فصل في الممسوحات - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12670 - عددالزوار : 222249 )           »          يوم المرأة العالمي وعيد الأم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          نحو مجتمع إسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          الأم نبع الحنان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          عَدي بن حاتم - قصة إسلامه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          الأخبار المستقبلية في القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          كيف نقرأ قرناً من الصراع؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          الإمام أبو حنيفة قادح زناد الفكر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          صرخة في وجه الفساد الاجتماعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          من حسنت بدايته حسنت نهايته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 15-11-2021, 07:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,464
الدولة : Egypt
افتراضي فصل في الممسوحات

فصل في الممسوحات
محمود مقاط



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله ومن والاه، ونحن معهم ومن سار على دربهم إلى يوم الدين.

بعد أن تكلمنا في فصل نواقض الوضوء وبينا ما ينقض الوضوء، لا بد من بيان كيفية الوضوء وما ينوب عنه، فاخترنا مجمعًا فقهيًّا بينا فيه الممسوحات، ثم في فصل آخر بيان كيفية الوضوء وما ينوب عنه، وبالله أستعين.

المطلب الأول: كيفية التيمم
أولًا: صورة المسألة:رجل فقد طهوريته فدخل وقت الصلاة فطلب الماء فلم يجده، فلجأ إلى التراب حتى يتيمم، فهل يضرب ضربة للوجه والكفين، أم ضربة للوجه وضربة للكفين؟

ثانيًا: تحرير محل النزاع:أجمع العلماء على أن التيمم بالتراب الغبار جائز، وأجمعوا على أن من تيمم وصلى، ثم وجد الماء بعد خروج الوقت أن لا إعادة عليه[1]، ولكنهم اختلفوا في كيفيته هل هو ضربة أم ضربتين؟ على مذهبين.

ثالثًا: مذاهب الفقهاء:
المذهب الأول: ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية[2]، وبعض المالكية[3]، والشافعية[4]، وبعض الحنابلة[5]، وابن المبارك، إلى أن التيمم ضربتان: ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين.

المذهب الثاني: ذهب جمهور المالكية[6]، وجمهور الحنابلة[7]، إلى أن التيمم الواجب أو المسنون ضربة واحدة يمسح بها وجهه بباطن أصابعه، ثم كفَّيْه براحتيه، ويجوز ضربتان.

رابعًا: سبب الخلاف:
ويرجع السبب في اختلافهم إلى أن الآية مجملة في ذلك، والأحاديث متعارضة، وقياس التيمم على الوضوء في جميع أحواله غير متفق عليه، والذي في حديث عمار -رضي الله عنه- الثابت من ذلك إنما هو ضربة واحدة للوجه والكفين معًا، لكن هاهنا أحاديث فيها ضربتان[8].

خامسًا: أدلة المذاهب:
أدلة المذهب الأول، واستدلوا بالسُّنة:
1- عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: ((التيمم ضربتان: ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين))[9].

2- عن الأسلع رجل من بني الأعرج بن كعب، قال: كنت أخدم النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال لي: «يا أسلع، قم أرني كيف كذا وكذا؟»، قلت: يا رسول الله، أصابتني جنابة، فسكت عني ساعة، حتى جاءه جبريل -عليه السلام- بالصعيد التيمم، قال: «قم يا أسلع فتيمم»، قال: ثم أراني الأسلع كيف علمه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التيمم، قال: ضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكفيه الأرض، ثم نفضهما، ثم مسح بهما وجهه حتى أمرَّ على لحيته، ثم أعادهما إلى الأرض، فمسح بكفيه الأرض، فدلك إحداهما بالأخرى، ثم نفضهما، ثم مسح ذراعيه ظاهرهما وباطنهما[10].

وجه الدلالة: دل الحديثان بمنطوقهما الصريح على أن التيمم ضربتان: الأولى للوجه، والثانية للكفين[11].

أدلة المذهب الثاني، واستدلوا:
عن شقيق، قال: كنت جالسًا مع عبدالله، وأبي موسى -رضي الله عنهما-، فقال أبو موسى -رضي الله عنه-: يا أبا عبدالرحمن أرأيت لو أن رجلًا أجنب فلم يجد الماء شهرًا كيف يصنع بالصلاة؟ فقال عبدالله: لا يتيمم وإن لم يجد الماء شهرًا. فقال أبو موسى: فكيف بهذه الآية في سورة المائدة: ﴿ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ﴾ [المائدة: 6]؟ فقال عبدالله: لو رخص لهم في هذه الآية لأوشك إذا برد عليهم الماء أن يتيمموا بالصعيد، فقال أبو موسى لعبدالله: ألم تسمع قول عمار: بعثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حاجة فأجنبتُ فلم أجد الماء، فتمرغت في الصعيد كما تمرَّغُ الدابة، ثم أتيتُ النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذكرت ذلك له، فقال: «إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا»، ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة، ثم مسح الشمال على اليمين، وظاهر كفيه ووجهه؟ فقال عبدالله: أولم تر عمر -رضي الله عنه- لم يقنع بقول عمار؟[12].

وجه الدلالة:دل الحديث بمنطوقه الصريح ونصه الظاهر على أن التيمم ضربة واحدة للوجه والكفين[13].

سادسًا: مناقشة الأدلة:
مناقشة أدلة المذهب الأول:
نوقش: ما استدل به المذهب الأول من السُّنة بحديث ابن عمر وحديث الأسلع -رضي الله عنهما- بأن الحديثين ضعيفان ولم يصح الاستدلال بهما[14].

مناقشة أدلة المذهب الثاني:
نوقش: ما استدل به المذهب الثاني من السُّنة بقول عبدالله بن مسعود: "أولم ترَ عمر -رضي الله عنه- لم يقنع بقول عمار؟"[15].

سابعًا: الراجح ومسوغات الترجيح:
أ- المذهب الراجح:بعد عرض المذاهب الفقهية وما استدلوا به وتوجيهها ومناقشتها، تبين للباحث أن المذهب الراجح ما ذهب إليه المالكية وجمهور الحنابلة القائلون: بأن التيمم ضربة واحدة للوجه والكفين.

ب- مسوغات الترجيح:
قوة أدلة المذهب الثاني، وسقوط حجية الاستدلال بنصوص المذهب الأول، ولأن التيمم رخصة، فنختار أيسر الهيئات وأقل الحركات؛ حتى لا يقع الناس في الحرج.

المطلب الثاني: المسح على الجوربين والنعلين
أولًا: صورة المسألة:توضأ رجل ولبس نعلين أو جوربين فما أن قامت الصلاة حتى انتقض وضوءه، هل يخلع النعلين أو الجوربين أم يمسح عليهما؟

ثانيًا: تحرير محل النزاع:
أجمع الفقهاء على أنه كل من أكمل طهارته، ثم لبس الخفين وأحدث، فله أن يمسح عليهما، وأجمعوا على أنه إذا توضأ إلا غسل إحدى رجليه، فأدخل المغسولة الخف، ثم غسل الأخرى، وأدخلها الخف أنه طاهر[16]، ولكنهم اختلفوا فيمن لبس نعلين أو جوربين هل يمسح عليهما كالخفين أم لا؟

ثالثًا: مذاهب الفقهاء:
المذهب الأول: ذهب جمهور الفقهاء ومنهم أبو حنيفة[17]، والمالكية[18]، والشافعية[19]، إلى عدم جواز المسح على الجوربين إلا أن يكونا مُنعلين؛ أي: مجلدين ثخينين[20] كالخفين.

المذهب الثاني: ذهب الحنابلة[21]، وأبو يوسف ومحمد من الحنفية[22]، وابن المبارك إلى جواز المسح على الجوربين أو النعلين.

رابعًا: سبب الخلاف:
ويرجع سبب اختلافهم، إلى عدة أسباب:
1- اختلافهم في صحة الآثار الواردة عنه - عليه الصلاة والسلام - أنه مسح على الجوربين والنعلين.

2- واختلافهم أيضًا في: هل يقاس على الخف غيره، أم هي عبادة لا يقاس عليها ولا يتعدى بها محلها؟ فمن لم يصح عنده الحديث أو لم يبلغه، ومن لم يرَ القياس على الخف، قصر المسح عليه، ومن صح عنده الأثر، أو جوَّز القياس على الخف أجاز المسح على الجوربين، وهذا الأثر لم يخرجه الشيخان وصححه الترمذي.

3- لتردد الجوربين المجلدين بين الخف والجورب غير المجلد عن مالك في المسح عليهما روايتان: إحداهما بالمنع، والأخرى بالجواز[23].

خامسًا: أدلة المذاهب:
أدلة المذهب الأول، واستدلوا بالقرآن والمعقول:
أولًا- القرآن الكريم:
قوله تعالى: ﴿ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ﴾ [المائدة: 6].

وجه الدلالة: دلت الآية على عموم كل حائل، والجوارب ليس بحائل معتبر؛ لأنه لا يمكن متابعة المشي فيهما كما لو لف على رجليه خرقة[24].

ثانيًا: المعقول:
أ- لأن المأمور به غسل الرجلين وعدل عنه في الخف لما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وليس الجورب في معناه؛ لأنه لا يمكن مواظبة المشي عليه[25].

ب- عدم صحة القياس على الخفين؛ لأن الآثار إنما جاءت بالمسح على الخفين، والجوربان لا يسميان خفين، والحاجة إلى الخفين فوق الحاجة إليهما، فلا يقاس حكمهما على الخفين،فإنجُلدا فقد اختلف فيهما لأنهما أشبها بالتجليد الخفين فقاسهما مرة عليهما ومرة لم يقس على الرخصة ولم يبعد ما جاءت به الآثار[26].

أدلة المذهب الثاني، واستدلوا بالسُّنة والأثر:
أ- السُّنة:
عن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه-، قال: «توضأ النبي -صلى الله عليه وسلم- ومسح على الجوربين والنعلين»، هذا حديث حسن صحيح[27].

وجه الدلالة: دل الحديث دلالة واضحة على جواز المسح على الجوربين دون ذكر صفة من صفاتها أو شرط يتعلق بها، فكان الأمر بالجواز.

ب- الأثر:
قال الإمام أحمد: يذكر المسح على الجوربين عن سبعة أو ثمانية من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[28].

ج- القياس:
قياس الجوربين على الخف؛ لأن كلًّا منهما ملبوس وساتر للقدم يمكن متابعة المشي فيه[29].

سادسًا: مناقشة الأدلة:
مناقشة المذهب الأول:
نوقش: توجيههم لقوله تعالى: ﴿ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ﴾ [المائدة: 6]، بأنه ليس في الآية الكريمة ذكر صفة الجوربين أو النعلين، وإنما بينت بالإشارة رخصة المسح.

ونوقش: استدلالهم بالمعقول قوله: " لأن المأمور به غسل الرجلين..." بأن الإمام أبا حنيفة روي رجوعه عن هذا القول قبل موته بثلاثة أيام وقيل بسبعة أيام، وعليه الفتوى، وعنه أنه مسح على جوربيه في مرضه، ثم قال لعوَّاده: فعلت ما كنت أنهى الناس عنه، فاستدلوا به على رجوعه[30].

مناقشة المذهب الثاني:
نوقش: استدلالهم بحديث المغيرة من أوجه:
1- أحدها: أنه ضعيف ضعفه الحفاظ والبيهقي، ونُقل تضعيفه عن سفيان الثوري وعبدالرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل وعلي بن المديني ويحيى بن معين ومسلم بن الحجاج، وهؤلاء هم أعلام أئمة الحديث، وإن كان الترمذي قال: حديث حسن، فهؤلاء مقدَّمون عليه، بل كل واحد من هؤلاء لو انفرد قدِّم على الترمذي باتفاق أهل المعرفة.

2- الثاني: لو صح الحديث لحُمل على الذي يمكن متابعة المشي عليه جمعًا بين الأدلة، وليس في اللفظ عموم يتعلق به.

3- الثالث: حكاه البيهقي عن الأستاذ أبي الوليد النيسابوري أنه حمله على أنه مسح على جوربين منعلين لا أنه جورب منفرد ونعل منفردة، فكأنه قال: مسح على جوربيه المنعلين[31].

سابعًا: المذهب الراجح، ومسوغات الترجيح:
أ- المذهب الراجح:
بعد عرض المذاهب الفقهية وما استدلوا به وتوجيهها ومناقشتها، ظهر للباحث أن الراجح في المسألة جواز المسح على الجوربين وإن كانا رقيقين، وهذا ما ذهب إليه المذهب الثاني.

ب- مسوغات الترجيح:
قوة أدلة المذهب الثاني، والعمل بالمذهب الثاني هو ما عليه الفتوى، وهو الأيسر على الناس ولم يخالف نصًّا شرعيًّا.

المطلب الثالث: المسح على العمامة
أولًا: صورة المسألة: رجل يلبس العمامة وأراد أن يتوضأ، فلما وصل لمسح الرأس لم يجد أي جزء من رأسه ليمسح عليه، فهل يجوز له المسح على العمامة بدل الرأس أم لا؟

ثانيًا: تحرير محل النزاع:
أجمع الفقهاء على أنه كل من أكمل طهارته، ثم لبس الخفين وأحدث، فله أن يمسح عليهما[32]، واختلفوا في العمامة هل يمسح عليها أم لا؟

ثالثًا: مذاهب الفقهاء:
المذهب الأول:ذهب الحنفية[33]، والمالكية[34]، والشافعية[35]، وابن المبارك إلى عدم جواز المسح على العمامة إلا أن يمسح برأسه مع العمامة.


المذهب الثاني:ذهب الحنابلة[36] إلى جواز المسح على العمامة.
رابعًا: سبب الخلاف:
ويرجع سبب اختلافهم في ذلك إلى اختلافهم في وجوب العمل بالأثر الوارد في ذلك من حديث المغيرة وغيره " أنه - عليه الصلاة والسلام - مسح بناصيته وعلى العمامة"، وقياسًا على الخف[37].

خامسًا: أدلة المذاهب:
أدلة المذهب الأول، واستدلوا بالقرآن والسُّنة والمعقول:
أولًا: القرآن:
قوله تعالى: ﴿ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ ﴾ [المائدة: 6].

وجه الدلالة: دلت الآية بمنطوقها الصريح على وجوب مسح الرأس، وهذا يقتضي مباشرة الرأس بالمسح، ويخرج من ذلك المسح على غيره كالعمامة[38].

ثانيًا: السُّنة:
1- عن ابن المغيرة بن شعبة، عن أبيه، «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- توضأ ومسح على ناصيته»[39].

وجه الدلالة:دل الحديث بصريح العبارة على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مسح على ناصيته وعليه عمامة، ولو أجزأ المسح على العمامة لفعله النبي -صلى الله عليه وسلم-.

2- عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-، قال: دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- بماء فتوضأ واحدة واحدة فقال: "هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به"[40].

وجه الدلالة: دل الحديث على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حينما توضأ الوضوء الصحيح، نفى جميع هيئات الوضوء الأخرى التي منها المسح على العمائم.

ثالثًا: المعقول:
لأنه عضو لا يلحقه المشقة في إيصال الماء إليه، فلم يجز الاقتصار على حائل دونه كالوجه[41].

سادسًا: أدلة المذهب الثاني واستدلوا بالسُّنة والأثر والقياس:
أولًا: السُّنة:
عن ابن المغيرة بن شعبة، عن أبيه، قال: «توضأ النبي -صلى الله عليه وسلم- ومسح على الخفين والعمامة»[42].

وجه الدلالة:دل الحديث بمنطوقه على جواز المسح على العمامة.

ثانيًا: الأثر:
عن عبدالرحمن بن مهدي، عن عبدالله بن عبدالله الرازي، عن زيد بن أسلم قال: قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "من لم يطهره المسح على العمامة، فلا طهَّره الله"[43].

وجه الدلالة: دل الأثر بصريح العبارة على جواز المسح على العمامة.

ثالثًا: القياس:
قياس العمامة على الخف؛ لأنها أحد الممسوحين على سبيل البدل، فكانت كالخف تمامًا[44].

مناقشة أدلة المذهب الأول:
نوقش: توجيههم لحديث المغيرة -رضي الله عنه- بأنه يصلح أن يكون مبينًا للمسح المأمور به، وما ذكروه من اللفظ مجاز لا يعدل إليه عن الحقيقة إلا بدليل[45].

ونوقش: استدلالهم بحديث عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- بأنه منقطع لا يصح الاستدلال به[46].

مناقشة أدلة المذهب الثاني:
نوقش: توجيههم لحديث ابن المغيرة -رضي الله عنه- أنه مسح على العمامة؛ لأن عمائم العرب إذ ذاك صغارًا؛ ولذلك سميت عصائب لصغرها، ولم تكن تعم جميع الرأس ولا تمنع من وصول المسح إليه، إما مباشرة أو بللًا[47].

ونوقش:استدلالهم بالقياس على الخفين، فالمعنى فيه لحوق المشقة بنزعهما وأن فرض الرجلين استيعاب غسلهما وليس كذلك في الرأس؛ لأن الفرض مسح بعضه، ولا يشق ذلك عليه مع ستر رأسه[48].

سابعًا: المذهب الراجح ومسوغات الترجيح:
أ- المذهب الراجح: بعد عرض المذاهب الفقهية وما استدلوا به وتوجيهها ومناقشتها، ظهر للباحث أن الراجح جواز المسح على العمامة، وهذا ما ذهب إليه الحنابلة.

ب- مسوغات الترجيح:
قوة توجيه أدلة المذهب الثاني، والعمل عليه في عصرنا الحاضر، والأيسر عملًا على الناس.

المطلب الرابع: مدة المسح على الخفين للمسافر والمقيم
أولًا: صورة المسألة: رجل توضأ ولبس الخفين على طهارة كاملة وبات ليلته في بلده أو سافر خارج بلده، فلما بدأ اليوم الجديد أراد الصلاة، ماذا عليه أن يفعل هل يمسح على الخفين يومًا وليلة إن كان مقيمًا، وثلاثة أيام ولياليهن إن كان مسافرًا؟

ثانيًا: تحرير محل النزاع:
أجمع الفقهاء على أنه كل من أكمل طهارته، ثم لبس الخفين وأحدث، فله أن يمسح عليهما[49]، ولكنهم اختلفوا في المدة المحددة للمسح على قولين.

ثالثًا: مذاهب الفقهاء:
المذهب الأول: ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية[50]، والشافعية[51]، والحنابلة[52] إلى أن من لبس الخفين له أن يمسح عليهما يومًا وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليهن للمسافر.

المذهب الثاني: ذهب المالكية[53]إلى أن المسح على الخفين جائز في السفر والحضر، للرجال والنساء إذا أدخل رجليه في الخفين بعد كمال وضوئه، من غير توقيت بمدة من الزمان لا يقطعه إلا الخلع، أو حدوث ما يوجب الغسل، كان الخف صحيحًا أو فيه خرق يسير لا يمنع متابعة المشي.

رابعًا: سبب الخلاف:
"ويرجع السبب في اختلافهم: إلى اختلاف الآثار في ذلك، وذلك أنه ورد في ذلك ثلاثة أحاديث:
أحدها: حديث علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويومًا وليلة للمقيم»[54].

والثاني: حديث أبي بن عمارة أنه قال: «يا رسول الله، أأمسح على الخف؟ قال: نعم، قال: يومًا؟ قال: نعم، ويومين؟ قال: نعم، قال: وثلاثة؟ قال: نعم، حتى بلغ سبعا، ثم قال: امسح ما بدا لك»[55].

والثالث: حديث صفوان بن عسال قال: «كنا في سفر فأمرنا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، ولكن من نوم أو بول أو غائط»[56]"[57].
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 120.67 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 118.90 كيلو بايت... تم توفير 1.77 كيلو بايت...بمعدل (1.46%)]