رووا عن علي - رضي الله تعالى عنه - ابن مهدي عن سفيان عن الشيباني عن بعض أصحابه أن رجلا أتى عليا - رضي الله تعالى عنه - برجل فقال: إن هذا يزعم أنه احتلم على أم الآخر فقال: أقمه في الشمس واضرب ظله وليسوا يقولون بهذا.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: حدثنا يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن أبي بشر عن شبيب بن أبي روح أن رجلا كان تواعد جارية له مكانا في خلاء فعلمت جارية بذلك فأتته فحسبها جاريته فوطئها ثم علم فأتى عمر فقال: ائت عليا فسأل عليا - رضي الله تعالى عنه - فقال: أرى أن تضرب الحد في خلاء، وتعتق رقبة وعلى المرأة الحد وليسوا يقولون بهذا، يقولون: يدرأ عنه الحد بالشبهة فأما نحن فنقول في المرأة: تحد كما رووا عن علي - رضي الله تعالى عنه - لأنها زنت وهي تعلم.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن حجية بن عدي قال: كنت عند علي - رضي الله تعالى عنه - فأتته امرأة فقالت: إن زوجي وقع على جاريتي فقال: إن تكوني صادقة نرجمه، وإن تكوني كاذبة نجلدك وبهذا نأخذ؛ لأن زناه بجارية امرأته كزناه بغيرها إلا أن يكون ممن يعذر بالجهالة، ويقول: كنت أرى أنها لي حلال، وهم يخالفون هذا ويدرءون عنه الحد كان جاهلا أو عالما. وعن عمرو بن شعيب قال: رأيت رجلا يستقي على بئر قد قطعت يده، وتركت إبهامه فقلت: من قطعك؟ فقال علي وهم يخالفون هذا، ويقولون: تقطع من مفصل الكف ويروى ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن علية عن سعيد بن عبد الله عن حصين بن المنذر أن عليا - رضي الله تعالى عنه - جلد الوليد في الخمر أربعين وهم يخالفون هذا، ويقولون: يجلد ثمانين ونحن نروي عن علي - رضي الله تعالى عنه - أنه جلد الوليد بالمدينة بسوط له طرفان أربعين فذلك ثمانون، وبه نقول (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا بذلك سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن محمد بن علي عن علي - رضي الله تعالى عنه -.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا رجل عن ابن أبي ذئب عن القاسم بن الوليد عن يزيد أراه ابن مذكور أن عليا - رضي الله تعالى عنه - رجم لوطيا وبهذا نأخذ نرجم اللوطي محصنا كان أو غير محصن، وهذا قول ابن عباس وسعيد بن المسيب يقول: السنة أن يرجم اللوطي أحصن أو لم يحصن "رجع الشافعي" فقال: لا يرجم إلا أن يكون قد أحصن وعكرمة يرويه عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبهم يقول: ليس على اللوطي حد، ولو تلوط وهو محرم لم يفسد إحرامه، ولا غسل عليه ما لم يمن وقد خالفه بعض أصحابه فقال: اللوطي مثل الزاني يرجم إن أحصن، ويجلد إن لم يحصن، ولا يكون اللوطي أشد حالا من الزاني، وقد بين الله عز وجل فرقا بينهما فأباح جماع النساء بوجهين: أحدهما النكاح، والآخر ملك اليمين، وحرم هذا من كل الوجوه فمن أين يشتبهان.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا الأعمش عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه قال: جاء رجل إلى علي - رضي الله عنه - فقال: إني سرقت فطرده، ثم قال: إني سرقت فقطع يده، وقال: إنك شهدت على نفسك مرتين، وهم يخالفون هذا، ويقولون حتى يقول أربع مرات، وإنما تركنا نحن أن نقول: الاعتراف بمنزلة الشهادة؛ لأن «النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أنيسا الأسلمي أن يغدو على امرأة، فإن اعترفت رجمها» ولم يقل أربع مرات، ولو كان الإقرار يشبه الشهادة كان لو أقر أربع مرات ثم رجع بطل عنه الحد، وهم يقولون: في الزنا: لا يحد الزاني حتى يقر أربعا قياسا على الشهادات، ويخالفون ما رووا عن علي - رضي الله تعالى عنه - ويقولون في السرقة: إقراره مرة وأكثر سواء، ويخالفون ما رووا عن علي - رضي الله عنه - وروينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ويدعون القياس فيه. .
وكيع عن سفيان الثوري عن سماك عن قابوس بن مخارق أن محمد بن أبي بكر كتب إلى علي يسأله عن مسلم زنى بنصرانية فكتب إليه أن أقم الحد على المسلم وادفع النصرانية إلى أهل دينها وهم يقولون أيضا: يقام الحد على النصرانية ويخالفون هذا الحديث. يزيد بن هارون عن أيوب عن قتادة عن خلاس عن علي - رضي الله عنه - في حرين باع أحدهما صاحبه فقطعهما علي جميعا وهم يخالفون هذا وينكرون القول فيه.
أبو بكر بن عياش قال: حدثني أبو حصين عن عامر الكاهلي قال: كنت عند علي - رضي الله عنه - إذ أتي برجل فقال: ما شأن هذا؟ فقالوا: يا أمير المؤمنين وجدناه تحت فراش امرأة فقال: لقد وجدتموه على نتن فانطلقوا به إلى نتن مثله فمرغوه فيه فمرغوه في عذرة وخلى سبيله وهم يخالفون هذا ويقولون: يضرب ويرسل وكذلك قول المفتين لا يختلفون في ذلك.
سفيان عن مطرف عن الشعبي عن ابن مسعود أنه كان يقول: لا نرى على الذي يصيب وليدة امرأته حدا ولا عقرا، رجل عن شعبة عن منصور عن ربعي بن خراش عن عبد الله أن رجلا أتاه فذكر له أنه أصاب جارية امرأته فقال: استغفر الله ولا تعد، وهم يخالفون هذا ويقولون: يعزر، وأما نحن فنقول: إن كان من أهل الجهالة، وقال: قد كنت أرى أنها حلال لي فإنا ندرأ عنه الحد وعزرناه وإن كان عالما حددناه حد الزاني.
ابن مهدي عن سفيان عن عيسى بن أبي عزة عن الشعبي عن ابن مسعود «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطع سارقا في قيمة خمسة دراهم» ونحن نأخذ بهذا إلا أنا نقطع في ربع دينار وخمسة دراهم في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر من ربع دينار، وهم يخالفون هذا، ويقولون: لا قطع في أقل من عشرة دراهم.
رجل عن شعبة عن الأعمش عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله أنه وجد امرأة مع رجل في لحافها على فراشها فضربه خمسين فذهبوا فشكوا ذلك إلى عمر - رضي الله عنه - فقال: لم فعلت ذلك؟ قال: لأني أرى ذلك، قال: وأنا أرى ذلك وأصحابنا يذهبون إلى أنه يبلغ بالتعزير هذا وأكثر منه إلى ما دون الثمانين بقدر الذنوب وهم يقولون: لا يبلغ بالتعزير في شيء أربعين فيخالفون ما رووا
عن عمر وابن مسعود - رضي الله عنهما -.
يزيد بن هارون عن ابن أبي عروبة عن حماد عن إبراهيم عن عبد الله في أم الولد تزني بعد موت سيدها تجلد وتنفى وهم لا يقولون بهذا يقولون: لا ينفى أحد زان ولا غيره ونحن نقول: ينفى الزاني بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما روي عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وأبي الدرداء وعمر بن عبد العزيز - رضي الله عنهم - كلهم قد رأوا النفي.
جرير عن منصور عن زيد بن وهب أن عبد الله دخل المسجد والإمام راكع فركع ثم دب راكعا، ابن عيينة عن عمرو عن أبي عبيدة عن رجل عن مجالد عن الشعبي عن عمه قيس بن عبد عن عبد الله مثله وهكذا نقول نحن، وقد فعل هذا زيد بن ثابت وهم ينهون عن هذا ويخالفونه.
ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي عبيدة قال: كان عبد الله يصلي الصبح نحوا من صلاة أمير المؤمنين يعني ابن الزبير وكان ابن الزبير يغلس
رجل عن شعبة عن سلمة بن كهيل عن أبي عمرو والشيباني قال: كان عبد الله يصلي بنا الصبح بسواد أو قال: بغلس فيقرأ بسورتين وبهذا جاءت السنة، وهو قولنا، وهم يخالفونه ويقولون: بل يسفر، والذي أخذنا به أن سفيان أخبرنا عن الزهري عن عروة عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الصبح فتنصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس» ، مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة مثله.
ابن علية عن عوف عن سيار بن سلمة أبي المنهال «عن أبي برزة الأسلمي أنه سمعه يصف صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: كان يصلي الصبح ثم ينصرف، وما يعرف الرجل منا جليسه، وكان يقرأ بالستين إلى المائة» .
ابن إدريس عن الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر خمسا فقيل له: زيد في الصلاة، أو قالوا: صليت خمسا فاستقبل القبلة فسجد سجدتين» ، رجل عن شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله وبهذا نأخذ وهو يوافق ما روينا عن أبي هريرة وابن عمر - رضي الله تعالى عنهم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قصة ذي اليدين وهم لا يأخذون بهذا ويزعمون أنه إن لم يكن جلس في الرابعة قدر التشهد فسدت صلاته أبو معاوية وحفص عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تكلم ثم سجد سجدتي السهو بعد السلام» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وذلك لأنه إنما ذكر السهو بعد السلام فسئل فلما استيقن أنه قد سها سجد سجدتي السهو ونحن نأخذ بهذا.
مالك عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد عن أبي هريرة عن أبي أسامة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر، ابن علية وهشيم عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن الحصين «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال أبو هريرة وابن عمر في ركعتين وقال عمران في ثلاث فقال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت فقال: كل ذلك لم يكن ثم أقبل على الناس فقال: أكما يقول ذو اليدين؟ فقالوا: نعم فاستقبل القبلة فأتم ما بقي من صلاته ثم سجد سجدتي السهو» وهم يخالفون هذا كله ويقولون: لا يسجد للسهو بعد الكلام.
رجل عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن عبد الرحمن بن يزيد «عن عبد الله قال: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة قط إلا لوقتها إلا بالمزدلفة فإنه جمع بين المغرب والعشاء وصلى الصبح يومئذ قبل وقتها» (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولو كان صلاها بعد الفجر لم يقل قبل وقتها، ولقال في وقتها الأول، ابن مهدي عن شعبة عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال: كان عبد الله يصلي الصبح بجمع ولو أن متسحرا تسحر لجاز ذلك (قال: الشافعي) ولم يختلف أحد في أن لا يصلي أحد الصبح غداة جمع، ولا في غيرها إلا بعد الفجر، وهم يخالفونه أيضا في قوله: «إن النبي - صلى الله عليه وسلم -
لم يجمع إلا بين المغرب والعشاء» فيزعمون أن الإمام يجمع بين الظهر والعصر بعرفة وكذلك نقوله نحن للسنة التي جاءت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد روى ذلك حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر قال: «فراح النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة حين زالت الشمس فخطب ثم صلى الظهر والعصر معا» وروينا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الصلاتين في غير ذلك الموطن، مالك عن نافع عن ابن عمر قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا عجل به السير يجمع بين المغرب والعشاء» ، مالك عن أبي الزبير عن أبي الطفيل عن معاذ بن جبل «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في سفره إلى تبوك» ، أخبرنا الليث عن عقيل بن خالد عن الزهري عن أنس بن مالك قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا ارتحل قبل أن تزول الشمس أخر الظهر حتى يدخل أول وقت العصر ثم ينزل فيصليهما معا» ، أخبرنا أبو خالد الأحمر عن ابن عجلان عن حسين بن عبد الله عن كريب مولى ابن عباس عن «ابن عباس أنه قال: ألا أخبركم عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السفر كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا زالت الشمس وهو في المنزل جمع بين الظهر والعصر في وقت الظهر وإذا ارتحل قبل الزوال أخر الظهر حتى يصليها في وقت العصر، وهذه مواطن قد جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها غير عشية عرفة وليلة جمع» .
ابن علية عن أيوب عن محمد بن عجلان أن ابن مسعود كان يقرأ في الآخرتين بفاتحة الكتاب، وبهذا نقول: ولا يجزيه إلا أن يقرأها فإن نسي أعاد وهم يقولون: إن شاء قرأ وإن شاء لم يقرأ وإن شاء سبح، محمد بن عبيد عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه «أن عبد الله صلى به وبعلقمة فأقام أحدهما عن يمينه، والآخر عن يساره وقال: هكذا كان يفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -» وليسوا يقولون بهذا، ونحن معهم يكونان خلف الإمام فأما نحن فنأخذ بحديث مالك عن إسحاق بن عبد الله عن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قوموا لأصلي لكم فقمت إلى حصير فنضحته بماء فقام عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا فصلى بنا ركعتين ثم انصرف» ، أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن أبيه قال: دخلت على عمر بالهاجرة فوجدته يسبح فقمت وراءه فقربني حتى جعلني حذاءه عن يمينه فلما جاء يرفأ تأخرت فصففنا وراءه.
أخبرنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة والأسود قالا: دخلنا على عبد الله في داره فصلى بنا فلما ركع طبق بين كفيه فجعلهما بين فخذيه فلما انصرف قال: كأني أنظر إلى اختلاف أصابع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين فخذيه، وأقام أحدنا عن يمينه، والآخر عن يساره، وليسوا يقولون: بهذا ولا نحن أما نحن فنأخذ بحديث رواه يحيى القطان عن عبد الحميد بن جعفر قال: حدثني محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي حميد الساعدي أنه سمعه في عدة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أحدهم أبو قتادة يقول «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ركع وضع يديه على ركبتيه» ، أخبرنا ابن علية عن محمد بن إسحاق قال: حدثني علي بن يحيى بن خلاد الزرقي عن أبيه عن عمه رفاعة عن رافع «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل: إذا ركعت فضع يديك على ركبتيك» . أخبرنا شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة قال: صلى عبد الله بأصحابه الجمعة ضحى وقال: خشيت الحر عليكم وليسوا يقولون بهذا، ولا يقول به أحد صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر وعثمان والأئمة بعد في كل جمعة بعد زوال الشمس. أخبرنا يحيى بن عباد عن شعبة عن إبراهيم بن مهاجر عن إبراهيم النخعي عن الأسود عن عبد الله أنه كان يوتر بخمس أو سبع. سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الله أنه كان يكره أن يكون ثلاثا وتر، ولكن خمسا أو سبعا وليسوا يقولون
بهذا يقولون: صلاة الليل مثنى مثنى إلا الوتر فإنها ثلاث متصلات لا يصلى الوتر أكثر من ثلاث، وأما نحن فنقول بالسنة الثابتة أخبرنا مالك عن نافع وعبد الله بن دينار عن ابن عمر «أن رجلا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة الليل فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى» أخبرنا سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر مثله أخبرنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول «صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح فليوتر بواحدة» .
سفيان عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله هشيم وأبو معاوية وابن علية وغير واحد عن ابن عون وعاصم عن ابن سيرين عن يحيى بن الجزار أظنه عن عبد الله أنه صلى، وعلى بطنه فرث ودم وليسوا يقولون بهذا يقولون: إذا كان على بطنه مقدار الدرهم الكبير أعاد الصلاة وإن كان أقل لم يعد ولم نعلم أحدا ممن مضى قال: إذا كان الدم في الثوب أو على الجسد مقدار الدرهم أعاد الصلاة، وإن كان أقل لم يعد.
أخبرنا هشيم عن حصين عن خارجة بن الصلت أن ابن مسعود ركع فمر به رجل فقال: السلام عليك يا أبا عبد الرحمن فقال: عبد الله صدق الله ورسوله فلما قضى صلاته قيل له كأن الرجل راعك قال: أجل إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول «لا تقوم الساعة حتى تتخذ المساجد طرقا وحتى يسلم الرجل على الرجل للمعرفة» وليسوا يقولون بهذا وهو عندهم نقض للصلاة إذا تكلم بمثل هذا حين يريد به الجواب وهم لا يروون خلاف هذا عن أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن مسعود روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن الكلام في الصلاة ولو كان هذا عنده من الكلام المنهي عنه لم يتكلم به.
أخبرنا يزيد بن هارون عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه قال: رأيت ابن مسعود إذا مر بين يديه رجل وهو يصلي التزمه حتى يرده ونحن نقول بهذا وهو يوافق ما روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم لا يأخذون به، وأحسبهم يقولون: إن هذا ينقض الصلاة ولا يروون قولهم هذا عن أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويدعون قول عبد الله وهو موافق السنة.
أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: إذا أدركت ركعة من الجمعة فأضف إليها أخرى، وإذا فاتك الركوع فصل أربعا وبهذا نقول؛ لأنه موافق معنى ما روينا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد خالف هذا بعضهم فزعم أنه إذا لم يدرك الخطبة صلى أربعا رجع بعضهم إلى أن قال مثل قولنا، وقال بعضهم: إذا أدرك الإمام في شيء من الصلاة وإن كان جالسا صلى ركعتين فخالف هذا الحديث والذي قبله.
أخبرنا رجل عن الأعمش عن المسيب بن رافع عن عامر بن عبدة قال: قال عبد الله: هيئت عظام ابن آدم للسجود فاسجدوا حتى بالمرافق وليسوا يقولون بهذا ولا نعلم أحدا يقول بهذا فأما نحن فأخبرنا سفيان عن داود بن قيس عن «عبيد الله بن عبد الله بن أقرم الخزاعي عن أبيه قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقاع من نمرة ساجدا فرأيت بياض إبطيه» أخبرنا سفيان قال: أخبرنا عبد الله ابن أخي يزيد بن الأصم عن عمه يزيد بن الأصم عن ميمونة أنها قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سجد لو أرادت بهيمة أن تمر من تحته لمرت مما يجافي» أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم قال: خبط عبد الله الحصا بيده خبطة في المسجد فقال: لبيك وسعديك.
رجل عن الشيباني عن عبد الرحمن بن الأسود عن عمه عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله نحوه وهذا عندهم فيما أعلم كلام في الصلاة يكرهونه، وأما نحن فنقول: كل شيء من الكلام خاطبت به الله عز وجل: ودعوته به فلا بأس به، وذلك؛ لأن سفيان حدثنا عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة
رضي الله عنه - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رفع رأسه من الركعة الآخرة من صلاة الصبح قال: اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين بمكة اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف» وهم يخالفون هذا كله ويقولون: القنوت قبل الركوع.
ابن مهدي عن سفيان الثوري عن الأعمش عن عمارة عن الأسود قال: كان عبد الله لا يقصر الصلاة إلا في حج أو عمرة وهم يخالفون هذا ويقولون: تقصر الصلاة في كل سفر بلغ ثلاثا، وغيرهم يقول: كل سفر بلغ ليلتين أخبرنا إسحاق بن يوسف وغيره عن محمد بن قيس عن عمران بن عمير مولى ابن مسعود عن أبيه قال: سافرت مع ابن مسعود إلى ضيعة بالقادسية فقصر الصلاة بالنجف وليسوا، ولا أحد علمته من المفتين يقول بهذا، أما هم فيقولون: تقصر الصلاة في أقل من مسيرة ثلاث ليال قواصد، ولا أعلمهم يروون هذا عن أحد ممن مضى ممن قوله حجة بل يروون عن حذيفة خلاف قولهم رواه أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال: استأذنت حذيفة من المدائن فقال: آذن لك على أن لا تقصر حتى ترجع، وهم يخالفون هذا ويقولون: يقصر من الكوفة إلى المدائن وأما نحن فنأخذ في القصر بقول ابن عمر وابن عباس تقصر الصلاة في مسيرة أربع برد، أخبرنا بذلك ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء بن يسار عن ابن عباس قال: تقصر الصلاة إلى عسفان وإلى الطائف وجدة، وهذا كله من مكة على أربعة برد ونحو من ذلك، أخبرنا مالك عن نافع عن سالم عن ابن عمر أنه خرج إلى ذات النصيب فقصر الصلاة قال مالك: وهي أربع برد وهم يخالفون روايتهم عن حذيفة وابن مسعود وروايتنا عن ابن عباس وابن عمر - رضي الله عنهم -، ابن مهدي عن سفيان الثوري عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال: قال عبد الله: لا تغيروا بسوادكم فإنما سوادكم من كوفتكم يعني لا تقصروا الصلاة إلى السواد وهم يقولون: إن أراد من السواد مسيرة ثلاث قصر إليه الصلاة، وهذه أحاديث يروونها في صلاة السفر مختلفة يخالفونها كلها.
ابن مهدي عن سفيان عن أشعث بن سليم عن عبد الله بن زياد قال: سمعت عبد الله يقرأ في الظهر والعصر وهذا عندنا لا يوجب سهوا، ولا نرى بأسا إن تعمد الجهر بالقراءة ليعلم من خلفه أنه يقرأ، وهم يكرهون هذا يكرهون أن يجهر بشيء من القراءة في الظهر والعصر ويوجبون السهو على من فعله، ونحن نوافق هذا، وهم يخالفونه.
ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن الأسود أن عبد الله كان يكبر من صلاة الصبح من يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر، ابن مهدي عن سفيان الثوري عن غيلان بن جامع عن عمرو بن مرة عن أبي وائل عن عبد الله مثله وليسوا يقولون بهذا يقولون: يكبر من صلاة الصبح يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق وأما نحن فنقول بما روي عن ابن عمر وابن عباس يكبر من صلاة الظهر من يوم النحر إلى صلاة الصبح من آخر أيام التشريق فنترك قول ابن مسعود لقول ابن عباس وابن عمر وأما هم فيخالفون قول من سمينا، وما رووا عن ابن مسعود معا، والذي قلنا أشبه الأقاويل، والله تعالى أعلم بما يعرف أهل العلم، وذلك أن للتلبية وقتا تنقضي إليه، وذلك يوم النحر، وأن التكبير إنما يكون خلف الصلاة، وأول صلاة تكون بعد انقضاء التلبية يوم النحر صلاة الظهر وآخر صلاة تكون بمنى صلاة الصبح من آخر أيام التشريق.
ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن سليم بن حنظلة قال: قرأت السجدة عند عبد الله فنظرت إليه فقال: أنت أعلم فإذا سجدت سجدنا وبهذا نقول ليست السجدة بواجبة على من قرأ، وعلى من سمع وأحب إلينا أن يسجد وإذا سجد القارئ أحببنا للسامع أن يسجد، وقد روينا هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن عمر، ورووا ذلك عن ابن مسعود وهم يخالفون هذا ويزعمون أنها واجبة على السامع أن يسجد، وإن لم
يسجد الإمام فيخالفون روايتهم عن ابن مسعود وروايتنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن عمر، ابن عيينة عن عبدة عن زر بن حبيش عن ابن مسعود أنه كان لا يسجد في "ص" ويقول: إنما هي توبة نبي
ابن عيينة عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سجدها وهم يخالفون ابن مسعود ويقولون: هي واجبة.
ابن علية عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن علقمة عن عبد الله في الصلاة على الجنائز لا وقت ولا عدد، رجل عن شعبة عن رجل قال: سمعت زر بن حبيش يقول: «صلى عبد الله عن رجل ميت فكبر عليه خمسا، ونحن نروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كبر أربعا» ، مالك عن ابن شهاب عن سعيد عن أبي هريرة «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كبر على النجاشي أربعا» ، ولم يرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قط أنه كبر على ميت إلا أربعا، وهم يقولون قولنا، ونقول: التكبير على الجنائز أربعا أربعا لا يزاد فيها ولا ينقص فخالفوا ابن مسعود وقالوا في هذا بروايتنا.
أخبرنا هشيم عن يزيد بن أبي زياد عن أبي جحيفة عن عبد الله أنه كان إذا رفع رأسه من الركوع قال "اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد" ونحن نستحب هذا، ونقول به لأنه موافق ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم يكرهون هذا كراهة شديدة.
أخبرنا إسحاق بن يوسف الأزرق عن سفيان عن أبي إسحاق عن علقمة عن عبد الله قال: صلى العصر قدر ما يسير الراكب فرسخين وهم يقولون: تؤخر العصر قدر ما يسير الراكب فرسخا فيخالفون ما رووا ما لم يدخل الشمس صفرة وأما نحن فنقول: يصلي العصر في أول وقتها لأنا روينا «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي العصر ثم يذهب الذاهب إلى قباء فيأتيهم، والشمس بيضاء نقية» .
هشيم عن منصور عن الحسن عن رجل من هذيل أن ابن مسعود كان يقرأ بفاتحة الكتاب في الجنائز وهم يخالفون هذا، ولا يقرءون على الجنائز، وأما نحن فنقول: بهذا نقول: يقرأ الإمام بفاتحة الكتاب، أخبرنا بذلك إبراهيم بن سعد عن أبيه عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال: صليت خلف ابن عباس على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة وجهر حتى أسمعنا فلما فرغ أخذت بيده فسألته عن ذلك فقال: سنة وحق، أخبرنا ابن علية عن ابن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد قال: سمعت ابن عباس يجهر بفاتحة الكتاب على الجنائز ويقول: إنما فعلت لتعلموا أنها سنة.
أخبرنا إسحاق بن يوسف عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: التكبير تحريم الصلاة، وانقضاؤها التسليم وليسوا يقولون بهذا يزعمون أن من جلس مقدار التشهد فقد تمت صلاته، ولا شيء عليه وأما نحن فنقول: تحريم الصلاة التكبير وانقضاؤها التسليم؛ لأنه يوافق ما روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرنا سعيد بن سالم عن سفيان الثوري عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن الحنفية عن علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مفتاح الصلاة الوضوء وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم» وهكذا نقول: لا يخرج من الصلاة حتى يسلم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل حد الخروج من التسليم فكل حدث كان يفسد الصلاة فيما بين التكبير إلى التسليم فهو يفسدها؛ لأن من الدخول فيها إلى الخروج منها صلاة فلا يجوز أن يكون في صلاة فيعمل ما يفسدها، ولا تفسد.
هشيم عن حصين قال: أخبرني الهيثم أنه سمع ابن مسعود يقول: لأن أجلس على الرضف أحب إلي من أن أتربع في الصلاة وهم يقولون: قيام صلاة الجالس التربع ونحن نكره ما يكره ابن مسعود من تربع الرجل في الصلاة وهم يخالفون ابن مسعود ويستحبون التربع في الصلاة. .
أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد قال: صلى عثمان بمنى أربعا «فقال: عبد الله صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ركعتين» ومع أبي بكر ركعتين ومع عمر ركعتين ثم تفرقت بكم الطرق قال الأعمش فحدثني
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #309  
قديم 09-09-2024, 07:57 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 141,042
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السابع
الحلقة (309)
صــــــــــ 199 الى صـــــــــــ 205





معاوية بن قرة أن عبد الله صلاها بعد أربعا فقيل له: عبت على عثمان وتصلي أربعا قال: الخلاف شر وهم يقولون: لا يصلح للمسافر أن يصلي أربعا فإن صلى أربعا فلم يجلس في الثانية مقدار التشهد فسدت صلاته فيروون عن عبد الله أنه فعل ما إن فعله أحد فسدت صلاته.
أخبرنا حفص عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد قال: كان عبد الله يكره أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث، وهم يستحبون أن يقرأ في أقل من ثلاث أخبرنا وكيع عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال: رأيت عبد الله يحك المعوذتين من المصحف ويقول: لا تخلطوا به ما ليس منه وهم يروون «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قرأ بهما في صلاة الصبح» وهما مكتوبتان في المصحف الذي جمع على عهد أبي بكر ثم كان عند عمر ثم عند حفصة ثم جمع عثمان عليه الناس، وهما من كتاب الله عز وجل وأنا أحب أن أقرأ بهما في صلاتي.
أخبرنا ابن مهدي وغيره عن سفيان الثوري عن ابن إسحاق عن هبيرة بن يريم قال: كان عبد الله يعطينا العطاء في زبل صغار ثم يأخذ منها زكاة، وهم يقولون: لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول، ولا نأخذ من العطاء ونحن نروي عن أبي بكر أنه كان لا يأخذ من العطاء زكاة وعن عمر وعثمان ونحن نقول بذلك أخبرنا ابن علية وابن أبي زائدة عن ليث عن مجاهد عن ابن مسعود أنه كان يقول لولي اليتيم: أحص ما مر من السنين فإذا دفعت إليه ماله قلت له قد أتى عليه كذا وكذا فإن شاء زكى وإن شاء ترك ولو كان ابن مسعود لا يرى عليه زكاة لم يأمره بالإحصاء؛ لأن من لم تجب عليه زكاة لا يؤمر بإحصاء السنين كما لا يؤمر الصبي بإحصاء سنيه في صغره للصلاة، ولكن كان ابن مسعود يرى عليه الزكاة، وكان لا يرى أن يزكيها الولي، وكان يقول: يحسب الولي السنين التي وجبت على الصبي فيها الزكاة فإذا بلغ الصبي، ودفع إليه ماله أعلمه ذلك، وهم يقولون: ليس في مال الصبي زكاة ونحن نقول: يزكي لأنا روينا ذلك عن عمر وعلي وعائشة وابن عمر وروينا ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرنا بذلك عبد المجيد عن ابن جريج عن يوسف بن ماهك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ابتغوا في أموال اليتامى لئلا تذهبها أو تستهلكها الصدقة» .
[باب الصيام]
أخبرنا ابن مهدي عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن عبيد بن عمير أن عليا سئل عن القبلة للصائم فقال: ما يريد إلى خلوف فمها وليسوا يقولون بهذا يقولون: لا بأس بقبلة الصائم.
أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن أبي السفر عن علي - رضي الله عنه - أنه صلى الصبح ثم قال: هذا حين يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود وليسوا ولا أحد علمناه يقول بهذا إنما السحور قبل طلوع الفجر فإذا طلع الفجر فقد حرم الطعام والشراب على الصائم.
أخبرنا رجل عن الشيباني عن أبي ماوية أن عليا - رضي الله عنه - خرج يستسقي يوم عاشوراء فقال: من كان منكم أصبح صائما فليتم صيامه ومن كان مفطرا فلا يأكل وليسوا يقولون بهذا يقولون: من أصبح مفطرا فلا يصوم.
أخبرنا رجل من شعبة عن أبي إسحاق عن عبد الله بن مرة عن الحارث عن علي - رضي الله عنه - أنه كره صوم يوم الجمعة وهم يستحبون صوم يوم الجمعة فيخالفون عليا - رضي الله تعالى عنه -.
أخبرنا رجل عن شعبة عن منصور عن هلال بن يساف عن
عبد الله أنه كره القبلة للصائم وليسوا يأخذون بهذا، وأما نحن فنروي «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قبل وهو صائم» وعن غير واحد من أصحابه، ونقول: لا بأس أن يقبل الصائم.
أخبرنا ابن مهدي وإسحاق الأزرق عن سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن المستورد بن الأحنف قال: جاء رجل فصلى معه الظهر فقال: إني ظللت اليوم لا صائم ولا مفطر كنت أتقاضى غريما لي فماذا ترى؟ قال: إن شئت صمت وإن شئت أفطرت أخبرنا رجل بشر بن السري وغيره عن سفيان الثوري عن الأعمش عن طلحة عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن أن حذيفة بدا له بعد ما زالت الشمس فصام وهم لا يرون هذا، ويزعمون أنه لا يكون صائما حتى ينوي الصوم قبل الزوال أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمارة عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله قال: أحدكم بالخيار ما لم يأكل أو يشرب وأما نحن فنقول: المتطوع بالصوم متى شاء نوى الصيام فأما من عليه صوم واجب فعليه أن ينويه قبل الفجر والله أعلم. .
[باب الحج]
(قال الشافعي) - رحمه الله - أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن عبد الله قال: الحج أشهر معلومات ليس فيها عمرة وليسوا يأخذون بذلك، ويزعمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرن الحج والعمرة في أشهر الحج، وأما نحن فروينا أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - الذين خرجوا معه في حجته منهم من قرن الحج مع العمرة، ومنهم من تمتع بالعمرة إلى الحج، ومنهم من أفرد الحج أخبرنا بذلك مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «وأفرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحج» فبهذا قلنا: لا بأس بالعمرة في أشهر الحج وقد كان ابن مسعود فيمن شهد تلك الحجة فيما علمنا.
أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة قال: قال لي عمر: يا أبا أمية حج واشترط فإن لك ما شرطت ولله عليك ما اشترطت وهم يخالفون هذا، ولا يرون الشرط شيئا وأما نحن فنقول: يشترط وله الشرط لأنه موافق ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر ضباعة بنت الزبير بالشرط وما روي عن عائشة أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر ضباعة بنت الزبير فقال: أما تريدين الحج؟ فقالت إني شاكية فقال: حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني» أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه قال: قالت لي عائشة يا ابن أختي هل تستثني إذا حججت؟ قلت: ماذا أقول؟ قالت: قل اللهم الحج أردت، وله عمدت فإن يسرته فهو الحج، وإن حبسني حابس فهي عمرة.
أخبرنا ابن عيينة عن منصور عن أبي وائل عن مسروق عن عبد الله أنه لبى على الصفا في عمرة بعد ما طاف بالبيت وليسوا ولا أحد من الناس علمناه يقول بهذا، وإنما اختلف الناس عندنا فمنهم من قال: يقطع التلبية في العمرة إذا دخل الحرم وهو قول ابن عمر، ومنهم من قال: إذا استلم الركن وهو قول ابن عباس وبهذا نقول
أخبرنا رجل عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس وبه يقولون هم أيضا فأما بعد الطواف بالبيت فلا يلبي أحد
أخبرنا ابن مهدي عن شعبة عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله قال: «كانت تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك» وليسوا ولا أحد علمناه يقول هذا فخالفوه؛ لأن تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم المسلمين إلى اليوم زيادة على هذه التلبية والملك لا شريك لك.
أخبرنا ابن مهدي عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق
عن عبد الرحمن بن يزيد أن عبد الله تنفل بين المغرب والعشاء بجمع وليسوا يقولون بهذا بل ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلاهما ولم يصل بينهما شيئا أخبرنا الوليد بن مسلم عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن سالم عن أبيه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع بين المغرب والعشاء ولم يتطوع بينهما ولا على أثر واحدة منهما» وبهذا نقول: أخبرنا ابن علية عن أبي حمزة ميمون عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله قال: نسكان أحب إلي أن يكون لكل منهما شعث وسفر وهم يزعمون أن القرآن أفضل وبه يفتون من استفتاهم وعبد الله كان يكره القرآن أخبرنا سفيان عن عبد الكريم الجزري عن أبي عبيدة عن عبد الله أنه حكم في اليربوع جفرا أو جفرة، وهم يخالفونه ويقولون: نحكم فيه بقيمته في الموضع الذي يصاب فيه، ولو يبلغ أن يكون غير جفرة لم يهد إلا الثني فصاعدا ما يكون أضحية فيخالفونه من وجهين ولا يقولون علمته في قولهم هذا بقول أحد من السلف وأما نحن فنقول به؛ لأنه مثل ما روينا عن عمر وهو قول عوام فقهائنا. والله أعلم. .
[كتاب اختلاف مالك والشافعي]
- رضي الله عنهما - أخبرنا أبو محمد الربيع بن سليمان المرادي المؤذن صاحب الشافعي - رحمه الله تعالى - قال: سألت الشافعي بأي شيء تثبت الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: قد كتبت هذه الحجة في كتاب "جماع العلم" فقلت: أعد من هذا مذهبك ولا تبال أن يكون فيه في هذا الموضع فقال الشافعي: إذا حدث الثقة عن الثقة حتى ينتهي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا نترك لرسول الله حديثا أبدا إلا حديثا وجد عن رسول الله حديث يخالفه، وإذا اختلفت الأحاديث عنه فالاختلاف فيها وجهان: أحدهما أن يكون بها ناسخ ومنسوخ فنعمل بالناسخ ونترك المنسوخ، والآخر أن تختلف، ولا دلالة على أيها الناسخ فنذهب إلى أثبت الروايتين فإن تكافأتا ذهبت إلى أشبه الحديثين بكتاب الله وسنة نبيه فيما سوى ما اختلف فيه الحديثان من سنته ولا يعدو حديثان اختلفا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يوجد فيهما هذا أو غيره مما يدل على الأثبت من الرواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا كان الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا مخالف له عنه، وكان يروى عمن دون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديث يوافقه لم يزده قوة، وحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - مستغن بنفسه، وإن كان يروى عمن دون رسول الله حديث يخالفه لم ألتفت إلى ما خالفه وحديث رسول الله أولى أن يؤخذ به، ولو علم من روى خلاف سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنته اتبعها إن شاء الله فقلت للشافعي: أفيذهب صاحبنا هذا المذهب؟ قال: نعم في بعض العلم وتركه في بعض قلت: فاذكر ما ذهب إليه صاحبنا من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - مما لم يرو عن الأئمة أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي شيئا يوافقه، فقال: نعم سأذكر من ذلك - إن شاء الله - ما يدل على ما وصفت، وأذكر أيضا ما ذهب إليه من حديث رسول الله وفيه عن بعض الأئمة ما يخالفه ليكون أثبت للحجة عليكم في اختلاف أقاويلكم فتستغنون مرة بالحديث عن النبي دون غيره وتدعون له ما خالفه ثم تدعون الحديث مرة أخرى بغير حديث يخالفه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ومن ذلك أنه أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عباس، قال: وأخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة كلاهما قالا: «إن الشمس خسفت فصلى النبي - صلى الله عليه وسلم -
ركعتين ووصفاهما في كل ركعة ركعتين» (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فأخذنا نحن وأنتم به وخالفنا غيركم من الناس فقال: تصلي ركعتين كصلاة الناس وروى حديثا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل قوله، وخالفنا غيرهم من الناس فقال: تصلي ركعتين، في كل ركعة ثلاث ركعات واحتج علينا بأن ابن عباس صلى في زلزلة ركعتين، في كل ركعة ثلاث ركعات واحتج علينا غيره بأن علي بن أبي طالب صلى ركعتين، في كل ركعة أربع ركعات أو خمس وكانت حجتنا عليهم أن الحديث إذا ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن في أحد بعده حجة لو جاء عنه شيء يخالفه.
(قال الشافعي) : - رحمه الله: وأخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار وعن يسر بن سعيد وعن الأعرج يحدثونه عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر» فقلنا: نحن وأنتم بهذا، وخالفنا بعض الناس فيه فقال: هو مدرك العصر، وصلاته الصبح فائتة من قبل أنه خرج إلى وقت نهى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فكانت حجتنا عليه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما نهى عما لا يلزم من الصلوات، وهذه صلاة لازمة قد بينها وأخبر أنه مدرك في الحالين معا أفرأيتم لو احتج عليكم رجل فقال: كيف ثبتم حديث أبي هريرة وحده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يروه أحد علمته عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير أبي هريرة ولم تردوه بأن هذا لم يرو عن أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ولا أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: ما كانت حجتنا عليه إلا أنه إذا ثبت الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استغني به عمن سواه.
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم» فأخذنا نحن وأنتم به أفرأيتم إن قال لنا قائل: إن الحر والبرد لم يحدثا بعد ولم يذهبا بعد فلما لم يأت عن أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي أنهم أمروا بالإبراد، ولم ترووه عن واحد منهم وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحض على أول الوقت وذلك في الحر والبرد سواء هل الحجة إلا ثبوت هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن حضه على أول الوقت لا يدفع أمره بتأخير الظهر في شدة الحرة، ولو لم يرو عن أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - استغني فيه بالخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن حميدة بنت عبيد بن رفاعة عن كبشة بنت كعب بن مالك عن أبي قتادة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في الهرة: إنها ليست بنجس» قال: فأخذنا نحن وأنتم به فقلنا: لا بأس بالوضوء بفضل الهرة وخالفنا بعض الناس فكره الوضوء بفضلها واحتج بأن ابن عمر كره الوضوء بفضلها أفرأيتم إن قال لكم قائل: حديث حميدة عن كبشة لا يثبت مثله والهرة لم تزل عند الناس بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - فنحن نوهنه بأن لم يرو عن أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ما يوافق ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - واحتج أيضا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا شرب الكلب من إناء أحدكم فليغسله سبع مرات» والكلب لا يؤكل لحمه، ولا الهرة فلا أتوضأ بفضلها فهل الحجة عليه إلا أن المرأتين إن كانتا معروفتين ثبت حديثهما، وأن الهر غير الكلب الكلب نجس مأمور بغسل الإناء منه سبعا، ولا نتوضأ بفضله وفي الهرة حديث أنها ليست بنجس فنتوضأ بفضلها ونكتفي بالخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من أن يكون أحد بعده قال به، ولا يكون في أحد قال بخلاف ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة، ولا في أن لم يرو إلا من وجه واحد إذا كان الوجه معروفا.
(قال الشافعي) أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عروة عن مروان عن بسرة بنت صفوان أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ» فقلنا نحن وأنتم به، وخالفنا بعض الناس فقال: لا يتوضأ من مس الذكر واحتج بحديث رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يوافق قوله فكانت حجتنا عليه أن حديثه مجهول لا يثبت مثله، وحديثنا معروف، واحتج علينا بأن حذيفة وعلي بن أبي طالب وابن مسعود وابن عباس وعمران بن الحصين وعمار بن ياسر وسعد بن أبي وقاص قالوا: ليس في مس الذكر وضوء وقالوا: رويتم عن سعد قولكم، وروينا عنه خلافه ورويتموه عن ابن عمر ومن رويناه عنه أكثر، لا توضئون لو مسستم أنجس منه فكانت حجتنا أن ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن في قول أحد خالفه حجة على قوله فقال منهم قائل: أفلا نتهم الرواية عن رسول الله إذا جاء عن مثل من وصفت وكان من مس ما هو أنجس منه لا يجب عليه عندكم وضوء فقلت لا يجوز لعالم في دينه أن يحتج بما يرى الحجة في غيره قال: ولم لا تكون الحجة فيه؟ والغلط يمكن فيمن يروي فقلت له: أرأيت إن قال لك قائل: إن جميع ما رويت عمن رويته عنه فأخاف غلط كل محدث منهم عمن حدث عنه إذا روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافه قال: لا يجوز أن يتهم حديث أهل الثقة قلت: فهل رواه عن أحد منهم إلا واحد عن واحد؟ قال: نعم قلت: ورواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - واحد عن واحد؟ قال: نعم، قلت: فإننا علمنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله بصدق المحدث عندي، وعلمنا أن من سمينا قاله بحديث الواحد عن الواحد؟ قال: نعم قلت: وعلمنا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله علمنا بأن من سمينا قاله؟ قال: نعم قلت: فإذا استوى العلمان من خبر الصادقين أيهما كان أولى بنا أن نصير إليه، آلخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولى بأن نأخذ به أو الخبر عمن دونه؟ قال: بل الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن ثبت قلت: ثبوتهما واحد قال: فالخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولى أن يصار إليه، وإن أدخلتم على المخبرين عنه أنهم يمكن فيهم الغلط دخل عليكم في كل حديث روي مخالف الحديث الذي جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن قلتم: ثبت خبر الصادقين فما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أولى عندنا أن يؤخذ به.
(قال: الشافعي) : أخبرنا مالك عن أبي الزبير المكي عن أبي الطفيل عامر بن واثلة عن معاذ بن جبل «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء في سفره إلى تبوك» فأخذنا نحن، وأنتم به وخالفنا فيه غيرنا فروي عن ابن مسعود «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يجمع إلا بالمزدلفة» وروي عن عمر أنه كتب أن الجمع بين الصلاتين إلا من عذر من الكبائر فكانت حجتنا عليه أن ابن مسعود وإن قال: لم يفعل فقال غيره: فعل فقول من قال فعل أولى أن يؤخذ به لأنه شاهد، والذي قال لم يفعل غير شاهد وليس في قول أحد خالف ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة لما وصفت من أنا إذا علمنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال شيئا، وغيره قال غيره فلا يشك مسلم في أن ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أولى أن يؤخذ به، وإن أدخلت أن الرجال المحدثين يمكن فيهم الغلط. في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أدخلنا ذلك في حديث من روى عنه ما يخالف ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان ذلك في حديث من روى عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أمكن؛ لأنه لا يروي عن النبي - عليه السلام - شيئا سماعا إلا أصحابه وأصحابه خير ممن بعدهم، وعامة من يروي عمن دونه التابعون فكيف يتهم حديث الأفضل ولا يتهم حديث الذي هو دونه؟ ولسنا نتهم منهم واحدا ولكنا نقبلهما معا، والحجة فيما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دون ما قال غيره ولا يوهن الجمع في السفر بأن يقول رجل سافر أبو بكر غازيا وحاجا وعمر
حاجا وغازيا وعثمان غازيا وحاجا ولم يثبت أن أحدا منهم جمع في سفر بل يكتفي بما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يوهنه إن لم يحفظ أنه عمل به بعده ولا يزيده قوة أن يكون عمل به بعده، ولو خولف بعد ما أوهنه وكانت الحجة فيما روي عنه دون ما خالفه.
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد عن أبي هريرة قال: «صلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة العصر فسلم من ركعتين فقام ذو اليدين فقال: قصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - كل ذلك لم يكن ثم أقبل على الناس فقال: أصدق ذو اليدين؟ فقالوا: نعم فأتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما بقي من الصلاة ثم سجد سجدتين وهو جالس» فقلنا نحن وأنتم بهذا وخالفنا غيرنا فقال: الكلام في الصلاة عامدا يقطعها وكذلك يقطعها الكلام وإن ظن المصلي أنه قد أكمل ثم تكلم وروي عن ابن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله يحدث من أمره ما شاء، وإن مما أحدث الله أن لا تكلموا في الصلاة» فقلنا: هذا لا يخالف حديثنا نهى عن الكلام عامدا فأما الكلام ساهيا فلم ينه عنه، والدليل على ذلك أن حديث ابن مسعود بمكة قبل الهجرة وحديث أبي هريرة بالمدينة بعد حديث ابن مسعود بزمان فلم نوهن نحن وأنتم هذا الحديث بأن لم يرو عن أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي أنهم فعلوا مثل هذا ولا قالوا من فعل مثل هذا جاز له واكتفينا بالخبر لما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم نحتج فيه إلى أن يعمل به بعده غيره.
(قال: الشافعي) أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبد الرحمن الأعرج عن عبد الله بن بحينة قال: «صلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين ثم قام فلم يجلس وقام الناس معه فلما قضى صلاته ونظرنا تسليمه كبر فسجد سجدتين، وهو جالس قبل التسليم» فأخذنا نحن وأنتم بهذا، وقلنا وقلتم يسجد للسهو في النقص من الصلاة قبل التسليم فخالفنا بعض الناس، وقال: تسجدان بعد التسليم واحتج بروايتنا فقال من احتج عن مالك سجدهما النبي - صلى الله عليه وسلم - في الزيادة بعد السلام فسجدتهما كذلك وسجدهما في النقص قبل السلام فسجدتهما كذلك ولم نوهن هذا بأن لم يرو عن أحد من الأئمة فيه شيء يخالفه ولا يوافقه واكتفينا بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن يزيد بن رومان عن صالح بن خوات عمن صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم ذات الرقاع «صلاة الخوف أن طائفة صفت معه، وطائفة وجاه العدو فصلى بالذين معه ركعة ثم ثبت قائما فأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم» (قال الشافعي) : أخبرنا بعض أصحابنا عن عبد الله بن عمر عن أخيه عبيد الله بن عمر عن القاسم عن صالح بن خوات عن خوات بن جبير عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل معناه فأخذنا نحن وهو بهذا حتى حكي لنا عنه غير ما عرضنا عليه وخالفنا بعض الناس فقال فيه بخلاف قولنا فقال: لا تصلى صلاة الخوف اليوم فكانت حجتنا عليه ما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان من حجته أن قال: قد اختلفت الأحاديث في صلاة الخوف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم نعلم أن أبا بكر ولا عمر ولا عثمان ولا ثبت عن علي أن واحدا منهم صلى صلاة الخوف ولا أمروا بها، والصلاة خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - في الفضل ليست كهي خلف غيره، وبأن لم يرو عن خلفائه حديث يثبت بصلاتها، ولم يزالوا محاربين ومحاربا في زمانهم فهذا يدل على أنه كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة
فكانت حجتنا عليه أن هذا إذا ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو عام إلا بدلالة؛ لأنه لا يكون شيء من فعله خاصا حتى تأتينا الدلالة من كتاب أو سنة أو إجماع أنه خاص وإلا اكتفينا بالحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عمن بعده كما قلنا فيما قبله.
[باب ما جاء في الصدقات]
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك بن أنس عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة وليس فيما دون خمس أواق صدقة» فأخذنا نحن وأنتم بهذا وخالفنا فيه بعض الناس فقال: قال الله تبارك وتعالى لنبيه - عليه السلام - {خذ من أموالهم صدقة} [التوبة: ١٠٣] وقال: النبي - صلى الله عليه وسلم - «فيما سقت السماء العشر» لم يخصص الله عز وجل مالا دون مال ولم يخصص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث مالا دون مال فهذا الحديث يوافق كتاب الله، والقياس عليه وقال: لا يكون مال فيه صدقة، وآخر لا صدقة فيه، وكل ما أخرجت الأرض من شيء وإن حزمة بقل ففيه العشر فكانت حجتنا عليه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المبين عن الله معنى ما أراد إذ أبان ما يؤخذ منه من الأموال دون ما لم يرد، والحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما سقت السماء جملة والمفسر يدل على الجملة (قال الشافعي) : وقد سمعت من يحتج عنه فيقول كلاما يريد به قد قام بالأمر بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وأخذوا الصدقات في البلدان أخذا عاما وزمانا طويلا فما روي عنهم ولا عن واحد منهم أنه قال: ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة قال: وللنبي - صلى الله عليه وسلم - عهود ما هذا في واحد منها، وما رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أبو سعيد الخدري (قال الشافعي) : فكانت حجتنا عليه أن المحدث به لما كان ثقة اكتفي بخبره ولم نرده بتأويل ولا بأنه لم يروه غيره ولا بأنه لم يرو عن أحد من الأئمة مثله اكتفاء بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عما دونها وبأنها إذا كانت منصوصة بينة لم يدخل عليها تأويل كتاب إذ النبي - صلى الله عليه وسلم - أعلم بمعنى الكتاب، ولا تأويل حديث جملة يحتمل أن يوافق قول النبي - صلى الله عليه وسلم - المنصوص ويخالفه، وكان إذا احتمل المعنيين أولى أن يكون موافقا له، ولا يكون مخالفا فيه ولم يوهنه أن لم يروه إلا واحد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان ثقة.
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من باع نخلا قد أبرت فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع» فقلنا نحن وأنتم بهذا، وقلنا: في هذا دليل على أنه من باع نخلا لم تؤبر فالثمرة للمشتري فخالفنا بعض الناس في هذا فقال: إذا قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالثمرة إذا أبرت للبائع إلا أن يشترط المبتاع علمناه إذا أبر فقد زايل أن يكون مغيبا في شجره لم يظهر كما يكون الحمل مغيبا لم يظهر، وكذلك إذا زايلها وإن لم يؤبر فهو للبائع وقال: هكذا تقولون في الأمة تباع حاملا حملها للمشتري فإذا فارقها فولدها للبائع والثمر إذا خرج من النخلة فقد فارقها (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فكانت حجتنا عليهم أن قلنا: إن الثمرة قبل الإبار وبعده اتبعنا أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما أمر به، ولم نجعل أحدهما قياسا على الآخر ونسوي بينهما إن ظهرا فيها ولم نقسهما على ولد الأمة، ولا نقيس سنة على سنة، ولكن نمضي كل سنة على وجهها ما وجدنا السبيل إلى إمضائها ولم نوهن هذا الحديث بقياس ولا شيء مما وصفت ولا بأن اجتمع هذا فيه وإن لم يرو فيه عن أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي قول ولا حكم ولا أمر يوافقه واستغنينا بالخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه عما سواه.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #310  
قديم 09-09-2024, 08:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 141,042
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السابع
الحلقة (310)
صــــــــــ 206 الى صـــــــــــ 212




[باب في بيع الثمار]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها نهى البائع والمشتري» (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمار حتى تزهي فقيل: يا رسول الله وما تزهي؟ قال: حتى تحمر وقال: أرأيت إذا منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه» قال: فأخذنا بهذا الحديث نحن وأنتم وقلنا: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - يدل على معنيين: أحدهما أن بدو صلاحها الحمرة ومثلها الصفرة، وأن قوله: إذا منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه أنه إنما يمنع من الثمرة ما يترك إلى مدة يكون في مثلها التلف فقلنا: كل من ابتاع ثمرة قد بدا صلاحها فله تركها حتى تجد وخالفنا بعض الناس في هذا فقال: من اشترى ثمرة قد بدا صلاحها لم يكن له تركها، وذلك أن ملك النخل والماء الذي به صلاح النخل للبائع يستبقي نخله وماءه، ولا يجوز أن يشترطه؛ لأنه لا يعرف حصة الثمرة من الثمن من حصة الإجارة فكانت حجتنا عليه أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «إذا منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه» يدل على أنه إنما يمنع ما يترك لا ما يكون على مشتريه أن يقطفه مكانه ورأينا أن من خالفنا فيه قد ترك السنة وترك ما تدل عليه السنة لو احتج علينا بأنه لم يرو عن أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي قول ولا قضاء يوافق هذا استغنينا بالخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عما سواه.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان أن زيدا أبا عياش أخبره عن سعد بن أبي وقاص أخبره «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن بيع الرطب بالتمر» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «نهى عن المزابنة» والمزابنة بيع الثمر بالتمر كيلا وبيع الكرم بالزبيب كيلا (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر عن زيد بن ثابت «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها» قال: فأخذنا نحن وأنتم بالأحاديث كلها حين وجدنا لها كلها مخرجا فقلنا المزابنة بيع الجزاف كله بشيء من صنفه كيلا والرطب بالتمر إذا كان الرطب ينقص شيء واحد متفاضل أو مجهول فقد حرم أن يباع إلا مستويا، وذلك إذا كان موضوعا بالأرض وأحللنا بيع العرايا بخرصها تمرا وهي داخلة في معنى المزابنة والرطب بالتمر إذا كان لهما وجه معا، وخالفنا في هذا بعض الناس فلم يجز بيع العرايا وردها بالحديثين وقال: روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديثان مختلفان فأخذنا بأحدهما وكان الذي أخذنا به أشبه بسنته في النهي عن التمر بالتمر إلا كيلا بكيل فرأينا لنا الحجة ثابتة بما قلنا على من خالفنا إذا وجدنا للحديثين وجها نمضيهما فيه معا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فإذا كانت لنا حجة كانت عليكم في الحديثين يكونان هكذا فتنسبهما إلى الاختلاف، وقد يوجد لهما وجه يمضيان فيه معا فلم ندعه بما وصفنا من حجة غيرنا بحديثنا، ولا بأن لم يرو عن أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي واستغنينا بالخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي رافع مولى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «استسلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من رجل بكرا فجاءته إبل فقال أبو رافع فأمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقضي الرجل بكره فقلت: لم أجد في الإبل إلا جملا خيارا رباعيا فقال: أعطه إياه فإن خيار الناس أحسنهم قضاء» فأخذنا نحن وأنتم بهذا وقلنا لا بأس أن يستسلف الحيوان إلا الولائد وأن
يسلف في الحيوان كله قياسا على هذا، وخالفنا بعض الناس في هذا لا يستسلف الحيوان، ولا يسلف فيه وروي عن ابن مسعود أنه كره السلف فيه وعن غيره من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم نر في واحد دون النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة مع قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (قال الربيع) : معنى قول الشافعي في هذا الذي نهي عنه ها هنا قرض الأمة خاصة لأن له أخذها منه فأما العبد فيجوز، وقال: هذا قول الشافعي. .
[باب في الأقضية]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى باليمين مع الشاهد» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فأخذنا نحن وأنتم به وإنما أخذنا نحن به من قبل أنا رويناه من حديث المكيين متصلا صحيحا وخالفنا فيه بعض الناس فما احتج في شيء منه قط علمته أكثر من حججه فيه، وفي ثلاث مسائل معه فزعم أن القرآن يدل على أن لا يجوز أقل من شاهدين أو شاهد وامرأتين، وزعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «واليمين على المدعى عليه» وقاله عمر فكان هذا دلالة على أن لا تجوز يمين إلا على المدعى عليه ولا يحلف مدع، واحتج بابن شهاب وعطاء وعروة وهما رجلا مكة والمدينة في زمانهما أنكراه غاية النكرة، واحتج بأن لم يحفظ عن أبي بكر ولا عمر ولا عثمان فيه شيء يوافقه، ولا عن علي من وجه يصح عنده، ولا عن واحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من وجه يصح ولا عن ابن المسيب ولا القاسم ولا أكثر التابعين وبأنا أحلفنا في المال ولم نحلف في غيره، وأن ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال: إنما أخذنا باليمين مع الشاهد أنا وجدناه في كتب سعد وقال: تأخذون بيمين وشاهد بأن وجدتموهما في كتاب وتردون الأحاديث القائمة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فكانت حجتي عليه أن قلت: الرواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثابتة وما ثبت عن رسول الله لم يوهنه أن لا يوجد عند غيره، ولم يتأول معه قرآن، ولم يدفعه أن أنكره عروة وابن شهاب وعطاء لأنه ليس في الإنكار حجة إنما الحجة في الخبر لا في الإنكار، ورأينا هذا لنا حجة ثابتة فإذا كان مثل هذا يكون لنا حجة فعليك مثله، وأحرى وأولى أن لا يوجد عليه ما يوهنه منه.
(قال الشافعي) : - رحمه الله: أخبرنا مالك عن هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص عن عبد الله بن نسطاس عن جابر بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من حلف على منبري هذا بيمين آثمة تبوأ مقعده من النار» فأخذنا نحن وأنتم بهذا الحديث وقلنا: فيه دلالة على أن امرأ لا يحلف على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا مجبورا على اليمين لا متطوعا بها، وإنما يجبر الناس على الأيمان الحكام، وخالفنا بعض الناس في هذا واحتج فيه بأن قال: هاشم بن هاشم ليس بالمشهور بالحفظ وعبد الله بن نسطاس ليس بالمعروف، ولو احتججنا عليكم بمثل هذا رددتموه، وليس فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحلف على المنبر، وقد يتطوع الرجل فيحلف على المنبر كما يتطوع فيحلف بطلاق وعتاق ولم يستحلف لم تحفظوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا غيره أنه أحلف أحدا على منبر في غرم ولا غيره واحتج بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لاعن بين الزوجين فحكي اللعان، ولم يحك أنه كان على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: أو رأيت أهل البلدان أيجلبون إلى المدينة أو يحلفون ببلدانهم؟ فكيف تكون الأيمان على
الناس مختلفة فلم نر له في هذا حجة وقلنا: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - على ظاهره أنه لا يحلف أحد على منبر إلا مجبورا كما وصفنا. .
[كتاب العتق]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أعتق شركا له في عبد فكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة العدل فأعطي شركاؤه حصصهم وعتق عليه العبد وإلا فقد عتق منه ما عتق» فأخذنا نحن وأنتم بهذا الحديث وأبطلنا به الاستسعاء وشركنا الرق والحرية في العبد إذا كان المعتق للعبد مفلسا وخالفنا فيه بعض الناس، ووهنه بأن قال: رواه سالم عن ابن عمر فلم يقل فيه وإلا فقد عتق منه ما عتق ورواه أيوب عن نافع عن ابن عمر وقال أيوب وربما قال نافع وإلا فقد عتق منه ما عتق وربما لم يقل وأكثر ظني أنه شيء كان يقوله نافع برأيه ووهنه بأن قال: حديث رواه ابن عمر وحده وقد روي عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافه، وعن غير أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه الاستسعاء ووهنه بأن قال: لم يرو عن أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ما يوافقه بل روينا عن عمر خلافه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فكانت حجتنا عليه أن سالما وإن لم يروه فنافع ثقة، وليس في قول أيوب ربما قاله وربما لم يقله إذا قاله عنه غيره حجة، وما روي عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مختلف فيه فالحفاظ يرونه لا يخالف حديثنا، وغيرهم يرونه يخالف حديثنا ولو خالفه كان حديثنا أثبت منه، والحديث الذي ذكره يخالف حديثنا لا يثبت، ولا يرويه الحفاظ يخالف حديثنا، وإذا كانت لنا الحجة بهذا على من خالفنا فهكذا ينبغي لنا أن نلزم أنفسنا في الحديث كله وأن نستغني بخبر الصادقين عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن لم يأت عن أحد من خلفائه ما يوافقه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وأدخلوا علينا فيه أن عبدا يكون نصفه حرا ونصفه عبدا فلا يكون له بالحرية أن يرث ولا يورث، وتكون حقوق الحرية كلها فيه معطلة إلا أنه يترك لنفسه يوما ثم يكسب في يومه فيمنع أن يهب ماله فقلنا: لا نترك الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن يدخله من القياس ما وصفت، ولا أكثر ولا موضع للقياس مع السنة فقلت للشافعي: قد فهمت ما كتبت مما أخذت وأخذنا به من حديث رسول الله ووجدت فيها ما وصفت من أنا ثبتنا أحاديث كثيرة لم تأت إلا من وجه واحد وليس فيه عن أحد من خلفائه شيء يوافقه ولا يخالفه ووجدنا فيه ما نثبته عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه عن بعض خلفائه شيء يخالفه فذهبنا إلى الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وتركنا ما خالفه في القسامة، وقد روينا عن عمر في القسامة خلاف ما روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم صرنا إلى حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وكذلك روينا عن عمر في الضرس وغيرها وذهبنا إلى حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - دون ما روينا عن عمر وعن ابن عمر في أشياء وغيرهما من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قلت للشافعي: أفتبين لي أنا روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا ثم تركناه لغيره؟ فقال: كثير فقلت للشافعي: فما حجة فعل هذا؟ فقال: قد جهدت أن أجد لكم شيئا يكون عندي أو عند أحد من أهل
العلم حجة يعذر بها فلم أجده، وذلك أن الذين رويتم عنهم ما أخذتم من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وثقتموهم، والذين رويتم عنهم ما تركتم من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا يجوز لكم أن تقولوا: هم متهمون فإن قلتم: قد يغلطون فقد يجوز لغيركم أن يقول لا نأخذ من أهل الغلط، وإن قلتم يغلطون في بعض ويحفظون في بعض جاز لغيركم أن يقول إنما يدل على غلط المحدث أن يخالفه غيره ممن هو أحفظ منه أو أكثر منه فإن قلتم فيه لا يخالف به عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن صاحبه غلط مرة وحفظ جاز عليك أن يقال غلط حيث زعمت أنه حفظ، وحفظ حين زعمت أنه غلط وجاز عليك وعلى غيرك أن يقال: كله يحتمل الغلط فندعه ونطلب العلم من حديث غيرهم (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وهذا لا يوجد إلا من حديث أهل الصدق، ولا يجوز فيه إلا أن يقبل فلا يترك شيء روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا بما روي عن النبي نفسه وبالناس الحاجة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما ألزمهم الله من اتباع أمره فقلت للشافعي: فاذكر مما روي شيئا فقال: الشافعي: لا أرب لي في ذكره، وإن سألتني عن قولي لأوضح الحجة فيما جبيتك أنت نفسك في قولك وقد أعطيتك جملة تغنيك إن شاء الله لا تدع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثا أبدا إلا أن يأتي عن رسول الله خلافه فتفعل فيه بما قلت لك في الأحاديث إذا اختلفت فقلت للشافعي: فلست أريد مسألتك ما كرهت من ذكر أحد، ولكني أسألك في أمر أحب أن توضح لي فيه الحجة قال: فسل. .
[مسائل في الصلاة]
[باب صلاة الإمام إذا كان مريضا بالمأمومين جالسا وصلاتهم خلفه قياما]
سألت الشافعي: هل للإمام أن يؤم الناس جالسا وكيف يصلون وراءه أيصلون قعودا أو قياما؟ فقال: يأمر من يقوم فيصلي بهم أحب إلي، وإن أمهم جالسا، وصلوا خلفه قياما كان صلاتهم وصلاته مجزية عنهم معا وكان كل صلى فرضه كما يصلي الإمام إذا كان صحيحا قائما، ويصلي خلفه من لم يقدر على القيام جالسا فيكون كل صلى فرضه، وإنما اخترت أن يوكل الإمام إذا مرض رجلا صحيحا يصلي بالناس قائما أن مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أياما كثيرة وأنا لم نعلمه صلى بالناس جالسا في مرضه إلا مرة لم يصل بهم بعدها علمته حتى لقي الله فدل ذلك على أن التوكيل بهم والصلاة قاعدا جائزان عنده معا وكان صلاتهم مع غيره بأمره أكثر منه فقلت للشافعي: فهل حفظت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى جالسا وصلى وراءه قوم قياما فأشار إليهم أن اقعدوا ثم أمرهم حين فرغ من الصلاة إذا صلى الإمام قاعدا أن يصلوا قعودا أجمعون؟ فقال: نعم (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أنس بن مالك «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركب فرسا فصرع عنه فجحش شقه الأيمن فصلى في بيته قاعدا وصلى خلفه قوم قياما فأشار إليهم أن اجلسوا إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون» (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن هشام يعني ابن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: «صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته وهو شاك فصلى جالسا وصلى خلفه قوم قياما فأشار إليهم أن اجلسوا فلما انصرف قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا وإذا رفع فارفعوا وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا» فقلت للشافعي: فقد رويت هذا فكيف لم تأخذ به؟ فقال: هذا منسوخ بفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: وما نسخه؟ فقال: الحديث الذي ذكرت لك يدلك على أن هذا كان في صرعة صرعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت فما نسخه؟ فقال: «صلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم - بالناس في مرضه الذي مات فيه جالسا، والناس خلفه قياما لم يأمرهم بجلوس ولم يجلسوا» ولولا أنه منسوخ صاروا إلى الجلوس بمتقدم أمره إياهم بالجلوس ولو ذهب ذلك عليهم لأمرهم بالجلوس وقد صلى أبو بكر إلى جنبه بصلاته قائما ومرضه الذي مات فيه آخر فعله وبعد سقطته لأنه لم يركب في مرضه الذي مات فيه حتى قبضه الله بأبي هو وأمي قلت: فاذكر الحديث الذي رويته في هذا فقال: أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج في مرضه فأتى أبا بكر وهو قائم يصلي بالناس فاستأخر أبو بكر فأشار إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن كما أنت فجلس رسول الله إلى جنب أبي بكر وكان أبو بكر يصلي بصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان الناس يصلون بصلاة أبي بكر» (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا الثقة عن حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة بمثل معناه لا يخالفه وأوضح منه قال: وصلى أبو بكر إلى جنبه قائما (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا الثقة عن يحيى بن سعيد عن ابن أبي مليكة عن عبيد بن عمير قال: أخبرتني الثقة كأنه يعني عائشة ثم ذكر صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر إلى جانبه بمثل معنى حديث هشام بن عروة عن أبيه، قال: وروي عن إبراهيم النخعي عن الأسود بن يزيد عن عائشة بمثل معنى حديث هشام وعبيد بن عمير، فقلت للشافعي: فإنا نقول: لا يصلي أحد بالناس جالسا ونحتج بأنا روينا عن ربيعة أن أبا بكر صلى برسول الله - صلى الله عليه وسلم - (قال الشافعي) : فإن كان هذا ثابتا فليس فيه خلاف لما أخذنا به ولا ما تركنا من هذه الأحاديث قلت ولم؟ قال: قد مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أياما وليالي لم يبلغنا أنه صلى بالناس إلا صلاة واحدة، وكان أبو بكر يصلي بالناس في أيامه تلك، وصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالناس مرة لا تمنع أن يكون صلى أبو بكر غير تلك الصلاة بالناس مرة ومرات، وكذلك لو صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلف أبي بكر مرة ومرات لم يمنع ذلك أن يكون صلى خلفه أبو بكر أخرى كما كان أبو بكر يصلي خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر عمره فقلت للشافعي: فقد ذهبنا إلى توهين حديث هشام بن عروة بحديث ربيعة قال: فإنما ذهبتم إليه لجهالتكم بالحديث والحجج، حديث ربيعة مرسل لا يثبت مثله ونحن لم نثبت حديث هشام بن عروة عن أبيه حتى أسنده هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، والأسود عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ووافقه عبيد بن عمير فكيف احتججتم بما لا يثبت من الحديث على ما ثبت؟ وهو إذا ثبت حتى يكون أثبت حديث يكون كما وصفت لا يخالف حديث عروة ولا أنس ولا موافقه ولا بمعنى فيوهن حديثنا، وهذا منكم جهالة بالحديث وبالحجة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أو رأيت إذ جهلتم الحديث والحجة فلو كان حديث هشام بن عروة عن أبيه في صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بأبي بكر غير ثابت فيكون ناسخا لحديث أنس وعائشة عن النبي بأمره إذا صلى جالسا يصلي من خلفه جلوسا أما كنتم خالفتم حديثين ثابتين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى غير حديث ثابت عنه، وهو لا يحل خلاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا إلى حديث عنه ينسخ حديثه الذي خالفه إليه، أو يكون أثبت منه؟ فلو لم يثبت حديث هشام حتى يكون ناسخا للحديثين لزمكم أن تأمروا من صلى خلف الإمام قائما أن يجلس إذا جلس كما روى أنس وعائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره، وإن كان حديث هشام ناسخا فقد خالفتم الناسخ والمنسوخ إلى قول أنفسكم وخلاف السنة ضيق على كل مسلم فقلت للشافعي فهل خالفك في هذا غيرنا؟ فقال: نعم بعض الناس روى عن جابر الجعفي عن الشعبي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يؤم أحد بعدي جالسا» قلت: فما كانت حجتك عليه فقال الشافعي: قد علم الذي احتج بهذا أن ليست فيه حجة، وأن هذا حديث لا يثبت مثله بحال على شيء، ولو لم يخالفه غيره فقلت
للشافعي: فإن قلت: لم يعمل بهذا أحد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال الشافعي: قد بينا لك قبل هذا ما نرى أنا وأنتم نثبت الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن لم يعمل به بعده استغناه بالخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عما سواه فلا حاجة لنا بإعادته فقلت للشافعي: فهل قال قولك هذا أحد من المشرقيين؟ فقال: نعم أبو حنيفة يقول فيه بقولنا ويخالفه صاحباه فقلت للشافعي: أفرأيت حديثهم عندهم في هذا يثبت؟ فقال: لا فقلت: فلم يحتجون به؟ قال الله أعلم، فأما الذي احتج به عليها فسألناه عنه فقال: لا يثبت؛ لأنه مرسل ولأنه عن رجل يرغب الناس عن الرواية عنه فقلت فهذا سوء نصفة (فقال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أجل، وأنتم أسوأ منه نصفة حين لا تعتدون بحديثهم الذي هو ثابت عندهم وتخالفون ما رويتم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا مخالف له عنه، والله أعلم. .
[باب رفع اليدين في الصلاة]
.باب رفع اليدين في الصلاة قال سألت الشافعي: أين ترفع الأيدي في الصلاة؟ قال: يرفع المصلي يديه في أول ركعة ثلاث مرات، وفيما سواها من الصلاة مرتين مرتين يرفع يديه حين يفتتح الصلاة مع تكبيرة الافتتاح حذو منكبيه ويفعل ذلك عند تكبيرة الركوع وعند قوله "سمع الله لمن حمده" حين يرفع رأسه من الركوع ولا تكبيرة للافتتاح إلا في الأول وفي كل ركعة تكبير ركوع، وقول سمع الله لمن حمده عند رفع رأسه من الركوع فيرفع يديه في هذين الموضعين في كل صلاة، والحجة في هذا أن مالكا أخبرنا عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك، وكان لا يفعل ذلك في السجود» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا سفيان عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة وإذا أراد أن يركع وإذا أراد رفع رأسه من الركوع ولا يرفع في السجود» قال: وروى هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بضعة عشر رجلا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا سفيان عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه عند افتتاح الصلاة وحين يريد أن يركع وإذا رفع من الركوع» قال: ثم قدمت عليهم في الشتاء فرأيتهم يرفعون أيديهم في البرانس.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا ابتدأ الصلاة رفع يديه حذو منكبيه، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما دون ذلك فقلت للشافعي: فإنا نقول: يرفع يديه حين يفتتح الصلاة ثم لا يعود لرفعهما (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فأنتم إذا تتركون ما روى مالك عن رسول الله ثم عن ابن عمر فكيف جاز لكم لو لم تعلموا علما إلا أن تكونوا رويتم رفع اليدين في الصلاة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرتين أو ثلاثا؟ وعن ابن عمر مرتين فاتبعتم النبي - صلى الله عليه وسلم - في إحداهما وتركتم اتباعه في الأخرى، ولو جاز أن يتبع أحد أمريه دون الآخر جاز لرجل أن يتبع أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث تركتموه ويتركه حيث اتبعتموه ولكن لا يجوز لأحد علمه من المسلمين عندي أن يتركه إلا ناسيا أو ساهيا فقلت للشافعي: فما معنى رفع اليدين عند الركوع؟ فقال: مثل معنى رفعهما عند الافتتاح تعظيما لله وسنة متبعة يرجى فيها ثواب الله، ومثل رفع اليدين على الصفا والمروة وغيرهما (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أرأيت إذا كنتم تروون عن ابن عمر شيئا فتتخذونه أصلا يبنى عليه فوجدتم ابن عمر يفعل شيئا في الصلاة فتركتموه عليه وهو موافق ما روي عن النبي
صلى الله عليه وسلم - أفيجوز لأحد أن يفعل ما وصفتم من اتخاذ قول ابن عمر منفردا حجة ثم تتركون معه سنة رسول الله لا مخالف له من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا غيرهم ممن تثبت روايته؟ من جهل هذا انبغى أن لا يجوز له أن يتكلم فيما هو أدق من العلم قلت: فهل خالفك في هذا غيرنا؟ قال: نعم بعض المشرقيين وخالفوكم فقالوا: يرفع يديه حذو أذنيه في ابتداء الصلاة فقلت: هل رووا فيه شيئا؟ قال: نعم ما لا نثبت نحن ولا أنتم ولا أهل الحديث منهم مثله، وأهل الحديث من أهل المشرق يذهبون مذهبنا في رفع الأيدي ثلاث مرات في الصلاة فتخالفهم مع خلافكم السنة وأمر العامة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. .
[باب الجهر بآمين]

باب الجهر بآمين سألت الشافعي عن الإمام إذا قال: {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} [الفاتحة: ٧] هل يرفع صوته بآمين؟ قال: نعم ويرفع بها من خلفه أصواتهم فقلت: وما الحجة فيما قلت من هذا؟ فقال: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن أنهما أخبراه عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه» قال ابن شهاب: «وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: آمين» قال: وفي قول رسول الله «إذا أمن الإمام فأمنوا» دلالة على أنه أمر الإمام أن يجهر بآمين؛ لأن من خلفه لا يعرف وقت تأمينه إلا بأن يسمع تأمينه ثم بينه ابن شهاب فقال: «كان رسول الله يقول: آمين» فقلت للشافعي: فإنا نكره للإمام أن يرفع صوته بآمين فقال: هذا خلاف ما روى صاحبنا وصاحبكم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولو لم يكن عندنا وعندكم علم إلا هذا الحديث الذي ذكرنا عن مالك انبغى أن نستدل بأن «رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يجهر بآمين وأنه أمر الإمام أن يجهر بها» فكيف ولم يزل أهل العلم عليه؟ .
وروى وائل بن حجر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: آمين يجهر بها صوته» ويحكي مطه إياها وكان أبو هريرة يقول للإمام: لا تسبقني بآمين، وكان يؤذن له (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء قال: كنت أسمع الأئمة ابن الزبير ومن بعده يقولون: آمين ومن خلفهم آمين حتى إن للمسجد للجة (قال الشافعي) : رأيتك في مسألة إمامة القاعد ومسألة رفع اليدين في الصلاة ومسألة قول الإمام آمين خرجت من السنة والآثار ووافقت منفردا من بعض المشرقيين الذين ترغب فيما يظهر عن أقاويلهم. .
[باب سجود القرآن]
سألت الشافعي عن السجود في {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: ١] ؟ فقال: فيها سجدة فقلت: وما الحجة أن فيها سجدة؟ (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن «أن أبا هريرة قرأ لهم {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: ١] فسجد فيها فلما انصرف أخبرهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سجد فيها» .
(قال الشافعي) : وأخبرنا مالك عن ابن شهاب عن الأعرج أن عمر بن الخطاب قرأ {والنجم إذا هوى} [النجم: ١] فسجد فيها ثم قام فقرأ بسورة أخرى.
(قال الشافعي) : وأخبرنا بعض
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



مجموعة الشفاء على واتساب


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 431.72 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 425.91 كيلو بايت... تم توفير 5.81 كيلو بايت...بمعدل (1.35%)]