تفسير (الجامع لأحكام القرآن) الشيخ الفقيه الامام القرطبى - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         المقنطرون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          رسالة المسجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          الموت الرحيم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          أحكام الصلاة على الميت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          المسائل الفقهية المتعلقة بالمسبحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          دم الاستحاضة سببه ركضة الشيطان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          حكم التسميع والتحميد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          فضل الصلاة في الصف الأول والصفوف المقدمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          جوانب خفية في الخلاف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الوجيز في فقه الزكاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #11  
قديم 20-06-2022, 10:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,951
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير (الجامع لأحكام القرآن) الشيخ الفقيه الامام القرطبى




تَّفْسِيرِ
(الْجَامِعِ لِأَحْكَامِ الْقُرْآنِ ، وَالْمُبَيِّنِ لِمَا تَضَمَّنَهُ مِنَ السُّنَّةِ وَآيِ الْفُرْقَانِ )
الشَّيْخُ الْفَقِيهُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقُرْطُبِيُّ
المجلد (2)
سُورَةُ الْبَقَرَةِ
من صــ 277الى صــ 283
الحلقة (111)



وقرأ مجاهد وشهر بن حوشب شهر بالنصب . قال الكسائي : المعنى كتب عليكم الصيام ، وأن تصوموا شهر رمضان . وقال الفراء : أي كتب عليكم الصيام أي أن تصوموا شهر رمضان . قال النحاس : لا يجوز أن ينتصب شهر رمضان بتصوموا ; لأنه يدخل في الصلة ثم يفرق بين الصلة والموصول ، وكذلك إن نصبته بالصيام ، ولكن يجوز أن تنصبه على الإغراء ، أي الزموا شهر رمضان ، وصوموا شهر رمضان ، وهذا بعيد أيضا لأنه لم يتقدم ذكر الشهر فيغرى به .

قلت : قوله كتب عليكم الصيام يدل على الشهر فجاز الإغراء ، وهو اختيار أبي عبيد ، وقال الأخفش : انتصب على الظرف ، وحكي عن الحسن وأبي عمرو إدغام الراء في الراء ، وهذا لا يجوز لئلا يجتمع ساكنان ، ويجوز أن تقلب حركة الراء على الهاء فتضم الهاء ثم تدغم ، وهو قول الكوفيين .

الثامنة : قوله تعالى : الذي أنزل فيه القرآن نص في أن القرآن نزل في شهر رمضان ، وهو يبين قوله عز وجل : حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة يعني ليلة القدر ، ولقوله : إنا أنزلناه في ليلة القدر ، وفي هذا دليل على أن ليلة القدر إنما تكون في رمضان لا في غيره ، ولا خلاف أن القرآن أنزل من اللوح المحفوظ ليلة القدر - على ما بيناه - جملة واحدة ، فوضع في بيت العزة في سماء الدنيا ، ثم كان جبريل صلى الله عليه وسلم ينزل به نجما نجما في الأوامر والنواهي والأسباب ، وذلك في عشرين سنة . وقال ابن عباس : أنزل القرآن من اللوح المحفوظ جملة واحدة إلى الكتبة في سماء الدنيا ، ثم أنزل به جبريل عليه السلام نجوما - يعني الآية والآيتين - في أوقات مختلفة في إحدى وعشرين سنة . وقال مقاتل في قوله تعالى : شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن قال أنزل من اللوح المحفوظ كل عام في ليلة القدر إلى سماء الدنيا ، ثم نزل إلى السفرة من اللوح المحفوظ في عشرين شهرا ، ونزل به جبريل في عشرين سنة .

قلت : وقول مقاتل هذا خلاف ما نقل من الإجماع ( أن القرآن أنزل جملة واحدة ) والله أعلم ، وروى واثلة بن الأسقع عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : أنزلت صحف إبراهيم أول ليلة من شهر رمضان والتوراة لست مضين منه والإنجيل لثلاث عشرة والقرآن لأربع وعشرين .

[ ص: 278 ] قلت : وفي هذا الحديث دلالة على ما يقوله الحسن أن ليلة القدر تكون ليلة أربع وعشرين ، وسيأتي إن شاء الله تعالى بيان هذا .

التاسعة : قوله تعالى : القرآن القرآن : اسم لكلام الله تعالى ، وهو بمعنى المقروء ، كالمشروب يسمى شرابا ، والمكتوب يسمى كتابا ، وعلى هذا قيل : هو مصدر قرأ يقرأ قراءة وقرآنا بمعنى . قال الشاعر :
ضحوا بأشمط عنوان السجود به يقطع الليل تسبيحا وقرآنا


أي قراءة ، وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر أن في البحر شياطين مسجونة أوثقها سليمان عليه السلام يوشك أن تخرج فتقرأ على الناس قرآنا أي قراءة ، وفي التنزيل : وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا أي قراءة الفجر . ويسمى المقروء قرآنا على عادة العرب في تسميتها المفعول باسم المصدر ، كتسميتهم للمعلوم علما وللمضروب ضربا وللمشروب شربا ، كما ذكرنا ، ثم اشتهر الاستعمال في هذا واقترن به العرف الشرعي ، فصار القرآن اسما لكلام الله ، حتى إذا قيل : القرآن غير مخلوق ، يراد به المقروء لا القراءة لذلك ، وقد يسمى المصحف الذي يكتب فيه كلام الله قرآنا توسعا ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : لا تسافروا بالقرآن إلى أرض العدو أراد به المصحف . وهو مشتق من قرأت الشيء جمعته . وقيل : هو اسم علم لكتاب الله ، غير مشتق كالتوراة والإنجيل ، وهذا يحكى عن الشافعي والصحيح الاشتقاق في الجميع ، وسيأتي .

العاشرة : قوله تعالى : هدى للناس هدى في موضع نصب على الحال من القرآن ، أي هاديا لهم . وبينات عطف عليه . والهدى الإرشاد والبيان ، كما تقدم أي بيانا لهم وإرشادا ، والمراد القرآن بجملته من محكم ومتشابه وناسخ ومنسوخ ، ثم شرف بالذكر والتخصيص البينات منه ، يعني الحلال والحرام والمواعظ والأحكام . وبينات جمع بينة ، من بان الشيء يبين إذا وضح . والفرقان ما فرق بين الحق والباطل ، أي فصل ، وقد تقدم .

[ ص: 279 ] الحادية عشرة : قوله تعالى : فمن شهد منكم الشهر فليصمه قراءة العامة بجزم اللام ، وقرأ الحسن والأعرج بكسر اللام ، وهي لام الأمر وحقها الكسر إذا أفردت ، فإذا وصلت بشيء ففيها وجهان : الجزم والكسر . وإنما توصل بثلاثة أحرف : بالفاء كقوله فليصمه ، فليعبدوا والواو كقوله : وليوفوا وثم كقوله : ثم ليقضوا وشهد بمعنى حضر ، وفيه إضمار ، أي من شهد منكم المصر في الشهر عاقلا بالغا صحيحا مقيما فليصمه ، وهو يقال عام فيخصص بقوله : " فمن كان منكم مريضا أو على سفر " الآية ، وليس الشهر بمفعول وإنما هو ظرف زمان ، وقد اختلف العلماء في تأويل هذا ، فقال علي بن أبي طالب وابن عباس وسويد بن غفلة وعائشة - أربعة من الصحابة - وأبو مجلز لاحق بن حميد وعبيدة السلماني : من شهد أي من حضر دخول الشهر وكان مقيما في أوله في بلده وأهله فليكمل صيامه ، سافر بعد ذلك أو أقام ، وإنما يفطر في السفر من دخل عليه رمضان وهو في سفر . والمعنى عندهم : من أدركه رمضان مسافرا أفطر وعليه عدة من أيام أخر ، ومن أدركه حاضرا فليصمه ، وقال جمهور الأمة : من شهد أول الشهر وآخره فليصم ما دام مقيما ، فإن سافر أفطر ، وهذا هو الصحيح وعليه تدل الأخبار الثابتة . وقد ترجم البخاري رحمه الله ردا على القول الأول ( باب إذا صام أياما من رمضان ثم سافر ) حدثنا عبد الله بن يوسف قال أنبأنا مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ الكديد أفطر فأفطر الناس . قال أبو عبد الله : والكديد ما بين عسفان وقديد .

قلت : قد يحتمل أن يحمل قول علي رضي الله عنه ومن وافقه على السفر المندوب كزيارة الإخوان من الفضلاء والصالحين ، أو المباح في طلب الرزق الزائد على الكفاية . وأما السفر الواجب في طلب القوت الضروري ، أو فتح بلد إذا تحقق ذلك ، أو دفع عدو ، فالمرء فيه مخير ولا يجب عليه الإمساك ، بل الفطر فيه أفضل للتقوي ، وإن كان شهد الشهر في بلده وصام بعضه فيه ، لحديث ابن عباس وغيره ، ولا يكون في هذا خلاف إن شاء الله والله أعلم ، وقال أبو حنيفة وأصحابه : من شهد الشهر بشروط التكليف غير مجنون ولا مغمى [ ص: 280 ] عليه فليصمه ، ومن دخل عليه رمضان وهو مجنون وتمادى به طول الشهر فلا قضاء عليه ; لأنه لم يشهد الشهر بصفة يجب بها الصيام ، ومن جن أول الشهر وآخره فإنه يقضي أيام جنونه ، ونصب الشهر على هذا التأويل هو على المفعول الصريح ب شهد .

الثانية عشرة : قد تقرر أن فرض الصوم مستحق بالإسلام والبلوغ والعلم بالشهر ، فإذا أسلم الكافر أو بلغ الصبي قبل الفجر لزمهما الصوم صبيحة اليوم ، وإن كان الفجر استحب لهما الإمساك ، وليس عليهما قضاء الماضي من الشهر ولا اليوم الذي بلغ فيه أو أسلم ، وقد اختلف العلماء في الكافر يسلم في آخر يوم من رمضان ، هل يجب عليه قضاء رمضان كله أو لا ؟ وهل يجب عليه قضاء اليوم الذي أسلم فيه ؟ فقال الإمام مالك والجمهور : ليس عليه قضاء ما مضى ; لأنه إنما شهد الشهر من حين إسلامه . قال مالك : وأحب إلي أن يقضي اليوم الذي أسلم فيه ، وقال عطاء والحسن : يصوم ما بقي ويقضي ما مضى ، وقال عبد الملك بن الماجشون : يكف عن الأكل في ذلك اليوم ويقضيه ، وقال أحمد وإسحاق مثله ، وقال ابن المنذر : ليس عليه أن يقضي ما مضى من الشهر ولا ذلك اليوم ، وقال الباجي : من قال من أصحابنا إن الكفار مخاطبون بشرائع الإسلام - وهو مقتضى قول مالك وأكثر أصحابه - أوجب عليه الإمساك في بقية يومه ، ورواه في المدونة ابن نافع عن مالك وقال الشيخ أبو القاسم ومن قال من أصحابنا ليسوا مخاطبين قال : لا يلزمه الإمساك في بقية يومه ، وهو مقتضى قول أشهب وعبد الملك بن الماجشون ، وقاله ابن القاسم .

قلت : وهو الصحيح لقوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا فخاطب المؤمنين دون غيرهم ، وهذا واضح ، فلا يجب عليه الإمساك في بقية اليوم ولا قضاء ما مضى .

وتقدم القول في معني قوله : ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر والحمد لله .

الثالثة عشرة : قوله تعالى : يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر قراءة جماعة " اليسر " بضم السين لغتان ، وكذلك " العسر " . قال مجاهد والضحاك : اليسر الفطر في السفر ، والعسر الصيام في السفر ، والوجه عموم اللفظ في جميع أمور الدين ، كما قال تعالى : وما جعل عليكم في الدين من حرج ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم دين الله يسر وقال صلى الله عليه وسلم : يسروا ولا تعسروا . واليسر من السهولة ، ومنه اليسار للغنى . وسميت اليد [ ص: 281 ] اليسرى تفاؤلا ، أو لأنه يسهل له الأمر بمعاونتها لليمنى ، قولان ، وقوله : ولا يريد بكم العسر هو بمعنى قوله يريد الله بكم اليسر فكرر تأكيدا .

الرابعة عشرة : دلت الآية على أن الله سبحانه مريد بإرادة قديمة أزلية زائدة على الذات . هذا مذهب أهل السنة ، كما أنه عالم بعلم ، قادر بقدرة ، حي بحياة ، سميع بسمع ، بصير ببصر ، متكلم بكلام ، وهذه كلها معان وجودية أزلية زائدة على الذات . وذهب الفلاسفة والشيعة إلى نفيها ، تعالى الله عن قول الزائغين وإبطال المبطلين ، والذي يقطع دابر أهل التعطيل أن يقال : لو لم يصدق كونه ذا إرادة لصدق أنه ليس بذي إرادة ، ولو صح ذلك لكان كل ما ليس بذي إرادة ناقصا بالنسبة إلى من له إرادة ، فإن من كانت له الصفات الإرادية فله أن يخصص الشيء وله ألا يخصصه ، فالعقل السليم يقضي بأن ذلك كمال له وليس بنقصان ، حتى إنه لو قدر بالوهم سلب ذلك الأمر عنه لقد كان حاله أولا أكمل بالنسبة إلى حال ثانيا ، فلم يبق إلا أن يكون ما لم يتصف أنقص مما هو متصف به ، ولا يخفى ما فيه من المحال ، فإنه كيف يتصور أن يكون المخلوق أكمل من الخالق ، والخالق أنقص منه ، والبديهة تقضي برده وإبطاله ، وقد وصف نفسه جل جلاله وتقدست أسماؤه بأنه مريد فقال تعالى : فعال لما يريد وقال سبحانه : يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر وقال : يريد الله أن يخفف عنكم إذا أراد أمرا فإنما يقول كن فيكون ، ثم إن هذا العالم على غاية من الحكمة والإتقان والانتظام والإحكام ، وهو مع ذلك جائز وجوده وجائز عدمه ، فالذي خصصه بالوجود يجب أن يكون مريدا له قادرا عليه عالما به ، فإن لم يكن عالما قادرا لا يصح منه صدور شيء ، ومن لم يكن عالما وإن كان قادرا لم يكن ما صدر منه على نظام الحكمة والإتقان ، ومن لم يكن مريدا لم يكن تخصيص بعض الجائزات بأحوال وأوقات دون البعض بأولى من العكس ، إذ نسبتها إليه نسبة واحدة . قالوا : وإذ ثبت كونه قادرا مريدا وجب أن يكون حيا ، إذ الحياة شرط هذه الصفات ، ويلزم من كونه حيا أن يكون سميعا بصيرا متكلما ، فإن لم تثبت له هذه الصفات فإنه لا محالة متصف بأضدادها كالعمى والطرش والخرس على ما عرف في الشاهد ، والبارئ سبحانه وتعالى يتقدس عن أن يتصف بما يوجب في ذاته نقصا .

[ ص: 282 ] الخامسة عشرة : قوله تعالى : ولتكملوا العدة فيه تأويلان : أحدهما : إكمال عدة الأداء لمن أفطر في سفره أو مرضه . الثاني : عدة الهلال سواء كانت تسعا وعشرين أو ثلاثين . قال جابر بن عبد الله قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الشهر يكون تسعا وعشرين . وفي هذا رد لتأويل من تأول قوله صلى الله عليه وسلم : شهرا عيد لا ينقصان رمضان وذو الحجة أنهما لا ينقصان عن ثلاثين يوما ، أخرجه أبو داود . وتأول جمهور العلماء على معنى أنهما لا ينقصان في الأجر وتكفير الخطايا ، سواء كانا من تسع وعشرين أو ثلاثين .

السادسة عشرة : ولا اعتبار برؤية هلال شوال يوم الثلاثين من رمضان نهارا بل هو لليلة التي تأتي ، هذا هو الصحيح ، وقد اختلف الرواة عن عمر في هذه المسألة فروى الدارقطني عن شقيق قال : جاءنا كتاب عمر ونحن بخانقين قال في كتابه : إن الأهلة بعضها أكبر من بعض ، فإذا رأيتم الهلال نهارا فلا تفطروا حتى يشهد شاهدان أنهما رأياه بالأمس وذكره أبو عمر من حديث عبد الرزاق عن معمر عن الأعمش عن أبي وائل قال : كتب إلينا عمر . . . ، فذكره . قال أبو عمر : وروي عن علي بن أبي طالب مثل ما ذكره عبد الرزاق أيضا ، وهو قول ابن مسعود وابن عمر وأنس بن مالك ، وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن والليث والأوزاعي ، وبه قال أحمد وإسحاق ، وقال سفيان الثوري وأبو يوسف : إن رئي بعد الزوال فهو لليلة التي تأتي ، وإن رئي قبل الزوال فهو لليلة الماضية ، وروي مثل ذلك عنعمر ، ذكره عبد الرزاق عن الثوري عن مغيرة عن شباك عن إبراهيم قال : كتب عمر إلى عتبة بن فرقد " إذا رأيتم الهلال نهارا قبل أن تزول الشمس لتمام ثلاثين فأفطروا ، وإذا رأيتموه بعد ما تزول الشمس فلا تفطروا حتى تمسوا " ، وروي عن علي مثله ، ولا يصح في هذه المسألة شيء من جهة الإسناد على علي ، وروي عن سليمان بن ربيعة مثل قول الثوري ، وإليه ذهب عبد الملك بن حبيب ، وبه كان يفتى بقرطبة ، واختلف عن عمر بن عبد العزيز في هذه المسألة ، قال أبو عمر : والحديث عن عمر [ ص: 283 ] بمعنى ما ذهب إليه مالك والشافعي وأبو حنيفة متصل ، والحديث الذي روي عنه بمذهب الثوري منقطع ، والمصير إلى المتصل أولى ، وقد احتج من ذهب مذهب الثوري بأن قال : حديث الأعمش مجمل لم يخص فيه قبل الزوال ولا بعده ، وحديث إبراهيم مفسر ، فهو أولى أن يقال به .

قلت : قد روي مرفوعا معنى ما روي عن عمر متصلا موقوفا روته عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما صبح ثلاثين يوما ، فرأى هلال شوال نهارا فلم يفطر حتى أمسى . أخرجه الدارقطني من حديث الواقدي وقال : قال الواقدي حدثنا معاذ بن محمد الأنصاري قال : سألت الزهري عن هلال شوال إذا رئي باكرا ، قال سمعت سعيد بن المسيب يقول : إن رئي هلال شوال بعد أن طلع الفجر إلى العصر أو إلى أن تغرب الشمس فهو من الليلة التي تجيء ، قال أبو عبد الله : وهذا مجمع عليه .

السابعة عشرة : روى الدارقطني عن ربعي بن حراش عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : قال : اختلف الناس في آخر يوم من رمضان فقدم أعرابيان فشهدا عند النبي صلى الله عليه وسلم بالله لأهلا الهلال أمس عشية ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس أن يفطروا وأن يغدوا إلى مصلاهم . قال الدارقطني : هذا إسناد حسن ثابت . قال أبو عمر : لا خلاف عن مالك وأصحابه أنه لا تصلى صلاة العيد في غير يوم العيد ولا في يوم العيد بعد الزوال ، وحكي عن أبي حنيفة . واختلف قول الشافعي في هذه المسألة ، فمرة قال بقول مالك ، واختاره المزني وقال : إذا لم يجز أن تصلى في يوم العيد بعد الزوال فاليوم الثاني أبعد من وقتها وأحرى ألا تصلى فيه ، وعن الشافعي رواية أخرى أنها تصلى في اليوم الثاني ضحى ، وقال البويطي : لا تصلى إلا أن يثبت في ذلك حديث . قال أبو عمر : لو قضيت صلاة العيد بعد خروج وقتها لأشبهت الفرائض ، وقد أجمعوا في سائر السنن أنها لا تقضى ، فهذه مثلها ، وقال الثوري والأوزاعي وأحمد بن حنبل : يخرجون من الغد ، وقال أبو يوسف في الإملاء ، وقال الحسن بن صالح بن حي : لا يخرجون في الفطر ويخرجون في الأضحى . قال أبو يوسف : وأما في الأضحى فيصليها بهم في اليوم الثالث . قال أبو عمر : لأن الأضحى أيام عيد وهي صلاة عيد ، وليس الفطر يوم عيد إلا يوم واحد ، فإذا لم تصل فيه لم تقض في غيره ; لأنها ليست بفريضة فتقضى ، وقال الليث بن سعد : يخرجون في الفطر والأضحى من الغد .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 1,313.28 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 1,311.33 كيلو بايت... تم توفير 1.95 كيلو بايت...بمعدل (0.15%)]