|
|
ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
الراسبون في الصداقات بسبب الزوجات
الراسبون في الصداقات بسبب الزوجات إبراهيم عطية السعودي أعرفُ بعضَهم كان قبلَ زواجِه ملازمًا لأصدقائه، مرافقًا لهم في ذَهابهم وإيابهم، في رَحَلاتِهم وأفراحِهم وأتراحِهم... إذا دُعي لعزاءٍ لبى، وإذا نُودي لفرحٍ أجاب، وإذا سألوهُ صحبةً لم يتوانَ ولم يتأخرْ... كان يدعو الأصدقاءَ لبيته، فيهشُّ لهم ويبشُّ، ويقدِّمُ لهم ألوانًا طيبةً من الضِّيافة، وأنواعًا من التراحيبِ والاحترامات... وكان - ردَّ الله غيبتَه - إذا لم يرَ أصدقاءَه أو غابَ عنه أحدُهم، بادرَ بالاتصالِ والاطمئنانِ، وسألَ عن الحالِ، واستقصى عن الأحوال... وبينما هو على هذا الوضعِ الجميل، والشعورِ النَّبيل، إذا به يتزوجُ من ذاتِ الصَّونِ والعَفاف؛ فيأتيه الأصدقاءُ من كلِّ حَدَب وصَوب، يلتفُّونَ حولَه، ويعرضونَ خدماتِهم، ويقومونَ بكلِّ واجب. وللحقيقةِ إنَّ من النساءِ من تحاكي الألماس؛ فهي مزيجٌ منسجمٌ من صورِ الوداعةِ والطيبةِ ومراعاةِ الحقوقِ والواجبات؛ نفحةٌ مباركةٌ ينبضُ الإيمانُ بين ثناياها، ويشع نورُ الحبِّ من حروفِها ومُحياها، همسةٌ في محرابِ الزوجية، بسمةٌ على ثَغرِ ملاك... ومنهنَّ من تخرجُ عن القياسِ؛ خِفة ثعلب، ونعومَة ثُعبان، كأنَّها من مكرِها وكيدِها أمضتْ عمْرَها في أعماقِ النُّفوس، وتلافيفِ الأدْمغة، وومضاتِ العيون... أُخْطُبُوط يُلَمْلِم أذرعَه حولَ ضحيته الغافلة! والحقُّ يقالُ إنَّه في بدايةِ زواجِه كان مُحافظًا على نسبةٍ جيدةٍ من العلاقاتِ مع الأصدقاء... ثم... بدأ بالتَّراخي، وبدأتْ عملياتُ الانسحابِ التكتيكية من ساحةِ الصَّداقة وميدانِ الأخوة، وبدأتْ إطلالاتُ (القمر!) تقل وتختفي وتنطفئ رويدًا... حتى أظلمت دُنيا صداقتِه وأعتمتْ وغادرتْ إلى مثواها الأخير؛ إلى القفصِ الذَّهبي والأسْرِ العائلي... ومن البَديهِيَّة التي لا تَحْتاجُ إلى إِثْباتٍ أنه لا مانعَ من أن يهتمَّ المرءُ بزوجِه وأهلِه، ويصرفُ لهم الأوقات، ويقضي لهم الحاجات... على أن يُعطي كلَّ ذِي حقٍّ حقَّهُ، ولا يبخس الناسَ احترامَهم وودَّهم وصداقتهم. إنَّ الكارثةَ أن يدَّعيَ هؤلاءِ الأزواجُ الضعفاء الرجولةَ والقِوامةَ والتَّصرفَ في مسارِ العائلة، وواحدُهم قد بلعَ الطُّعم، ومشتْ عليه الحيلُ، وخضعَ تدريجيًّا لعمليةِ غسيلِ دماغ، ومحاورات ومجادلات ومساومات على أحبابه وأرحامه بحجة: إنَّ لأهلكَ عليكَ حقًّا... ونريدُ أن تمكثَ عندنا أكثر! ولنا فيك حصة، وأنا مريضة جدًّا وأريدك بجانبي، والأولاد يحتاجونَ لتمكثَ معهم أكثر... ولا تزال به صاحبةُ الصون والمكرِ، وقاطعةُ الأرحامِ، ومفرقةُ الجماعات؛ تنهشُ إحساسَه بأصدقائه، وتغتال ما تبقى لديه من وفاء؛ حتى يخضع وينسلخ منهم وعنهم، فيتركهم ويتخلى دونَ أن يتململَ شيءٌ من الرجولةِ في أعماقه... مسكين هذا الزوج الضعيف؛ ينسى فلسفةَ بعضِ النساء؛ ترتدي ثيابَ الدبلوماسيةِ ثم تتسللُ بغموضٍ وحذرٍ إلى نفسه، فتُمسكُ بها من أطرافها، فتهيِّج طرفًا، وتخدرُ آخر، وتعبثُ بثالثٍ، وتناغي رابعًا، تداعبُ في نفسه طموحًا متوهمًا.. فيُصبح بمرورِ الوقت مسرحًا حقيقيًّا للعجائبِ والتناقضاتِ والمجهولات؛ طلسمٌ غريبٌ لا تعرفُ حلًّا لرموزهِ وأحاجيه... تكهناتُه غامضة، واستنتاجاتُه غير دقيقة.. وبهذا تسدلُ الستارة على مشهدٍ مؤلمٍ من مشاهدِ الحياة، ويعيشُ صاحبُنا عابدًا ساجدًا راكعًا لرغباتها، منبطحًا لطلباتها، ملبِّيًا مطيعًا فاهمًا لتوجهاتِها... ومن ثَمَّ تدورُ دائرةُ معركةِ المفارقةِ لسواها، وتقتربُ من والديه وإخوته وأخواته. وأخيرًا يصبح خاتَمًا في إصبعها، وساعيًا لبريدها، ومنفذًا لكلِّ مشتهياتِها وشهواتِها... يفرشُ لها الطريقَ بخدِّه، وإن جاعتْ فطعامُها من لحمِ أكتافه... فتصيرُ هي مالكة أسواره، وعارفة أسراره، والمسيطرة على تحركاته، والمتحكمة في أحلامِه. وهكذا يصبحُ راسبًا - وبجدارة يُحسدُ عليها - في الصداقةِ والتَّواصل الاجتماعيِّ بكلِّ المقاييسِ والمواصفات.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |