بحث: تفسير قول الله تعالى: {الم} وبيان ما قيل في الأحرف المقطعة في أوائل السور - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         لمسات بيانية الجديد 12 لسور القرآن الكريم كتاب الكتروني رائع (اخر مشاركة : Adel Mohamed - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          أسئلة بيانية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 26 - عددالزوار : 637 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 20 - عددالزوار : 269 )           »          معنى حديث «من ستر مسلماً ستره الله..» (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          صلاة التراويح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          حمل المأموم للمصحف في صلاة التراويح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          ركعتا تحية المسجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          حكم صيام من دخل بعض الماء إلى جوفه دون قصد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          دروس رمضانية محمد بن سند الزهراني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 368 )           »          قراءة في مقال حقائق مذهلة عن الكون المدرك (اخر مشاركة : رضا البطاوى - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-09-2021, 12:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,626
الدولة : Egypt
افتراضي بحث: تفسير قول الله تعالى: {الم} وبيان ما قيل في الأحرف المقطعة في أوائل السور

بحث: تفسير قول الله تعالى: {الم} وبيان ما قيل في الأحرف المقطعة في أوائل السور
بدرية طالبة علم

• أسباب النزول:

1- قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (قوله عز وجل: {الَمَ * ذَلِكَ الكِتابُ}
أخبرنا أبو عثمان الزعفراني قال: أخبرنا أبو عمرو بن مطر قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن الليث قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: أربع آيات من أول هذه السورة نزلت في المؤمنين وآيتان بعدها نزلتا في الكافرين وثلاث عشرة بعدها نزلت في المنافقين).
[أسباب النزول: 19]

2- قال أحمدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تعالى {الم}
قال شيخ شيوخنا أبو حيان في البحر قال قوم إن المشركين لما أعرضوا عن سماع القرآن نزلت ليستغربوا ذلك فيفتحون لها أسماعهم فيستمعون القرآن لتجب عليهم الحجة.
قلت: وقد حكى نحو ذلك أبو جعفر الطبري وتبعه ابن عطية حيث جمع الاختلاف في المراد بالحروف المقطعة أول السور.
أسند الواحدي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: أربع آيات من أول هذه السورة نزلت في المؤمنين وآيتان بعدها نزلتا في الكافرين وثلاث عشرة آية نزلت في المنافقين.
قلت: وقال مقاتل بن سليمان: نزلت الآيتان الأوليان في المؤمنين من المهاجرين والأنصار والآيتان بعدها في من آمن من أهل الكتاب منهم عبد الله بن سلام وأسيد بن زيد وأسيد بن كعب وسلام بن قيس وثعلبة بن عمرو وأبو يامين واسمه سلام أيضاً)
[العجاب في بيان الأسباب: 1/-226-229]

3- قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911هـ): (أخرج الفرياني وابن جرير عن مجاهد قال: أربع آيات من أول البقرة نزلت في المؤمنين وآيتان في الكافرين وثلاث عشرة آية في المنافقين )
[لباب النقول: 11]


• الوقف والابتداء:

1- قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): (إن قال قائل: كيف كتبوا في المصحف «الم، والمر، والر» موصولاً، والهجاء مقطع لا ينبغي أن يتصل بعضه ببعض لأنك لو قال لك قائل: ما هجاء «زيد» لكنت تقول «زاي ياء دال» وتكتبه مقطعًا لتفرق بين هجاء الحرف وبين قراءته؟ فيقال له: إنما كتبوا «المر» وما أشبهه موصولاً لأنه ليس بهجاء لاسم معروف. وإنما هي حروف اجتمعت يراد بكل حرف منها معنى. ولو قطعت إذ جزمت
لكان صوابًا.
فإن قال قائل: لم كتبوا «حم عسق» بقطع الميم من العين، ولم يقطعوا «المص» و«كهيعص»؟ قيل له: «حم» قد جرت في أوائل سبع سور فصارت كأنها اسم للسور، فقطعت مما قبلها لأنها كالمستأنفة والعرب تقول: وقع في الحواميم وفي آل حميم، وأنشد أبو عبيدة:
حلفت بالسبع اللواتي طولت = وبمئين بعدها قد أميت
وبثمان ثنيت فكررت = وبالطواسين اللواتي ثلثت
وبالحواميم اللواتي سبعت = وبالمفصل اللواتي فصلت
وقال الكميت:
وجدنا لكم في آل حاميم آية = تأولها منا تقي ومعرب
فمن قال: وقع في «ال حاميم» جعل «حاميم» اسمًا لكلهن. ومن قال: وقع في الحواميم جعل «حاميم» كأنه حرف واحد بمنزلة «قابيل وهابيل». ويقال: قد وقع في «الطواسين» فتجمع «طسم» الطواسين لأنك بنيتها على «طس» وتحذف الميم لأن الجمع لا يحتمل حروف اسم خامسي.
وقوله: {ق والقرآن المجيد} [ق: 1] و{ص والقرآن ذي الذكر} [ص: 1] في «قاف» و«صاد» وجهان، فمن جزمهما كتبهما حرفًا، ومن قرأ «قاف وصاد» فكسر الفاء والدال لاجتماع الساكنين لزمه أن يكتبه على لفظه لأنه قد خرج بالتعريب من حد الهجاء.
وقال الفراء: لا أستحب هذه القراءة لأني لو أجزته لقضيت على الكتاب بأن يتم.
وقال الأخفش: من قرأ (صاد) بخفض الدال أراد: صاد الحق بعملك أي: تعمده يجعله أمرًا من صاديت أصادي، فيكون على وزن «قاض يا رجل» من قاضيت، ورام من راميت. قال الشاعر:
وأخرى أصاد النفس عنها وإنها = لفرصة حزم إن ظفرت ومصدر
وقال الآخر:
أبيت على باب القوافي كأنما = أصادي بها سربا من الوحش نزعا
فعلى هذا المذهب تكتب «صاد» على لفظها لأنها قد خرجت من حد الهجاء. وتفعل في «نون» و«يس» كما تفعل في «صاد» و«قاف». ومن قرأ [نون] بالوقف كتبه حرفًا واحدًا. ومن قرأ «نون» بفتح النون لزمه أن يكتبه على لفظه للإعراب الذي دخله. وكذلك «يس» من سكن النون كتبها حرفين على اللفظ. وقرأ «يسين» بفتح النون عيسى بن عمر.
وقوله عز وجل: {سلام على ال ياسين} [الصافات: 130] كتبه على التمام لأنها اسم وليست بهجاء)
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/479-484]

2- قال أبو عمرو عثمانُ بنُ سَعيدٍ الدَّانِيُّ (ت:444هـ): (الوقف على قوله: {الم} حيث وقع تام إذا جعل اسمًا للسورة.
والتقدير: اقرأ الم. أو جعل على تأويل: أنا الله أعلم. وذلك الاختيار. وقال أبو حاتم: هو كاف. وقال غيره: ليس بتام ولا كاف، لأن معناه: يا محمد ذلك الكتاب. وقيل: هو قسم. وقيل تنبيه. فهو على هذه الأوجه الثلاثة متعلق بما بعده لحصول الفائدة فيه، فلا يفصل منه لذلك. وهو حيث أتى رأس آية في الكوفي. وذلك من حيث كان جملة مستقلة وكلامًا تامًا).
[المكتفى: 158]


3- قال أبو عبدِ الله محمدُ بنُ طَيْفُورَ الغزنويُّ السَّجَاوَنْدِيُّ (ت:560هـ): (بسم الله الرحمن الرحيم
{الم- 1 –ج} للاختلاف).
[علل الوقوف: 1/173]


4- قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): (يبنى الوقف على ألم والوصل على اختلاف المعربين في أوائل السور هل هي مبنية أو معربة وعلى أنها معربة عدها الكوفيون آية لأنَّ هذه الحروف إذا وقف عليها كان لها محل من الإعراب وتصير جملة مستقلة بنفسها ففيها ونظائرها ستة أوجه وهي لا محل لها أو لها محل وهو الرفع بالابتداء أو الخبر والنصب بإضمار فعل أو النصب على إسقاط حرف القسم كقوله:
إذا ما الخبر تأدمه بلحم = فذاك أمانة الله الثريد
وكقوله:
فقالت يمين الله مالك حيلة = وما أن أرى عنك الغواية تنجلي
وكقوله:
تمرون الديار فلم تعوجوا = كلامكمو عليّ إذًا حرام
أو الجر بإضمار حرف القسم أي أنها مقسم بها حذف حرف القسم وبقي عمله نحو الله لأفعلن وذلك من خصائص الجلالة فقط لا يشركها فيه غيرها
(ألم تام) إن رفع ذلك بهدى أو هدى به أو رفع بما عاد من الهاء المتصلة بفي أو رفع بموضع لا ريب فيه كأنك قلت ذلك الكتاب حق بهدى أو رفع ذلك بالكتاب أو الكتاب به أو رفع ذلك بالابتداء والكتاب نعت أو بدل ولا ريب فيه خبر المبتدأ (وكاف) إن جعلت خبر مبتدأ محذوف أي هذه أو هذه ألم
(وحسن) إن نصبت بمحذوف أي اقرأ ألم وليست بوقف إن جعلت على إضمار حرف القسم وأن ذلك الكتاب قد قام مقام جوابها وكأنه قال وحق هذه الحروف إنَّ هذا الكتاب يا محمد هو الكتاب الذي وعدت به على لسان النبيين من قبلك فهي متعلقة بما بعدها لحصول الفائدة فيه فلا تفصل منه لأنَّ القسم لا بد له من جواب وجوابه بعده والقسم يفتقر إلى أداة وهنا الكلام عار من أداة القسم وليست ألم وقفًا أيضًا إن جعلت مبتدأ وذلك خبره وكذا لا يكون ألم وقفًا إن جعل ذلك مبتدأ ثانيًا والكتاب خبره والجملة خبر ألم وأغنى الربط باسم الإشارة وفيه نظر من حيث تعدد الخبر وأحدهما جملة لكن الظاهر جوازه كقوله فإذا هي حية تسعى إن جعل تسعى خبرًا وأما إن جعل صفة فلا وإن جعل ألم مبتدأ وذلك مبتدأ ثانيًا والكتاب بدل أو عطف بيان حسن الوقف على الكتاب وليس بوقف إن جعل ذلك مبتدأ خبره لا ريب أو جعل ذلك مبتدأ والكتاب ولا ريب فيه خبر إن له أو جعل لا ريب فيه خيرًا عن المبتدأ الثاني وهو وخبره خبر عن الأول وهكذا يقال في جميع الحروف التي في أوائل السور على القول بأنها معربة وإن محلاً من الإعراب).
[منار الهدى:28- 29]









• مسألة في عدّ الآي:

- قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى:{الم}.
-أخرج وكيع، وعبد بن حميد عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه كان يعد {الم} آية (وحم) آية.
[الدر المنثور: 1 / 118 – 127]

• المسائل الإعرابية:


- قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): (وقوله: {ق والقرآن المجيد} [ق: 1] و{ص والقرآن ذي الذكر} [ص: 1] في «قاف» و«صاد» وجهان، فمن جزمهما كتبهما حرفًا، ومن قرأ «قاف وصاد» فكسر الفاء والدال لاجتماع الساكنين لزمه أن يكتبه على لفظه لأنه قد خرج بالتعريب من حد الهجاء.
وقال الفراء: لا أستحب هذه القراءة لأني لو أجزته لقضيت على الكتاب بأن يتم.
وقال الأخفش: من قرأ (صاد) بخفض الدال أراد: صاد الحق بعملك أي: تعمده يجعله أمرًا من صاديت أصادي، فيكون على وزن «قاض يا رجل» من قاضيت، ورام من راميت. قال الشاعر:
وأخرى أصاد النفس عنها وإنها = لفرصة حزم إن ظفرت ومصدر
وقال الآخر:
أبيت على باب القوافي كأنما = أصادي بها سربا من الوحش نزعا
فعلى هذا المذهب تكتب «صاد» على لفظها لأنها قد خرجت من حد الهجاء. وتفعل في «نون» و«يس» كما تفعل في «صاد» و«قاف». ومن قرأ [نون] بالوقف كتبه حرفًا واحدًا. ومن قرأ «نون» بفتح النون لزمه أن يكتبه على لفظه للإعراب الذي دخله. وكذلك «يس» من سكن النون كتبها حرفين على اللفظ. وقرأ «يسين» بفتح النون عيسى بن عمر.
وقوله عز وجل: {سلام على ال ياسين} [الصافات: 130] كتبه على التمام لأنها اسم وليست بهجاء)
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/479-484]


- قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546ه) :
(وموضع {الم} من الإعراب رفع على أنه خبر ابتداء مضمر، أو على أنه ابتداء، أو نصب بإضمار فعل، أو خفض بالقسم، وهذا الإعراب يتجه الرفع منه في بعض الأقوال المتقدمة في الحروف، والنصب في بعض، والخفض في قول ابن عباس رضي الله عنه أنها أسماء لله أقسم بها).
[المحرر الوجيز: 1/99-102]

- قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ): يبنى الوقف على ألم والوصل على اختلاف المعربين في أوائل السور هل هي مبنية أو معربة وعلى أنها معربة عدها الكوفيون آية لأنَّ هذه الحروف إذا وقف عليها كان لها محل من الإعراب وتصير جملة مستقلة بنفسها ففيها ونظائرها ستة أوجه وهي لا محل لها أو لها محل وهو الرفع بالابتداء أو الخبر والنصب بإضمار فعل أو النصب على إسقاط حرف القسم كقوله:
إذا ما الخبر تأدمه بلحم = فذاك أمانة الله الثريد
وكقوله:
فقالت يمين الله مالك حيلة = وما أن أرى عنك الغواية تنجلي
وكقوله:
تمرون الديار فلم تعوجوا = كلامكمو عليّ إذًا حرام
أو الجر بإضمار حرف القسم أي أنها مقسم بها حذف حرف القسم وبقي عمله نحو الله لأفعلن وذلك من خصائص الجلالة فقط لا يشركها فيه غيرها
(ألم تام) إن رفع ذلك بهدى أو هدى به أو رفع بما عاد من الهاء المتصلة بفي أو رفع بموضع لا ريب فيه كأنك قلت ذلك الكتاب حق بهدى أو رفع ذلك بالكتاب أو الكتاب به أو رفع ذلك بالابتداء والكتاب نعت أو بدل ولا ريب فيه خبر المبتدأ (وكاف) إن جعلت خبر مبتدأ محذوف أي هذه أو هذه ألم
(وحسن) إن نصبت بمحذوف أي اقرأ ألم وليست بوقف إن جعلت على إضمار حرف القسم وأن ذلك الكتاب قد قام مقام جوابها وكأنه قال وحق هذه الحروف إنَّ هذا الكتاب يا محمد هو الكتاب الذي وعدت به على لسان النبيين من قبلك فهي متعلقة بما بعدها لحصول الفائدة فيه فلا تفصل منه لأنَّ القسم لا بد له من جواب وجوابه بعده والقسم يفتقر إلى أداة وهنا الكلام عار من أداة القسم وليست ألم وقفًا أيضًا إن جعلت مبتدأ وذلك خبره وكذا لا يكون ألم وقفًا إن جعل ذلك مبتدأ ثانيًا والكتاب خبره والجملة خبر ألم وأغنى الربط باسم الإشارة وفيه نظر من حيث تعدد الخبر وأحدهما جملة لكن الظاهر جوازه كقوله فإذا هي حية تسعى إن جعل تسعى خبرًا وأما إن جعل صفة فلا وإن جعل ألم مبتدأ وذلك مبتدأ ثانيًا والكتاب بدل أو عطف بيان حسن الوقف على الكتاب وليس بوقف إن جعل ذلك مبتدأ خبره لا ريب أو جعل ذلك مبتدأ والكتاب ولا ريب فيه خبر إن له أو جعل لا ريب فيه خيرًا عن المبتدأ الثاني وهو وخبره خبر عن الأول وهكذا يقال في جميع الحروف التي في أوائل السور على القول بأنها معربة وإن محلاً من الإعراب).
[منار الهدى:28- 29]


يتبع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 08-09-2021, 03:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,626
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بحث: تفسير قول الله تعالى: {الم} وبيان ما قيل في الأحرف المقطعة في أوائل السور

بحث: تفسير قول الله تعالى: {الم} وبيان ما قيل في الأحرف المقطعة في أوائل السور
بدرية طالبة علم



• المسائل التفسيرية:

*أقوال السلف في الأحرف المقطعة :

1- القول الأول: إنها مما استأثر الله بعلمه .
- قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( وقال بعضهم: لكلّ كتابٍ سرٌّ، وسرّ القرآن فواتحه).
[ جامع البيان 1/ 204- 228]

- قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ بن حبان في التفسير عن داود بن أبي هند قال: «كنت أسأل الشعبي عن فواتح السور قال: يا داود إن لكل كتاب سرا وإن سر هذا القرآن فواتح السور فدعها وسل عما بدا لك).
[الدر المنثور1/ 118- 128]

2- القول الثاني: من أسماء الله.

- قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقال بعضهم: هو اسم اللّه الأعظم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، قال:حدّثنا شعبة، قال: « سألت السّدّيّ عن {حم} و{طسم} و{الم} فقال: قال ابن عبّاسٍ: هو اسم اللّه الأعظم ».
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثني أبو النّعمان، قال: حدّثنا شعبة، عن إسماعيل السّدّيّ، عن مرّة الهمدانيّ، قال: قال عبد اللّه فذكر نحوه.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق بن الحجّاج، عن عبيد اللّه بن موسى، عن إسماعيل، عن الشّعبيّ، قال: « فواتح السّور من أسماء اللّه ».
- حدّثني موسى بن هارون الهمدانيّ، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ القنّاد، قال: حدّثنا أسباط بن نصرٍ، عن إسماعيل السّدّيّ، في خبرٍ ذكره عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة الهمدانيّ، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ، من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {الم} قال: أمّا: « {الم} فهو حروفٌ اشتقّ من حروف هجاء أسماء اللّه».
- حدّثنا محمّد بن معمرٍ، قال: حدّثنا عياش بن زيادٍ الباهليّ، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {الم} و{حم} و{ن}، قال: « اسمٌ مقطّعٌ ».
- حدّثني المثنّى بن إبراهيم الطّبريّ، قال: حدّثنا إسحاق بن الحجّاج، عن عبد اللّه بن أبي جعفرٍ الرّازيّ، قال: حدّثني أبي، عن الرّبيع بن أنسٍ، في قول اللّه تعالى ذكره: {الم} قال: « هذه الأحرف من التّسعة والعشرين حرفًا، دارت فيها الألسن كلّها، ليس منها حرفٌ إلاّ وهو مفتاح اسمٍ من أسمائه، وليس منها حرفٌ إلاّ وهو في آلائه وبلائه، وليس منها حرفٌ إلاّ وهو فى مدّة قومٍ وآجالهم».وقال عيسى ابن مريم: « وعجبٌ ينطقون في أسمائه، ويعيشون في رزقه، فكيف يكفرون به؟» قال: « الألف: مفتاح اسمه اللّه، واللاّم: مفتاح اسمه لطيفٍ، والميم: مفتاح اسمه مجيدٍ؛ والألف: آلاء اللّه، واللاّم: لطفه، والميم: مجده؛ الألف: سنةٌ، واللاّم ثلاثون سنةً، والميم: أربعون سنةً ».
-حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا حكّامٌ، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع بنحوه.
[ جامع البيان 1/ 204- 228]

- قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327ه) : (
حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح، ثنا يحيى بن عبّادٍ، ثنا شعبة، عن السّدّيّ قال: بلغني عن ابن عبّاسٍ أنّه قال: « {الم} اسمٌ من أسماء اللّه الأعظم ».
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّاد بن طلحة القناد بن نصرٍ، عن السّدّيّ {الم}: أمّا الم فهو حرفٌ اشتقّ من حروف اسم اللّه.
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن عبد العزيز بن أبي رزمة ثنا أبي ثنا عيسى بن عبيدٍ، عن حسين بن عثمان المزنيّ، عن سالم بن عبد اللّه قال:« {الم} و{حم} و{ن}، ونحوها: أسماء اللّه مقطّعةً ».
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا أبو بكرٍ وعثمان ابنا أبي شيبة قالا: ثنا سويد بن عمرٍو، عن أبي عوانة، عن إسماعيل بن سالمٍ، عن عامر أنه سئل عن {الم}، و{الر}، و{حم}، و{ص}. قال: « هي اسمٌ من أسماء اللّه مقطّعةً بالهجاء، فإذا وصلتها كانت اسمًا من أسماء اللّه ».
- حدّثني أبي، حدّثني محمّد بن معمرٍ، ثنا عيّاش بن زيادٍ الباهليّ، ثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله:{الم}، و{حم}، و{ن}، قال: «اسم مقطع ».\
- حدّثنا عصام بن روّاد بن الجرّاح العسقلانيّ، ثنا آدم بن أبي إياسٍ، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية في قوله الم قال: «هذه الأحرف الثّلاثة من التّسعة والعشرين حرفًا دارت فيها الألسن كلّها ليس منها حرفٌ إلا وهو مفتاح اسمٍ من أسمائه، وليس منها حرفٌ إلا وهو في آلائه، وليس منها حرفٌ إلا وهو في مدّة أقوام وآجالهم ». وقال عيسى بن مريم- صلّى اللّه عليه وسلّم- وعجب فقال: « وأعجب أنّهم ينطقون بأسمائه ويعيشون في رزقه، فكيف يكفرون به؟ فالألف مفتاح اسمه: اللّه. واللام مفتاح اسمه: لطيفٍ. والميم مفتاح اسمه: مجيدٍ. فالألف آلاء اللّه، واللام لطف اللّه، والميم مجد اللّه فالألف ستّةٌ، واللام ثلاثون، والميم أربعون ». قال أبو محمّدٍ: وروي عن الرّبيع بن أنسٍ مثل ذلك.
[تفسير القرآن العظيم: 1 / 33 -32]

- قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني أبو أحمد محمّد بن إسحاق الصّفّار، ثنا أحمد بن نصرٍ، ثنا عمرو بن طلحة القنّاد، ثنا أسباط بن نصرٍ، عن إسماعيل بن عبد الرّحمن، عن مرّة الهمدانيّ، عن ابن مسعودٍ رضي اللّه عنه: {الم ذلك الكتاب} [البقرة: 2] قال: « {الم}: حرف اسم اللّه، و {الكتاب} [البقرة: 2] : القرآن، {لا ريب فيه} [البقرة: 2( لا شكّ فيه »هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلمٍ، ولم يخرّجاه)
[المستدرك: 2 / 286]

- قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (
- وأخرج ابن جرير والبيهقي في كتاب الأسماء والصفات عن ابن مسعود قال: « {الم} حروف اشتقت من حروف هجاء أسماء الله ».
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {الم} و{حم} و{ن} قال: « اسم مقطع ».
-وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في كتاب الأسماء عن ابن عباس في قوله{الم}و{المص} و{الر} و{المر}و {كهيعص} و{طه} و{طسم} و{طس} و{يس}و و {حم} و{ق} و{ن} قال: « هو قسم أقسمه الله وهو من أسماء الله».
-وأخرج ابن جريج عن ابن مسعود في قوله {الم} قال:« هو اسم الله الأعظم».
-وأخرج ابن جريج، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {الم} و{حم} و{طس} قال: «هي اسم الله الأعظم ».
-وأخرج ابن أبي شيبة في تفسيره، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن عامر، أنه سئل عن فواتح السور نحو {الم} و{الر} قال: « هي أسماء من أسماء الله مقطعة الهجاء فإذا وصلتها كانت أسماء من أسماء الله ».
-وأخرج عبد بن حميد عن الربيع بن أنس في قوله {الم} قال: « ألف مفتاح اسمه الله ولام مفتاح اسمه لطيف وميم مفتاح اسمه مجيد».
-وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: « فواتح السور أسماء من أسماء الله ».
-وأخرج أبو الشيخ والبيهقي في الأسماء والصفات عن السدي قال:« فواتح السور كلها من أسماء الله ».
-وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال: «هذه الأحرف الثلاثة من التسعة والعشرين حرفا دارت فيها الألسن كلها ليس منها إلا حرف وهو مفتاح اسم من أسمائه وليس منها حرف إلا وهو من آية وثلاثة وليس منها حرف إلا وهو في مدة قوم وآجالهم، فالألف مفتاح اسمه الله واللام مفتاح اسمه اللطيف والميم مفتاح اسمه مجيد، فالألف آلاء الله واللام لطف الله والميم مجد الله، فالألف سنة واللام ثلاثون والميم أربعون ».
[الدر المنثور 1/ 118- 128]


3- القول الثالث: من أسماء السور .

- قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : وقال بعضهم: هو اسمٌ للسّورة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أنبأنا عبد اللّه بن وهبٍ، قال: سألت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم، عن قول اللّه: {الم ذلك الكتاب} و{الم تنزيل} و{المر تلك} فقال: قال أبي: « إنّما هي أسماء السّور ».)
[ جامع البيان 1/ 204- 228]

- قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
-وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم قال « {الم} ونحوها أسماء السور ».
[ الدر المنثور 1/ 118- 128]

4- القول الرابع: فواتح للسور.

- قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310ه) : ( وقال بعضهم: هو فواتح يفتح اللّه بها القرآن.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني هارون بن إدريس الأصمّ الكوفيّ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن محمّدٍ المحاربيّ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قال: « {الم} فواتح يفتح اللّه بها القرآن ».
- حدّثنا أحمد بن حازمٍ الغفاريّ، قال: حدّثنا أبو نعيمٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن مجاهدٍ، قال:« {الم} فواتح ».
- حدّثني المثنّى بن إبراهيم، قال: حدّثنا إسحاق بن الحجّاج، عن يحيى بن آدم، عن سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قال: « {الم} و{حم} و{المص} و{ص} فواتح افتتح اللّه بها ».
- حدّثنا القاسم بن الحسن، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ مثل حديث هارون بن إدريس.
[ جامع البيان 1/ 204- 228]

- قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ) : (
- حدّثنا الحسين بن الحسن، ثنا إبراهيم بن عبد اللّه بن حاتمٍ الهرويّ، ثنا حجّاج بن محمّدٍ. قال ابن جريجٍ إنّها عن مجاهدٍ أنّه قال: « الم هي فواتح يفتتح اللّه بها القرآن ».
[تفسير القرآن العظيم: 1 / 33 -32]

- قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ بن حبان عن مجاهد قال {الم} و{حم} و{المص}وفواتح افتتح الله بها القرآن.
-وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحسن قال {الم}و {طسم} فواتح يفتتح الله بها السور.
[الدر المنثور: 1 / 118 – 127]

5- القول الخامس: من أسماء القرآن .

- قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أخبرنا معمر عن قتادة في قوله: {الم} قال: [اسم من أسماء القرآن).
[تفسير عبد الرزاق: 1 / 39 ]

- قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (قال بعضهم: هو اسمٌ من أسماء القرآن.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {الم} قال: « اسمٌ من أسماء القرآن ».
- حدّثني المثنّى بن إبراهيم الآمليّ، قال: حدّثنا أبو حذيفة موسى بن مسعودٍ قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: « {الم} اسمٌ من أسماء القرآن ».
- حدّثنا القاسم بن الحسن، قال: حدّثنا الحسين بن داود، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال:« {الم} اسمٌ من أسماء القرآن».
[ جامع البيان 1/ 204- 228]

- قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ) : (
- حدّثنا، أبي ثنا أبو حذيفة، ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ:الم اسمٌ من أسماء القرآن . وكذا فسّره قتادة، وزيد بن أسلم.
[تفسير القرآن العظيم: 1 / 33 -32]

- قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (
أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {الم} قال: « اسم من أسماء ألقرآن»
-وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله {الم} قال: « اسم من أسماء ألقرآن»
[الدر المنثور 1/ 118- 128]

6- القول السادس: قسم

- قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقال بعضهم: هو قسمٌ أقسم اللّه به، وهي من أسمائه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يحيى بن عثمان بن صالحٍ السّهميّ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قال: « هو قسمٌ أقسمه اللّه، وهو من أسماء اللّه».
- حدّثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، قال: حدّثنا خالدٌ الحذّاء، عن عكرمة، قال: {الم} ( قسمٌ )
[ جامع البيان 1/ 204- 228]

- قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ) : (
- - حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا ابن عليّة عن خالدٍ الحذّاء عن عكرمة:« {الم} قسمٌ »).
[تفسير القرآن العظيم: 1 / 33 -32]

- قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (
-وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال« {الم} قسم».
[الدر المنثور: 1 / 118 – 127]


7- القول السابع: رموز تدل على جمل ذات معانِ

- قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقال بعضهم: هو حروفٌ مقطّعةٌ من أسماءٍ وأفعالٍ، كلّ حرفٍ من ذلك لمعنًى غير معنى الحرف الآخر.
ذكر من قال ذلك:
حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، وحدّثنا سفيان عن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي عن شريكٍ، عن عطاء بن السّائب، عن أبي الضّحى، عن ابن عبّاسٍ: {الم}، قال: « أنا اللّه أعلم ».
- وحدّثت عن أبي عبيدٍ، قال: حدّثنا أبو اليقظان، عن عطاء بن السّائب،عن سعيد بن جبيرٍ، قال: قوله: {الم} قال:« أنا اللّه أعلم».
[ جامع البيان 1/ 204- 228]

- قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا وكيعٌ، عن شريكٍ، عن عطاء بن السّائب، عن أنس الضّحى، عن ابن عبّاسٍ {الم} قال: « أنا اللّه أعلم». قال أبو محمّدٍ: وكذا فسّره سعيد بن جبير والضحاك).
[تفسير القرآن العظيم: 1 / 33 -32]

- قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (
وأخرج وكيع، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والنحاس من طرق عن ابن عباس في قوله {الم} قال: « أنا الله أعلم )
[الدر المنثور 1/ 117- 128]

8- القول الثامن : هجاء موضوع.
- قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310ه): ( وقال بعضهم: هي حروف هجاءٍ موضوعٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثت عن منصور بن أبي نويرة، قال: حدّثنا أبو سعيدٍ المؤدّب، عن خصيفٍ، عن مجاهدٍ، قال: « فواتح السّور كلّها {ق} و{ص} و{حم} و{طسم} و{الر} وغير ذلك، هجاءٌ موضوعٌ ».
[ جامع البيان 1/ 204- 228]

- قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال: فواتح السور كلها {الم} و{المر} و{حم} و{ق} وغير ذلك هجاء موضوع.
[الدر المنثور 1/ 117- 128]


9- القول التاسع: حروف تدل على حساب الجمّل.

- قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310ه) وقال بعضهم: هي حروفٌ من حساب الجمل، كرهنا ذكر الّذي حكي ذلك عنه، إذ كان الّذي رواه ممّن لا يعتمد على روايته ونقله، وقد مضت الرّواية بنظير ذلك من القول عن الرّبيع بن أنسٍ.
[ جامع البيان 1/ 204- 228]

- قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 ه) : (
وأخرج ابن إسحاق والبخاري في تاريخه، وابن جرير بسند ضعيف عن ابن عباس، عن جابر بن عبد الله بن رباب قال:« مر أبو ياسر بن أخطب في رجال من يهود برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتلو فاتحة سورة البقرة {الم ذلك الكتاب} فأتاه أخوه حيي بنأخطب في رجال من اليهود فقال: تعلمون - والله - لقد سمعت محمدا يتلو فيما أنزل عليه {الم ذلك الكتاب} فقالوا أنت سمعته قال: نعم، فمشى حيي في أولئك النفر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: قد جاءك بهذا جبريل من عند الله
قال: «نعم»، قالوا: لقد بعث الله قبلك أنبياء ما نعلمه بين لنبي لهم ما مدة ملكه وما أجل أمته غيرك فقال حيي بن أخطب: وأقبل على من معه الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون فهذه إحدى وسبعون سنة، أفتدخلون في دين نبي إنما مدة ملكه وأجل أمته إحدى وسبعون سنة ثم أقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد هل مع هذا غيره قال: «نعم»، قال: وما ذاك قال:{المص} قال: هذه أثقل وأطول، الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون والصاد تسعون فهذه مائة وإحدى وستون، هل مع هذا يا محمد غيره قال: «نعم»، قال: ماذا؟ قال: {الر}، قال: هذه أثقل وأطول، الألف واحدة واللام ثلاثون والراء مائتان فهذه إحدى وثلاثون ومائتا سنة، فهل مع هذا غيره؟ قال: «نعم، {المر}» قال: فهذه أثقل وأطول، الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون والراء مائتان فهذه إحدى وسبعون سنة ومائتان، ثم قال: لقد لبس علينا أمرك يا محمد حتى ما ندري أقليلا أعطيت أم كثيرا ثم قاموا فقال أبو ياسر لأخيه حيي ومن معه من الأحبار: ما يدريكم لعله قد جمع هذا لمحمد كله، إحدى وسبعون وإحدى وستون ومائة وإحدى وثلاثون ومائتان
وإحدى وسبعون ومائتان فذلك سبعمائة وأربع وثلاثون، فقالوا: لقد تشابه علينا أمره، فيزعمون أن هذه الآيات نزلت فيهم {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات}[آل عمران الآية 7]»)

-وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: «إن اليهود كانوا يجدون محمدا وأمته أن محمدا مبعوث ولا يدرون ما مدة أمة محمد، فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم وأنزل {الم} قالوا: قد كنا نعلم أن هذه الأمة مبعوثة وكنا لا ندري كم مدتها فإن كان محمد صادقا فهو نبي هذه الأمة قد بين لنا كم مدة محمد لأن {الم} في حساب جملنا إحدى وسبعون سنة فما نصنع بدين إنما هو واحد وسبعون سنة فلما نزلت {الر} وكانت في حسابهم مائتي سنة وواحدا وثلاثين سنة قالوا: هذا الآن مائتان وواحدا وثلاثون سنة وواحدة وسبعون، قيل ثم أنزل {المر} فكان في حساب حملهم مائتي سنة وواحدة وسبعين سنة في نحو هذا من صدور السور فقالوا: قد التبس علينا أمره ».
[الدر المنثور: 1 / 118 – 127]

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13-09-2021, 07:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,626
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بحث: تفسير قول الله تعالى: {الم} وبيان ما قيل في الأحرف المقطعة في أوائل السور


بحث: تفسير قول الله تعالى: {الم} وبيان ما قيل في الأحرف المقطعة في أوائل السور
بدرية طالبة علم

*أقوال المفسرين في الأحرف المقطعة:


- قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310ه) – بعد إيراده لأقوال السلف-:

( وأمّا أهل العربيّة فإنّهم اختلفوا في معنى ذلك، فقال بعضهم: هي حروفٌ من حروف المعجم استغني بذكر ما ذكر منها في أوائل السّور عن ذكر بواقيها الّتي هي تتمّة الثّمانية والعشرين حرفًا، كما استغنى المخبر عمّن أخبر عنه أنّه في حروف المعجم الثّمانية والعشرين بذكر أ ب ت ث عن ذكر بواقي حروفها الّتي هي تتمّة الثّمانية والعشرين، قال: ولذلك رفع {ذلك الكتاب} لأنّ معنى الكلام: الألف واللاّم والميم من الحروف المقطّعة {ذلك الكتاب} الّذي أنزلته إليك مجموعًا {لا ريب فيه}.
فإن قال قائلٌ: فإنّ أ ب ت ث قد صارت كالاسم في حروف الهجاء كما صارت الحمد اسمًا لفاتحة الكتاب.
قيل له: لمّا كان جائزًا أن يقول القائل: ابني في ط ظ، وكان معلومًا بقيله ذلك لو قاله أنّه يريد الخبر عن ابنه أنّه في الحروف المقطّعة، علم بذلك أنّ أ ب ت ث ليس لها باسمٍ، وإن كان ذلك آثر في الذّكر من سائرها.
قال: وإنّما خولف بين ذكر حروف المعجم في فواتح السّور، فذكرت في أوائلها مختلفةً، وذكرها إذا ذكرت بأوائلها الّتي هي أ ب ت ث مؤتلفةً ليفصل بين الخبر عنها، إذا أريد بذكر ما ذكر منها مختلفًا الدّلالة على الكلام المتّصل، وإذا أريد بذكر ما ذكر منها مؤتلفًا الدّلالة على الحروف المقطّعة بأعيانها.
واستشهدوا لإجازة قول القائل: ابني في ط ظ، وما أشبه ذلك من الخبر عنه أنّه في حروف المعجم، وأنّ ذلك من قيله في البيان يقوم مقام قوله: ابني في أ ب ت ث برجز بعض الرّجّاز من بني أسدٍ:
لمّا رأيت أمرها في حطّي.......وفنكت في كذبٍ ولطّ.
أخذت منها بقرونٍ شمط.......فلم يزل ضربي بها ومعطي.
حتّى علا الرّأس دمٌ يغطّي

فزعم أنّه أراد بذلك الخبر عن المرأة أنّها في أبي جادٍ، فأقام قوله:
لمّا رأيت أمرها في حطّي

مقام خبره عنها أنّها في أبي جادٍ، إذ كان ذاك من قوله يدلّ سامعه على ما يدلّه عليه قوله: لمّا رأيت أمرها في أبي جادٍ.
وقال آخرون: بل ابتدئت بذلك أوائل السّور ليفتح لاستماعه أسماع المشركين، إذ تواصوا بالإعراض عن القرآن، حتّى إذا استمعوا له تلي عليهم المؤلّف منه.
وقال بعضهم: الحروف الّتي هي فواتح السّور حروفٌ يستفتح اللّه بها كلامه.
وقال فإن قيل: هل يكون من القرآن ما ليس له معنى؟
فإنّ معنى هذا أنّه ابتدأ بها ليعلم أنّ السّورة الّتي قبلها قد انقضت، وأنّه قد أخذ في أخرى، فجعل هذا علامة انقطاع ما بينهما، وذلك في كلام العرب ينشد الرّجل منهم الشّعر فيقول:
بل، وبلدةٌ ما الإنس من آهالها
ويقول:
لا بل، ما هاج أحزانًا وشجوًا قد شجا
و بل ليست من البيت ولا تعدّ في وزنه، ولكن يقطع بها كلامًا ويستأنف الآخر.
قال أبو جعفرٍ: ولكلّ قولٍ من الأقوال الّتي قالها الّذين وصفنا قولهم في ذلك وجهٌ معروفٌ.
فأمّا الّذين قالوا: {الم} اسمٌ من أسماء القرآن، فلقولهم ذلك وجهان:
أحدهما أن يكونوا أرادوا أنّ: {الم} اسمٌ للقرآن كما الفرقان اسمٌ له. وإذا كان معنى قائل ذلك كذلك، كان تأويل قوله: {الم} ذلك الكتاب على معنى القسم؛ كأنّه قال: والقرآن هذا الكتاب لا ريب فيه.
والآخر منهما أن يكونوا أرادوا أنّه اسمٌ من أسماء السّورة تعرف به كما تعرف سائر الأشياء بأسمائها الّتي هي لها أماراتٌ تعرف بها، فيفهم السّامع من القائل،
يقول: قرأت اليوم المص ون أي السّورة الّتي قرأها من سور القرآن، كما يفهم عنه إذا قال: لقيت اليوم عمرًا وزيدًا، وهما بزيد وعمرٍو عارفان من الّذي لقي من النّاس.
وإن أشكل معنى ذلك على امرئٍ فقال: وكيف يجوز أن يكون ذلك كذلك ونظائر {الم} {المر} في القرآن جماعةٌ من السّور؟ وإنّما تكون الأسماء أماراتٍ، إذا كانت مميّزةً بين الأشخاص، فأمّا إذا كانت غير مميّزةٍ فليست أماراتٍ.
قيل: إنّ الأسماء وإن كانت قد صارت لاشتراك كثيرٍ من النّاس في الواحد منها غير مميّزةٍ إلاّ بمعانٍ أخر معها من ضمّ نسبة المسمّى بها إليها أو نعته أو صفته بما يفرّق بينه وبين غيره من أشكالها، فإنّها وضعت ابتداءً للتّمييز لا شكّ ثمّ احتيج عند الاشتراك إلى المعاني المفرّقة بين المسمّى بها. فكذلك ذلك في أسماء السّور، جعل كلّ اسمٍ في قول قائل هذه المقالة أمارةً للمسمّى به من السّور فلمّا شارك المسمّى به فيه غيره من سور القرآن احتاج المخبر عن سورةٍ منها أن يضمّ إلى اسمها المسمّى به من ذلك إلى ما يفرّق بها السّامع بين الخبر عنها وعن غيرها من نعتٍ وصفةٍ أو غير ذلك، فيقول المخبر عن نفسه إنّه تلا سورة البقرة إذا سمّاها باسمها الّذي هو {الم} قرأت الم البقرة، وفي آل عمران: قرأت الم آل عمران، أو الم ذلك الكتاب والم اللّه لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم.
كما لو أراد الخبر عن رجلين اسم كلّ واحدٍ منهما عمرٌو، غير أنّ أحدهما تميميٌّ والآخر أزديٌّ، للزمه أن يقول لمن أراد إخباره عنهما: لقيت عمرًا التّميميّ وعمرًا الأزديّ، إذا كان لا يفرق بينهما وبين غيرهما ممّن يشاركهما في أسمائهما إلاّ نسبتهما كذلك، فكذلك ذلك في قول من تأوّل في الحروف المقطّعة أنّها أسماء للسّور.
أمّا الّذين قالوا: ذلك فواتح يفتتح اللّه عزّ وجلّ بها كلامه، فإنّهم وجّهوا ذلك إلى نحو المعنى الّذي حكيناه عمّن حكينا عنه من أهل العربيّة أنّه قال: ذلك أدلّةٌ على انقضاء سورةٍ وابتداءٍ في أخرى وعلامةٌ لانقطاع ما بينهما، كما جعلت بل في ابتداء قصيدةٍ دلالةً على ابتداءٍ فيها وانقضاء أخرى قبلها كما ذكرنا عن العرب إذا أرادوا الابتداء في إنشاد قصيدةٍ، قالوا:
بل، ما هاج أحزانًا وشجوًا قد شجا
وبل ليست من البيت ولا داخلةً في وزنه، ولكن ليدلّ به على قطع كلامٍ وابتداء آخر.
وأمّا الّذين قالوا: ذلك حروفٌ مقطّعةٌ بعضها من أسماء اللّه عزّ وجلّ، وبعضها من صفاته، ولكلّ حرفٍ من ذلك معنًى غير معنى الحرف الآخر. فإنّهم نحوا بتأويلهم ذلك نحو قول الشّاعر:

قلنا لها قفي لنا قالت قاف.......لا تحسبي أنّا نسينا الإيجاف

يعني بقوله: قالت قاف. قالت: وقفت. فدلّت بإظهار القاف من وقفت على مرادها من تمام الكلمة الّتي هي وقفت، فصرفوا قوله: {الم} وما أشبه ذلك إلى نحو هذا المعنى، فقال بعضهم: الألف ألف أنا، واللاّم لام اللّه، والميم ميم أعلم، وكلّ حرفٍ منها دالٌّ على كلمةٍ تامّةٍ. قالوا: فجملة هذه الحروف المقطّعة إذا ظهر مع كلّ حرفٍ منهنّ تمام حروف الكلمة أنا اللّه أعلم. قالوا: وكذلك سائر جميع ما في أوائل سور القرآن من ذلك، فعلى هذا المعنى وبهذا التّأويل. قالوا: ومستفيضٌ ظاهرٌ في كلام العرب أن ينقص المتكلّم منهم من الكلمة الأحرف إذا كان فيما بقي دلالةٌ على ما حذف منها، ويزيد فيها ما ليس منها إذا لم تكن الزّيادة ملبّسةً معناها على سامعها كحذفهم في النّقص في التّرخيم من حارثٍ الثّاء فيقولون: يا حارّ، ومن مالكٍ الكاف فيقولون: يا مالّ، وما أشبه ذلك. وكقول راجزهم:

ما للظّليم عال كيف لا يا.......ينقدّ عنه جلده إذا يا

كأنّه أراد أن يقول: إذا يفعل كذا وكذا، فاكتفى بالياء من يفعل، وكما قال آخر منهم:
بالخير خيراتٌ وإن شرًّا فا

يريد فشرًّا

ولا أريد الشّرّ إلاّ أن تا

يريد إلاّ أن تشاء. فاكتفى بالتّاء والفاء في الكلمتين جميعًا من سائر حروفهما، وما أشبه ذلك من الشّواهد الّتي يطول الكتاب باستيعابه.
- وكما حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أيّوب، وابن عونٍ، عن محمّدٍ، قال: «لمّا مات يزيد بن معاوية، قال لي عبيدة: إنّي لا أراها إلاّ كائنةً فتنةً فافزع من ضيعتك والحق بأهلك قلت: فما تأمرني؟ قال: أحبّ إليّ لك أن تا »، قال أيّوب وابن عونٍ بيده تحت خدّه الأيمن يصف الاضطجاع، حتّى ترى أمرًا تعرفه.
قال أبو جعفرٍ: يعني ب تا تضطجع، فاجتزأ بالتّاء من تضطجع. وكما قال الآخر في الزّيادة في الكلام على النّحو الّذي وصفت:

أقول إذ خرّت على الكلكال.......يا ناقتي ما جلت من مجال

يريد الكلكل. وكما قال الآخر:

إنّ شكلي وإنّ شكلك شتّى.......فالزمي الخصّ واخفضي تبيضضّي

فزاد ضادًا وليست في الكلمة.
قالوا: فكذلك ما نقص من تمام حروف كلّ كلمةٍ من هذه الكلمات الّتي ذكرنا أنّها تتمّة حروف {الم} ونظائرها، نظير ما نقص من الكلام الّذي حكيناه عن العرب في أشعارها وكلامها.
وأمّا الّذين قالوا: كلّ حرفٍ من {الم} ونظائرها دالٌّ على معانٍ شتّى نحو الّذي ذكرنا عن الرّبيع بن أنسٍ، فإنّهم وجّهوا ذلك إلى مثل الّذي وجّهه إليه من قال هو بتأويل: أنا اللّه أعلم في أنّ كلّ حرفٍ منه بعض حروف كلمةٍ تامّةٍ استغنى بدلالته على تمامه عن ذكر تمامه، وإن كانوا له مخالفين في كلّ حرفٍ من ذلك، أهو من الكلمة الّتي ادّعى أنّه منها قائلو القول الأوّل أم من غيرها؟ فقالوا: بل الألف من {الم} من كلماتٍ شتّى هي دالّةٌ على معاني جميع ذلك وعلى تمامه. قالوا: وإنّما أفرد كلّ حرفٍ من ذلك وقصر به عن تمام حروف الكلمة أنّ جميع حروف الكلمة لو أظهرت لم تدلّ الكلمة الّتي تظهر الّتي بعض هذه الحروف المقطّعة بعضٌ لها، إلاّ على معنى واحدٍ لا على معنيين وأكثر منهما.
قالوا: وإذا كان لا دلالة في ذلك لو أظهر جميعها إلاّ على معناها الّذي هو معنى واحدٌ، وكان اللّه جلّ ثناؤه قد أراد الدّلالة بكلّ حرفٍ منها على معانٍ كثيرةٍ لشيءٍ واحدٍ، لم يجز إلاّ أن يفرد الحرف الدّالّ على تلك المعاني، ليعلم المخاطبون به أنّ اللّه عزّ وجلّ لم يقصد قصد معنى واحدٍ ودلالةٍ على شيءٍ واحدٍ بما خاطبهم به، وأنّه إنّما قصد الدّلالة به على أشياء كثيرةٍ.
قالوا: فالألف من {الم} مقتضيةٌ معاني كثيرةٍ، منها: إتمام اسم الرّبّ الّذي هو اللّه، وتمام اسم نعماء اللّه الّتي هي آلاء اللّه، والدّلالة على أجل قومٍ أنّه سنةٌ، إذا كانت الألف في حساب الجمل واحدًا. واللاّم مقتضيةٌ تمام اسم اللّه الّذي هو لطيفٌ، وتمام اسم فضله الّذي هو لطفٌ، والدّلالة على أجل قومٍ أنّه ثلاثون سنةً. والميم مقتضيةٌ تمام اسم اللّه الّذي هو مجيدٌ، وتمام اسم عظمته الّتي هي مجدٌ، والدّلالة على أجل قومٍ أنّه أربعون سنةً.
فكان معنى الكلام في تأويل قائل القول الأوّل: أنّ اللّه جلّ ثناؤه افتتح كلامه بوصف نفسه بأنّه العالم الّذي لا يخفى عليه شيءٌ، وجعل ذلك لعباده منهجًا يسلكونه في مفتتح خطبهم ورسائلهم ومهمّ أمورهم، وابتلاءً منه لهم به ليستوجبوا به عظيم الثّواب في دار الجزاء، كما افتتح بالحمد للّه ربّ العالمين، و{الحمد للّه الّذي خلق السّموات والأرض} وما أشبه ذلك من السّور الّتي جعل مفاتحها الحمد لنفسه. وكما جعل مفاتح بعضها تعظيم نفسه وإجلالها بالتّسبيح كما قال جلّ ثناؤه {سبحان الّذي أسرى بعبده ليلاً}
وما أشبه ذلك من سائر سور القرآن الّتي جعل مفاتح بعضها تحميد نفسه، ومفاتح بعضها تمجيدها، ومفاتح بعضها تعظيمها وتنزيهها. فكذلك جعل مفاتح السّور الأخرى الّتي أوائلها بعض حروف المعجم مدائح نفسه أحيانًا بالعلم، وأحيانًا بالعدل والإنصاف، وأحيانًا بالإفضال والإحسان بإيجازٍ واختصارٍ، ثمّ اقتصاص الأمور بعد ذلك.
وعلى هذا التّأويل يجب أن يكون الألف واللاّم والميم في أماكن الرّفع مرفوعًا بعضها ببعضٍ دون قوله: {ذلك الكتاب} ويكون ذلك الكتاب خبر مبتدأٍ منقطعًا عن معنى {الم} وكذلك ذلك في تأويل قول قائل هذا القول الثّاني مرفوعٌ بعضه ببعضٍ، وإن كان مخالفًا معناه معنى قول قائل القول الأوّل.
وأمّا الّذين قالوا: هنّ حروفٌ من حروف حساب الجمل دون ما خالف ذلك من المعاني، فإنّهم قالوا: لا نعرف للحروف المقطّعة معنًى يفهم سوى حساب الجمل وسوى تهجّي قول القائل: {الم}وقالوا: غير جائزٍ أن يخاطب اللّه جلّ ثناؤه عباده إلاّ بما يفهمونه ويعقلونه عنه. فلمّا كان ذلك كذلك وكان قوله: {الم} لا يعقل لها وجهٌ توجّه إليه إلاّ أحد الوجهين اللّذين ذكرنا، فبطل أحد وجهيه، وهو أن يكون مرادًا بها تهجّي {الم} صحّ وثبت أنّه مرادٌ به الوجه الثّاني وهو حساب الجمل؛ لأنّ قول القائل: {الم} لا يجوز أن يليه من الكلام ذلك الكتاب لاستحالة معنى الكلام وخروجه عن المعقول إذا ولي {الم} ذلك الكتاب.
واحتجّوا لقولهم ذلك أيضًا بما حدّثنا به محمّد بن حميدٍ الرّازيّ، قال: حدّثنا سلمة بن الفضل،قال: حدّثني محمّد بن إسحاق، قال: حدّثني الكلبيّ، عن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، عن جابر بن عبد اللّه بن رئابٍ، قال: « مرّ أبو ياسر بن أخطب برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو يتلو فاتحة سورة البقرة: {الم ذلك الكتاب لا ريب فيه} فأتى أخاه حييّ بن أخطب في رجالٍ من يهود فقال: تعلمون واللّه لقد سمعت محمّدًا يتلو فيما أنزل اللّه عزّ وجلّ عليه: {الم ذلك الكتاب} فقالوا: أنت سمعته؟ قال: نعم فمشى حييّ بن أخطب في أولئك النّفر من يهود إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالوا: يا محمّد ألم يذكر لنا أنّك تتلو فيما أنزل عليك: {الم ذلك الكتاب} فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «بلى» فقالوا: أجاءك بها جبريل من عند اللّه؟ قال: «نعم» قالوا: لقد بعث اللّه جلّ ثناؤه قبلك أنبياء ما نعلمه بيّن لنبيٍّ منهم ما مدّة ملكه وما أكل أمّته غيرك فقال حييّ بن أخطب: وأقبل على من كان معه، فقال لهم: الألف واحدةٌ، واللاّم ثلاثون، والميم أربعون، فهذه إحدى وسبعون سنةً، قال: فقال لهم: أفتدخلون في دين نبيٍّ إنّما مدّة ملكه وأكل أمّته إحدى وسبعون سنةً؟ قال: ثمّ أقبل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: يا محمّد هل مع هذا غيره؟ قال: «نعم» قال: ماذا؟ قال: {المص} قال: هذه أثقل وأطول: الألف واحدةٌ، واللاّم ثلاثون، والميم أربعون، والصّاد تسعون. فهذه إحدى وستّون ومائةٌ سنةً هل مع هذا يا محمّد غيره؟ قال: «نعم»قال: ماذا؟ قال: {الر} قال: هذه أثقل وأطول الألف واحدةٌ، واللاّم ثلاثون، والرّاء مائتان، فهذه إحدى وثلاثون ومائتا سنةٍ ؛ فهل مع هذا غيره يا محمّد؟ قال: «نعم، {المر}» قال: فهذه أثقل وأطول: الألف واحدةٌ واللاّم ثلاثون، والميم أربعون، والرّاء مائتان، فهذه إحدى وسبعون ومائتا سنةٍ . ثمّ قال: لقد لبّس علينا أمرك يا محمّد، حتّى ما ندري أقليلاً أعطيت أم كثيرًا ثمّ قاموا عنه، فقال أبو ياسرٍ لأخيه حييّ بن أخطب ولمن معه من الأحبار: ما يدريكم لعلّه قد جمع هذا كلّه لمحمّدٍ: إحدى وسبعون، وإحدى وستّون ومائةٌ، ومائتان وإحدى وثلاثون، ومائتان وإحدى وسبعون، فذلك سبعمائة سنةٍ وأربعٌ وثلاثون، فقالوا: لقد تشابه علينا أمره. ويزعمون أنّ هؤلاء الآيات نزلت فيهم: {هو الّذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكماتٌ هنّ أمّ الكتاب وأخر متشابهاتٌ} ».
قالوا: قد صرّح هذا الخبر بصحّة ما قلنا في ذلك من التّأويل وفساد ما قاله مخالفونا فيه.
والصّواب من القول عندي في تأويل مفاتح السّور الّتي هي حروف المعجم: أنّ اللّه جلّ ثناؤه جعلها حروفًا مقطّعةً ولم يصل بعضها ببعضٍ فيجعلها كسائر الكلام المتّصل الحروف؛ لأنّه عزّ ذكره أراد بلفطفه الدّلالة بكلّ حرفٍ منه على معانٍ كثيرةٍ لا على معنى واحدٍ، كما قال الرّبيع بن أنسٍ، وإن كان الرّبيع قد اقتصر به على معانٍ ثلاثةٍ دون ما زاد عليها.
والصّواب في تأويل ذلك عندي أنّ كلّ حرفٍ منه يحوي ما قاله الرّبيع وما قاله سائر المفسّرين غيره فيه، سوى ما ذكرت من القول عمّن ذكرت عنه من أهل العربيّة أنّه كان يوجّه تأويل ذلك إلى أنّه حروف هجاءٍ استغنى بذكر ما ذكر منه في مفاتح السّور عن ذكر تتمّة الثّمانية والعشرين الحرف من حروف المعجم بتأويل: أنّ هذه الحروف، {ذلك الكتاب}، مجموعةٌ {لا ريب فيه}، فإنّه قول خطأٍ فاسدٌ لخروجه عن أقوال جميع الصّحابة والتّابعين، فمن بعدهم من الخالفين من أهل التّفسير والتّأويل، فكفى دلالةً على خطئه شهادة الحجّة عليه بالخطأ مع إبطال قائل ذلك قوله الّذي حكيناه عنه، إذ صار إلى البيان عن رفع {ذلك الكتاب} بقوله مرّةً إنّه مرفوعٌ كلّ واحدٍ منهما بصاحبه ومرّةً أخرى أنّه مرفوعٌ بالرّاجع من ذكره في قوله: {لا ريب فيه} ومرّةً بقوله: {هدًى للمتّقين} وذلك تركٌ منه لقوله إنّ {الم} رافعةٌ {ذلك الكتاب} وخروجٌ من القول الّذي ادّعاه في تأويل {الم ذلك الكتاب} وأنّ تأويل ذلك: هذه الحروف {ذلك الكتاب}.
فإن قال لنا قائلٌ: وكيف يجوز أن يكون حرفٌ واحدٌ شاملاً الدّلالة على معانٍ كثيرةٍ مختلفةٍ؟
قيل: كما جاز أن تكون كلمةٌ واحدةٌ تشتمل على معانٍ كثيرةٍ مختلفةٍ كقولهم للجماعة من النّاس: أمّةٌ، وللحين من الزّمان: أمّةٌ، وللرّجل المتعبّد المطيع للّه: أمّةٌ، وللدّين والملّة: أمّةٌ. وكقولهم للجزاء والقصاص: دينٌ، وللسّلطان والطّاعة: دينٌ، وللتّذلّل: دينٌ، وللحساب: دينٌ؛ في أشباهٍ لذلك كثيرةٍ يطول الكتاب بإحصائها ممّا يكون من الكلام بلفظٍ واحدٍ، وهو مشتملٌ على معانٍ كثيرةٍ. وكذلك قول اللّه جلّ ثناؤه: {الم} و{المر} و{المص} وما أشبه ذلك من حروف المعجم الّتي هي فواتح أوائل السّور، كلّ حرفٍ منها دالٌّ على معانٍ شتّى، شاملٌ جميعها من أسماء اللّه عزّ وجلّ وصفاته ما قاله المفسّرون من الأقوال الّتي ذكرناها عنهم؛ وهنّ مع ذلك فواتح السّور كما قاله من قال ذلك. وليس كون ذلك من حروف أسماء اللّه جلّ ثناؤه وصفاته بمانعها أن تكون للسّور فواتح؛ لأنّ اللّه جلّ ثناؤه قد افتتح كثيرًا من سور القرآن بالحمد لنفسه والثّناء عليها، وكثيرًا منها بتمجيدها وتعظيمها، فغير مستحيلٍ أن يبتدئ بعض ذلك بالقسم بها.
فالّتي ابتدئ أوائلها بحروف المعجم أحد معاني أوائلها أنّهنّ فواتح ما افتتح بهنّ من سور القرآن، وهنّ ممّا أقسم بهنّ؛ لأنّ أحد معانيهنّ أنّهنّ من حروف أسماء اللّه تعالى ذكره وصفاته على ما قدّمنا البيان عنها، ولا شكّ في صحّة معنى القسم باللّه وأسمائه وصفاته، وهنّ من حروف حساب الجمل، وهنّ للسّور الّتي افتتحت بهنّ شعارٌ وأسماءٌ. فذلك يحوي معاني جميع ما وصفنا ممّا بيّنّا من وجوهه، لأنّ اللّه جلّ ثناؤه لو أراد بذلك أو بشيءٍ منه الدّلالة على معنى واحدٍ ممّا يحتمله ذلك دون سائر المعاني غيره، لأبان ذلك لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إبانةً غير مشكلةٍ، إذ كان جلّ ثناؤه إنّما أنزل كتابه على رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم ليبيّن لهم ما اختلفوا فيه.
وفي تركه صلّى اللّه عليه وسلّم إبانة ذلك أنّه مرادٌ به من وجوه تأويله البعض دون البعض أوضح الدّليل على أنّه مرادٌ به جميع وجوهه الّتي هو لها محتملٌ، إذ لم يكن مستحيلاً في العقل وجهٌ منها أن يكون من تأويله ومعناه كما كان غير مستحيلٍ اجتماع المعاني الكثيرة للكلمة الواحدة باللّفظ الواحد في كلامٍ واحدٍ.
ومن أبى ما قلناه في ذلك سئل الفرق بين ذلك وبين سائر الحروف الّتي تأتي بلفظٍ واحدٍ مع اشتمالها على المعاني الكثيرة المختلفة كالأمّة والدّين وما أشبه ذلك من الأسماء والأفعال. فلن يقول في أحدٍ ذلك قولاً إلاّ ألزم في الآخر مثله.
وكذلك يسأل كلّ من تأوّل شيئًا من ذلك على وجهٍ دون الأوجه الأخر الّتي وصفنا عن البرهان على دعواه من الوجه الّذي يحبّ التّسليم له ثمّ يعارض بقوله يخالفه في ذلك، ويسأل الفرق بينه وبينه: من أصلٍ، أو ممّا يدلّ عليه أصلٌ، فلن يقول في أحدهما قولاً إلاّ ألزم في الآخر مثله.
وأمّا الّذي زعم من النّحويّين أنّ ذلك نظير بل في قول المنشد شعرًا: بل،.
ما هاج أحزانًا وشجوًا قد شجا

وأنّه لا معنى له، وإنّما هو زيادةٌ في الكلام معناه الطّرح؛ فإنّه أخطأ من وجوهٍ شتّى:
أحدها: أنّه وصف اللّه تعالى ذكره بأنّه خاطب العرب بغير ما هو من لغتها وغير ما هو في لغة أحدٍ من الآدميّين، إذ كانت العرب وإن كانت قد كانت تفتتح أوائل إنشادها ما أنشدت من الشّعر ببل، فإنّه معلومٌ منها أنّها لم تكن تبتدئ شيئًا من الكلام ب {الم} و{الر} و{المص} بمثل معنى ابتدائها ذلك ب بل وإذ كان ذلك ليس من ابتدائها، وكان اللّه جلّ ثناؤه إنّما خاطبهم بما خاطبهم به من القرآن بما يعرفون من لغاتهم ويستعملون بينهم من منطقهم في جميع آيه، فلا شكّ أنّ سبيل ما وصفنا من حروف المعجم الّتي افتتحت بها أوائل السّور الّتي هنّ لها فواتح سبيل سائر القرآن في أنّه لم يعدل بها عن لغاتهم الّتي كانوا بها عارفين ولها بينهم في منطقهم مستعملين؛ لأنّ ذلك لو كان معدولاً به عن سبيل لغاتهم ومنطقهم كان خارجًا عن معنى الإبانة الّتي وصف اللّه عزّ وجلّ بها القرآن، فقال تعالى ذكره: {نزل به الرّوح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسانٍ عربيٍّ مبينٍ} وأنّى يكون مبينًا ما لا يعقله ولا يفهمه أحدٌ من العالمين في قول قائل هذه المقالة، ولا يعرف في منطق أحدٍ من المخلوقين في قوله؟ وفي إخبار اللّه جلّ ثناؤه عنه أنّه عربيٌّ مبينٌ ما يكذّب قائل هذه المقالة، وينبئ عنه أنّ العرب كانوا به عالمين وهو لها مستبينٌ. فذلك أحد أوجه خطئه.
والوجه الثّاني من خطئه في ذلك: إضافته إلى اللّه جلّ ثناؤه أنّه خاطب عباده بما لا فائدة لهم فيه ولا معنى له من الكلام الّذي سواءٌ الخطاب به وترك الخطاب به، وذلك إضافة العبث الّذي هو منفيٌّ في قول جميع الموحّدين عن اللّه، إلى اللّه تعالى ذكره.
والوجه الثّالث من خطئه: أنّ بل في كلام العرب مفهومٌ تأويلها ومعناها، وأنّها تدخلها في كلامها رجوعًا عن كلامٍ لها قد تقضّى كقولهم: ما جاءني أخوك بل أبوك؛ وما رأيت عمرًا بل عبد اللّه، وما أشبه ذلك من الكلام، كما قال أعشى بني ثعلبة:

ولأشربنّ ثمانيًا وثمانيًا.......وثلاث عشرة واثنتين وأربعا

ومضى في كلمته حتّى بلغ قوله:

بالجلّسان وطيّبٌ أردانه.......بالونّ يضرب لي يكرّ الأصبعا

ثمّ قال:

بل عدّ هذا في قريضٍ غيره ....... واذكر فتًى سمح الخليقة أروعا

فكأنّه قال: دع هذا وخذ في قريضٍ غيره. فبل إنّما يأتي في كلام العرب على هذا النّحو من الكلام.
فأمّا إفساحًا لكلامها مبتدأٌ بمعنى التّطويل والحذف من غير أن يدلّ على معنى، فذلك مّا لا نعلم أحدًا ادّعاه من أهل المعرفة بلسان العرب ومنطقها، سوى الّذي ذكرت قوله، فيكون ذلك أصلاً يشّبه به حروف المعجم الّتي هي فواتح سور القرآن الّتي افتتحت بها لو كان له مشبهةً، فكيف وهي من الشّبه به بعيدةٌ؟).
[جامع البيان: 1 / 204 -228]


- قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :
اختلف في الحروف التي في أوائل السور على قولين:
1- قال الشعبي عامر بن شراحيل وسفيان الثوري وجماعة من المحدثين: «هي سرّ الله في القرآن، وهي من المتشابه الذي انفرد الله بعلمه، ولا يجب أن يتكلم فيها، ولكن يؤمن بها وتمرّ كما جاءت».
2- وقال الجمهور من العلماء: «بل يجب أن يتكلم فيها وتلتمس الفوائد التي تحتها والمعاني التي تتخرج عليها» واختلفوا في ذلك على اثني عشر قولا:
1- فقال علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهما: «الحروف المقطعة في القرآن هي اسم الله الأعظم، إلا أنا لا نعرف تأليفه منها».
2- وقال ابن عباس أيضا: «هي أسماء الله أقسم بها».
3- وقال زيد بن أسلم: «هي أسماء للسور».
4- وقال قتادة: «هي أسماء للقرآن كالفرقان والذكر».
5- وقال مجاهد: «هي فواتح للسور».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: كما يقولون في أول الإنشاد لشهير القصائد: «بل» و «لا بل». نحا هذا النحو أبو عبيدة والأخفش.
6- وقال قوم: «هي حساب أبي جاد لتدل على مدة ملة محمد صلى الله عليه وسلم كما ورد في حديث حيي بن أخطب» وهو قول أبي العالية رفيع وغيره.
7- وقال قطرب وغيره: «هي إشارة إلى حروف المعجم، كأنه يقول للعرب: إنما تحديتكم بنظم من هذه الحروف التي عرفتم، فقوله الم بمنزلة قولك أ، ب، ت، ث، لتدل بها على التسعة والعشرين حرفا».
8- وقال قوم: «هي أمارة قد كان الله تعالى جعلها لأهل الكتاب أنه سينزل على محمد كتابا في أول سور منه حروف مقطعة».
9- وقال ابن عباس: «هي حروف تدل على: أنا الله أعلم، أنا الله أرى، أنا الله أفصّل».
10- وقال ابن جبير عن ابن عباس: «هي حروف كل واحد منها إما أن يكون من اسم من أسماء الله، وإما من نعمة من نعمه، وإما من اسم ملك من ملائكته، أو نبي من أنبيائه».
11- وقال قوم: «هي تنبيه ك «يا» في النداء».
12- وقال قوم: «روي أن المشركين لما أعرضوا عن سماع القرآن بمكة نزلت ليستغربوها فيفتحوا لها أسماعهم فيسمعون القرآن بعدها فتجب عليهم الحجة».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: والصواب ما قاله الجمهور أن تفسر هذه الحروف ويلتمس لها التأويل، لأنا نجد العرب قد تكلمت بالحروف المقطعة نظما لها ووضعا بدل الكلمات التي الحروف منها، كقول الشاعر:
(الوليد بن المغيرة(
قلنا لها قفي فقالت قاف ....... ... ... ... ...
أراد قالت: وقفت.
وكقول القائل: (زهير بن أبي سلمى)
بالخير خيرات وإن شرّا فا ....... ولا أريد الشر إلا أن تا
أراد: وإن شرّا فشر، وأراد: إلا أن تشاء.
والشواهد في هذا كثيرة، فليس كونها في القرآن مما تنكره العرب في لغتها، فينبغي إذا كان من معهود كلام العرب أن يطلب تأويله ويلتمس وجهه، والوقف على هذه الحروف على السكون لنقصانها إلا إذا أخبرت عنها أو عطفتها فإنك تعربها.
[المحرر الوجيز: 1/99-102]


- قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :
{ آلم }: قد اختلف المفسّرون في الحروف المقطّعة الّتي في أوائل السّور،
1- فمنهم من قال: هي ممّا استأثر اللّه بعلمه، فردّوا علمها إلى اللّه، ولم يفسّروها [حكاه القرطبيّ في تفسيره عن أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعليٍّ وابن مسعودٍ رضي اللّه عنهم به، وقاله عامرٌ الشّعبيّ وسفيان الثّوريّ والرّبيع بن خثيم، واختاره أبو حاتم بن حبّان].
2- ومنهم من فسّرها، واختلف هؤلاء في معناها
أ‌- فقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: "إنّما هي أسماء السّور"
قال العلّامة أبو القاسم محمود بن عمر الزّمخشريّ في تفسيره: وعليه إطباق الأكثر، ونقله عن سيبويه أنّه نصّ عليه]، ويعتضد هذا بما ورد في الصّحيحين، عن أبي هريرة: "أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقرأ في صلاة الصّبح يوم الجمعة: {الم} السّجدة، و{هل أتى على الإنسان}".
ب‌- وقال سفيان الثّوريّ، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ: أنّه قال: {الم}، و{حم}، و{المص}، و{ص}، فواتح افتتح اللّه بها القرآن.
وكذا قال غيره: عن مجاهدٍ.
ت‌- وقال مجاهدٌ في رواية أبي حذيفة موسى بن مسعودٍ، عن شبلٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عنه، أنّه قال: "{الم} اسمٌ من أسماء القرآن".
وهكذا قال قتادة، وزيد بن أسلم، ولعلّ هذا يرجع إلى معنى قول عبد الرّحمن بن زيدٍ: أنّه اسمٌ من أسماء السّور، فإنّ كلّ سورةٍ يطلق عليها اسم القرآن، فإنّه يبعد أن يكون {المص} اسمًا للقرآن كلّه؛ لأنّ المتبادر إلى فهم سامع من يقول: قرأت {المص}، إنّما ذلك عبارةٌ عن سورة الأعراف، لا لمجموع القرآن. واللّه أعلم.
ث‌- وقيل: هي اسمٌ من أسماء اللّه تعالى.
فقال الشّعبيّ: "فواتح السّور من أسماء اللّه تعالى"، وكذلك قال سالم بن عبد اللّه، وإسماعيل بن عبد الرّحمن السّدّيّ الكبير، وقال شعبة عن السّدّيّ: بلغني أنّ ابن عبّاسٍ قال: "{الم} اسمٌ من أسماء اللّه الأعظم". هكذا رواه ابن أبي حاتمٍ من حديث شعبة.
ورواه ابن جريرٍ عن بندار، عن ابن مهدي، عن شعبة، قال: سألت السّدّيّ عن {حم} و{طس} و{الم}، فقال: قال ابن عبّاسٍ: "هي اسم اللّه الأعظم".
وقال ابن جريرٍ: وحدّثنا محمّد بن المثنّى، حدّثنا أبو النّعمان، حدّثنا شعبة، عن إسماعيل السّدّيّ، عن مرّة الهمدانيّ قال: قال عبد اللّه، فذكر نحوه ،وحكي مثله عن عليٍّ وابن عبّاسٍ.
ج‌- وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: "هو قسمٌ أقسم اللّه به، وهو من أسماء اللّه تعالى".
وروى ابن أبي حاتمٍ وابن جريرٍ من حديث ابن علية، عن خالدٍ الحذّاء، عن عكرمة أنّه قال: "{الم}، قسمٌ".
ح‌- ورويا -أيضًا-من حديث شريك بن عبد اللّه، عن عطاء بن السّائب، عن أبي الضّحى، عن ابن عبّاسٍ: "{الم}، قال: أنا اللّه أعلم".
خ‌- وكذا قال سعيد بن جبيرٍ، وقال السّدّي عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عباس –وعن مرّة الهمذاني عن ابن مسعودٍ. وعن ناسٍ من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {الم}. قال: أمّا{الم} فهي حروفٌ استفتحت من حروف هجاء أسماء اللّه تعالى.
د‌- وقال أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية في قوله تعالى: {الم} قال: هذه الأحرف الثّلاثة من التّسعة والعشرين حرفًا دارت فيها الألسن كلّها، ليس منها حرفٌ إلّا وهو مفتاح اسمٍ من أسمائه، وليس منها حرفٌ إلّا وهو من آلائه وبلائه، وليس منها حرفٌ إلّا وهو في مدّة أقوامٍ وآجالهم. قال عيسى ابن مريم، عليه السّلام، وعجب، فقال: وأعجب أنّهم ينطقون بأسمائه ويعيشون في رزقه، فكيف يكفرون به؛ فالألف مفتاح اسم اللّه، واللّام مفتاح اسمه لطيفٍ والميم مفتاح اسمه مجيدٍ فالألف آلاء اللّه، واللّام لطف اللّه، والميم مجد اللّه، والألف سنةٌ، واللّام ثلاثون سنةً، والميم أربعون [سنةً]. هذا لفظ ابن أبي حاتمٍ. ونحوه رواه ابن جريرٍ،
ثمّ شرع يوجّه كلّ واحدٍ من هذه الأقوال ويوفّق بينها، وأنّه لا منافاة بين كلّ واحدٍ منها وبين الآخر، وأنّ الجمع ممكنٌ، فهي أسماء السّور، ومن أسماء اللّه تعالى يفتتح بها السّور، فكلّ حرفٍ منها دلّ على اسمٍ من أسمائه وصفةٍ من صفاته، كما افتتح سورًا كثيرةً بتحميده وتسبيحه وتعظيمه. قال: ولا مانع من دلالة الحرف منها على اسمٍ من أسماء اللّه، وعلى صفةٍ من صفاته، وعلى مدّةٍ وغير ذلك، كما ذكره الرّبيع بن أنسٍ عن أبي العالية؛ لأنّ الكلمة الواحدة تطلق على معانٍ كثيرةٍ، كلفظة الأمّة فإنّها تطلق ويراد به الدّين، كقوله تعالى: {إنّا وجدنا آباءنا على أمّةٍ} [الزّخرف: 22، 23]. وتطلق ويراد بها الرّجل المطيع للّه، كقوله: {إنّ إبراهيم كان أمّةً قانتًا للّه حنيفًا ولم يك من المشركين} [النّحل: 120] وتطلق ويراد بها الجماعة، كقوله: {وجد عليه أمّةً من النّاس يسقون} [القصص: 23]، وقوله: {ولقد بعثنا في كلّ أمّةٍ رسولا} [النّحل: 36] وتطلق ويراد بها الحين من الدّهر كقوله: {وقال الّذي نجا منهما وادّكر بعد أمّةٍ} [يوسف: 45]أي: بعد حينٍ على أصحّ القولين، قال: فكذلك هذا.
هذا حاصل كلامه موجّهًا، ولكنّ هذا ليس كما ذكره أبو العالية، فإنّ أبا العالية زعم أنّ الحرف دلّ على هذا، وعلى هذا، وعلى هذا معًا، ولفظة الأمّة وما أشبهها من الألفاظ المشتركة في الاصطلاح، إنّما دلّ في القرآن في كلّ موطنٍ على معنًى واحدٍ دلّ عليه سياق الكلام، فأمّا حمله على مجموع محامله إذا أمكن فمسألةٌ مختلفٌ فيها بين علماء الأصول، ليس هذا موضع البحث فيها، واللّه أعلم؛ ثمّ إن لفظ الأمّة تدلّ على كلّ معانيه في سياق الكلام بدلالة الوضع، فأمّا دلالة الحرف الواحد على اسمٍ يمكن أن يدلّ على اسمٍ آخر من غير أن يكون أحدهما أولى من الآخر في التّقدير أو الإضمار بوضعٍ ولا بغيره، فهذا ممّا لا يفهم إلّا بتوقيفٍ، والمسألة مختلفٌ فيها، وليس فيها إجماعٌ حتّى يحكم به.
وما أنشدوه من الشّواهد على صحّة إطلاق الحرف الواحد على بقيّة الكلمة، فإنّ في السّياق ما يدلّ على ما حذف بخلاف هذا، كما قال الشّاعر:

قلنا قفي لنا فقالت قاف ....... لا تحسبي أنا نسينا الإيجاف

تعني: وقفت.

وقال الآخر:

ما للظّليم عال كيف لا يا ....... ينقدّ عنه جلده إذا يا

قال ابن جريرٍ: كأنّه أراد أن يقول: إذا يفعل كذا وكذا، فاكتفى بالياء من يفعل.
وقال الآخر:

بالخير خيراتٌ وإن شرًّا فا ....... ولا أريد الشّرّ إلّا أن تا

يقول: وإن شرًّا فشرٌّ، ولا أريد الشّرّ إلّا أن تشاء، فاكتفى بالفاء والتّاء من الكلمتين عن بقيّتهما، ولكنّ هذا ظاهرٌ من سياق الكلام، واللّه أعلم.
[قال القرطبيّ: وفي الحديث: "من أعان على قتل مسلمٍ بشطر كلمةٍ" الحديث. قال شقيقٌ: "هو أن يقول في اقتل: إق"].
وقال خصيفٌ، عن مجاهدٍ، أنّه قال: فواتح السّور كلها "{ق} و{ص} و{حم} و{طسم} و{الر}" وغير ذلك هجاءٌ موضوعٌ.

ذ‌- وقال بعض أهل العربيّة: هي حروفٌ من حروف المعجم، استغني بذكر ما ذكر منها في أوائل السّور عن ذكر بواقيها، الّتي هي تتمّة الثّمانية والعشرين حرفًا، كما يقول القائل: ابني يكتب في: اب ت ث، أي: في حروف المعجم الثّمانية والعشرين فيستغنى بذكر بعضها عن مجموعها. حكاه ابن جريرٍ.
قلت: مجموع الحروف المذكورة في أوائل السّور بحذف المكرّر منها أربعة عشر حرفًا، وهي: ال م ص ر ك ي ع ط س ح ق ن، يجمعها قولك: نصٌّ حكيمٌ قاطعٌ له سرٌّ. وهي نصف الحروف عددًا، والمذكور منها أشرف من المتروك، وبيان ذلك من صناعة التّصريف.
قال الزّمخشريّ: وهذه الحروف الأربعة عشر مشتملةٌ على أنصاف أجناس الحروف يعني من المهموسة والمجهورة، ومن الرّخوة والشّديدة، ومن المطبقة والمفتوحة، ومن المستعلية والمنخفضة ومن حروف القلقلة. وقد سردها مفصّلةً ثمّ قال: فسبحان الّذي دقّت في كلّ شيءٍ حكمته، وهذه الأجناس المعدودة ثلاثون بالمذكورة منها، وقد علمت أنّ معظم الشّيء وجلّه ينزل منزلة كله.
ومن هاهنا لحظ بعضهم في هذا المقام كلامًا، فقال: لا شكّ أنّ هذه الحروف لم ينزلها سبحانه وتعالى عبثًا ولا سدًى؛ ومن قال من الجهلة: إنّه في القرآن ما هو تعبّدٌ لا معنًى له بالكلّيّة، فقد أخطأ خطأً كبيرًا، فتعيّن أنّ لها معنًى في نفس الأمر، فإن صحّ لنا فيها عن المعصوم شيءٌ قلنا به، وإلّا وقفنا حيث وقفنا، وقلنا: {آمنّا به كلٌّ من عند ربّنا} [آل عمران: 7].
ولم يجمع العلماء فيها على شيءٍ معيّنٍ، وإنّما اختلفوا، فمن ظهر له بعض الأقوال بدليلٍ فعليه اتّباعه، وإلّا فالوقف حتّى يتبيّن.
..... وأمّا من زعم أنّها دالّةٌ على معرفة المدد، وأنّه يستخرج من ذلك أوقات الحوادث والفتن والملاحم، فقد ادّعى ما ليس له، وطار في غير مطاره، وقد ورد في ذلك حديثٌ ضعيفٌ، وهو مع ذلك أدلّ على بطلان هذا المسلك من التّمسّك به على صحّته. وهو ما رواه محمّد بن إسحاق بن يسارٍ، صاحب المغازي، حدّثني الكلبيّ، عن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، عن جابر بن عبد اللّه بن رئابٍ، قال: مرّ أبو ياسر بن أخطب، في رجالٍ من يهود، برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وهو يتلو فاتحة سورة البقرة: {الم * ذلك الكتاب لا ريب فيه [هدًى للمتّقين]} [البقرة: 1، 2] فأتى أخاه حييّ بن أخطب في رجالٍ من اليهود، فقال: تعلمون -واللّه-لقد سمعت محمّدًا يتلو فيما أنزل اللّه عليه: {الم * ذلك الكتاب لا ريب فيه} فقال: أنت سمعته؟ قال: نعم. قال: فمشى حييّ بن أخطب في أولئك النّفر من اليهود إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: فقالوا: يا محمّد، ألم يذكر أنّك تتلو فيما أنزل اللّه عليك: {الم * ذلك الكتاب لا [ريب]} ؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:"بلى".
فقالوا: جاءك بهذا جبريل من عند اللّه؟ فقال: "نعم".
قالوا: لقد بعث اللّه قبلك أنبياء ما نعلمه بيّن لنبيٍّ منهم ما مدّة ملكه وما أجل أمّته غيرك. فقام حييّ بن أخطب، وأقبل على من كان معه، فقال لهم: الألف واحدةٌ، واللّام ثلاثون، والميم أربعون، فهذه إحدى وسبعون سنةً، أفتدخلون في دين نبيٍّ، إنّما مدّة ملكه وأجل أمّته إحدى وسبعون سنةً؟ ثمّ أقبل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: يا محمّد، هل مع هذا غيره؟
فقال: "نعم"، قال: ما ذاك؟ قال: "{المص}"، قال: هذا أثقل وأطول، الألف واحدةٌ، واللّام ثلاثون، والميم أربعون، والصّاد سبعون، فهذه إحدى وثلاثون ومائة سنةٍ. هل مع هذا يا محمّد غيره ؟ قال: "نعم" قال: ما ذاك ؟ قال: "{الر}". قال: هذا أثقل وأطول، الألف واحدةٌ، واللّام ثلاثون، والرّاء مائتان. فهذه إحدى وثلاثون ومائتا سنةٍ. فهل مع هذا يا محمّد غيره؟ قال: "نعم"، قال: ماذا؟ قال: "{المر}". قال: فهذه أثقل وأطول، الألف واحدةٌ، واللّام ثلاثون، والميم أربعون، والرّاء مائتان، فهذه إحدى وسبعون ومائتان، ثمّ قال: لقد لبّس علينا أمرك يا محمّد، حتّى ما ندري أقليلا أعطيت أم كثيرًا. ثمّ قال: قوموا عنه. ثمّ قال أبو ياسرٍ لأخيه حييّ بن أخطب، ولمن معه من الأحبار: ما يدريكم؟ لعلّه قد جمع هذا لمحمّدٍ كلّه إحدى وسبعون وإحدى وثلاثون ومائةٌ وإحدى وثلاثون ومائتان وإحدى وسبعون ومائتان، فذلك سبعمائةٍ وأربع سنين. فقالوا: لقد تشابه علينا أمره، فيزعمون أنّ هؤلاء الآيات نزلت فيهم: {هو الّذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكماتٌ هنّ أمّ الكتاب وأخر متشابهاتٌ} [آل عمران: 7].
فهذا مداره على محمّد بن السّائب الكلبيّ، وهو ممّن لا يحتجّ بما انفرد به، ثمّ كان مقتضى هذا المسلك إن كان صحيحًا أن يحسب ما لكلّ حرفٍ من الحروف الأربعة عشر الّتي ذكرناها، وذلك يبلغ منه جملةً كثيرةً، وإن حسبت مع التّكرّر فأتمّ وأعظم واللّه أعلم
[تفسير ابن كثير: 1 /156-162]



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 16-09-2021, 10:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,626
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بحث: تفسير قول الله تعالى: {الم} وبيان ما قيل في الأحرف المقطعة في أوائل السور

بحث: تفسير قول الله تعالى: {الم} وبيان ما قيل في الأحرف المقطعة في أوائل السور
بدرية طالبة علم


الحكمة من إيراد هذه الأحرف في أوائل السور:

- قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :

( المقام الآخر في الحكمة الّتي اقتضت إيراد هذه الحروف في أوائل السّور، ما هي؟ مع قطع النّظر عن معانيها في أنفسها.
فقال بعضهم: إنّما ذكرت لنعرف بها أوائل السّور. حكاه ابن جريرٍ، وهذا ضعيفٌ؛ لأنّ الفصل حاصلٌ بدونها فيما لم تذكر فيه، وفيما ذكرت فيه بالبسملة تلاوةً وكتابةً.
وقال آخرون: بل ابتدئ بها لتفتح لاستماعها أسماع المشركين -إذ تواصوا بالإعراض عن القرآن -حتّى إذا استمعوا له تلي عليهم المؤلّف منه. حكاه ابن جريرٍ -أيضًا-، وهو ضعيفٌ أيضًا؛ لأنّه لو كان كذلك لكان ذلك في جميع السّور لا يكون في بعضها، بل غالبها ليس كذلك، ولو كان كذلك -أيضًا-لانبغى الابتداء بها في أوائل الكلام معهم، سواءٌ كان افتتاح سورةٍ أو غير ذلك. ثمّ إنّ هذه السّورة والّتي تليها أعني البقرة وآل عمران مدنيّتان ليستا خطابًا للمشركين، فانتقض ما ذكروه بهذه الوجوه.
وقال آخرون: بل إنّما ذكرت هذه الحروف في أوائل السّور الّتي ذكرت فيها بيانًا لإعجاز القرآن، وأنّ الخلق عاجزون عن معارضته بمثله، هذا مع أنّه [تركّب] من هذه الحروف المقطّعة الّتي يتخاطبون بها.
ولهذا كلّ سورةٍ افتتحت بالحروف فلا بدّ أن يذكر فيها الانتصار للقرآن وبيان إعجازه وعظمته، وهذا معلومٌ بالاستقراء، وهو الواقع في تسعٍ وعشرين سورةً، ولهذا يقول تعالى: {الم * ذلك الكتاب لا ريب فيه} [البقرة: 1، 2]. {الم * اللّه لا إله إلا هو الحيّ القيّوم * نزل عليك الكتاب بالحقّ مصدّقًا لما بين يديه} [آل عمران: 1-3]. {المص * كتابٌ أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرجٌ منه} [الأعراف: 1، 2]. {الر كتابٌ أنزلناه إليك لتخرج النّاس من الظّلمات إلى النّور بإذن ربّهم} [إبراهيم: 1] {الم * تنزيل الكتاب لا ريب فيه من ربّ العالمين} [السّجدة: 1، 2]. {حم * تنزيلٌ من الرّحمن الرّحيم} [فصّلت: 1، 2]. {حم * عسق * كذلك يوحي إليك وإلى الّذين من قبلك اللّه العزيز الحكيم} [الشّورى: 1-3]، وغير ذلك من الآيات الدّالّة على صحّة ما ذهب إليه هؤلاء لمن أمعن النظر، والله أعلم.)
[تفسير ابن كثير: 1 /156-162]



• من أوجه الإعجاز في الأحرف المقطعة في أوائل السور:

- قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :
وقال بعض أهل العربيّة: هي حروفٌ من حروف المعجم، استغني بذكر ما ذكر منها في أوائل السّور عن ذكر بواقيها، الّتي هي تتمّة الثّمانية والعشرين حرفًا، كما يقول القائل: ابني يكتب في: اب ت ث، أي: في حروف المعجم الثّمانية والعشرين فيستغنى بذكر بعضها عن مجموعها. حكاه ابن جريرٍ.
قلت: مجموع الحروف المذكورة في أوائل السّور بحذف المكرّر منها أربعة عشر حرفًا، وهي: ال م ص ر ك ي ع ط س ح ق ن، يجمعها قولك: نصٌّ حكيمٌ قاطعٌ له سرٌّ. وهي نصف الحروف عددًا، والمذكور منها أشرف من المتروك، وبيان ذلك من صناعة التّصريف.
قال الزّمخشريّ: وهذه الحروف الأربعة عشر مشتملةٌ على أنصاف أجناس الحروف يعني من المهموسة والمجهورة، ومن الرّخوة والشّديدة، ومن المطبقة والمفتوحة، ومن المستعلية والمنخفضة ومن حروف القلقلة. وقد سردها مفصّلةً ثمّ قال: فسبحان الّذي دقّت في كلّ شيءٍ حكمته، وهذه الأجناس المعدودة ثلاثون بالمذكورة منها، وقد علمت أنّ معظم الشّيء وجلّه ينزل منزلة كله.
[تفسير ابن كثير: 1 /156-162]

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 128.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 125.31 كيلو بايت... تم توفير 3.27 كيلو بايت...بمعدل (2.54%)]