الغربة والاغتراب في الشعر العربي قديمًا وحديثًا - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4376 - عددالزوار : 826371 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3907 - عددالزوار : 374246 )           »          سحور 9 رمضان.. حواوشي البيض بالخضار لكسر الروتين والتجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          الأمثال في القرآن ...فى ايام وليالى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 279 )           »          فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 352 )           »          دروس شَهْر رَمضان (ثلاثون درسا)---- تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 473 )           »          أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 377 )           »          صحتك فى شهر رمضان ...........يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 372 )           »          اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي ____ يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 375 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11482 - عددالزوار : 180117 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها

ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-10-2021, 11:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي الغربة والاغتراب في الشعر العربي قديمًا وحديثًا

الغربة والاغتراب في الشعر العربي قديمًا وحديثًا
أ. طاهر العتباني








مفهوم الغربة والاغتراب عبر العصور الأدبية لدى شعراء العربية:









لقد ظلَّ مفهوم الغربة يتردَّد صَداه عند كثيرٍ من الشُّعراء المُسلِمين على مَدار التَّاريخ الإسلاميِّ كلَّما حلَّت نكبةٌ، أو وقعَتْ واقعةٌ يَشْعر فيها الشَّاعر المسلِمُ بالوحشة والغُربة، فيعزف على أوتار شِعرِه مُصوِّرًا حاله أو حال أمَّتِه إبَّان نَكْبة من النَّكبات، أو مُلِمَّة من الملمَّات.







ونضرب هنا أمثلةً نُدلِّل بها على امتداد هذه الرُّوح وهذه الرُّؤية لمفهوم الغربة في شِعْرنا القديم؛ تأكيدًا وتَمثيلاً لهذه الرُّؤية الشعريَّة والفَنِّية في الشِّعر الإسلامي.







ومن ذلك أبياتُ مالك بن الريب التَّميمي التي كتَبَها يَرْثي بها نفْسَه، ويشكو غربتَه وهو يَموت غريبًا وحيدًا؛ حيث لا يَراه أهلُه ولا أبناؤه، بل يفرد في الصَّحراء غريبًا وحيدًا، يقول مالك بن الريب التميميُّ في قصيدته تلك:





يَقُولُونَ لا تَبْعُدْ وَهُمْ يَدْفِنُونَنِي

وَأَيْنَ مَكَانُ البُعْدِ إِلاَّ مَكَانِيَا




غَدَاةَ غَدٍ يَا لَهْفَ نَفْسِي عَلَى غَدٍ

إِذَا أَدْلَجُوا عَنِّي وَخَلَّفْتُ ثَاوِيَا




وَأَصْبَحَ مَالِي مِنْ طَرِيفٍ وَتَالِدٍ

لِغَيْرِي، وَكَانَ الْمَالُ بِالأَمْسِ مَالِيَا[1]











وكذلك قصيدة ابن زُرَيق البغداديِّ الَّتي تحدَّث فيها عن غُربته في بلاد الأندلُس بعد أن تركَ بغداد طلَبًا للرِّزق ومات غريبًا بالأندلس بعد أن ترك قصيدة هي من عيون الشِّعر العربي، يقول في أوَّلِها مخاطِبًا زوجته بعد أن ألَمَّ به المرض وأقعدَه، وشعر بِدُنوِّ أجَلِه:





لاَ تَعْذِلِيهِ فَإِنَّ العَذْلَ يُولِعُهُ

قَدْ قُلْتِ حَقًّا، وَلَكِنْ لَيْسَ يَسْمَعُهُ




جَاوَزْتِ فِي لَوْمِهِ حَدًّا أَضَرَّ بِهِ

مِنْ حَيْثُ قَدَّرْتِ أَنَّ اللَّوْمَ يَنْفَعُهُ




فَاسْتَعْمِلِي الرِّفْقَ فِي تَأْنِيبِهِ بَدَلاً

مِنْ عَذْلِهِ، فَهْوَ مُضْنَى القَلْبِ مُوجَعُهُ[2]











إلى أن يقول في بعض أبياتها:





أَسْتَوْدِعُ اللهَ فِي بَغْدَادَ لِي قَمَرًا

بِالكَرْخِ مِنْ فَلَكِ الأَزْرَارِ مَطْلَعُهُ




وَدَّعْتُهُ وَبِوُدِّي لَوْ يُوَدِّعُنِي

صَفْوُ الْحَيَاةِ وَأَنِّي لاَ أُوَدِّعُهُ[3]











وهو على مدار القصيدة يَشْكو حالَه، ويَصِف غربتَه بعيدًا عن داره وأهله.







وعلى مستوى الغربة الشخصيَّة التي عبَّر عنها شعراء العربيَّة على مدار تاريخ الشِّعر العربي، نَجِد أبيات المتنبِّي التي يَشْكو فيها غربتَه بِمِصر بعد أنْ ترَكَ بلاط سيف الدَّولة الحمداني، الذي كان بالنِّسبة إلى المتنبِّي بِمَثابة البطَل الذي يقتحم الملمَّات، ويُنكِّل بالأعداء، ثُم ها هو ذا المتنبِّي يلمُّ به المرَضُ مع غُربته وانفراده بِمِصْر دون صديقٍ أو أنيس أو سميرٍ يُواسيه ويُخفِّف بعضًا من هذه الغربة، يقول المتنبِّي مُخاطِبًا الحُمَّى:





أَبِنْتَ الدَّهْرِ عِنْدِي كُلُّ بِنْتٍ

فَكَيْفَ وَصَلْتِ أَنْتِ مِنَ الزَّحَامِ




جَرَحْتِ مُجَرَّحًا لَمْ يَبْقَ فِيهِ

مَكَانٌ لِلسُّيُوفِ وَلا السِّهَامِ[4]











وفي أبياته التي هَجا فيها كافورًا الإخشيديَّ يبدأ القصيدة بذِكْر غُربته وبُعده عن أحبَّتِه - في دولة الحمدانيِّين - ويمرُّ العيد وهو كاسِفُ البال حزين:





عِيدٌ، بِأَيَّةِ حَالٍ عُدْتَ يَا عِيدُ

بِمَا مَضَى؟ أَمْ لِأَمْرٍ فِيكَ تَجْدِيدُ؟




أَمَّا الأَحِبَّةُ فَاْلبَيْدَاءُ دُونَهُمُ

فَلَيْتَ دُونَكَ بِيدًا دُونَهَا بِيدُ[5]
















يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-10-2021, 11:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الغربة والاغتراب في الشعر العربي قديمًا وحديثًا

على أنَّ أعظم الغربة على المستوى الفرديِّ حينما يقع المسلِمُ أسيرًا في أيدي الأعداء، يُحيطون به من كلِّ جانب، فيحمل هَمَّيْن: همَّ الغربة في المكان، وهم الغربة في الزَّمان، لقد وقع أبو فراسٍ الحمدانيُّ أسيرًا في أيدي الأعداء، فكتب قصيدته التي يُخاطب فيها سيفَ الدولة راجيًا إيَّاه العملَ على فَكِّ قيدِه وفدائه من الأَسْر، ومُتذكِّرًا أُمَّه، مُناجيًا إيَّاها في غربته:





يَا حَسْرَةً مَا أَكَادُ أَحْمِلُهَا

آخِرُهَا مُزْعِجٌ وَأَوَّلُهَا




عَلِيلَةٌ بِالشَّآمِ مُفْرَدَةٌ

بَاتَ بِأَيْدِي العِدَا مُعَلِّلُهَا




تُمْسِكُ أَحْشَاءَهَا عَلَى حُرَقٍ

تُطْفِئُهَا، وَالْهُمُومُ تُشْعِلُهَا




إِذَا اطْمَأَنَّتْ وَأَيْنَ؟ أَوْ هَدَأَتْ

عَنَّتْ لَهَا ذُكْرَةٌ تُؤَرِّقُهَا




تَسْأَلُ عَنَّا الرُّكْبَانَ جَاهِدَةً

بِأَدْمُعٍ مَا تَكَادُ تُمْهِلُهَا[6]











إلى أن يقول:





يَا أُمَّتَا هَذِهِ مَنَازِلُنَا

نَتْرُكُهَا تَارَةً وَنُنْزِلُهَا




يَا أُمَّتَا هَذِهِ مَوَارِدُنَا

نَعَلُّهَا تَارَةً وَنَنْهَلُهَا




أَسْلَمَنَا قَوْمُنَا إِلَى نُوَبٍ

أَيْسَرُهَا فِي القُلُوبِ أَقْتَلُهَا[7]











وإذا كانت الغربةُ على المستوى الفرديِّ تشكِّل كلَّ هذا الهمِّ والحزن؛ فإنَّها على المستوى الجماعيِّ تكون أشدَّ وقْعًا على النَّفْس، وقد عرف في التاريخ الإسلاميِّ ما سُمِّي برثاء المدُن، وهو نوعٌ من الشِّعر عبَّرَ أصحابُه من الشُّعراء عن النكبات التي أصابَت الأُمَّة الإسلامية والمِحَن التي حاقَتْ بها، فأصبح أبناؤها المُخْلِصون يعيشون عيشَ الغُرباء، وينكل بهم وتراق دماؤهم، وتُهتَك أعراض نسائهم، وتُدمَّر البيوت، وتهدم المساجد، وتتكالب النكبات القاسية والشدائد العظيمة على الأُمَّة، وكذلك عندما يُقتل عظيمٌ من عظماء الأمَّة، أو بطَل من أبطالها كان يُمثِّل لها أملاً، ويعقد عليه الرَّجاء.







ونضرب هنا بعضًا من الأمثلة التي توضِّح جانِبًا من هذا الموضوع:



من ذلك أبياتٌ لشمس الدِّين الكوفي بعد سُقوط بغداد في أيدي التَّتار، والَّتي يصف فيها حالَ المسلمين في بغداد وحولها، وما فعل التَّتار من سفكٍ للدِّماء وتحريقٍ للبيوت والدور والمساجد، يَقول:





مَا لِي وَلِلأَيَّامِ شَتَّتَ خَطْبُهَا

شَمْلِي وَخَلاَّنِي بِلا خِلاَّنِي




مَا لِلمَنَازِلِ أَصْبَحَتْ لاَ أَهْلُهَا

أَهْلِي وَلا جِيرَانُهَا جِيرَانِي




أَيْنَ الَّذِينَ عَهِدْتُهُمْ وَلِعِزِّهِمْ

ذُلاً تَخِرُّ مَعَاقِدُ التِّيجَانِ




كَانُوا نُجُومَ مَنِ اقْتَدَى فَعَلَيْهِمُ

يَبْكِي الْهُدَى وَشَعَائِرُ الإِيمَانِ[8]
















يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 02-10-2021, 11:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الغربة والاغتراب في الشعر العربي قديمًا وحديثًا

إلى أن يقول:





مَا زِلْتُ أَبْكِيهِمْ وَأَلْثِمُ وَحْشَةً

لِجَمَالِهِمْ مُتَهَدِّمِ الأَرْكَانِ




حَتَّى رَثَى لِي كُلُّ مَنْ لاَ وَجْدُهُ

وَجْدِي، وَلاَ أَشْجَانُهُ أَشْجَانِي[9]











ومِن ذلك قصيدة أبي البقاء الرُّندي، في نَكْبة الأندلس المروِّعة، والَّتي مطلَعُها:





لِكُلِّ شَيْءٍ إِذَا مَا تَمَّ نُقْصَانُ

فَلاَ يُسَرَّ بِطِيبِ العَيْشِ إِنْسَانُ











وفيها يَصِف حال المسلمين في الأندلس، فيقول:





دَهَى الْجَزِيرَةَ أَمْرٌ لاَ عَزَاءَ لَهُ

هَوَى لَهُ أُحُدٌ وَانْهَدَّ ثَهْلاَنُ




أَصَابَهَا العَيْنُ فِي الإِسْلاَمِ فَارْتَزَأَتْ

حَتَّى خَلَتْ مِنْهُ أَقْطَارٌ وَبُلْدَانُ




تَبْكِي الْحَنِيفِيَّةُ البَيْضَاءُ مِنْ أَسَفٍ

كَمَا بَكَى لِفِرَاقِ الإِلْفِ هَيْمَانُ




عَلَى الدِّيَارِ مِنَ الإِسْلاَمِ خَالِيَةً

قَدْ أَقْفَرَتْ وَلَهَا بِالكُفْرِ عُمْرَانُ




حَيْثُ الْمَسَاجِدُ قَدْ صَارَتْ كَنَائِسَ مَا

فِيهِنَّ إِلاَّ نَوَاقِيسٌ وَصُلْبَانُ




حَتَّى الْمَحَارِيبُ تَبْكِي وَهْيَ جَامِدَةٌ

حَتَّى الْمَنَابِرُ تَرْثِي وَهْيَ عِيدَانُ




أَعِنْدَكُمْ نَبَأٌ مِنْ أَهْلِ أَنْدَلُسٍ

فَقَدْ سَرَى بِحَدِيثِ القَوْمِ رُكْبَانُ




كَمْ يَسْتَغِيثُ بِنَا الْمُسْتَضْعَفُونَ وَهُمْ

قَتْلَى وَأَسْرَى فَمَا يَهْتَزُّ إِنْسَانُ[10]







يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 02-10-2021, 11:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الغربة والاغتراب في الشعر العربي قديمًا وحديثًا

الغربة والاغتراب في الشعر العربي قديمًا وحديثًا
أ. طاهر العتباني






وفي رثاء قُرطبة يقول أبو عامر بن شهيد:





فَلِمِثْلِ قُرْطُبَةٍ يَقِلُّ بُكَاءُ مَنْ

يَبْكِي بِعَيْنٍ دَمْعُهَا مُتَفَجِّرُ




دَارٌ أَقَالَ اللهُ عَثْرَةَ أَهْلِهَا

فَتَبَرْبَرُوا وَتَغَرَّبُوا وَتَمَصَّرُوا











إلى أن يقول عن أهلها أيَّام نعمتها متحسِّرًا على ما جرى لها:





يَا طِيبَهُمْ بِقُصُورِهَا وَخُدُورِهَا

وَبُدُورِهَا بِقُصُورِهَا تَتَخَدَّرُ




وَالقَصْرُ قَصْرُ بَنِي أُمَيَّةَ وَافِرٌ

مِنْ كُلِّ أَمْرٍ وَالْخِلاَفَةُ أَوْفَرُ




وَالْجَامِعُ الأَعْلَى يَغَصُّ بِكُلِّ مَنْ

يَتْلُو وَيَسْمَعُ مَا يَشَاءُ وَيَنْظُرُ




وَمَسَالِكُ الأَسْوَاقِ تَشْهَدُ أَنَّهَا

لاَ يَسْتَقِلُّ بِسَالِكِيهَا الْمَحْشَرُ




يَا جَنَّةً عَصَفَتْ بِهَا وَبِأَهْلِهَا

رِيحُ النَّوَى فَتَدَمَّرَتْ وَتَدَمَّرُوا[11]











وقصيدة البحتريِّ في مَقْتل المُتوكِّل تُبْرِز لنا جانِبًا مِن غربة الأُمَّة حين يغيب القائدُ الذي يلمُّ الله به الشَّمل، ويَعْقد به ألوِيَة النَّصر والمَجْد والتَّمكين، يقول البحتريُّ في قصيدته:





وَلَمْ أَنْسَ وَحْشَ القَصْرِ إِذْ رِيعَ سِرْبُهُ

وَإِذْ ذُعِرَتْ أَطْلاَؤُهُ وَجَآذِرُهْ




وَإِذْ صِيحَ فِيهِ بِالرَّحِيلِ فَهُتِّكَتْ

عَلَى عَجَلٍ أَسْتَارُهُ وَسَتَائِرُهْ




وَوَحْشَتُهُ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يُقِمْ بِهِ

أَنِيسٌ وَلَمْ تَحْسُنْ لِعَيْنٍ مَنَاظِرُهْ




كَأَنْ لَمْ تَبِتْ فِيهِ الْخِلاَفَةُ طَلْقَةً

بَشَاشَتُهَا وَالْمُلْكُ يُشْرِقُ زَاهِرُهْ




وَلَمْ تَجْمَعِ الدُّنْيَا إِلَيْهِ بَهَاءَهَا

وَبَهْجَتَهَا وَالعَيْشُ غَضٌّ مَكَاسِرُهْ




يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 02-10-2021, 11:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الغربة والاغتراب في الشعر العربي قديمًا وحديثًا




فَأَيْنَ الْحِجَابُ الصَّعْبُ حَيْثُ تَمَنَّعَتْ

بِهَيْبَتِهَا أَبْوَابُهُ وَمَقَاصِرُهْ




وَأَيْنَ عَمِيدُ النَّاسِ فِي كُلِّ نَوْبَةٍ

تَنُوبُ, وَنَاهِي الدَّهْرِ فِيهِمْ وَآمِرُهْ




تَخَفَّى لَهُ مُغْتَالُهُ تَحْتَ غِرَّةٍ

وَأَوْلَى بِهَا, وَالْمَوْتُ حُمْرٌ أَظَافِرُهْ[12]










ولا غَرْو؛ فقد كان المتوكِّلُ من الخلفاء العباسيِّين المشهود لهم بالأيادي البيضاء على المسلمين في عصره، وخصوصًا في مِحْنة خَلْق القرآن، يقول عليُّ بن الجَهْم في مَدْحِه:





قَامَ وَأَهْلُ الأَرْضِ فِي رَجْفَةٍ

يَخْبِطُ فِيهَا الْمُقْبِلَ الْمُدْبِرُ




فِي فِتْنَةٍ عَمْيَاءَ لاَ نَارُهَا

تَخْبُو وَلاَ مَوْقِدُهَا يَفْتُرُ




وَالدِّينُ قَدْ أَشْفَى وَأَنْصَارُهُ

أَيْدِي سَبَا مَوْعِدُهَا الْمَحْشَرُ




كُلُّ حَنِيفٍ مُسْلِمٍ مِنْهُمُ

لِلكُفْرِ فِيهِ مَنْظَرٌ مُنْكَرُ




إِمَّا قَتِيلٌ أَوْ أَسِيرٌ فَلاَ

يُرْثَى لِمَنْ يُقْتَلُ أَوْ يُؤْسَرُ




فَأَمَّرَ اللهُ إِمَامَ الْهُدَى

وَاللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ يَنْصُرُ[13]











ولذا كان مَقتلُه محنةً عظيمة على المسلمين، قال فيها البحتريُّ الأبيات السالفةَ الَّتي تصف الوحشة والغربة التي حلَّت بأهل الحقِّ وبالأمَّة عامَّة.







كذلك عانى المسلمون ما عانَوْا من جرَّاء الحروب الصليبيَّة التي استمرَّتْ فترة طويلة، فعلَ الصليبيُّون ما فعلوا بالمُسلمين مِن قَتْلٍ وذَبْح وتشريدٍ مِمَّا وصَفَه بعضُ الشُّعراء معبِّرًا عن مدى ما يُعانيه المسلمون من صَوْلة الكفر وعتُوِّه وظُلْمه وطغيانِه، يقول بعضُ شعراء ذلك العصر، واصِفًا تلك الحال:





أَحَلَّ الكُفْرُ بِالإِسْلاَمِ ضَيْمًا

يَطُولُ عَلَيْهِ لِلدِّينِ النَّحِيبُ




فَحَقٌّ ضَائِعٌ وَحِمًى مُبَاحٌ

وَسَيْفٌ قَاطِعٌ وَدَمٌ صَبِيبُ




وَكَمْ مِنْ مُسْلِمٍ أَمْسَى سَلِيبًا

وَمُسْلِمَةٍ لَهَا حَرَمٌ سَلِيبُ


يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 02-10-2021, 11:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الغربة والاغتراب في الشعر العربي قديمًا وحديثًا




وَكَمْ مِنْ مَسْجِدٍ جَعَلُوهُ دِيرًا

عَلَى مِحْرَابِهِ نُصِبَ الصَّلِيبُ




أَتُسْبَى الْمُسْلِمَاتُ بِكُلِّ ثَغْرٍ

وَعَيْشُ الْمُسْلِمِينَ إِذًا يَطِيبُ




أَمَا وَاللهِ لِلإِسْلاَمِ حَقٌّ

يُدَافِعُ عَنْهُ شُبَّانٌ وَشِيبُ




فَقُلْ لِذَوِي البَصَائِرِ حَيْثُ كَانُوا

أَجِيبُوا اللهَ وَيْحَكُمُ أَجِيبُوا[14]










والنَّماذج كثيرة، ولكن حسْبُنا ما ذكَرْنا من النَّماذج بيانًا لهذا المفهوم الذي عبَّر عنه القرآن، كما عبَّر عنه شعراءُ عصر النبوَّة، وكذلك ما تلاه من عصورٍ أدبيَّة حتَّى العصر الحديث.







مفهوم الغربة والاغتراب عند شعراء العصر الحديث:



مع تَراجُع الخطِّ الحضاري للأمَّة الإسلامية، وافتقاد المسلمين مكانتَهم أمَّةً شهيدة على النَّاس بين أمم العالم المعاصر، وبُروز طائفةٍ من أبناء الأمَّة حاولَتْ جاهدةً أن تُعيد الأُمَّة إلى الحياة الحقيقيَّة بعد فترةٍ من الجمود، وإلى العزَّة الإيمانية بعد الذِّلة والهوان، وإلى التَّمكين بعد الاستِضْعاف، مع ذلك كلِّه واجهَتْ هذه الطائفةُ المؤمنة ظروفًا تشابَهَتْ مع ظروف الدَّعوة الإسلاميَّة في عهدها الأوَّل، فعاشوا غُرَباء في أوطانهم التي تراجعَت الحياة فيها عن الصُّورة المُثْلَى التي تعيش في قلوبهم وصدورهم ونفوسهم، ويرَوْنَها ماثلةً في كتاب الله تعالى، ومجتمع المسلمين الأوَّل.







كذلك عاشت هذه الطَّائفة عيشَ الغرباء في عالَمٍ سيطرَتْ عليه فلسفاتُ المادَّة، وهرطقات المتفلسِفين والمُتشدِّقين من مُفكِّري الغرب التَّائه، وأذنابه في ديار الإسلام.







كذلك عاشَتْ هذه الطَّائفة غرباء عندما ألجأَتْهم الظُّروف السياسيَّة والاضطهاد العقائديُّ إلى هِجْرة أوطانِهم، فكانَتْ غربةً أخرى، كما عاشوا غُرَباء وهم يَجُولون بِقُلوبهم وعقولهم ونفوسهم وأفكارهم في صَدْر الحضارة الإسلاميَّة التي حفظَتْ بُطونُ الكتب كثيرًا عنها، ومنها ما لا يزال ماثلاً للعيان في صمتٍ جريح وأسًى لاذع، يشهد أنَّ أمة عظيمةً كانت مِلْء سَمْع العالم وبصَرِه، ولكِنَّها تَحْيا الآن حالةً من التخلُّف والجمود، والبُعْد عن الأَخْذ بالمنهج الإسلاميِّ كاملاً.







ونُشير هنا إشارةً سريعة إلى جوانِبَ مِن هذا المفهوم في الشِّعر الإسلامي الحديث عند شُعَراء النِّصف الأول من القرن العشرين.







لقد كانت غُرْبة الباروديِّ ونَفْيُه، وكذلك شوقي ونفيه إلى الأندلس - سببًا لكثيرٍ من قصائدهما حول الغُرْبة والاغتراب؛ مِمَّا يعدُّ بُذورًا للحديث حول الغربة والاغتراب في الشعر العربيِّ والإسلامي الحديث، يقول الباروديُّ:





كَفَى بِمَقَامِي فِي سَرَنْدِيبَ غُرْبَةً

نَزَعْتُ بِهَا عَنِّي ثِيَابَ العَلاَئِقِ




وَمَنْ رَامَ نَيْلَ العِزِّ فَلْيَصْطَبِرْ عَلَى

لِقَاءِ الْمَنَايَا وَاقْتِحَامِ الْمَضَايِقِ




فَإِنْ تَكُنِ الأَيَّامُ رَنَّقْنَ مَشْرَبِي

وَثَلَّمْنَ حَدِّي بِالْخُطُوبِ الطَّوَارِقِ




فَمَا غَيَّرَتْنِي مِحْنَةٌ عَنْ خَلِيقَتِي

وَلاَ حَوَّلَتْنِي خَدْعَةٌ عَنْ طَرَائِقِي




وَلَكِنَّنِي بَاقٍ عَلَى مَا يَسُرُّنِي

وَيُغْضِبُ أَعْدَائِي وَيُرْضِي أَصَادِقِي




فَحَسْرَةُ بُعْدِي عَنْ حَبِيبٍ مُصَادِقٍ

كَفَرْحَةِ بُعْدِي عَنْ عَدُوٍّ مُمَاذِقِ











إلى أن يقول:





يَقُولُ أُنَاسٌ أَنَّنِي ثُرْتُ خَالِعًا

وَتِلْكَ صِفَاتٌ لَمْ تَكُنْ مِنْ خَلاَئِقِي




أَمَرْتُ بِمَعْرُوفٍ وَأَنْكَرْتُ مُنْكَرًا

وَذَلِكَ حُكْمٌ فِي رِقَابِ الْخَلاَئِقِ[15]








يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 02-10-2021, 11:26 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الغربة والاغتراب في الشعر العربي قديمًا وحديثًا

الغربة والاغتراب في الشعر العربي قديمًا وحديثًا
أ. طاهر العتباني




كما كان نَفْيُ شوقي بالأندلس ومعاناتُه الغربةَ المكانية والزمانيَّة، سبَبًا لِما سُمِّي بأندلسيَّات شوقي، تلك القصائد التي يَعْزف فيها على وتر الغربة والاغتراب، ويبكي حال الأندلس الذَّاهب مَجْدُها، ويتأسَّى على حاله في غربتِه؛ يقول شوقي في سينِيَّته الشهيرة:





اخْتِلاَفُ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ يُنْسِي

اذْكُرَا لِي الصِّبَا وَأَيَّامَ أُنْسِي




وَصِفَا لِي مُلاَوَةً مِنْ شَبَابٍ

صُوِّرَتْ مِنْ تَصَوُّرَاتٍ وَمَسِّ




عَصَفَتْ كَالصِّبَا اللَّعُوبِ وَمَرَّتْ

سِنَةً حُلْوَةً وَلَذَّةَ خَلْسِ




وَسَلاَ مِصْرَ: هَلْ سَلاَ القَلْبُ عَنْهَا

أَوْ أَسَا جُرْحَهُ الزَّمَانُ الْمُؤَسِّي




كُلَّمَا مَرَّتِ اللَّيَالِي عَلَيْهِ

رَقَّ، وَالعَهْدُ فِي اللَّيَالِي تُقَسِّي




مُسْتَطَارٌ إِذَا البَوَاخِرُ رَنَّتْ

أَوَّلَ اللَّيْلِ، أَوْ عَوَتْ بَعْدَ جَرْسِ




رَاهِبٌ فِي الضُّلُوعِ لِلسُّفْنِ فَطْنٌ

كُلَّمَا ثُرْنَ شَاعَهُنَّ بِنَقْسِ




يَا ابْنَةَ اليَمِّ، مَا أَبُوكِ بَخِيلاً

مَا لَهُ مُولَعًا بِمَنْعٍ وَحَبْسِ




أَحَرَامٌ عَلَى بَلاَبِلِهِ الدَّوْ

حُ حَلاَلٌ لِلطَّيْرِ مِنْ كُلِّ جِنْسِ؟




كُلُّ دَارٍ أَحَقُّ بِالأَهْلِ إِلاَّ

فِي خَبِيثٍ مِنَ الْمَذَاهِبِ رِجْسِ




نَفَسِي مِرْجَلٌ، وَقَلْبِي شِرَاعٌ

بِهِمَا فِي الدُّمُوعِ سِيرِي وَأَرْسِي




يتبع







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 02-10-2021, 11:26 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الغربة والاغتراب في الشعر العربي قديمًا وحديثًا

ثُم ها هو يتجوَّل في الأندَلُس، ويتذكَّر مَجْدَها الذَّاهب، فيَزْداد غُربةً فوق غربة؛ فها هي آثارُ بني أميَّة صارَتْ غريبة في جوِّ الأندلس بعد أن خرَجَت من أيدي المسلمين، وظلَّت قصورُها وآثارها شاهدةً في حسرةٍ على المَجْد الإسلاميِّ الزَّاهر في هذه الدِّيار، يقول شوقي:





أَيْنَ (مَرْوَانُ) فِي الْمَشَارِقِ عَرْشٌ

أُمَوِيٌّ وَفِي الْمَغَارِبِ كُرْسِي؟




سَقِمَتْ شَمْسُهُمْ فَرَدَّ عَلَيْهَا

نُورَهَا كُلُّ ثَاقِبِ الرَّأْيِ نَطْسِ




ثُمَّ غَابَتْ وَكُلُّ شَمْسٍ سِوَى هَا

تِيكَ تَبْلَى، وَتَنْطَوِي تَحْتَ رَمْسِ




وَعَظَ (البُحْتُرِيَّ) إِيوَانُ (كِسْرَى)

وَشَفَتْنِي القُصُورُ مِنْ (عَبْدِ شَمْسِ)




رُبَّ لَيْلٍ سَرَيْتُ وَالبَرْقُ طرْفِي

وَبِسَاطٍ طَوَيْتُ وَالرِّيحُ عَنْسِي




أَنْظِمُ الشَّرْقَ فِي (الْجَزِيرَةِ) بِالغَرْ

بِ وَأَطْوِي البِلاَدَ حزْنًا لِدَهْسِ




فِي دِيَارٍ مِنَ الْخَلاَئِفِ دَرْسٍ

وَمَنَارٍ مِنَ الطَّوَائِفِ طَمْسِ




وَرُبًى كَالْجِنَانِ فِي كَنَفِ الزَّيْ

تُونِ خُضْرٍ، وَفِي ذُرَا الكَرْمِ طَلْسِ




لَمْ يَرُعْنِي سِوَى ثَرَى قُرْطُبِيٍّ

لَمَسَتْ فِيهِ عِبْرَةَ الدَّهْرِ خَمْسِي




يَا وَقَى اللهُ مَا أُصَبِّحُ مِنْهُ

وَسَقَى صَفْوَةَ الْحَيَا مَا أُمَسِّي




قَرْيَةٌ لا تُعَدُّ فِي الأَرْضِ كَانَتْ

تُمْسِكُ الأَرْضَ أَنْ تَمِيدَ وَتُرْسِي




غَشِيَتْ سَاحِلَ الْمُحِيطِ وَغَطَّتْ

لُجَّةَ الرُّومِ مِنْ شِرَاعٍ وَقَلْسِ



يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 02-10-2021, 11:27 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الغربة والاغتراب في الشعر العربي قديمًا وحديثًا



رَكِبَ الدَّهْرُ خَاطِرِي فِي ثَرَاهَا

فَأَتَى ذَلِكَ الْحِمَى بَعْدَ حَدْسِ




فَتَجَلَّتْ لِيَ القُصُورُ وَمَنْ فِي

هَا مِنَ العِزِّ فِي مَنَازِلِ قُعْسِ




سِنَةٌ مِنْ كَرًى وَطَيْفُ أَمَانٍ

وَصَحَا القَلْبُ مِنْ ضَلاَلٍ وَهَجْسِ




وَإِذَا الدَّارُ مَا بِهَا مِنْ أَنِيسٍ

وَإِذَا القَوْمُ مَا لَهُمْ مِنْ مُحِسِّ[16]










وفي قصيدةٍ أخرى من أندلسيَّات شوقي يَصِف حاله بالأندلس، ويتذكَّر في غربته أهل وطَنِه، وما لَهم من الشِّيَم والسِّمات التي يفتقدها في غربته، ويحنُّ إليها، ويتذكَّر جمال مصر وما بِها من ملاعب وأرْبُع، لا يزال وهو في غربته يستروح هواءها وأجواءها، ويحنُّ إليها، ويشتاق ما فيها من ذكيَّات عاطرة يُؤْنِسه تَذكُّرها؛ يقول شوقي:





آهًا لَنَا نَازِحِي أَيْكٍ بِأَنْدَلُسٍ

وَإِنْ حَلَلْنَا رَفِيفًا مِنْ رَوَابِينَا




رَسْمٌ وَقَفْنَا عَلَى رَسْمِ الوَفَاءِ لَهُ

نَجِيشُ بِالدَّمْعِ، وَالإِجْلاَلُ يَثْنِينَا




لِفِتْيَةٍ لاَ تَنَالُ الأَرْضُ أَدْمُعَهُمْ

وَلاَ مَفَارِقَهُمْ إِلاَّ مُصَلِّينَا




لَوْ لَمْ يَسُودُوا بِدِينٍ فِيهِ مَنْبَهَةٌ

لِلنَّاسِ كَانَتْ لَهُمْ أَخْلاَقُهُمْ دِينَا




لَمَّا نَبَا الْخُلْدُ نَابَتْ عَنْهُ نُسْخَتُهُ

تَمَاثُلَ الوَرْدِ (خِيرِيًّا) وَ(نَسْرِينَا)




نَسْقِي ثَرَاهُمْ ثَنَاءً، كُلَّمَا نَثَرَتْ

دُمُوعُنَا نُظِمَتْ مِنْهَا مَرَاثِينَا




كَادَتْ عُيُونُ قَوَافِينَا تُحَرِّكُهُ

وَكِدْنَ يُوقِظْنَ فِي التُّرْبِ السَّلاَطِينَا





يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 02-10-2021, 11:28 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الغربة والاغتراب في الشعر العربي قديمًا وحديثًا

لَكِنَّ مِصْرَ وَإِنْ أَغْضَتْ عَلَى مِقَةٍ

عَيْنٌ مِنَ الْخُلْدِ بِالكَافُورِ تَسْقِينَا




عَلَى جَوَانِبِهَا رَفَّتْ تَمَائِمُنَا

وَحَوْلَ حَافَاتِهَا قَامَتْ رَوَاقِينَا




مَلاَعِبٌ مَرِحَتْ فِيهَا مَآرِبُنَا

وَأَرْبُعٌ أَنِسَتْ فِيهَا أَمَانِينَا




وَمَطْلَعٌ لِسُعُودٍ مِنْ أَوَاخِرِنَا

وَمَغْرِبٍ لِجُدُودٍ مِنْ أَوَالِينَا




بِنَا فَلَمْ نَخْلُ مِنْ رَوْحٍ يُرَاوِحُنَا

مِنْ بَرِّ مِصْرَ وَرَيْحَانٍ يُغَادِينَا[17]


















من هذا العرض السَّريع نجد أنَّ الكلام عن الغُرْبة والاغتِراب خطٌّ أصيل في خطوط الشِّعر العربي وأغراضه المتعدِّدة؛ ففي العصر النبويِّ شَهِدْنا حديثًا عن الغربة والاغتراب عند شعراء هذا العصر، ومَثَّل حسَّان بن ثابت بِمَراثيه للرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - جانبًا أصيلاً، ومَلْمحًا واضحًا في هذا السبيل.







كذلك وجدنا شعر الغربة على المستوى الفرديِّ في قصائد مالك بن الرَّيب التميميِّ وابن زُرَيق البغدادي وأبي فراس الحمدانيِّ، كما وجَدْنا ملمحَ الغربة والاغتراب واضحًا فيما سُمِّي بشِعْر رثاء المدُن في قصيدة أبي البقاء الرُّندي في رثاء الأندلس ومَن سار على نهجه مِمَّن رثى المدُن والحواضر الإسلاميَّة التي تقع فريسةً في أيدي الأعداء؛ كما في مأساة قرطبة وما حدثَ للمدن الإسلاميَّة التي وقعَتْ تحت يد الصليبيِّين.







كذلك تبدى ملمح الغربة في رثاء الشخصيَّات الإسلامية التي تُعقَد عليها الآمال كما في رثاء المتوكِّل للبحتري.







فإذا وصَلْنا إلى العصر الحديث نجد ملمحَ الحديث عن الغربة في شعر الباروديِّ في مَنْفاه، وفي أندَلُسيَّات شوقي التي كتبها وهو يُعاني آلام الغربة والنفي بالأندلس.







وسنَعْرِض في بقية فصول الدراسة لملامح ومَحاور الغربة في الشعر الإسلامي المعاصر؛ من خلال تقديم عددٍ من النَّماذج الشعرية التي تُمثِّل كتاباتُها طرحًا لِمَوضوع الغربة والاغتراب.







[1] "جمهرة أشعار العرب": القرشي، ص 269 - 271.




[2] "الوسيلة الأدبية": حسين المرصفي، ج2 ص165 - 166.




[3] "الوسيلة الأدبية": حسين المرصفي، ج2 ص165 - 166.




[4] "ديوان المتنبي"، ص 523 - 524.




[5] "ديوان المتنبي"، ص 548.




[6] "ديوان أبي فراس الحمداني" ص131.




[7] "ديوان أبي فراس الحمداني" ص132.




[8] "فوات الوفيات": ابن شاكر الكتبي، ج2 ص233.




[9] نفسه ص234.




[10] "نَفْح الطِّيب": المقري، ج 6 ص 232.




[11] "أعمال الأعلام فيمن بويع قبل الاحتلام": لسان الدين ابن الخطيب ص 105.




[12] "ديوان البحتري"، ج 2 ص 1048.




[13] "ديوان علي بن الجهم"، ص73.




[14] "النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة": ابن تغري بردي، ج 5، ص 152.




[15] "البارودي شاعر العصر الحديث": د. شوقي ضيف، ص 83 - 84.




[16] "الشوقيات": أحمد شوقي.





[17] "الشوقيات": أحمد شوقي.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 154.14 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 148.11 كيلو بايت... تم توفير 6.03 كيلو بايت...بمعدل (3.91%)]