نظرات نفسية في الصيام - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح صحيح البخاري كاملا الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 641 - عددالزوار : 74725 )           »          الحج والعمرة فضلهما ومنافعهما (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 54 )           »          ٣٧ حديث صحيح في الصلاة علي النبي ﷺ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          قوق الآباء للأبناء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          حقوق الأخوّة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          دفن البذور عند الشيخ ابن باديس -رحمه الله- (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          الاغتراب عن القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          آخر ساعة من يوم الجمعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          هاجر… يقين في وادٍ غير ذي زرع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »          الغش ... آفة تهدم العلم والتعليم والمجتمعات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 66 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > رمضانيات
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-05-2025, 10:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,734
الدولة : Egypt
افتراضي نظرات نفسية في الصيام

نظرات نفسية في الصيام






الدكتور محمد كمال الشريف


1 - "لعلـكم تتقون"
قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون" (البقرة 183).. إذن التقوى هي الثمرة المرجوة من الصيـام. ولكن كيف يؤدي الصيام إلى التقوى؟ إن التقوى اتقاء لغضب الله، والسبيل إلى اتقاء غضبه هي اجتناب ما حرم، والامتناع عن الوقوع فيما نهى عنه، لكن أهواء النفوس ودواعي الانحراف عن هدي الله تحيط بالمؤمن وتغريه بالوقوع فيما حـرم الله، والشيطان قد كرس حياته ليزين للناس معصية الله، ويجعلهم يشتهونها، لما يظنون فيها من متعة أو منفعة.. والتقوى تتطلب قدراً كبيراً من التحكُّم بالنفس ومقاومة هواها: "وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى، فإن الجنة هي المأوى" (النازعات 40 – 41). والإنسان لا يولد متحكماً بنفسه ومسيطراً على أهوائه، بـل الطفل الصغير لا يكاد يصبر عن شهوة أو حاجة، إنما يطلب إشباع رغباته على الفور، ويزعجه ألاّ يحصل على ما اشتهاه، فيصرخ ويبكي ويصر على ما أغراه وحرك هواه، لكن هذا الصغير الذي تتحكم به أهواء نفسه وشهواتها يكبر ويتعلم من والديه والآخرين من حوله أن عليه أن يتحكم بأهوائه ويمنع نفسه عن شهواتها أحياناً، وأنـه لا يمكنه أن يفعل ما يشاء دائماً، ولا أن يتمتع بكل ما ترغب به نفسه، بل هنالك ممنوعات إذا وقع فيها وقعت عليه العقوبة وناله الألم النفسي أو الجسدي أو كلاهما معاً.. لذا كان الطفل المدلل الذي يغرقه والداه بكل ما يشتهيه من متع وأشياء، كان هذا الطفل أضعف الناس من حيث التحكم بأهوائه وضبط نفسه أمام المغريات. وعلماء النفس المعاصرون يرون أن التحكم بالنفس (Self *******) يتركب من مكوّنتين الأولى هي مقاومة الإغراء (Resistance to Temptation)، والثانية هي تأجيل الإشباعDelay of Gratification) )، حيث تعني مقاومة الإغراء أن يمتنع الإنسان عن فعل ما حُرِّم عليه رغم قدرته على ذلك وتوفر الفرصة أمامه للوقوع فيه، ويعني تأجيل الإشباع أن يحرم الإنسان نفسه من رغبة ومتعة عاجلة كي يحصل على متعة آجلة أعظم منها .. فالذي يمتنع عن أخذ ما ليس له رغم سنوح الفرصة لذلك مع أَمْنِ العقوبة فإنه يكون قد قاوم الإغراء، وأما الطالب الذي يحرم نفسه من اللعب والتسليـة كي يدرس أملاً في نجاح مشرِّف يستطيع بعده أن يلعب ويتسلى وهو يتمتع بالنجاح في الوقت نفسه، هذا الطالب يكون قد أجّل إشباع رغبته في اللعب والتسلية.. وبالتمرس على مقاومة الإغراء وتأجيل الإشباع تنمو قدرة الإنسان على التحكم بنفسه ومقاومة هواه.
والذي يتأمل صيامنا في رمضان يجد فيه دورة سنوية مكثفة على مقاومة الإغراء وتأجيل الإشباع وبالتالي على التحكم بـالنفس الذي يشكل أساساً هاماً للتقوى .
اللهم آتِ نفوسنا تقواها وزَكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10-05-2025, 10:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,734
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نظرات نفسية في الصيام

نظرات نفسية في الصيام 2 إن الله مبتليكم بِنَهَر




الدكتور محمد كمال الشريف


قال تعالى: "يا أيها النبي حرِّض المؤمنين على القتال، إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين، وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون" (الأنفال 65) ، إذن بالصبر تتضاعف قدرة المؤمن على القتال وقوته في الحرب والبأس عشر مرات.. هذا هو الحال المثالي الذي يتحقق فيه للمؤمن أقصى درجات الصبر وأعلاها، ويبقى المثال فوق الواقع ، ولا عيب في ذلك، إذ المثال هو القمة التي يصبو إليها الإنسان ويسعى لبلوغها، والإنسان على الطريق الصحيحة ما دام متجهاً صوب المثال مهما تعثر وقام وتكرر تعثره وقيامه، ويبقى للضعف البشري أثره في جعل الواقع دون مستوى المثال.. لذا فإن المولى تعالى بعد أن حدثنا عن المؤمن الذي بلغ صبره مستوى المثال والكمال فتضاعفت قوته وقدرته على التغلب على عدوه عشر مرات، بعدها يحدثنا عن الواقع وعن رضاه منا وقبوله بما هو دون المثال بكثير، يقول تعالى: "الآن خفف الله عنكم وعلم أنّ فيكم ضعفاً، فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين، وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله، والله مع الصابرين" (الأنفال 66)، فبالصبر تتضاعف قوة المؤمن أمام عدوه مرتين رغم الضعف الذي يمنع من بلوغ الصبر المثالي.

ولنتفكر في ضوء ذلك بقصة بني إسرائيل الذين بعث الله لهم طالوت ملكاً عليهم يقودهم في القتال في سبيل الله، وكان ذلك إجابة لطلبهم "فلما كتب عليهم القتال تولَّوْا إلاّ قليلاً منهم" (البقرة 246).. وبعد أن شكل طالوت جيشاً من بني إسرائيل، وانطلق بهم مجاهداً في سبيل الله أراد له الله ألاّ يصحبه في جهاده إلاّ الصابرون منهم، فاختبرهم اختباراً بسيطاً يُظهر مدى صبرهم وبالتالي كفاءتهم المتوقعة في القتال الذي هم مقبلون عليه.. لقد كانوا عطاشاً وكان الاختبار هو أن يمتنعوا عن شرب الماء من نهر يمرون عليه في طريقهم، وكان في عذوبة ماء النهر إغراء لهم بالشرب منه، لكن كان مطلوباً منهم مقاومة الإغراء وتأجيل الإشباع إلى أن يأذن الله لهم بذلك بعد أن يجتازوا هذا الاختبار لصبرهم، ورحمة بهم رخص لهم أن يغترفوا من النهر غرفة باليد تبل الريق وترطب الفم.. قال تعالى: "فلما فصل طالوت بالجنود قال إنَّ الله مبتليكم بِنَهَر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنّه مني إلاّ من اغترف غرفة بيده.. فشربوا منه إلاّ قليلاً منهم" (البقرة 249) ، ولم يرغب طـالوت إلاّ بهذه الفئة القليلة الصابرة كي تكمل معه مسيرة الجهاد والقتال في سبيل الله: "فلمـا جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده، قـال الذين يظنون أنهم ملاقو الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله، والله مع الصابرين، ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفْرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنـا على القوم الكافرين، فهزموهم بإذن الله .." (البقرة 249 – 251) .

ألا يذكرنا اختبار الصبر الذي اختار طالوت جنوده على أساسه، ألا يذكرنا بصومنا في رمضان حيث نتدرب فيه كل عام على مقاومة الإغراء وتأجيل الإشباع والتحكم بالنفس عموماً، وبالتالي على الصبر؟ والصبر على الطاعات وعلى حرمـان النفس من هواها الذي لا يتفق مع أمر الله، هذا الصبر من عناصر التقوى التي لا تقوم إلاّ بها، فالصوم في رمضان درس في الصبر وتربية للنفوس المؤمنة على تقوى الله.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10-05-2025, 11:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,734
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نظرات نفسية في الصيام

نظرات نفسية في الصيام 3- فإنــه له وجـــاء



الدكتور محمد كمال الشريف

روى البخاري في صحيحه عن عبد الرحمن بن يزيد قال: دخلت مع عَلْقَمَة والأسودِ على عبد الله، فقال عبد الله: كُنّا مع النبيّ صلى الله عليه وسلم شباباً لا نجد شيئاً، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشرَ الشباب، من استطاع الباءَةَ فليتزوج، فإنَّهُ أًغَضُّ للبصر، وَأَحْصَنُ للفرجِ، ومن لم يستطعْ فعليه بالصومِ فإنّهُ له وجاءٌ " (ورواه مسلم أيضاً في صحيحه) .

إن تفوق الإنسان على جميع الحيوانات التي خلقت قبله يكمن في تحرره من الغرائز إلى حد كبير يكاد يكون تاماً، والرغبة الجنسية لدى الإنسان تنبني على أساس عضوي مرتبط بالهرمون الذكري الذي يزيد هذه الرغبة عند الرجال وعند النساء على السواء، وإن كانت النساء تحتاج إلى مقدار العشر مما يحتاج إليه الرجال من الهرمون الذكري لهذا الغرض، كما يرتبط بنشاط النواقل العصبية في المخ مع أهمية خاصة للناقل المسمى "الدوبامين"، وتنبني هذه الرغبة أيضاً على خبرات الحياة منذ الطفولة وطيلة العمر، وعلى مشاعر أخرى حيث يمكن أن يعبر اللقاء الجنسي عن قمة المودة أو على النقيض يمكن أن يعبر عن أشد العداوة والبغضاء.

والصوم وِجاء لمن لا يستطيع الباءة، أي لا يملك القدرة المالية على الزواج، وكثيرون يظنون أن الصوم يضعف الرغبة الجنسية من خلال إضعافه للجسد عموماً بتجويعه وتعطيشه، لكن هذا ليس صحيحاً، فالصوم وجاءٌ حتى لو تسحر الصائم سحوراً طيباً بحيث لا ينقص من غذائه ذلك اليوم شيئاً، والصوم وجاء حتى لو أفطر الصائم متعجلاً للفطر على أشهى الطعام وأفضله من حيث القيمة الغذائية.. والصوم لا يقتل الرغبة الجنسية عند الصائم، فقد كان الجماع محرماً في شهر الصوم حتى في الليل فوقع كثير من الصحابة في المخالفة لعدم قدرتهم على منع أنفسهم فقال تعالى لهم: "أحل لكم ليلة الصيام الرفثُ إلى نسائكم، هن لباس لكم وأنتم لباس لهن، علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم، فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم .." (البقرة 187) .

إن الزواج بما يتيحه من فرصة لإشباع الرغبة الجنسية عند الرجل والمرأة يجعل من اليسير عليهما أن يغضا البصر عن الحرام وأن يحصنا الفرج عن الزنا، لكن الإحباط الذي تتعرض له هذه الشهوة الفطرية عند الأعزب والعزباء اللذين لا يقعان في الحرام، هذا الحرمان والإحباط مع ما في أبدانهما من عنفوان وهرمونات خلقت لتحث الناس في عمر الشباب على الانجذاب والتزاوج ليستمر التناسل والتكاثر ولتتعمق المودة بين الزوجين، هذا كله يمكن أن يسبب للشاب أو الفتاة انشغالاً وسواسياً للفكر بهذه الشهوة، يجدان صعوبة بالغة في إيقافه والتحرر منه كي يتفرغا إلى ما يريدان من درس أو تحصيل أو عمل أو عبادة.. إن هذا الانشغال الوسواسي بالشهوة الجنسية يشبه انشغال فكر العاشق بمعشوقه، وانشغال فكر الجائع المحروم بالطعام حتى إنه يحلم في نومه بوجبات شهية ويكثر حديثه عن المأكولات كما بينت ذلك الدراسات النفسية، وكما يلاحظ الموظفون عند اقتراب الدوام من نهايته حيث من السهولة توريطهم بحديث لا يكاد ينتهي عن الطعام وأصنافه.

والصوم وجاء من حيث قدرته على إيقاف هذا الانشغال الوسواسي بالشهوة الجنسية، وقد لا يظهر أثره من أول يوم صيام لكن مع مرور بضعة أيام يشعر الشاب والفتاة أن بمقدورهما إبعاد الموضوع عن الذهن والتركيز على ما لديهما من مهمات، إذ لم تعد الخيالات الجنسية تقتحم عليهما الذهن والخاطر، هذا بشرط أن يترافق الصوم مع الابتعاد عن المثيرات الجنسية، إذ إن وجد المثير وجدت الشهوة حتى في حال الصوم، وهذا ما يجعل عامة الناس لا يحبذون زواج الشباب قبيل رمضان أو خلاله لصعوبة ضبط النفس مع وجود المثير وعدم وصول هذين الشابين إلى قدر من الإشباع الذي يتمتع به المتزوجون عادة، أما الآلية التي يقوم الصوم من خلالها بتأثيره هذا فما زالت تنتظر الباحثين المسلمين كي يكتشفوها.

ثم إن الصوم وجاء من حيث هو عبادة مستمرة من الفجر إلى الغروب، إن نسي الصائم أنه متلبس بها للحظات، ما يلبث أن يتذكر ليعود إلى جو العبادة وغض البصر وحفظ اللسان.
ويبقى للزواج الأفضلية، إذ لم يخلق الله فينا الشهوة ليعذبنا بها، لكنه أمرنا أن لا نشبعها بالحرام.. فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجـــاء ..








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 13-05-2025, 07:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,734
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نظرات نفسية في الصيام

نظرات نفسية في الصيام 4- " فَلْيَقُلْ: إنــي صائـــم "


الدكتور محمد كمال الشريف


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال الله عز وجل كل عمل ابن آدم له إلاّ الصيام فإنه لي وأنا أجْزي به، والصيام جُنَّة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يَرفُثْ، ولا يَصْخَبْ، فإن سابَّه أحد أو قاتله فليقل: إنــي صائــم .." (متفق عليه).

لقد كتب الله علينا الصيام في رمضان ليدربنا على التقوى ويجعلنا نجربها ونتذوقها، فننطلق من رمضان في رحلة تقوى تستمر طيلة العمر عاماً بعد عام، وفي كل عام نزداد تقوى لله من خلال صيامنا رمضان آخر.. ولا تكتمل تقوى المؤمن إلاّ بكظم الغيظ، إذ به يتجلى التحكم بالنفس وضبطها في جانب آخر غير الطعام والشراب والشهوة الجنسية، إنها شهوة الانتقام للنفس عند تعرضها لجهل الجاهلين واعتداء المعتدين، وهي شهوة مشروعة طالما بقي المؤمن عادلاً يعاقب بمثل ما عوقب به، فلا ينتقم ممن اعتدى عليه انتقاماً يفوق الإساءة التي تعرض لها فيصبح هو ظالماً لمن بدأه بالعدوان.. ولكننا في الصيام نمتنع عما أحل الله لنا من طعام وشراب وشهوة، ونمتنع معها عما أحل الله لنا من انتقام عادل لأنفسنا، وهو وإن كان امتناعاً مؤقتاً من الفجر إلى الغروب، لكنه يزيدنا قدرة على الامتناع الدائم عما حرم الله علينا من شهوات فيها الإثم والضرر.

وفي رمضان يزداد المتقون حسن خلق، ويكظمون غيظهم فيكون صومهم أقرب ما يكون إلى الكمال، إذ لا قيمة للامتناع عن الطعام والشراب ما لم يرافقه حسن الخلق والامتناع عما يغضب الله من قول أو عمل، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" (رواه البخاري). لكن المؤسف أن البعض يزداد سوء خلق إذا صام في رمضان، ويقل صبره على أهله أو الناس الذين يتعامل معهم في عمله، ويحتج بأنه صائم وليس مستعداً لأن يتحمل أحداً.. إنه لا يصبر على مسبة أو مقاتلة، بل يثور في وجه من قد يلح عليه إلحاحاً بسيطاً طالباً منه حاجته، وصاحب الحاجة أرعن كما يقولون بحكم حرصه على حاجته.. ولو صح أن الصوم عن الطعام والشراب يؤدي إلى سوء الخلق لما كتبه الله علينا ليعلمنا التقوى من خلاله، ولو صح أن الجوع والعطش يجعلان الإنسان سيئ الخلق، لكنا قبلنا ذلك آخر النهار لا أوله، فالموظف الذي يسيء معاملة مراجعيه منذ الصباح الباكر متعللاً بأنه صائم، لا يمكن أن يكون الجوع والعطش سبباً لسوء خلقه وبخاصة إن كان قد تسحر كما يفعل أكثر الصائمين .

قد يكون لدى البعض أسباب للعصبية في الصيام، لكن البعض الآخر يستفيد من رمضان كي يعطي نفسه هواها ويظهر غضبه وسوء خلقه مطمئناً إلى أن الصيام عذر مقبول، حيث يتسامح الناس معه على سوء خلقه أولاً لأنهم خير منه، فقد صـاموا عن الغضب وسوء الخلق مثلما صاموا عن الطعام والشراب، وثانياً لأنهم يحسنون الظن به ويصدقون أنه معذور حقاً في أن يكون سيئ الخلق بسبب الصيام، وهو لسوء خلقه المتأصل فيه يستغل هذه الفرصة ويظهر قلة أدبه.. ومثل هذا المؤمن الذي لم يكتمل إيمانه بعد مدعو لمراجعة نفسه والتذكر أن من الخير له أن يرضي ربه ويحسن خلقه ليدخل في عداد المتقين الذين تنتظرهم جنة عرضها السماوات والأرض .







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 74.02 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 71.02 كيلو بايت... تم توفير 3.00 كيلو بايت...بمعدل (4.06%)]