«عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله - الصفحة 3 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         كلام جرايد د حسام عقل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 17 - عددالزوار : 33 )           »          تأمل في قوله تعالى: {وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {وما قدروا الله حق قدره... } (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          بيان معجزة القرآن بعظيم أثره وتنوع أدلته وهداياته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          {إن كنتم تحبون الله فاتبعوني} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          { ويحذركم الله نفسه } (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          رمضان والسباق نحو دار السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          جدول لآحلى الأكلات والوصفات على سفرتك يوميا فى رمضان . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 772 )           »          منيو إفطار 19 رمضان.. طريقة عمل الممبار بطعم شهى ولذيذ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          جددي منزلك قبل العيد.. 8 طرق بسيطة لتجديد غرفة المعيشة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #21  
قديم 02-06-2021, 05:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,653
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله

كتاب «عون الرحمن في تفسير القرآن»


الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم

حكم البسملة من حيث الجهر بها والإسرار،
في الصلاة، أو خارجها


أ - حكم الجهر بها في غير الصلاة:
أكثرُ القُرَّاءِ على الجهر بها خارج الصلاة[1]، ورُوي عن بعضهم إخفاؤها، منهم حمزة، ونافع[2]، ورُويَ عنهما الجهر بها[3].

وأخذ بعض أهل الأداء بالتسمية جهرًا لجميع القراء، وأخذ بعض أهل الأداء لهم إخفاءها[4].

ب - حكم الجهر بها في الصلاة:
اختلَفَ أهل العلم في حكم الجهر بالبسملة في الصلاة على أقوال:
القول الأول:
أنه يُسَنُّ الجهر بها في الصلاة الجهريَّة، والإسرارُ بها في الصلاة السِّريَّة.

وهو مرويٌّ عن عمر، وعليٍّ، وعبدالله بن الزبير[5]، وابن عباس، وابن عمر، وأبي هريرة، ومعاوية بن أبي سفيان[6]، وشداد بن أوس[7]؛ رضي الله عنهم.

ومن التابعين: سعيد بن جبير[8]، ومحمد بن شهاب الزهري[9]، ومجاهد، وعطاء، وطاوس[10].

وحكاه ابن كثير - أيضًا [11]ــ عن عكرمة، وأبي قلابة، وعلي بن الحسين، وابنِه محمد، وسعيد بن المسيَّب، وسالم، ومحمد بن كعب القُرَظي، وأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وأبي وائل، وابن سيرين، ومحمد بن المنكدر، ونافع مولى ابن عمر، وعمر بن عبدالعزيز، والأزرق بن قيس، وحبيب بن أبي ثابت، وأبي الشعثاء، وعبدالله بن معقل بن مقرن، وعبدالله بن صفوان، ومحمد بن الحنَفيَّة، وعمرو بن دينار.

وهو المشهور من مذهب الشافعي[12]، ونُسِب لأحمد في رواية له[13]، ولكن قال ابن قدامة[14]: "ولا تختلف الرواية عن أحمد أن الجهر بها غير مسنون".

وقال ابن تيمية[15]: "وقد حكى القول بالجهر عن أحمد وغيره، بناء على إحدى الروايتين عنه من أنها من الفاتحة، فيجهر بها كما يجهر بسائر الفاتحة، وليس هذا مذهبَه، بل يُخافت بها عنده".

وروي عن الليث بن سعد[16]، وأبي عبيد[17]، وداود الظاهري[18].

وقد سبقت الإشارة إلى أن أدلة القائلين بوجوب قراءة البسملة في الصلاة هي نفسُها أدلة القائلين بالجهر بها، ومنها ما يلي:
1 - أن الصحابة كتَبوها في المصحف، مع أنهم جرَّدوه عما ليس من القرآن[19]، مما يدل على وجوب قراءتها والجهر بها.

والجواب عن هذا: أنه إنما تجب قراءتها والجهرُ بها لو كانت من السورة، وبخاصة مع الفاتحة، والصحيح أنها آية مستقلة من القرآن، كما تَقدَّم بيان ذلك.

2 - ما رواه نعيمٌ المُجْمِرُ قال: "صلَّيتُ وراء أبي هريرة، فقرأ: ï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾، ثم قرأ بأمِّ القرآن، حتى بلغ ï´؟ وَلَا الضَّالِّينَ ï´¾، فقال: آمين، فقال الناس: آمين، ويقول كلما سجد: الله أكبر، وإذا قام من الجلوس في الاثنتين، قال: الله أكبر، وإذا سلَّم قال: والذي نفسي بيده، إني لَأشبَهُكم صلاةً برسول الله صلى الله عليه وسلم"[20].

قالوا: فهذا الحديث يدل على مشروعية الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم؛ لأن قوله: "فقرأ ï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾ يؤخذ منه أنه قرأها جهرًا، وإلا فكيف يعلم أن أبا هريرة قرأها؟ وحيث قال أبو هريرة في نهاية الحديث: "والذي نفسي بيده، إني لَأشبَهُكم صلاةً برسول الله صلى الله عليه وسلم"، فهذا يدل على أنه صلى الله عليه وسلم يجهر بها.

وقد أجاب أهل العلم من القائلين بعدم الجهر عن هذا الحديث بجوابين:
الأول: من حيث صحة سنده، فقد ضعَّفه جمعٌ من أهل العلم.
وقد أطال الزيلعي في "نصب الراية"[21] في ذكر كلام الأئمة في تضعيفه، وأجاب عنه، وأعَلَّه من وجوه عدة، وكذا أعَلَّه وأجاب عنه من وجوه عدة الزبيديُّ[22]، كما ضعَّف إسنادَه الألباني[23].

الجواب الثاني: أن دلالته على الجهر ليست صريحة - على فرض صحته - فيحتمل أن أبا هريرة أسَرَّ بها، ويحتمل أنه قصد تعليمهم، أو غير ذلك.

قال الجصاص[24]: "حديث نعيمٍ المُجمرِ لا دلالة فيه على الجهر بها؛ لأنه إنما ذكر أنه قرأها، ولم ينقل عنه أنه جهر بها".

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية[25]: "فإن العارفين بالحديث يقولون: إنه عمدتهم في هذه المسألة، ولا حجة فيه... فقد يكون أبو هريرة قصد تعريفهم أنها تُقرَأُ في الجملة، وإن لم يجهر بها، وحينئذٍ فلا يكون هذا مخالفًا لحديث أنس الذي في الصحيح وحديث عائشة الذي في الصحيح، هذا إذا كان الحديث دالًّا على أنه جهر بها، فإن لفظه ليس صريحًا بذلك من وجهين؛ أحدهما: أنه قال: قرأ ï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾ فيحتمل أنه قرأها سرًّا... الثاني: أنه لم يُخبِر أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأها، وإنما قال في آخر الصلاة: "إني لأشبَهُكم صلاةً برسول الله صلى الله عليه وسلم".

وفي الحديث: أنه أمَّنَ، وكبَّر في الخفض والرفع، وهذا ونحوه مما كان يتركه الأئمة، فيكون أشبَهَهم برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الوجوه التي فيها ما فعَلَه الرسول صلى الله عليه وسلم وتركوه هم، ولعل قراءتها مع الجهر أشبَهُ بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من تركها".

3 - ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه: "أن معاوية لما قدم المدينة صلَّى بهم، فلم يجهر بالبسملة، فأنكر عليه المهاجرون والأنصار، فأعاد بهم الصلاة وجهر بها"[26].

قالوا: فإنكار المهاجرين والأنصار على معاوية ترْكَ الجهر بالبسملة، وإعادتُه الصلاة بهم، والجهر بها، يدلُّ على أن السُّنة الجهر.

وهذا الحديث ضعَّفه من حيث سنده ومتنُه عددٌ من المحققين، منهم: شيخ الإسلام ابن تيمية[27]، فقد ضعَّفه من وجوه ستة، ثم قال بعدها: "فهذه الوجوه وأمثالها، إذا تدبَّرَها العالِمُ، قطع بأن حديث معاوية إما باطل لا حقيقة له، وإما مغيَّر عن وجهه، وأن الذي حدَّث به بلغه من وجه ليس بصحيح، فحصلت الآفة من انقطاع إسناده. وقيل: هذا الحديث لو كان تقوم به حجة، لكان شاذًّا؛ لأنه خلاف ما رواه الناس الثقاتُ الأثبات عن أنس وعن أهل المدينة وأهل الشام، ومن شرط الحديث الثابت ألا يكون شاذًّا، ولا معلَّلًا، وهذا شاذ معلل، وإن لم يكن من سوء حفظ بعض رُواته...".

كما ضعَّفه الزيلعي[28] والزبيدي[29] من حيث سنده ومتنه من وجوه عدة، وذكرا كلامَ الأئمة في تضعيفه.

4 - ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه أنه سُئل عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "كانت مدًّا يمُدُّ (بسم الله)، ويمُدُّ بـ(الرحمن)، ويمُدُّ بـ(الرحيم)"[30].

5 - ما روتْه أم سلمة رضي الله عنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يقطِّع قراءته تقطيعًا: ï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾، ï´؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ï´¾... الحديث"[31].

قالوا: فهذان الحديثان يدلانِ على أنه صلى الله عليه وسلم كان يجهر بالبسملة.

والصحيح أنه لا حجة في هذين الحديثين؛ لأنه ليس فيهما ما يدل صراحة على أنه صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك في الصلاة[32].

6 - ما رواه المعتمر بن سليمان عن أبيه عن أنس رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر بالقراءة ببسم الله الرحمن الرحيم"[33].

وهذا الحديث - وإن صحَّحه الحاكم - ففيه نظر؛ لأنه يعارض ما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن أنس وغيره، من عدم جهر الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه بها - كما سيأتي في أدلة القول الثاني.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية[34]: "يعلم أولًا أن تصحيح الحاكم وحده وتوثيقه وحده لا يوثق به فيما دون هذا، فكيف في مثل هذا الموضع الذي يعارض فيه بتوثيق الحاكم، وقد اتفق أهل العلم بالصحيح على خلافه، ومن له أدنى خبرة في الحديث وأهله، لا يعارض بتوثيق الحاكم ما قد ثبت في الصحيح خلافُه...".

إلى غير ذلك من الأحاديث التي استدلوا بها[35] وهي بين ضعيفٍ، أو موضوع، أو مما لا حجة لهم فيه، كما بيَّن ذلك جمع من المحققين.

قال الدارقطني[36]: "كل ما رُويَ عن النبي صلى الله عليه وسلم في الجهر، فليس بصحيح، وأما عن الصحابة فمنه صحيح ومنه ضعيف".

وقال ابن الجوزي في "التحقيق"[37] بعد أن ذكر الأحاديث التي استدل بها الشافعية على الجهر وبيَّن ضعفها: "وهذه الأحاديث في الجملة لا يحسُن بمن له علم بالنقل أن يعارض بها الأحاديث الصحاح... ويكفي في هجرانها إعراضُ المصنفين للمسانيد والسنن عن جمهورها".

وذكر قول الدارقطني السابق، ثم قال: "ثم إنَّا بعد ذلك نحمل أحاديثهم على أحد أمرين: إما أن يكون جهر بها للتعليم، كما رُويَ أنه كان يصلي بهم الظهر فيُسمِعهم الآية والآيتين بعد الفاتحة أحيانًا...".

وقال ابن قدامة[38]: "وسائر أخبار الجهر ضعيفة؛ فإن رواتها هم رواة الإخفاء، وإسناد الإخفاء صحيح ثابت بغير خلاف فيه، فدلَّ على ضعف رواية الجهر".

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية[39]: "وقد اتفق أهل المعرفة بالحديث على أنه ليس في الجهر بها حديثٌ صريح، ولم يروِ أهل السنن المشهورة؛ كأبي داود والترمذي والنسائي، شيئًا من ذلك، وإنما يوجد الجهر بها صريحًا في أحاديث موضوعة يرويها الثعلبي والماوردي وأمثالهما في التفسير، أو في بعض كتب الفقهاء، الذين لا يميِّزون بين الموضوع وغيره، بل يحتجون بمثل حديث الحُمَيْراء".

وقال - أيضًا[40] - بعدما ذكر مذهب القائلين بالجهر بالبسملة: "واعتمدوا على آثار منقولة بعضها عن الصحابة، وبعضها عن النبي صلى الله عليه وسلم، فأما المأثور عن الصحابة كابن الزبير ونحوه، ففيه صحيح، وفيه ضعيف، وأما المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهو ضعيف أو موضوع، كما ذكر ذلك حفاظ الحديث، كالدارقطني وغيره...".

وقال - أيضًا[41] ــ: "وإنما كثر الكذب في أحاديث الجهر؛ لأن الشيعة ترى الجهر، وهم أكذَبُ الطوائفِ، فوضَعوا في ذلك أحاديث لبسوا بها على الناس دينَهم؛ ولهذا يوجد في كلام أئمة السنة من الكوفيين كسُفيان الثوري أنهم يذكُرون من السنة المسحَ على الخفين، وترك الجهر بالبسملة، كما يذكرون تقديمَ أبي بكر وعمر، ونحو ذلك؛ لأن هذا كان من شعار الرافضة؛ ولهذا ذهب أبو علي بن أبي هريرة أحد الأئمة من أصحاب الشافعي إلى ترك الجهر بها، قال: لأن الجهر بها صار من شعار المخالفين".

وقال ابن القيم[42] مشيرًا إلى أحاديث الجهر: "فصحيح تلك الأحاديث غير صريح، وصريحُها غير صحيح".

وقد أطال الزيلعي في "نصب الراية"[43] في ذكر كلام أهل العلم في تضعيف الأحاديث والآثار الواردة في الجهر بالبسملة، ثم قال[44]:
"وبالجملة هذه الأحاديث كلُّها ليس فيها صريح، ولا صحيح، بل فيها عدمهما، أو عدم أحدهما، وكيف تكون صحيحة وليست مخرجةً في شيء من الصحيح، ولا المسانيد، ولا السنن المشهورة، وفي روايتها الكذَّابون والضعفاء والمجاهيل...".

كما ضعَّف أحاديثَ الجهر الزبيديُّ[45].

القول الثاني:
أنه يسنُّ الإسرار بالبسملة في الصلاة مطلقًا، وهو قول جمهور أهل العلم من المحدِّثين والفقهاء وغيرهم[46].

وهو الثابت عن الخلفاء: أبي بكر وعمر وعثمان[47]، وعلي[48] رضي الله عنهم، وعن أنس[49]، وعائشة رضي الله عنهما[50]، ورُويَ عن ابن عباس رضي الله عنهما[51]، وبه قال ابن مسعود، وعبدالله بن الزبير، وعمَّار بن ياسر رضي الله عنهم، وعروة بن الزبير، وأبو وائل، ومحمد بن سيرين، والحكم بن عتيبة، وإبراهيم النخعي[52]، والحسن وقتادة وعمر بن عبدالعزيز[53]، وعكرمة[54]، والأوزاعي، وسفيان الثوري[55]، وسعيد بن جبير والأعمش والشعبي[56]، وأبو حنيفة وأصحابه[57]، وأحمد بن حنبل[58]، وعبدالله بن المبارك، وإسحاق بن راهويه[59]، وأبو عبيد[60]، وجماعة من أصحاب الشافعي[61]، وغيرهم كثير[62].


واستدل أصحاب هذا القول بأحاديث صحيحة صريحة، منها:
1 - ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أنهم كانوا لا يجهرون بـ"بسم الله الرحمن الرحيم".

وقد أخرجه الأئمة عن أنس رضي الله عنه بروايات وألفاظ متعددة، منها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما، كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين"[63].

وفي لفظ عن أنس رضي الله عنه قال: "صليتُ خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وعمر، وعثمان، فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين، لا يذكرون ï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾ في أول قراءة، ولا في آخرها".

وفي لفظ: "صليتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وعمر، وعثمان، فلم أسمع أحدًا منهم يقرأ: ï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾"[64].

وفي لفظ قال: "صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يُسمِعْنا قراءة ï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾، وصلى بنا أبو بكر وعمر، فلم نَسمَعْها منهما"[65].

وفي لفظ قال: "صليتُ خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وعمر، وعثمان رضي الله عنهم، فلم أسمع أحدًا منهم يجهر بـï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾"[66].

وفي لفظ: "صليتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر وعمر، فلم يجهروا بـï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾"[67]، وفي لفظ بزيادة: "وعثمان"[68].

وفي لفظ: "أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجهر بـï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾، ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان"[69].

وفي لفظ: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُسِرُّ بـï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾ في الصلاة وأبو بكر وعمر"[70].

وفي لفظ: "لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أبو بكر ولا عمر رضي الله عنهما، يجهرون بـï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾"[71].

فحديث أنس هذا برواياته كلِّها، يدل على أن الثابت من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه الإسرارُ بالبسملة، وعدم الجهر بها[72].

قال الدارمي في "سننه"[73] مُبَوِّبًا: "باب كراهية الجهر بـï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾، ثم أخرج حديث أنس بلفظ: "أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين"، قال الدارمي: وبهذا نقول، ولا أرى الجهر بـï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾.

وقال ابن خزيمة في "صحيحه"[74] مبوبًا: باب ذكر الدليل على أن أنسًا إنما أراد بقوله: "لم أسمع أحدًا منهم يقرأ: ï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾؛ أي: لم أسمع أحدًا منهم يقرأ جهرًا ï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾، وأنهم كانوا يُسِرُّونَ بـï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾ في الصلاة".

وقال الطحاوي في "شرح معاني الآثار"[75] بعد أن ذكر روايات حديث أنس: "ففي ذلك دليل على أنهم يقولونها من غير طريق الجهر، ولولا ذلك لما كان لذِكرِهم نفيَ الجهر معنى، فثبت بتصحيح هذه الآثار تركُ الجهر بـï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾".

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية[76]: "أما حديث أنس في نفي الجهر، فهو حديث صريح.. فإنه قد رواه مسلم في صحيحه، فقال فيه: "صليتُ خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان، فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين، لا يذكرون ï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾ في أول قراءة، ولا في آخرها"، وهذا النفي لا يجوز إلا مع العلم بذلك، لا يجوز بمجرد كونه لم يسمع مع إمكان الجهر بلا سماع.

واللفظ الآخر في صحيح مسلم: "صليتُ خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر وعمر وعثمان، فلم أسمع أحدًا منهم يجهر، أو قال: يصلي بـï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾"، فهذا نفى فيه السماع، ولو لم يرو إلا هذا اللفظ لم يجز تأويلُه بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ جهرًا ولا يسمع أنس؛ لوجوه... - وبعد أن ذكر ابن تيمية هذه الوجوه - قال: فتبيَّن أن هذا تحريف لا تأويل.

وقال أيضًا[77]: "وأما اللفظ الآخر "لا يذكرون"، فهو إنما ينفي ما يمكن العلم بانتفائه، وذلك موجود في الجهر، فإنه إذا لم يسمع مع القرب، علم أنهم لم يجهروا".

وقال ابن حجر في "بلوغ المرام"[78] بعد أن ذكر حديث أنس، من رواية البخاري ومسلم، وبعد أن أشار إلى أن في رواية أحمد والنسائي وابن خزيمة "لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم"، وإلى الرواية الأخرى لابن خزيمة: "كانوا يُسِرُّونَ"، قال: "وعلى هذا يحمل النفي في رواية مسلم"؛ يعني قوله: "لا يذكُرون اسم الله في أول قراءة، ولا في آخرها".
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #22  
قديم 06-06-2021, 09:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,653
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله



2 - حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة بالتكبير، والقراءةَ بالحمد لله رب العالمين.." [79].

3 - حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نهض إلى الركعة الثانية استفتح القراءة ولم يسكت"[80].

ووجه الدلالة من هذين الحديثين - كما تقدم في حديث أنس - هو أنهم يُسِرُّونَ بقراءتها، ولا يجهرون بها، لا أنهم يترُكونها.

4 - حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((قال الله تعالى: قسَمتُ الصلاةَ بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: ï´؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ï´¾، قال الله: حمدني عبدي... الحديث"[81].

قال ابن قدامة[82]: "وهذا يدل على أنه لم يذكر ï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾ ولم يجهر بها".

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية[83] - بعد أن أشار إلى حديث أبي هريرة هذا -: "فيه دليل على أنها ليست من القراءة الواجبة، ولا من القراءة المقسومة".

فهذا يدل على أن البسملة ليست من السورة، فلا يجهر بها.

إلى غير ذلك من الأدلة الصحيحة الصريحة على أن السُّنة الإسرارُ بالبسملة، وقد اختار هذا أكثرُ المحققين:
قال الجصاص[84]: "والإخفاء أولى من وجهين: أحدهما: ظهور عمل السلف بالإخفاء دون الجهر، وقول إبراهيم: الجهر بها بدعة. والوجه الآخر: أن الجهر بها لو كان ثابتًا، لَوَرَدَ النقل به مستفيضًا متواترًا، كوُرودِه في سائر القراءة، فلما لم يَرِدِ النقل به من جهة التواتر، عَلِمْنا أنه غير ثابت؛ إذ الحاجة إلى معرفة مسنون الجهر بها كَهِيَ إلى معرفة الجهر في سائر فاتحة الكتاب".

وقال القرطبي[85]: "وهذا قول حسن، وعليه تتفق الآثار عن أنس ولا تتضاد، ويخرج به من الخلاف في قراءة ï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾".

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية[86]: "لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يجهر بها، وليس في الصحاح ولا السنن حديثٌ صحيح صريح بالجهر، والأحاديث الصريحة بالجهر كلُّها ضعيفة، بل موضوعة؛ ولهذا لما صنَّف الدارقطني في ذلك مصنَّفًا قيل له: هل في ذلك شيء صحيح؟ فقال: أما عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا، وأما عن الصحابة فمنه صحيح، ومنه ضعيف. ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر بها دائمًا لكان الصحابة ينقُلون ذلك، ولكان الخلفاء يعلمون ذلك، ولما كان الناس يحتاجون أن يسألوا أنس بن مالك بعد انقضاء عصر الخلفاء، ولما كان الخلفاء الراشدون، ثم خلفاء بني أمية، وبني العباس كلُّهم متفقين على ترك الجهر، ولما كان أهل المدينة - وهم أعلم أهل المدائن بسنته - يُنكِرونَ قراءتها بالكليَّة سرًّا وجهرًا".

وقال - أيضًا[87] -: "فمن المعلوم أن الجهر بها مما تتوافر الهممُ والدواعي على نقله، فلو كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر بها كالجهر بسائر الفاتحة، لم يكن في العادة ولا في الشرع تركُ نقل ذلك، بل لو انفرَدَ بنقل مثل هذا الواحدُ والاثنان لَقُطِعَ بكذبهما؛ إذ التواطؤ فيما تَمنَعُ العادةُ والشرع كتمانَه كالتواطؤ على الكذب فيه".

القول الثالث:
التخيير بين الجهر والإسرار، وهذا القول يُروى عن الحكم بن عتيبة، وإسحاق بن راهويه[88]، وابن أبي ليلى[89]، وهو اختيار ابن حزم[90].

والذين رُويَ عنهم هذا القولُ كأنهم أرادوا الجمع بين أدلة الجهر وأدلة الإسرار، علمًا أن أدلة الجهر لا تكافئ أدلة الإسرار، بل وليس فيها دليل واحد صحيحُ النقل صريحُ الدلالة على الجهر - كما تقدم ذكر كلام الأئمة في ذلك.

فالقول بالتخيير للمصلِّي بين الجهر والإسرار بالبسملة ليس بصحيح، وفرقٌ بين هذا وبين أن يقال: يجوز الجهر بها لحاجة كتعليم ونحوه، فهذا لا بأس به، أو أن يقال: تصح صلاة من أسَرَّ بها ومن جهر، فهذا - أيضًا - صحيح؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية[91]: "فإن الجهر بها والمخافتة سُنة، فلو جهر بها المخافت صحَّتْ صلاته بلا ريب".

وقال الحافظ ابن كثير[92]: "أجمَعوا على صحة صلاة مَن جهر بالبسملة، ومن أسَرَّ بها، ولله الحمد والمنة".

أمَّا أن يكون المصلي مخيَّرًا بين هذا وهذا على حد سواء، فليس بصحيح؛ فالجهر إنما يجوز أحيانًا لعارض؛ كتعليم المأمومين ونحو ذلك.

كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية[93] أنه يستحب الجهر بها لمصلحة راجحة، وذكر عن أحمد أنه يُستحب الجهر بها في المدينة؛ لأنهم يُنكِرون على من لم يجهر بها، ثم ذكر ابن تيمية - أيضًا - أنه يجوز الجهر بها لبيان أن قراءتها سُنة، ثم قال: "ولهذا نُقل عن أكثر مَن روي عنه الجهر بها المخافتة...".

وقال - أيضًا[94] -: "وكون الجهر بها لا يُشرَع بحال - مع أنه قد ثبت عن غير واحد من الصحابة - نسبةٌ للصحابة إلى فعل المكروه وإقرارِه، مع أن الجهر في صلاة المخافتة يُشرَع لعارِضٍ".

وقال - أيضًا[95] -: "ومع هذا، فالصواب أن ما لا يجهر به، قد يشرع الجهر به لمصلحة أحيانًا؛ لمثل تعليم المأمومين، ويسوغ للمصلِّين أن يجهروا بالكلمات اليسيرة أحيانًا[96]، ويسوغ - أيضًا - أن يترك الإنسان الأفضل لتأليف القلوب، واجتماع الكلمة؛ خوفًا من التنفير عما يصلح، كما ترك النبي صلى الله عليه وسلم بناء البيت على قواعد إبراهيم؛ لكون قريش كانوا حديثي عهد بالجاهلية، وخشي تنفيرهم بذلك[97]، ورأى أن مصلحة الاجتماع والائتلاف مقدَّمةٌ على مصلحة البناء على قواعد إبراهيم".

وقال ابن القيم في "زاد المعاد"[98]: "وكان - يعني النبيَّ صلى الله عليه وسلم - يجهر بـï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾ تارة، ويخفيها أكثر مما يجهر بها، ولا ريب أنه لم يكن يجهر بها دائمًا في كل يوم وليلة خمس مرات أبدًا حضرًا وسفرًا ويَخْفى ذلك على خلفائه الراشدين، وعلى جمهور أصحابه، وأهل بلده، في الأعصار الفاضلة، هذا من أمحلِ المحال، حتى يحتاج إلى التثبت فيه بألفاظ مجملة وأحاديث واهية، فصحيحُ تلك الأحاديث غير صريح، وصريحها غير صحيح".


[1] انظر: "الكشف عن وجوه القراءات السبع" (1/ 11 -12)، "النشر" (1/ 265).

[2] انظر: "الكشف عن وجوه القراءات السبع" (1/ 11 -12).

[3] انظر: "التبصرة" لمكي ص(245)، "الكشف عن وجوه القراءات" (1/ 11 -12)، "النشر" (1/ 271).

[4] انظر: "الإقناع في القراءات السبع" (1/ 162).

[5] أخرجه عن عمر، وابن الزبير - ابن أبي شيبة في "المصنف" (1/ 412)، وأخرجه عنهما وعن علي - البيهقي - في الصلاة - باب قراءة "بسم الله الرحمن الرحيم" (2/ 48 -49).

[6] أخرجه عن ابن عمر وأبي هريرة - ابن أبي شيبة (1/ 412)، وأخرجه عن ابن عمر وابن عباس - النحاس في "القطع والائتناف" (1/ 104 -105)، وأخرجه عنهم وعن معاوية - البيهقي (2/ 46 -50).

[7] أخرجه عن شداد - النحاس في "القطع والائتناف" (1/ 14).

[8] أخرجه عن سعيد بن جبير - عبدالرزاق - في الصلاة - باب قراءة "بسم الله الرحمن الرحيم" (2614)، وابن أبي شيبة (1/ 412)، والنحاس في "القطع والائتناف" (1/ 106).

[9] أخرجه عن الزهري - البيهقي (2/ 50).

[10] أخرجه عن مجاهد وعطاء وطاوس - ابن أبي شيبة (1/ 412)، وأخرجه النحاس عن مجاهد وعطاء في "القطع والائتناف" (1/ 106).

[11] في "تفسيره" (1/ 35 -36).

[12] انظر: "الأم" (1/ 107)، "المهذب" (1/ 79)، "الاعتبار" للحازمي ص(82)، "تفسير ابن كثير" (1/ 35).

[13] انظر: "الاعتبار" ص(82).

[14] في "المغني" (2/ 149).

[15] انظر: "مجموع الفتاوى" (22/ 442).

[16] انظر: "الاستذكار" (2/ 176).

[17] انظر: "الاعتبار" ص(81).

[18] انظر: "الاستذكار" (2/ 177).

[19] انظر: "مجموع الفتاوى" (22/ 432).

[20] أخرجه النسائي - في الصلاة - في الافتتاح - قراءة "بسم الله الرحمن الرحيم" (905)، وقال الألباني: "ضعيف الإسناد".
وأخرجه ابن خزيمة - في الصلاة - باب ذكر الدليل على أن الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم والمخافتة به جميعًا مباح (499)، والدارقطني - في الصلاة - باب وجوب قراءة "بسم الله الرحمن الرحيم" حديث (14)، وقال: "صحيح، رواته كلهم ثقات"، والحاكم - في الصلاة - (1/ 232)، وقال: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه" والبيهقي (2/ 46)، وقال: "إسناده صحيح وله شواهد".

[21] (1/ 335 -341).

[22] في "الرد على من أبى الحق، وادعى أن الجهر بالبسملة من سنة سيد الخلق" (1/ 19 وما بعدها).

[23] راجع تخريج الحديث.

[24] في "أحكام القرآن" (1/ 16).

[25] انظر: "مجموع الفتاوى" (22/ 422، 425).

[26] أخرجه - الدارقطني - في الصلاة - باب وجوب قراءة "بسم الله الرحمن الرحيم" والجهر بها (33)، وقال عن رجاله: "كلهم ثقات"، والشافعي في "الأم" (1/ 93 -94).
والحاكم (1/ 232)، وقال: "صحيح على شرط مسلم". قال الخطيب فيما نقله الزيلعي في "نصب الراية" (1/ 353): "هو أجود ما يعتمد عليه في هذا الباب". وانظر: "سنن البيهقي" (2/ 49)، "الاستذكار" (2/ 180).
وقد ضعَّف هذا الحديثَ جمعٌ من أهل العلم، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية، والزيلعي، والزبيدي، وغيرهم - كما هو مذكور بعاليه.

[27] انظر: "مجموع الفتاوى" (22/ 430 -432).

[28] في "نصب الراية" (1/ 353 -355).

[29] في "الرد على من أبى الحق" ص(43).

[30] سبق تخريجه.

[31] سبق تخريجه.

[32] انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (1/ 16).

[33] أخرجه الدارقطني في الصلاة - وجوب قراءة "بسم الله الرحمن الرحيم" (26)، والحاكم (1/ 234)، وقال: "رواة هذا الحديث كلهم عن آخرهم ثقات"، ووافقه الذهبي.

[34] انظر: "مجموع الفتاوى" (22/ 426 -430)، وانظر: "الفتاوى الكبرى" لابن تيمية أيضًا (1/ 97 -100).

[35] انظر: "الاستذكار" (2/ 177).

[36] انظر: "التحقيق" لابن الجوزي (1/ 313).

[37] (1/ 312)، وانظر: (301 -314).

[38] في "المغني" (2/ 151).

[39] انظر: "مجموع الفتاوى" (22/ 415).

[40] انظر: "مجموع الفتاوى" (22/ 441).

[41] انظر: "مجموع الفتاوى" (22/ 423).

[42] في "زاد المعاد" (1/ 206).

[43] (1/ 325 -363).

[44] (1/ 355 -356).

[45] في "الرد على من أبى الحق" ص(18 -52).

[46] انظر: "سنن الترمذي" (2/ 14)، "الاعتبار" للحازمي ص(81)، "المغني" (2/ 149).

[47] بدليل حديث أنس الآتي قريبًا. وانظر: "سنن الترمذي" (2/ 14)، "أحكام القرآن" للجصاص (1/ 17)، "الاستذكار" (2/ 177).

[48] أخرجه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عبدالرزاق - في الصلاة (2601)، وابن أبي شيبة (1/ 411)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/ 204)، وابن عبدالبر في "الاستذكار" (2/ 178).

[49] أخرجه عن أنس - ابن أبي شيبة (1/ 401)، وسيأتي ذكر روايته ذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه.

[50] سيأتي ذكر حديثها.

[51] أخرجه عن ابن عباس - عبدالرزاق (2605)، وابن أبي شيبة (1/ 411)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/ 204).

[52] أخرجه عنهم جميعًا ابن أبي شيبة (1/ 410 -411)، وانظر: "الاستذكار" (2/ 179).

[53] أخرجه عن الحسن وقتادة وعمر بن عبدالعزيز - عبدالرزاق (2604).

[54] انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (1/ 15).

[55] انظر: "الاستذكار" (1/ 154، 176 -177)، "المغني" (2/ 149)، "الجامع لأحكام القرآن" (1/ 96).

[56] انظر: "زاد المسير" (1/ 8).

[57] انظر: "المبسوط" (1/ 15)، "أحكام القرآن" للجصاص (1/ 8، 9، 15)، "فتح القدير" لابن الهمام (1/ 291)، "نصب الراية" (1/ 328).

[58] انظر: "مسائل الإمام أحمد" رواية النيسابوري (1/ 52، 53، 55)، "مسائل الإمام أحمد" رواية ابنه عبدالله ص(76)، "المغني" (2/ 149).

[59] انظر: "سنن الترمذي" (1/ 14)، "المغني" (2/ 149).

[60] انظر: "الجامع لأحكام القرآن" (1/ 96).

[61] انظر: "مجموع الفتاوى" (22/ 442).

[62] انظر: "الاستذكار" (1/ 154)، "الرد على من أبى الحق" ص(64 -66).

[63] أخرجه البخاري (782)، والنسائي (867)، والترمذي (246)، وابن ماجه (491).

[64] أخرجهما مسلم في الصلاة - حجة من قال: لا يجهر بالبسملة (399).

[65] أخرجه النسائي (870).

[66] أخرجه النسائي (871)، والدارقطني في "سننه" كتاب الصلاة - اختلاف الروايات في الجهر بـ{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} حديث (1)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/ 202)، وابن خزيمة في "صحيحه" (494) إلا أنه قال: "فلم أسمع أحدًا منهم يقرأ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}".

[67] أخرجه أحمد في "المسند" (3/ 264)، وابن خزيمة في "صحيحه" (497).

[68] أخرجه الدارقطني في الباب السابق (3، 4، 5)، وابن خزيمة في "صحيحه" (495).

[69] أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (496).

[70] أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (498).

[71] أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/ 203).

[72] انظر: "التحقيق" (1/ 298)، "المغني" (2/ 150).

[73] (1/ 283).

[74] (1/ 249).

[75] (1/ 203، 204).

[76] انظر: "مجموع الفتاوى" (22/ 410 -413).

[77] انظر: "مجموع الفتاوى" (22/ 414، 415)، وانظر: "الفتاوى الكبرى" (1/ 88).

[78] ص(56)، (297 -300).

[79] سبق تخريجه.

[80] أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصلاة (599).

[81] سبق تخريجه.

[82] في "المغني" (2/ 150).

[83] انظر: "مجموع الفتاوى" (22/ 422 -423).

[84] في "أحكام القرآن" (1/ 17).

[85] في "الجامع لأحكام القرآن" (1/ 96).

[86] انظر: "مجموع الفتاوى" (22/ 275 -276).

[87] انظر: "مجموع الفتاوى" (22/ 415)، وانظر: (408، 417 -420).

[88] انظر: "القطع والائتناف" (1/ 106).

[89] انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (1/ 15)، "الاستذكار" (1/ 154).

[90] انظر: "المحلى" (1/ 251).

[91] انظر: "مجموع الفتاوى" (22/ 442).

[92] في "تفسيره" (1/ 36).

[93] انظر: "مجموع الفتاوى" (22/ 407، 424).

[94] انظر: "المصدر السابق" (22/ 408).

[95] انظر: "المصدر السابق" (22/ 436).

[96] رَوى النيسابوري في "مسائل الإمام أحمد" (1/ 53): "وسئل عن الرجل يصلي بالقوم، فيجهر بـ{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، أيصلى خلفه؟ قال: أرجو ألا يكون به بأس، إذا لم يكن يجهر به شديدًا، قد فعله الصالحون، لا يجهر به شديدًا".

[97] أخرجه البخاري - في كتاب الأنبياء (3368)، وفي التفسير - باب {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ} [البقرة: 127] (4484)، ومسلم في الحج - باب نقض الكعبة وبنائها (1333) - عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ألم تَرَيْ أن قومك لما بنَوُا الكعبة، اقتصروا على قواعد إبراهيم؟))، فقلت: يا رسول الله، ألا تردُّها على قواعد إبراهيم؟ فقال: ((لولا حدثان قومك بالكفر لفعلتُ)).

[98] (1/ 206).

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #23  
قديم 06-06-2021, 09:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,653
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله

كتاب «عون الرحمن في تفسير القرآن»
الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم

المواضع التي تشرع فيها البسملة


أ - تُشرَع البسملة، وهي قول: ï´؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾، في مواضع، منها ما يلي:
1 - عند قراءة القرآن، وبخاصة عند الابتداء بأوائل السور سوى سورة براءة؛ لأنها آية كانت تنزل مع كل سورة سوى براءة؛ ولهذا أُثبتت في المصاحف مع كل سورة نزَلتْ معها، وإن كانت ليست آية من السورة مطلقًا.

2 - في بداية الكتب والرسائل والخُطَب والمسائل العلمية؛ تأسِّيًا بكتاب الله تعالى، وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقد كان يبتدئ بها في كتبه صلى الله عليه وسلم للملوك، كما في كتابه إلى هرقل، فقد ابتدأه صلى الله عليه وسلم بقوله: ((بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله، إلى هرقل عظيم الروم...))[1].

وكذا كان الأنبياء قبله، كما جاء في كتاب سليمان لبلقيس: ï´؟ قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾ [النمل: 29، 30].

وقد درج على هذا سلف الأمة وخلَفُها في كتبهم ورسائلهم وخطبهم ومقالاتهم.

وقد اختلفوا في حكم كتابتها مع الشِّعر، فذهب بعضهم إلى كراهة ذلك والمنعِ منه، وأجازه آخرون[2]، والذي يظهر - والله أعلم - أن الشِّعر لا يختلف عن النثر من حيث جواز كتابتها مع المحمود منهما، وعدمُ جواز ذلك مع المذموم منهما؛ لأن في ذلك استخفافًا بالله وأسمائه وصفاته.

ب - وتُشرَع التسمية، وهي قول: "بسم الله"، في مواضع كثيرة، منها ما يلي:
1 - عند الوضوء؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه))[3].

2 - عند الدخول في المسجد والخروج منه؛ فعن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد يقول: ((بسم الله، والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك))، وإذا خرج قال: ((بسم الله، والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب فضلك))[4].

3 - عند الركوب؛ قال الله تعالى: ï´؟ وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ï´¾ [هود: 41].

وجاء في حديث جابر الطويل في قصة بعيره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ((اركب باسم الله))[5].

وفي حديث عليٍّ رضي الله عنه: "وأُتيَ بدابة ليركبها، فلما وضع رجله في الركاب، قال: "بسم الله.." الحديث، ثم قال في آخره: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فعل كما فعلتُ"[6].

4 - عند الذبح، وعند الصيد[7]؛ لقوله تعالى: ï´؟ فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ ï´¾ [الأنعام: 118]، وقوله: ï´؟ وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ï´¾ [الأنعام: 119]، وقوله: ï´؟ وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ï´¾ [الأنعام: 121]، وقوله: ï´؟ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ ï´¾ [المائدة: 4].

وعن عديِّ بن حاتم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أرسلتَ كَلْبَك المعلَّم وذكرتَ اسم الله عليه، فكُلْ مما أمسَكَ عليك)) الحديث[8].

وعن أبي ثعلبة نحوه، وفيه زيادة: ((وما صِدتَ بقوسِك فذكرتَ اسم الله فكُلْ))[9].

5 - عند الأكل؛ لحديث عمرو بن سلمة رضي الله عنه قال: كنت غلامًا في حَجْرِ النبي صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال: "يا غلام، سمِّ اللهَ، وكُلْ بيمينك، وكُلْ مما يليك))[10].

وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الشيطان يستحلُّ الطعام أن لا يُذكَرَ اسمُ الله عليه))[11].

وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا دخل الرجل بيته فذكَرَ الله عند دخوله وعند طعامه، قال الشيطان: لا مَبيتَ لكم، ولا عشاء))[12].

6 - عند الجِماع؛ لما رواه ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أمَا إن أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله، اللهم جنِّبْنا الشيطان، وجنِّبِ الشيطانَ ما رزَقتَنا، فرُزِقا ولدًا، لم يضُرَّه الشيطان))[13].


7 - عند الخروج من البيت؛ لما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا خرج الرجل من بيته، فقال: بسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، قال: يقال حينئذٍ: هُديتَ وكُفيت وَوُقيت، فتتنحَّى له الشياطين، فيقول له شيطان آخر: كيف لك برجلٍ قد هُدي وكُفي وَوُقي؟!))[14].

8 - في المساء والصباح؛ فعن عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من قال: باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم، ثلاث مرات، لم تُصِبْهُ فجأةُ بلاء حتى يصبح، ومن قالها حين يصبح ثلاث مرات، لم تصبه فجأة بلاء حتى يمسي))[15].

9 - عند النوم؛ فعن أبي الأزهر الأنماري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أخذ مضجعه من الليل، قال: ((باسم الله وضعت جنبي، اللهم اغفر لي ذنبي، وأَخْسِئْ شيطاني، وفُكَّ رِهاني، واجعلني في النَّدِيِّ الأعلى))[16].

10 - عند دخول الخلاء؛ فعن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سَتْرُ ما بين الجن وعورات بني آدم إذا دخل الكنيف أن يقول: باسم الله))[17].

11 - إذا عثر المرءُ أو عثَرتْ دابَّتُه؛ لما رواه أبو تميمة الهُجَيْمي عن أبي المليح بن أسامة بن عمير عن أبيه، قال: كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم فَعُثر بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: تَعِسَ الشيطان! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تقل: تعس الشيطان؛ فإنك إذا قلتَ: تعس الشيطان، تَعاظَمَ، وقال: بقوَّتي صرَعتُه، وإذا قلتَ: باسم الله، تَصاغَرَ حتى يصير مثل الذباب))[18].

12 - عندما يجد المسلم وجعًا في جسده، يُشرَعُ له أن يضع يده على موضع الألم، ويُسمِّي، ويذكر بقية الدعاء؛ لما رواه عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه: أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعًا في جسده منذ أسْلَمَ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ضَعْ يدك على الذي يألم من جسدك، وقل: باسم الله، ثلاثًا... الحديث))[19].

13 - عند وضع الميت في قبره؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم: كان إذا وضع الميت في القبر قال: ((باسم الله، وعلى سنة رسول الله))[20].

14 - عند إغلاق الباب، وإطفاء المصباح، وعند إيكاء السِّقاء، وتخمير الإناء؛ لما رواه جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا استجنح الليل، أو كان جُنح الليل، فكُفُّوا صِبيانَكم؛ فإن الشياطين تنتشر حينئذٍ، فإذا ذهب ساعة من العِشاء فخَلُّوهم، وأَغْلِقْ بابَك واذكر اسم الله، وأَطفِئ مصباحك واذكر اسم الله، وأَوْكِ سِقاءَك واذكر اسم الله عليه، وخمِّرْ إناءك واذكر اسم الله، ولو تَعرِض عليه شيئًا))[21].

إلى غير ذلك من المواضع، بل إن الذي يُفهم من حديث جابر هذا أنه ينبغي أن يذكُرَ المسلم اسمَ الله على جميع أحواله، تبرُّكًا وتيمُّنًا واستعانة.

أما حديث أبي هريرة الذي رواه أحمد[22]، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل كلام، أو أمر ذي بال، لا يُفتَح بذكر الله عز وجل، فهو أبتر، أو قال: أقطع))، فهو حديث ضعيف[23].


[1] أخرجه البخاري في بدء الوحي (7)، ومسلم في الجهاد - باب كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام (1773)؛ من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

[2] انظر: "الجامع لأحكام القرآن" (1/ 97).

[3] أخرجه أبو داود - في الطهارة - باب في التسمية في الوضوء (101)، وابن ماجه - في الطهارة - ما جاء في التسمية في الوضوء (399)، وأحمد (2/ 418).
وطرق هذا الحديث كلُّها ضعيفة، لكن له شواهد من حديث أبي سعيد الخدري، وسعيد بن زيد، وأنس بن مالك وغيرهم؛ فقد أخرج: ابن ماجه (397)، وأحمد (3/ 41)، عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا وُضوءَ لمن لم يذكر اسم الله عليه)).
وأخرج الترمذي - في الطهارة (25، 26)، وابن ماجه في الطهارة أيضًا (398)، وأحمد (4/ 70، 5/ 382، 6/ 382)، والدارقطني - في الطهارة - حديث (5 -10) عن سعيد بن زيد نحوه.
وأخرج النسائي - في الطهارة (76)، والدارقطني - في الطهارة (1) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "طلب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وَضوءًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هل مع أحد منكم ماء؟))، فوضع يده في الماء، ويقول: ((بسم الله...)) الحديث.
وقد ضعَّف جمعٌ من أهل العلم هذه الأحاديثَ كلَّها؛ قال الإمام أحمد: "ليس فيه شيء يثبت، وقال: لا أعلم في التسمية حديثًا صحيحًا".
وقال البزار: "كل ما رُويَ في هذا الباب فليس بقوي".
وقد قوَّاه بعض أهل العلم؛ فقال أبو بكر بن أبي شيبة: "ثبت لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله"، وقال ابن حجر: "والظاهر أن مجموع الأحاديث يحدث منها قوة تدل على أن له أصلًا".
وأكثر أهل العلم على أن هذا الحديث، بمجموع طرقه وشواهده، إما حسن، وإما صحيح: منهم ابن الصلاح، والعراقي، وابن القيم، وابن كثير، والسيوطي، والصنعاني، والشوكاني، والألباني من المعاصرين. انظر: "تفسير ابن كثير" (1/ 38)، "سبل السلام" (1/ 70 -71)، "نيل الأوطار" (1/ 159 -161)، "إرواء الغليل" (81)، "صحيح سنن أبي داود" (90، 91).
وقد استدل بهذه الأحاديث على وجوب التسمية في الوضوء بعضُ أهل العلم، منهم الإمام أحمد في رواية له اختارها أبو يعلى، وجمع من الحنابلة، وإسحاق، والحسن، وداود، وحملوا قوله في الحديث: "لا وضوء" على نفي الحقيقة الشرعية والصحة والإجزاء.
وجمهور العلماء على أن التسمية في الوضوء سُنة، منهم أبو حنيفة ومالك والشافعي، ورواية لأحمد اختارها بعض أصحابه كالخرقي وابن قدامة وابن تيمية، وحملوا الأحاديث المذكورة - على القول بصحتها - على نفي الكمال أو على الاستحباب.

[4] أخرجه النسائي في الصلاة - الدعاء عند دخول المسجد (771) بهذا اللفظ، وصححه الألباني، والحديث ضعيف عند أ كثر أهل العلم.

[5] أخرجه مسلم في المساقاة - باب بيع البعير - واستثناء ركوبه (715).

[6] أخرجه أبو داود في الجهاد - ما يقول الرجل إذا ركب (2602)، وصححه الألباني.

[7] واختلف العلماء في حكم التسمية عند الذبح وعند الصيد - مع إجماعهم على أنها مشروعة فيهما.
وسيأتي تفصيله إن شاء الله في تفسير سورة المائدة.

[8] أخرجه البخاري - في الذبائح - باب التسمية على الصيد، والأبواب بعده (5475، 5477)، ومسلم - في الصيد والذبائح - باب الصيد بالكلاب المعلَّمة (1929).

[9] أخرجه البخاري (5478، 5488)، ومسلم (1930).

[10] أخرجه البخاري - في الأطعمة - باب الأكل مما يليه (5377 -5378)، ومسلم - في الأشربة - آداب الطعام والشراب (2022).

[11] أخرجه مسلم (2017).

[12] أخرجه مسلم (2018)، وفي حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أكل أحدكم طعامًا فليقل: بسم الله، فإن نسي في أوله فليقل: بسم الله في أوله وآخره))؛ أخرجه أبو داود (3767)، والترمذي (1858)، وصححه الألباني.

[13] أخرجه البخاري - في الوضوء - باب التسمية على كل حال، وعند الوقاع (141)، ومسلم - في النكاح - باب ما يستحب أن يقول عند الجماع (1434).

[14] أخرجه أبو داود - في الأدب - باب ما يقول إذا خرج من بيته (5095)، والترمذي - في الدعوات - باب ما يقول إذا خرج من بيته (3426)، وصححه الألباني. وعند أحمد (1/ 66) - من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((بسم الله، آمنت بالله، اعتصمت بالله، توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله)).

[15] أخرجه أبو داود - في الأدب - باب ما يقول إذا أصبح (5088)، والترمذي - في الدعوات - باب الدعاء إذا أصبح (3385)، وقال: "حسن صحيح غريب"، وابن ماجه - في الدعاء - باب ما يدعو به الرجل إذا أصبح وإذا أمسى (3869). وصححه الألباني.

[16] أخرجه أبو داود - في الأدب - ما يقول عند النوم (5054)، وصححه الألباني. وفي حديث حذيفة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه قال: ((اللهم باسمك أموت وأحيا))؛ أخرجه البخاري في الدعوات (6213)، وأخرج مسلم نحوه من حديث البراء. وأخرج البخاري (6230)، ومسلم (2714) - عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أوى أحدكم إلى فراشه، فليقل: باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه)).

[17] أخرجه ابن ماجه - في الطهارة وسننها - باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء (297).
وقد رُويَ هذا الحديث من حديث أنس وأبي سعيد وابن مسعود ومعاوية بن حيدة. وقد ضعَّفه جمعٌ من أهل العلم، وصحَّحه آخرون بمجموع طرقه وشواهده منهم الألباني. انظر: "إرواء الغليل" (50)، "صحيح الجامع الصغير" (3604 -3605).
وقد قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (1/ 244) - في كلامه على حديث أنس رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال: ((اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث)) - قال ابن حجر: "وقد روى العمري هذا الحديث، من طريق عبدالعزيز بن المختار عن عبدالعزيز بن صهيب بلفظ الأمر قال: ((إذا دخلتم الخلاء فقولوا: بسم الله، أعوذ بالله من الخبث والخبائث))، وإسناده على شرط مسلم، وفيه زيادة التسمية، ولم أرها في غير هذه الرواية".

[18] أخرجه أبو داود في الأدب (4982) ورجاله ثقات، وأخرجه أحمد (5/ 71).
قال ابن كثير في "تفسيره" (1/ 38): "ورجاله رجال الصحيح".
وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (4/ 292) وصحح إسناده ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في "صحيح الكلم الطيب" حديث (193).

[19] أخرجه مسلم في السلام - باب استحباب وضع يده على موضع الألم مع الدعاء (2022).

[20] أخرجه أبو داود - في الجنائز - الدعاء للميت إذا وضع في قبره (3213)، والترمذي في الجنائز (1550)، وابن ماجه - في الجنائز (1406) وصححه الألباني.

[21] أخرجه البخاري - في بدء الخلق - باب صفة إبليس وجنوده (3280) ومسلم - في الأشربة - الأمر بتغطية الإناء (2012).

[22] "المسند" (1/ 359).

[23] انظر: "إرواء الغليل" حديث (1)، "ضعيف الجامع الصغير" حديث (4222).









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #24  
قديم 06-06-2021, 09:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,653
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله

كتاب «عون الرحمن في تفسير القرآن»


الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم




فوائد البسملة والأحكام التي تضمنتها كثيرة،
منها ما يلي:




1 - مشروعية البداءة باسم الله على كلِّ أمر، ديني أو دنيوي، استعانة وتبرُّكًا وتيمُّنًا.







2 - إثبات اسمه تعالى "الله"، الدال على أن له كمال الألوهية والعبودية سبحانه وتعالى.







3 - إثبات اسمَي الله: "الرحمن"، "الرحيم"، وما تضمَّناه من الصفة والأثر.







قال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي[1]:



"(الرحمن، الرحيم) اسمان دالانِ على أنه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة، التي وسعت كلَّ شيء، وعمَّتْ كلَّ حي، وكتبها للمتقين المتَّبِعين لأنبيائه ورسله، فهؤلاء لهم الرحمة المطلقة، ومن عداهم فله نصيب منها.







واعلم أن من القواعد المتفق عليها بين سلف الأمة وأئمتها: الإيمان بأسماء الله وصفاته، وأحكام الصفات، فيؤمنون مثلًا بأنه "رحمن رحيم" ذو الرحمة التي اتصف بها المتعلقة بالمرحوم، فالنِّعَمُ كلها أثرٌ من آثار رحمته، وهكذا في سائر الأسماء، يقال في العليم: إنه عليم، ذو علم يعلم به كل شيء، قدير، ذو قدرة يقدر على كل شيء".








4 - أن اسمه تعالى "الله" هو أصل أسمائه تعالى، تأتي بقية أسمائه تابعة له؛ لهذا جاء اسماه "الرحمن" و"الرحيم" تابعين لهذا الاسم.







5 - أن اسم "الله" أعظم من اسمه "الرحمن"؛ ولهذا قُدِّم عليه، وأن اسمه "الرحمن" أبلَغُ من "الرحيم" وأخَصُّ منه من حيث اللفظ؛ ولهذا قُدم عليه؛ تقديمًا للأعظم والأهم.







6 - الاعتراف بنعمة الله تعالى وفضله وإحسانه؛ لأن هذا كلَّه من آثار رحمته المذكورة في قوله تعالى: ï´؟ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾.







7 - الجمع بين الترهيب والترغيب؛ لأن في قوله (الله) دلالة على عظمة الله وقهره، وفي قوله: ï´؟ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾ دلالة على فضل الله وإحسانه وإنعامه ورحمته.







8 - الدلالة على أن الاستعانة إنما تُستمَدُّ من الله تعالى، ويجب صرفُها له، فهو القادر على إعانة من استعان به، وهو ï´؟ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾ بعباده، أرحم من الوالدة بولدها، كما جاء في الحديث: ((الله أرحم بعباده، من هذه بولدها))[2]، فهو نِعْمَ النصيرُ والمُعين، ومفزع الخائفين، وأرحم الراحمين.







9 - إظهار مخالفة المشركين، الذين يفتتحون أمورهم باسم اللات والعُزَّى ومَناة، وغيرها من الأصنام والأنداد، من المخلوقين وغيرهم، ومن المؤسف أن نرى كثيرًا من الكتَّاب من المسلمين أو من المنتسبين إلى الإسلام يصدِّرون كتبهم وصحفهم باسم الشعب وباسم الحرية، وتَقرأُ الكتاب من أوله إلى آخره لا تجد فيه ذكر اسم الله.







10 - فيها الردُّ على القدَريَّة الذين يقولون: إن العبد يخلُقُ فِعلَ نفسِه؛ إذ لو كان ذلك كذلك لَما احتاج العبد إلى طلب العون من الله تعالى.







11 - أن ذكر اسم الله عونٌ للعبد على جميع أحواله، وسبب لحصول الخير والبركة، والحصول على مطلوبه، والنجاة من مرهوبه بإذن الله تعالى، والسلامة من الشيطان وهمَزاتِه وشروره، وإغاظته ودحره وطرده من أن يحُول بين العبد وبين قراءته، ويوسوس له فيها، أو في وضوئه، أو أن يشاركه في أكله وشربه، ودخوله وخروجه، وسائر أحواله[3].







[1] في "تيسير الكريم الرحمن" (1/ 33 -34)، وانظر: "بدائع الفوائد" (1/ 24)، "مدارج السالكين" (1/ 57)، "القواعد المثلى" ص (10 -11).



[2] أخرجه من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه البخاري - في الأدب (5999)، ومسلم - في التوبة (2754).



[3] انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (1/ 17 -18).









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #25  
قديم 06-06-2021, 09:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,653
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله






كتاب «عون الرحمن في تفسير القرآن»

الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم

مكان نزول سورة الفاتحة








نزَلتْ سورة الفاتحة بمكة؛ بدليل أنها ذُكرت في سورة الحِجْرِ، وهي مكيَّة، وذلك في قوله تعالى: ï´؟ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ï´¾ [الحجر: 87]، وسورة الحجر مكية بالإجماع[1].







وقد فسَّر الرسول صلى الله عليه وسلم السَّبْعَ المثانيَ في هذه الآية بالفاتحة.







فعن أبي سعيد بن المعلَّى رضي الله عنه، قال: "كنت أصلِّي في المسجد، فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم أُجِبْهُ، فقلت: يا رسول الله، إني كنت أصلِّي، فقال: ((ألم يقُلِ الله: ï´؟ اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ï´¾ الآية [الأنفال: 24]))، ثم قال لي: ((لأُعلِّمَنَّك سورة هي أعظم السور في القرآن قبل أن تخرُج من المسجد))، ثم أخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج قلت له: ألم تقل: ((لأُعلِّمَنَّك سورة هي أعظم سورة في القرآن))؟ قال: ((ï´؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ï´¾ هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيتُه))[2].








وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أمُّ القرآن، هي السبعُ المثاني والقرآن العظيم))[3].







وفي لفظ: ((هي أم القرآن، وهي فاتحة الكتاب، وهي السبع المثاني))[4].







وفي لفظ: ((ï´؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ï´¾: أم القرآن، وأم الكتاب، والسبع المثاني))[5] ، وفي لفظ بزيادة: ((والقرآن العظيم))[6].







وأيضًا فقراءتُها ركنٌ من أركان الصلاة - على الصحيح - لا تصحُّ الصلاة بدونها، وقد فُرِضت الصلاةُ بمكة عندما أُسْرِيَ بالرسول صلى الله عليه وسلم، وما حُفِظ أنه كان في الإسلام قط صلاةٌ بغير الفاتحة[7].







بل رُويَ أنها من أول ما نزل، وأنها أول سورة نزلت كاملة[8].







[1] انظر: "المحرر الوجيز" (1/ 61)، "الجامع لأحكام القرآن" (1/ 115)، "مجموع الفتاوى" (17/ 190).



[2] أخرجه البخاري في التفسير - باب قوله تعالى: ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ï´¾ [الأنفال: 24] (4647). وفي باب ï´؟ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ï´¾ [الحجر: 87] (4703)، وفي فضائل القرآن - فضل فاتحة الكتاب (5006)، وأخرجه أبو داود - في الصلاة باب فاتحة الكتاب (1458)، والنسائي - في الافتتاح - باب تأويل قوله تعالى: ï´؟ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ï´¾ [الحجر: 87] (876)، وابن ماجه - في الأدب - باب ثواب القرآن (3785)، وأحمد (4/ 211).
وقد أخرجه أيضًا أحمد (2/ 413، 5/ 114)، وابن ماجه - في الفضائل (2875) من حديث أبي بن كعب بنحوه، وقد أخرجه عنه - مختصرًا - النسائي - في الموضع السابق (877)، والترمذي - في تفسير سورة الحجر (3125)، وصححه الألباني. وأخرجه مطولًا ومختصرًا ابن خزيمة - في الصلاة - باب قراءة الفاتحة (501)، والبيهقي في (2/ 376)، وفي "جزء القراءة خلف الإمام" ص(103 -105).



[3] أخرجه البخاري في التفسير (4704)، وأخرجه أحمد بنحوه (2/ 448).



[4]أخرجه الطبري في "جامع البيان" (134).



[5] أخرجه أبو داود في الصلاة - باب فاتحة الكتاب (1457).



[6] أخرجه الترمذي في تفسير سورة الحجر (3124)، وقال: "حديث صحيح".



[7] انظر: "المحرر الوجيز" (1/ 61)، "الجامع لأحكام القرآن" (1/ 115)، "البحر المحيط" (1/ 16).



[8] انظر: "تفهيم القرآن" لأبي الأعلى المودودي ص(33).
وقد قيل: إنها نزلت بالمدينة، وقيل: نزلت مرتين: مرة بمكة ومرة بالمدينة، وقيل: نزل نصفها بمكة ونصفها بالمدينة. وكل هذه الأقوال ضعيفة لا دليل عليها. انظر: "معالم التنزيل" (1/ 37)، "الجامع لأحكام القرآن" (1/ 115 -116)، "تفسير ابن كثير" (1/ 22).
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #26  
قديم 06-06-2021, 09:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,653
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله


كتاب «عون الرحمن في تفسير القرآن»

الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم


عدد آيات الفاتحة، وهل البسملة آية منها؟



عدد آيات الفاتحة سَبْعُ آيات بإجماع المسلمين[1]؛ لقوله تعالى في سورة الحجر: ï´؟ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ï´¾ [الحجر: 87].


وقد فسَّر الرسول صلى الله عليه وسلم السبعَ المَثانيَ والقرآن العظيم بالفاتحة - كما سبق ذكره - في حديث أبي سعيد بن المعلى وأُبَيِّ بن كعب وأبي هريرة، رضي الله عنهم.

وهي سبع آيات بدون البسملة الآية:
الأولى منها: ï´؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ï´¾ [الفاتحة: 2]، والثانية: ï´؟ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾ [الفاتحة: 3]، والثالثة: ï´؟ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ï´¾ [الفاتحة: 4]، والرابعة: ï´؟ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ï´¾ [الفاتحة: 5]، والخامسة: ï´؟ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ï´¾ [الفاتحة: 6]، والسادسة: ï´؟ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ï´¾ [الفاتحة: 7]، والسابعة: ï´؟ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ï´¾ [الفاتحة: 7] [2]، والبسملة ليست آية منها، على الصحيح الذي تؤيِّده الأدلة الصحيحة الصريحة.

أما الترقيم الموجود في المصاحف، فهو وفق قول قراء الكوفة وبعض أهل العلم، لكن الصحيح خلافه، وقد تَقدَّمَ بيان ذلك وبسطُ الأدلة فيه، في الكلام على البسملة.


[1] انظر: "جامع البيان" (1/ 109)، "المحرر الوجيز" (1/ 89)، "أحكام القرآن" لابن العربي (1/ 5)، "الجامع لأحكام القرآن" (1/ 114)، "مجموع الفتاوى" (22/ 351)، "تفسير ابن كثير" (1/ 22)، "فتح الباري" (8/ 159). وما قيل من أنها ست أو ثمان آيات، فذلك شاذ لا يعتد به.

[2] انظر: "المحرر الوجيز" (1/ 89).

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #27  
قديم 06-06-2021, 09:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,653
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله


كتاب «عون الرحمن في تفسير القرآن»
الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم


فضل ســورة الفاتحــة







سورة الفاتحة من أعظم سور القرآن، وأفضلها، بل هي أفضل سورة في القرآن[1]، ومما يدل على فضلها:



1- قوله تعالى: ï´؟ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ï´¾ [الحجر: 87].







2- ما رواه البخاري وغيره عن أبي سعيد بن المعلى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لَأُعلِّمَنَّك أعظَمَ سورةٍ في القرآن))، قال: ((ï´؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ï´¾: هي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أُوتيتُه)).







وقد أخرج الإمام أحمد وابن ماجه وغيرهما عن أُبَيِّ بن كعب نحوه.







وفي بعض روايات حديث أُبيٍّ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما أُنزِلَ في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، ولا في القرآن مِثلُها، هي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أُوتيتُه"[2].







3- ما رواه مسلم وغيره[3] عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضًا من فوقه، فرفع رأسه، فقال: هذا باب من السماء فُتِح اليوم، لم يُفتَحْ قط إلا اليوم، فنزَلَ منه ملَكٌ، فقال: هذا ملَك نزل إلى الأرض، لم ينزل قط إلا اليوم، فسلَّم، وقال: أَبْشِرْ بنورينِ أوتيتَهما لم يؤتَهما نبيٌّ قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تَقرَأَ بحرف منهما إلا أُعطيتَه"[4].







4- ما رواه البخاري ومسلم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا صلاةَ لمن لم يَقرَأْ بفاتحة الكتاب)).







وغيره من الأحاديث الدالة على وجوب قراءة الفاتحة[5]، وأنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها، مما يدلُّ على فضلها.







5- ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل صلاة لا يُقرَأُ فيها بأم القرآن، فهي خِداجٌ - ثلاثًا - غير تمام)).








وكذا ما جاء من الأحاديث في معناه الدالة على أن من صلَّى صلاة لا يقرأ فيها بالفاتحة فصلاتُه ناقصة غير تامة، أو أنها غير مُجْزِئة، فهذا أيضًا يدل على فضلها.







6- ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((قال الله تعالى: قسَمتُ الصلاةَ بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل...)) الحديث.







فقد سمَّى الله تعالى الفاتحة الصلاة، وقسمها بينه وبين عبده، فأولُها حمد وثناء وتمجيد للرب، وآخرُها للعبد دعاء ومسألة، وكلُّ هذا يدل على عِظَمِها وفضلها[6].







7- ما رواه البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم كانوا يفتتحون الصلاة - وفي بعض الروايات: يفتتحون القراءة - بـï´؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ï´¾"[7].








8- ما رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفتتح الصلاة بالتكبير والقراءة بـï´؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ï´¾"[8].







9- ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في قصة اللديغ، وأن رجلًا منهم رقَاهُ بأمِّ الكتاب، وفي بعض الروايات: "فقام الرجل كأنما أنشط من عِقال".







وقوله صلى الله عليه وسلم: ((وما يُدرِيهِ أنها رُقْية، اقسِموا واضربوا لي بسهم)).







وفي حديث خارجة عن عمِّه[9]: "أنه مر بقوم فأتَوْهُ برجُل معتوهٍ في القيود، فرَقَاهُ بأم القرآن"، وذكر نحوه.







فأثرُها في إبراء المريض يدل على عظمها وفضلها؛ ولهذا سماها الرسول صلى الله عليه وسلم بالرُّقْية.







10- وعن عبدالله بن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا أُخبِرُك بخير سورة في القرآن؟))، قلت: بلى يا رسول الله، قال: ((اقرأ: ï´؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ï´¾ حتى تختمها))[10].







11- ومما يدل على عِظَم سورة الفاتحة وفضلِها: اشتمالُها على معاني القرآن كلِّه، من حمد الله والثناء عليه وتمجيده، وأنواع توحيده، وإثبات الرسالات والبعث والجزاء، وذكر العامل وعمله، وأقسام الناس، وغير ذلك، كما سيأتي بسط ذلك قريبًا إن شاء الله.







قال شيخ الإسلام ابن تيمية[11] - في الكلام على الفاتحة -: "والصلاة أفضل الأعمال، وهي مؤلَّفة من كَلِمٍ طيِّب، وعملٍ صالح، أفضلُ كلمها الطيب وأَوْجَبُه أمُّ القرآن، وأفضلُ عملها الصالح وأوجبه السجودُ".







وقال أيضًا: "وأم الكتاب كما أنها القراءة الواجبة، فهي أفضل سورة في القرآن..".







وفضائلها كثيرة جدًّا، وقد جاء مأثورًا عن الحسن البصري، رواه ابن ماجه وغيره: "أن الله أنزل مائة كتاب وأربعة كتب، جمع عِلمَها في الأربعة، وجمع عِلمَ الأربعة في القرآن، وجمع علم القرآن في المفصَّل، وجمع علم المفصَّل في أمِّ القرآن، وجمع علم أمِّ القرآن في هاتين الكلمتين: ï´؟ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ï´¾ [الفاتحة: 5]".







فائدة:



حيث ثبت بالأحاديث الصريحة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الفاتحة أعظم سورةٍ في القرآن، فتجوزُ المفاضلةُ بين السُّوَر، خلافًا لمن منَعَ ذلك[12].







وقد أخرج مسلم وغيره عن أُبَيِّ بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا المنذر، أتدري أيُّ آية من كتاب الله معك أعظَمُ؟))، قال: قلتُ: الله ورسوله أعلم، قال: ((ياأباالمنذر، أتدري أيُّ آية من كتاب الله معك أعظمُ؟))، قال: قلتُ: ï´؟ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ï´¾ [البقرة: 255]، قال: فضرب في صدري، وقال: ((والله لِيَهْنِكَ العِلمُ أبا المنذر))[13].







لكن التفضيل بين السور والآيات مقيَّدٌ بأن يكون ثبت بالنصِّ الصحيح الصريح عن النبي صلى الله عليه وسلم، أما المفاضلة بين السور والآيات بلا دليل صحيح، فإنها لا تجوز.







[1] ولفضل هذه السورة وما حوَتْه من المعاني والفوائد والأحكام أفرَدَها بعض أهل العلم بالتأليف؛ كابن القيم في "مدارج السالكين بين منازل ï´؟ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ï´¾"، وناهيك به من كتاب! كما خصها جمعٌ من المفسِّرين بجزء كبير من تفسيره؛ كالرازي مثلًا؛ فقد تكلم عليها في مجلد كبير من تفسيره، كما أطال الكلام في تفسيرها إمامُ المفسرين الطبري، والحافظ ابن كثير، والشيخ عبدالرحمن الدوسري، رحمهم الله تعالى، وغيرهم.



[2] سبق تخريجهما.



[3] أخرجه مسلم - في صلاة المسافرين وقصرها - باب فضل الفاتحة وخواتيم سورة البقرة (806)، والنسائي - في الافتتاح - باب فضل فاتحة الكتاب (875).



[4] أخذ بعض أهل العلم من هذا الحديث أن جبريل - عليه السلام - لم ينزل بسورة الفاتحة، ولا خواتيم سورة البقرة، وإنما نزل بذلك ملَكٌ غيره، والحق أنه ليس في هذا الحديث ما يدل على أن الملك الذي نزل - وجبريل عند النبي صلى الله عليه وسلم - هو الذي نزل بسورة الفاتحة وخواتيم سورة البقرة، وإنما الذي فيه بيان فضل هذه السورة وتلك الآيات؛ أي: التبشير بفضلهما وعظيم ثوابهما. والثابت أن ملك الوحي هو جبريل عليه السلام؛ قال الله تعالى عن القرآن: ï´؟ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ï´¾ [الشعراء: 193، 194]. انظر: "الجامع لأحكام القرآن" (1 /116).



[5] سبق تخريجه.



[6] انظر: "دقائق التفسير" (1 /172 -173).



[7] أخرجه البخاري في الأذان - ما يقول بعد التكبير (743)، ومسلم في الصلاة (399).



[8] أخرجه مسلم - في الصلاة - ما يجمع صفة الصلاة (894)، وأبو داود - في الصلاة (783).



[9] سبق تخريجهما.



[10] أخرجه أحمد (4 /177). قال ابن كثير في "تفسيره" (1 /25): "هذا إسناد جيد، وابن عقيل هذا يحتج به الأئمة الكبار، وعبدالله بن جابر هذا هو الصحابي، ذكر ابن الجوزي أنه هو العبدي، والله أعلم. ويقال: إنه عبدالله بن جابر الأنصاري البياضي، فيما ذكره الحافظ ابن عساكر"، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/31): "حديث حسن".



[11] انظر: "دقائق التفسير" (1 /171 -172)، "مجموع الفتاوى" (14/5 -7، 17/14 -18).



[12] انظر: "الجامع لأحكام القرآن" (1 /109)، "تفسير ابن كثير" (1 /109).



[13] أخرجه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها - باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي (810)، وأبو داود في الصلاة - ما جاء في آية الكرسي (1460).

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #28  
قديم 06-06-2021, 09:12 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,653
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله


كتاب «عون الرحمن في تفسير القرآن»

الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم



المعاني التي اشتملت عليها سورة الفاتحة



اشتمَلَتْ سورةُ الفاتحة على جميع المعاني التي اشتمَلَ عليها القرآنُ الكريم.

ففيها حمدُ الله والثناء عليه وتمجيده، وفيها توحيدُه بأقسام التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات.

وفيها الترغيب والترهيب، والوعد والوعيد، وإثبات البعث والجزاء والعمل؛ أي: العملِ وجزائه، والعامل وعمله.

وفيها: إرشاد الخلق إلى حمد الله والثناء عليه، وتمجيده وعبادته، والاستعانة به في جميع أمورهم الدينية والدنيوية، وإخلاص العمل لله، وإعلان البراءة من حَوْلِهم وقوَّتِهم، وطلب الهداية إلى الصراط المستقيم المؤدي بسالكه إلى سعادة الدارين.

وفيها ذكر أقسام الناس الثلاثة: المنعَمُ عليهم، وهم الذين هداهم الله ووفَّقهم إلى العلم، ومعرفة الحق، والعمل به.

والمغضوبُ عليهم: وهم الذين عَلِموا الحق وعرَفوه، ولم يعملوا به، والضالُّون: وهم الذين جَهِلوا الحق، فعَمِلوا بالباطل.

وفيها إثبات الرسل والرسالات والوحي؛ إذ كيف يَحمَدُه العباد، وكيف يعبُدونه وفق ما شرَعَ، وكيف لهم بمعرفة طريق المنعَمِ عليهم واقتفائه، والحذر من طريق المغضوب عليهم وطريق الضالين، والبعد عنهما، إلا من طريق الوحي والرسل والرسالات، وكيف يجازون على ذلك حسب أعمالهم إلا بعد البيان وإقامة الحُجة عليهم، بإرسال الرسل، وإنزال الكتب، كما قال تعالى: ï´؟ رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ï´¾ [النساء: 165]، وقال تعالى: ï´؟ مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ï´¾ [الإسراء: 15].

عن حُذَيفةَ بن اليمان رضي الله عنه قال: "كان الناس يَسألون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنتُ أسأله عن الشر مخافةَ أن يدركني"[1]، وكما قيل:
عرَفتُ الشرَّ لا للشَّرْ
رِ لكنْ لِتَوَقِّيهِ

ومَن لم يَعرِفِ الشرَّ
من الناس يقَعْ فيهِ


كما تضمَّنت السورة الردَّ على جميع المبطِلين، وأهلِ البدع والضلال والإلحاد.

قال ابن القيم في "مدارج السالكين"[2]: "اعلم أن هذه السورة اشتمَلتْ على أمهات المطالب العالية أتَمَّ اشتمال، وتضمَّنتْها أكمل تضمُّنٍ، فاشتمَلت على التعريف بالمعبود تبارك وتعالى بثلاثة أسماء، مَرجِعُ الأسماء الحسنى والصفات العليا إليها، ومدارُها عليها، وهي: "الله"، و"الرب"، و"الرحمن"، وبُنيت السورة على الإلهية والربوبية والرحمة، فï´؟ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ï´¾ [الفاتحة: 5] مبنيٌّ على الإلهية، ï´؟ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ï´¾ [الفاتحة: 5] على الربوبية، وطلب الهداية إلى الصراط المستقيم بصفة الرحمة، والحمد يتضمَّن الأمور الثلاثة، فهو المحمود في إلهيَّتِه، وربوبيته، ورحمته، والثناءُ والمجد كمالانِ لجَدِّه.

وتضمَّنت إثبات المعاد، وجزاء العباد بأعمالهم، حسنِها وسيئِها، وتفرُّد الرب تعالى بالحكم إذْ ذاك بين الخلائق، وكون حكمه بالعدل، وكل هذا تحت قوله: ï´؟ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ï´¾ [الفاتحة: 4]، وتضمنت إثبات النبوات من جهات عديدة...".

وقال - أيضًا - في كتابه "الفوائد"[3]: "فائدة: للإنسان قوتانِ: قوة عِلمية نظرية، وقوة عمَلية إرادية، وسعادتُه التامة موقوفةٌ على استكمال قوتَيْهِ العلميَّةِ والإرادية، واستكمال القوة العلمية إنما يكون بمعرفة فاطِرِه وبارئه، ومعرفة أسمائه وصفاته، ومعرفة الطريق التي توصِّل إليه، ومعرفة آفاتها، ومعرفة نفسه، ومعرفة عيوبها، فبهذه المعارف الخمس يحصل كمالُ قوَّتِه العِلميَّة، وأعلَمُ الناسِ أعرَفُهم بها، وأفقههم فيها.

واستكمال القوة العمَليَّة الإرادية لا يحصل إلا بمراعاة حقوقه سبحانه على العبد، والقيام بها، إخلاصًا وصدقًا، ونصحًا وإحسانًا، ومتابعة، وشهودًا لمنَّته عليه وتقصيره هو في أداء حقِّه، فهو مستحيٍ من مواجهته بتلك الخدمة؛ لعلمِه أنها دون ما يستحقه عليه، ودون دون ذلك.

وأنه لا سبيل له إلى استكمال هاتين القوتين إلا بمعونته، فهو مضطر إلى أن يهديه الصراط المستقيم، الذي هدى إليه أولياءَه وخاصَّتَه، وأن يجنِّبَه الخروج عن ذلك الصراط، إما بفساد في قوته العلمية، فيقع في الضلال، وإما في قوته العملية، فيوجب له الغضب.

فكمال الإنسان وسعادته لا تتم إلا بمجموع هذه الأمور، وقد تضمَّنتْها سورة الفاتحة، وانتظمتها أكملَ انتظام؛ فإن قوله: ï´؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ï´¾ [الفاتحة: 2 - 4] يتضمن الأصل الأول، وهو معرفة الربِّ تعالى، ومعرفة أسمائه وصفاته وأفعاله.

والأسماء المذكورة في هذه السورة هي أصول الأسماء الحسنى، وهو اسم "الله" و"الرحمن"؛ فاسم "الله" متضمِّن لصفات الألوهية، واسم "الرب" متضمِّن لصفات الربوبية، واسم "الرحمن" متضمِّن لصفات الإحسان والجود والبِرِّ، ومعاني أسمائه تدور على هذا.

وقوله: ï´؟ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ï´¾ [الفاتحة: 5] يتضمن معرفة الطريق الموصِّلةِ إليه، وأنها ليست إلا عبادتَه وحده بما يحبُّه ويرضاه، واستعانتُه على عبادته.

وقوله: ï´؟ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ï´¾ [الفاتحة: 6] يتضمن بيان أن العبد لا سبيل إلى سعادته إلا باستقامته على الصراط المستقيم، وأنه لا سبيل له إلى الاستقامة إلا بهداية ربِّه له، كما لا سبيل له إلى عبادته إلا بمعونته، فلا سبيل له إلى الاستقامة على الصراط إلا بهدايته.

وقوله: ï´؟ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ï´¾ [الفاتحة: 7] يتضمن طرفَي الانحراف عن الصراط المستقيم، وأن الانحراف إلى أحد الطرفين انحرافٌ إلى الضلال، الذي هو فساد العلم والاعتقاد، والانحراف إلى الطرف الآخر انحرافٌ إلى الغضب الذي سببُه فساد القصد والعمل.

فأول السورة رحمة، وأوسطها هداية، وآخرُها نعمة، وحظُّ العبد من النعمة على قدر حظِّه من الهداية، وحظُّه منها على قدر حظِّه من الرحمة، فعاد الأمر كلُّه إلى نعمته ورحمته، والنعمةُ والرحمة من لوازم ربوبيته، فلا يكون إلا رحيمًا منعمًا، وذلك من موجبات إلهيَّتِه، فهو الإله الحقُّ، وإنْ جحَدَه الجاحدون، وعدَلَ به المشركون، فمتى تحقَّقَ بمعاني الفاتحة علمًا ومعرفة وعملًا وحالًا، فقد فاز من كماله بأوفرِ نصيب، وصارت عبوديته عبوديةَ الخاصة، الذين ارتفَعتْ درجتهم عن عوام المتعبِّدين، والله المستعان".

وقال ابن كثير رحمه الله[4]: "اشتملت هذه السورة الكريمة، وهي سبع آيات، على حمد الله وتمجيده، والثناء عليه، بذكر أسمائه الحسنى المستلزمة لصفاته العليا، وعلى ذكر المَعاد، وهو يوم الدين، وعلى إرشاد عبيده إلى سؤاله، والتضرُّع إليه، والتبرُّؤ من حَوْلِهم وقوتهم، وإلى إخلاص العبادة له، وتوحيده بالألوهية تبارك وتعالى، وتنزيهه أن يكون له شريك، أو نظير، أو مماثل، وإلى سؤالهم إياه الهدايةَ إلى الصراط المستقيم، وهو الدين القويم، وتثبيتَهم عليه حتى يُفضِيَ بهم ذلك إلى جواز الصراط الحسيِّ يوم القيامة، المفضي بهم إلى جنات النعيم، في جوار النبيِّين والصدِّيقين والشهداء والصالحين.

واشتملت على الترغيب في الأعمال الصالحة؛ ليكونوا مع أهلها يوم القيامة، والتحذير من مسالك الباطل؛ لئلا يُحشَروا مع سالكيها يوم القيامة، وهم المغضوب عليهم والضالون".


[1] أخرجه البخاري في المناقب (3606)، ومسلم في الإمارة - باب لزوم جماعة المسلمين (1847).

[2] (1 /30).

[3] ص(39 -40).

[4] في "تفسيره" (1 /60).









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #29  
قديم 06-06-2021, 09:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,653
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله

كتاب «عون الرحمن في تفسير القرآن»

الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم




تفسير (الْحَمْدُ لِلَّهِ )






قال الله تعالى: ï´؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ï´¾ [الفاتحة: 2 - 7].







قوله تعالى: ï´؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ï´¾ [الفاتحة: 2].



قوله: ï´؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ ï´¾: مبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، وهو مصدر سماعي للفعل "حَمِدَ" دخلت عليه "أل".







و"أل": إذا دخلت على الأوصاف وأسماء الأجناس، دلَّت على الاستغراق والشمول والاستقصاء[1]، وعلامتها صحةُ وضع (كل) الشموليةِ مكانها؛ أي: كل الحمد بجميع صنوفه وأجناسه لله تعالى.







والحمد: وصفُ المحمود بصفات الكمال مع المحبة والتعظيم، فإن لم يكن مع المحبة والتعظيم كان نفاقًا ورياءً، وكذبًا وتزلُّفًا ومدحًا مذمومًا.







قال شيخ الإسلام ابن تيمية[2]: "الحمد الإخبار بمحاسن المحمود مع المحبة لها، فلو أخبَرَ مُخبِرٌ بمحاسن غيره من غير محبة لها، لم يكن حامدًا، ولو أحَبَّها ولم يُخبِر بها، لم يكن حامدًا".







قال ابن القيم[3]: "فالحمد لله: الإخبار عنه بصفات كماله سبحانه وتعالى، مع محبته والرضا به، فلا يكون المحبُّ الساكت حامدًا، ولا المُثنِي بلا محبة حامدًا؛ حتى تجتمع له المحبة والثناء".







وإذا كرِّر الحمد مرة ثانية سمِّي ثناءً، وإذا كرِّر ثالثة سمي "تمجيدًا"؛ بدليل ما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((قال الله تعالى: قسمتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: ï´؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ï´¾ [الفاتحة: 2]، قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال العبد: ï´؟ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´¾ [الفاتحة: 3]، قال الله: أثنى عليَّ عبدي، فإذا قال: ï´؟ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ï´¾ [الفاتحة: 4]، قال الله: مجَّدَني عبدي.." الحديث؛ رواه مسلم[4].







فقوله: ï´؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ ï´¾ حمدٌ مطلق، وï´؟ الْحَمْدُ ï´¾ اسم جنس، والجنس له كمية وكيفية. فالثناء كميةُ الحمد وتكثيره، والتمجيد كيفيتُه وتعظيمه.







وهذا أَولى مما درج عليه كثير من المفسِّرين وأهل اللغة من تفسير الحمد مطلقًا بالثناء[5].







الفرق بين الحمد والشكر:



فسَّر بعض أهل العلم الحمد بمعنى الشكر، منهم المبرد[6] والطبري[7]؛ قال الطبري: "العرب تقول الحمد لله شكرًا".







والصحيح أن الحمد غير الشكر؛ فالحمد كالمدح نقيضه الذم، والشكر نقيضه الكفران[8] وبين الحمد والشكر عموم وخصوص[9].







فالحمد أعمُّ من حيث ما يقع عليه، فهو يقع على الصفات اللازمة والمتعدية؛ أي: يكون لكمال المحمود، ولإنعام المحمود، تقول: حمدته لفروسيته وشجاعته، وحمدته لكرمه.







وهو أخص من حيث الأداة التي يقع بها، فهو يقع باللسان فقط، قال تعالى: ï´؟ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا ï´¾ [الإسراء: 111].







قال الزمخشري[10]: "وهو إحدى شُعَبِ الشكر".







قلت: وليس معنى كونه يقع باللسان فقط أن يكون ذلك بدون مواطأة القلب وموافقته؛ لأن الحمد - كما تقدم - وصف المحمود بصفات الكمال مع المحبة والتعظيم في القلب، ومعلوم أن مدار الأعمال كلها صلاحًا أو فسادًا على القلب، قال صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى))[11] ، وقال صلى الله عليه وسلم: ((ألا إن في الجسد مضغة إذا صلَحتْ صلَح الجسد كلُّه، وإذا فسَدتْ فسد الجسد كلُّه، ألا وهي القلب"[12].







ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية[13]: "والحمد إنما يكون بالقلب واللسان...".







والشكر أخصُّ من حيث ما يقع عليه؛ فهو لا يقع إلا على الصفات المتعدية؛ أي: ما يكون إلا في مقابلة نعمة؛ تقول: شكرته لكرمه، ولا تقول: شكرته لفروسيته وشجاعته، فهو لا يكون إلا جزاء على نعمة، بينما الحمد يكون جزاء كالشكر، ويكون ابتداءً.







وهو - أي الشكر - أعمُّ من حيث الأداة التي يقع بها، فهو يقع بالقلب واللسان والجوارح، كما قال الشاعر:





وما كان شكري وافيًا بِنَوَالِكُم

ولكنَّني حاولتُ في الجهد مذهبَا




أفادتْكم النَّعماءُ مني ثلاثةً

يدي ولساني والضميرَ المُحَجَّبَا[14]












ومن هذا قول ابن القيم في شيخه ابن تيمية رحمهما الله[15]:





ولقد أتاحَ ليَ الإلهُ بفضله

مَن ليس تَجزيهِ يدي ولساني




حَبْرًا أتى من أرض حَرَّانٍ فيا

أهلًا بمن قد جاء من حَرَّانِ




فاللهُ يَجزيهِ الذي هو أهلُه

من جنةِ المأوى مع الرِّضوانِ




أخَذتْ يداه يدي وسارَ فلم يَرِمْ

حتى أراني مطلعَ الإيمانِ








فالشكر بالقلب بالاعتراف بالنعمة باطنًا، ونسبتِها إلى المنعِم بها ومُسديها.







والشكر باللسان بالاعتراف بالنعمة ظاهرًا، والتحدث بها باللسان؛ قال الله تعالى: ï´؟ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ï´¾ [الضحى: 11].







وهذا على القول بأنه يدخل تحت معنى الآية التحدثُ بنعم الله عامة، والآية تحتمله بلا شك؛ لأنه لا ينافي القول بأن المراد بالنعمة هنا نعمة النبوة.







والشكر بالجوارح بالاستعانة بالنعمة على طاعة المنعِم قولًا وعملًا، كما قال تعالى: ï´؟ اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا ï´¾ [سبأ: 13].







وقام صلى الله عليه وسلم حتى تورَّمت قدماه، وقال: ((أفلا أكون عبدًا شكورًا؟!))[16].







ويكون بظهور أثر النعمة على المنعَم عليه، كما في الحديث: ((إن الله يحب أن يَرى أَثَرَ نعمته على عبده))[17].








وفي حديث أبي مالك الجشمي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا آتاك الله مالًا، فلْيُرَ أثرُ نعمة الله عليك وكرامتِه))[18].







والمدح أعمُّ منهما جميعًا من حيث ما يقع عليه[19]، فإنه يُقال مما يقع من الإنسان بالتسخير، ومما يقع منه باختياره متعديًا أو لازمًا، فقد يُمدح الإنسان بطول قامته، كما يُمدح ببذل ماله وسخائه وعلمه، كما يُمدح بفروسيته وشجاعته، وهو يقع على الحي والميت، وعلى الحيوان والنبات والجماد، والزمان والمكان، وغير ذلك.







وهو كالحمد من حيث إنه يقع بالقول باللسان لا غير.







قال الراغب[20]: "فكل شكر حمدٌ، وليس كل حمد شكرًا، وكل حمد مدح، وليس كل مدح حمدًا".







ï´؟ لِلَّهِ ï´¾ اللام حرف جر، وهي تفيد معنى الاختصاص والاستحقاق، ولفظ الجلالة مجرور بها، والجار والمجرور متعلِّقان بمحذوف هو خبر ï´؟ الْحَمْدُ ï´¾، تقديره: مستحق، أو واجب أو ثابت لله.







وقد تقدم في بحث البسملة الكلام مستوفًى على معنى لفظ الجلالة (الله) واشتقاقه.







ومعنى ï´؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ ï´¾ أن الحمد المطلق لله وحده، فهو المستحق له المختص به دون سواه.







وحمده تعالى هو وصفه عز وجل بصفات الكمال اللازمة والمتعدية؛ كمال العظمة وكمال الإحسان والنعمة، مع المحبة والتعظيم له، والرضا عنه، والخضوع له؛ لأنه المنعِم بأكبر النعم وأعظمها.







قال شيخ الإسلام ابن تيمية[21]: "والحمد نوعان: حمد على إحسانه إلى عباده، وهو من الشكر، وحمد لما يستحقه هو بنفسه من نعوت كماله، وهذا الحمد لا يكون إلا على ما هو في نفسه مستحق للحمد، وإنما يستحق ذلك من هو متصف بصفات الكمال، وهي أمور وجودية، فإن الأمور العدمية المحضة لا حمدَ فيها، ولا خير ولا كمال.







ومعلوم أن كل ما يُحمَد فإنما يُحمَد على ما له من صفات الكمال، فكل ما يُحْمَد به الخلق فهو من الخالق، والذي منه ما يُحمَد عليه هو أحَقُّ بالحمد، فثبَتَ أنه المستحق للمحامد الكاملة، وهو أحَقُّ من كل محمود بالحمد، والكمالِ من كل كامل، وهو المطلوب".







وقال ابن القيم[22]: "الحمد يتضمن مدح المحمود بصفات كماله، ونعوت جلاله، مع محبته والرضا عنه والخضوع له، فلا يكون حامدًا من جحد صفات المحمود، ولا مَن أعرَضَ عن محبته والخضوع له، وكلما كانت صفات كمال المحمود أكثرَ، كان حمده أكمل، وكلما نقص من صفات كماله، نقص من حمده بحسبها؛ ولهذا كان الحمد لله حمدًا لا يحصيه سواه؛ لكمال صفاته وكثرتها، ولأجل هذا لا يُحصي أحدٌ من خلقه ثناءً عليه[23]؛ لما له من صفات الكمال، ونعوت الجلال، التي لا يحصيها سواه..".







والذين قالوا: معنى الحمد الثناء، معناه عندهم: الثناء عليه تبارك وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا.







قال القرطبي[24] رحمه الله تعالى: "الحمد في كلام العرب معناه الثناء الكامل... فهو سبحانه يستحق الحمدَ بأجمعه؛ إذ له الأسماء الحسنى والصفات العليا".







وقال أيضًا: "الحمد ثناء على الممدوح بصفاته... وذكر عن جعفر الصادق في قوله: ï´؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ ï´¾ قال: من حمده بصفاته كما وصف نفسه، فقد حمد..."







وقوله تعالى: ï´؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ ï´¾ جملة خبرية فيها معنى الأمر، فهو جل وعلا يُخبِرُ عن اتصافه بالحمد، ويأمر عباده أن يحمدوه، كما قال تعالى: ï´؟ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ï´¾ [النمل: 59].







وإنما جاءت جملةً اسمية للدلالةِ على الاستمرار والدوام، فله سبحانه وتعالى الحمدُ في جميع الأوقات والأزمان والأماكن، في الدنيا والآخرة، وفي السموات والأرض، وهو المحمود بكل حال، على ما له سبحانه من المحاسن والإحسان، وعلى ما له من الأسماء الحسنى والمَثَلِ الأعلى، وما خلقه في الآخرة والأولى[25].







افتتح كتابه بالحمد فقال تعالى: ï´؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ï´¾ [الفاتحة: 2]، وله الحمد على إنزاله، كما قال تعالى: ï´؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ï´¾ [الكهف: 1].







وله الحمد على خلق السموات والأرض وسائر المخلوقات، قال تعالى: ï´؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ï´¾ [الأنعام: 1]، وقال تعالى: ï´؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ï´¾ [فاطر: 1].







وله الحمد على ملك ما في السموات والأرض، قال تعالى: ï´؟ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ï´¾ [سبأ: 1].







وله الحمد في السموات والأرض، وفي جميع الأوقات، قال تعالى: ï´؟ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ ï´¾ [الروم: 18].







وله الحمد في الدنيا والآخرة، قال تعالى: ï´؟ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ ï´¾ [القصص: 70]، وقال تعالى: ï´؟ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ï´¾ [سبأ: 1].







وحمده تعالى آخر دعوى أهل الجنة، كما قال تعالى: ï´؟ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ï´¾ [يونس: 10].







وشَقَّ لنبيِّه صلى الله عليه وسلم اسمًا من الحمد، فسماه: محمدًا.







قال حسان بن ثابت رضي الله عنه[26]:





وضمَّ الإلهُ اسمَ النبيِّ إلى اسمِه

إذا قال في الخَمْسِ المؤذِّنُ أَشْهَدُ




وشَقَّ له مِنِ اسمِه[27] لِيُجِلَّهُ

فذو العرشِ محمودٌ وهذا محمدُ








فهو تعالى المحمود على الدوام في جميع الأحوال؛ ولهذا أمر عباده أن يحمدوه في آيات كثيرة، وكان نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم إذا رأى ما يحب قال: ((الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وإذا رأى ما يكره قال: الحمد لله على كل حال))[28].







كما رغَّب صلى الله عليه وسلم في حمد الله تعالى في أحاديث كثيرة، منها:



ما رواه أبو مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الطُّهورُ شطرُ الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملأان - أو تملأ - ما بين السماء والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك، كلُّ الناس يَغْدو، فبائعٌ نفسَه فمُعتِقُها، أو مُوبِقُها"[29].







وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لَيَرْضى عن العبد أن يأكُل الأكلةَ فيحمده عليها، ويشرب الشربة فيحمده عليها))[30].







وبما أن كل نعمة على العباد فهي من الله تعالى، كما قال تعالى: ï´؟ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ï´¾ [النحل: 53]، وبما أن نِعَمَ الله على العباد كثيرةٌ لا تحصى، كما قال تعالى: ï´؟ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ï´¾ [النحل: 18]، فإن العبد ليس بمقدوره أن يشكُرَ الله حقَّ شكره على هذه النعم، التي منها النعم الدينية من الإيمان والعلم والتقوى، والنعم الدنيوية كالصحة والمال، والنعم الأخروية، وهي الجزاء الكثير، على العمل القليل، في العمر القصير، ومضاعفة الحسنة إلى عشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة.







إذ كيف يمكن العبدَ أن يشكُرَ الله حقَّ شكره والشكرُ نفسُه نعمة من الله على العبد تستوجب الشكر؟! فما على العبد إلا أن يقوم بما يستطيع من الشكر ويقول: "سبحانك لا أُحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيتَ على نفسك"[31].









إذا كان شكري نعمةَ الله نعمةً

عليَّ له في مثلِها يجب الشكرُ




فكيف بلوغُ الشكر إلا بفضلِه

وإن طالتِ الأيامُ واتصَلَ العُمرُ[32]
















[1] انظر: "جامع البيان" (1/ 138)، "المحرر الوجيز" (1/ 63)، "الجامع لأحكام القرآن" (1/ 133)، "مجموع الفتاوى" (1/ 89)، "البحر المحيط" (1/ 18).



[2] انظر: "مجموع الفتاوى" (8/ 378).



[3] في "الوابل الصيب من الكلم الطيب" (ص88).



[4] سبق تخريجه.



[5] انظر: "مجموع الفتاوى" (6/ 266)، وانظر: "جامع البيان" (1/ 139)، "الكشاف" (1/ 7)، "المحرر الوجيز" (1/ 63)، "زاد المسير" (1/ 11)، "الجامع لأحكام القرآن" (1/ 133، 134)، "أنوار التنزيل" (1/ 7)، "لسان العرب" مادة (حمد)، "البحر المحيط" (1/ 18)، "أضواء البيان" (1/ 39).



[6] انظر: "الجامع لأحكام القرآن" (1/ 133).



[7] في "جامع البيان" (1/ 135 -138).



[8] انظر: "الكشاف" (1/ 8)، "الجامع لأحكام القرآن" (1/ 133).



[9] انظر: "المفردات" مادة "شكر"، "معالم التنزيل" (1/ 39)، "الكشاف" (1/ 7، 8) "المحرر الوجيز" (1/ 63)، "تفسير النسفي" (1/ 3)، "مجموع الفتاوى" (11/ 133 -134 -135، 146)، "تفسير ابن كثير" (1/ 45).



[10] في "الكشاف" (1/ 7).



[11] أخرجه من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه: البخاري في بدء الوحي (1)، ومسلم في الإمارة (7091).



[12] أخرجه من حديث النعمان بن بشير: البخاري - في الإيمان (52)، ومسلم - في المساقاة (1599).



[13] انظر: "مجموع الفتاوى" (11/ 134).



[14] انظر: "الكشاف" (1/ 7)، "مجموع الفتاوى" (11/ 133 -134)، "تفسير ابن كثير" (1/ 45).



[15] في "النونية" (ص143).



[16] أخرجه البخاري في التفسير (4836) عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: قام النبي صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه، فقيل له: غفَرَ الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: ((أفلا أكون عبدًا شكورًا؟!)).
وأخرجه أيضًا بنحوه من حديث عائشة رضي الله عنها (4837).



[17] أخرجه الترمذي في الأدب (2819) من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه وقال: "حديث حسن". وأخرجه أحمد (2/ 311) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، و(4/ 438) من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه.



[18] أخرجه أبو داود - في اللباس (40634)، والنسائي في الزينة (4819) - وصححه الألباني.



[19] انظر: "الصحاح" و"المفردات" مادة: "مدح"، "تفسير ابن كثير" (1/ 46).



[20] في "المفردات" مادة "حمد".



[21] انظر: "مجموع الفتاوى" (6/ 84).



[22] في "مدارج السالكين" (1/ 48).



[23] كما قال صلى الله عليه وسلم في الدعاء: ((اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أُحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك))؛ أخرجه مسلم في الصلاة - باب ما يُقال في الركوع والسجود (486) - من حديث عائشة رضي الله عنها.



[24] في "الجامع لأحكام القرآن" (1/ 133 -134).



[25] انظر: "مجموع الفتاوى" (11/ 133).



[26] انظر: "ديوانه" ص(338).



[27] لم يرد في الكتاب والسنة أن من أسمائه تعالى "المحمود"، فمعنى "المحمود" في البيت الموصوف بالحمد.



[28] أخرجه ابن ماجه في الأدب - باب فضل الحامدين (3803). وقال في "الزوائد": "إسناده صحيح ورجاله ثقات"، وصححه الألباني.



[29] أخرجه مسلم في الطهارة - فضل الوضوء (223).



[30] أخرجه مسلم في الذكر - استحباب حمد الله تعالى بعد الأكل (2734).



[31] أخرجه مسلم - في الصلاة - باب ما يُقال في الركوع والسجود (486) عن عائشة رضي الله عنها قالت: فقَدتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الفراش فالتمَستُه، فوقعتْ يدي على بطن قدمه وهو في المسجد، وهما منصوبتان، وهو يقول: (اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أُحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيتَ على نفسك))، وأبو داود في الصلاة - باب الدعاء في الركوع والسجود (879).



[32] البيتان للشاعر محمود الوراق، انظر: "المستطرف" (1/ 53)، "تاريخ دمشق" (5/ 190).








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #30  
قديم 06-06-2021, 09:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,653
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله

كتاب «عون الرحمن في تفسير القرآن»

الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم




بيــان معنــى "الســورة" و"الآيــة"



أ - بيان معنى "السورة":
السورة: فيها لغتان: "سورة" بدون همز، و"سؤرة" بالهمز.

أما "سورة" بدون همز، فهي لغة قريش وأكثر قبائل العرب، تُجمَع على "سُوَر"[1]. قال تعالى: ï´؟ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ ï´¾ [هود: 13].

وقال الراعي[2]:
هنَّ الحرائرُ لا رَبَّاتُ أَحْمِرَةٍ *** سُودُ المَحاجِرِ لا يَقرَأْنَ بالسُّوَرِ


ويجوز أن تجمع على سُورَات، وسُوَرَات[3].

وهي مأخوذة من معنى الإبانة والارتفاع، ومن معنى الإحاطة، ومعنى التمام.

أما كونها مأخوذة من معنى الإبانة والارتفاع، فإن السورة بائنةٌ عن السورة الأخرى منفصلة عنها، ولأن منزلتها رفيعة وعظيمة وشريفة يشرُف بها القارئ، ويرتفع بها من منزلة إلى منزلة[4]، كما قال النابغة الذبياني[5]:
ألم تَرَ أن الله أعطاكَ سُورةً *** تَرى كلَّ مَلْكٍ دونها يَتذبذبُ


أي: أعطاك منزلة رفيعة قصَّرتْ عنها منازلُ الملوك.

وأما كونها بمعنى الإحاطة، فلأنها محيطة بما احتوت عليه من الآيات، ومن قرأها بكاملها أشرَفَ واطَّلَع على ما فيها من الآيات؛ كَسُورِ البلدِ يكون عاليًا مرتفعًا ويحيط بما في داخله من العمران من المنازل والدور والبيوت وغيرها[6]، ومن صَعِد عليه شاهَدَ ما بداخله من ذلك العمران.

وأما كونها بمعنى التمام، فلأنها تامة منفصلة عن السورة الأخرى، تامة بموضوعاتها وآياتها، كما تُسمِّي العرب الناقةَ التامة الكريمة: سورةً[7].

وأما اللغة الثانية: "سؤرة" بالهمز، فإنها لغة تميم، وتُجمَع على "سُؤَر" بهمز.

والسؤرة في الأصل معناها: القطعة من الشيء، والبقية منه، ومنه "سُؤْرُ الشراب": أي بقيَّتُه.

قال الأعشى[8]:
فبانَتْ وقد أسأرَتْ في الفؤا *** دِ صَدْعًا على نَأْيِها مُستطِيرَا


أي: أبقَتْ في الفؤاد.

ومعنى السؤرة من القرآن: هي القطعة منه.

والقرآن من سؤرة بعد سؤرة؛ أي: قطعة بعد قطعة، حتى كمل منها القرآن[9].

والسورة من القرآن في الاصطلاح: القطعة من كلام الله تعالى في كتابه، ذات بداية ونهاية معروفة، تشتمل على ثلاث آيات فأكثر.

وسُوَرُ القرآن الكريم مائة وأربعَ عشْرةَ سورةً، أطولُها سورة البقرة، وأقصَرُها سورة الكوثر، وترتيبها توقيفيٌّ عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ب - بيان معنى "الآية":
الآية لغةً: العلامة[10]؛ قال تعالى: ï´؟ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ï´¾ [البقرة: 248].


وقال تعالى عن الحواريِّين أنهم قالوا: ï´؟ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ ï´¾ [المائدة: 114].

وقال الأسير الموصي لقومه[11]: "بآيةِ ما أكلتُ معكم حَيْسًا".

وقال النابغة الذبياني[12]:
توهَّمتُ آياتٍ لها فعرَفتُها *** لستةِ أعوامٍ وذا العامُ سابعُ


وتُطلَق الآية بمعنى الجماعة، يقال: خرَجَ القوم بآيتِهم؛ أي: بجماعتهم[13].

قال برج بن مسهر الطائي[14]:
خرَجْنا مِن النَّقْبَيْنِ لا حيَّ مِثلُنا *** بآيتِنا نُزجِي اللِّقاحَ المَطافَلَا


والآية القرآنية مأخوذة من معنى العلامة؛ لأن الآية القرآنية علامةٌ على وجود الله وكماله في ذاته وصفاته، واستحقاقه العبادة وحده، وعلى صدق من جاء بها، وأنها من عند الله تعالى، كما أنها علامة للفصلِ بين ما قبلها وما بعدها[15].

ويحتمل أنها من المعنيين جميعًا: من معنى العلامة، ومعنى الجماعة؛ لأنها مع كونها من معنى العلامة، فهي أيضًا فيها معنى الجمع؛ لأنها تجمع حروفًا وكلمات من القرآن[16].

وتُجمَع الآية على آيات، وآياتُ الله تنقسم إلى قسمين: آيات كونية، وآيات شرعية.

فالآيات الشرعية: هي ما يتعلق بالوحي من كلام الله تعالى، وسمِّيت بذلك لمباينتها كلام البشر، وعجزهم عن الإتيان بمثلها، ولأن في إصلاح هذا الوحي لمن أنزل عليه حسب ما شرع الله علامةً ودلالة واضحة على أنه من عند الله ذي الكمال في ذاته وربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، كما قال تعالى: ï´؟ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ï´¾ [النساء: 82]، كما أن فيه دلالة على صدق من جاء به من عند الله تعالى، وهم الرسل عليهم الصلاة والسلام.

والآية الشرعية في الاصطلاح: هي القطعة من كلام الله تعالى ذات بداية ونهاية، منفصلة عما قبلها وعما بعدها، مندرجة تحت سورة من سور القرآن[17] الكريم.

وأطول آية في القرآن آيةُ الدَّين ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ ï´¾ [البقرة: 282]، وأقصر آية: ï´؟ ثُمَّ نَظَرَ ï´¾ [المدثر: 21]، باستثناء الحروف المقطعة أوائل السور.

ترتيب الآيات توقيفيٌّ بالإجماع؛ قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله[18]: "فترتيب القرآن من لدن حكيم خبير سبحانه وتعالى، وهو الموافق لإصلاح القلوب؛ ولهذا نرى من الخطأ الفادح أن يؤلِّف أحد القرآن مرتبًا على الأبواب والمسائل، كما صنعه بعض الناس؛ فإن هذا مخالف لنظم القرآن والبلاغة وعمل السلف، فالقرآن ليس كتاب فقه، ولكنه كتاب تربية وتهذيب للأخلاق، فلا ترتيب أحسن من ترتيب الله؛ ولهذا كان ترتيب الآيات توقيفيًّا لا مجال للاجتهاد فيه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزلت الآية قال: ((ضَعُوا هذه الآية في مكان كذا وكذا))[19] ".

والآيات الكونية: ما يتعلق بالخلق والتقدير، وهي تشمل كلَّ ما خلق الله في هذا الكون؛ من أرض وسماء، وليل ونهار، وشمس وقمر، وحجر وشجر، وجن وإنس، وحيوان ونبات، وسائر المخلوقات؛ لأن في إيجاد هذه المخلوقات وانتظامها علامةً ودلالة واضحة على وجود خالقها وباريها، وعلى قدرته وحكمته ووحدانيته ورحمته، وكماله في ذاته وفي ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته.

قال تعالى: ï´؟ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ ï´¾ [الروم: 22]، وقال تعالى: ï´؟ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ï´¾ [الروم: 25].

وقال تعالى: ï´؟ وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ * لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ ï´¾ [يس: 34، 35].

وقال تعالى: ï´؟ وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ * وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ï´¾ [يس: 37 - 39].

وقال تعالى: ï´؟ وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ ï´¾ [يس: 41، 42].

وقال تعالى: ï´؟ وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ï´¾ [فصلت: 37].

وقال تعالى: ï´؟ وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ï´¾ [الذاريات: 20، 21].


[1] انظر: "المحرر الوجيز" (1/ 46)، "لسان العرب" مادة: "سور".

[2] انظر: "ديوانه" ص(122).

[3] انظر: "لسان العرب" مادة: "سور".

[4] انظر: "مجاز القرآن" (1/ 20)، "جامع البيان" (1/ 104 -105)، "مشكل إعراب القرآن" (1/ 68).

[5] انظر: "ديوانه" ص(56).

[6] انظر: "تفسير ابن كثير" (1/ 18).

[7] انظر: "لسان العرب" مادة: "سور".

[8] انظر: "ديوانه" ص(143)، شرح د/ محمد محمد حسين - بيروت 1983م. بانت: بعدت. صدع مستطير: تَصدَّع من أوله إلى آخره. ومستطير: متفرِّق، منتشر. النأي: البعد. والشاعر يصف امرأة فارقته فأبقت في قلبه من محبتها ووجدها بقية.

[9] انظر: "مجاز القرآن" (1/ 2)، "جامع البيان" (1/ 105)، "لسان العرب" مادة: "سور".

[10] انظر: "جامع البيان" (1/ 106)، "النهاية" مادة: "آية"، "تفسير ابن كثير" (1/ 18).

[11] انظر: قصته في كتاب "الأمالي" لأبي علي القالي (1/ 6 -7).

[12] انظر: "ديوانه" ص(162).

[13] انظر: "النهاية" مادة: "آية".

[14] انظر: "المحرر الوجيز" (1/ 47)، "تفسير ابن كثير" (1/ 18). ومعنى نزجي: نسوق، واللقاح: ذوات الألبان، والمطافلا: النوق معها أولادها.

[15] انظر: "جامع البيان" (1/ 106)، "المحرر الوجيز" (1/ 47)، "تفسر ابن كثير" (1/ 18).

[16] انظر: "المحرر الوجيز" (1/ 47)، "النهاية" مادة: "آية".

[17] انظر: "جامع البيان" (1/ 106)، "تفسير ابن كثير" (1/ 18).

[18] في "تفسير سورة البقرة" (2/ 449 -450).

[19] أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/ 403).

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 263.92 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 257.86 كيلو بايت... تم توفير 6.06 كيلو بايت...بمعدل (2.30%)]