قصة يوسف بن تاشفين.. منقذ الأندلس لقرن من الزمان - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير (الجامع لأحكام القرآن) الشيخ الفقيه الامام القرطبى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 309 - عددالزوار : 14116 )           »          ظاهرة التشكيك في الأحاديث الصحيحة!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          الدعوة إلى الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 50 - عددالزوار : 2859 )           »          تجــديد الخطـــاب الدعــــوي في المرحلـة القادمـة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 155 )           »          أزمــــة النخـــــب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          من شبهات اليهود وأباطيلهم «أن المسلمين بنوا المسجد الأقصى مكان الهيكل الذي بناه الملك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          شبابنا والخروج من التيه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          اختلاف الأجيال.. بين الآباء والأبناء!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          شـروط لازمـة.. الزوجـــة كما يجـــب أن تكــون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي
التسجيل التعليمـــات التقويم

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-05-2021, 03:02 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,836
الدولة : Egypt
افتراضي قصة يوسف بن تاشفين.. منقذ الأندلس لقرن من الزمان

قصة يوسف بن تاشفين.. منقذ الأندلس لقرن من الزمان
أ. د. عبدالحليم عويس





قال يوسف بن تاشفين لمحدثه:
ألا ترى معي أن الإسلام يمكن أن تقوم لأممه قائمة، وأن قومه إذا اتحدوا وأخلصوا النية لله نصرهم الله على أعدائهم ورفع منزلتهم في العالمين؟

وأجابه محدثه بهزء وسخرية:
يعجبني فيك الطموح وبعد الآمال، غير أنك تطلب المحال وتنشد الخيال، وإن أمم المسلمين المتنابذة المتصارعة لا يمكن أن تقوم لها - كما تدعي - قائمة، وظهر الغضب على وجه يوسف، لكنه أجاب بلهجة المؤمن القوي مخاطبا محدثه: اسمع يا أخي إن المحال في عالمنا هذا هو الذي لم يحدث ولا يمكن أن يحدث، لكن الذي تقول إنه محال قد حدث ووقع، فلقد كان المسلمون في بداية أمرهم أمة واحدة، جسداً واحداً، لا تباغض ولا تشاحن بين أعضائه، وإن أملي في الله الذي جمع دول الكفر كلها علينا في أيامنا هذه أن يزيل ما بين المسلمين من تشاحن وفرقة، حتى ينتصروا على أعدائهم.

ورد عليه محدثه قائلاً: إنه يا أخي يوسف كما تقول أمل وقلَّ أن تتحقق الآمال الكبار، وانصرف يوسف إلى بيته وهو يفكر في كلمة الرجل: إن وحدة المسلمين كي ينتصروا على أعدائهم أمل... أمل كبير.. حقاً... وأي أمل!!

وقع هذا الحديث ليوسف بن تاشفين وهو في العشرين من عمره، وهذا الحديث على قصره، كان له أكبر الأثر في تغيير مجرى حياته، إذ رأى يوسف من واجبه أن يندمج في سلك الجندية حتى يؤدي للإسلام ضريبة الجهاد.

وكرت السنون ومرت الأيام... اليوم تلو اليوم.

وبلغ يوسف الأربعين، وأتيح له أن ينظر لنفسه ذات يوم فوجد حياته تنصرم، وهي كلما انصرمت أبعدت من أمله في تحقيق وحدة المسلمين كي ينتصروا على المسيحيين، وأكدت صدق كلمة الرجل القائل له بأن الوحدة والنصر مجرد أمل، وقلَّ أن تتحقق الآمال.

وكاد يوسف يبكي لولا أن طبيعة البطولة الكامنة فيه منعته من ذلك، إذ العويل والبكاء من طبيعة النساء، وهوّن على يوسف الخطب ثقته في الله، وعلمه بأن مرتبة القيادة التي نالها في جيش ابن عمه أبي بكر بن عمر اللمتوني الصنهاجي سوف تفتح له أبواباً قد ينفذ منها إلى تحقيق آماله، وعن طريق هذا الموقع سوف يحاول أن يعيد للمسلمين عزهم ورفعتهم إن شاء الله رب العالمين.

بهذا حدَّث يوسف بن تاشفين نفسه...

ومرت عدة أعوام عزل نفسه بعدها متفرغاً للجهاد حاكم المغرب آنذاك أبو بكر بن عمر اللمتوني الذي أوصى أن يتولى الحكم بعده ابن عمه يوسف بن تاشفين!!.

ووجد يوسف أن الفرصة قد سنحت، وهو إذ لم يعمل كان من الذين يقولون ما لا يفعلون، وخابت كل آماله الكبار!!

ولكن بأي شيء يبدأ يوسف المعركة؟ لا بد له من مقر رئيسي يمثل دولة الإسلام التي يحاول أن يرفع بناءها، ونهض فعلاً إلى بناء مدينة أسماها مراكش جعل منها عاصمة ملكه ومقر قيادته... وكانت مدينة مراكش قد بدأ تأسيسها ابن عمه أبو بكر بن عمر اللمتوني...

فأتم يوسف البناء، وجعلها حاضرة المغرب الأولى...

وفي بداية عام 455هـ بدأت معارك يوسف في سبيل رفع راية الإسلام، فلقد أعد جيشاً قوياً فتياً هجم به على البلاد المجاورة لمراكش كفاس، وطنجة، واقتحم به حصون زناته وغمارة وغيرهما من المدن حتى تم له في مدة لا تتجاوز الخمسة عشر عاماً إنشاء دولة إسلامية تمتد من تونس شرقاً إلى المحيط الأطلنطي غرباً ومن البحر الأبيض المتوسط شمالاً إلى حدود السودان جنوباً.

ونظر يوسف إلى نفسه مرة ثانية فوجد حلمه قد تحقق بإنشاء دولة إسلامية كبيرة!! وكاد يبلغ به الزهور والغرور مبلغاً كبيراً لولا أن صوتاً آخر من أصوات الضمير قد استيقظ في فؤاده.. وهاتفاً من أعماقه قد انبعث قائلاً له: وماذا يستفيد الإسلام من دولة قامت، وبعد أيام تروح، أو ملكاً شيد، لا تلبث عادية الزمن أن تعدو عليه، وإن فوق ذلك في باب خدمة الإسلام مراتب ودرجات عالية لا يجوز أن تذهب حياتك دون أن تقوم بها.

إن هناك... هناك على البعد إخوان لك أبناء الإسلام... يتحكم فيهم المسيحيون، ويفتتون من وحدتهم، ويضعون من قوتهم، ويضربون دولتهم بكل قوة لا يجدون عونا إذا استعانوا، ولا غوثاً إذا طلبوا الغوث...

إنهم هناك يرجون جهدك ويعقدون على دولتك الناشئة القوية كثيراً من الآمال، إنهم هناك وراء البحر قابعون في الضفة الأخرى منه يدافعون عن بلادهم وإسلامهم قدر ما يستطيعون، بل وفوق طاقتهم فاعمل شيئاً من أجلهم ومد يدك إليهم.

وعندما وصل حديث يوسف مع نفسه إلى هذا الحد أرسل تنهيدة طويلة وذهب إلى فراشه كي ينال قسطه من الراحة، وأثناء نومه عاودته الخواطر في شبه أحلام مزعجة، جعلته يقوم من نومه فزعاً، وجعلته يعاهد الله لئن أطال أجله فلا بد وأن يفعل شيئاً من أجل هؤلاء الأندلسيين القابعين وراء البحر الذين يتربص بهم النصارى من كل جانب!!

أصبح يوسف من نومه فما إن انتهى من صلاة الفجر، وتناول فطوره وبدأ يستريح قليلاً حتى جاءه رسول ينبئه بمقدم وفد من بلاد الأندلس (القابعين وراء البحر) يحملون له نبأ هاماً ويرجون مقابلته في أقرب وقت.

حدث يوسف نفسه: ترى أيكون وراء هؤلاء الرسل تفسير حلم الليلة؟ أيكون وراءهم أمر جلل وخطب نزل..؟.. لا داعي للتخمين – فلأذهب إليهم.. وسوف أعرف جلية الأمر..

وذهب يوسف إليهم واستقبلهم أحسن استقبال ورحب بهم في بلاده وأدى إليهم واجب الضيافة، وقدموا له كثيراً من الهدايا التي بعثها معهم أمير "أشبيلية" المعتمد بن عباد، وغيره من أمراء الأندلس، وأعطوه رسالة المعتمد بن عباد التي يرجوه فيها العون، ويطلب منه المساعدة في سبيل الإسلام، وفي سبيل القضاء على أعدائهم النصارى المسيحيين، ووعدهم يوسف خيراً وأعادهم إلى بلادهم مكرمين، وقد ودعهم بعبارات الحب والتقدير.

وأخذ يوسف ينظر في الأمر على مهل، وهنا كان عجب أصحاب يوسف منه.

لقد كانوا يعتقدون فيه خلاف ذلك.. فهم يدركون غيرته ويعرفون حبه لخدمة الإسلام والمسلمين إذن فما هذا التسويف منه إزاء إخوة مسلمين يستجيرون به؟!! ولو علم أصحاب يوسف أنه إنما فعل ذلك تريثاً منه وضماناً للنصر، وتأكداً من أن الأندلسيين القابعين وراء البحر.. سيتعاونون معه ولا يخذلونه إذا سارع إلى خدمتهم ونجدتهم – إذن لما عابوا عليه.

وفعلاً تحققت خطة يوسف، واستطاع أن يحظى بضمان الجهاد معه إذا هب لنصرتهم... وعندئذٍ بادر فكوَّن جيشاً قوياً مزوداً بكافة الأسلحة والمؤن، وسار به عبر مضيق جبل طارق حيث وصل إلى جنوب بلاد الأندلس في شهر رجب من عام 479 هجرية، فانضمت إليه قوات ابن الأفطس ملك بطليوس، وقوات ابن عباد ملك أشبيلية، وغيرهما من القوات، وانتظم الجميع في جيش قوي تحت قيادة مؤمنة.



وأقبل الرابع عشر من شهر رجب أي بعد وصوله إلى الأندلس بنصف شهر تقريباً وبدأت المعركة بين الجيشين (جيش المسلمين، وجيش المسيحيين) هناك عند سهل يسمى (سهل الزلاقة)، وهجم المسيحيون بقيادة قائدهم (ألفونس السادس) على جيوش المسلمين واخترقوا صفوفه، وبذلوا كل ما يستطيعون من جهد ومن عرق!!



وكاد النصر يضيع من يد المسلمين لولا أن تدارك يوسف الموقف، وجمع نخبة من جنوده وهجم على قلب الجيش المسيحي، وأظهر من البطولة والشجاعة ما يقرب من الخيال، وتبع يوسف جنود جيشه المتفرقون، وأحاطوا بجيش المسيحيين، واندمجوا في المعركة اندماجاً كلياً حتى أثخنوهم بالجراح، وقضوا على الآلاف من المسيحيين، وسارت خيل المسلمين في أبحر من دماء المسيحيين...

وتوغل يوسف ووراءه الجيش في طريق المعركة المليء بالدماء.. واستمروا على توغلهم كثيراً حتى قضوا على معظم المسيحيين، ولم ينقذهم إلا إدبار النهار، وإقبال الظلام.

وظل المسلمون يراقبونهم طوال الليل إلى أن أقبل النهار بضوئه، وأشرقت شمس الصباح على العالمين، فزحف جيش المسلمين نحو فلول المسيحيين الباقية فأسروا من أسروه وتتبعوا الفارين، وعادوا بغنائم جمة ومكاسب بالغة.

ووقف التاريخ يدون النصر للمسلمين في تلك المعركة الخالدة الفاصلة بين قوة المسلمين وانتصارهم، وضعف المسيحيين وهزيمتهم.

وصاح المؤذن بأعلى صوته في الناس... الله أكبر... الله أكبر... حي على الفلاح... حي على الفلاح.

ووقف يوسف بن تاشفين... ونظر إلى راية المسلمين التي بدأت ترتفع، ثم نظر إلى نفسه... وذكر قول صاحبه له منذ خمسين سنة... في مجمل حديثه معه: (إن وحدة المسلمين وانتصارهم أمل... أي أمل، وقل أن تتحقق الآمال) فرد في نفسه:
الحمد لله.. الحمد لله.. لقد تحققت الآمال.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 56.67 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 54.96 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.02%)]