الأنس بالله تعالى - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         المسائل الفقهية المتعلقة بالمسبحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          دم الاستحاضة سببه ركضة الشيطان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          حكم التسميع والتحميد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          فضل الصلاة في الصف الأول والصفوف المقدمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          جوانب خفية في الخلاف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          الوجيز في فقه الزكاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 181 - عددالزوار : 60934 )           »          أبو بكر الصديق رضي الله عنه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 26 )           »          لماذا يصمت العالم عن المجاعة في غزة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          أعمال تعدل أجر الصدقات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24-01-2023, 07:40 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,947
الدولة : Egypt
افتراضي الأنس بالله تعالى

الأنس بالله تعالى
إبراهيم الدميجي

الحمد لله الذي أنشأ وبرأ، وخلق الماء والثرى، وأبدع كل شيء ذرًا، لا يغيب عن بصره دبيب النمل في الليل إذا سرى، ولا يعزب عن علمه شيء في الأرض ولا في السماء، اصطفى آدم ثم عفا عما جرى، وابتعث نوحًا فبنى الفلك وسرى، ونجى الخليل من النار فصار حرَّها ثرى، ثم ابتلاه بذبح الولد فأدهش بصبره الورى: ﴿ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى [الصافات: 102].

أحمده ما قُطع نهار بسير وليل بسرى، وأصلي على رسوله محمد المبعوث في أمِّ القرى، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان وبالخير جرى.

أما بعد:
فاتقوا الله تعالى – يا عباد الله - حق التقوى، واعلموا أنه إن كان في الدنيا جنةٌ، فهي جنة الأنس بالله تعالى، وحلاوة قربه، ولذة مناجاته، وعلى هذه الثمرة كانت قلوب السابقين تغتذي، وهي ما عُبِّر عنها بحلاوة الإيمان.

إن الإقبال على الله تعالى، والإنابة إليه، والرضا به وعنه، وامتلاء القلب من محبته، واللهج بذكره، والفرح والسرور بمعرفته، ودوام ذكره، والسكون إليه، والطمأنينة إليه - ثوابٌ عاجل، وجنة حاضرة؛ فهو جنة الدنيا، والنعيم الذي لا يشبهه نعيم، وهو قرة عين المحبين، وعيش لا نسبة لعيش الملوك إليه البتة.

وإنما تقر أعين الناس على حسب قرة أعينهم بالله عز وجل؛ فمن قرت عينه بالله قرت به كل عين، ومن لم تقر عينه بالله تقطعت نفسه على الدنيا حَسَراتٍ.

ألا إن للأنس بالله ثمارًا حلوة، وينابيع عذبة، يتذوقها المؤمن بلسان قلبه، ويُشبِع بها بطنَ روحه، فلا كانت الدنيا إذا لم يكن أنس بالله تعالى.

قال أويس القرني رحمه الله: "ما كنت أرى أن أحدًا يعرف ربه فيأنس بغيره"، وقال بعض السلف: "مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا ألذ ما فيها، قيل: ما ألذ ما فيها؟ قال: الأنس بالله، والتلذذ بخطابه والوقوف بين يديه"، وقيل: "الأنس بالله نور ساطع، والأنس بالناس غمٌّ واقع".

إن حلاوة الأنس بالله لا تحصل إلا بالاشتغال بذكره، ودوام عبادته، والبعد عن القواطع والشواغل التي تُقسِّي القلب، وتحول بينه وبين التفكر في آلاء الله، والتذكر لنعمائه؛ وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن للإيمان حلاوةً وطعمًا؛ كما في قوله: ((ثلاث من كُنَّ فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يُقذف في النار))، وقال صلى الله عليه وسلم: ((ذاق طعم الإيمان من رضِيَ بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولًا ونبيًا)).

وأخبر أن عينه تقر بالعبادة ويرتاح بها بدنه؛ فقال عليه الصلاة والسلام: ((وجُعِلت قرة عيني في الصلاة))، وقال: ((أرِحْنا يا بلالُ بالصلاة))، فرسول الله صلوات الله وسلامه عليه يجد في الصلاة لذة قلبه، وسروره وابتهاجه، وغاية فرحه، وراحة بدنه، فهو في الصلاة ينقطع عن الخلائق، ويقبل بقلبه وقالبه على ربه، ويلتذ بذكره ومناجاته، ويتقلب بنعيم جميل في أنواع العبادات من حال إلى حال، من روضة قرآن، لبستان صلاة، لحلاوة مناجاة، إلى غير ذلك، يجد في كلٍّ منها الأنس بالعبادة.

فمن وسائل تحصيل الأنس بالله تعالى الذكر الدائم، ورطوبة اللسان بذلك، ولهجه لربه بدعاء الثناء والمسألة، وصرف طاقات الجوارح في مراضي ربه الكريم الوهاب، بالصلاة بعد الصلاة، وبالقرآن تلاوة وتدبرًا، وبالصدقة، وبالصيام، وبما أطاق من الباقيات الصالحات، وتحصيل العلم النافع والعمل به، فولاية الله مهرها عسف النفوس على مراضيه.

وما من رجل حسنت صلاته إلا واستأنس به كل شيء، والرجل يكون نائمًا فيحركه من نومه لطف من ربه، فيقوم للصلاة منتبهًا من غير تنبيه من الخلائق.

فيا عبدَالله: إذا رُمْتَ الأنس بالله تعالى، والإحساس بقربه ولطفه، فصلِّ صلاة خاشعة، وأطِلْ سجودك، فكلما أطلتَه فُتحت عليك من الألطاف والنِّعَمِ ما تودُّ معها ألَّا ترفع رأسك، خاصة إذا صليت تلك الصلاة، وأنت مستعد لها بقلبك وقالبك، والله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول، ولا قوة إلا به.

هذا وأعظم طرق تحصيل الأنس بالله تعالى هو حسن المعتقد أولًا، ودوام الذكر ثانيًا، وأعظم الذكر القرآن تلاوة وسماعًا وتدبرًا، ثم الأذكار المادحة لله تعالى؛ كالتهليل والتسبيح والتحميد ونحوها، ثم الأدعية والأوراد.

ومن أسباب حصوله كذلك:
تعظيم قدر الصلاة، حتى تكون صلاة المرء كصلاة المقربين، فتكون روحه وريحانه، ويجتمع للعبد فيها ما لا يجتمع فيما سواها من العبادات، فإذا سجى الليل ودجا، خلا العابد الصالح بوليِّه وربه وسيده يناجيه ويضرع إليه، وقد يُستثقل التهجد في بداية أمره ثم يكون عين سعادته، كما قيل: إن قيام الليل من أثقل شيء على النفس، ولا سيما بعد النوم، وإنما يصير خفيفًا بالاعتياد والمداومة، والصبر على المشقة والمجاهدة في أول الأمر، ثم بعد ذلك ينفتح باب الأنس بالله تعالى وحلاوة المناجاة له، ولذة الخلوة به عز وجل، وعند ذلك لا يشبع الإنسان من القيام، فضلًا عن أن يستثقله أو يكسل عنه، كما وقع ذلك للصالحين من عباد الله؛ حتى قال قائلهم: "إن كان أهل الجنة في مثل ما نحن فيه بالليل إنهم لفي عيش طيب"، وقال آخر: "منذ أربعين سنة ما غمني إلا طلوع الفجر"، وقال آخر: "أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم".

وإنما يصدق بهذه الأمور مَن في قلبه حياة، وأما ميت القلب فيوحشك، فاستأنِس بغيبته ما أمكنك، فإنه لا يوحشك إلا حضوره عندك، فإذا ابتُليت به فأعطِهِ ظاهرك، وترحَّل عنه بقلبك وفارقه بسرك، ولا تشتغل به عما هو أولى بك.

واعلم أن الحسرة كل الحسرة الاشتغال بمن لا يُجدي عليك الاشتغال به إلا فوت نصيبك وحظك من الله عز وجل، وانقطاعك عنه، وضياع وقتك عليك، وشتات قلبك عليك، وضعف عزيمتك، وتفرق همك.

ألا وإن من أوسع أبواب الدخول للأنس بالله تعالى: سماع القرآن بيقين وتدبر وتلذذ.

وقد ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله أن للسماع أمرًا عجيبًا في راحة الروح، وقد يكون المسموع شديد التأثير في القلب ولا يشعر به القلب لاشتغاله بغيره، فإذا حصل له نوع تجرد ورياضة ظهرت قوته، وكلما تجردت الروح والقلب، وانقطعتا عن علائق البدن، كان حظهما من ذلك السماع أوفر، وتأثرهما به أقوى، وتأمل برهان ذلك في الصيام والاعتكاف.

فإن كان المسموع معنًى شريفًا بصوت لذيذ؛ حصل للقلب حظه ونصيبه من إدراك المعنى، وابتهج به أتم ابتهاج على حسب إدراكه له، وللروح حظها ونصيبها من لذة الصوت ونغمته وحسنه، فابتهجت به، فتتضاعف اللذة، ويتم الابتهاج، ويحصل الارتياح، حتى ربما فاض على البدن والجوارح، وعلى الجليس.

وهذا لا يحصل على الكمال في هذا العالم إلا عند سماع كلام الله؛ فإذا تجردت الروح وكانت مستعدة، وباشر القلب روح المعنى، وأقبل بكليته على المسموع، فألقى السمع وهو شهيد، وساعده طِيبُ صوتِ القارئ، كاد القلب يفارق هذا العالم، ويلج عالمًا آخر، ويجد له لذة وحالة لا يعهدها في شيء غيره البتة، وذلك رقيقة من حال أهل الجنة، فيا له من غذاء ما أصلحه وأنفعه!

وهل أعظم من الأنس بصحبة القرآن الكريم؟ وهي الصحبة التي تدخلك باب الملك سبحانه؛ فعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله أهلين من الناس، قالوا: يا رسول الله، من هم؟ قال: هم أهل القرآن؛ أهل الله وخاصته))، وعلى مقدار تحقيق مقومات أهل القرآن الكريم تلاوة وتدبرًا، وتأدبًا وتعلمًا، وتعليمًا وعملًا، يكون مقدار دخول العبد في أهلية الله وخاصته.

قال مالك بن دينار: "من لم يأنس بمحادثة الله عن محادثة المخلوقين، فقد قلَّ عمله، وعمِيَ قلبه، وضيع عمره".

واعلم أن الأنس بالله تعالى ذخيرة المؤمن عند احتدام الصعاب عليه، واعتراك المِحن لديه، وتأمل سِيَرَ الأنبياء والمرسلين والمصلحين، ومن تيك المحن الشديدة محنة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى حينما تحزب أعداؤه عليه، من علماء السوء وأمراء السوء في مصر والشام حتى حُبس السنين الطويلة، ومات في سجنه، وهو في أتم سرور، وأبهج حبور!

قال الغياني في محنته في مصر: "فلما صلينا المغرب والوالي يريد إرساله لجهة هلاك، بقيَ يدعو بدعاء الكرب، فأنزل الله عليه من النور والبهاء والحال شيئًا عظيمًا، وأشرت إلى المحبوسين لينظروا ذلك، كأن وجهه شمعٌ يجلُوه مثل العروس، حتى إذا راق الليل جاء نائب الوالي فقال: باسم الله، فبقوا يودعونه ويبكون ... وركب على باب الحبس فقال له إنسان: يا سيدي هذا مقام الصبر، فقال: بل هذا مقام الحمد والشكر، والله إنه نازل على قلبي من الفرح والسرور شيء لو قُسم على أهل الشام ومصرَ لفضلَ منهم، ولو أن معي في هذا الموضع ذهبًا وأنفقته ما أديتُ عشر هذه النعمة التي أنا فيها!

وقال ابن القيم رحمهما الله: "سمعت شيخنا شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه ونور ضريحه، يقول: إن في الدنيا جنةً من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة.

وقال لي مرة: ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري، أين رحتُ فهي معي لا تفارقني، أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة.

وكان في حبسه في القلعة يقول: لو بذلتُ مِلء هذه القلعة ذهبًا ما عدل عندي شكر هذه النعمة، أو قال: ما جزيتهم على ما تسببوا لي فيه من الخير، وكان يقول في سجوده وهو محبوس: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، ما شاء الله؛ أي: يكثر من الإلحاح على الله تعالى بهذا الدعاء الجامع.

وقال مرة: المحبوس من حُبس قلبه عن ربه، والمأسور من أسره هواه، ولما دخل إلى القلعة، وصار داخل سورها نظر إليه وتلا: ﴿ فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ [الحديد: 13].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه ...
عباد الله: اعلموا أنه لا يمنع الأنس بالله وحلاوة مناجاته من مخالطة الناس في الخير والإحسان، فأعظم الناس أنسًا بالله تعالى هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، مع ذلك فلم يمنعه ذلك من مخالطة الناس واستصلاحهم والإحسان إليهم؛ بل قال: ((المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، خيرٌ من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم)).

ومن وسائل تحقيق الأنس بالله تعالى: التوبة النصوح، وإكثار الصالحات، وتذكُّر الآخرة، فيا مشغولًا بتلفيق ماله عن تحقيق أعماله، من خَطَرَ ذِكر الرحيل بباله، قنع بالبُلغ ولم يباله، لا بد والله من العبور إلى منزل القبور، يسفي عليك الصبا والدَّبور، وأنت تحت الأرض تبور، آه من طول الثبور بعد طيب الحبور.

قال يحيى بن معاذ: "إذا أحب القلب الخلوة، أوصله حب الخلوة إلى الأنس بالله، ومن أنِس بالله، استوحش من غيره".

قلت: ولا شك أن الخلوة والعزلة مما يعين على السير الصحيح؛ لذلك شرع الله للمؤمن عزلة كل ليلة يناجي فيها ربه في قيام الليل، بل وفي الصلوات الخمس حين ينعزل بروحه مناجيًا ربه في صلواته، ثم شرع الله له في كل سنة عشرة أيام يعتكف فيها منعزلًا عن الخلائق، متعلقًا بربه، لهِجًا بذكره، ملظًّا بدعائه، ملحًّا باستغاثته واسترحامه، واستغفاره واستلطافه.

ولا يزال العبد في حاجة لمثل هذه حتى يحصل الأنس بربه تعالى فيزهد عما سواه؛ كما قال ابن القيم: "إن في القلب وحشة لا يُذهبها إلا الأنس بالله، وفيه حزن لا يُذهبه إلا السرور بمعرفته، وفيه فاقة - وهي غاية الفقر - لا يذهبها إلا صدق اللجوء إليه، ولو أُعطي الدنيا وما فيها لم تذهب تلك الفاقة أبدًا".

أما العزلة التامة عن الخلق، فهي ليست من الإسلام في شيء، إلا في أزمنة الفتن، وعند خوف المرء على دينه أو نفسه أو أهله؛ فرهبانية الإسلام هي الجهاد في سبيل الله؛ فعن أبي سعيد الخدري أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أوصني، فقال: ((أوصيك بتقوى الله؛ فإنه رأس كل شيء، وعليك بالجهاد؛ فإنه رهبانية الإسلام، وعليك بذكر الله وتلاوة القرآن؛ فإنه روحك في السماء وذكرك في الأرض)).

أما من انفرد عن الخلق بالكلية، وانحاز إلى قُلَلِ الجبال، وآثر التوحش عن الخلق لطلب الأنس بالله عز وجل، دون سبب آخر مُلجئ، فقد سلك هديًا ليس بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو هدي الرهبان الذين ابتدعوا الرهبانية في دين المسيح عليه السلام: ﴿ وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ [الحديد: 27]، وخير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومن سبل الأنس بالله تعالى الإحسانُ إلى الخلق، ولو لم يكن إلا ما يُجازى به المحسن من انشراح صدره، وانفساح قلبه، وسروره، ولذته بمعاملة ربه عز وجل، وطاعته، وذكره، ونعيم روحه بمحبته وذكره، وفرحه بربه سبحانه – لكفاه، فكيف والأمر أكبر من ذلك؛ إذ هو سبب لتحصيل ولاية الله تعالى ومحبته لعبده؟ ﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ [الرحمن: 60].

اللهم صلِّ وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 61.17 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 59.27 كيلو بايت... تم توفير 1.90 كيلو بايت...بمعدل (3.10%)]