تحت العشرين - الصفحة 6 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         معارج البيان القرآني ـــــــــــــ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 7817 )           »          انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 33 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 859326 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 393646 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215874 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 74 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 59 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #51  
قديم 19-01-2024, 02:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,062
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تحت العشرين

تحت العشرين -1204


الفرقان





بأخلاقنا لا بأخلاقهم
الإنسان منا يجب عليه أن يتعامل مع الناس بأخلاقه، لا بأخلاق الناس ومعاملتهم؛ لأنَّ الناس منهم الكاذب، ومنهم المنافِق، ومِنهم الغشاش، وغير ذلك؛ فلو أنَّك عاملت كل صنف من الناس بمعاملته وبأخلاقه، اجتمعت فيك كل مساوئ الأخلاق التي في الناس، ولتعلم أن: «كل إناء بما فيه يَنضح»، عامِلِ الناس بأخلاقك لا بأخلاقِهم؛ فإن لم يكونوا أهلًا للجنة بأخلاقهم، فكن أنت أهلًا للجنَّة بخلُقِك.
الشباب والتخلق بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم
الشابُّ المسلم شابٌّ يتخلَّق بأخلاق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي كان ذا خُلق عظيم، بشهادة الله -تعالى- له: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم: 4)، فكان - صلى الله عليه وسلم - خُلُقُه القرآن، كما قالت أُمُّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: «كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ». فالشابُّ الدَّيِّن يكتسب أخلاقه من أخلاق النبي العدنان - صلى الله عليه وسلم -؛ لكي يسعد بأخلاقه، ويتأدَّب بآدابه، ولأنها من أكثر الصفات التي يُحبُّها الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما قال: «إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاقًا»، ومن أهم صفات الشاب صاحب الأخلاق أنه رحيمٌ بكلامه، مُهذَّبٌ بأقواله، حليمٌ بأفعاله، ليس بفظٍّ ولا مُنفِّر، لقول الله -عزوجل- لنبيِّه محمد -صلى الله عليه وسلم -: { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (آل عمران: 159)، و»لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا»، ولا يغضب، كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم - أَوْصِنِي، قَالَ: «لَا تَغْضَب، فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: لَا تَغْضَبْ»، وإذا غضب لا يغضب إلَّا لدين الله كما رُوي عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنِ الصَّلاةِ فِي الفَجْرِ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا فُلانٌ فِيهَا، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم -، مَا رَأَيْتُهُ غَضِبَ فِي مَوْضِعٍ كَانَ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَمَنْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيَتَجَوَّزْ، فَإِنَّ خَلْفَهُ الضَّعِيفَ وَالكَبِيرَ وَذَا الحَاجَةِ»، شعاره الرفق واللين، فالله يقول لموسى وهارون -عليهما السلام-، لما أرسلهما إلى طاغية الأرض فرعون؛ قال -تعالى-: { فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى } (طه: 44)، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم - مادِحًا للرِّفْق ذامًّا لغيره: «إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ».
الركائز الثلاث الأساسية
المعاملة الحسنة مع الناس مِن حسْن الخلُق، وحسْن الخلُق من الركائز الثلاث الأساسية التي قام عليها الإسلام؛ وهي: العقائد، والعبادات، والمعاملات؛ لذلك حثَّنا المولى تبارك و-تعالى- على حسْن الخلق في كتابه الكريم إذ يقول: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (آل عمران: 134)، وقد جمع الله مكارم الأخلاق في آيةٍ واحدةٍ فقال: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (الأعراف: 199)، قال مجاهد: «خذ العفو، يعني: العفو من أخلاق الناس وأعمالهم من غير تجسُّس، وذلك مثل قبول الاعتذار، والعفو، والمساهلة، وترك البحث عن الأشياء، ونحو ذلك».
درر من أقوال العلماء
  • قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «إذا افتقر العبدُ إلى اللَّه ودَعَاهُ، وأدمنَ النَّظَر في كلام اللَّه، وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - وكلام الصحابة والتابعين وأئمَّة المسلمين: انفَتَحَ له طريق الهُدَى».
  • قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: من أراد عز الدنيا، والرزق الحلال فيها، والنعيم في الآخرة، فعليه بالتقوى.
  • قال العلامة محمد بن عثيمين -رحمه الله-: ينبغي لكُلِّ إنسان رأى من النّاس جمعًا أو عدوانًا عليه أن يقول: «حسبنا الله ونعم الوكيل»؛ فإذا قال هكذا، كفاهُ الله شرّهُم، كما كفى إبراهيم ومحمدًا -عليهما الصّلاة والسّلام.
  • قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله -تعالى-: الفتن مثل الطوفان، ولا ينجي منها إلا التمسك بالسنة، ولا يمكن أن تتمسك بالسنة إلا إذا عرفتها.
صفات من يقتدى بهم
قال ابن القيم -رحمه الله- في الكلام على قوله -تعالى-: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (الكهف: 28)، «فإذا أراد العبد أن يقتدي برجل فلينظر: هل هو من أهل الذكر أو هو من الغافلين؟ وهل الحاكم عليه الهوى أو الوحي؟ فإن كان الحاكم عليه هو الهوى، وهو من أهل الغفلة، وأمره فرط لم يقتد به ولم يتبعه، فإنه يقوده إلى الهلاك، ومعنى الفرط هو التضييع، أي: أمره الذي يجب أن يلزمه ويقوم به، وبه رشده وفلاحه ضائع قد فرط فيه.
من أخلاق الشاب المسلم
من أخلاق الشاب المسلم أنه لا يقابل السيئة بالسيئة؛ وإنما يقابلها بالحسنة؛ لأنه يريد أن يكون من ذوي الحظ العظيم؛ كما قال الله: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (فصلت: 34، 35)، ولا يرفع صوته على أبٍ أو أمٍّ؛ لقوله -تعالى-: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} (الإسراء: 23).
الاقتداء بالصحابة فضيلة
أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - رضي الله عنهم، وأوجب لهم الجنة -كما في كتابه-، هم قدوتنا: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} (التوبة:100)، يجب علينا أن نتأسى بهم، وأن نقتبس من أفعالهم الحسنة؛ لأن الله رضي عنهم، رضي عنهم بالإيمان، ورضوا عنه بالثواب، رضي عنهم في العبادة، ورضوا عنه بالجزاء، ورضي عنهم بطاعتهم لنبيه -صلى الله عليه وسلم -، ورضوا عنه بقبول وحيه وشرعه، هؤلاء قدوتنا، الذين حملوا الدين، وانتشر بهم الإسلام.
خصال التائبين
قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: «وخصال التائب قد ذكرها الله في آخر سورة براءة، فقال: {‌التَّائِبُونَ ‌الْعَابِدُونَ}، فلابد للتائب من العبادة والاشتغال بالعمل للآخرة، وإلا فالنفس إن لم تشغلها بالحق وإلا شغلتك بالباطل، فلابد للتائب من أن يبدل تلك الأوقات التي مرت له في المعاصي بأوقات الطاعات، وأن يتدارك ما فرط فيها، وأن يبدل تلك الخطواتِ بخطوات إلى الخير، ويحفظ لحظاتِه وخطواتِه، ولفظاتِه وخطراتِه.
عظم أمنيات الصحابة تدل على عظم نفوسهم
شباب الصحابة كانت أمنياتهم تدل على ما فيه نفوسهم، قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لشاب صغير من الصحابة، وهو ربيعة بن كعب الأسلمي: (سل) اطلب ما تريد (سل)، فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: (أو غير ذلك؟) قلت: هو ذاك، قال: (فأعني على نفسك بكثرة السجود).
يا خير جيل على الأرض التي بُسطت
ما سار مثلكم في البر والبحر
يا خير جيل صحبتم خير من وطأت
أقدامه الأرض في حل وفي سفر
فرسان حرب إذا ما الحرب قد حميت
رهبان ليل إذا ما جُلْت في السحر
هم الذين لشرع الله قد حملوا
هم الهداة بآي الله والسور


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #52  
قديم 26-01-2024, 06:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,062
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تحت العشرين

تحت العشرين -1205


الفرقان



هنيئًا للشباب الأتقياء
هنيئًا لشاب تقي تعلّق قلبه بعبادة ربه، واعتاد المساجد لتأدية الصلوات المكتوبة وللجلوس في مجالس الخير، وعمل الصالحات وقراءة القرآن وذكر الله، وسار في الطريق الصحيح السليم، ومن تعوّد الطاعة في صغره يفعلها سجية في كبره، وما أكثر الشباب الذين تعلقت قلوبهم بالعبادة والتقى! آخذين بأزمة نفوسهم نحو رضا الله -سبحانه وتعالى-، يرجون رحمته ويخافون عذابه؛ فهؤلاء الصنف من الشباب هم الذين عناهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله:
شاب نشأ في عبادة الله
عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سبعةٌ يظلُّهم الله في ظلِّه، يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه: إمامٌ عَدْلٌ، وشابٌّ نَشَأَ في عبادة الله، ورجلٌ معلَّقٌ قلبُه في المساجد، ورجلان تحابَّا في الله؛ اجتمعا عليه وتفرَّقا عليه. ورجلٌ دَعَتْهُ امرأةٌ ذات منصبٍ وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجلٌ تصدق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلمَ شِماله ما تُنفِقَ يمينُه، ورجلٌ ذَكَرَ الله خاليًا ففاضَتْ عيناه»، وحديثنا عن هذا الشاب الصالح الذي نشأ على طاعة الله -تعالى-، فعلم أنه مسؤولٌ عن شبابه فيما أبلاه، وعمل بوصية نبيِّه محمد - صلى الله عليه وسلم - التي أوصى بها؛ حيث قال: «اغْتَنِم خمسًا قبل خَمْسٍ: شبابَك قبل هَرَمِكَ، وفراغَك قبل شغلك، وحياتَك قبل موتك، وصحتَك قبل سقمك، وغِنَاك قبل فَقْرك»، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تزول قَدَما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يُسأل عن خمسٍ: عمره فيم أفناه؟، وعن شبابه فيم أبلاه؟، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟، وماذا عمل فيما عَلِم؟»، فهذا الشاب وفَّقَهُ الله -منذ نَشأ- للأعمال الصالحة، وحبَّبها إليه، وكَرَّه إليه الأعمال السيئة، وأعانه على تركها: إما بسبب تربية صالحة، أو رِفْقة طيبة، أو غير ذلك؛ وقد حفظه الله من اللهو واللَّعب المذمومين، وإضاعة الصلوات، وقد أثنى الله على هذا النشء المبارك بقوله: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} (الكهف: 13).
قم فأدِّ دورك في الحياة
الشاب الإيجابي يعلم أنه لم يأت إلى الدنيا ليعيش بلا رسالة ولا هدف، ثم يخرج بلا أثر، إنما جاء في هذه الحياة ليترك فيها بصمته؛ لذلك لَمَّا أتى النبيَّ -عليه الصلاة والسلام- الوحي، وأصاب منه ما أصاب، وهزَّه هزةً شديدة، أسرع إلى خديجة يقول: «زملوني زملوني، دثروني دثروني»، فإذا بالحق يوحي إليه: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} (المزمل: 1 - 4)، وفي الأخرى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} (المدثر: 1 - 5)، أي قم فأدِّ دورك في هذه الحياة؛ فقد مضى وقت النوم، أنت الآن مرسل من قبل رب العالمين بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا.
الْأَخْلَاقُ مَنَائِحُ
قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: الموفق من يجاهد نفسه على القيام بمحاب الله مستعينًا به وحده راجيًا مده وعونه، ملتمسًا أن يمنحه من منائح رفده ومواهب بره، لا يأتي بالحسنات إلا هو ولا يدفع السيئات إلا هو، يهدي لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا هو، ويصرف عن سيئها لا يصرف عن سيئها إلا هو، قال طَاوُسٍ بن كيسان -رحمه الله-: «إِنَّ هَذِهِ الْأَخْلَاقَ مَنَائِحُ يَمْنَحُهَا اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ -عَزَّوَجَلَّ- بِعَبْدٍ خَيْرًا مَنَحَهُ مِنْهَا خُلُقًا صَالِحًا».
أكرم الناس نفسًا وأطيبهم قلبًا
الشاب المؤمن التقي، أكرم الناس نفسًا، وأنداهم كفًّا، وأطيبهم قلبًا، وأرقهم عاطفة، وأصدقهم عزمًا، هو الذي يجلّ الكبير ويحترمه، ويحنّ على الصغير ويرحمه، فلا تسمعه إلا مهنئًا أو معزيًا أو مشجعًا أو مسلِّمًا، ولا تراه إلا هاشًّا باشًّا طلق الوجه مبتسمًا، يحلّيه إيمانه بمكارم الأخلاق، وجدير بشاب هذا شأنه أن يكون آمنًا إذا فزع الناس أجمعون، وأن يظله الله - تحت ظل عرشه يوم القيامة: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} (الكهف: 13).
ألا بذكرِ اللّه تطمئنُّ القلوب
قال الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي -رحمه الله تعالى في تفسيره-: ذَكَرَ الله -تعالى- علامة المؤمنين، فقال: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ}؛ أي: يزول قلقها واضطرابها، وتحضُرُها أفراحها ولذَّاتها، {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}؛ أي: حقيق بها وحريٌّ ألا تطمئنَّ لشيءٍ سوى ذكره؛ فإنَّه لا شيء ألذ للقلوب ولا أشهى ولا أحلى من محبة خالقها والأنس به ومعرفته، وعلى قَدْرِ معرفتها باللّه ومحبَّتها له يكون ذِكْرُها له.
شكر نعم الله -عز وجل
قال الشيخ: عبدالمحسن العباد البدر: إن أعظم نعمة أنعم الله بها على المسلمين أن هداهم للإسلام وأخرجهم من الظلمات إلى النور، وهي النعمة التي لا يماثلها نعمة ولا يدانيها نعمة، ومن أعظم نعم الله على المسلم بعد نعمة الإسلام نعمة العقل ونعمة الصحة والعافية، ومن شكر الله -عزوجل- على هذه النعم أن يستعملها المسلم في طاعة الله، وفي كل ما فيه سعادته في الدنيا والآخرة، وألا يستعملها في معصية الله ولا في ما فيه مضرته في الدنيا والآخرة.
الشباب الذي نريد
إننا نريد شبابًا طامحين، لا يرتضون إلا ذرى الجبال مطيةً لهم، ونريدُ شبابًا على طريق الهدى والتقى سائرين، وبنهج سيدنا محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - مقتدين، نريد من شبابنا أن يتجهوا صوب المعالي، وأن يسلكوا سبل الرشاد، وأن يديروا ظهورهم لهذا السيل الغازي من الأفكار الوافدة التي تتعارض مع ديننا وقيمنا وأخلاقنا، إننا اليوم في حاجة شديدة إلى الشباب المؤمن، الذي يشعر بواجبه تجاه دينه وأمته، شباب يعرف ما عليه من واجبات، وما له من حقوق.
من وصايا الحكماء للأبناء
  • يا بني: إذا رأيت قومًا يذكرون الله فاجلس معهم؛ فإن تك عالمًا ينفعك علمك، وإن تك جاهلًا يعلموك.
  • يا بني: إياك وصاحب السوء! فإنه كالسيف يحسن منظره، ويقبح أثره.
  • يا بني: احذر الحسد! فإنه يفسد الدين، ويضعف النفس، ويعقبه الندم.
  • يا بني: لا تؤخر التوبة؛ فإن الموت يأتي بغتة.
  • يا بني: إذا كنت في الصلاة فاحفظ قلبك، وإن كنت في بيت الآخر فاحفظ بصرك، وإن كنت بين الناس فاحفظ لسانك.
من روائع الشعر
شباب ذللوا سبلَ المعالي
وما عرفوا سوى الإسلام دينا
إذا شهدوا الوغى كانوا كماةً
يدكون المعاقل والحصونا
وإن جنَّ المساء فلا تراهم
من الإشفاق إلا ساجدينا
وما عرفوا الأغاني مائعات
ولكن العلا صيغت لحونا
ولم يتشدقوا بقشور علم
ولم يتقلبوا في الملحدينا
كذلك أخرج الإسلام قومي
شبابًا مخلصًا حرًّا أمينا
وعلمه الكرامة كيف تُبْنَى
فيأبى أن يذل وأن يهونا


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #53  
قديم 02-02-2024, 07:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,062
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تحت العشرين

تحت العشرين -1206


الفرقان





الشاب المستقيم في ظل عرش الرحمن
الشاب المستقيم في ظل عرش الرحمن يوم القيامة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سبعةٌ يظلُّهم الله -تعالى- في ظلِّه، يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه: إمامٌ عَدْلٌ، وشابٌّ نَشَأَ في عبادة الله، ورجلٌ معلَّقٌ قلبُه في المساجد، ورجلان تحابَّا في الله؛ اجتمعا عليه وتفرَّقا عليه، ورجلٌ دَعَتْهُ امرأةٌ ذات منصبٍ وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجلٌ تصدَّق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلمَ شِماله ما تُنفِق يمينُه، ورجلٌ ذَكَرَ الله خاليًا ففاضَتْ عيناه».
من أسباب استقامة الشباب
لا شك أن الله -عزوجل- جعل للاستقامة على الدين والخير أسبابًا برحمته وفضله، فمن أخذ بهذه الأسباب جنى ثمارها اليانعة، وتتلخص هذه الأسباب في أمور عدة:
  • أولها: وجود القدوة الحسنة
فوجود القدوة الحسنة للشاب في التربية والرعاية الحسية والمعنوية سبب مهم من أسباب استقامته؛ لذلك ينبغي على الشباب البحث عن القدوة الحسنة، وأسمى قدوة حسنة في حياتنا هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهو الأسوة الحسنة، ثم العلماء الربانيون الذين ساروا على منهج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحابته.
  • ثانيًا: الارتباط بالمساجد
من أسباب استقامة الشباب الارتباط بالمساجد لأداء الفرائض، والحرص على السنن الرواتب، ولا سيما الوتر وسنة الفجر، والحرص على قيام الليل، فالتزام الشباب بذلك له أعظم الأثر في حسن سلوكهم، وسداد حالهم، وصلاح نفوسهم وقلوبهم، وفي استقامتهم وفي الثبات على هذه الاستقامة.
  • ثالثًا: مجالسة العلماء
من أسباب استقامة الشباب الحرص على مجالسة العلماء وطلبة العلم الشرعي، واختيار الصاحب الصالح، والصديق الذي يعين على الخير، الذي شبهه النبي - صلى الله عليه وسلم - بحامل المسك الذي إذا جلست إليه إما أن يعطيك من المسك وإما أن تجد منه ريحا طيبة.
  • رابعًا: استثمار أوقات الحياة
من أسباب استقامة الشباب استثمار أوقات الحياة في كل علم نافع وعمل صالح، بل وفي كل ما من شأنه أن يكون نافعًا في دينهم ودنياهم؛ فالشباب مسؤولون أمام الله -عزوجل- عن أعمارهم؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم -: «لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وماذا عمل فيما علم؟».
  • خامسًا: الحذر من أصحاب السوء
إنَّ مجالسة الأشرار والسفهاء والفساق، تؤثر على استقامة الشباب، فليس عند هؤلاء إلا لغو القول، وقبيح الفعل، وسوء الخلق، وعاقبة ذلك خسارة الدنيا والآخرة، والنبي -صلى الله عليه وسلم - شبه الصاحب السيء بنافخ الكير، إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا كريهة.
الحذر من إضاعة الأعمار والأوقات
احذروا يا شباب أشدَّ الحذر من هدر أعماركم في غير طاعة واجتهاد، أو إضاعته في الذُّنوب والسيئات! فإنَّ الخاسر يومَ القيامة من يَجد نفسَه بلا حسنات تثقل ميزانه، فيتمنى يومَها العودة إلى دار العمل، فلا يُجاب، كما أخبر الله - تعالى - عن هذا الصنف في كتابه؛ فقال -تعالى-: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} (المؤمنون: 99 - 104).
الطريق الأمثل للاستقامة
قال الشيخ عبد العزيز ابن باز -رحمه الله-: إن الطريق الأمثل ليسلك الشباب طريق الاستقامة في الدين هو أن يستقيم على النهج القويم بالتفقه في الدين ودراسته، وأن يعنى بالقرآن الكريم والسنة المطهرة، وأنصحه بصحبة الأخيار والزملاء الطيبين، وملازمة العلماء المعروفين بالاستقامة حتى يستفيد من علمهم ومن أخلاقهم، كما أنصحه بالمبادرة بالزواج، وأن يحرص على الزوجة الصالحة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء».
كن دائمًا مع الله -تعالى
من وصايا الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- للشباب: احرص على أن تكون دائماً مع الله -عزوجل- مستحضراً عظمته متفكرًا في آياته الكونية مثل خلق السموات والأرض وما أودع فيهما من بالغ حكمته وباهر قدرته وعظيم رحمته ومنته وآياته الشرعية التي بعث بها رسله ولا سيما خاتمهم محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأن يكون قلبك مملوءًا بتعظيم الله -عزوجل- حتى يكون في نفسك أعظم شيء، وباجتماع محبة الله -تعالى- وتعظيمه في قلبك تستقيم على طاعته قائماً بما أمر به لمحبتك إياه تاركاً لما نهى عنه لتعظيمك له.
الشباب وعلو الهمة
دعا القرآن الكريم المؤمنين إلى علو الهمة في الأعمال الصالحة، قال -تعالى-:{فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}، وقال -تعالى-:{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ}، ويقول ابن القيم: «وهمة المؤمن إذا تعلقت بالله-عزوجل- طلبا صادقا خالصًا محضًا، فتلك هي الهمة العالية»، فعلى المؤمن أن يوجه همته لعلو الدين.
السعيد من اتعظ بغيره
قال مطرف: «اللهم إني أعوذ بك، أن يكون أحدٌ أسعد بما علمتني مني، وأعوذ بك أن أكون عبرة لغيري»، يا لها من دعوة عظيمة وصفها شيخ الإسلام ابن تيمية بأنَّها (من أحسن الدعاء)، ومن لم يعمل بعلمه ودعا الناس إليه كانوا أسعد بعلمه منه، ومن لم يعتبر بحال غيره من المفرطين الذين سبقوه كان لمن بعده عبرة.
حال الناس مع الحق
قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: الناس في تحري الحق وطلبه قسمان: قسم يريده ويطلبه وإذا ظفر به فرح وتلقاه بالقبول، وقسم آخر نفسه عازفة عن الحق وغير مقبلة عليه، وإذا عرض له شيء من الحق تكلف في رده، ولكلٍّ منهما علامة، قال الدارمي -رحمه الله في كتابه الرد على الجهمية-: «الَّذِي يُرِيدُ الشُّذُوذَ عَنِ الْحَقِّ، يَتَّبِعُ الشَّاذَّ مِنَ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ، وَيَتَعَلَّقُ بِزَلَّاتِهِمْ، وَالَّذِي يَؤُمُّ الْحَقَّ فِي نَفْسِهِ يَتَّبِعُ الْمَشْهُورَ مِنْ قَوْلِ جَمَاعَتِهِمْ، وَيَنْقَلِبُ مَعَ جُمْهُورِهِمْ».
علو الهمة عند شباب الصحابة
«كان شباب الصحابة -رضوان الله عليهم أجمعين- يتأسون بنبيهم وفخرهم في الدنيا والآخرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأوصلتهم همتهم إلى العلياء؛ فقد أسلم علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وهو ابن ثماني سنين، ودعت همة أرقم بن أبي الأرقم لأن يفتح داره للدعوة في أول الإسلام، ويتعلم زيد بن ثابت لغة اليهود في نصف شهر، ولقد دفعت همة ربيعة بن كعب الأسلمي - رضي الله عنه -، أن يقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -،: «أسألك أن تشفع لي إلى ربك فيعتقني من النار»؛ لما قال له رسول الله- - صلى الله عليه وسلم - «سلني يا ربيعة أعطك

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #54  
قديم 13-02-2024, 06:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,062
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تحت العشرين

تحت العشرين -1207


الفرقان



حاجتنا إلى قدوات ونماذج عملية
لابد للشباب المسلم أن يتمثل العقيدة ويتشربها لتتحول إلى واقع عملي في حياته وفي تعامله مع الأنام، تأسياً بأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، الذين تحولوا إلى نماذج فريدة سلوكاً وإخلاصاً وطهراً، وهو المطلوب اليوم في واقعنا؛ فالمطلوب إخراج نماذج وقدوات عملية تدعو بواقعها كما تدعو بلسانها، وتعيش بهذا الدين وتنعم به، وتُنعم غيرها برؤيته واقعا مُعاشا فتنجذب له النفوس وتَصلح به أخلاق وأحوال.
الخير كله في الشباب
اعتنى الإسلام بالشباب عناية فائقة، ووجههم توجيها سديدا نحو البناء والنماء والخير، واهتم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالشباب اهتماما كبيرا، فقد كانوا الفئة الأكثر التي وقفت بجانبه في بداية الدعوة فأيدوه ونصروه ونشروا الإسلام وتحملوا في سبيل ذلك المشاق والعنت.
قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: «ما آتى الله -عز وجل- عبدا علما إلا شابا، والخير كله في الشباب»، ثم تلا قوله -عز وجل-: {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ}، وقوله -تعالى-: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى}، وقوله -تعالى-: {وآتيناه الحكم صبيا}، وعمل - صلى الله عليه وسلم - على تهذيب أخلاق الشباب، وشحذ هممهم، وتوجيه طاقاتهم، وإعدادهم لتحمل المسؤولية في قيادة الأمة، كما حفزهم على العمل والعبادة، فقال -صلى الله عليه وسلم -: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: وعد منهم: «شاب نشأ في عبادة الله»، وحث الرسول - صلى الله عليه وسلم - الشباب على أن يكونوا أقوياء في العقيدة، أقوياء في البنيان، أقوياء في العمل، فقال: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير»، غير أنه نوه إلى أن القوة ليست بقوة البنيان فقط، ولكنها قوة امتلاك النفس والتحكم في طبائعها، فقال: «ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب».
المؤمن صاحب همة عالية
إن المؤمن بالله ولقائه عالي الهمة سامي الهدف؛ ولذا يغتنم كل حال من أحواله، وكل لحظة من لحظات عمره فيما يقربه إلى الله -تعالى- ويرفع درجته عنده، ويحصل به مغفرته ورحمته، مهتديًا بالقرآن وبما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من بيان فيخلص التوحيد، ويحافظ على الصلوات المكتوبات، ويؤتي الزكاة ويصوم رمضان ويحج ويعتمر، ويجاهد ويصبر ويصل الرحم ولو قطعت، ويأمر بالمعروف وينهي عن المنكر ويعطي كل ذي حق حقه؛ فيفعل الخير ويعين على البر وييسر ولا يعسر، ويقول الكلمة الطيبة ويجود بالصدقة والنفقة ولو بالتمرة؛ فإن الله -تعالى- يقبلها ويربيها لصاحبها حتى تكون كالجبل العظيم، ويلهج بالباقيات الصالحات: (سبحان الله، والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر)؛ فإنها غراس في الجنة، وبها تبنى قصور الجنة، ويرحم البهيمة حتى يسقى الكلب من العطش؛ لأنه من أسباب المغفرة، ويميط الأذى عن الطريق؛ فإنه سبب لدخول الجنة، ويصدق في بيعه وينصح لكل مسلم، ويحسن إلى أصحابه وجيرانه، ويهدي لإخوانه، ويحب للناس ما يحب لنفسه، ويكره لهم من الشر كما يكرهه لنفسه.
القرآن الكريم يدعونا لعلو الهمة
دعا القرآن الكريم المؤمنين إلى علو الهمة في الأعمال الصالحة، قال -تعالى-:{فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}، وقال -تعالى-:{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ}، ويقول ابن القيم: «وهمة المؤمن إذا تعلقت بالله-عز وجل- طلبا صادقا خالصا محضا، فتلك هي الهمة العالية»، «وعلى المؤمن أن يوجه همته لعلو الدين»، ويمدح القرآن الكريم رجالا لم تشغلهم تجارتهم، ولا بيعهم عن عبادة الله -عز وجل-؛ لهمتهم العالية، قال -تعالى-: {رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ}، وآخرون دعتهم المضاجع للنوم والراحة، ولكنهم رفضوها مع نعومتها، واحتياجهم لها، يدعون ربهم خوفا وطمعا، قال -تعالى-: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَهُمْ يُنفِقُونَ}، وكان الجزاء على قدر الهمم، قال -تعالى-: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} أي: «فكان الجزاء من شيء نفيس تقرّ به أعينهم وتسرّ».
أثر عقيدة الإيمان في السلوك والأخلاق
إن سلوك الإنسان وأخلاقَه وتصرفاتِه في الحياة مظهرٌ من مظاهر عقيدته في حياته الواقعية وممارساته اليومية، فإن صلَحت العقيدة الإيمانية صلَح السلوك واستقام، وإذا فسَدت فسد واعوجَّ، ومن ثَمَّ كانت عقيدة التوحيد والإيمان بالله ضرورةً، لا يستغني عنها الإنسان؛ ليستكمل شخصيته، ويحقق إنسانيته، وقد كانت الدعوة إلى عقيدة التوحيد أول شيء قام به الرسول - صلى الله عليه وسلم - لتكون حجر الزاوية في بناء الأمة المسلمة. فثمرة كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) ثمرة طيبة تُؤتِي أُكُلَها في كلِّ حين بإذن ربها، والمؤمن كذلك لا يزال يُرفع له عمله الصالح في كل وقت حتى بعد مماته، وقد قال الله عنها: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} (إبراهيم: 24 - 25).
غاية المسلم الأساسية من الأخلاق
غاية المسلم الأساسية في أخلاقه، أن يحقق مرضاة ربِّه في الآخرة، قال -تعالى-: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (الزلزلة: 7، 8)، كما أن المسلم يحقِّق سعادته في الدنيا قبل الآخرة، يقول -تعالى-: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرعد: 28)، فالسرور ثمرة عملية لمن يتحلَّى بالأخلاق الفاضلة، والطمأنينة القلبية والشعور بخيرية الذات وخيرية المصير، وهذه من ثمرات الانسجام بين الإيمان والأخلاق، وذلك نتيجة طبيعية؛ لأن الإنسان عندما يتصرَّف بمقتضى عقيدته يشعرُ بأنه إنسان خيِّر قويُّ الإرادة، يتغلب على نوازعه الشريرة وشهواته، ويرتفع بنفسه إلى ما يُرضِي ربه، هذا في الدنيا، فهو في كل عمل يعمله - سواء كان هذا العمل مع نفسه، أم مع ربه، أم مع الناس - يدرك أن الله معه، ويتذكر دائمًا أن الله مطَّلع عليه، يقول: «الله مطلع علي، الله يراني»، ويتذكر قوله -تعالى-: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (ق: 18)، رقابة من الله ومن الملائكة لحظة بلحظة، فهل يمكن أن يفكِّر أن يعصيه، أو يتمرد عليه وهو تحت رقابته؟ وإذا هو استطاع أن يفلت من عقوبة الدنيا ومحاكم الدنيا، فهل يمكنه أن يهرب من عقوبة الله في الآخرة؟ قال -تعالى-: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} (الأنبياء: 47).
حكم ترك الصلاة في جماعة
قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: ترك الصلاة في الجماعة دون عذرٍ من باب المعاصي؛ لأنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بالصلاة في جماعةٍ، وقال للأعمى لما قال له: إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، قال: هل تسمع النِّداءَ بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب.
حال الناس مع الحق
قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: الناس في تحري الحق وطلبه قسمان: قسم يريده ويطلبه وإذا ظفر به فرح وتلقاه بالقبول، وقسم آخر نفسه عازفة عن الحق وغير مقبلة عليه وإذا عرض له شيء من الحق تكلف في رده، ولكلٍّ منهما علامة، قال الدارمي -رحمه الله- في كتابه الرد على الجهمية: «الَّذِي يُرِيدُ الشُّذُوذَ عَنِ الْحَقِّ، يَتَّبِعُ الشَّاذَّ مِنَ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ، وَيَتَعَلَّقُ بِزَلَّاتِهِمْ، وَالَّذِي يَؤُمُّ الْحَقَّ فِي نَفْسِهِ يَتَّبِعُ الْمَشْهُورَ مِنْ قَوْلِ جَمَاعَتِهِمْ، وَيَنْقَلِبُ مَعَ جُمْهُورِهِمْ».

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #55  
قديم 14-02-2024, 12:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,062
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تحت العشرين

تحت العشرين -1208


الفرقان



حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته
حقوق النبي - صلى الله عليه وسلم - على أمته كثيرة وهي حقوق يجب على كل فرد معرفتها والعمل بها وتطبيقها قولاً وعملاً؛ إذ كيف يدعي مسلم حب النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم لا يقوم بما هو مطلوب منه تجاه من يحب؛ فالخير كل الخير فيما أمر به -عليه الصلاة والسلام- أو حث أمته عليه، والشر كل الشر في مخالفة أمره ونهيه، وقد حذر المولي -عزوجل- من مخالفة أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم ! فقال -تعالى- {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (النور: 63).
الشباب ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم
محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - ليست كلامًا يُقال، ولكنها متابعة له وترَسُّم هديه في كل أمر من أمور الدِّين والدنيا، فلا ينبغي للمسلم الصادق أن يقدم هواه ومراد نفسه على هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -. فمحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - تقتضي قبول ما جاء به، فيصدقه فيما أخبر، ويطيعه فيما أمر، وينتهي عن كل ما حذَّر منه وزجر، بل وتقتضي حسن التأسي به -عليه الصلاة والسلام- في كل شيء، وتحقيق الاقتداء به في أخلاقه وآدابه ونوافله وتطوعاته، وأكله وشربه ولباسه، وجميع أموره، فيا أيَّها الشباب المحبون لرسولكم محمد - صلى الله عليه وسلم -، تمسكوا بسنته، واتبعوا هديه ظاهرًا وباطنًا، في عبادته، وفي أخلاقه، وفي معاملاته، بل في طريقة أكله وشربه وهيئة جِلسته؛ فالمحبة ليست كلامًا يقال، ولا شعارات ورايات تُرفع، لكن محبة المصطفى متابَعة وتطبيق، وتنفيذ لأوامره، واجتناب نواهيه، والتسليم له في كل شيء، كما قال ربَّنا -عز وجل-: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.
الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم
من حق النبي - صلى الله عليه وسلم - على أمته أن يصلوا عليه كلما ذكر اسمه -عليه الصلاة والسلام-، قال -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (الأحزاب: 56)، فالصلاة والسلام عليه واجبة على كل مؤمن ومؤمنة في بعض الأوقات، ومستحبة في أوقات أخرى؛ لما في ذلك من الأجر العظيم من الله -جل وعلا-، ولما في ذلك أيضًا من طاعة لله -تعالى- عندما أمر المؤمنين بالصلاة والسلام عليه.
من جواهر الكلام
عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: «لَا يَرْجُو عَبْدٌ إِلَّا رَبَّهُ، وَلَا يَخَافَنَّ إِلَّا ذنبه» هذه الكلمة كما قال ابن تيمية -رحمه الله- من جواهر الكلام ومن أحسنه وأبلغه وأتمه، فمن رجا نصرا أو رزقا من غير الله خذله الله، والرجاء يكون للخير، والخوف يكون من الشر، ففي الترمذي عن أنس - رضي الله عنه - «أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَى شَابٍّ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ، فَقَالَ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟، قَالَ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَرْجُو اللَّهَ، وَإِنِّي أَخَافُ ذُنُوبِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -[-: لاَ يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ إِلاَّ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا يَرْجُو وَآمَنَهُ مِمَّا يَخَافُ».
علمني شيخي
علمني الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله- أنَّ الإيمان قول وعمل، ويزيد وينقص، كما دلت عليه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية في مواضع كثيرة، فإذا اجتهد العبد في طاعة الله زاد إيمانه، وإذا أتى بعض المعاصي أو ترك بعض الواجبات نقص إيمانه، والحب في الله والبغض في الله من الإيمان؛ فحب المؤمنين حب للرسل وحب لما شرع الله من الإيمان، فالإيمان: قول وعمل، تصديق بالقلب وقول باللسان، وعمل بالقلب والجوارح، والإيمان يزيد وينقص.
حقيقة العبادة
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: العبادة هي التقرب إلى الله -تعالى- بما شرعه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة، وهي حق الله على خلقه، وفائدتها تعود إليهم، فمن أبى أن يعبد الله فهو مستكبر، ومن عبد الله وعبد معه غيره فهو مشرك، ومن عبد الله وحده بغير ما شرع فهو مبتدع، ومن عبد الله وحده بما شرع فهو المؤمن الموحد، ولما كان العباد لا يمكنهم أن يعرفوا بأنفسهم حقيقة العبادة التي ترضي الله -سبحانه- وتوافق دينه، أرسل إليهم الرسل، وأنزل الكتب لبيان حقيقة تلك العبادة، كما قال -تعالى-: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} (النحل:36).
المسجد الأقصی
المسجد الأقصى أولى القبلتين في الإسلام، يقع داخل البلدة القديمة بالقدس في فلسطين، وهو كامل المنطقة المحاطة بالسور، واسم لكل ما هو داخل سور المسجد الأقصى الواقع في أقصى الزاوية الجنوبية الشرقية من البلدة القديمة المسورة، تبلغ مساحته قرابة 144,000 متر مربع، ويشمل قبة الصخرة ومعالم أخرى يصل عددها إلى 200 معلم، ويقع المسجد الأقصى فوق هضبة صغيرة تُسمى هضبة موريا، وتعد الصخرة أعلى نقطة فيه، وتقع في قلبه، وسُمِّيَ الأقصَى لبعد ما بينه وبين المسجد الحرام، وكان أبعد مسجد عن أهل مكة في الأرض يعظَّم بالزيارة.
قدر الأدب في الدين
قال عبد الله بن المبارك: «كاد الأدب أن يكون ثلثي الدين»، إنَّما كان الأدب بهذه المكانة؛ لأنَّه خُلق عظيم يكون في العبد؛ فيحمله على فعل ما يُحمد من الأقوال والأعمال، فما استُجلبت الخيرات بمثله، وما استُدفعت الشـرور بمثله، يقود صاحبه إلى كلِّ فضيلة وخير، ويحجزه عن كلِّ سوء وشرّ، وهو عنوان فلاحه وسبيل سعادته في دنياه وأخراه.
السنَّةُ سفينة النجاة
قال مالك بن أنس -رحمه الله-: «السنَّةُ سفينةُ نوحٍ، مَن ركبها نجا، ومن تخلَّف عنها غرق»، وكان علماء السلف -رحمهم الله- يقولون: الاعتصام بالسنة هو النجاة، فكيف يرجو نجاة من تخلف عن سبيل النجاة وأخذ في سبل الهلكة، وما أجمل هذا التشبيه للسنة بالسفينة !.
هذه عقيدتنا
إنَّ مِنْ عقيدة أهْل السُّنَّة والجماعة حبَّ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال الطحاوي - رحمه الله -: «ونحبُّ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا نفرِّط في حب واحدٍ منهم، ولا نتبرأ من أحد منهم،.... ولا نذكُرهم إلا بخير، وحبُّهم دين وإيمان وإحسان».

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #56  
قديم 19-02-2024, 08:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,062
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تحت العشرين

تحت العشرين -1209


الفرقان



العمل التطوعي سعادة
إن المتطوع في أثناء قيامه بعمله التطوعي، يجد مشاعرَ من السعادة والرضا عن النفس، والراحة النفسية بما قدَّمه من مساعدة للآخرين، وهذه السعادة والطمأنينة مطلب جميع البشر؛ فهم يبحثون عن كل ما يزيل عنهم الغم والهم، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أتحب أن يلين قلبك، وتُدرِك حاجتك؟ ارحم اليتيم، وامسح رأسه، وأطْعِمْه من طعامك يَلِنْ قلبُك، وتُدرِك حاجتك»؛ صحيح الجامع.
الشباب والعمل التطوعي
حث الإسلام على التطوع في الكتاب والسنة النبوية، وحثت الكثير من آيات القرآن الكريم على التطوع، قال -تعالى-: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}، ففي هذه الآية تجسيد لمعنى التطوع بين أفراد المجتمع المسلم. وحث على القيام بكل عمل يؤدي إلى البر والتقوى، والمجالات عديدة بين الناس سواء كانت مادية أو معنوية، كما حثت الأحاديث النبوية على التطوع في العديد من المجالات الإنسانية والاجتماعية والخيرية، وجاءت أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - بصيغة العموم في الحث على فعل الخير، ومن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: «صَنائعُ المعروفِ تَقِي مَصارعَ السُّوءِ، وصدَقةُ السِّرِّ تُطفئُ غضبَ الرَّبِّ، وصِلةُ الرَّحِمِ تَزيدُ في العُمُرِ»، ويدخل في باب المعروف كل عمل يقوم به الفرد من غير إلزام، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «أَحَبُّ الناسِ إلى اللهِ أنفعُهم للناسِ»، ولما كان الشّباب هم المحرّك الرّئيس للعمل والإنجاز في شتّى أنواع المجتمعات الإنسانيّة، ففئة الشّباب هي التي تمتلك الحماس المطلوب، والتّفكير المُستنير، والطّاقة البَدنيّة العالية التي تُمكِّنهم من القيام بالأعمال التي قد تعجز عنها فئات أُخرى عديدة، ومن هنا فقد ارتبطت أنواعٌ معيّنة من الأعمال بهذه الفئة، ولعلَّ أبرز هذه الأعمال؛ الأعمالُ التّطوّعيّة التي تتّسم غالبًا بالتّنظيم، وتَستهدف تحقيق إنجازات مُتنوِّعة، وخدمةِ المُجتمعِ.
مفهوم التطوع
التطوّع هو العمل أو الجهد الذي يُقدّم دون مقابل أو عوض مادي؛ بدافع تحمل مسؤولية معينة، وتقديم خدمة إنسانية للمجتمع أو البيئة، والمتطوع هو الشخص الذي يسخّر نفسه عن طواعية ودون إكراه لمساعدة الآخرين ومؤازرتهم؛ بقصد القيام بعمل يتطلب الجهد الجماعي في موضوع معيّن، ويسعى العمل التطوعي لخلق روح إنسانية تعاونية بين أفراد المجتمع الواحد والمجتمعات المختلفة؛ فالتطوع ممارسة تتطلب ثقافةً ووعياً بما يقدم لنا وللآخرين؛ لأن التطوع هو منا ولأجلنا، وهو نابع عن خلق العطاء العظيم ويعد عملاً سامياً وجميلاً، انطلاقًا من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم : «... فالكلمة الطيِبة يتكلم بها الرجل صدقة، وعَون الرجل أخاه على الشيء صدقة، والشربة من الماء يسقيها صدقة، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة».
الطمأنينة في الصلاة
علمني الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله- «أنَّ من أهم أركان الصلاة التي يجب على المسلم رعايتها والعناية بها، الطمأنينة في ركوعها وسجودها وقيامها وقعودها؛ فكثير من الناس يصلي صلاة لا يعقلها ولا يطمئن فيها، ولا شك أن الطمأنينة من أهم أركان الصلاة؛ فمن لم يطمئن في صلاته فهي باطلة».
حقيقة الدنيا
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: الدنيا ليست بدار مقام، وإنما هي ممر إلى الآخرة، وسوق يتزود منه المسافر زاد سفره، فتزودوا منها بالأعمال الصالحة {فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} (البقرة:197)؛ فما عيبت الدنيا بأكثر من ذكر فنائها وتقلب أحوالها، وهو أول دليل على انقضائها، وزوالها، فتتبدل صحتها بالسقم، ووجودها بالعدم، وشبيبتها بالهرم، ونعيمها بالبؤس، وحياتها بالموت، وعمارتها بالخراب، واجتماعها بفرقة الأحباب، وكل ما فوق التراب تراب.
من فتاوى العلماء للشباب
- سئل الشيخ عبدالكريم بن عبدالله الخضير: من المعلوم أن الشباب أكثر حماسًا وعاطفة من غيرهم، فما نصيحتك للشباب في هذه الأحداث التي تقاسيها الأمة اليوم في الداخل والخارج؟ فقال: الشباب عليهم أن يلتفُّوا حول العلماء، وألَّا يتفرَّدوا ببعض التصرفات، وهم ينقصهم الخبرة والحنكة؛ لأنهم ما زالوا شبابًا يحتاجون إلى شيء من الخبرة، والأمور إنما تُدرك بالتجارب، والعلماء الكبار أكثر تجربة منهم.
من توجيهات النبي - صلى الله عليه وسلم - للشباب
كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يولي جانبًا من توجيهاته إلى الشباب فيقول -صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنه -: «يا غُلامُ إنِّي أعلِّمُكَ كلِماتٍ، احفَظِ اللَّهَ يحفَظكَ، احفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تجاهَكَ، إذا سأَلتَ فاسألِ اللَّهَ، وإذا استعَنتَ فاستَعِن باللَّهِ» ويقول - صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه -: «يا مُعاذُ أتَدْرِي ما حَقُّ اللَّهِ علَى العِبادِ؟، قالَ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: أنْ يَعْبُدُوهُ ولا يُشْرِكُوا به شيئًا، أتَدْرِي ما حَقُّهُمْ عليه؟، قالَ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: ألا يُعَذِّبَهُمْ»، ويقول -صلى الله عليه وسلم لعمر بن أبي سلمة رضي الله عنه وهو طفل صغير وجالت يده في الصفحة-: «يا غُلَامُ، سَمِّ اللَّهَ، وكُلْ بيَمِينِكَ، وكُلْ ممَّا يَلِيكَ».
أهمية العمل التطوعي للشباب
تظهر أهمية العمل الاجتماعي التطوعي للشباب بما يحققه من نتائج كثيرة لديهم، من خلال تعزيز الانتماء الوطني، وتنمية قدرات الشباب ومهاراتهم الشخصية العلمية والعملية من خلال مشاركتهم في أنشطة المجتمع المختلفة، وإعطائهم الفرصة لإبداء آرائهم وأفكارهم في القضايا العامة وإبداء الحلول لها.
مواقف لا تنسى من حياة الصحابة
قال سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -: كنت بارًّا بأمي، فأسلمت، فقالت: لتدعنَّ دينك، أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت، فتُعيَّر بي، ويقال: يا قاتل أمه، وبقيت يومًا ويومًا، فقلت: يا أماه، لو كانت لك مائة نفس، فخرجت نفسًا نفسًا ما تركت ديني هذا، فإن شئت فكلي، وإن شئت فلا تأكلي، فلما رأت ذلك أكلت، ونزلت: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (العنكبوت: 8).
مفهوم الإحسان
الإحسان، هو الإتقان والإجادة والإتيان بالعمل على أطيب صورة وأجمل وجه، ويكون في عبادة الخالق، وفي معاملة المخلوق، والإحسان في العبادة بينه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ»، والإحسان في معاملة المخلوق بيَّنه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بقوله: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِى يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ»، ومن ثمرات الإحسان محبة الله -عز وجل-: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (البقرة:195).

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #57  
قديم 06-03-2024, 03:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,062
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تحت العشرين

تحت العشرين -1210


الفرقان



قيمة العلم وأهميته
علمني الشيخ ابن باز -رحمه الله- «أن العلم هو مفتاح كل خير، وهو الوسيلة إلى أداء ما أوجب الله وترك ما حرم الله؛ فإن العمل نتيجة العلم لمن وفقه الله، وهو مما يؤكد العزم على كل خير؛ فلا إيمان ولا عمل ولا كفاح ولا جهاد إلا بالعلم؛ فالأقوال والأعمال التي بغير علم لا قيمة لها، ولا نفع فيها بل تكون لها عواقب وخيمة، وقد تجر إلى فساد كبير».
(مجموع فتاوى ابن باز: (4/ 59)
الشباب والانتماء للوطن
الانتماء للوطن أمر عُرف في الإسلام، وقد ثبت في القرآن الكريم والسُّنة المطهرة ما يُدَلِّل على أن الانتماء للوطن من منطلق إسلامي صحيح متأصل في النفوس، وكامن في القلوب، يقول الله -تعالى-: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} (النساء: 66). وقال -سبحانه على لسان الرّجل المؤمن-: {يَا قَوْمِ لَكُمُ الْـمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إن جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} (غافر: 29)، وهذا نبي الله موسى- عليه السلام- بعد غربة طويلة الأجل، طلب الرجوع إلى أهله، وحن إلى وطنه، وفي الرجوع إلى الأوطان تقتحم المشاعر والحنين، قال -تعالى-: {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا}(القصص:29)، وهذا الانتماء للوطن هو الذي ملك وجدان النبي- [- حتى إنه عبّر عنه حينما أخبره ورقة بن نوفل بإخراج قومه له من وطنه فقال- [-:»أَو مُخْرِجِيّ هم؟!» (البخاري)، وحينما تحقق ما أخبره به ورقة بن نوفل، وقف على الحزورة (سوق)، ونظر إلى البيت وقال:»والله إنك لأحب أرض الله إليّ، وإنك لأحب أرض الله إلى الله، ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت منك» (الترمذي والنسائي)، وعندما خرج من مكة خرج حزينا مكلومًا فبشره ربه قائلًا: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَاد} (القصص: 85)، وقد جاء في تفسير القرطبي أن النبي لما خرج من مكة مهاجرًا فبلغ الجحفة اشتاق إلى مكة، فأوحى الله إليه هذه الآية.
طهارة اللسان من السِّباب والكلام الفاحش
إنّ من أهم صفات المؤمنين، طهارة اللسان من السِّباب والكلام الفاحش، وقد يكون السباب لفظيًّا، مثل الشتائم واللعنات، أو غير لفظي، مثل الإشارات والإيماءات، وكلها تتسبب في إثارة الفتن والصراعات بين الناس، وإفساد العلاقات الاجتماعية، وتحطيم الأخلاق والقيم، وإغضاب الله -تعالى- ودخول النار، لذا على المسلم أن يحفظ لسانه من هذه الآفات، وعليه أن يربي نفسه على قول الخير والابتعاد عن الشر، ويستطيع ذلك بالدعاء والتضرع إلى الله -تعالى- أن يطهّر قلبه ولسانه من السّباب، ويحافظ على قراءة القرآن الكريم وتدبر معانيه، ومجالسة الصالحين، فإنهم يؤثرون في الإنسان بكل خير، ولا بد من تذكر عاقبة السباب وهي دخول النار.
الباطل لا يرتفع على الحق أبدًا
قال الشيخ صالح فوزان الفوزان: الذي يظن أن الله يرفع الباطل على الحق، وأن الحق يزول ويذهب وأن الباطل يستمر، هذا ما قَدَرَ الله حق قَدْره، فإن الله -جل وعلا- لا يليق بحكمته أن يرفع الباطل على الحق رفعا مستمرا، وإن حصل شيء على أهل الحق من الهزيمة أو من النكبة فإن هذا شيء مؤقت، فإذا تابوا ورجعوا إلى الله أعاد الله لهم العزة والكرامة.
مفهوم إتقان العمل
يُعرف إتقان العمل بأنه أداء العمل دون خللٍ فيه، والالتزام بمتطلّباته والتقيد بضَوابطه، وأدائه في الوقت المحدد دون تأخير، وهو ما يعبر عنه في الإسلام بالإحسان، وهو أيضًا فعل الشيء على أكمل وجه دون تقصير أو نقصان، وهو من الأخلاق التي يحث الدين الإسلامي على الالتزام بها، وهو من الأمور الواجبة فلا ينبغي أن يهمل المسلم عمله أو يسوفه ويقصر في تأديته على الوجه المطلوب، والأدلة على ذلك كثيرة منها: قوله -تعالى-: {وَأَحْسِنُواْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (البقرة: 195).
إدراك أهمية الإتقان في العمل
إنّ إتقان الشاب المسلم لعمله واجبٌ شرعيّ وأخلاقيّ، وله آثار عديدة، أبرزها الأجر والثواب الذي أعدّه الله-سبحانه- و-تعالى- في الآخرة لمن أتقن عمله في الدنيا، والتوفيق والنجاح في الدنيا، ودعم النجاح في المُجتمع ورفع مُعدّل الإنتاجِ ونوعيّته، ونشر الخير والفائدة، وإن مَن لا يدرك أهمية العلم ورفع الجهل لن يقدم على التعلم بقوة، ومن لا يدرك أهمية المحافظة على الصحة لن يعير هذا الجانب ما ينبغي من الاهتمام، وكذلك من لا يدرك أهمية الإتقان والإحسان في أداء العمل، فإنه لن يعطيه ما يكفي من الجهد والوقت بل قد تكون أعماله فوضوية عبثية لا تؤتي المرجو منها.
إتقان العمل.. من أخلاق المسلمين
يحض الإسلام على إتقان العمل باعتباره وسيلة من وسائل تحصيل الرزق الحلال، ودافع لاستشعار مُراقبة الله -تعالى- في كل خطوة، ومن ثم أداء العمل على أتمّ وجه وأحسن حال، وقد أخبر الله -سبحانه وتعالى-، ونبيه الكريم- صلى الله عليه وسلم - بأنّ العمل عبادة يُؤجر عليها المسلم إنْ قام بها وأدّاها بحقّها، وأخلص في عمله بما أتاه الله من قوّة وعزيمة صادقة، بل إنّ إتقان المسلم لعمله فريضةٌ، سواء كان هذا العمل صَغيرًا أم كبيرًا، بشرط أن يكون صالحًا والنية فيه خالصة لله وحده.
الدُّر الثَمِيْن مِنْ نَصَائِح ابْنِ عثَيْمِين
احرص يا بني أن يكون قلبك مملوءًا بتعظيم الله -عزوجل- حتى يكون في نفسك أعظم شيء، وباجتماع محبة الله -تعالى- وتعظيمه في قلبك، تستقيم على طاعته قائماً بما أمر به لمحبتك إياه، تاركاً لما نهى عنه لتعظيمك له، وأن تكون مخلصًا له -جل وعلا- في عباداتك، متوكلاً عليه في جميع أحوالك لتحقق بذلك مقام {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}.
الصحابة قدوتي
إن لأصحاب رسول الله علينا معروفًا لا نستطيع رده، لقد نقلوا إلينا نعمة الله الكبرى؛ وهي الدين الإسلامي الذي ارتضاه لنا الله دينًا، وبه قام العدل في الأرض، وبه أصبحنا خير أمة أخرجت للناس، وأصبحنا أعزة آمنين؛ لذلك فإن لأصحاب النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - علينا حقوقًا كثيرة، من أهمها محبتهم بالقلب والثناء عليهم باللسان؛ بما لهم من السابقة، وما ثبت لهم من الفضل، وما أسدَوه من المعروف والإحسان، وتحبيبهم إلى الأمة من أجل ذلك، والتلقي عنهم وحسن التأسي بهم في العلم والعمل، والدعوة والأمر والنهي.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #58  
قديم 13-03-2024, 12:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,062
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تحت العشرين

تحت العشرين -1211


الفرقان



الصيام عبادة وليس عادة
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَن صَامَ رَمَضَانَ، إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ»، ومعنى قوله: (إيمانًا) أي: إيمانًا بالله وبما أعده من الثواب للصائمين، ومعنى قوله: (احتسابًا) أي: طلبًا لثواب الله، لم يحمله على ذلك رياء ولا سمعة، ولا طلب مال ولا جاه.
همسات للشباب في رمضان
  • الهمسة الأولى: احمد الله -سبحانه وتعالى- - أن بلغك رمضان، فكثير ممن كانوا معنا في رمضان الماضي قد غيبهم الموت، فاحمد الله واشكره أن منّ عليك لتكون ممن يتقرب إليه بفعل الطاعات، وجمع الحسنات، في هذا الشهر المبارك.
  • الهمسة الثانية: ليكن رمضان فرصة لك، للابتعاد عن المعاصي وعما يغضب الله - جل وعلا -.. وأعلنها صراحة وداعًا لكل ما يُبعِد عن الله -جل وعلا.
  • الهمسة الثالثة: رمضان شهر القرآن، فأوصيك بتدبر معانيه، وفهم آياته، واحرص على قراءته والتلذذ بتلاوته، وليكن لك ورد يومي تقرؤه بتمعن وتدبر.
  • الهمسة الرابعة: إياك أن تكون ممن جعل نهار رمضان نومًا وغفلة، وليله سهرًا على معصية الله -سبحانه وتعالى-!، واحرص على أن تملأ نهارك بالذكر وتلاوة القرآن، وليلك بالصلاة والقيام.
  • الهمسة الخامسة: أذكرك بأن لله -سبحانه وتعالى- - في كل ليلة عتقاء من النار لمن أتم الصيام، وأدى القيام، وأكثر من الحسنات، وتزود من الطاعات، فلا تغفل عن ذلك، واحرص على أن تكون ممن منحه الله هذه الجائزة العظيمة، جعلني الله وإياك من عتقائه من النار.
  • الهمسة السادسة: أوصيك بكثرة حضور مجالس الذكر؛ فإنها مراتع المؤمنين، ومحط الصالحين، يكفيك أن الله -جل وعلا- يذكرك ويثني عليك في الملأ الأعلى، ثم تقوم وقد غُفِرت ذنوبك بإذن الله، فأكثر من الحضور، وداوم على ذلك.
من فوائد الصوم
قال الشيخ عبد العزيز ابن باز -رحمه الله-: من فوائد الصوم أنه يعرف العبد نفسه وحاجته وضعفه وفقره لربه، ويذكره بعظيم نعم الله عليه، ويذكره أيضًا بحاجة إخوانه الفقراء فيوجب له ذكر شكر الله -سبحانه-، والاستعانة بنعمه على طاعته، ومواساة إخوانه الفقراء والإحسان إليهم، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة:183)، فدل ذلك على أن الصيام وسيلة للتقوى، والتقوى هي: طاعة الله ورسوله بفعل ما أمر وترك ما نهى عنه، عن إخلاص لله -عز وجل-، ومحبة ورغبة ورهبة، وبذلك يتقى العبد عذاب الله وغضبه.
ما التقوى؟
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: التقوى أن يتخذ الإنسان الوقاية من عذاب الله، وذلك بأن يقوم بأوامر الله -عزوجل- عن علمٍ وبصيرة، وأن يترك ما نهى الله عنه عن علمٍ وبصيرة، وأما مراتبها فهي تختلف باختلاف ما فعل الإنسان من المأمورات وما ترك من المنهيات، فكلما كان الإنسان أقوم في ثوب الطاعة كان أتقى لله -عزوجل-، وكلما كان أبعد عن محارم الله كان أتقى لله -عزوجل-؛ ولهذا كان أتقى الخلق محمداً - صلى الله عليه وسلم - كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «إني لأخشاكم لله وأتقاكم له»؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - أقوم الناس بأمر الله وأبعدهم عن محارم الله.
شهر الصِّيام مدرسة
قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: الصِّيام مدرسةٌ تربويَّةٌ عظيمةٌ مباركَةٌ، يتخرَّج فيها المؤمنون المتَّقون، ويتزوَّد فيها المؤمنون بأعظم زادٍ يمضي معَهم في حياتهم كلِّها، وفي أيَّامهم جميعِها، على أنَّ هذه المدرسةَ لا يستفيد منها كثيرٌ من النَّاس؛ إذ تمضي عليهم هذه المدَّة الشَّريفة وهُم يتعايشون معها تعايشَ الطَّالب البليد في مدرسته يتخرَّج ولا يستفيد، بينما المؤمن المجدُّ الحريص يدخل هذه المدرسة المباركة فيأخُذ منها دروسًا تربويَّةً إيمانيَّةً علميَّةً تمضي معَه في حياته كلِّها.
لماذا رمضان فرصة؟
رمضان فرصة حقيقية، لو تفكَّر كل واحد منَّا في طبيعة حياته ومسيرة أوقاته فسيدرك أنَّنا نعيش كل ثانية وكل دقيقة بفرصٍ وأنفاسٍ لن تعود، وأنَّ هذه الأيام التي نقطعها ونفرح بها لبلوغ غاية أو لنيل مقصدٍ محبَّبٍ للنفس، ستؤول في النهاية إلى النقصان من العمر، سواء شعرنا أم لم نشعر، وحينها لا مناص ولا فرار من الله إلا إليه، لاغتنام هذه الأوقات بالنافع المفيد، وترك اللهو واللعب والأوقات الفارغة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، بل قد تجلب الحسرة والمرارة التي تعتصر قلب المرء، يوم أن يقول لربه: {رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ}.
صوَرٌ من اجتهاد السلف
هذه - أخي الشاب - نماذج مضيئة وصور مشرقة تشير إلى اجتهاد سلفنا الكرام في عبادة الله -تعالى- وطاعته، لعلك إن نظرت فيها أورثك ذلك علوّ الهمة والإقبال على العبادة:
  • صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى تفطَّرت قدماه، فراجعوه في ذلك فقال: «أفلا أكون عبداً شكورًا».
  • وكان أبو بكر - رضي الله عنه - كثير البكاء ولا سيما في الصلاة وعند قراءة القرآن.
  • وكان علي - رضي الله عنه - يبكي في محرابه حتى تَخْضَل لحيته بالدموع، وكان يقول: يا دنيا غرِّي غيري، قد طلَّقتُك ثلاثاً لا رجعة فيه.
  • وكان قتادة يختم القرآن في كل سبع دائمًا وفي رمضان في كل ثلاث.
ابدأ بالتوبة
أخي الشاب، التوبة هي بداية الطريق ونهايته، وهي المنزلة التي يفتقر إليها السائرون إلى الله في مراحل سفرهم وهجرتهم إليه -سبحانه-، فليست التوبة قاصرة على العصاة فحسب كما يظن كثير من الناس، بل قال النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو سيد الطائعين وإمام العابدين، «يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إلى اللهِ، فإنِّي أَتُوبُ في اليَومِ إلَيْهِ مِئَةَ مَرَّةٍ»، ولما أمر الله عباده بالتوبة ناداهم باسم الإيمان فقال -سبحانه-: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (النور:31)، ونحن جميعًا ذوو ذنوب وأخطاء ومخالفات، فمن منا لا يخطئ؟ ومن منا لا يُذنب؟ ومن منا لا يعصي؟
زرع القرآن
عن مالك بن دينار -رحمه الله- أنه كان يقول: «يا حملة القرآن ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟ فإن القرآن ربيع المؤمنين كما أن الغيث ربيع الأرض»، فمن أراد لقلبه الحياة الحقيقية فليتعاهده على الدوام بربيع القلوب وسقيها وغذائها، وأن يرتع قلبه في رياض القرآن، وأن يستضيء به في ظلمات الشبهات والشهوات، وأن يتسلى به عن كل فائت، ويتعزى به عن كل مصيبة، ويستشفي به من أدواء صدره، فيكون جلاء حزنه، وشفاء همه وغمه.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #59  
قديم 20-03-2024, 09:07 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,062
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تحت العشرين

تحت العشرين -1212


الفرقان



رمضان فرصة فاغتنمها
رمضان فرصة حقيقية للاستثمار، واللبيب يدرك بصدق أن الفرص تلوح، وقد لا تعود، وكم من متمنٍّ فاته بالأماني حظه من الغنائم ما فات! وإن تجار الدنيا لا يألون جهدًا، ولا يدّخرون وسعًا في اغتنام أي فرصة، وسلوك أيِّ سبيل يدرُّ عليهم الربح الكثير، والمكسب الوفير، فلماذا لا تتاجر مع الله؟ فتسابق إلى الطاعات والأعمال الصالحات، لتفوز بالربح الوفير والثواب الجزيل منه -سبحانه وتعالى-، ورمضان من أعظم الفرص لهذه التجارة الرابحة.
ثلاثة وعود نبوية لا تفرط فيها
إن البدايات الصحيحة من شأنها أن تورث النتائج الصحيحة، فابدأ شهرك بطاعة الله -تعالى- ولا تكن من الغافلين، ولقد وعدنا النبي - صلى الله عليه وسلم -، في هذا الشهر بثلاثة وعود، ينبغي ألا نفرط فيها:
  • الوعد الأول: (من قام رمضان إيمانًا، واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه).
  • الوعد الثاني: (من صام رمضان إيمانًا، واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه).
  • الوعد الثالث: (من قام ليلة القدر إيمانًا، واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه).
هذه ثلاثة وعود، إذا أخطأ الإنسان في واحدة أصابته الأخرى، وإذا أخطأته الأخرى أصابته الثالثة، والمغبون، والخاسر من أخطأ هذه جميعًا، فانصرم رمضان، ولم يغفر له؛ ولذلك لما رقى النبي - صلى الله عليه وسلم - درجات المنبر الثلاث، فقال: آمين، آمين، آمين فقيل له: يا رسول الله، ما كنت تصنع هذا؟ فقال: قال لي جبريل: أرغم الله أنف عبد دخل رمضان فلم يغفر له، فقلت: آمين. من ضيع هذه الفرص فلا شك أنه مضيع، وليس العيد بلبس الجديد، وليس العيد بأن يفرح الإنسان، ولم يخرج برحمة الله -تعالى- والقبول والمغفرة، إنما يفرح الناس بالعيد بما منَّ الله به عليهم من الصيام، والقيام، وحق لهم أن يفرحوا بذلك.
أحسن إلى المسيء تملك قلبه
قاعدة مهمة في حسن الخلق تختص بالتعامل مع المسيء، وهي عدم مقابلة السيئة بالسيئة، ولكن مقابلة السيئة بالحسنة؛ مما يترتب عليه سيادة هذا المسيء واحتواء الإساءة، فعلى الإنسان والشباب على الأخص أن يقابل الكلمة الطائشة بالكلمة الطيبة، والنبرة الصاخبة بالنبرة الهادئة، والجبين المقطب بالبسمة الحانية، ولو قوبل المسيء بمثل فعله، ازداد هياجًا وغضبًا، وخلع حياءه نهائيًّا، وأفلت زمامه، وأخذته العزة بالإثم، قال -تعالى-: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} (فصلت: 34)، قال ابن كثير: - رحمه الله تعالى-: أي من أساء إليك فادْفَعه عنك بالإحسان إليه، كما قال عمر - رضي الله عنه -: ما عاقبت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه.
موقف شبابي مفرح
ما إن يحل شهر رمضان، حتى ترى المساجد قد امتلأت بالشباب مقبلا على ربه، متبتلا راكعا ساجدا، شباب تنسم من روح الهداية وريحانها، بعدما غشيته نفحات رمضان شهر القرآن، وخففت من وطأة ثقل النفس أسرار الصيام، شباب عقد العزم على ختم القرآن، والحفاظ على الصلوات الخمس في المساجد، وحضور صلاة التراويح، والقيام في الثلث الأخير، والاجتهاد في الطاعات والقربات، والإحسان للفقراء والمحتاجين، والإفطار مع جموع الأخيار، شباب صحا في رمضان، وتطلع للاستقامة بعد رمضان، فرمضان لما بعده.
نصائح رمضانية
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: أحث إخواني على قراءة القرآن في رمضان بتمهل وتدبر لمعانيه؛ فإن الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل، فتعلموا القرآن والعلم والعمل جميعًا، وأحذر إخواني المسلمين من إضاعة وقت هذا الشهر المبارك، فإن أوقاته ثمينة، وجملة القول: إنني أحث المسلمين على كل عمل صالح يقربهم إلى الله -عزوجل-، وأحذرهم من كل عمل سيء يكون سببًا في آثامهم ونقص إيمانهم.
كيف نحقق التقوى؟
تحقيق التقوى التي أشار الله -تعالى- إليها في قوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة 183)، بين أهل العلم -رحمهم الله- أن التقوى: هي أن تجعل بينك وبين عذاب الله -تعالى- وقاية بفعل ما أمر، واجتناب ما نهى، هذان هما قطبا رحى التقوى التي أشار القرآن إلى تحقيقها في الصيام، فتأمّل نفسك، واعمل على تحقيق هذه التقوى، في هذا الشهر الفضيل فهو فرصة عظيمة لذلك.
خمسُ خصال موجبةٌ لدخول الجنة
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صلُّوا خمسَكم، وصوموا شَهرَكم، وأدُّوا زَكاةَ أموالِكم، وأطيعوا ذا أمرِكم، تدخُلوا جنَّةَ ربِّكم»، هذه وصية جامعة في ذكر موجبات دخول الجنة، وأسباب الظفر بنعيمها، والفوز بخيراتها وملذاتها، وهي الدار التي أعدها الله لعباده المطيعين وأوليائه الصالحين، وجعل فيها من النعيم الكريم والثواب العظيم، ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر؛ {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (السجدة:17)، وفي قوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث: «تدخُلوا جنَّةَ ربِّكم» إضافة الجنة إلى الرب -سبحانه-، وهذا فيه تشريفٌ لها، وتعليةٌ لشأنها، ورفعٌ لقدرها.
تقوى الله في السر والعلانية
قال الشيخ عبد العزيز ابن باز -رحمه الله-: أوصيكم ونفسي بتقوى الله -سبحانه- في السر والعلانية، والشدة والرخاء؛ فإنها وصية الله ووصية رسوله - صلى الله عليه وسلم -، كما قال -تعالى-: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} (النساء:131)، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في خطبه: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ»، والتقوى حقيقتها أداء ما أوجب الله -تعالى-، واجتناب ما حرمه الله -تعالى- على وجه الإخلاص له والمحبة، والرغبة في ثوابه، والحذر من عقابه!.
موقف شبابي محزن
محزن أن ترى الجمع الغفير من الشباب يتخذ رمضان زمنا للهو واللعب، مسرفا فيما يغضب الرحمن، فمنهم من يقضي الليالي متتبعا الملاهي في الشوارع والساحات، منهمكا في التنقل بين الشاشات، فإذا نادى منادي الثلث الأخير من الليل خلد إلى النوم ولم يستفق إلا على منبه الثلث الأخير من النهار! ومنهم يسرح نهاره في التفاهات، منتظرا ساعة الإفطار، مسرفا في المعاصي، معللا النفس بتضييع الأوقات، أي صيام لهؤلاء؟! وأي رمضان حل بهم؟! ماذا جنوا من شبابهم؟! وكيف استقام لهم أن يواجهوا المنح الإلهية بالمعصية؟! قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رب صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش»، إنهم لم يدركوا حقيقة رمضان؛ فهم يحرمون أنفسهم من فضائله ونفائسه.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #60  
قديم 26-03-2024, 12:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,062
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تحت العشرين

تحت العشرين -1213


الفرقان



حاجة الشباب للقرآن الكريم
إذا كانت الأمة بأسرها مطالبة باتباع سيد الخلق محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه الكرام -رضوان الله عليهم-؛ لسلامة دينهم وعقيدتهم ومنهجهم ولشهادة الله لهم ورضاه عنهم، فإن شباب اليوم أحوج ما يكونون إلى الاقتداء بشباب الصحابة -رضوان الله عليهم- في كل أحوالهم عموما، وفي تعاملهم مع القرآن خصوصا؛ ففي ذلك السلامة من الفتن، والانتصار على الشهوة، وعلو الهمة ورفعة الدرجة في الحياة وبعد الوفاة.
الشباب والعناية بالقرآن الكريم
القرآن دستور الأمة وأساس نهضتها، به أخرجها الله من الظلمات إلى النور، ومن الضلال إلى الهدى، وفي كل زمان هو المخرج لها من الفتن والهادي لها من الضلال والحافظ لها من موارد الشبهات والشهوات. ومع كثرة الفتن وتتابعها في زماننا وانفتاح أبواب الشهوات أمام الشباب خصوصا، على مصارعها، كان لابد لكل شاب يريد التمسك بأسباب النجاة والعصمة أن يعتني بكتاب الله -تعالى- الذي من تمسك به فلن يضل أبدا، ولقد حرص شباب الصحابة - رضوان الله عليهم - على هذا الكتاب حتى أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - باستقراء القرآن من أربعة، ثلاثة منهم من الشباب وهم: معاذ، وابن مسعود، وسالم - رضي الله عنهم -؛ إذ يقول: «استقرئوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود فبدأ به، وسالم مولى أبي حذيفة، وأُبَيّ بن كعب، ومعاذ بن جبل»، ولم يتوقف الاهتمام بالقرآن عند هؤلاء وإنما كان هذا الاهتمام في كل شباب الصحابة، فكان عمرو بن سلمة - رضي الله عنه وهو من صغار الصحابة- حريصًا على تلقي القرآن، فكان يتلقى الركبان ويسألهم ويستقرئهم حتى فاق قومه أجمع، وأهَّله ذلك لإمامتهم، ولنستمع لذلك من روايته - رضي الله عنه -؛ إذ يقول: «كنا على حاضر فكان الركبان يمرون بنا راجعين من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأدنو منهم فأسمع حتى حفظت قرآنًا، وكان الناس ينتظرون بإسلامهم فتح مكة، فلما فتحت جعل الرجل يأتيه فيقول: يا رسول الله، إنا وافد بني فلان، وجئتك بإسلامهم، فانطلق أبي بإسلام قومه فرجع إليهم. قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قدموا أكثركم قرآنًا» قال: فنظروا وإني لعلى حِواء عظيم (أي مكان فيه عدد كبير من الناس)، فما وجدوا فيهم أحدًا أكثر قرآنًا مني، فقدموني وأنا غلام.
علاقة عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - بالقرآن
علاقة عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - بالقرآن كانت علاقة وطيدة ومنزلته به عند النبي - صلى الله عليه وسلم - رفيعة، وهو الذي استقرأه النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن كما في الصحيحين أن النبي قال له: «اقرأ علي، قال: قلت: اقرأ عليك وعليك أنزل ؟ قال: إني أشتهي أن أسمعه من غيري. قال: فقرأت النساء حتى إذا بلغت: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا}. قال لي: كف، أو أمسك. فرأيت عينيه تذرفان، إنها شهادة تدل على حسن القراءة مع الإتقان مع جمال الصوت وخشوع القلب وإلا فلماذا اختاره هو دون غيره ليسمع منه، وهذه الشهادة أكدتها شهادة أخرى وزينها قول المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآنَ رَطْباً كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ». وهو سيدنا ابن مسعود - رضي الله عنه -، وهو الذي قال عن نفسه: «مَا نَزَلَتْ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللهِ إِلاَّ وَأَنَا أَعْلَمُ أَيْنَ نَزَلَتْ، وَفِيْمَا نَزَلَتْ».
أعلم أمتي بالحلال والحرام
بلغ معاذ بن جبل - رضي الله عنه - بالقرآن الكريم مكانا فاق به كبار الصحابة وصغارهم في الفقه والعلم، ولك أن تتخيل ذلك الأثر حين تسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول عنه: «أعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل»، وأخبر عنه أنه يأتي يوم القيامة إماما للعلماء قد سبقهم جميعا برتوة، أي رمية سهم أو رمية حجر، لقد قاده القرآن للخير كل الخير، فعن ابن كعب بن مالك قال: كان معاذ بن جبل شابًّا جميلا سمحًا من خير شباب قومه لا يسأل شيئا إلا أعطاه.
حقيقة التقوى
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: التقوى أن يتخذ الإنسان وقاية من عذاب الله، وقيل في تعريفها التقوى: أن تعمل بطاعة الله على نورٍ من الله ترجو ثواب الله، وأن تترك ما نهى الله على نور من الله تخشى عقاب الله، ولكن أجمع ما قيل فيها هي ما ذكرناه أولا إيش؟ امتثال أمر الله واجتناب نهي الله وتصديق أخبار الله.
المسلم الذي يرجو العتق من النار
قال الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين -رحمه الله-: المسلم الذي يرجو عتق رقبته من النار في هذا الشهر المبارك ينبغي أن يكون فيه عاملا كعمل سلفه الصالح؛ طامعًا في بلوغ ما بلغوا، فيحفظ وقته ويشغله في طاعة ربه والحرص على استغلال ليله في الصلاة والقراءة والذكر والعبادات.
فضل القرآن على أهله
من فضل القرآن على أهله وحملته أن صاحبه مع السفرة الكرام البررة: كما جاء في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة، ومثل الذي يقرأ وهو يتعاهده وهو عليه شديد فله أجران»، وحامل القرآن الحافظ له العامل به تعلو درجته يوم القيامة حين يدخل الجنة كما في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم - قال: «يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا؛ فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها».
أنفع شيء للعبد
قال ابن القيم -رحمه الله-: « فليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده وأقرب إلى نجاته من تدبر القرآن وإطالة التأمل له، وجمع الفكر على معاني آياته؛ فإنها تطلع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرهما، وعلى طرقاتهما وأسبابهما وغاياتهما وثمراتهما ومآل أهلهما، وتظل في يده مفاتيح كنوز السعادة والعلوم النافعة، وتثبت قواعد الإيمان في قلبه، وتشيد بنيانه وتوطد أركانه، وتريه صورة الدنيا والآخرة والجنة والنار في قلبه.
التفريط في الآخرة
قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: كم يحصل للمرء من ندامة على ما يقع منه من تفريط في بعض مصالحه الدنيوية! والجاد من الناس يعمل بجد حتى لا تقع له هذه الندامة، لكنَّ الكثير منهم يغفل عن العمل الجاد للدار الآخرة؛ فيبوء في ذلك اليوم بندامة وحسرة لا تجدي {حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا}.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



 

[حجم الصفحة الأصلي: 172.75 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 166.23 كيلو بايت... تم توفير 6.52 كيلو بايت...بمعدل (3.77%)]