كيف نتعامل مع مصاعب الحياة؟ - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          الفهم الخطأ للدعوة يحولها من دعوة علمية تربوية ربانية إلى دعوة انفعالية صدامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          معالجة الآثار السلبية لمشاهد الحروب والقتل لدى الأطفال التربية النفسية للأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأخت المسلمة

ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 31-05-2023, 08:30 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي كيف نتعامل مع مصاعب الحياة؟

كيف نتعامل مع مصاعب الحياة؟
ميسون سامي أحمد


يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ﴾ [البلد: 4]، والكَبَد هو المشقة والشدة والتعب، الإنسان عمومًا لا تتبين ملامحُ شخصيته ولا تتوضح إلا إذا وقع في الشدة والمصاعب، وهو أيضًا يكتشف قدراتِه وطاقته على التحمل وكيفية التعامل مع الأزمات وتجاوزها، فللمصيبة دورٌ كبير في تكوين شخصيته، الناس في حالة اليسر متساوون في الطباع؛ أليفون مَرِحون مقبِلون على الحياة، فإذا وقعت المصيبة؛ كأن يخسر الإنسان عمله أو ما يملك، أو يُبتلى في صحته، يظهرون على حقيقتهم من الهلع والخوف من المجهول، والعجز عن تلبية متطلبات الحياة، وبالتالي قد ينهارون ويعانون من المشاكل النفسية والصحية، ويفقدون الحافز والدافع للحياة.

وقد يتخبط الكثير حول كيفية البدء من جديد، الإنسان الواقعي والشجاع يبدأ من موقعه وما وصل إليه، ولا ينتظر المعجزات ولا يحمِّل أحدًا مسؤولية إخفاقاته، نعم خسارة العمل مصيبة في الوقت الحاضر؛ لما ينتج عنها من العجز عن توفير المتطلبات الضرورية من الأكل والسكن والتعليم، وانعكاسها على حالة الأولاد النفسية وعلى المحيطين بنا، وقد يلجأ البعض إلى الوقوع في فخ الديون لسد الحاجات الضرورية، وتبدأ دوامة الانفعالات واتخاذ المواقف وتقييم الآخرين والحاجة إلى الأهل، والتدخل في القرارات، وفقدان الاستقلالية المادية.

المصائب تقع لكل الأمم ولكل الناس حتى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؛ فخليل الرحمن إبراهيمُ عليه السلام تعرَّض لابتلاءات كثيرة فصبَر على ذلك، من ابتلائه بالحرق بالنار التي أبدلها الله بردًا وسلامًا، وخروجه من أرضه إلى ديار أخرى، وتركِه زوجتَه وابنه في أرض مقفرة ووادٍ غير ذي زرع، امرأة وطفل رضيع في مكان مهجور، ولكنه أمر الله والثقة بأن الله لن يضيعهم، وابتلائه بذبح وحيده إسماعيل عليه السلام، كلُّ هذه المصائب ولكنه كان صابرًا أوابًا حتى أصبح أمَّةً وحده ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [النحل: 120].

وهذا نبيُّ الله يعقوب عليه السلام، فَقَدَ أحَبَّ أبنائه إليه - يوسف - على يد إخوته، فكانت المصيبة مضاعفةً عليه - فقدُ الابن وظلمُ الإخوة - حتى أشرَفَ من حزنه على الهلاك، وقال له أهل بيته: ﴿ تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ ﴾ [يوسف: 85]، فما حنَّ عليه أبناؤه، ولا رقت قلوبهم القاسية لحزنه، فكانت هذه الحادثة لمصلحة يوسفَ عليه السلام؛ لتمكينه في الأرض وتعلُّمه تأويلَ الأحاديث.

قد تكون بعض الأحداث مصيبةً في نظر البعض، ولكنها تحمل جوانبَ إيجابية، ونعمًا كثيرة يغفل عنها البشر، ونبيُّ الله أيوبُ أصيب في صحته وأهله، حتى ذكر دعاءً خالدًا يدعو به من أصيبَ في مثل مصيبته: ﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ﴾ [الأنبياء: 83، 84]، وهكذا معظم الأنبياء تعرَّضوا لابتلاءات كثيرة فصبَروا.

قال علماء اللغة رحمهم الله في تعريف المصيبة بأنها الأمر المكروه والسيئ الذي يصيب الإنسانَ، وتكون مكروهة؛ لأنها لا تلائم طبع الإنسان[1] الذي يميل إلى الراحة والسكون والثبات، وينفر عن كل ما يؤلمه، ولكن ماذا نفعل؟ هذه طبيعةُ الحياة لا تدوم على حال واحدة؛ فدوام الحال من المحال.

يتفاوت البشر - بغض النظر عن الدِّين - في تلقِّيهم المصائبَ؛ فقد يتقبَّلها البعض بهدوء وسكينة، وقد ينهار البعض من هولها وشدتها؛ ولذلك ورد عن عمرو بن العاص رضي الله عنه في مدح الروم بأنهم أسرع الناسِ إفاقةً بعد مصيبة، جميع الناس تنزل بهم المصائب لا فرق بين مسلم ولا كافر، ولكن ما يميِّز المؤمنَ والمسلم هو طريقة تعاطيه مع المصيبة ﴿ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 104].

الله أمَرَنا بالصبر عند نزول البلاء، والرضا والتسليم والرجوع إلى الله، فالمصيبة تجري علينا شئنا أم أبينا، و﴿ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ ﴾ [إبراهيم: 21]، والموت أكبرُ المصائب؛ يقول القرآن الكريم: ﴿ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ ﴾ [المائدة: 106]، فالموت نهاية رحلة وحياة الإنسان بكل ما تحمله من طاعة ومعصية وقربٍ وبعدٍ عن الله تعالى، وما حملَ الإنسان من أوزار لا يستطيع الرجوع عنها، ولما يخلفه من أهل وأولاد وراءه يحتاجون إلى الرعاية، وقد يضيعون بموت هذا المعيل، فتؤذيهم الحياة والبشر لوقت طويل إلى أن يقفوا على أقدامهم من جديد، والإنسان الخيِّر المؤمن يبحث عن الأرملة واليتيم، المحتاجين بصدق؛ ليقدِّم لهم يد المساعدة من غير مقابل، وليخفِّف من آلامهم.

ذُكرت المصيبة في القرآن الكريم في آيات كثيرة مفسرة الأسباب التي تؤدي إلى وقوعها بالبشر، ولنرَ الآن كيف فسَّر القرآن الكريم المصائب التي تنزل بالناس: كثيرة هي الآيات الكريمة التي تتحدث عن المصائب وأسبابها، وبتدبر هذه الآيات نرى أنها تنزل بالناس لأسباب، منها:
أولًا: قد تكون هذه المصائب كنوع من العقوبة في الدنيا على أعمال وذنوب يقترفها البشر، يدل عليها بعضُ هذه الآيات، كما يقول الله سبحانه وتعالى:
﴿ فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلَاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ ﴾ [الزمر: 51]، ﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ ﴾ [المائدة: 49]، فالأعمال السيئة سبب وقوع المصيبة ﴿ وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [القصص: 47].

وكانت المصائب العامة التي نزلت بالأمم السابقة لظلمهم وكفرهم وتكذيبهم الرسلَ عقابًا من الله تعالى على هذه الأعمال التي قاموا بها: ﴿ لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ ﴾ [سبأ: 15 - 17]، فكان جزاء قوم سبأ على كفرهم أن أرسل الله عليهم السيل القويَّ، فخسروا الحياة الهانئة التي كانوا يعيشونها.

ونوح عليه السلام دعا قومه زمنًا طويلًا إلى الإسلام، فلم يؤمن إلا عددٌ قليل، فكانت عاقبتهم الغرق: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 14]، ﴿ وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [الفرقان: 37].

وهكذا حال الأمم الأخرى التي كذَّبت الرسل وظلمت وتعدَّت: ﴿ وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴾ [هود: 94]، ﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ * فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ * وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ * فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ ﴾ [الحاقة: 4 - 8].

وقوم لوط الذين يعملون الفاحشة كان عقابهم: ﴿ فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ ﴾ [هود: 82، 83]، وقوم فرعون لما كذَّبوا موسى ورفضوا إرسال بني إسرائيل مع موسى عليه السلام كان عقابهم: ﴿ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ ﴾ [الأعراف: 133].

ومثلما تنزل المصائب بالأمم الكافرة عقوبةً لهم على كفرهم، تنزل كذلك بالأفراد؛ مثلًا قارون كان من قوم موسى أعطاه الله من الكنوز الكثير، فبغى عليهم وبغى في الأرض الفساد: ﴿ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ ﴾ [القصص: 81]، والسامري الرجل الذي أضلَّ بني إسرائيل وصنع لهم العجل ليعبدوه، عوقب كما يقال بمرض يجعله لا يمسُّ أحدًا ولا أحد يمسه، وهو ما قيل في تفسير الآية الكريمة: ﴿ قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا ﴾ [طه: 97].

وكذلك الأعمال الخيِّرة والحسنة تجلب رضا الله سبحانه وتعالى: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 10 - 12]، فكان من المفهوم أن الأعمال السيئة والشريرة تجلب على الناس البلاءَ والشر، فيقول تعالى:﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾ [هود: 117]، ﴿ فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا ﴾ [النساء: 62].

ثانيًا: قد تكون هذه المصائب من باب الابتلاء والاختبار والامتحان:﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ﴾ [الأنعام: 42]، ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ﴾ [محمد: 31]، ﴿ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الأعراف: 168]، ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الكهف: 7]، ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ [الحديد: 22، 23].

قد يتبادر إلى الذهن سؤال: أن الله رحيم غفور، كيف يرضى بأن يصيب عباده بالمصائب والابتلاءات؟ فيأتي الجواب: ﴿ مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 79].

والأمر الواضح والمفهوم أن الابتلاء لا يكون بالسيئات فقط، فقد تكون النعمة أيضًا من باب الابتلاء: ﴿ فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ﴾ [الفجر: 15، 16]، ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ [الأنبياء: 35].

ثالثًا: وقد تكون المصائب وسيلة لتكفير الذنوب، فبعض البشر يحبُّهم الله تعالى؛ لذلك يريد أن يخفف من ذنوبهم بمجازاتهم على بعض أعمالهم في الحياة الدنيا، ولعلهم يرجعون إلى الله، أو قد تكون مصيبة شخص فائدةً لشخص آخر، ﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [السجدة: 21]، ﴿ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ﴾ [التوبة: 118]، ويقول تعالى: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: 41]، فعلى الإنسان اللبيب أن يعرف من أين أصيبَ، ويتفكر في المصيبة التي نزلت به، ويبحث في أسبابها؛ ليعالج ما وقع فيه، ويشكر الله ويحمده على ما أخذ وما أبقى، ويطلب الصبر على البلاء، ويصلح من حاله.

وقد أرشدنا القرآن الكريم إلى كيفية التعامل مع الأمور المكروهة والمؤذية التي تنزل بنا، ومن هذه الأمور:
الاسترجاع: بأن يقول الإنسان المؤمن: (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)، يقول الله تعالى: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 155 - 157]، يقولها الإنسان عن قناعة وثقة ويقين، لا مجرد أن يردد كلمات لا يعرف معناها ولا يشعر بها.

الصبر: وقد وردت آيات كثيرة تتحدث عن قيمة الصبر وعن منزلة الصابرين عند الله: ﴿ لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [آل عمران: 186].

ويقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: ((عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ))[2]، ويقول صلى الله عليه وسلم: ((مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ، وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ، وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ))[3]، ويقول صلى الله عليه وسلم: ((لَيْسَ مِنَّا مَنْ لطم الخُدُودَ، وشَقَّ الجُيُوبَ، ودَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ))[4].

ومن المفيد لنا لكي نستمر ونتغلب على أحزاننا: تغييرُ رؤيتنا لأحداث الحياة، واستبدال كلمة المصيبة بكلمةٍ أقل وقعًا وألمًا على النفس؛ كأن تكون صعوبات تعترض الإنسان في حياته، أو ابتلاءات تكشف طبيعة هذا الإنسان، وعند الرضا والتسليم تكون وسيلة لتقريبنا من الله سبحانه وتعالى ورفع درجتنا عنده، أو كفارة لغفران بعض الذنوب وفرصة لبداية جديدة.

وعلى الإنسان أن يسأل نفسه: لماذا وقعت هذه المصيبة؟ هل اقترف ذنبًا استحق عليه العقوبة؟ أو هل قصَّر في حق الله سبحانه وتعالى؟ فإذا حصل على الجواب سيشعر بالراحة والسكون بدل الصراخ واللوم؛ لأن هذا ما جنَتْه يداك يا رجل، يقول تعالى: ﴿ وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [القصص: 47]، ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30].

البحث عن الجوانب الإيجابية للمصيبة: في الحياة لا يوجد شيء كلُّه سوء، لا بد من وجود بعض الجوانب الجيدة فيما يمر علينا، عندما يخسر الإنسان أحد أبنائه قد يكون في ذلك خيرٌ؛ مثلًا قد يكون هذا الولد سيئًا، وقد يجلب الشقاء لأهله، أو يؤذي إنسانًا بريئًا في المستقبل، وقد يكون ذلك رحمة بالوالدين وزيادة لمنزلتهم عند الله تعالى، وعندما يخسر الإنسان وظيفته، هذه ليست نهاية الدنيا؛ فقد يحتاج لبعض الوقت والتفكير ليكتشف أن ذلك خيرًا له، فقد يبدع الإنسان في مجال آخر، ويكتشف في نفسه إمكانيات أخرى يحقِّق بها حياة أفضل له ولعائلته، فقط يحتاج إلى أن يخرج من ضيق التفكير، ومن دائرة الراحة والسهولة إلى حياة التعب والبذل والجهد؛ للحصول على فرص أفضل، وألا يخاف من الفشل.

تغيير رؤية الإنسان للحياة: كل ما في الحياة هو عبارة عن عرض وزينة ولهو والحياة كلها زائلة لذلك فالحب الحقيقي والتعلق الحقيقي يكون لله والعمل للدار الآخرة، والأشخاص والأموال وواجباتنا تجاهها تكون لرضى الله ومساعدة الناس، لا لنكون عبيدًا لها، فقد تكون خسارة المال لتنبيهنا إلى حق الآخرين في هذا المال الذي هو بالأساس ملك لله ونحن حفاظ وأمناء عليه فقط.

للمصيبة دور في إظهار الجانب الإنساني للبشر: الإنسان قد يكون قاسيًا وظالمًا وبغيضًا ومؤذيًا ومتكبرًا، ولكن عند الوقوع في المصيبة يظهر ضعفه وأنه بلا حول ولا قوة إلا بالله؛ لذلك يحتاج إلى الأهل والأصدقاء عند الوقوع في المصيبة، والواجب الدينيُّ والاجتماعي يفرض على الناس أن يكونوا قريبين من بعضهم، ويتناسوا الخلافات - ولو مرحليًّا - للتهوين على المصاب، والخروج به من حالة الأزمة واليأس والحزن، ولهم عظيم الأجر في ذلك.

الرضا والتسليم بقضاء الله وقدره والقبول بخيره وشره: فالمصيبة حلَّت ونزلت وانتهى الأمر، فلا نخسر ما فقدناه، ونخسر كذلك طاعة الله والرضا بحكمه، كل شيء في الحياة ملك لله، له ما أعطى وله ما أخذ، ونحن نشكرك يا ألله على ما تركت وأبقيت لنا، وأنعمت وتفضَّلت به علينا.

اربط نفسك بهدف كبير في الحياة تريد تحقيقه بقوة: عندها ستندفع بكل قوتك وطاقتك للعمل على تحقيق هذا الهدف، وسترى أن الأحداث القاسية والمصائب هي عبارة عن ملهيات ومضيعة للوقت، عليك أن تتعامل معها بسرعة؛ حتى لا تشغلك عن تحقيق أهدافك، سيساعد هذا الشيء على صرف انتباهك عن الآلام والمصائب، فإن ما حل بك ليس نهاية العالم.

الخروج من منطقة الراحة: كل خبراء التنمية البشرية، ومعظم الناجحين أو الذين حققوا إنجازاتٍ كبيرة في الحياة يتحدثون عن الخروج من منطقة الراحة، فما هي منطقة الراحة؟ هي الحالة التي تعيشها وأنت تعرف ماذا ينتظرك، ويحدث ما تتوقعه وما ستحصل عليه، البعض يخسر هذه المنطقة بسبب خسارة العمل المريح أو لم يحصل عليه أصلًا، فيدخل في دوامة البحث عن العمل المستقر، واليأس إذا لم يحصل عليه، ونحن نعلم أن الحصول على وظيفة في الوقت الحالي أصبح صعبًا نسبيًّا، ويحتاج المال لشراء الوظيفة أو الواسطات؛ لذلك نكيف أنفسنا على تقبُّل العمل الحر وإن كان يحمل التعب والمشقة والمخاطرة، إلى أن نحصل على الوظيفة التي نستحقها، وهذا ما يسمى الخروج من منطقة الراحة والاستقرار إلى منطقة التعقيد والمشقة، صحيح أن السكون والنظام والاستقرار مريح، ولكن ليس دائمًا، فإذا وُضِعَ الإنسان في موقف يكون عليه أن يدخل مرحلة التعقيد والخروج من منطقة الراحة، فلا بأس بذلك.

الإنسان العربي نوعًا ما إنسان يميل إلى الهدوء والاستقرار والراحة والتقليدية، ويخشى الدخول في نمط حياة غير مستقرة تحمل الكثير من المفاجآت والخطورة أحيانًا، وهذا في الحقيقة يفوِّت عليه الكثير من المتعة والاكتشافات، بينما البعض يحب الصعاب ويسعى لها، يجد المتعة في تسلق الجبال وركوب الأمواج وسباق السيارات، والمشي لمسافات طويلة والرحلة في الصحراء.. كل هذه الأشياء تحرِّر تفكير الإنسان، وتبعد به عن الروتين الحياتي الملل وطرق التعامل الرتيبة مع أحداث الحياة ومصاعبها.

حب مساعدة الآخرين: على الإنسان أن يبرمج عقله على نوع من مسؤولية تجاه الآخرين، كثير من الناس يستحق المساعدة، ابحث في محيطك عن أناس يعانون الوحدة أو الفقر أو المرض، ساعد هؤلاء بتحقيق بعض ما يتمنَّون أن يحصلوا عليه، ستجد سعادتك عندما تنظر في عيونهم أو تسمع دعاءهم لك بالخير، والشكر والامتنان، عندها ستعرف أن الحزن والألم الذي تشعر به لا يدوم، وهو مرحلة مؤقتة ستتجاوزها بالبذل والعطاء، فأنت عندما تعطي تفيد نفسك أكثرَ من المعطى لهم، تستيقظ صباحًا وأنت تعلم أن هناك من ينتظر مجيئك ومواساتك، سيتبدد حزنك بفرحهم ودعائهم، ورضا الله عنك.

ابكِ وابكِ كثيرًا لا تكبح عواطفك، نحن لا نموت من البكاء، ولكننا نعاني عندما نحبس أحزاننا في أنفسنا وندخل في دوامة الأمراض النفسية، وهذا الشيء مضيعة للوقت والصحة والمال والجهد.

تجنب الأشخاص الذين يسببون لك الألم أو الإزعاج: انشغل عن الاختلاط بهم بأي شيء، أو اهرُب من مواجهتهم للحصول على الراحة النفسية وتجنب التوتر.

وقت مستقطع: اهرب من المسؤوليات قليلًا وأعطِ لنفسك قليلًا من الوقت للراحة والنوم، أو للتفكير في ما مر بك من أحداث وما قمت به من أعمال، وإن كنت أسأت إلى أحد ما، فأصلح ما قمت به حالًا، لا تسبب التعاسة لأحد.

لا تعش أسير الماضي، تصالح مع نفسك، لا تنشغل بالمستقبل كثيرًا، عش اللحظة، اهتم بعائلتك ومن يحيط بك، ولا تسبب الإزعاج والألم للآخرين.

لا تقارن نفسك مع الآخرين: لكل شخص بصمته الخاصة به ولكلٍّ دورُه، أنت مميز وتستحق النجاح والتقدير حتى لو كنت عامل نظافة بسيطًا، أنت مهم، لو كنت مثل الآخرين لفقدت تميزك، ما يجعل منك مختلفًا هو ما يجعل منك متميزًا، أنت بكل ما تحمله من حب وإيمان وعطف أنت مميز وثمين، ولك دور في الحياة، تقبَّل نفسك وواقعك - طبعًا مع السعي الدائم للتغيير نحو الأفضل.

عليك أن تسأل نفسك دائمًا: ما هو النجاح؟ هل هو امتلاك أكبر قدر من المال أم من يمتلك وظيفة جيدة وعملًا مثمرًا، حتى هؤلاء الناس قد لا يكونون سعداء، من الخبرة في الحياة لا نرى إنسانًا يملك كل شيء، هناك دومًا أشياء ناقصة يفتقر إليها كثير من الناس.

وأنت في خضمِّ هذه الأحداث لا تنسَ أن تقدِّم تفسيرًا منطقيًّا واعتذارًا صادقًا لمن كانوا ضحية قراراتك الخاطئة، ولا تعطِ وعودًا لا تستطيع الإيفاء بها.

الأمان المادي: الإنسان بحاجة إلى ادخار بعض المال للتصرف به في أوقات الشدة، وللحصول على الأمان الاقتصادي والاستقلالية والحرية في اتخاذ قرارات بدون تدخل الآخرين، كل هذا يوفره الأمان المادي.

وبعد، فإن الأمر كلَّه لله سبحانه وتعالى يتصرف في عباده كيف يشاء: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [التغابن: 11]، ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة: 51]،
﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [يونس: 107].


ونختم بحِكم الشافعي رحمه الله تعالى:



دَعِ الأَيَّامَ تَفعَلُ ما تَشاءُ
وَطِب نَفسًا إِذا حَكَمَ القَضاءُ

وَلا تَجزَع لِحادِثَةِ اللَّيالي
فَما لِحَوادِثِ الدُّنيا بَقاءُ

وَكُن رَجُلًا عَلى الأَهوالِ جَلدًا
وَشيمَتُكَ السَّماحَةُ وَالوَفاءُ

وَإِن كَثُرَت عُيوبُكَ في البَرايا
وَسَرَّكَ أَن يَكونَ لَها غِطاءُ

تَسَتَّر بِالسَّخاءِ فَكُلُّ عَيبٍ
يُغَطِّيهِ كَما قيلَ السَّخاءُ

وَلا تُرِ لِلأَعادي قَطُّ ذُلًّا
فَإِنَّ شَماتَةَ الأَعدا بَلاءُ

وَلا تَرجُ السَّماحَةَ مِن بَخيلٍ
فَما في النارِ لِلظَّمآنِ ماءُ

وَرِزقُكَ لَيسَ ينقصُهُ التَأَنِّي
وَلَيسَ يَزيدُ في الرِّزقِ العَناءُ

وَلا حُزنٌ يَدومُ وَلا سُرورٌ
وَلا بُؤسٌ عَلَيكَ وَلا رَخاءُ

إِذا ما كُنتَ ذا قَلبٍ قَنوعٍ
فَأَنتَ وَمالِكُ الدُّنيا سَواءُ


وَأَرضُ اللَهِ واسِعَةٌ وَلَكِنْ
إِذا نَزَلَ القَضا ضاقَ الفَضاءُ

دَعِ الأَيَّامَ تَغدِرُ كُلَّ حِينٍ
فَما يُغني عَنِ المَوتِ الدَّواءُ




[1] التعريفات، ص 182.

[2] صحيح مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب المؤمن أمره كله خير، رقم الحديث 64 - (2999).

[3] البخاري، كتاب المرضى، باب ما جاء في كفارة المرض، رقم الحديث 5641. وأخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن. رقم الحديث 49 - 2572.

[4] البخاري، كتاب الجنائز، ح 1294، ومسلم كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود، ح 165 - (103).
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 74.73 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 72.84 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (2.53%)]