دليل الحياة الزوجية الناجحة - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الفهم الخطأ للدعوة يحولها من دعوة علمية تربوية ربانية إلى دعوة انفعالية صدامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          معالجة الآثار السلبية لمشاهد الحروب والقتل لدى الأطفال التربية النفسية للأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأخت المسلمة

ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-05-2021, 02:03 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي دليل الحياة الزوجية الناجحة

دليل الحياة الزوجية الناجحة (1)
محمد عبدالرحمن صادق




(1 – 4)




إنَّ رباط العلاقة الزوجيَّة في الإسلام هو من أقدس وأوثَق ما وصَّى الله تعالى به المسلمين، ووصَّاهم به النَّبي صلى الله عليه وسلم كذلك، ولم يترك كتاب الله تعالى، ولا سُنَّة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم نقيرًا ولا قِطمير إلَّا وبيَّناه بيانًا لا لبس فيه ولا غموض، (القطمير: قِشْرة رقيقة بيضاء بين النواة والثمرة).

ومن الملاحظ أنَّ الله تعالى قد أطلق على هذه العلاقة ﴿ مِيثَاقًا غَلِيظًا ﴾ [النساء: 21]، ولم لا، وهي العلاقة التي سينبني عليها الحبُّ والمودة والرحمة؟

ومن الملاحظ أيضًا أنَّ هذه الصِّلة قد أطلق عليها "صلة مُصاهرة"، ولِم لا؟ فإن هناك كيانين سيتم صهرهما ليكونًا كيانًا واحدًا في المشاعر والتفاهم وكل شيء.

ومن الملاحظ كذلك أنَّ هذه العلاقة قد أُطلق عليها "علاقة نسب"، ولم لا؟ فالأنساب ستلتقي وتتقارب وتتوحَّد بمجرَّد إتمام هذا الميثاق الغليظ.

1- ومن بين الآيات التي وردَت في كتاب الله تعالى في هذا الشأن:
قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].
قال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا... ﴾ [النحل: 21].
قال تعالى: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة: 228].
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6].
قال قتادة: تأمرهم بطاعة الله، وتنهاهم عن مَعصية الله، وأن تقوم عليهم بأمر الله، وتأمرهم به، وتساعدهم عليه، فإذا رأيتَ لله معصية قذعتَهم عنها (كففتَهم)، وزجرتهم عنها.

قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا * وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ﴾ [النساء: 19 - 21].

قال تعالى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ... ﴾ [النساء: 34].

قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ﴾: يعني: أُمراء عليهنَّ، أي: تطيعه فيما أمرها الله به من طاعته، وطاعته أن تكون مُحسِنة لأهله حافظة لماله.

قال تعالى: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ﴾ [النساء: 35].

قال تعالى: ﴿ وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا * وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا * وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 128 - 130].

وهناك الكثير والكثير من الآيات في هذا المجال في كتاب الله تعالى الذي لم يغادِر صغيرةً ولا كبيرة إلَّا جلَّاها وبيَّنها؛ لكي لا يكون للناس حُجة ولا عُذر.

2- وفي سنَّة المصطفى صلى الله عليه وسلم كذلك العديد من الأحاديث في هذا الشأن، نذكر منها:
عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كلُّكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيَّته، والأمير راعٍ، والرجل راعٍ على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده، فكلُّكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيَّته))؛ (متفق عليه).

روى الإمام أحمد عن عبدالرحمن بن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا صلَّت المرأة خَمسَها، وصامت شَهرها، وحفظَت فرجها، وأطاعت زوجَها - قيل لها: ادخلي الجنَّةَ من أي أبواب الجنة شئتِ))؛ (ورواه ابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه).

عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أنفَق المسلم نفقةً على أهله، وهو يَحتسبها كانت له صدقة))؛ (متفق عليه).

وعن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبة حجَّة الوداع: ((فاتَّقوا اللهَ في النِّساء؛ فإنكم أخذتموهنَّ بأمان الله، واستحللتم فروجهنَّ بكلمة الله، ولكم عليهن ألَّا يوطئن فرشَكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلنَ ذلك فاضربوهنَّ ضربًا غير مُبرح، ولهنَّ عليكم رزقهنَّ وكسوتهن بالمعروف))؛ (رواه مسلم).

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا دعا الرجل امرأتَه إلى فِراشه، فأبَت، فبات غضبان عليها - لعنَتها الملائكة حتى تصبِح))؛ (رواه البخاري ومسلم).

عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تؤذي امرأةٌ زوجها في الدنيا إلَّا قالت زوجتُه من الحور العين: لا تؤذيه، قاتلَكِ الله، فإنما هو دخيل عندك، يوشك أن يفارقكِ إلينا))؛ (رواه الترمذي).

عن أبي أذينة الصدفي، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((خيرُ نسائكم الوَدود الوَلود المواتية المواسية، إذا اتَّقين الله، وشرُّ نسائكم المتبرِّجات المتخيلات، وهنَّ المنافِقات، لا يدخل الجنَّةَ منهن، إلا مثل الغراب الأعصم))؛ (رواه البيهقي وصححه الألباني)، (الغراب الأعصم: هو الأبيض الجناحين أو الرجلين، وهَذا الوصف قلَّما يوجد في الغربان، وفيه كناية عن قلَّة مَن يدْخل الجنَّةَ منهنَّ).

عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أخبِركم بنسائكم من أهل الجنَّة: الوَدود، الولود، العؤود على زَوجها، التي إذا آذَت أو أوذيَت جاءت حتى تَأخذ بيَد زوجها ثمَّ تقول: واللهِ لا أذوق غمضًا حتى ترضى))؛ (رواه الطبراني وحسنه الألباني).

لما خطب علي رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمةَ رضي الله عنها قال: ((هي لك على أن تُحسِن صحبتَها))؛ (رواه الطبراني).

قال أنس رضي الله عنه: "كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا زفُّوا امرأةً على زوجها يأمرونها بخِدمة الزَّوج ورعايةِ حقِّه".

والأحاديث النبويَّة في هذا المجال عديدة، وما تركَتْ جانبًا من جوانب الحياة الزوجيَّة إلا بيَّنَته بيانًا لا لبس فيه ولا غموض.

3 - أفضل صِفات الرجال وأبغضها:جاء في أمالي أبي علي القالي ما نصه: حدَّثنا أبو بكر بن دريد، قال: حدثنا أبو عثمان سعيد بن هارون الأشنانذاني، عن التوزي، عن أبي عبيدة، عن أبي عمرو بن العلاء قال: كان لرجل من مقاول حمير ابنان يقال لأحدهما: عمرو، وللآخر: ربيعة، وكانا قد برعا في الأدب والعلمِ، فلمَّا بلغ الشيخ أقصى عمره وأشفى على الفَناء دعاهما ليبلو عقولَهما ويعرف مَبلغ علمهما، فلمَّا حضرا قال لعمرو وكان الأكبر: أخبرني عن أحبِّ الرجال إليك، وأكرمهم عليك، قال: السيد الجواد، القليل الأنداد، الماجِد الأجداد، الرَّاسي الأوتاد، الرَّفيع العماد، العظيم الرماد، الكثير الحُساد، الباسِل الذواد، الصادر الوراد.
قال: ما تقول يا ربيعة؟ قال: ما أحسن ما وصف، وغيره أحب إليَّ منه.

قال: ومن يكون بعد هذا؟ قال: السيِّد الكريم، المناع للحريم، المِفضال الحليم، القمقام الزعيم، الذي إن هَمَّ فعل، وإن سُئل بذل، (القمقام: صفة تُطلق على السيد الكريم، وهي أيضًا من صِفات البحر؛ لأنه يجود بالخيرات).

قال: أخبرني يا عمرو، أي الرجال أبغض إليك؟ قال: البرم اللئيم، المستخذي للخصيم، المبطان النهيم، العييُّ البكيم، الذي إن سُئل مَنع، وان هُدِّد خضع، وإن طلب جشع.

قال: ما تقول يا ربيعة؟ قال: غيره أبغَض إليَّ منه، قال: ومن هو؟ قال: النؤوم الكذوب، الفاحِش الغضوب، الرغيب عند الطعام، الجبان عند الصدام.

قال الشيخ عائض القرني في وصف شرِّ الرجال: بذيء اللِّسان، السبَّاب اللعَّان، لا يعرف إلا الصُّراخ، على نفسه حريص بذاخ، إذا دخل على زوجه ضرَب ولطم، وإذا خرج سبَّ ولَعَن، كأنَّه في حلبة المصارعة، وتغضبه المصارحة، لا يتعامل إلَّا بالوحشية، ولا ترقرقه الكلمة النديَّة، قلبه كالحجَر، وجسمه نار تستعِر، مشاعره متبلدة، وعواطفه متجمِّدة، لا يعجبه العجب، ولا ما يُقدَّم من أجله من التَّعب؛ كالبهيمة، لا همَّ له إلا الجِماع، وملء البطون حتى الإشباع، يجعل السَّكَن الآمن في حالة استِنفار، ويمطره من قنابله المدرار، إذا جاء لم يُفرَح بقدومه، وإذا خرج تمنَّى البيت عدم رجوعه، فهو غير مأسوف على فراقه، ولا مرحَّب بقدومه.

وسئل حكيم عن أفضل الرجال فقال: مَن حاورتَه وجدتَه حكيمًا، وإذا غضب كان حليمًا، وإذا ظفر كان كريمًا، وإذا استمنح منح جسيمًا، وإذا وعد كان الوعد عظيمًا، وإذا اشتُكي إليه وجد رحيمًا.


وللحديث بقية في الجزء الثاني من هذا الموضوع بفضل الله تعالى لنتحدث عن:
4- وصية جامعة من الإمام أحمد بن حنبل لابنه يوم زواجه.
5- وصية أب لزوج ابنته قبل زفافهما.
6- وصية الربيع بن خيثم لابنه قبل زفافه.

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12-05-2021, 03:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: دليل الحياة الزوجية الناجحة

دليل الحياة الزوجية الناجحة (2)
محمد عبدالرحمن صادق




دليل الحياة الزوجية الناجحة (2 - 4)


إنَّ رباط العلاقة الزوجية في الإسلام هو من أقدَس وأوثق ما وصَّى الله تعالى به المسلمين، ووصَّاهم به النبي صلى الله عليه وسلم كذلك، ولم يترك كتاب الله تعالى، ولا سُنَّة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم نقيرًا ولا قِطمير إلَّا وبيناه بيانًا لا لبس فيه ولا غموض، (القطمير: قِشْرة رقيقة بيضاء بين النواة والثمرة).

ومن الملاحظ أنَّ الله تعالى قد أطلق على هذه العلاقة ﴿ مِيثَاقًا غَلِيظًا ﴾ [النساء: 21]، ولم لا، وهي العلاقة التي سينبني عليها الحبُّ والمودة والرحمة؟

ومن الملاحظ أيضًا أنَّ هذه الصِّلة قد أطلق عليها "صلة مُصاهرة"، ولِم لا؟ فإن هناك كيانين سيتم صهرهما ليكونًا كيانًا واحدًا في المشاعر والتفاهم وكل شيء.

ومن الملاحظ كذلك أنَّ هذه العلاقة قد أُطلق عليها "علاقة نسب"، ولم لا؟ فالأنساب ستلتقي وتتقارب وتتوحَّد بمجرَّد إتمام هذا الميثاق الغليظ.

لقد تحدَّثنا في الجزء الأول من هذا الموضوع - بفضل الله تعالى - عن:
1- بعض الآيات التي وردَت في كتاب الله تعالى لضبط الحياة الزوجية.
2- بعض الأحاديث التي وردَت في السنَّة النبويَّة المطهرة لضبط الحياة الزوجية.
3 - أفضل صِفات الرجال وأبغضها.

وسنتحدَّث بفضل الله تعالى في الجزء الثاني من هذا الموضوع عن:
4- وصية جامعة من الإمام أحمد بن حنبل لابنه يوم زواجه:
أوصى الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ابنَه يوم زواجه، فقال: أي بني، إنَّك لن تنال السعادةَ في بيتك إلَّا بعشر خِصال تمنحها لزوجك فاحفظها عنِّي واحرص عليها:
أما الأولى والثانية:فإنَّ النِّساء يحببنَ الدلال، ويحببن التصريح بالحبِّ، فلا تبخل على زوجتك بذلك؛ فإن بخلتَ جعلتَ بينك وبينها حِجابًا من الجفوة ونقصًا في المودة.

وأما الثالثة:فإنَّ النساء يكرهنَ الرجل الشديد الحازم، ويستخدمنَ الرجل الضعيف اللين، فاجعل لكلِّ صِفة مكانها؛ فإنه أدْعى للحبِّ وأجْلب للطمأنينة.

وأما الرابعة:فإنَّ النساء يُحببنَ من الزوج ما يحب الزوج منهنَّ؛ من طِيب الكلام، وحُسن المنظر، ونظافة الثياب، وطيب الرائحة، فكن في كلِّ أحوالك كذلك.

وأما الخامسة:فإنَّ البيت مَملكة الأنثى، وفيه تشعر أنَّها مُتربعة على عرشها، وأنها سيِّدة فيه، فإيَّاك أن تَهدم هذه المملكة التي تَعيشها، وإياك أن تحاول أن تزيحها عن عرشها هذا، فإنَّك إن فعلتَ نازعتَها مُلكَها، وليس لملكٍ أشد عداوةً ممَّن ينازعه مُلكه وإن أظهر له غير ذلك.

وأما السادسة:فإنَّ المرأة تحبُّ أن تكسب زوجها ولا تخسر أهلها، فإيَّاك أن تجعل نفسك مع أهلها في ميزان واحد، فإمَّا أنت وإمَّا أهلها، فهي وإن اختارتك على أهلها فإنَّها ستبقى في كمدٍ تُنقل عَدْواه إلى حياتك اليومية.

وأما السابعة:إنَّ المرأة خُلِقت مِن ضِلعٍ أعوج، وهذا سرُّ الجمال فيها، وسرُّ الجذب إليها، وليس هذا عيبًا فيها "فالحاجِب زيَّنه العِوَجُ"، فلا تحمل عليها إن هي أخطأَت حملةً لا هوادة فيها تحاول تقويم المعوجِّ فتكسرها، وكسرها طلاقها، ولا تتركها إن هي أخطأَت حتى يزداد اعوِجاجها وتتقوقع على نفسها، فلا تلين لك بعد ذلك ولا تسمع إليك، ولكن كن دائمًا معها بين بين.

وأما الثامنة: فإنَّ النِّساء جُبلنَ على كُفر العشير وجُحْدان المعروف، فإن أحسنتَ لإحداهنَّ دهرًا ثمَّ أسأت إليها مرَّة قالت: ما وجدتُ منك خيرًا قط، فلا يحملنَّك هذا الخُلق على أن تكرهها وتنفر منها، فإنَّك إن كرهتَ منها هذا الخلق رضيت منها غيره.

وأما التاسعة:فإنَّ المرأة تمرُّ بحالات من الضَّعف الجسدي والتعب النَّفسي، حتى إنَّ الله سبحانه وتعالى أسقط عنها مجموعةً من الفرائض التي افترضها في هذه الحالات؛ فقد أسقط عنها الصلاة نهائيًّا في هذه الحالات، وأنسأ لها الصيام خلالها حتى تعود صحَّتها ويَعتدل مزاجها، فكن معها في هذه الأحوال ربانيًّا؛ كما خفَّف الله سبحانه وتعالى عنها فرائضَه أن تخفِّف عنها طلباتك وأوامرك.

وأما العاشرة:فاعلم أنَّ المرأة أسيرة عندك، فارحم أسرها، وتجاوز عن ضعفها تكن لك خير متاع وخير شريك.

خبرني بالله عليك، أي دينٍ وأي شريعة رفعَت للمرأة قدرها وحفظَت شأنها مثلما فعلَت شريعتنا السمحة الغراء؟!

5 - وصية أب لزوج ابنته قبل زفافهما: خطب عثمان بن عنبسة بن أبي سفيان إلى عمه عتبة ابنتَه، فأجلسه بجانبه، وأخذ يمسح على رأسه ثم قال: أقرب قريب، خطب أحب حبيب، لا أستطيع له ردًّا، ولا أجد من إسعافه بُدًّا، قد زوَّجتكما وأنت أعزُّ عليَّ منها، وهي ألصق بقلبي منك، فأكرِمها يَعذب على لساني ذكرك، ولا تهنها فيصغر عندي قدرك، وقد قرَّبتُك مع قربك، فلا تُبعد قلبي من قلبك.

6- وصية الربيع بن خيثم لابنه قبل زفافه: جاء في كتاب "روضة العقلاء ونزهة الفضلاء"؛ لابن حبَّان البستي، أنَّ الربيع بن خيثم أوصى ابنه قائلًا:
يا بني، إنَّ زوجة الرجل سكنه، ولا عيش له مع خلافها، فإذا هممتَ بنِكاح امرأة فسَل عَن أهلها؛ فإنَّ العروق الطيبة تنبت الثِّمار الحلوة.

واعلم أنَّ النساء أشد اختلافًا من أصابع الكفِّ، فتوقَّ منهنَّ كل ذات بذا مجبولة على الأذى، فمنهنَّ المُعجبة بنفسها المزرية ببَعلها، إن أكرمها رأَته لفضلها عليه؛ لا تشكر على جَميل، ولا ترضى منه بقليل، لسانها عليه سيف صقيل، قد كشفت القحة[1] ستر الحياء عَن وجهها، فلا تستحي من إعوارها[2]، ولا تستحي من جارها، كلبة هرارة[3]، مهارشة[4] عقارة، فوجه زوجها مكلوم وعرضه مشتوم، ولا ترعى عليه لدِين ولا لدنيا، ولا تحفظه لصُحبةٍ ولا لكثرة بنين، حجابه مَهتوك، وسِتره مَنشور، وخيره مدفون، يصبح كئيبًا ويُمسي عاتبًا، شرابه مرٌّ، وطعامه غيظ، وولده ضياع، وبيته مُستهلك، وثوبه وسخ، ورأسه شعث، إن ضحك فواهِن، وإن تكلَّم فمتكاره، نهاره ليل، وليله وَيل، تلدغه مثل الحيَّة العقارة، وتلسعه مثل العقرب الجرارة.

ومنهن شفشليق[5]، شعشع[6] سلفع[7]، ذات سمٍّ منقع، وإبراق[8] واختلاق[9]، تهبُّ مع الرِّياح، وتطير مع كل ذي جناح[10]، إن قال: لا، قالت: نعم، وإن قال: نعم، قالت: لا، مولدة لِمخازيه، محتقرة لما في يديه، تضرب له الأمثالَ، وتقصر به دون الرجال، وتنقله من حالٍ إلى حال، حتى قلا (هجر) بيته، ومَلَّ ولدَه، وغث عيشَه، وهانت عليه نفسه، وحتى أنكره إخوانُه، ورحمه جيرانه.

ومنهن الورهاء[11] الحمقاء، ذات الدلِّ في غير موضعها[12]، الماضغة للسانها، الآخذة في غير شأنها، قد قنعَت بحبِّه ورضيَت بكسبه[13]، تأكل كالحمار الرَّاتع، تنتشر الشمس ولما يسمع لها صوت، ولم يكنس لها بيت، طعامها بائت، وإناؤها وضر[14]، وعجينها حامض، وماؤها فاتر، ومتاعها مزروع[15]، وماعونها مَمنوع، وخادمها مَضروب، وجارها محروب.

ومنهنَّ العطوف الودود، المباركة الوَلود، المأمونة على غيبها، المحبوبة في جيرانها، المحمودة في سرِّها وإعلانها، الكريمة التبعُّل، الكثيرة التفضُّل، الخافضة صوتًا، النظيفة بيتًا، خادمها مسمن، وابنها مزين، وخيرها دائم، وزوجها ناعم، موموقه[16] مألوفة، وبالعفاف والخيرات موصوفة.

جعلك الله يا بني ممَّن يَقتدي بالهدى، ويأتمُّ بالتقى، ويجتنب السخط، ويحب الرِّضى.
والله خليفتي عليك، والمتولِّي لأمرك، ولا حول ولا قوة إلَّا بالله العلي العظيم، وصلى الله على محمد نبي الهدى، وعلى آله وسلم تسليمًا كثيرًا.

وللحديث بقية في الجزء الثالث من هذا الموضوع - بفضل الله تعالى - لنتحدث عن:
7- حكيم يصف خير النساء وشرهنَّ.
8- وصية جامعة في شرِّ صفات النساء.
9- وصية معاصرة من أمٍّ لابنها بمناسبة زفافه.


[1] القحة: قلَّة الحياء والاجتراء على اقتراف القبائح.

[2] إعوارها: الإعوار: الخلل، الإعوار هو: العجز عن ردِّ العدوان.

[3] هرارة: نباحة.

[4] مهارشة: مفسدة بين الناس، التَّهريشُ بين النَّاس: الإفسادُ بينهم.

[5] شفشليق: المرأة العجوز المسترخية.

[6] شعشع: طويلة، امرأة شعشع: التي تبادر بالهجوم واختلاق المشكلات.

[7] سلفع: السَّلْفَعُ من النِّساءِ: السليطة البَذيئَةُ السَّيِّئَةُ الخُلُقِ.

[8] إبراق: تهديد "جَاءَ يُبْرِقُ وَيُرْعِدُ: يُوعِدُ وَيُهَدِّدُ".

[9] اختلاق: ادعاء وافتراء.

[10] تهب مع الرياح وتطير مع كل ذي جناح: دلالة على عدَم الثبات على رأي، وسرعة التأثر بآراء الآخرين.


[11] الورهاء: كثيرة الشحم - خرقاء بلهاء - متعجرفة.

[12] ذات الدل في غير موضعها؛ أي: دلال مبالغ فيه ممقوت.

[13] قنعت بحبه ورضيَت بكسبه: دلالة على الفتور في العاطفة والتبلد في المشاعر.

[14] وضر: الوضر هو بقية الدهن والدسم في الإناء، وهذا دليل على الإهمال في شؤون البيت.

[15] متاعها مزروع؛ أي: متاع بيتها متروك مُهمل، ينبت فيه العشب من كثرة التراب المتراكم عليه.

[16] موموقة: ودود، متحببة لزوجها.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 12-05-2021, 03:19 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: دليل الحياة الزوجية الناجحة

دليل الحياة الزوجية الناجحة (3)
محمد عبدالرحمن صادق




دليل الحياة الزوجية عند المسلمين (3 - 4)




إنَّ رباط العلاقة الزوجيَّة في الإسلام هو من أقدس وأوثَق ما وصَّى الله تعالى به المسلمين، ووصَّاهم به النَّبي صلى الله عليه وسلم كذلك، ولم يترك كتاب الله تعالى ولا سُنَّةُ الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم نقيرًا ولا قِطميرًا إلَّا وبيَّنَاه بيانًا لا لبس فيه ولا غموض (القطمير: قِشْرة رقيقة بيضاء بين النواة والثمرة).

ومن الملاحظ أنَّ الله تعالى قد أطلق على هذه العلاقة ﴿ مِيثَاقًا غَلِيظًا ﴾ [النساء: 21]، ولمَ لا، وهي العلاقة التي سينبني عليها الحبُّ والمودة والرحمة؟

ومن الملاحظ أيضًا أنَّ هذه الصِّلة قد أطلق عليها "صلة مُصاهرة"، ولِمَ لا؟ فإن هناك كيانين سيتم صهرهما ليكونَا كيانًا واحدًا في المشاعر والتفاهم وكل شيء.

ومن الملاحظ كذلك أنَّ هذه العلاقة قد أُطلق عليها "علاقة نسب"، ولمَ لا؟ فالأنساب ستلتقي وتتقارب وتتوحَّد بمجرَّد إتمام هذا الميثاق الغليظ.

تحدثنا - بفضل الله تعالى - في الجزء الأول من هذا الموضوع عن:
1- بعض الآيات التي وردَت في كتاب الله تعالى لضبط الحياة الزوجية.
2- بعض الأحاديث التي وردَت في السنة النبوية المطهرة لضبط الحياة الزوجية.
3- أفضل صفات الرجال وأبغضها.

كما تحدثنا - بفضل الله تعالى - في الجزء الثاني من هذا الموضوع عن:
4- وصية جامعة من الإمام أحمد بن حنبل لابنه يوم زواجه.
5- وصية أب لزوج ابنته قبل زفافهما.
6- وصية الربيع بن خثيم لابنه قبل زفافه.

وسنتحدث - بفضل الله تعالى - في الجزء الثالث من هذا الموضوع عن:
7 - حكيم يصف خير النساء وشرهن:
سئل حكيم عن خَير النساء، فقال: التي تُرضي ربَّها، وتدلِّل زوجها، ولا تفارق بيتَها، وتصلِّي خَمسها، ولا تُخرج سرَّها، خافضة لصوتها، العزيزة في قومها، الذليلة في نفسها، في فراشها مشبعة غانية، ولوليدها مرضعة حانية، بيتها جنَّة دانية، إن وجدت من زوجها خيرًا شكرَت، وإن رأت منه شرًّا صبرت، وإن دخل عليها سرَّت وتبسَّمَت، وإن خرج منها حزنت وتشوقت، وإن غضب منها تحمَّلَت وتحلمت، إن أقبلت عليه أعجبَته، وإن غاب عنها حفظَته، وإن رأَت عيبه سترته.

وسئل عن شرهن، فقال: الممراض، المحياض، التي تبكي من غير سبَب، وتضحك من غير عجب، إن خرجت تبرَّجَت وتكشَّفَت، وإن دخلت ذبلت وتقشفت، كلامها وعيد، وصوتها شَديد، تدفن الحسنات، وتُفشي السيئات، ولا تصبر على النكبات، وتعين الزمان على زوجها، ولا تعينه على الزمان، إن دخل خرجَت، وإن خرج دخلَت، وإن قربها نفرت، ولعشيره كفرَت، إذا غضبَت فجرَت، طفلها جائع، وفرضها ضائع، ربها غضبان، وزوجها ندمان، ويحبُّها الشيطان، تشكو وهي ظالمة، وتشهد وهي غائبة، وتذم وهي عائبة، لسانها طويل، وثوبها قَصير، بيتها هجير، قولها بالزور، ودمعها بالفجور، ابتلاها الله بالويل والثبور، وعظائم الأمور، أعاذنا الله وإياكم من مثل هذه.

8 - وصية جامعة في شر صفات النساء:
كان أبو عبدالله محمد بن علي الرعيني رحمه الله حكيمًا، وذكر عنه أنَّ رجلًا استشاره في امرأة يتزوجها، فقال له: لا تتزوج امرأة فيها من هذه الخلال الثمان: لا تتزوَّجها منَّانة، ولا بنَّانة، ولا كنَّانة، ولا حنَّانة، ولا حدَّاقة، ولا خفَّاقة، ولا أنَّانة، ولا ذات دايات.

فأمَّا المنانة، فهي التي تمنُّ بشيء كان منها إليك، وأما البنانة، فهي التي تبنن[1] ولد غيرك عندك، وأمَّا الكنانة، فهي التي تقول: كنتُ وكنت قبل أن أجيء إليك، وأمَّا الحنانة، فهي التي تحنُّ لزوج كان لها قبلك، وأمَّا الحدَّاقة، فهي التي تنظر بعينها ثم تقول: فلانة كساها زوجها، وفلانة حلَّاها زوجها وصنع بها، فهي تجبره، وأمَّا الخفَّاقة، فهي التي تصبح غدوة جائعة فتقول: أبغي رؤوسًا، أبغي فتوتًا[2]، أبغي جشيشًا[3]، وأمَّا الأنَّانة، فهي التي تصبح تئن فتقول: جنبي، فخذي، رأسي! لتنظر هل يحبها زوجها أم لا، وأمَّا ذات دايات، فهي التي كل يوم عندها امرأة أو عجوز فتقول: هذه دايتي[4]، هذه خالتي، هذه عمَّتي[5].

9 - وصية معاصرة من أم لابنها بمناسبة زفافه:
جاء في وصية كتبَتها الدكتورة أميرة بنت علي الصاعدي (بتصرف): يا ولدي، كنتَ طفلًا أحملك بين يدي، أنفاسك أنفاسي، أرضعك دمي ولبني، وأسقيك راحتي ولذيذ نومي، ثمَّ كبرتَ فمشيتَ على قدميك، وبدأتَ تتنفس بعيدًا، وتأكل بيديك سعيدًا، ثم تمرُّ بك السنون فإذا أنت رجل تستقل ببيتك، وتسعد ببناء أسرتك، وفي ليلة زفافك فكَّرتُ ماذا أهديك من كلمات، فما وجدتُ غير الوصية؛ تبقى حروفها، وتخلد كلماتها، فيها موعظة ونصيحة، وذكرى وفائدة مليحة.

يا ولدي: كنتَ في كنف أمِّك، تهدهدك وتحنو عليك، وترعاك وتَدعو لك، واليوم أنت في صحبة زَوجة اجتهدتَ في اختيارها، ربما لا تكون كاملة الصِّفات، رائدة في كلِّ المهمات، ولكنَّها قدَر الله الذي قُدِّر لك، والخيرة فيما اختار الله، وأمر المؤمن كله خير.

يا ولدي: إليك وصيَّتي فتأمَّلها بقلبك، واعمل بها؛ لتسعد في حياتك وبعد مماتك:
أولًا: هنيئًا لك الزَّواج؛ فهو سكَن وراحة بال، والزواج راحة بعد عناء، وروضة غنَّاء، وسعادة وهناء، لِمن فَقه مَقصده الشرعي، وأدرك حكمتَه الإلهية، فهو من آيات الله.

ثانيًا: بالمودة والرَّحمة تدوم الحياة؛ فالله هو الذي جعل بينكما المودَّة والرحمة، ولن تصِل إليها بجهدك ومالِك؛ بل بتوفيق الله وفضلِه، وبطاعته ومرضاته، وبشكره وتعظيمه.
واعلم أنَّ المودَّة أثر من آثار الحبِّ، تنمو بالكلمة الطيبة، والخُلق الحسن، والثناء الجميل، وإدخال السرور على الزوجة.
واعلم أنَّ الرحمة بين الزوجين مِنحة إلهيَّة، ونعمة ربانيَّة؛ لتدوم الحياة، وتستقر الأمور.
ومن الرحمة بالزَّوجة مراعاة مشاعرها، وتقلُّبات أحوالها، والسعي في خدمتها ومساندتها.

ثالثًا: لقد كنتَ يا ولدي في كنف أُسرة، وتحت مسؤوليَّة والديك، رعياك وقاما بأمرك، وتحمَّلا مسؤولية تربيتك، حتى شبَّ عودك، وبلغتَ رشدك، فها أنت اليوم تستقل بأمرك، وتصبح راعيًا مسؤولًا، وزوجًا محبًّا، وأبًا مستقبلًا؛ فالمسؤولية عظيمة، والرعاية أمانة، فكن لأهلك خيرَ قائد، ولزوجك خير عشير، ولولدك خير قدوة وأسوة، كن حافظًا لدينهم، مقومًا لسلوكهم، موجِّهًا لأقوالهم وأفعالهم، حريصًا على هدايتهم، ساعيًا لسعادتهم في الدارين، ملتزمًا بواجباتهم، مؤديًا للأمانة، وتذكَّر قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: ((ما مِن عبد يَسترعيه اللهُ رعيَّةً يموت يوم يموت وهو غاشٌّ لرعيته، إلَّا حرَّم الله عليه الجنة))، فمن الغشِّ للرعية: إهمال مصالحهم، وغضُّ الطَّرف عن مفاسدهم، والحرص على دنياهم، والإضرار بآخرتهم.

رابعًا: هناك أولويات وحقوق وواجبات، لا بدَّ من الاهتمام بها وترتيبها؛ لئلا يطغى جانب على آخر، وحتى لا يختلَّ الحال ويفسد المآل.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: سألتُ النَّبي صلى الله عليه وسلم: أيُّ الناس أعظم حقًّا على المرأة؟ قال: ((زوجها))، قلت: فأي الناس أعظم حقًّا على الرجل؟ قال: ((أمُّه)).
أحقُّ النَّاس بالمعونة، بكفاية المؤونة، بعبارات الودِّ الرصينة الموزونة.
أحقُّ النَّاس بزَفِّ البِشارات، وتَهْوين المُصيبات.
أحقُّ النَّاس بتبسُّمي رغم ألمي.
أحقُّ النَّاس بلِين الخِطاب، وعذْب الجواب، ورهيف الهتاف، ولطيف السِّيَر الظِّراف.
أحقُّ النَّاس بخفضِ الجناح، وصِدق المزاح، هنالك يطيب بشِركتها الغَبُوق والاصطباح.
أحقُّ النَّاس بالهدايا المنتقاة وَفقَ ما تحبُّه ويُسعدها، أو تحتاجه وينقصها.
أحقُّ النَّاس بالهِدايات والإرشادات، نصائح وتوجيهات؛ ملفوفةً بقرطاس حريرٍ مِن الكلمات، مزركشةً بلآلئ تبجيلٍ واحترامات، معطَّرةً بأريجِ ياسمين المودَّات.

خامسًا: يا ولدي، لزوجك عليك حقٌّ، إن قمتَ به على الوجه المطلوب، حسنَت العشرة، ودامت الألفة، وزادَتِ المحبة، وقويَت الرابطة؛ فزوجك خرجت من بيت أهلها لتَسعد بجوارك، وتَهنأ بجميل كرمك، وحسن معاشرتك؛ فإن أحببتَها فأكرِمها، وإن كرهتَها فلا تظلمها، وتذكَّر وصية المصطفى صلى الله عليه وسلم: ((لا يَفْرَك مؤمنٌ مؤمنة، إن كرِه منها خُلقًا رضي منها آخَر))؛ وهذا من العدل الربَّاني، والهدي النَّبوي؛ ميزان توزن به الحياة، ومعيار لتستقيم به العِشرة، كما أوصيك بنِسيان الهفوات، وترك تتبُّع العثرات.

سادسًا: القوامة تكليف أكثر من كونها تشريفًا؛ فهي تُحمِّل الرجل مسؤولية وتبعة خاصَّة، وهذا يوجب اعتماد التعقُّل والرَّويَّة والأَناة، وعدم التسرُّع في القرار، كما أنه لا يعني مُصادرة رأي المرأة، ولا ازدراء شخصيتها.
القوامة يا ولدي، ليسَت تعسُّفًا واستبدادًا؛ بل قيادة ومسؤولية، وخير الأمور الوسط، فلا تَسلُّط وسيطرة، ولا تهاوُن وتساهُل، فالحكيم هو الذي يضَع الأمورَ في نصابها، ويقدر لكل أمر قدرَه، ويحسِن القيادة بسياسية وسلاسة، وجميل رعاية وعناية.
واعلم أن المرأة تتوق إلى قوامة الرَّجل، وتسعد بولايته، وتعتزُّ بالرجل القيِّم الذي يكفيها أمرَها، ويتولَّى جميعَ شأنها، وتضيق ذرعًا بمَن تخلَّى عن قوامته، وألقى على عاتقها مسؤوليَّته، وحينها تختل الحياة، وتضطرب الأمور.
والولاية على المرأة تكون برِفق ومراعاة للمصالح، ودرء للمفاسد؛ فهي تشريع حكيم وحكم عادِل، وقد تساءلت قديمًا: الولاية على المرأة تَشريع أم تضييق؟ وحاشا لله أن يكون في شَرع الله تضييق وتشديد؛ بل هي رحمة وتكريم.

سابعًا: قوِّم الخطأ، وعالج الأمورَ برويَّة، قال صلى الله عليه وسلم: ((ما كان الرِّفق في شيء إلَّا زانه، ولا نُزع من شيء إلا شانَه))، وقال: ((يا عائشة، إنَّ الله رفيق يحبُّ الرِّفق، ويعطي على الرِّفق ما لا يُعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه))، فبني آدم عرضة للخطأ؛ إمَّا جهلًا أو غفلة أو نسيانًا، والحكيم الذي يوجِّه ويعلِّم ويصحِّح الخطأ، بدون تشهير ولا تعنيف؛ فإن رأيت في أهلك ما تَكره، فتلمَّس الهديَ النبوي في التقويم والتصحيح، بدون تجاهل أو تنازل.

ثامنًا: احرص على الطَّاعة تسعد، واترك المعصية تُحمد، لا يكون الرجل قائدًا مطاعًا، وراعيًا مسؤولًا حتى يقيم أمرَ الله في نفسه وأهله، فالتزم بطاعة الله والوقوف عند أوامره ونواهيه، واتَّق الله حيثما كنتَ، يَحفظ الله أهلَك وولدَك، فالمعصية شؤم، يرى المرء أثرها في زوجه وولده، والطَّاعة نور لها بركة في حياته وبعد مماته.

واعلم أنَّ الحياة قصيرة؛ فاستكثِر من الحسنات، وكن لأهلك قدوةً في المحافظة على مرضاة الله، واغتنام فضائل الأعمال، وتتبُّع السنن النبويَّة، والتزام الأخلاق المحمدية، واختيار أطايب الأقوال، وجميل الفِعال، وتجنب المعاصي والسيئات، وقد كان السَّلف الصالح إذا رأوا من أهلهم نفورًا أو عصيانًا، أرجعوا السببَ إلى ذنوبهم، حتى قال قائلهم: "إنِّي لأرى أثرَ معصيتي في خُلق دابَّتي وزوجتي".

تاسعًا: عليك بأمر أهلِك بالمعروف ونهيهم عن المنكر، قال تعالى عن إسماعيل عليه السلام: ﴿ وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ﴾ [مريم: 55]، قال ابن كثير: "هذا أيضًا من الثَّناء الجميل، والصِّفة الحميدة، والخَلَّةِ السديدة؛ حيث كان مثابرًا على طاعة ربِّه، آمرًا بها لأهله..."، عن أبي سعيد، وأبي هريرة، رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا استيقظ الرَّجل من الليل وأيقظَ امرأتَه، فصلَّيَا ركعتين، كُتبَا من الذَّاكرين اللهَ كثيرًا والذاكرات)).

عاشرًا: أوصيك في يوم زفافك بما يلي:
صلاتك نجاتك، حافِظ على صلاة الفجر في وقتها.
ذِكرك حِصنك، لا تنسَ أذكارَ الصباح والمساء؛ فهي درع واقية، وحِصن حصين.
قرآنك رَبيع قلبك، وسعادة روحك، فلا يَخلو يومك من وِردٍ تتلوه.
الدُّعاء هو التجارة الرَّابحة، والغنيمة البارِدة، سِهام الليل التي لا تخطئ، وحبل مَمدود إلى السماء لا يَنقطع؛ فادعُ اللهَ أن يبارك لك في زواجك وزوجك، ويومِك وليلتك، ويجعله زواجًا مباركًا على ما يحب ربُّنا ويرضى.
وفي ختام الوصية قالت: لا أملك لك إلَّا دعوات في سجدات، أن يَجعل التوفيق حليفك، والهدى طريقك، ورِضا الله غايتك، والآخرة همك، ويكفيك جميعَ أمرك، ويبارك لك في زوجك وأهلك.
هذه وصيَّتي، حبَّرتُها لك تحبيرًا، وفي الجعبة كلمات تَعجِز عنها الأقلام، ومشاعر لا يُفصح عنها البيان، ونبضات القلب ترقص فرحًا، فأدِم اللهمَّ علينا الأفراح، واجعلها طاعات ومسرات بلا منكرات، وبارك اللهمَّ في أعراسنا، ووفِّقنا فيها لما تحب وترضى، وجنِّبنا فيها نزغات الشيطان، وشر النَّفَّاثات، ومن شر كل حاسد وحاقد.

وللحديث بقية في الجزء الرابع والأخير لنتحدث - بفضل الله تعالى - عن:
10- وصيَّة أمامة بنت الحارث لابنتها أم إياس بنت عوف قبل زفافها.
11- وصيَّة أبي الأسود لابنته قبل زفافها.
12- وصيَّة عبدالله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه لابنته قبل زفافها.
13- وصيَّة حكيم لابنته قبل زفافها.
14- أب يَنقل وصيَّة لزوجة ابنه عن طريق أمها.
15- وصية أبي الدَّرداء رضي الله عنه لامرأته.
16- وصيَّة معاصرة من أمٍّ لابنتها قبل زفافها.


والله من وراء القصد، وهو يهدي السبيل


[1] تُبنن: تُغذي وتُسمن.

[2] فتوتًا: خبزًا مفتوتًا وعليه الزيت والتوابل.

[3] جشيشًا: الجشيش هو الحب المجروش، أو الذي طُحن طحنًا خشنًا.

[4] دايتي: الداية هي الحاضنة - المُرضعة لولد غيرها - مَن تحترف توليد النساء.

[5] رياض النفوس ص (297).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 12-05-2021, 03:25 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: دليل الحياة الزوجية الناجحة

دليل الحياة الزوجية الناجحة (4)
محمد عبدالرحمن صادق







دليل الحياة الزوجية عند المسلمين (4 - 4)


















إنَّ رباط العلاقة الزوجيَّة في الإسلام هو من أقدس وأوثَق ما وصَّى الله تعالى به المسلمين، ووصَّاهم به النَّبي صلى الله عليه وسلم كذلك، ولم يترك كتاب الله تعالى، ولا سُنَّة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم نقيرًا ولا قِطمير إلَّا وبيَّناه بيانًا لا لبس فيه ولا غموض، (القطمير: قِشْرة رقيقة بيضاء بين النواة والثمرة).







ومن الملاحظ أنَّ الله تعالى قد أطلق على هذه العلاقة ﴿ مِيثَاقًا غَلِيظًا ﴾ [النساء: 21]، ولِمَ لا، وهي العلاقة التي سينبني عليها الحبُّ والمودة والرحمة؟



ومن الملاحظ أيضًا أنَّ هذه الصِّلة قد أطلق عليها "صلة مُصاهرة"، ولِمَ لا؟ فإن هناك كيانين سيتم صهرهما ليكونَا كيانًا واحدًا في المشاعر والتفاهم وكل شيء.



ومن الملاحظ كذلك أنَّ هذه العلاقة قد أُطلق عليها "علاقة نسب"، ولمَ لا؟ فالأنساب ستلتقي وتتقارب وتتوحَّد بمجرَّد إتمام هذا الميثاق الغليظ.







تحدثنا - بفضل الله تعالى - في الجزء الأول من هذا الموضوع عن:



1- بعض الآيات التي وردَت في كتاب الله تعالى لضبط الحياة الزوجية.



2- بعض الأحاديث التي وردَت في السنة النبوية المطهَّرة لضبط الحياة الزوجية.



3- أفضل صفات الرجال وأبغضها.








كما تحدثنا - بفضل الله تعالى - في الجزء الثاني من هذا الموضوع عن:



4- وصية جامعة من الإمام أحمد بن حنبل لابنه يوم زواجه.



5- وصية أب لزوج ابنته قبل زفافهما.



6- وصية الربيع بن خثيم لابنه قبل زفافه.







وكذلك تحدثنا - بفضل الله تعالى - في الجزء الثالث من هذا الموضوع عن:



7- حكيم يصف خير النساء وشرهن.



8- وصية جامعة في شر صفات النساء.



9- وصية معاصرة من أم لابنها بمناسبة زفافه.







وبقي لنا أن نتحدَّث - بفضل الله تعالى - في الجزء الرابع والأخير من هذا الموضوع عن:



10- وصية أمامة بنت الحارث لابنتها أم إياس بنت عوف قبل زفافها:



خطب عمرو بن حجر ملك كندة أمَّ إياس بنت عوف بن مُحَلِّمٍ الشيباني، ولما حان زفافها إليه، خلَت بها أمُّها أُمامةُ بنت الحارث، فأوصَتها وصيَّةً تبيِّن فيها أُسس الحياة الزوجية السعيدة، وما يجِب عليها لزوجها، فقالت:



أيْ بُنية، إنَّ الوصية لو تُرِكَتْ لفضل أدب، تُرِكت لذلك منك، ولكنها تَذكرة للغافل، ومعونة للعاقل، ولو أن امرأة استغنَت عن الزَّوج لغنى أبويها، وشدَّة حاجتهما إليها، كنتِ أغنى الناس عنه، ولكن النساء للرِّجال خُلِقن، ولهنَّ خُلق الرِّجال.



أيْ بُنية، إنَّك فارقتِ الجو الذي منه خرجتِ، وخلَّفت العشَّ الذي فيه درجت، إلى وكرٍ لم تَعرفيه، وقرينٍ لم تألفيه، فأصبح بملكه عليك رقيبًا ومليكًا، فكوني له أمَةً يكن لك عبدًا وشيكًا، واحفظي له خِصالًا عشرًا يكن لك ذخرًا:



أما الأولى والثانية: فالخشوع له بالقناعة، وحسن السَّمع والطاعة.



أما الثالثة والرابعة: فالتفقُّد لمواضع عينه وأنفِه؛ فلا تقع عينه منكِ على القبيح، ولا يَشَم منك إلَّا أطيبَ الريح.



وأما الخامسة والسادسة: فالتفقُّد لوقت منامه وطعامه؛ فإنَّ حرارة الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة.



أما السابعة والثامنة: فالاحتفاظ ببيته وماله، والإرعاء (الرعاية) على حشمه (خدمه) وعيالِه، وملاك الأمر في المال حسنُ التقدير، وفي العيال حسنُ التدبير.



وأما التاسعة والعاشرة: فلا تعصين له أمرًا، ولا تفشين له سرًّا؛ فإنَّك إن خالفتِ أمرَه أوغرتِ صدره، وإن أفشيتِ سرَّه لم تأمني غدره، ثمَّ إياكِ والفرح بين يديه إن كان مُهتمًّا، والكآبة بين يديه إن كان فرحًا.



ثمَّ اتَّقي - مع ذلك - الفرحَ بين يديه إذا كان ترحًا، والاكتئاب عنده إن كان فرحًا؛ فإنَّ الخصلة الأولى من التقصير، والثانية من التكدير.



وكوني أشد ما تكونين له إعظامًا، يكن أشد ما يكون لكِ إكرامًا.



وكوني أكثر ما تكونين له موافقة، يكن أطول ما يكون لكِ مرافَقة.



واعلمي أنَّكِ لا تصِلين إلى ما تحبِّين حتى تؤثري رضاه على رضاك، وهواه على هواكِ فيما أحببتِ وكرهتِ.







11- وصية أبي الأسود لابنته قبل زفافها:



جاء في "عيون الأخبار" لابن قتيبة أنَّ أبا الأسود نصَح ابنتَه قبل زفافها قائلًا: "إيَّاكِ والغَيْرةَ؛ فإنها مفتاح الطلاق، وعليك بالزينة، وأزينُ الزينة الكحل، وعليك بالطِّيب، وأطيبُ الطيب إسباغ الوضوء".







12- وصية عبدالله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه لابنته عند الزواج:



أوصى عبدالله بن جعفر بن أبي طالب ابنتَه فقال:



إياكِ والغيرة؛ فإنَّها مفتاح الطلاق.



وإياكِ وكثرة العتب؛ فإنه يورث البغضاء.



وعليك بالكحل؛ فإنَّه أزين الزينة، وأطيب الطيب الماء.







13- وهذا حكيم ينصح ابنته قبل زفافها قائلًا:



تذرَّعي بالصبر إذا غضِب ولا تستفزيه؛ فليس أبغض إلى الرجل من امرأة تصبُّ زيت حماقتها على نار غضبه فتزيده تأجُّجًا.



تقرَّبي إليه بعد أن تَهدأ ثورته بساعات، وعاتبيه في حنان ورفق، وراجعيه في تواضع وأدب، فليس أعز على قلب الرجل من امرأة تَعرف كيف تقهر بشمس العقل ظلمةَ الغضب.



أطيعيه إلَّا فيما يُغضب الله، وشاركيه في فِكره، ولكن سلِّمي بأن عقله أغزر مادة من عقلك؛ فليس أقرب إلى نفس الرجل من امرأة تَلزم حدَّها، وتعترف بضعفها، وتهتدي بهدي الزوج، وتعتبره حاميها ومرشدها.



تجمَّلي من أجله بأيسر كلمة وأوفر مجهود، وجمِّلي بيتك أيضًا ما استطعتِ؛ فليس أحب إلى الرجل من امرأة أنيقة تمرح أمامه في إطار جميل.



لا تطمعي في ماله؛ بل اطمعي في حبِّه، وإلَّا أبغضك لأنانيتك وطمعك، وانصرف عنكِ لغيرك.



أحسِني تربيةَ أولاده فهم في حبِّه؛ وإلَّا أبغضك لأنانيتك، واعلمي أنَّ أمانة أسرتك هي أمانة لوطنك.



ابنتي، هذه وصيَّتي - يا حبيبة - في يوم عرسك، فإذا شئتِ أن تكوني سعيدة في زواجك، فاعملي بوصيَّتي يجزِك الله الخيرَ في حياتك، وترعَ عنايتُه بيتك، وتحل بركته عليك وعلى زوجك وأولادك.







14- أب ينقل وصيَّة لزوجة ابنه عن طريق أمها:



زوَّج رجل ابنتَه من ابن أخيه، فلمَّا أراد تحويلها قال لأمِّها: مُري ابنتك ألَّا تنزل مغارة إلا ومعها ماء؛ فإنَّه للأعلى جلاء، وللأسفل نقاء، ولا تُكثر مُضاجعته؛ فإنه إذا ملَّ البدن، ملَّ القلب، ولا تمنعه شهوتَه؛ فإنَّ الحظوة في الموافقة.







15- وصية أبي الدرداء رضي الله عنه لامرأته:



قال أبو الدَّرداء رضي الله عنه لامرأته: "إذا رأيتني غضبتُ فرَضِّني، وإذا رأيتكِ غضبى رضَّيتُكِ، وإلَّا لم نصطحب".







وقال أحد الأزواج لزوجته:





خذي العفوَ منِّي تستديمي مودَّتي

ولا تنطقي في سَوْرتي حين أغضبُ



ولا تنقريني نقرك الدف مرَّة

فإنَّكِ لا تدرين كيف المغيَّبُ



ولا تكثري الشَّكوى فتذهب بالقوى

ويأباكِ قلبي والقلوبُ تقلَّبُ



فإنِّي رأيتُ الحبَّ في القلب والأذى

إذا اجتمعا لم يَلبثِ الحبُّ يذهبُ










16- وصية معاصرة من أم لابنتها قبل زفافها:



أوصَت أمٌّ ابنتَها قبل زفافها، فقالت:



يا بُنيتي، أنتِ مقبلة على حياة جديدة، حياة لا مَكان فيها لأمِّكِ أو أبيك أو لأحد من إخوتك، تصبحين صاحبةً لرجل لا يريد أن يشاركه فيكِ أحد، حتى لو كان من لحمك ودَمِك، كوني له زوجةً يا ابنتي، وكوني له أمًّا، اجعليه يَشعر أنَّكِ كل شيء في حياته، وكل شيء في دنياه.



اذكري دائمًا أنَّ الرجل - أي رجل - طِفل كبير، أقل كلمة حلوة تُسعِده، لا تجعليه يَشعر أنه بزواجه منكِ قد حرمَكِ من أهلك وأسرتك، إنَّ هذا الشعور قد ينتابه هو، فهو أيضًا قد ترك بيتَ والديه وترك أسرتَه من أجلك، ولكن الفرق بينكِ وبينه هو الفرق بين الرجل والمرأة.



المرأة تحن دائمًا إلى أسرتها، إلى بيتها الذي ولدَت فيه، ونشأَت وكبرَت وتعلَّمَت، ولكن لا بد لها أن تعوِّد نفسها على هذه الحياة الجديدة، لا بدَّ لها أن تكيِّف حياتها مع الرجل الذي أصبح لها زوجًا، وراعيًا، وأبًا لأطفالها.



هذه هي دنياكِ الجديدة يا ابنتي، هذا هو حاضركِ ومستقبلكِ، هذه هي أسرتك التي شاركتما - أنت وزوجكِ - في صنعها، أمَّا أبواك، فهما ماضٍ.



إنني لا أطلب منكِ أن تنسي أباك وأمَّكِ وإخوتك؛ لأنهم لن ينسوكِ أبدًا، كيف تنسى الأمُّ فلذةَ كبدها؟! ولكنَّني أطلب منكِ أن تحبي زوجكِ وتعيشي له وتسعدي بحياتك معه.








وأخيرًا: هذه وصايا جامِعة، تحمل في طيَّاتها وبين ثناياها دستورًا متكاملًا لكلِّ حياة زوجيَّة ناجحة.







وهذه الوصايا غير قابلة للاختِزال أو الانتقاء؛ وذلك لأنَّ أي تهاون سوف يترتَّب عليه اعوجاج يَنتقل مباشرة للأولاد، فتكون الطامَّة الكبرى؛ لأنَّه كيف يستقيم الظل والعود أعوج؟!







ونحن الآن ما أحوجنا لبيتٍ يكون مصنعًا لجيل يُحيي مَوات أمَّة، ويبعث فيها الروح من جديد، ويُوقِظ هذا اللَّيث الجفول الذي ينتظر يقظته العالَمُ بأسره؛ ليُخرج الناسَ من عبادة العبادِ إلى عبادة ربِّ العباد، ومن جَور الأديانِ إلى عَدل الإسلام، ومن ضِيق الدنيا إلى سَعة الدنيا والآخرة.



والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 144.22 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 140.94 كيلو بايت... تم توفير 3.28 كيلو بايت...بمعدل (2.27%)]