انتكاسة أخلاقية وفطرية - ظاهرة الكلاب البشرية تجتاح أوروبا - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         أطفالنا والمواقف الدموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          عشر همسات مع بداية العام الهجري الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          وصية عمر بن الخطاب لجنوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          انفروا خفافاً وثقالاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          أثر الهجرة في التشريع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          مضار التدخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          متعة الإجازة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          التقوى وأركانها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الأمُّ الرحيمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الجالية المسلمة - Muslim non-arabic

ملتقى الجالية المسلمة - Muslim non-arabic قسم يهتم بتوعية الجالية المسلمة وتثقيفهم علمياً ودعوياً مما يساعدهم في دعوة غير المسلمين الى الاسلام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-05-2023, 11:05 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,858
الدولة : Egypt
افتراضي انتكاسة أخلاقية وفطرية - ظاهرة الكلاب البشرية تجتاح أوروبا

انتكاسة أخلاقية وفطرية - ظاهرة الكلاب البشرية تجتاح أوروبا


لقد أكرم الله -تعالى- الإنسان بالعقل والمعرفة، وميَّزه عن جميع المخلوقات، ولم يزل البشَر -على ما بينهم من اختِلاف كثير- متَّفقين على الاعتِزاز بإنسانيَّتهم والمحافظة عليها، بل ويعملون بِموجبها حتَّى عند تَحصيل غرائزهم وشهواتهم، فيسلكون سبيلاً مُغايرًا لسبيل الحيوانات؛ لأنَّهم أرقى منها، بل ولا يقارنون بها أصلا؛ بما لهم من عقول أوجبتْ لهم سموًّا في سائر سلوكيَّاتهم وأنشطتهم التي يقومون بها، إلى أن جاء بعض الغربيين، ووجدناهم يتنكرون لهذه المنحة الإلهيَّة الَّتي وهبها الله -تعالى- للإنسان، ويحاولون أن يسلبوا من الإنسان إنسانيَّته ليتساوى سلوكه بالسُّلوك الحيواني، بل يعيش عيشة تلك الحيوانات والتشبه بها، ومن ذلك ما انتشر -مؤخرًا في بعض البلدان الغربية- ظاهرة (الكلاب البشرية)، وهي تشير إلى مجموعة من الأفراد، يعرضون أنفسهم للتبني مثل الحيوانات الأليفة عبر موقع الإنترنت مقابل مبلغ مالي ضخم، فيبدؤون التصرف كالكلاب؛ حيث يسيرون على أربعة، ويرتدون ملابس شبيهة للكلاب، كما يتناولون أطعمة خاصة بالكلاب أيضًا.

أولاً: بداية الظاهرة وأسبابها
كانت بداية هذه الظاهرة في بريطانيا خلال عقد التسعينات الماضي، لكنها اتسعت في العقد الأخير؛ حيث يُقدّر عدد الكلاب البشرية في بريطانيا وحدها بأكثر من (عشرة آلاف شخص)، فيما يصل العدد إلى عشرات الآلاف في دول الاتحاد الأوروبي، كما اقتصرت الظاهرة -في البداية- على أشخاص يلبسون ويتصرفون كالكلاب داخل بيوتهم، لكن تدريجيا بدأت تخرج الظاهرة إلى العلن، وكثيرًا ما يُشاهد في الطرقات أشخاص يسحبون رجالاً يسيرون على أربعة، ويتصرفون مثل الكلاب.
من أين جاءت هذه الظاهرة؟
انبثقت هذه الظاهرة في مجتمع يطلق عليه (bdsm)، وهو مجتمع متعلق بالاتجاهات الجنسية الشاذة، وبدأ الأمر بالانتشار في ظرف 15 عامًا الماضية؛ حيث ساعد الإنترنت في نشر هذه الأفكار لكل من تروق له، وفي الوقت الذي يضم فيه عالم الكلاب العديد من الأصناف، فإن عالم المتشبهين بالكلاب أغلبهم ذكور من الشواذ، الذين يميلون لارتداء الجلود، وأقنعة للرأس على هيئة كلب، ويحبون التصرف كالكلاب في حركة مداعبتها لصاحبها، الأغرب من هذا أن هؤلاء الأشخاص يفضلون تناول الطعام من أوعية الكلاب، ويقيمون علاقات مع من يعتنون بهم من البشر، الذين يعدون أنفسهن طبيعيين بحسب ما نشرته بعض الصحف الغربية.
سرعة الانتشار
وأصبحت الظاهرة سريعة الانتشار ﻓﻲ ﺩﻭﻝ مثل: كندا وأمريكا ﻭأسترﺍﻟﻴﺎ، ﻭﺃﻏﻠب الكلاب البشرية يتقمصون دور الكلاب؛ لـلأﻏﺮﺍﺽ الجنسية أو ﻣﻦ أجل ﺍﻟﻤﺎﻝ، كما أن الكثير منهم من عائلات ثرية، وفي أوروبا تنتشر المحال التي تبيع بدلات الكلاب ورؤوس الكلاب التي يضعها الكلب البشري على رأسه، فضلا عن الذَّنَب، وتطورت صناعة الأدوات الخاصة بالكلاب البشرية؛ حيث تُبتكر رؤوس كلاب مزودة بأجهزة لتحريك الأذنين وأخرى لتحريك الذنب؛ حيث تشاهد الكلاب البشرية وهي تهز بأذنابها، كما لو أنها كلاب حقيقية، فضلا عن أقفاص خاصة مفروشة يدخل الكلب البشري ويهجع فيها، وهي ملأى بالألعاب التي تستخدم لإلهاء الكلاب كالعظام الاصطناعية والدمى والأغصان أو الأخشاب لتعض عليها الكلاب.
التنمر والتعنيف
ويُقال: إن هذه الظاهرة انتشرت في البداية؛ بسبب تعرض أصحابها -وهم صغار- إلى التنمر والتعنيف وزرع الخوف وعدم الثقة فيهم؛ لذا وجدوا أن حياة الكلاب هي الأنسب للحصول على ما يسميه المختصون النفسيون بـ (مساحة رأس الكلب)، ولكن أرجع آخرون هذه الظاهرة لأغراض جنسية أو من أجل المال؛ إذ يصل المبلغ الذي يتقاضاه الكلب البشري أكثر من 70 ألف دولار.
اضطرابات شخصية
وأشار أطباء علم النفس في جامعة لندن، إلى أن هؤلاء الأفراد مصابون بـ(اضطراب الشخصية الاجتنابي) ومن أعراضه: القلق والكبح الاجتماعي، والشعور بالعجز والدونية، والحساسية الشديدة ضد الآراء السلبية للآخرين، والانطوائية، والوحدة، كما يشعرون أنهم غير مرحب بهم من قبل الآخرين، وقد يزيد خطر الإصابة بهذا الاضطراب، حين تُتجاهل مشاعر الأطفال العاطفية، وترفضهم الأقران كالمتنمرين مثلا.
ما الهدف من هذه التصرفات؟
يقول أحد المتشبهين بالكلاب (دافيد) -الذي يعمل كاتبًا في إحدى الأكاديميات-: إن لعب الكلاب بالنسبة له هروب من العالم البحثي التحليلي، ولكنه لا يمكنه وصف الظاهرة أبدا، ويعد (دافيد) الموضوع خارج حدود التفكير العقلاني، وخارج حدود الإدراك، كما أنه عادة بدائية، ومتعلق بالناحية الحسية، لكن بالنسبة له يبقى داخل كل متشبه بالكلاب إنسان حقيقي.
ثانيًا: رحمة الإسلام بالحيوان
قبل أن نتكلم عن موقف الشريعة من التشبه بالحيوانات، لابد -بداية- أن نذكر موقف الإسلام من الحيوانات عموما ورحمته به؛ فمِنْ أعْظم مَظاهر رحمة الإسلام الشاملة رحمته بالحيوان الأعجم، الذي سخَّره الله لخِدْمة الإنسان؛ فأوجب الإسلام صيانة هذه النِّعمة حتى يدومَ الانتفاع بها، بل إنَّ رحمتَه شَمِلَتْ الحيوانات الأخرى التي لا تظْهر فيها المنْفعة المُباشرة في الأمور الأساسية للحياة؛ لأنَّها -على كل حال- مخْلوقات تُحِس بما يُحِس به كلُّ حيوان.
ثالثًا: أنواع الرفق بالحيوان
تعددت أنواع رحمة الإسلام بالحيوانات، ونذكر أهمها فيما يلي:
(1) عدم حبْس الطعام عنها وتجْويعها
وجاء في ذلك حديث البخاري ومسلم «عُذِّبت امرأة في هِرَّة حبَسَتْها، لا هي أطعمتها وسقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض»، وحديث أبي داود أنه - صلى الله عليه وسلم - مرَّ ببعيرٍ قد لَحِق ظهرُه ببطْنِه، أي هزيل من الجوع؛ فقال: «اتقوا الله في هذه البهائم، فاركبوها صالحة وكلوها صالحة».
(2) تيسير إطعامها والعناية به
وقد أخبر - صلى الله عليه وسلم- أن رجلًا نزل بئرًا فسقى كلبًا يلهث من شدة العطش؛ فشكر الله له؛ فغفر له. ولما سأله الصحابة عن الأجر في سقي البهائم قال: «في كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أجْرٌ» رواه البخاري، وفِي حديث رواه مسلم: «ما مِن مُسلم يَغْرِس غرسًا أو يزرع زرعًا، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة، إلا كان له به صدقة» وكان - صلى الله عليه وسلم- يُصْغِي الإناء للهرَّة أي يُمِيلُه حتَّى تَشرب، ثم يتوضأ بما فَضُل منها، كما رواه الدارقطنى عن عائشة. وقد يُقَال: إن هناك تعارضًا بين الترغيب في سقْي الكلب والأمر بقتله، وقد تحدَّث عن ذلك ابن حجر في فتح الباري (ج5/52) بأن قوله: «في كل ذات كبدٍ رطبةٍ أجرٌ» مخصوص ببعض البهائم مما لا ضرر فيه؛ لأنَّ المأمور بقتْله كالخِنْزير لا يجوز أن يقوى ليزداد ضَرَرُه، وكَذا قال النَّووي: إنَّ عمومه مخصوص بالحيوان المحترم، وهو ما لم يُؤْمَر بقتله، فيحصل الثواب بسقْيِه، ويَلْحَق به إطعامه وغير ذلك من وجوه الإحسان إليه، واستدلَّ به على طهارة سُؤْر الكلب، وهو ما يَتَبقَّى في الإناء بعد شُرْبه منه.
(3) عدم إلحاق الضرر بالحيوان
ومنه تَحْمِيله ما لا يُطِيق، وإرهاقه في السَّيْر؛ ففي مسلم وغيره قوله - صلى الله عليه وسلم-: «إذا سافرْتم في الخِصْبِ فأعْطُوا الإبل حظًّا من الأرض»، ورُوي عن أبي الدَّرداء قوله -لبعير له عند الموت-: يا أيُّها البعير لا تُخَاصِمْني عند ربِّك؛ فإني لم أكن أُحَمِّلُك فَوْق طاقتِك، وأخرج الطبراني عن علي قال: إذا رأيتم ثلاثة على دابَّة فارجُموهم حتَّى يَنزِلَ أحدُهم.
(4) عدم اتخاذ الحيوان أداةً للَّهْو
كجعله غرضًا للتسابُق في رمْيِه بالسِّهام، ويُشْبهه ما يُعْرَف اليوم بمصارعة الثِّيران، فقد مرَّ عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- بفِتْيان من قريش نَصَبُوا طَيْرًا وَهُمْ يَرْمُونَه، وجَعلوا لصاحبه كل خاطئة من نبْلهم، فقال لهم: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لعنَ مَن اتَّخَذ شيئًا فيه روحٌ غرضًا، رواه البخاري ومسلم.
(5) الإحسان إلى الحيوان عند الذَّبْح
وجاء في ذلك حديث الطبراني والحاكم وصححه: أنَّ رجلًا أضْجَع شاة ليَذْبَحها وهو يُحِدُّ شَفْرَته، فقال - صلى الله عليه وسلم-: «أتُريد أن تُمِيتَها مَوْتَات! هلَّا أحددْتَ شَفْرَتك قبْل أن تُضْجِعْهَا»؟! وفي حديث آخر « إنَّ الله كَتَبَ الإحسانَ علي كل شيء، فإذا قَتَلْتُم فأحْسِنُوا القِتْلَة، وإذا ذَبَحْتُم فأحْسِنُوا الذِّبْحَة، وليُحِدَّ أحدُكم شَفْرَته، ولْيُرِحْ ذَبِيحَتَه» رواه مسلم. يقول ربيعة الرأي: من الإحسان ألا تُذْبَح ذبيحة، وأخرى تنظر إليها.
رابعًا: حكم التشبه بالحيوانات والبهائم
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله في (مجموع الفتاوى)-: التشبه بالبهائم في الأمور المذمومة في الشرع مذموم منهي عنه في أصواتها، وأفعالها، ونحو ذلك، مثل: أن ينبح نبيح الكلاب، أو ينهق نهيق الحمير، ونحو ذلك وذاك لوجوه:
الوجه الأول:
التشبه بالبهائم مذموم ومنهي عنه
قررنا في (اقتضاء الصراط المستقيم) نهي الشارع عن التشبه بالآدميين الذين جنسهم ناقص كالتشبه بالأعراب، وبالأعاجم وبأهل الكتاب ونحو ذلك في أمور من خصائصهم، وبينا أن من أسباب ذلك: أن المشابهة تورث مشابهة الأخلاق، وذكرنا أن مَن أكثرَ عشرة بعض الدواب اكتسب من أخلاقها كالكلابين، والجمالين، وذكرنا ما في النصوص من ذم أهل الجفاء، وقسوة قلوب أهل الإبل، ومن مدح أهل الغنم فكيف يكون التشبه بالبهائم فيما هي مذمومة به، بل هذه القاعدة تقتضي بطريق التنبه النهي عن التشبه بالبهائم مطلقاً فيما هو من خصائصها، وإن لم يكن مذموماً بعينه؛ لأن ذلك يدعو إلى فعل ما هو مذموم بعينه؛ إذ من المعلوم أن يكون الشخص أعرابيا، أو عجميا خير من كونه كلبًا، أو حمارًا، أو خنزيرًا، فإذا وقع النهي عن التشبه بهذا الصنف من الآدميين في خصائصه لكون ذلك تشبها فيما يستلزم النقص ويدعو إليه، فالتشبه بالبهائم فيما هو من خصائصها أولى أن يكون مذموما ومنهيا عنه.
الوجه الثاني: كون الإنسان مثل البهائم مذموم
إن كون الإنسان مثل البهائم مذموم، قال -تعالى-: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ ءَاذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}.
الوجه الثالث:
ذكر التشبه بالكلب ونحوه في معرض الذم
إن الله -سبحانه- إنما شبه الإنسان بالكلب والحمار ونحوهما في معرض الذم له كقوله: {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) سَاءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ}، وقال -تعالى-: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} الآية، وإذا كان التشبه بها إنما كان على وجه الذم من غير أن يقصد المذموم التشبه بها، فالقاصد أن يتشبه بها أولى أن يكون مذمومًا، لكن إن كان تشبه بها في عينِ ما ذَمَّه الشارع صار مذمومًا من وجهين، وإن كان فيما لم يذمه بعينه صار مذمومًا من جهة التشبه المستلزم للوقوع في المذموم بعينه.
الوجه الرابع:
المؤمن منزه عن مَثَل السوْء
وهو قوله -صلى الله عليه وسلم - في (الصحيح)-: «العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه، ليس لنا مَثَلُ السوْء»، ولهذا يذكر أن الشافعي وأحمد تناظرا في هذه المسألة؛ فقال له الشافعي: الكلب ليس بمكلف، فقال له أحمد: ليس لنا مَثَلُ السوْء، وهذه الحجة في الحديث؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يذكر هذا المثل إلا ليبين أن الإنسان إذا شابه الكلب كان مذموماً، وإن لم يكن الكلب مذمومًا في ذلك من جهة التكليف، ولهذا قال: «ليس لنا مَثَلُ السَوْء»، والله -سبحانه- قد بين بقوله: {سَاءَ مَثَلاً} أن التمثيل بالكلب مَثَلُ سَوْء، والمؤمن منزه عن مَثَل السوْء فإذا كان له مَثَل سَوْء من الكلب كان مذموماً بقدر ذلك المثل السوء.
الوجه الخامس:
التشبه يقتضي الحمد
أو الذم بحسب المشبه به
أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: «إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب»، وقال: «إذا سمعتم صياح الديكة، فاسألوا الله من فضله، وإذا سمعتم نهيق الحمير، فتعوذوا بالله من الشيطان؛ فإنها رأت شيطانا»، فدل ذلك على أن أصواتها مقارنة للشياطين، وأنها منفرة للملائكة، ومعلوم أن المشابهة للشيء لابد أن يتناوله من أحكامه بقدر المشابهة، فإذا نبح نباحها كان في ذلك من مقارنة الشياطين، وتنفير الملائكة بحسبه، وما يستدعي الشياطين، وينفر الملائكة لا يباح إلا لضرورة، ولهذا لم يبح اقتناء الكلب إلا لضرورة لجلب منفعة كالصيد، أو دفع مضرة عن الماشية والحرث، حتى قال - صلى الله عليه وسلم -: «من اقتنى كلباً إلا كلب ماشية، أو حرث، أو صيد، نقص من عمله كل يوم قيراط»، وبالجملة: فالتشبه بالشيء يقتضي من الحمد والذم بحسب المشبه، لكن كون المشبه به غير مكلف، لا ينفي التكليف عن المتشبه، كما لو تشبه بالأطفال والمجانين.
الوجه السادس:
لا يجوز للآدمي التشبه بالبهائم
إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعن المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال؛ وذلك لأن الله خلق كل نوع من الحيوان وجعل صلاحه وكماله في أمر مشترك بينه وبين غيره، وبين أمر مختص به، فأما الأمور المشتركة فليست من خصائص أحد النوعين؛ ولهذا لم يكن من مواقع النهي، وإنما مواقع النهي الأمور المختصة، فإذا كانت الأمور التي هي من خصائص النساء ليس للرجال التشبه بهن فيها، والأمور التي هي من خصائص الرجال ليس للنساء التشبه بهم فيها، فالأمور التي هي من خصائص البهائم لا يجوز للآدمي التشبه بالبهائم فيها بطريق الأوْلى والأحرى؛ وذلك لأن الإنسان بينه وبين الحيوان قدر جامع مشترك، وقدر فارق مختص، ثم الأمر المشترك كالأكل، والشرب، والنكاح، والأصوات والحركات، لما اقترنت بالوصف المختص كان للإنسان فيها أحكام تخصه ليس له أن يتشبه بما يفعله الحيوان فيها؛ فالأمور المختصة به أولى، مع أنه في الحقيقة لا مشترك بينه وبينها، ولكن فيه أوصاف تشبه أوصافها من بعض الوجوه، والقدر المشترك إنما وجوده في الذهن لا في الخارج، وإذا كان كذلك، فالله -تعالى- قد جعل الإنسان مخالفًا بالحقيقة للحيوان، وجعل كماله وصلاحه في الأمور التي تناسبه، وهي جميعها لا يماثل فيها الحيوان، فإذا تعمد مماثلة الحيوان، وتغيير خلق الله، فقد دخل في فساد الفطرة والشرعة، وذلك محرم.

حكم تماثيل الحيوانات التي
توضع في البيت للزينة
قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: لا يجوز تعليق التصاوير، ولا الحيوانات المحنطة في المنازل ولا في المكاتب ولا في المجالس؛ لعموم الأحاديث الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- الدالة على تحريم تعليق الصور، وإقامة التماثيل في البيوت وغيرها؛ لأن ذلك وسيلة للشرك بالله، ولأن في ذلك مضاهاة لخلق الله وتشبها بأعداء الله، ولما في تعليق الحيوانات المحنطة من إضاعة المال والتشبه بأعداء الله، وفتح الباب لتعليق التماثيل المصورة، وقد جاءت الشريعة الإسلامية الكاملة بسد الذرائع المفضية إلى الشرك أو المعاصي.
الحكمة من النهي
عن التشبه بالحيوان
الحكمة من النهي عن التشبه بالحيوان أنَّ الله -تعالى- كرم الإنسان وجعله في منزلة عالية، قال -تعالى-: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ} (الإسراء:70)، ونزول الإنسان عن هذه الدرجة نزول إلى النقص والمهانة، ورفضٌ لتكريم الله له، ومن ذلك أن يتشبه بهذه المخلوقات الناقصة التي لا تعقل؛ فالنهي عن التشبه بها فيه حفظ لمكانته العالية، يقول ابن تيمية: «الله جعل الإنسان مخالفاً بالحقيقة للحيوان، وجعل كماله وصلاحه في الأمور التي تناسبه، وهي جميعاً لا يماثل فيها الحيوان، فإذا تعمد مماثلة الحيوان وتغيير خلق الله، فقد دخل في فساد الفطرة والشريعة، وذلك محرم»، فالنهي عن التشبه بالحيوان فيه حفاظ لفطرة الإنسان وشريعة الإسلام، وهذه حكمة بالغة.
حكم لبس الملابس التي فيها صور حيوان
قال الشيخ عبد العزيز ابن باز -رحمه الله-: لا يجوز لبس الملابس التي فيها صور حيوان من أسد، أو ذئب، أو كلب، أو قط، أو غير ذلك، لا للرجل ولا للمرأة ولا للطفل ولا للكبير؛ لأن وجودها في الملابس فيه نوع من التعظيم لها، والرسول - صلى الله عليه وسلم- نهى عن الصور، ولعن المصورين، وقال - صلى الله عليه وسلم-: «لا تدع صورة إلا طمستها»، وقال: «لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة» إلا إذا كانت صور ممتهنة في البساط، أو الوسادة، هذا لا بأس، لا تمنع.
تقليدُ أصواتِ الحيواناتِ وتمثيلُ حركاتِها
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: لا يصلحُ تقليدُ الحيوانِ؛ لأنَّ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليهِ وعلى آله وسلَّمَ- لم يُلْحِقِ الآدميَّ بالحيوانِ إلا في مقامِ الذمِّ»، وزادَ ذلكَ إيضاحًا في موضعٍ آخرَ فقالَ: «قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم-: «لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السُّوءِ، العَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ»، فقولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: «لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السُّوءِ» هذه الجملةُ مفيدةٌ جدًّا في الذين يمثلونَ أصواتَ الحيوانِ مثلًا، فيُقالُ: ليسَ لنا مثلُ السوءِ، هكذا قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم-، فلا يجوزُ التَّمثيلُ بالحيوانِ».

موقف الشريعة من التشبه بالحيوانات
إنّ من مقاصد الشريعة الإسلامية تميّزها عن غيرها، وتميز المسلمين عن غيرهم؛ ولذلك جاءت بالمنع من التشبه بغير المسلمين، وكذلك منعت تشبه الرجال بالنساء وتشبهَ النساء بالرجال؛ لأن لكلٍّ منهما شأنًا في الحياة وواجبات وطبيعة مختلفة عن الآخر، كما رفعت شأن المسلم فمنعته من التشبه بالحيوانات؛ حيث أكرمه الله -تعالى- بالعقل والمعرفة، وميَّزه عن جميع المخلوقات، فكيف يليق بهذا الإنسان أن ينزل إلى درجة البهائم، ويفعل أفعالها، ويتشبه بها؟!


وائل رمضان




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 71.02 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 69.13 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (2.66%)]