|
ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
من أسرار الحروف المقطعة
من أسرار الحروف المقطَّعة محمد حباش افتتح الله تسعًا وعشرين سورة من كتابه العزيز بحروف هجائية مقَطَّعة، بلغت في مجموعها أربعةَ عشرَ حرفًا، جمعها بعضهم في قوله: نصٌّ حكيم قاطع له سرٌّ. ومن هذه السور ما افتُتح بحرف واحد، ومنها ما افتُتح بحرفين، أو بثلاثة، أو بأربعة، أو بخمسة. فما افتُتح بحرف واحد ثلاث سور؛ هي: سورة القلم، وسورة ق، وسورة ص. وما افتُتح بحرفين تسع سور؛ هي: طه، والنمل، ويس، وغافر، وفصلت، والزخرف، والدخان، والجاثية، والأحقاف. وما افتُتح بثلاثة حروف ثلاث عشرة سورة؛ هي: البقرة، وآل عمران، ويونس، وهود، ويوسف، وإبراهيم، والحجر، والشعراء، والقصص، والعنكبوت، والروم، ولقمان، والسجدة. وما افتُتح بأربعة حروف سورتان؛ هما: الأعراف، والرعد. وما افتُتح بخمسة حروف سورتان؛ هما: مريم، والشورى. وأول هذه السور نزولًا: سورة القلم؛ التي قال الله فيها: ﴿ ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ﴾ [القلم: 1]، فالعرب كانوا يسطرون الحروفَ بدون تنقيط، فكانت هناك حروف كتابية، وتُسمَّى بالحروف الْمُعْجَمة، وحروف صوتية وهي ضعف الحروف الكتابية، وتسمى حروف الهجاء، فـ﴿ ن ﴾ الذي بدأت به السورة ولم يكن منقطًا - كما هو موضح أدناه - هو نفس الحرف الكتابي الذي تُكتب به الباء والتاء، والثاء والياء، والألف في وسط الكلمة، وكذلك الصاد كالضاد، والحاء كالجيم والخاء، والكاف كالدال والذال، والياء كالهمزة في آخر الكلمة، والقاف كالفاء والواو، والألف كالهمزة، والطاء كالظاء، والعين كالغين، والسين كالشين، والراء كالزاي. سورة الملك من ﴿ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً تَشْكُرُون ﴾ إلى آخرها وسورة القلم من البسملة إلى ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى ﴾ ولا يظهر ﴿ خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ مقارنة بين الكتابة القديمة (نسخة برمنجهام التي يُقال: إنها أقدم نسخة للقرآن) والكتابة الحديثة فمجموع هذه الحروف هو تسعة وعشرون حرفًا، تمثل حروف الهجاء العربية[1]، بعدد السور التي ذكرها الله جلَّ وعلا في كتابه العزيز. ولعل هذه الحروف المنطوقة ذُكرت في بداية هذه السور لشرفها، كيف لا؟ والألف واللام والهاء بتركيبها يُنطق اسم الله، وبتركيب "الر" و"حم" و"ن" يُنطق اسم الرحمن، وبتركيب "الر" و"حم" و"ي" يُنطَق اسم الرحيم؛ هذا من جهة، ومن جهة أخرى - والله أعلم- أن معناها التحدي بأن هذا القرآن المعجِز مؤلفة كلماته من الحروف نفسها التي نظم بها العرب أشعارهم، وألَّفوا بها خطبهم، فهذه الحروف هي مادة القرآن الكريم، ومع وجود هذه المادة بين أيديهم هم عاجزون عن الإتيان بمثله، ومما يؤكد هذا المعنى أنك تجد في كل سورة افتُتحت بهذه الحروف ذِكْرَ القرآن مباشرة بعدها؛ لبيان إعجازه وهدايته وعظمته إلا: • في سورة مريم؛ قال سبحانه: ﴿ ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا ﴾ [مريم: 2]؛ أي: ذكره في الكتاب، ويؤيِّد هذا قوله تعالى، كلما انتقل إلى ذكر قصة أخرى: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ... ﴾ [مريم: 16]. •وفي سورة العنكبوت: بدأت بذكر الابتلاء؛ فقال الله سبحانه: ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴾ [العنكبوت: 2]، فلا بد من الابتلاء في إنزال الكتاب، وإنَّ هذا الكتاب وإن كان رحمة للمؤمنين، فهو حُجَّة على الكافرين؛ كما قال سبحانه: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ﴾ [المائدة: 48]، فالقرآن ها هنا مذكور ضمنًا، ولم يُذكَر تصريحًا. •وفي سورة الروم جاءت نبوءة صادقة، وإخبار عن غلبة الروم لفارس في بضع سنين، ولا يزال المسلمون يستشهدون بها حتى اليوم على صدق وحي القرآن، فالقرآن مذكور ضمنًا وليس تصريحًا. •وفي سورة القلم، أقسم الله بالقلم الذي يُكتب به، وأشرف ما كُتب بالقلم: كلام الله، فالقرآن مذكور ضمنًا أو تصريحًا. فهذه السور إذا تأملتها، من أولها إلى آخرها، وجدتها مبنيَّة على لزوم حُجَّة القرآن، والتنبيه على معجزته، ولو كان قد تعلمه محمد صلى الله عليه وسلم من بشر، كما يقولون، فلِمَ عجزوا عن الإتيان بسورة مثله؟ ثم إن في ذكر هذه الحروف المقطعة تبكيتًا للطاعنين في القرآن؛ إذ إنه تُلقِّيَ بالسماع، وليس بالقراءة، وقد حُفظ في الصدور قبل أن يُكتب، فاختلاف الروايات ليس اجتهادًا وتخمينًا تصوَّره بعض القرَّاء، إنما نُقل بالسند عن النبي صلى الله عليه وسلم سماعًا، ولم يقرأ أحدهم ﴿ طسم ﴾: ظشم، أو ﴿ طه ﴾: ظه، فـ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ﴾ [الفيل: 1]، قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿ أَلَمْ ﴾، كما قرأها عليه جبريل، و﴿ الم ﴾ قرأها كما سمعها، فقال: ((من قرأ حرفًا من كتاب الله، فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: الم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف))[2]. وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، وصلِّ اللهم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله، وسلم تسليمًا كثيرًا. [1] عدد الحروف الهجائية في اللغة العربية ثمانية وعشرون حرفًا عند بعضهم؛ باعتبار أن الألف اللينة والهمزة حرف واحد، وهي تسعة وعشرون حرفًا، إذا جعلنا كل واحد منهما حرفًا مستقلًّا بنفسه، وهذا هو الصحيح؛ لأن كل واحد منهما قائم بنفسه، وله مخرج مستقل به، فالألف اللينة مخرجها الجوف وهو الهواء أو فراغ الفم والحلق، ومخرج الهمزة يكون من أقصى الحلق مما يلي الصدر، أما من حيث الصفات، فالألف حرف رخو، والهمزة حرف شديد، ثم إن الهمزة تقبل الحركات (فتحة، كسرة، ضمة)، والألف لا يقبل؛ مثل: صام وقال. [2] صحيح الترمذي (2910).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |