|
|
ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
الخمول الفكري عند الأبناء
الخمول الفكري عند الأبناء محمد علي الخلاقي عندما تقرأ سِيَرَ كثيرٍ من العظماء والمبدعين الذين غيَّروا وجه التاريخ، وأضافوا للبشرية بصماتٍ إيجابيةً وآثارًا محمودة، لوجدت أن أغلبهم- إن لم يكن أكثرهم- من طبقات الفقراء الذين عانوا في حياتهم من ضيق العيش، وواجهوا في طريق حياتهم كثيرًا من العقبات والصعوبات. وهذا كان دافعًا لهم لإعمال عقولهم في كيفية حلها، وتركيز جهدهم في إيجاد طريق لتجاوزها والتغلب عليها، فكانت تلك الصعوبات في حقهم منحًا أشعرتهم بقوة إرادتهم، وكشفت أمامهم طريقة استثمار أوقاتهم، وإعمال عقولهم في البحث عن حلول لها، وبهذا يقول نيلز بور: ( الصعوبة تحمل الحل في طيَّاتها، فهي تجبرنا على تغيير تفكيرنا لكي نجد هذا الحل). إذًا أعظم دافع للتفكير وإعمال العقل هو الصعوبات التي تقف أمام طموحاتنا، وتسد طريق سيرنا، فتتوقد الأذهان في البحث عن حلول لتخطيها، والسعي لاكتشاف ما وراءها، فيصبح العقل في حركة مستمرة، وتفكير دائم في كيفية تجاوزها، وعندما يعمل العقل فإنه سيبذل طاقته ويفرغ جهده وسعته في البحث عن حلها، والمحاولة مرات عديدة دون استسلام لإيجاد مخرج منها حتى يصل لحلها وتجاوزها. وقديمًا كنا نسمع العبارة المشهورة (الحاجة أم الاختراع)، فتبين أن هذا صحيح؛ فإن الدافع للعمل والإبداع وإيجاد حلول لحياتنا هو حاجتنا، والنقص الذي يطرأ على جوانب حياتنا، والصعوبات التي تقف عائقًا أمام تقدمنا. ولكن اليوم نجد أن هذه الحقائق التي ذكرناها تكاد لا تجد لها أثرًا في حياة الأبناء، وأن الناشئة لا يهتمون بالتفكير أو البحث أو الإنجاز إلا نادرًا، فأصبح هناك أمر جديد يتسم بالاستسلام واليأس وعدم المبالاة فليس هناك همم عالية وطموحات كبيرة في حياة الأبناء اليوم، فإذا واجهته أصغر عقبة في حياته، فإنه سرعان ما يضعف وينهزم أمامها. وإذا بحثنا عن السبب الذي جعل هذه الأجيال هكذا، ولماذا أصبح الأبناء يغلب على حياتهم الاتِّكالية، ويطغى عليهم عدم المبالاة أو الاهتمام، ويصابون بالخمول الفكري والجمود المعرفي البحثي الذي يدفعهم للعمل والجهد. وبالنظر إلى خصائص هذا الجيل، وكثرة احتحاكي بهم ونقاشي معهم كمختص في المجال التربوي، أجد أن هذا الخمول الفكري الذي أصابهم وتغلغل في نفوسهم، وسيطر على حياتهم أتى إليهم من جهتين: الأولى: من جهة الوالدين، فعندما يقوم الوالدان بكل شيء في الحياة نيابة عن الطفل، فهم من يفكر عنه، وهم من يحل المشاكل التي تواجهه في الحياة، وهم الذين يتصدون للصعوبات التي تواجهه في طريق حياته، وهم من يدرس عنه، وهم من يؤدي الواجبات التي تفرض عليه، وهم الذين يتبرعون لأداء المشاريع التي يوكل بها الطفل ... وضع ما شئت مما يقوم به الآباء نيابة عن أبنائهم بدافع الخوف عليهم أو مساعدتهم، وما علموا أنهم بهذا الفعل قد ألغوا شخصيته، وجعلوا منه نسخة منهم، لا يستطيع مواجهة مشاكله أو أن يتخذ أي قرار في حياته، وأيضًا لم يعلموا أنهم بفعلهم هذا قد حطموا إرادته، وعلَّموه الاتِّكالية على غيره في قضاء شؤونه وأعماله؛ فأصبح الابن يرى نفسه مهمشًا محاطًا بمن يقوم بكل شيء عنه، فليس له أن يبذل جهدًا، أو يعمل فكرًا في أمر من شؤون حياته؛ فهو يرى الحياة كما يراها والداه، لا يستطيع أن يتخذ قرارًا أو يستطيع الاختيار، ومما رأيته أن بعض الأبناء إذا أراد أن يشتري شيئًا يلبسه فإنه لا بد أن يتصل بأمه أو أحد والديه ليختار له ماذا سيلبس أو يشتري؛ وهذا سبب رئيس في نشأة الطفل خاملًا، متِّكلًا بليدًا لا يفكر في بذل الجهد أو مواجهة أمر من الأمور التي تخصُّه. الثاني: متابعة التافهين وكثرة الإعجاب بهم، والجلوس أمامهم والتعليق على محتواهم، فأُصيب كثيرٌ من الشباب بالتفاهة في تفكيره والتفاهة في حياته، فعندما يرون هؤلاء التافهين يُقَدَّمُون ويُكَرَّمُون، والأموال بين أيديهم يلعبون بها ويستعرضونها أمام المتابعين، وهم لم يبذلوا جهدًا، أو يقدموا محتوًى هادفًا ينفع الناس في أمور دينهم أو شئون حياتهم؛ وإنما كل ما يحسنونه عرض الأجساد والضحك والاستهزاء، فهم أساس التفاهة في المجتمع. وفي الجانب الآخر يرى هذا الطفل أهل العلوم والإبداع والموهوبين يعيشون على هامش الحياة، لا ينظر إليهم أحد، ولا يُكَرَّمُون في المجتمع؛ فترتسم صورة ذهنية في عقول الأبناء أن أهل الإبداع، ليس لهم قيمة في هذا الزمان، وليس لهم مكان في المجتمع، وأن التعلم لسنوات ثم التخرج والبحث عن عمل مضيعة للوقت وخسارة للعمر. ويرسخ في أذهانهم فكرة أنه إذا أراد شخص أن يُحترَم ويُقدَّر، ويكون لديه المال ويستمتع بمتع الحياة وجمالها، فإنه لا بد أن يكون مثل هؤلاء الذين يصنعون التفاهة ويمتهنون السفاهة، ولا يملكون إلا الرقص والغناء والضحك والاستهزاء. فكم سمِعْنا ورأينا أن هناك تافهًا من السفهاء لم يكمل دراسته الابتدائية وهو الآن يتكلم بأرقام فلكية في الأموال ويركب السيارات الفارهة، ويسكن المساكن الفخمة أو فتاة ليس لها من حياتها إلا الرقص والعري وإظهار المفاتن والعورات، أصبحت الآن مشهورة يُشار إليها بالبنان، وتُدعى إلى المجالس والجمعيات، وتُوضَع صورها في الإعلانات وتتصدَّر المجلات وغيرها! فأصبح هناك عزوف عن العلم والبعد عن الدراسة والإبداع، وأصبح الأبناء يسعون إلى حلول سريعة وأفكار غريبة لعلها ترفعهم يومًا وترسم لهم المستقبل يومًا ما.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |