|
|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
حق الكبير وصاحب الفضل
حق الكبير وصاحب الفضل (1) كتبه/ أحمد مسعود الفقي الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فإن الناس في مجتمعهم الذي يعيشون فيه ويباشرون فيه أعمالهم، يحتاج بعضهم لبعض، والإنسان في هذه الحياة لا يعيش وحيدًا، وإنما يعيش في مجتمع يتفاعل فيه مع أفراده تفاعلًا لا يمكنه أن يعيش في الحياة بدونه؛ فالإنسان كما هو معلوم مدني بطبعه، فالكبير يحتاج إلى قوةِ ونشاطِ الصغير، والصغير يحتاج إلى خبرة وحكمة الكبير، فلا يستقل أحدهما عن الآخر، وإلا خسرا كثيرًا، بعكس ما إن اجتمعا، وكمَّل أحدهما الآخر؛ كان النجاح والتوفيق حليفهما. ونرى ذك جليًّا في الجماعات الدعوية، والمؤسسات الأهلية: كالجمعيات الخيرية، ما إن قل مجهود هذا الكبير وضعفت همته عما كانت أيام شبابه، إلا وأهمل ونسي دوره ومشاركته السابقة بعد أن كان رأسًا وقائدًا، قدَّم الكثير، وبذل الكثير من الجهد والوقت والمال، وقد يكون هو البادئ لهذا العمل وهو السبب فيه، وفي هذا غمط لحقه، وهضم لما قدَّمه في السابق، فيصيبه ذلك بالإحباط واليأس. واليوم وللأسفِ الشّديد: كثيرًا ما نرى في مجالِسِنا صِغارًا في صدورِ المجالس، وكِبارًا في أقصاها، ونرى شبابًا تستطيلُ ألسنتهم على الكبار، ونرى شبابًا لا يعرِف للكبير أيَّ قَدْرٍ أو مكانة، ولا يعترف له بفضل، وقد يكون هو مَن وضع رجله على الطريق؛ فيلمِزه بجهله، وقد يلمزه بضَعف رأيه، وقد يلمزه بقِلّة علمه، وقد يلمِزه بعدَم نظافةِ ملبَسه، وقد... وقد... والله المستعان! ولهذا حَذَّر الله من نسيان الفضل لأهل الفضل، فقال -سبحانه-: (وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) (البقرة: 237)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ لَا يَشْكُرُ اللَّهَ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني). ولقد أمرنا الله أن نحسن إلى عباده كما أحسنوا إلينا، فالجزاء من جنس العمل، قال الله -تعالى-: (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) (الرحمن: 60)، وقال -تعالى-: (وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ) (القصص: 77)، ومن الإحسان الاعتراف بفضلهم. فبالاعتراف بالفضل يتشجع كل ذي فضل، فيستمر عطاؤه، ويزداد نماؤه، فالشكر له أعظم محرك ودافع، وغمطه حقه قد يكون أكبر مثبط ومانع. أما عن الصغير، فحاله كحال الابن العاق الذي مات أبوه، فهو يخبط فلا يحسن ما يصنع، وشيئًا فشيئًا لا يجد الناصح الأمين، والفاهم الخبير، فيفسد من حيث يريد الإصلاح، حتى ينتهي دوره بعد أن تفتر همته، وتكثر عنده المشاكل وتعترضه العقبات التي لا يستطيع حلها فيضعف أمامها حتى تتغلب عليه. عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، ويَعْرِفْ حَقَ كَبِيرِنَا؛ فَليْسَ مِنَّا) (رواه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود، وصححه الألباني). وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (يَرْحَمْ صَغِيرَنَا) أي: لعجزه وبراءته عن قبائحِ الأعمالِ، وقد يكون صغيرًا في المعنى مع تقدم سِنّه؛ لجهله وغباوته وخَرَقَهِ وغفلته فيرحم بالتعليم والإرشاد والشفقة. (ويَعْرِفْ حَقَ كَبِيرِنَا) لما خُص به من السبقِ في الوجودِ وتجربةِ الأمور. قال المناوي -رحمه الله- في فيض القدير معلقًا على هذا الحديث: "فالتحذير من كلٍّ منهما وحده؛ فيتعين أن يعاملَ كلًّا منهما بما يليق به؛ فيُعطَى الصغيرُ حقَّه من الرفقِ به والرحمةِ والشفقةِ عليه، ويُعطَى الكبيرُ حقَّه من الشرفِ والتوقير". وقوله: (فَليْسَ مِنَّا) أي: ليس على طَريقَتِنا وهَدْيِنا وسُنَّتِنا. وللحديث بقية -إن شاء الله-.
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
رد: حق الكبير وصاحب الفضل
حق الكبير وصاحب الفضل (2) كتبه/ أحمد مسعود الفقي الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فما زال حديثنا موصولًا عن حقِّ الكبير، واحترام صاحب الفضل، وقد تربَّى الصحابة -رضي الله عنهم- على ذلك؛ فعظَّموا الكبير وقدَّموه، بل واستحيوا أن يتقدَّموا عليه بالقول والفعل، وخاصَّةً إذا كان له شَرَفٌ بعِلْمٍ أو صَلاحٍ؛ روى مسلم في صحيحه عن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- قال: "لَقَدْ كُنْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- غُلَامًا فَكُنْتُ أَحْفَظُ عَنْهُ، فَمَا يَمْنَعُنِي مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا أَنَّ هَا هُنَا رِجَالًا هُمْ أَسَنُّ مِنِّي". وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَهِيَ مَثَلُ الْمُسْلِمِ، حَدِّثُونِي مَا هِيَ؟) فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَادِيَةِ، وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَاسْتَحْيَيْتُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخْبِرْنَا بِهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (هِيَ النَّخْلَةُ). قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَحَدَّثْتُ أَبِي بِمَا وَقَعَ فِي نَفْسِي، فَقَالَ: لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي كَذَا وَكَذَا. (متفق عليه). وبناءً على هذا: ينبغي أن يُربَّى أولاد المسلمين على احترام الكبار، والاعتراف بفضلهم؛ سواء كانوا مِن ذوي الرحم أو من غيرهم، والتزام الأدب الحسن والقول الطيِّب في التعامل مع الآخرين؛ فتلك أخلاقُ الإسلام التي إن اعتنينا بها حقًّا نِلنا السعادةَ في الدنيا والآخرة؛ فقد اعترف النبي -صلى الله عليه وسلم- بفضل زوجه خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- في حياتها، وحتى بعد مماتها، فكان يكثر من ذكرها وشكرها ، والاستغفار لها، ويقول: (إِنَّهَا كَانَتْ، وَكَانَتْ، وَكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ) (رواه البخاري)، وربما ذبح الشاة فقطعها ثم أرسلها في صدائق خديجة. وكان -عليه الصلاة والسلام- يحفظ الجميل لأصحابه، ويعترف بالفضل لأهله؛ إذ ثَمَّن -صلى الله عليه وسلم- جهد جميع أصحابه: المهاجرين منهم والأنصار؛ فقد روى أبو داود والنسائي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ) (متفق عليه). وأثنى على الأنصار وحفظ لهم جميلهم، فقال: (لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الْأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَشِعْبًا لَسَلَكْتُ وَادِيَ الْأَنْصَارِ وَشِعْبَهَا، الْأَنْصَارُ شِعَارٌ وَالنَّاسُ دِثَارٌ) (متفق عليه). وحفظ لأبي بكر سبقه وحسن صحبته، فقال: (إِنَّ اللهَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ فَقُلْتُمْ: كَذَبْتَ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَدَقَ. وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِي صَاحِبِي؟!) مَرَّتَيْنِ. فَمَا أُوذِيَ بَعْدَهَا. (رواه البخاري). ومما يدل على حفظه الجميل حتى للكفار: ما رواه البخاري عن جبير بن مطعم بن عدي -رضي الله عنه- أنه قال: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في أسارى بدر: (لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا، ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى، لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ) (رواه البخاري)، وهذا الحديث يشير إلى اعتراف النبي -صلى الله عليه وسلم- بجميله لما أدخله في جواره بعد أن ردَّه أهلُ الطائف. هذا ونسأل الله الهداية والتوفيق لما يحب ويرضى.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |