|
رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
فقه الصيام [ المغني - ابن قدامة ] المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد من صــ58 الى صــ61 (11) وجوب القضاء والكفارة في جماع صائم رمضان مسألة : قال : ومن جامع في الفرج فأنزل أو لم ينزل أو دون الفرج عامدا أو ساهيا فعليه القضاء والكفارة إذا كان في شهر رمضان لا نعلم بين أهل العلم خلافا في أن من جامع في الفرج فأنزل أو لم ينزل أو دنه الفرج فأنزل أنه يفسد صومه إذا كان عامدا وقد دلت الأخبار الصحيحة على ذلك وهذه المسألة فيها مسائل أربع : إحداها : أن من أفسد صوما واجبا بجماع فعليه القضاء سواء كان في رمضان أو غيره وهذا قول أكثر الفقهاء وقال الشافعي في أحد قوليه : من لزمته الكفارة لا قضاء عليه لأن النبي صلى الله عليه و سلم لم يأمر الأعرابي بالقضاء وحكي عن الأوزاعي أنه قال : إن كفر بالصيام فلا قضاء عليه لأنه صام شهرين متتابعين ولنا [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال للمجامع وصم يوما مكانه ] رواه أبو داود بإسناده و ابن ماجة و الاثرم ولأنه أفسد يوما من رمضان فلزمه قضاؤه كما لو أفسده بالأكل أو أفسد صومه الواجب بالجماع فلزمه قضاؤه كغير رمضان المسألة الثانية : إن الكفارة تلزم من جامع في الفرج في رمضان عامدا أنزل أو لم ينزل في قول عامة أهل العلم وحكي عن الشعبي و النخعي و سعيد بن جبير لا كفارة عليه لأن الصوم عبادة لا تجب الكفارة بإفساد قضائها فلا تجب في أدائها كالصلاة ولنا ما روى الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال : [ بينا نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه و سلم إذ جاء رجل فقال يا رسول الله هلكت قال مالك ؟ قال وقعت على امرأتي وأنا صائم فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم هل تجد رقبة تعتقها ؟ قال : لا قال فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ قال : لا قال فهل تجد إطعام ستين مسكينا ؟ قال : لا قال فمكث النبي صلى الله عليه و سلم فبينا نحن على ذلك أتى النبي صلى الله عليه و سلم بعرق فيه تمر - والعرق المكتل - فقال : أين السائل ؟ فقال أنا قال : خذ هذا فتصدق به فقال الرجل : على أفقر مني يا رسول الله ؟ فوالله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر من أهل بيتي فضحك النبي صلى الله عليه و سلم حتى بدت أنيابه ثم قال : أطعمه أهلك ] متفق عليه ولا يجوز اعتبار الأداء في ذلك بالقضاء لأن الأداء يتعلق بزمن مخصوص يتعين به والقضاء محلة الذمة والصلاة لا يدخل في جبرانها المال بخلاف مسألتنا المسألة الثالثة : أن الجماع دون الفرج إذا اقترن به الإنزال فيه عن أحمد روايتان : إحداهما عليه الكفارة وهذا قول مالك و عطاء و الحسن و ابن المبارك و اسحق لأنه فطر بجماع فأوجب الكفارة كالجماع في الفرج : والثانية لا كفارة فيه وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة لأنه فطر بغير جماع تام فأشبه القبلة ولأن الأصل عدم وجوب الكفارة ولا نص في وجوبها ولا إجماع ولا قياس ولا يصح القياس على الجماع في الفرج لأنه أبلغ بدليل أنه يوجبها من غير إنزال ويجب به الحد إذا كان محرما ويتعلق به اثنا عشر حكما ولأن العلة في الأصل الجماع بدون الإنزال والجماع ههنا غير موجب فلم يصح اعتباره به المسألة الرابعة : أنه إذا جامع ناسيا فظاهر المذهب أنه كالعامد نص عليه أحمد وهو قول عطاء و ابن الماجشون وروى أبو داود عن أحمد أنه توقف عن الجواب وقال أجبن أن أقول فيه شيئا وإن أقول ليس عليه شيء قال سمعته غير مرة لا ينفذ له فيه قول ونقل أحمد بن القاسم عنه : كل أمر غلب عليه الصائم ليس عليه قضاء ولا غيره قال أبو الخطاب : هذا يدل على إسقاط القضاء والكفارة مع الإكراه والنسيان وهو قول الحسن ومجاهد والثوري والشافعي وأصحاب الرأي لأنه معنى حرمه الصوم فإذا وجد منه مكرها أو ناسيا لم يفسده كالأكل وكان مالك و الأوزاعي و الليث يوجبون القضاء دون الكفارة لأن الكفارة لرفع الإثم وهو محطوط عن الناسي ولنا أن النبي صلى الله عليه و سلم أمر الذي قال وقعت على امرأتي بالكفارة ولم يسأله عن العمد ولو افترق الحال لسأل واستفصل ولأنه يجب التعليل بما تناوله لفظ السائل وهو الوقوع على المرأة في الصوم ولأن السؤال كالمعاد في الجواب فكأن النبي صلى الله عليه و سلم قال : من وقع على أهله في رمضان فليعتق رقبة فإن قيل ففي الحديث ما يدل على العمد وهو قوله : هلكت وروي احترقت قلنا يجوز أن يخبر عن هلكته لما يعتقده في الجماع ما النسيان من إفساد الصوم وخوفه من غير ذلك ولأن الصوم عبادة تحرم الوطء فاستوى فيها عمده وسهوه كالحج ولأن إفساد الصوم ووجوب الكفارة حكمان يتعلقان بالجماع لا تسقطها الشبهة فيها العمد والسهو كسائر أحكامه وطء البهيمة وفيه وجهان فصل : ولا فرق بين كون الفرج قبلا أو دبرا من ذكر أو أنثى وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة في أشهر الروايتين عنه لا كفارة في الوطء في الدبر لأنه لا يحصل به الإحلال ولا الإحصان فلا يوجب الكفرة كالوطء جون الفرج ولنا أنه أفسد الصوم بجماع في الفرج فأوجب الكفارة كالوطء وأما الوطء دون الفرج فلنا فيه منع وإن سلمنا فلأن الجماع دون الفرج لا يفسد الصوم بمجرده بخلاف الوطء في الدبر فصل : فأما الوطء في فرج البهيمة فذكر القاضي أنه موجب للكفارة لأنه وطء في فرج موجب للغسل مفسد للصوم فأشبه وطء الآدمية وفي وجه آخر لا تجب به الكفارة وذكره أبو الخطاب لأنه لا نص فيه ولا هو في معنى المنصوص عليه فإنه مخالف لوطء الآدمية في إيجاب الحد على إحدى الروايتين وفي كثير من أحكامه ولا فرق بين كون الموطوءة زوجة أو أجنبية أو كبيرة أو صغيرة لأنه إذا وجب بوطء الزوجة فبوطء الأجنبية أولى
__________________
|
#12
|
||||
|
||||
رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
فقه الصيام [ المغني - ابن قدامة ] المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد من صــ61 الى صــ63 (12) صوم المرأة بالجماع أو السحاق ولو كرهة أو ناسية فصل : ويفسد صوم المرأة بالجماع بغير خلاف نعلمه في المذهب لأنه نوع من المفطرات فاستوى فيه الرجل والمرأة كالأكل وهل يلزمه الكفارة ؟ على روايتين : إحداهما يلزمها وهو اختيار أبي بكر وقول مالك و أبي حنيفة و أبي ثور و ابن المنذر ولأنها هتكت صوم رمضان بالجماع فوجبت عليها الكفارة كالرجل الثانية لا كفارة عليها قال أبو داود : سئل أحمد من أتى أهله في رمضان أعليها كفارة ؟ قال : ما سمعنا أن على امرأة كفارة وهذا قول الحسن ول الشافعي قولان كالروايتين ووجه ذلك أن النبي صلى الله عليه و سلم أمر الواطئ في رمضان أن يعتق رقبة ولم يأمر في المرأة بشيء مع علمه بوجود ذلك منها ولأنه حق مال يتعلق بالوطء من بين جنسه فكان على الرجل كالمهر فصل : وإن أكرهت المرأة على الجماع فلا كفارة عليها رواية واحدة وعليها القضاء قال مهنا : سألت أحمد عن امرأة غصبها رجل نفسها فجامعها أعليها القضاء ؟ قال : نعم قلت وعليها الكفارة ؟ قال : لا وهذا قول الحسن ونحو ذلك قول الثوري و الأوزاعي وأصحاب الرأي وعلى قياس ذلك إذا وطئها نائمة وقال مالك في النائمة عليها القضاء بلا كفارة والمكرهة عليها القضاء والكفارة وقال الشافعي و أبو ثور و ابن المنذر : إن كان الإكراه بوعيد حتى فعلت كقولنا وإن كان إلجاء لم تفطر وكذلك عن وطئها وهي نائمة ويخرج من قول أحمد في رواية ابن القاسم : كل أمر غلب عليه الصائم ليس عليه قضاء ولا غيره أنه لا قضاء عليها إذا كانت ملجأة أو نائمة لأنها لم يوجد منها فعل فلم تفطر كما لو صب في حلقها ماء بغير اختيارها ووجه الأول أنه جماع من الفرج فأفسد الصوم كما لو أكرهت بالوعيد ولأن الصوم عبادة يفسدها الوطء ففسدت به على كل حال كالصلاة والحج ويفارق الأكل فإنه يعذر فيه بالنسيان بخلاف الجماع فصل : فإن تساحقت امرأتان فلم ينزلا فلا شيء عليهما وإن أنزلتا فسد صومهما وهل يكون حكمهما حكم المجامع دون الفرج إذا أنزل أو لا يلزمهما كفارة بحال ؟ فيه وجهان مبنيان على أن الجماع من المرأة هل يوجب الكفارة ؟ على روايتين وأصح الوجهين إنهما لا كفارة عليهما لأن ذلك ليس بمنصوص عليه ولا في معنى المنصوص عليه فيبقى على الأصل وإن ساحق المجبوب فأنزل فحكمه حكم من جامع دون الفرج فأنزل فصل : وإن جامعت المرأة ناسية للصوم فقال أبو الخطاب حكم النسيان حكم الإكراه لا كفارة عليها فيهما وعليها القضاء لأن الجماع يحصل به الفطر في حق الرجل مع النسيان فكذلك في حق المرأة ويحتمل أن لا يلزمها القضاء لأنه مفسد لا يوجب الكفارة فأشبه الأكل حكم الجامع مكرها أو نائما فصل : وإن أكره الرجل على الجماع فسد صومه لأنه إذا أفسد صوم المرأة فصم الرجل أولى وأما الكفارة فقال القاضي : عليه الكفارة لأن الإكراه على الوطء لا يمكن لأنه لا يطأ حتى ينتشر ولا ينتشر إلا عن شهوة فكان كغير المكره وقال أبو الخطاب فيه روايتان : إحداهما لا كفارة عليه وهو مذهب الشافعي إلا عن شهوة فكان كغير المكره وقال أبو الخطاب فيه روايتان : إحداهما لا كفارة عليه وهو مذهب الشافعي لأن الكفارة إما أن تكون عقوبة أو ماحية للذنب ولا حاجة إليها مع الإكراه لعدم الإثم فيه لقول النبي صلى الله عليه و سلم [ عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ] ولأن الشرع لم يرد بوجوب الكفارة فيه ولا يصح قياسه على ما ورد الشرع فيه لاختلافها في وجود العذر وعدمه فأما أن كان نائما مثل إن كان عضوه منتشرا في حال نومه فاستدخلته امرأته فقال ابن عقيل : لا قضاء عليه ولا كفارة وكذلك إن كان إلجاء مثل أن غلبته في حال يقظته على نفسه وهذا مذهب الشافعي لأنه معنى حرمه الصوم حصل بغير اختياره فلم يفطر به كما لو أطارت الريح إلى حلقه ذبابة وظاهر كلام أحمد أن عليه القضاء لأنه قال في المرأة إذا غصبها رجل نفسها فجامعها عليها القضاء فالرجل أولى ولأن الصوم عبادة يفسدها الجماع فاستوى في ذلك حالة الاختيار والإكراه كالحج ولا يصح قياس الجماع على غيره في عدم الإفساد لتأكده بإيجاب الكفارة وإفساده للحج من بين سائر محظوراته وإيجاب الحد به إذا كان زنا
__________________
|
#13
|
||||
|
||||
رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
فقه الصيام [ المغني - ابن قدامة ] المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد من صــ64 الى صــ65 (13) فصل لا تجب الكفارة بالفطر في غير رمضان فصل : ولا تجب الكفارة بالفطر في غير رمضان في قول أهل العلم وجمهور الفقهاء وقال قتادة تجب على من وطئ في قضاء رمضان لأنه عبادة تجب الكفارة في أدائها فوجبت في قضائها كالحج ولنا أنه جامع في غير رمضان فلم تلزمه كفارة كما لو جامع في صيام الكفارة ويفارق القضاء الأداء لأنه متعين بزمان محترم فالجماع فيه هتك له بخلاف القضاء فصل : وإذا جامع في أول النهار ثم مرض أو جن أو كانت امرأة فحاضت أو نفست في أثناء النهار لم تسقط الكفارة وبه قال مالك و الليث و ابن الماجشون و إسحاق وقال أصحاب الرأي لا كفارة عليهم وللشافعي قولان كالمذهبين واحتجوا بأن صوم هذا اليوم خرج عن كونه مستحقا فلم يجب بالوطء فيه كفارة كصوم المسافر أو كما لو قامت البينة أنه من شوال ولنا أنه معنى طرأ بعد وجوب الكفارة فلم يسقطها ولأنه أفسد صوما واجبا في رمضان بجماع تام فاستقرت الكفارة عليه كما لو لم يطرأ عذر والوطء في صوم المسافر ممنوع وإن سلم فالوطء ثم لم يوجب أصلا لأنه وطء مباح في سفر أبيح الفطر فيه بخلاف مسألتنا وكذا إذا تبين أنه من شوال فإن الوطء غير موجب لأنا تبينا أن الوطء لم يصادف رمضان والموجب إنما هو الوطء المفسد لصوم رمضان إذا طلع الفجر أو ظن أن الفجر لم يطلع وهو مجامع فصل : إذا طلع الفجر وهو مجامع فاستدام الجماع فعليه القضاء والكفارة وبه قال مالك و الشافعي وقال أبو حنيفة يجب القضاء دون الكفارة لأن وطأه لم يصادف صوما صحيحا فلم يوجب الكفارة كما لو ترك النية وجامع ولنا أنه ترك صوم رمضان بجامع أثم به لحرمة الصوم فوجبت به الكفارة كما لو وطئ بعد طلوع الفجر وعكسه إذا لم ينو فإنه يتركه لترك النية لا الجماع ولنا فيه منع أيضا وأما إن نزع في الحال مع أول طلوع الفجر فقال ابن حامد والقاضي عليه الكفارة أيضا لأن النزع جماع يلتذ به فتعلق به ما يتعلق بالاستدامة كالإيلاج وقال أبو حفص لا قضاء عليه ولا كفارة وهو قول أبي حنيفة و الشافعي لأنه ترك للجماع فلا يتعلق به ما يتعلق بالجماع كما لو حلف لا يدخل دارا وهو فيها فخرج منها كذلك ههنا وقال مالك يبطل صومه ولا كفارة عليه لأنه لا يقدر على أكثر مما فعله في ترك الجماع فأشبه المكره وهذه المسألة تقرب من الاستحالة إذ لا يكاد يعلم أول طلوع الفجر على وجه يتعقبه النزع من غير أن يكون قبله شيء من الجماع فلا حاجة إلى فرضها والكلام فيها فصل : ومن جامع يظن أن الفجر لم يطلع فتبين أنه كان قد طلع فعليه القضاء والكفارة وقال أصحاب الشافعي لا كفارة عليه ولو علم في أثناء الوطء فاستدام فلا كفارة عليه أيضا لأنه إذا لم يعلم لم يأثم فلا يجب به كفارة كوطء الناسي وإن علم فاستدام فقد حصل الوطء الذي يأثم به في غير صوم ولنا حديثا المجامع إذ أمره النبي صلى الله عليه و سلم بالتكفير من غير تفريق ولا تفصيل ولأنه أفسد صوم رمضان بجماع تام فوجبت عليه الكفارة كما لو علم ووطء الناسي ممنوع ثم لا يحصل به الفطر على الرواية الأخرى بخلاف مسألتنا
__________________
|
#14
|
||||
|
||||
رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
فقه الصيام [ المغني - ابن قدامة ] المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد من صــ65 الى صــ66 (14) كفارة الوطء في رمضان مسألة : قال : والكفارة عتق رقبة فإن لم يمكنه فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا المشهور من مذهب أبي عبد الله أن كفارة الوطء في رمضان ككفارة الظهار في الترتيب يلزمه العتق إن أمكنه فإن عجز عنه انتقل إلى الصيام فإن عجز انتقل إلى إطعام ستين مسكينا وهذا قول جمهور العلماء وبه يقول الثوري و الأوزاعي و الشافعي وأصحاب الرأي وعن أحمد رواية أخرى أنها على التخيير بين العتق والصيام والإطعام وبأيها كفر أجزأه وهو رواية عن مالك لما روى و ابن جريج عن الزهري عن حمدي بن عبد الرحمن عن أبي هريرة [ أن رجلا أفطر في رمضان فأمره رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يكفر بعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا ] رواه مسلم وأو حرف تخيير ولأنها تجب بالمخالفة فكانت على التخيير ككفارة اليمين وروي عن مالك أنه قال : الذي نأخذ به في الذي يصيب أهله في شهر رمضان إطعام ستين مسكينا أو ذلك اليوم وليس التحرير والصيام من كفارة رمضان في شيء وهذا القول ليس بشيء لمخالفته الحديث الصحيح مع أنه ليس له أصل يعتمد عليه ولا شيء يستند إليه وسنة رسوله صلى الله عليه و سلم أحق أن تتبع وأما الدليل على وجوب الترتيب فالحديث الصحيح ورواه معمر ويونس والأوزاعي والليث وموسى بن عقبة وعبيد الله بن عمر وعراك بن مالك وإسماعيل بن أمية ومحمد بن أبي عتيق وغيرهم عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال للواقع على أهله : هل تجد رقبة تعتقها ؟ قال : لا قال : فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ قال : لا قال : فهل تجد إطعام ستين مسكينا ؟ قال : لا ] وذكر سائر الحديث وهذا لفظ الترتيب والأخذ بهذا أولى من رواية مالك لأن أصحاب الزهري اتفقوا على روايته هكذا سوى مالك و ابن جريج فيما علمنا واحتمال الغلط فيهما أكثر من احتماله في سائر أصحابه ولأن الترتيب زيادة والأخذ بالزيادة متعين ولأن حديثنا لفظ النبي صلى الله عليه و سلم وحديثهم لفظ الراوي ويحتمل أنه رواه بأو لاعتقاده أن معنى اللفظين سواء ولأنها كفارة فيها صوم شهرين متتابعين فكانت على الترتيب ككفارة الظهار والقتل فصل : فإذا عدم الرقبة انتقل إلى صيام شهرين متتابعين ولا نعلم خلافا في دخول الصيام في كفارة الوطء إلا شذوذ لا يعرج عليه المخالفة السنة الثابتة ولا خلاف بين من أوجبه أنه شرهان متتابعان للخبر أيضا فإن لم يشرع في الصيام حتى وجد الرقبة لزمه العتق لأن النبي صلى الله عليه و سلم سأل المواقع عما يقدر عليه حين أخبره بالعتق ولم يسأله عن ما كان يقدر عليه حال المواقعة هي حالة الوجوب ولأنه وجد المبدل قبل التلبس بالبدل فلزمه كما لو كان واجدا له حال الوجوب وإن شرع في الصوم قبل القدرة على الإعتاق ثم قدر عليه لم يلزمه الخروج إليه إلا أن يشاء العتق فيجزئه ويكون قد فعل الأولى وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة يلزمه الخروج لأنه قدر على الأصل قبل أداء فرضه بالبدل فبطل حكم البدل كالتيمم يرى المال ولنا أنه شرع في الكفارة الواجبة عليه فأجزأته كما لو استمر العجز إلى فراغها وفارق العتق التيمم لوجهين أحدهما أن التيمم لا يرفع الحدث وإنما يستره فإذا وجد الماء ظهر حكمه بخلاف الصوم فإنه يرفع الحكم الجماع بالكلية الثاني أن الصيام تطول مدته فيشتق إلزامه الجمع بينه وبين العتق بخلاف الوضوء والتيمم مسألة : قال : فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا لكل مسكين مد من بر أو نصف صاع من تمر أو شعير لا نعلم بين أهل العلم خلافا في دخول الإطعام في كفارة الوطء في رمضان في الجملة وهو مذكور في الخبر والواجب فيه إطعام ستين مسكينا في قول عامتهم وهو في الخبر أيضا ولأنه إطعام في كفارة فيها صوم شهرين متتابعين فكان إطعام ستين مسكينا ككفارة الظهار واختلفوا في قدر ما يطعم كل مسكين فذهب أحمد إلى أن لكل مسكين مد بر وذلك خمسة عشر صاعا أو نصف صاع من تمر أو شعير فيكون الجميع ثلاثين صاعا وقال أبو حنيفة من البر لكل مسكين نصف صاع ومن غيره صاع لقول النبي صلى الله عليه و سلم في حديث سلمة بن صخر [ فأطعم وسقا من تمر ] رواه أبو داود وقال أبو هريرة يطعم مدا من أي الأنواع شاء وبهذا قال عطاء و الأوزاعي و الشافعي لما روى أبو هريرة في حديث المجامع [ أن النبي صلى الله عليه و سلم أتي بمكتل من تمر قدره خمسة عشر صاعا فقال : خذ هذا فأطعمه عنك ] رواه أبو داود ولنا ما روى أحمد حدثنا إسماعيل حدثنا أيوب عن أبي زيد المدني قال : [ جاءت امرأة من بني بياضة بنصف وسق شعير فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم للمظاهر أطعم هذا فإن مدي شعير مكان مد بر ] ولأن فدية الأذى نصف صاع من التمر والشعير بلا خلاف فكذا هذا والمد من البر يقوم مقام نصف صاع من غيره بدليل حديثنا ولأن الأجزاء بمد منه قول ابن عمر وابن عباس وأبي هريرة وزيد ولا مخالف لهم في الصحابة وأما حديث سلمة بن صخر فقد اختلف فيه وحديث أصحاب الشافعي يجوز أن يكون الذي أتى به النبي صلى الله عليه و سلم قاصرا عن الواجب فاجتزئ به لعجز المكفر عما سواه فصل : فإن أخرج من الدقيق أو السويق أجزأ لما ذكرناه فيما تقدم وإن غدى المساكين أو عشاهم لم يجزئه في أظهر الروايتين وهو ظاهر كلام الخرقي لأنه قدر ما يجزئ في الدفع بمد أو نصف صاع وإذا أطعمهم لا يعلم أن كل واحد منهم استوفى الواجب له ووجه ذلك أن النبي صلى الله عليه و سلم بين قدر ما يطعمه كل مسكين بما ذكرنا من الأحاديث وهي مقيدة لمطلق الإطعام المذكور والمطلق يحمل على المقيد ولا يعلم أن كل مسكين استوفى ما يجب له ولأن الواجب تمليك المسكين طعامه والإطعام إباحة وليس بتمليك فعلى هذه الرواية أن افرد لكل مسكين قدر الواجب له فأطعمه إياه نظرت فإن قال له : هذا لك تتصرف فيه كيف شئت اجزأه لأنه قد ملكه إياه وإن لم يقل له شيئا احتمل أن يجزئه لأنه قد أطعمه ما يجب له فأشبه ما لو ملكه واحتمل أن لا يجزئه لأنه لم يملكه إياه والرواية الثانية يجزئه أن يجمع ستين مسكينا فيطعمهم قال أبو داود : سمعت أحمد يسأل عن امرأة أفطرت رمضانا ثم أدركها رمضان آخر ثم ماتت قال كم أفطرت ؟ قال : ثلاثين يوما قال فاجمع ثلاثين مسكينا وأطعهم وقال الله تعالى { فإطعام ستين مسكينا } وقال في كفارة اليمين { إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم } وهذا قد أطعمهم وروي عن أنس أنه أفطر في رمضان فجمع المساكين ووضع جفانا فأطعمهم ولأنه أطعم ستين مسكينا فاجزأه كما لو ملكه إياه فعلى هذه الرواية أن أطعمهم قدر الواجب لهم اجزأه وإن أطعمهم دون ذلك فأشبعهم فظاهر كلام أحمد أنه يجزئه لأنه قد أطعمهم ويحتمل أن لا يجزئه لأنه لم يطعمهم ما وجب لهم فصل : ويجزئ في الكفارة ما يجزئ في الفطرة من البر والشعير ودقيقها والتمر والزبيب وفي الاقط وجهان في الخبز روايتان وكذلك يخرج في السويق فإن كان قوته غير ذلك من الحبوب كالدخن والذرة والأرز ففيه وجهان : أحدهما لا يجزئ ذكره القاضي لأنه لا يجزئ في الفطرة والثاني يجزئ اختياره أبو الخطاب قول الله تعالى { من أوسط ما تطعمون أهليكم } ولأن النبي صلى الله عليه و سلم أمر بالإطعام مطلقا ولم يرد تقييده بشيء من الأجناس فوجب ابقاؤه على إطلاقه ولأنه أطعم المسكين من طعامه فأجزأه كما لو كان طعامه برا فأطعمه منه وهذا أظهر فصل : وإن عجز عن العتق والصيام والإطعام سقطت الكفارة عنه في إحدى الروايتين بدليل أن الإعرابي لما دفع إليه النبي صلى الله عليه و سلم التمر وأخبره بحاجته إليه قال : [ أطعمه أهلك ] ولم يأمره بكفارة أخرى وهذا قول [ الأوزاعي ] وقال الزهري : لا بد من التكفير وهذا خاص لذلك الإعرابي لا يتعداه بدليل أنه أخبر النبي صلى الله عليه و سلم بإعساره قبل أن يدفع إليه العرق ولم يسقطها عنه ولأنها واجبة فلم تسقط بالعجز عنها كسائر الكفارات وهذا رواية ثانية عن أحمد وهو قياس قول أبي حنيفة و الثوري و أبي ثور وعن الشافعي كالمذهبين ولنا الحديث المذكور ودعوى التخصيص لا تسمع بغير دليل وقولهم إنه أخبر النبي صلى الله عليه و سلم بعجزه فلم يسقطها قلنا قد اسقطها عنه بعد ذلك وهذا آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا يصح القياس على سائر الكفارات لأنه أطرح للنص بالقياس والنص أولى والاعتبار بالعجز في حالة الوجوب وهي حالة الوطء مسألة : قال : وإن جامع فلم يكفر حتى جامع ثانية فكفارة واحدة وجملة ذلك أنه إذا جامع ثانيا قبل التكفير عن الأول لم يخل من أن يكون في يوم واحد أو في يومين فإن كان في يوم واحد فكفارة واحدة تجزئه بغير خلاف بين أهل العلم وإن كان في يومين من رمضان ففيه وجهان : أحدهما تجزئه كفارة واحدة وهو ظاهر إطلاق الخرقي واختيار أبي بكر ومذهب الزهري و الأزواعي وأصحاب الرأي لأنها جزاء عن جناية تكرر سببها قبل استيفائها فيجب أن تتداخل كالحد والثاني لا تجزئ واحدة ويلزمه كفارتان اختاره القاضي وبعض أصحابنا وهو قول مالك و الليث و الشافعي وابن المنذر وروي ذلك عن عطاء ومكحول لأن كل يوم عبادة منفردة فإذا وجبت الكفارة بإفساده لم تتداخل كرمضانين وكالحجتين مسألة : قال : وإن كفر ثم جامع ثانية فكفارة ثانية وجملته أنه إذا كفر ثم جامع ثانية لم يخل من أن يكون في يوم واحد أو في يومين فإن كان في يومين فعليه كفارة ثانية بغير خلاف نعلمه وإن كان في يوم واحد فعليه كفارة ثانية نص عليه أحمد وكذلك يخرج في كل من لزمه الإمساك وحرم عليه الجماع في نهار رمضان وإن لم يكن صائما مثل من لم يعلم برؤية الهلال إلا بعد طلوع الفجر أو نسي النية أو أكل عامدا ثم جامع فإنه يلزمه كفارة وقال أبو حنيفة و مالك و الشافعي لا شيء عليه بذلك الجماع لأنه لم يصادف الصوم ولم يمنع صحته فلم يوجب شيئا كالجماع في الليل ولنا أن الصوم في رمضان عبادة تجب الكفارة بالجماع فيه فتكررت بتكرر الوطء إذا كان بعد التكفير كالحج ولأنه وطء محرم لحرمه رمضان فأوجب الكفارة كالأول وفاق الوطء في الليل فإنه غير محرم فإن قيل الوطء الأول تضمن هتك الصوم وهو مؤثر في الإيجاب فلا يصح إلحاق غيره به قلنا : هو ملغى بمن طلع عليه الفجر وهو مجامع فاستدام فإنه يلزمه الكفارة مع أنه لم يهتك الصوم
__________________
|
#15
|
||||
|
||||
رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
فقه الصيام [ المغني - ابن قدامة ] المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد من صــ66 الى صــ76 (15) إمساك المفطر في رمضان بقية اليوم بلا عذر فصل : إذا أصحب مفطرا يعتقد أه من شعبان فقامت البينة بالرؤية لزمه الإمساك والقضاء في قول عامة الفقهاء إلا ما روي عن عطاء أنه قال يأكل بقية يومه قال بان عبد البر : لا نعلم أحدا قاله غير عطاء قول وذكر أبو الخطاب ذلك رواية عن أحمد ولا أعلم أحدا ذكرها غيره وأظن هذا غلط فإن أحمد قد نص على إيجاب الكفارة على من وطئ ثم كفر ثم عاد فوطئ في يومه لأن حرمة اليوم لم تذهب فإذا أوجب الكفارة على غير الصائم لحرمة اليوم فكيف يبيح الأكل ؟ ولا يصح قياس هذا على المسافر إذا قدم وهو مفطر وأشباهه لأن المسافر كان له الفطر ظاهرا وباطنا وهذا لم يكن له الفطر في الباطن مباحا فأشبه من أكل يظن أن الفجر لم يطلع وقد كان طلع فإذا تقرر هذا فإن جامع فيه فعليه القضاء والكفارة كالذي أصبح لا ينوي الصيام أو أكل ثم جامع وإن كان جماعة قبل قيام البينة فحكمه حكم من جامع يظن أن الفجر لم يطلع وقد كان طلع على ما مضى فيه فصل : وكل من أفطر والصوم لازم له كالمفطر يظن أن الفجر لم يطلع وقد كان طلع أو يظن أن الشمس قد غابت ولم تغب أو الناسي لنية الصوم ونحوهم يلزمهم الإمساك لا نعلم بينهم فيه اختلافا إلا أنه يخرج على قول عطاء في المعذور في الفطر إباحة فطر بقية يومه قياسا على قوله فيما إذا قامت البينة بالرؤية وهو قول شاذ لم يعرج عليه أهل العلم فصل : فأما من يباح له الفطر في أول النهار ظاهرا كالحائض والنفساء والمسافر والصبي والمجنون والكافر والمريض إذا زالت أعذارهم في أثناء النهار فطهرت الحائض والنفساء وأقام وبلع الصبي وأفاق المجنون وأسلم الكافر وصح المريض المفطر ففيهم روايتان إحداهما : يلزمهم الإمساك في بقية اليوم وهو قول أبي حنيفة و الثوري و الأوزاعي و الحسن بن صالح و العنبري لأنه معنى لو وجد قبل الفجر أوجب الصيام فإذا طرأ بعد الفجر أوجب الإمساك كقيام البينة بالرؤية والثانية : لا يلزمهم الإمساك وهو قول مالك والشافعي وروي ذلك عن جابر بن زيد وروي عن ابن مسعود أنه قال : من أكل أول النهار فليأكل آخره ولأنه أبيح له فر أول النهار ظاهرا وباطنا فإذا أفطر كان له أن يستديمه إلى آخر النهار كما لو دام العذر فإذا جامع أحد هؤلاء بعد زوال عذره انبني على الروايتين في وجوب الإمساك فإن قلنا يلزمه الإمساك فحكمه حكم من قامت البينة بالرؤية في حقه إذا جامع وإن قلنا لا يلزمه الإمساك فلا شيء عليه فإن كان أحد الزوجين من أحد هؤلاء والآخر لا عذر له فلكل واحد حكم نفسه على ما مضى وإن كانا جميعا معذورين فحكمهما ما ذكرناه سواء اتفق عذرهما مثل أن يقدم من سفر أو يصحا من مرض أو اختلف مثل أن يقدم الزوج من سفر وتطهر المرأة من الحيض فيصيبها وقد روي عن جابر بن يزيد أنه قدم من سفر فوجد امرأته قد طهرت من حيض فأصابها فأما إن نوى الصوم في سفره أو مرضه أو صغره ثم زال عذره في أثناء النهار لم يجز له الفطر رواية واحدة وعليه الكفارة إن وطئ وقال بعض أصحاب الشافعي في المسافر خاصة وجهان : أحدهما : له الفطر لأنه أبيح له افطر أول النهار ظاهرا وباطنا فكانت له استدامته كما لو قدم مفطرا وليس بصحيح فإن سبب الرخصة زال قبل الترخص فلم يكن له ذلك كما لو قدمت به السفينة قبل قصر الصلاة وكالمريض يبرأ والصبي يبلغ وهذا ينقض ما ذكروه ولو علم الصبي أنه يبلغ في أثناء النهار بالسن أو علم المسافر أنه يقدم لم يلزمها الصيام قبل زوال عذرهما لأن سبب الرخصة موجود فيثبت حكمها كما لو لم يعلما ذلك وجوب القضاء على من أفطر برخصة ومن ظن أن الفجر لم يطلع أو الشمس لم تغب فصل : ويلزم المسافر والحائض والمريض القضاء إذا أفطروا بغير خلاف لقول الله تعالى : { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } والتقدير فأفطر وقالت عائشة كما نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فنؤمر بقضاء الصوم وإن أفاق المجون أو بلغ الصبي أو أسلم الكافر في أثناء النهار والصبي مفطر ففي وجوب القضاء روايتان إحداهما : لا يلزمهم ذلك لأنهم لم يدركوا وقتا يمكنهم التلبيس بالعبادة فيه فأشبه ما لو زال عذرهم بعد خروج الوقت والثانية يلزمهم القضاء لأنهم أدركوا بعض وقت العبادة فلزمهم القضاء كما لو أدركوا بعض وقت الصلاة ز مسألة : قال : وإن أكل يظن أن الفجر لم يطلع وقد كان طلع أو أفطر يظن أن الشمس قد غابت ولم تغب فعليه القضاء هذا قول أكثر أهل العلم من الفقهاء وغيرهم وحكي عن عروة ومجاهد والحسن وإسحاق لا قضاء عليهم لما روى ويد بن وهب قال : كنت جالسا في مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم في رمضان في زمن عمر بن الخطاب فأتينا بعساس فيها شراب من بيت حفصة فشربنا ونحن نرى أنه من الليل ثم انكشف السحاب فإذا الشمس طالعة قال : فجعل الناس يقولون نقضي يوما مكانه فقال عمر والله لا نقضيه ما تجانفنا لإثم لم يقصد الأكل في الصوم فلم يلزمه القضاء كالناسي ولنا أنه أكل مختارا ذاكرا للصوم فأفطر كما لو أكل يوم الشك ولأنه جهل بوقت الصيام فلم يعذر به كالجهل بأول رمضان ولأنه يمكن التحرز منه فأشبه أكل العامد وفارق الناسي فإنه لا يمكن التحرز منه وأما الخبر فرواه الاثرم أن عمر قال من أكل فيقض يوما مكانه ورواه مالك في الموطأ أن عمر قال : الخطيب يسير يعني خفة القضاء وروى هشام بن عروة عن فاطمة امرأته [ عن اسماء قالت : أفطرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم في يوم غيم ثم طلعت الشمس ] قيل لهشام امروا بالقضاء قال : لا بد من قضاءأخرجه البخاري فصل : وإن أكل شاكا في طلوع الفجر ولم يتبين الأمر فليس عليه قضاء وله الأكل حتى يتيقن طلوع الفجر نص عليه أحمد وهذا قول ابن عباس و عطاء و الأوزاعي و الشافعي وأصحاب الرأي وروي معنى ذلك عن أبي بكر الصديق وابن عمر رضي الله عنهم وقال مالك يجب القضاء لأن الوصل بقاء الصوم في ذمته فلا يسقط بالشك ولأنه أكل شاكا في النهار والليل فلزمه القضاء كما لو أكل شاكا في غروب الشمس ولنا قول الله تعالى { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود } مد الأكل إلى غاية التبين وقد كان شاكا قبل التبين فلو لزمه القضاء لحرم عليه الأكل و [ قال النبي صلى الله عليه و سلم : فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم كلثوم ] وكان رجلا أعمى لا يؤذن حتى يقال له أصبحت أصبحت ولأن الأصل بقاء الليل فيكون زمان الشك من ما لم يعلم يقين زواله بخلاف غروب الشمس فإن الأصل بقاء النهار فبني عليه فصل : وإن أكل شاكا في غروب الشمس ولم يتبين فعليه القضاء لأن الأصل بقاء النهار وأن كان حين الأكل ظانا أن الشمس قد غربت أو أن الفجر لم يطلع ثم شك بعد الأكل ولم يتبين فلا قضاء عليه لأنه لم يوجد يقين أزال ذلك الظن الذي بنى عليه فأشبه ما لو صلى بالاجتهاد ثم شك في الإصابة بعد صلاته
__________________
|
#16
|
||||
|
||||
رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
فقه الصيام [ المغني - ابن قدامة ] المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد من صــ66 الى صــ80 (16) صيام الجنب والحائض التي ظهرت ليلا مسألة : قال : ومباح لمن جامع بالليل أن لا يغتسل حتى يطلع الفجر وهو على صومه وجملته أن الجنب له أن يؤخر الغسل حتى يصبح ثم يغتسل ويتم صومه في قول عامة أهل العلم منهم علي و ابن مسعود و زيد و أبو الدرداء و أبو ذر و ابن عمر و ابن عباس وعائشة وأم سلمة رضي الله عنهم وبه قال مالك والشافعي في أهل الحجاز وأبو حنيفة والثوري في أهل العراق والأوزاعي في أهل الشام والليث في أهل مصر وإسحاق وأبو عبيد في أهل الحديث وداد في أهل الظاهر وكان أبو هريرة يقول لا صوم له ويروي ذلك عن النبي صلى الله عليه و سلم ثم رجع عنه قال سعيد بن المسيب : رجع أبو هريرة عن فتياه وحكي عن الحسن وسالم بن عبد الله قالا : يتم صومه ويقضي وعن النخعي في رواية يقضي في الفرض دون التطوع وعن عروة و طاوس أن علم بجنابته في رمضان فلم يغتسل حتى أصبح فهو مفطر وإن لم يعلم فهو صائم وحجتهم حديث أبي هريرة الذي رجع عنه ولنا ما [ روى أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال ذهبت أنا وأبي حتى دخلنا على عائشة فقالت : اشهد على رسول الله صلى الله عليه و سلم إن كان ليصبح جنبا من جماع من غير احتلام ثم يصومه ثم دخلنا على أم سلمة فقالت مثل ذلك ثم أتينا أبا هريرة فأخبرناه بذلك فقال هما أعلم بذلك إنما حدثنيه الفضل بن عباس ] متفق عليه قال الخطابي أحسن ما سمعت في خبر أبي هريرة أنه منسوخ لأن الجماع كان محرما على الصائم بعد النوم فلما أباح الله الجماع إلى طلوع الفجر جاز للجنب إذا أصبح قبل أن يغتسل أن يصوم وروت عائشة [ أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه و سلم إني أصبح جنبا وأنا أريد الصيام فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم وأنا أصبح جنبا وأنا أريد الصيام فقال له الرجل يا رسول الله إنك لست مثلنا قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فغضب رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال : إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي ] رواه مالك في موطأه و مسلم في صحيحه مسألة : قال : وكذلك المرأة إذا انقطع حيضها من الليل فهي صائمة إذا نوت الصوم قبل طلوع الفجر وتغتسل إذا أصبحت وجملة ذلك إن الحكم في المرأة إذا انقطع حيضها من الليل كالحكم في الجنب سواء ويشترط أن ينقطع حيضها قبل طلوع الفجر لأنه إن وجد جزء منه في النهار أفسد الصوم ويشترط أن تنوي الصوم أيضا من الليل بعد انقطاعه لأنه لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل وقال الأوزاعي و الحسن بن حي وعبد الملك ابن الماجشون والعنبري تقضي فرطت في الاغتسال أو لم تفرط لأن حدث الحيض يمنع الصوم بخلاف الجنابة ولنا أنه حدث يوجب الغسل فتأخير الغسل منه إلى أن يصبح لا يمنع صحة الصوم كالجنابة وما ذكروه لا يصح فإن من طهرت من الحيض ليست حائضا وإنما عليها حدث موجب للغسل فهي كالجنب فإن الجماع الموجب للغسل لو وجد في الصوم أفسده كالحيض وبقاء وجوب الغسل منه كبقاء وجوب الغسل من الحيض وقد استدل بعض أهل العلم بقول الله تعالى { فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر } فلما أباح المباشرة إلى تبين الفجر علم أن الغسل إنما يكون بعده من يباح لهم الفطر الحامل والمرضع إذا خافتا مسألة : قال : والحامل إذا خافت على جنينها والمرضع على ولدها أفطرتا وفقتا وأطعمتا عن كل يوم مسكينا وجملة ذلك أن الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما فلهما الفطر وعليهما القضاء فحسب لا نعلم فيه بين أهل العلم اختلافا لأنهما بمنزلة المريض الخائف على نفسه وإن خافتا على ولديهما أفطرتا وعليهما القضاء وإطعام مسكين عن كل يوم وهذا يروي عن ابن عمر وهو المشهور من مذهب الشافعي وقال الليث الكفارة على المرضع دون الحامل وهو إحدى الروايتين عن مالك لأن المرضع يمكنها أن تسترضع لولدها بخلاف الحامل ولأن الحامل متصل بالحامل فالخوف عليه كالخوف على بعض أعضائها وقال عطاء والزهري والحسن و سعيد بن جبير و النخعي و أبو حنيفة لا كفارة عليهما لما روى أنس بن مالك رجل من بني كعب [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة وعن الحامل والمرضع الصوم - أو الصيام - ] والله لقد قالهما رسول صلى الله عليه و سلم أحدهما أو كليهما رواه النسائي و الترمذي وقال هذا حديث حسن ولم يأمره بكفارة ولأنه فطر أبيح لعذر فلم يجب به كفارة كالفطر للمرض ولنا قول الله تعالى { وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين } وهما داخلتان في عموم الآية قال ابن عباس : كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة وهما يطيقان الصيام أن يفطروا ويطعما مكان كان يوم مسكينا والحبلى والمرضع إذا خافتا على أولادهما أفطرنا وأطعهما رواه أبو داود وروي ذلك عن ابن عمر ولا مخالف لهما في الصحابة ولأنه فطر بسبب نفس عاجزة من طريق الخلقة فوجبت به الكفارة كالشيخ الهرم وخبرهم لم يتعرض للكفارة فكانت موقوفة على الدليل كالقضاء فإن الحديث لم يتعرض له والمريض أخف حالا من هاتين لأنه يفطر بسبب نفسه إذا ثبت هذا فإن الواجب في إطعام المسكين مد بر أو نصف صاع من تمر أو شعير والخلاف فيه كالخلاف في إطعام المساكين في كارة الجماع إذا ثبت هذا فإن القضاء لازم لهما وقال ابن عمر وابن عباس لا قضاء عليهما لأن الآية تناولتهما وليس فيها إلا الإطعام ولأن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ إن الله وضع عن الحامل والمرضع الصوم ] ولنا إنما يطيقان القضاء فلزمهما كالحائض والنفساء الآية أوجبت الإطعام ولم تتعرض للقضاء فأخذناه من دليل آخر والمراد بوضع الصوم وضعه في مدة عذرهما كما جاء في حديث عمر بن أمية [ عن النبي صلى الله عليه و سلم : إن الله وضع عن المسافر الصوم ] ولا يشبهان الشيخ الهرم لأنه عاجز عن القضاء وهما يقدران عليه قال أحمد أذهب إلى حديث أبي هريرة يعني ولا أقول بقول ابن عباس وابن عمر منع القضاء
__________________
|
#17
|
||||
|
||||
رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
فقه الصيام [ المغني - ابن قدامة ] المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد من صــ80 الى صــ84 (17) الشيخ الكبير والعجوز مسألة : قال : إذا عجز عن الصوم لكبر أفطر وأطعم لكل يوم مسكينا وجملة ذلك أن الشيخ الكبير والعجوز إذا كان يجدهما الصوم ويضق عليهما مشقة شديدة فلهما أن يفطرا ويطعما لكل يوم مسكينا وهذا قول علي ابن عباس وأبي هريرة وأنس وسعيد بن جبير و طاوس و أبي حنيفة و الثوري و الأوزاعي وقال مالك لا يجب عليه شيء لأنه ترك الصوم لعجزه فلم تجب فدية كما لو تركه لمرض اتصل به الموت وللشافعي قولان كالمذهبين ولنا الآية قول ابن عباس في تفسيرها نزلت رخصة للشيخ الكبير ولأن الأداء صوم واجب فجاز أن يسقط إلى الكفارة كالقضاء وأما المريض إذا مات فلا يجب الإطعام لأن ذلك يؤدي إلى أن يجب على الميت ابتداء بخلاف ما إذا أمكنه الصوم فلم يفعل حتى مات لأن وجوب الإطعام يستند إلى حال الحياة والشيخ الهرم له ذمة صحيحة فإن كان عاجزا عن الإطعام أيضا فلا شيء عليه و { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } المريض الذي لا يرجى برؤه فصل : والمريض الذي لا يرجى برؤه يفطر ويطعم لكل يوم مسكينا لأنه في معنى الشيخ قال أحمد رحمه الله فيمن به شهوة الجماع غالبة لا يملك نفسه ويخاف أن تنشق أنثياه أطعم أباح له الفطر لأنه يخاف على نفسه فهو كالمريض ومن يخاف على نفسه الهلاك لعطش أو نحوه وأوجب الإطعام بدلا عن الصيام وهذا محمول على من لا يرجوا إمكان القضاء فإن رجا ذلك فلا فدية عليه والواجب انتظار القضاء وفعله إذا قدر عليه لقوله تعالى { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } وإنما يصار إلى الفدية عند اليأس من القضاء فإن أطعم مع يأسه ثم قدر على الصيام احتمل أن لا يلزمه لأن ذمته قد برئت بأداء الفدية التي كانت هي الواجبة عليه فلم يعد إلى الشغل بما برئت منه ولهذا قال الخرقي : فمن كان مريضا لا يرجى برؤه أو شيخا لا يستمسك على الراحلة أقام من يحج عنه ويعتمر وقد أجزأ عنه وإن عوفي واحتمل أن يلزمه القضاء لأن الطعام بدل بأس وقد تبينا ذهاب اليأس فأشبه من اعتدت بالشهور عند اليأس من الحيض ثم حاضت الحائض والنفساء مسألة : قال : وإذا حاضت المرأة أو نفست أفطرت وقضت فإن صامت لم يجزئها أجمع أهل العلم على أن الحائض والنفساء لا يحل لهما الصوم وإنهما يفطران رمضان ويقضيان وإنهما إذا صامتا لم يجزئهما الصوم وقد قالت عائشة : كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة متفق عليه والأمر إنما هو للنبي صلى الله عليه و سلم وقال أبو سعيد : [ قال النبي صلى الله عليه و سلم : أليس إحداكن إذا حاضت لم تصل ولم تصم فذلك من نقصان دينها ] رواه البخاري والحائض والنفساء سواء لان دم النفاس هو دم الحيض وحكمه حكمه ومتى وجد الحيض في جزء فسد صوم ذلك اليوم سواء وجد في أوله أو في آخره ومتى نوت الحائض الصوم وأمسكت مع علمها بتحريم ذلك أتمت ولم يجزئها من عليه صوم رمضان فله تأخيره ما لم يدخل رمضان آخر مسألة : قال : فإن أمكنها القضاء فلم تقض حتى ماتت أطعم عنها لكل يوم مسكين وجملة ذلك أن من مات وعليه صيام من رمضان لم يخل من حالين : أحدهما أن يموت قبل إمكان الصيام أما لضيق الوقت أو لعذر من مرض أو سفر أو عجز عن الصوم فهذا لا شيء عليه في قول أكثر من أهل العلم وحكي عن طاوس و قتادة إنهما قالا : يجب الإطعام عنه لأنه صوم واجب سقط بالعجز عنه فوجب الإطعام عنه كالشيخ الهرم إذا ترك الصيام لعجزه عنه ولنا أنه حق لله تعالى وجب بالشرع مات من يجب عليه قبل إمكان فعله فسقط إلى غير بدل كالحج ويفارق الشيخ الهرم فإنه يجوز ابتداء الوجوب عليه بخلاف الميت الحال الثاني : أن يموت بعد إمكان القضاء فالواجب أن يطعم عنه لكل يوم مسكين وهذا قول أكثر أهل العلم روي ذلك عن عائشة و ابن عباس وبه قال مالك و الليث و الأوزاعي و الثوري و الشافعي و الخزرجي و ابن علية و أبو عبيد في الصحيح عنهم وقال أبو ثور : يصام عنه وهو قول الشافعي لما روت عائشة [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : من مات وعليه صيام صام عنه وليه ] متفق عليه وروي عن ابن عباس نحوه ولنا ما روي ابن ماجة عن ابن عمر [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال من مات وعليه صيام شهر فليطعم عنه مكان كل يوم مسكينا ] قال الترمذي الصحيح عن ابن عمر موقوف وعن عائشة أيضا قالت : يطعم عنه في قضاء رمضان ولا يصام عنه وعن ابن عباس أنه سئل عن رجل مات وعليه نذر يصوم شهرا وعليه صوم رمضان قال : أما رمضان فليطعم عنه وأما النذر فيصام عنه رواه الأثرم في السنن ولأن الصوم لا تدخله النيابة حال الحياة فكذلك بعد الوفاة كالصلاة فأما حديثهم فهو في النذر لأنه قد جاء مصرحا به في بعض ألفاظه كذلك رواه البخاري عن ابن عباس قال : [ قالت امرأة يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم نذرا فأقضيه عنها ؟ قال : أرأيت لو كان على أمك دين فقضيتيه أكان يؤدي عنها ؟ قالت : نعم قال : فصومي عن أمك ] وقالت عائشة وابن عباس كقولنا وهما راويا حديثهم فدل على ما ذكرناه فصل : فأما صوم النذر فيفعله الولي عنه وهذا قول ابن عباس والليث وأبي عبيد وأبي ثور وقال سائر من ذكرنا من الفقهاء يطعم عنه لما ذكرنا في صوم رمضان ولنا الأحاديث الصحيحة التي رويناها قبل هذا وسنة رسول الله صلى الله عليه و سلم أحق بالإتباع وفيها غنية عن كل قول والقول بين النذر وغيره أن النيابة تدخل العبادة بحسب خفتها والنذر أخف حكما لكونه لم يجب بأصل الشرع وإنما أوجبه الناذر على نفسه إذا ثبت هذا فإن الصوم ليس بواجب على الولي لأن النبي صلى الله عليه و سلم شبهه بالدين ولا يجب على الولي قضاء دين الميت وإنما يتعلق بتركته إن كانت له تركة فإن لم يكن له تركه فلا شيء على وارثه لكن يستحب أن يقضي عنه لتفريغ ذمته وفك رهانه كذلك ههنا ولا يختص ذلك بالولي بل كل من صام عنه قضى ذلك عنه وأجزأ لأنه تبرع فأشبه قضاء الدين عنه
__________________
|
#18
|
||||
|
||||
رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
فقه الصيام [ المغني - ابن قدامة ] المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد من صــ85 الى صــ87 (18) وإن أخره لغير عذر مسألة : قال : فإن لم تمت المفرطة حتى أظلها شهر رمضان آخر صامته ثم قضت ما كان عليها ثم أطعمت لكل يوم مسكينا وكذلك حكم المريض والمسافر في الموت والحياة إذا فرطا في القضاء وجملة ذلك أن من عليه صوم من رمضان فله تأخيره ما لم يدخل رمضان آخر لما روت عائشة قالت كان يكون علي الصيام من شهر رمضان فما أقضيه حتى يجيء شعبان متفق عليه ولا يجوز له تأخير القضاء إلى رمضان آخر من غير عذر لأن عائشة رضي الله عنها لم تؤخره إلى ذلك ولو أمكنها لأخرته ولأن الصوم عبادة متكررة فلم يجز تأخير الأولى عن الثانية كالصلوات المفروضة فإن أخره عن رمضان آخر نظرنا فإن كان لعذر فليس عليه إلا القضاء إطعام مسكين لكل يوم وبهذا قال ابن عباس و ابن عمر وأبو هريرة ومجاهد و سعيد بن جبير و مالك و الثوري و الأوزاعي و الشافعي و إسحاق وقال الحسن و النخعي وأبو حنيفة لا فدية عليه لأنه صوم واجب فلم يجب عليه في تأخيره كفارة كما لو أخر الأداء والنذر ولنا ما روي عن ابن عمر و ابن عباس وأبي هريرة أنهم قالوا أطعم عن كل يوم مسكينا ولم يرو عن غيرهم من الصحابة خلافهم وروي مسندا من طريق ضعيف ولأن تأخير صوم رمضان عن وقته إذا لم يوجب القضاء أوجب الفدية كالشيخ الهرم فصل : فإن أخره لغير عذر حتى أدركه رمضانان أو أكثر لم يكن عليه أكثر من فدية مع القضاء لأن كثرة التأخير لا يزداد بها والواجب كما لو أخر الحج والواجب سنين لم يكن عليه أكثر من فعله فصل : فإن مات المفرط بعد أن أدركه رمضان آخر أطعم عنه لكل يوم مسكين واحد نص عليه أحمد فيما روى عنه أبو داود أن رجلا سأله عن امرأة أفطرت رمضان ثم أدركها رمضان آخر ثم ماتت قال : يطعم عنها قال له السائل كم أطعم ؟ قال : كم أفطرت ؟ قال ثلاثين يوما قال : اجمع ثلاثين مسكينا وأطعمهم مرة واحدة وأشبعهم قال : ما أطعمهم ؟ قال خبزا ولحما إن قدرت من أوسط طعامكم وذلك لأنه بإخراج كفارة واحدة أزال تفريطه بالتأخير فصار كما لو مات من غير تفريط وقال أبو الخطاب يطعم عنه لكل يوم فقيران لأن الموت بعد التفريط بالتأخير فصار كما لو مات من غير تفريط وقال أبو الخطاب يطعم عنه لكل يوم فقيران لأن الموت بعد التفريط بدون التأخير عن رمضان آخر يوجب كفارة والتأخير بدون الموت يوجب كفارة فإذا اجتمعا وجبت كفارتان كما لو فرط في يومين التطوع بالصوم لمن عليه فرض فصل : واختلفت الرواية عن أحمد في جواز التطوع بالصوم ممن لعيه صوم فرض فنقل عنه حنبل أنه قال : لا يجوز له أن يتطوع بالصوم وعليه صوم من الفرض حتى يقضيه يبدأ بالفرض وإن كان عليه نذر صامته يعني بعد الفرض وروى حنبل عن أحمد بإسناده عن أبي هريرة [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : من صام تطوعا وعليه من رمضان شيء لم يقضه فإنه لا يتقبل منه حتى يصومه ] ولأنه عبادة يدخل في جبرانها المال فلم يصح التطوع بها قبل أداء فرضها كالحج وروي عن أحمد أنه يجوز له التطوع لأنها عبادة تتعلق بوقت موسع فجاز التطوع في وقتها قبل فعلها كالصلاة يتطوع في أول وقتها وعليه يخرج الحج ولأن التطوع بالحج يمنع فعل واجبة المعين فأشبه صوم التطوع في رمضان بخلاف مسألتنا والحديث يرويه ابن لهيعة وفيه ضعيف وفي سياقه ما هو متروك فإنه قال في آخره ومن أدركه رمضان وعليه من رمضان شيء لم يتقبل منه ويخرج في التطوع بالصلاة في حق من عليه القضاء مثل ما ذكرناه في الصوم كراهة قضاء الصوم أيام عشر ذي الحجة فصل : واختلفت الرواية في كراهة القضاء في عشر ذي الحجة فوري أنه لا يكره وهو قول سعيد بن المسيب و الشافعي و إسحاق لما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يستحب قضاء رمضان في العشر ولأنه أيام عبادة فلم يكره القضاء فيه كعشر المحرم والثانية يكره القضاء فيه روي ذلك عن الحسن والزهري لأنه يروى عن علي رضي الله عنه أنه كرهه و لـ [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله عز و جل من هذا الأيام يعني أيام العشر قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع بشيء ] فاستحب إخلاءها للتطوع لينال فضيلتها ويجعل القضاء في غيرها وقال بعض أصحابنا هاتان الروايتان مبنيتان على الروايتين في إباحة التطوع قبل صوم الفرض وتحريمه فمن أباحه كره القضاء فيها ليوفرها على التطوع لينال فضيلته فيها مع القضاء ومن حرمه لم يكرهه فيه بل استحب فعليه فيها لئلا يخلو من العبادة بالكلية ويقوي عندي أن هاتين الروايتين فرع على إباحة التطوع قبل الفرض أما على رواية التحريم فيكون صومها تطوعا قبل الفرض محرما وذلك أبلغ من الكراهة والله أعلم
__________________
|
#19
|
||||
|
||||
رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
فقه الصيام [ المغني - ابن قدامة ] المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد من صــ88 الى صــ90 (19) يباح الفطر للمريض مرضا شديدا ومن يخاف على نفسه المرض وشدة السبق مسألة : قال : وللمريض أن يفطر إذا كان الصوم يزيد في مرضه فإن تحمل وصام كره له ذلك وأجزأه أجمع أهل العلم على إباحة الفطر للمريض في الجملة والأصل فيه تعالى : { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } المرض المبيح للفطر هو الشديد الذي يزيد بالصوم أو يخشى تباطؤ برئه قيل لأحمد متى يفطر المريض ؟ قال : إذا لم يستطع قيل مثل الحمى قال وأي مرض أشد من الحمى ؟ وحكي عن بعض السلف أنه أباح الفطر بكل مرض حتى م وجع الاصبع والضرس لعموم الآية فيه ولان المسافر يباح له الفطر وإن لم يحتج إليه فكذلك المريض ولنا أنه شاهد للشهر لا يؤذيه الصوم فلزمه كالصحيح والآية مخصوصة في المسافر والمريض جميعا بدليل أن المسافر لا يباح له الفطر في السفر القصير والفرق بين المسافر والمريض أن السفر اعتبرت فيه المظنة وهو السفر الطويل حيث لم يمكن اعتبار الحكمة بنفسها فإن قليل المشقة لا يبيح وكثيرها لا ضابط له في نفسه فاعتبرت بمظنتها وهو السفر الطويل فدار الحكم مع المظنة وجودا وعدما والمرض لا ضابط هل فإن الأمراض تختلف منها ما يضر صاحبه الصوم ومنها ما لا أثر للصوم فيه كوجع الضرس وجرح في الإصبع والدمل والقرحة اليسيرة والجرب وأشباه ذلك فلم يصلح المرض ضابطا وأمكن اعتبار الحكمة وهو ما يخاف منه الضرر فوجب اعتباره فإذا ثبت هذا فإن تحمل المريض وصام مع هذا فقد فعل مكروها لما يتضمنه من الأضرار بنفسه وتركه تخفيف الله تعالى وقبول رخصته ويصح صومه ويجزئه لأنه عزيمة أبيح تركها رخصة فإذا تحمله أجزأه كالمريض الذي يباح له ترك الجمعة إذا حضرها والذي يباح له ترك القيام في الصلاة فإذا قام فيها فصل : والصحيح أن الذي يخشى المرض بالصيام كالمريض الذي يخاف زيادته في إباحة الفطر لأن المريض إنما أبيح له الفطر خوفا مما يتجدد بصيامه من زيادة المرض وتطاوله فالخوف من تجدد المرض في معناه قال أحمد فيمن به شهوة غالبة للجماع يخاف أن تنشق أنثياه فله الفطر وقال الجارية تصوم إذا حاضت فإن جهدها الصوم فلتفطر ولتقض - يعني إذا حاضت وهي صغيرة لم تبلغ خمس عشرة سنة قال القاضي هذا إذا كانت تخاف المرض بالصيام أبيح لها الفطر وإلا فلا فصل : ومن أبيح له الفطر لشدة شبقة أن أمكنه استدفاع الشهوة بغير جماع كالاستمناء بيده أو يد امرأته أو جارته لم يجز له الجماع لأنه فطر للضرورة فلم تبح له الزيادة على ما تندفع به الضرورة كأكل الميتة عند الضرورة وإن جامع فعليه الكفارة وكذلك إن أمكنه دفعها بما لا يفسد صوم غيره كوطء زوجته أو أمته الصغيرة أو الكتابية أو مباشرة الكبيرة المسلمة دون الفرج أو الاستمناء بيدها أو بيده لم يبح له إفساد صوم غيره لأن الضرورة إذا اندفعت لم يبح ما رواءها كالشبع من الميتة إذا اندفعت الضرورة بسد الرمق وإن لم تندفع الضرورة إلا بإفساد صوم غيره أبيح ذلك لأنه مما تدعو الضرورة إليه فأبيح كفطره وكالحامل والمرضع يفطران خوفا على ولديهما فإن كان له امرأتان حائض وطاهر شائمة ودعته الضرورة إلى وطء إحداهما احتمل وجهين : أحدهما وطء الصائمة أولى لأن الله تعالى نص على النهي عن وطء الحائض في كتابه ولأن وطأها فيه أذى لا يزول بالحاجة إلى وطء والثاني : يتخير لأن وطء الصائمة يفسد صيامها فتتعارض المفسدتان فيتساويان ويباح للمسافر مسألة : قال : وكذلك المسافر يعني أن المسافر يباح له الفطر فإن صام كره له ذلك وأجزأه وجواز للمسافر ثابت بالنص والإجماع وأكثر أهل العلم على أنه إن صام أجزأه ويروى عن أبي هريرة أنه لا يصح صوم المسافر قال أحمد : كان عمر وأبو هريرة يأمرانه بالإعادة وروى الزهري عن أبي سلمة عن أبيه عبد الرحمن بن عوف أنه قال : الصائم في السفر كالمفطر في الحضر وقال بهذا قوم من أهل الظاهر لقول النبي صلى الله عليه و سلم [ ليس من البر الصوم في السفر ] متفق عليه ول [ أنه عليه السلام أفطر في السفر فلما بلغه أن قوما صاموا قال : أولئك هم العصاة ] وروى ابن ماجة بإسناده [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال الصائم في رمضان في السفر كالمفطر في الحضر ] وعامة أهل العلم على خلاف هذا القول قال ابن عبد البر هذا قول يروى عن عبد الرحمن بن عوف هجره الفقهاء كلهم والسنة ترده وحجتهم ما روي [ عن حمزة بن عمرو الأسلمي أنه قال للنبي صلى الله عليه و سلم : أصوم في السفر ؟ - وكان كثير الصيام - قال : إن شئت فصم وإن شئت فأفطر ] وفي لفظ رواه النسائي [ أنه قال لرسول الله صلى الله عليه و سلم أجد قوة على الصيام في السفر فهل علي جناح ؟ قال : هي رخصة الله فمن أخذ بها فحسن ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه ] و [ قال أنس : كنا نسافر مع النبي صلى الله عليه و سلم فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم ] متفق عليه وكذلك روى أبو سعيد وأحاديثهم محمولة على تفصيل الفطر على الصيام فصل : والأفضل عند إمامنا رحمه الله الفطر في السفر وهو مذهب ابن عمر وابن عباس و سعيد بن المسيب و الشعبي و الأوزاعي و إسحاق وقال أبو حنيفة و مالك الشافعي : الصوم أفضل لمن قوي عليه ويروى ذلك عن أنس وعثمان بن أبي العاص واحتجوا بما روي عن مسلمة بن المحبق [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : من كانت له حمولة يأوي إلى شبع فليصم رمضان حيث أدركه ] رواه أبو داود ولأن من خير بين الصوم والفطر كان الصوم أفضل كالتطوع وقال عمر بن عبد العزيز ومجاهد وقتادة أفضل الأمرين أيسرهما لقول الله تعالى { يريد الله بكم اليسر } ولما روى أبو داود [ عن حمزة بن عمرو قال : قلت يا رسول الله إني صاحب ظهر أعالجه وأسافر عليه وأكريه وإنه ربما صادفني هذا الشهر - يعني رمضان - وأنا أجد القوة وأنا شاب وأجدني أن أصوم يا رسول الله أهون علي من أن أؤخر فيكون دينا علي أفأصوم يا رسول الله أعظم لأجري أم أفطر ؟ قال : أي ذلك شئت يا حمزة ] ولنا ما تقدم من الإخبار في الفصل الذي قبله وروي [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال خيركم الذي يفطر في السفر ويقصر ] ولأن الفطر خروجا من الخلاف فكان أفضل كالقصر وقياسهم ينتقض بالمريض ويصوم الأيام المكروه صومها
__________________
|
#20
|
||||
|
||||
رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان
فقه الصيام [ المغني - ابن قدامة ] المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد من صــ91 الى صــ94 (20) ومن أفطر في رمضان وأراد قضاءه متفرقا جاز مسألة : قال : وقضاء شهر رمضان متفرقا يجزئ والمتتابع أحسن هذا قول ابن عباس وأنس بن مالك وأبي هريرة و ابن محريز و أبي قلابة ومجاهد وأهل المدينة والحسن و سعيد بن المسيب و عبيد الله بن عبد الله بن عتبة وإليه ذهب مالك وأبو حنيفة و الثوري و الأوزاعي و الشافعي و إسحاق وحكي وجوب التتابع عن علي و ابن عمر و النخعي والشعبي وقال داود : يجب ولا يشترط لما روى ابن المنذر بإسناده عن أبي هريرة [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : من كان عليه صوم رمضان فليسرده ولا يقطعه ] ولنا إطلاق قول الله تعالى { فعدة من أيام أخر } غير مقيد بالتتابع فإن قيل فقد روي عن عائشة سقطت اللفظة المحتج بها وأيضا قول الصحابة قال ابن عمر : إن سافر فإن شاء فرق وإن شاء تابع وروي مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه و سلم وقال أبو عبيدة بن الجراح في قضاء رمضان : إن الله لم يرخص لكم في فطره وهو يريد أن يشق عليكم في قضائه وروى الأثرم بإسناده عن محمد بن المنكدر أنه قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سئل عن تقطيع قضاء رمضان [ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لو كان على أحدكم دين فقضاه من الدرهم والدرهمين حتى يقضي ما عليه من الدين هل كان ذلك قاضيا دينه ؟ قالوا : نعم يا رسول الله قال : فالله أحق بالعفو والتجاوز منكم ] ولأنه صوم لا يتعلق بزمان بعينه فلم يجب فيه التتابع كالنذر المطلق وخبرهم لم يثبت صحته قال أهل السنن لم يذكروه ولو صح حملناه على الاستحباب فإن المتتابع أحسن لما فيه من موافقة الخبر والخروج من الخلاف وشبهه بالأداء والله أعلم ومن دخل في صيام تطوع ثم قطعه فلا قضاء عليه مسألة : قال : ومن دخل في صيام تطوع فخرج مه فلا قضاء عليه فإن قضاه فحسن وجملة ذلك أن من دخل في صيام تطوع استحب له إتمامه ولم يجب فإن خرج منه فلا قضاء عليه روي عن ابن عمر وابن عباس أنهما أصبحا صائمين ثم أفطرا وقال ابن عمر : لا بأس به ما لم يكن نذرا أو قضاء رمضان وقال ابن عباس إذا صام الرجل تطوعا ثم شاء أن يقطعه وإذا دخل في صلاة تطوعا ثم شاء أن يقطعها قطعها وقال ابن مسعود متى أصبحت تريد الصوم فأنت على آخر النظرين إن شئت صمت وإن شئت أفطرت فهذا مذهب أحمد و الثوري و الشافعي و إسحاق وقد روى حنبل عن أحمد أجمع على صيام فأوجبه على نفسه فأفطر من غير عذر أعاد يوما مكان ذلك اليوم وهذا محمول على أنه استحب ذلك أو نذره ليكون موافقا لسائر الروايات عنه وقال النخعي وأبو حنيفة ومالك يلزم في الشروع فيه ولا يخرج منه إلا بعذر فإن خرج قضي وعن مالك لا قضاء عليه واحتج من أوجب القضاء بما [ روي عن عائشة أنها قالت أصبحت أنا وحفصة صائمتين متطوعتين فأهدي لنا حبس فأفطرنا ثم سألنا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : اقضيا يوما مكانه ] ولأنه عبادة تلزم بالنذر فلزمت بالشروع فيها كالحج والعمرة ولنا ما روى مسلم و أبو داود و النسائي [ عن عائشة قالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه و سلم يوما فقال هل عندكم شيء فقلت : لا قال : فإني صائم ثم مر بعد ذلك بعد ذلك اليوم وقد أهدي إلي حيس فخبأت له منه وكان يجب الحيس قلت يا رسول الله إنه أهدي لنا حيس فخبأت له منه قال أدنيه أما أني قد أصبحت وأنا صائم فأكل منه ثم قال لنا إنما مثل صوم التطوع مثل الرجل يخرج منه ماله الصدقة فإن شاء أمضاها وإن شاء حبسها ] هذا لفظ رواية النسائي وهو أتم من غيره و [ روت أم هاني قالت دخلت علي رسول الله صلى الله عليه و سلم فأتي بشراب فناولنيه فشربت ثم قلت يا رسول الله لقد أفطرت وكنت صائمة فقال لها : أكنت تقضين شيئا قال : لا قال : فلا يضرك إن كان تطوعا ] رواه سعيد وأبو داود والأثرم في لفظ [ قالت : قلت إني صائمة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن المتطوع أمير نفسه فإن شئت فصومي وإن شئت فأفطري ] ولأن كل صوم لو أتمه كان متطوعا إذا خرج منه لم يجب قضاءه كما لو اعتقد أنه من رمضان فبان من شعبا أو من شوال فأما خبرهم فقال أبو داود : لا يثبت وقال الترمذي فيه مقال وضعفه الجوزجاني وغيره ثم هو محمول على الاستحباب إذا ثبت هذا فإنه يستحب له إمامه وإن خرج منه استحب قضاؤه للخروج من الخلاف وعملا بالخبر الذي رووه فصل : وسائر النوافل من الأعمال حكمها حكم الصيام في أنها لا تلزم بالشروع ولا يجب قضاؤها إذا خرج منها إلا الحج والعمرة فإنهما يخالفان سائر العبادات في هذا لتأكد إحرامهما ولا يخرج منها بإفسادهما ولو اعتقد أنهما واجبان ولم يكونا واجبين لم يكن له الخروج منها وقد روي عن أحمد في الصلاة ما يدل على أنها تلزم بالشروع فإن الأثرم قال : قلت لأبي عبد الله الرجل يصبح صائما متطوعا أيكون بالخيار والرجل يدخل في الصلاة له أن يقطعها ؟ فقال الصلاة أشد أما الصلاة فلا يقطعها قيل له فإن قطعها قضاها ؟ قال إن قضاها فليس فيه اختلاف ومال أبو إسحاق الجوزجاني إلى هذا القول وقال الصلاة ذات إحرام وإحلال فلزمت بالشروع فيها كالحج وأكثر أصحابنا على أنها لا تلزم أيضا وهو قول ابن عباس لأن ما جاز ترك جميعه جاز ترك بعضه كالصدقة والحج والعمرة يخالفان غيرهما من دخل في واجب لم يجز له الخروج منه فصل : ومن دخل في واجب كقضاء رمضان أو نذر معين أو مطلق أو صيام كفارة لم يجز له الخروج منه لأن المتعين وجب عليه الدخول فيه وغير المتعين تعين بدخوله فيه فصار بمنزلة الفرض المتعين وليس في هذا خلاف بحمد الله
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |