من أسباب الغفران - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح صحيح البخاري كاملا الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 641 - عددالزوار : 74727 )           »          الحج والعمرة فضلهما ومنافعهما (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 56 )           »          ٣٧ حديث صحيح في الصلاة علي النبي ﷺ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          قوق الآباء للأبناء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          حقوق الأخوّة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          دفن البذور عند الشيخ ابن باديس -رحمه الله- (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          الاغتراب عن القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          آخر ساعة من يوم الجمعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          هاجر… يقين في وادٍ غير ذي زرع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »          الغش ... آفة تهدم العلم والتعليم والمجتمعات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 68 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-05-2025, 10:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,734
الدولة : Egypt
افتراضي من أسباب الغفران

من أسباب الغفران


د. أحمد الشرباصي


عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: لما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: أبسط يدك فلأبايعك، فبسط، فقبضت يدي. قال: مالك يا عمرو؟ قلت: أشترط: قال: تشترط ماذا؟ قلت: أن يغفر لي، قال أما علمت أن الإسلام يهدم ما قبله، وأن الهجرة تهدم ما قبلها، وأن الحج يهدم ما قبله؟

حدث عمرو بن العاص رضي الله عنه عن نفسه قال: كنت للإسلام مجانباً معانداً، حضرت بدراً مع المشركين فنجوت، ثم حضرت أحداً فنجوت، ثم حضرت الخندق فنجوت، فقلت في نفسي: كم أوضع ـ أي: إلى متى أسرع وأجتهد في الشر ـ والله ليظهرن محمد على قريش.

ثم أخذ عمرو يصور أفكاره ومشاعره ومحاولاته للفرار من الإسلام، ولمعاداة الرسول عليه الصلاة والسلام، ويذكر كيف ضاقت عليه الأرض، ثم يذكر أنه اتجه بعد ذلك إلى الإسلام، وانتوى الذهاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة ليعلن إسلامه، وفي الطريق التقى بخالد بن الوليد وعثمان بن طلحة، وهما ينويان نيته.

ووقف الثلاثة أمام الرسول صلى الله عليه وسلم وأعلنوا إسلامهم، يقول عمرو: فتقدم خالد ابن الوليد فبايع، ثم تقدم عثمان ابن طلحة فبايع، ثم تقدمت فوالله ما هو إلا أن جلست بين يديه صلى الله عليه وسلم فما استطعت أن أرفع طرفي حياء منه، قال: فبايعته على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي، ولم يحضرني ما تأخر، فقال: إن الإسلام يجب ما كان قبله، والهجرة تجب ما كان قبلها، فوالله ما عدل بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبخالد ابن الوليد أحداً من أصحابه في أمر حزبه منذ أسلمنا، ولقد كنا عند أبي بكر بتلك المنزلة، ولقد كنت عند عمر بتلك الحالة، وكان عمر على خالد كالعاتب، ويجب: أي: يقطع، من الجب ـ بفتح الجيم ـ وهو القطع، وكلمة ـ يجب ـ بمعنى كلمة: يهدم، التي جاءت في الحديث الذي هنا لأن كلاً من القطع والهدم إزالة للشيء عن مكانه، وكل من الكلمتين تفيد معنى المحو والمغفرة لما سبق من الذنوب.
وقد جاء مثل ما سبق في شأن خالد ابن الوليد رضي الله عنه، فحينما أسلم خالد قال له الرسول صلوات الله عليه: الحمد لله الذي هداك، كنت أرى لك عقلاً، رجوت ألا يسلمك إلا إلى خير، فقال خالد: يا رسول الله، إني قد رأيت ما كنت أشهد من تلك المواطن عليك معانداً للحق، فادع الله أن يغفرها لي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الإسلام يجب ما قبله، فقال خالد: يا رسول الله، على ذلك؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم اغفر لخالد بن الوليد كل ما أوضع فيه من صد عن سبيل الله.

وقد ذكر ابن الأثير في النهاية حديثاً يقول: أن الإسلام يجب ما قبله، والتوبة تجب ما قبلها، أي: يقطعان ويمحوان ما كان قبلهما من الكفر والمعاصي والذنوب، والمراد هنا التوبة الصحيحة الصادقة المقبولة من الله عزَّ وجل.

والإسلام في الشرع قد يطلق على الإقرار اللساني بالدين، سواء أحصل الاعتقاد معه أم لم يحصل، وذلك كما في قوله تعالى في سورة الحجرات:[قَالَتِ الأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ] {الحجرات:14}.

ويطلق الإسلام على الاعتراف اللساني المصحوب بالاعتقاد القلبي والوفاء بالعمل، والاستسلام لله في جميع ما قضى وقدر، وهذا هو المقصود في قوله تعالى:[إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلَامُ] {آل عمران:19}. وكما في قوله:[ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا] {يوسف:101}. أي: اجعلني ممن استسلم لرضاك واستجاب لأمرك.
وقد نوه القرآن الكريم بالإسلام وذكر أنه باب الهداية والاستقامة، ومن اهتدى واستقام كان أهلاً للغفران يقول الله تعالى:[فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ] {الأنعام:125}.وقال:[ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا] {آل عمران:20}.وقال:[وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى] {لقمان:22}. وقال:[ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ المُخْبِتِينَ] {الحج:34}. أي: المتواضعين لله تعالى، وقال:[وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ المُسْلِمِينَ] {فصِّلت:33} .

وهذا الإسلام يستلزم من صاحبه أن يفعل الخير وأن يتجنب الشر، ولذلك قال الحديث:المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، وجاء في الحديث المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضاً الخ.

وأما الهجرة فيراد بها الخروج من دار الكفر إلى دار الإيمان، وقد قال بعض العلماء أن مقتضى ذلك هو هجران الشهوات والأخلاق الذميمة، وترك الخطايا ورفضها، وقد زكى ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: المهاجر من هجر ما نهى الله عنه، وإذا كانت كلمة: الهجرة إذا أطلقت في مجال الدين فهمنا أن المراد منها هجرة النبي صلى الله عليه وسلم مع أتباعه من مكة إلى المدينة، فإن معنى الكلمة يشمل هجران السوء ومكانه وترك المعاصي وأهلها وبذلك المعنى يمكن أن نفهم ما ور من بقاء الهجرة، ولا يتعارض هذا مع الحديث القائل: لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، لأن الهجرة هنا يراد بها ـ والله أعلم بمراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ أن الهجرة ذات الفضل العظيم عند الله، وهي التي كانت من مكة إلى المدينة مع الرسول صلى الله عليه وسلم، قد انتهت بفتح مكة.

وقد نوه القرآن الكريم بشأن الهجرة، فقال في سورة البقرة: [إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ] {البقرة:218}.وقال في سورة الحج:[وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ] {الحج:59}.

وقال في سورة النساء:[وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ المَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا] {النساء:100} .وقال في سورة النحل:[وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ] {النحل:42}.

وأما الحج: فهو في الأصل القصد للزيارة، وهو في الشرع: قصد بيت الله تعالى ـ الكعبة ـ إقامة للنسك وأداء للعبادة، والحج: أحد أركان الإسلام، والله تعالى يقول في سورة آل عمران:[ وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ] {آل عمران:97}.
ويقول في سورة البقرة:[وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ للهِ] {البقرة:196}.
وإنما يغفر الذنوب بأداء الحج إذا كان هذا الأداء خالصاً لوجه الله عزَّ وجل، مصحوباً بالتوبة الصادقة والعزم على الاستقامة، ولذلك رأينا القرآن في الآيات السابقة يخبرنا بأن الحج لله، ويجب أن يتطهر الحج كذلك من كل مالا يليق به، وهذا هو كتاب الله المجيد يقول:[الحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ] {البقرة:197}.
والرسول صلوات الله وسلامه عليه يقول:من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه.
وقد ودرت أحاديث كثيرة تدل على أن الحج الصحيح السليم من الآفات يفتح باب الغفران والرضوان، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكعبة:.هذا البيت دعامة الإسلام، فمن خرج يؤم ـ أي: يقصد ـ هذا البيت من حاج أو معتمر، كان مضموناً على الله: إن قبضه أن يدخله الجنة، وإن رده رده بأجر وغنيمة، وكذلك أخبرت السنة المطهرة أن الحجاج وفد الله، أي: اختارهم الله تعالى لضيافته، و من كان ضيف الله جل جلاله غفر الله له ما سبق من ذنوبه، كما جاء في السنة ـ كما روى النسائي والترمذي ـ أن الحج والمعمرة ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديث، وكذلك جاء في السنة: الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، والحج المبرور هو السالم من الرياء والإثم، وقيل هو الذي يصحبه حسن الأخلاق وسماحة النفس، وقيل: هو الذي يصحبه إطعام الطعام وإنشاء الإحسان، وهو أداء الحقوق، وهو اللطف والعطف والشفقه، وهو الطاعة والعبادة، ولا مانع من قصد هذا كله في معنى الحج المبرور.
وقد ذكر ابن الأثير في النهاية أن الحج المبرور هو الذي لا يخالطه شيء من المآثم، ويمكن أن نضيف إلى ذلك قولنا: وهو الذي يصحبه أيضاً ما يستطاع من المكارم، وقديماً سميت: زمزم باسم بره، لكثرة منافعها وسعة مائها.

وهكذا نجد أن هذا الحديث النبوي الشريف قد أرشدنا إلى ثلاثة أمور من تحلى بها على وجهها، وأخلص لله فيها، واستقام على طريقه بها، غفر الله له ما تقدم من ذنبه، وتقبله بقوله الحسن فضلاً وكرماً منه سبحانه، وعماد هذه الأمور الثلاثة هو الإسلام، بمعنى الخضوع لله جل جلاله، والإقرار له بالربوبية والوحدانية والاستسلام المخلص لأمره، والاستجابة الصادقة لتوجيهه وهديه.

وثانيهاً: هو الهجرة في سبيل الله، لا لغرض ولا لمرفق، بل لترك بيئة الفساد، وتطلب بيئة الرشاد، مع بذل الجهد في سبيل الجهاد، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه.

وثالث الأمور هو الحج المبرور، المقصود به وجه الله جل جلاله، لأن الحج ضيافة الله، ومن قدم على مولاه وهو خاضع خاشع تائب عازم على الاستقامة استحق من ربه الغفران والرضوان.
نسأله سبحانه أن يثبت أقدامنا على طريق الإسلام، وأن يوفقنا لهجران الذنوب والآثام، وأن يكتب لنا العودة إلى حج بيته الحرام، وزيارة رسوله عليه الصلاة والسلام.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 54.09 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.47 كيلو بايت... تم توفير 1.62 كيلو بايت...بمعدل (3.00%)]