أنا من قتلها (قصة) - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3943 - عددالزوار : 386387 )           »          عرش الشيطان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          أسلحة الداعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 66 - عددالزوار : 16174 )           »          لماذا يرفضون تطبيق الشريعة؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          واحة الفرقان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 3121 )           »          الأيادي البيضاء .. حملة مشبوهة وحلقة جديدة من حلقات علمنة المرأة المسلمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          التوبـة سبيــل الفــلاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          حقيقة العلاج بالطاقة بين العلم والقرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          طرق تساعد على تنمية ذكاء الطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 101 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-09-2021, 01:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي أنا من قتلها (قصة)

أنا من قتلها (قصة)
عادل عبدالله أحمد محمد الفقيه





لم تهنأ بفرحتها إلا بضعة أشهر من عُرسها؛ فلقد غرس الموت مخالبه في عنق فارس أحلامها فأرداه صريعًا.

ظلت بعده أرملةً تَرفض كل عروس يتقدم إليها، لقد عافت الرجال بعد حيدر، فهو مَن كان فارس أحلامها، وهدف مستقبلها، كانت تراه رؤية بثينة لعاشقها، بل رؤية قيس للعامرية.

كرهت اسم الجندية، وتشمئزُّ من ذكر كلية عسكرية، إنها كابوسها المزعج، وشبحها المخيف.
لقد لقي حيدر حتفه وهو يؤدِّي واجبه في حماية وطنه والذود عن ممتلكات شعبه.
اشتعل رأسها شيبًا، وتجعَّد لحمُها حزنًا، ونحل جسدها ألمًا، ورقَّ عظمها، وكاد يغيب بصرها.

لِمَ لا وهي التي لم تذق طعم الحياة بعد فراقه؟! إنه رفيق صباها، ومالك فؤادها، إنه من اختطفها من بين مخالب الذئاب المتوحِّشة حين حامت حولها لتكون نصيب أحدهم.

لقد خلَّف في أحشائها أمانة ذكرياته التي أودعها في أحشائها، إنها ذكرياتها التي لا تنسى، تركها تصارع الحياة وحيدةً فريدةً.

صبرت على ألم تلك الأمانة في جوفها تُسهرها وتُقلق حياتها، لكنها أفضل، بل وأجمل وداعة استقرت في بطنها.

خرجت أمانته تلك إلى الدنيا لتأخذ نصيبها مما كتب الله لها، فما إن سقطت حتى أخذتها بين ذراعيها وقبَّلتها وربّتها أحسن التربية، إنه ولدها الوحيد، لقد ظلت ترعاه وتسهر بجانبه حفاظًا عليه؛ فهو من تبقّى لها من ذكريات الملازم حيدر أمين.

ربّته على فعل الخير طيلة حياته، كبر وكبر معه أملها، حتى بلغ السابعة من عمره، حينها بدأ يسأل عن والده وما عمله؟ وكلما كان يسأل تتهرَّب من إجابته، فسرعان ما تنقله إلى موضوع آخر.

إلى أن صار في الصف الخامس، وبينما هو عائد من المدرسة جلس بجانب أمه مخبرًا إياها، قائلًا: "أمي، إن معلمي يناديني: أيها الضابط، ويقول: إني أشبه والدي؛ فما معنى ضابط؟ وكيف أشبه أبي؟ وما وظيفته؟".

ذرفت دموع عينها وحاولت أن تُخفيها عنه، كما تُخفي أسرارها حتى لا يعلم طارق ما مهنة أبيه، فيحذو حذوه، إنه صغير، ومن السهل إخراجه من موضوع كهذا.

دواليك حتى بلغ الصف التاسع من التعليم الأساسي.
عاد يومًا وهو حزين القلب منكسر الفؤاد!
قالت له أمه: "ما بال قرة العين يعود اليوم حزينًا كئيبًا؟".

طارق: "ولم لا يحزن شاب بلغ من العمر الخامسة عشرة ولا يعرف عن والده إلا ما أخبره مُعلِّمه؟لم لا يحزن من تُخفي عنه أمه أسرار والده، عرفت اليوم كل ما أخفيته عن والدي، طول هذه المدة، نعم عرفت ذلك من معلمي".

الأم: "وماذا عرفت؟".
طارق: "عرفت كل ما كنتِ تتهربين من إجابته، ها قد عرفتها اليوم أمي، لقد عرفت كل شيء أيتها الأم، عرفت معنى الوطنية والوطن، معنى الضابطية والجندية، أنا لست اليوم صغيرًا أمي الغالية، لقد أثرى معلمي بما فيه الكفاية عن الوطنية وحب الوطن، عرفت لِمَ كان حينها يناديني معلمي في الصف الخامس بالضابط؛ إنها مهنة أبي، لا تخفي عني سرًّا، لقد كنت أعرف ذلك، لقد تحدث معلمي عن والدي كثيرًا، لقد عرفت عنه كل شيء، عنه وعن وطنيته، وكيف كان درعًا في حماية الوطن. كنت أعرف الكثير أمي، لكن كُنْتُ أخاف أن أجرح مشاعرك، أخاف أن تبكي؛ فقلبي لا يتحمل ألمك وحزنك، كُنْتُ أعرف حين تدخلين غرفتك مغلقة باب غرفتك لتخرجي صورة والدي وتبكي على فراقه، أنا، يا أمي، لم أعد صغيرًا؛ فعليك أن تخبريني كيف مات والدي؟ ومن السبب في قتله؟".

هُرعت الأم إلى غرفتها وأغلقت عليها بابها، وسرعان ما فاضت دموع عينيها.
لم يتمالك طارق نفسه، بل لحق بها إلى غرفتها فوجد الباب مقفلًا، فلا يسمع إلا بكاءها يحرق فؤاده.

طرق الباب: "أمي أمي، أرجوك افتحي الباب، فلا أعود أتفوه بهذا الموضوع ثانيًا".
لقد كان يعرف أن أمه تكره العسكرية والجندية لفراق من أحبته.

دارت الأيام، وطارق يدرس ويتعلم ويجتهد، حتى تخرج في الثانوية العامة بمعدل جيد جدًّا.
هذا وهو لا يفاتح أمه بمستقبله وما يتمنّاه.
فهو يريد أن ينهج نهج أبيه، وأمه لا تحب هذه المهنة؛ فهي السبب في فراق فارسها.

وذات يوم دخل عليها، فقعد بقربها قائلًا: "أمي الغالية، أريد أن أتحدث إليك في موضوع لطالما أتردد في ذكره أمامك".

الأم: "ولم أيها الوحيد؟ تكلَّم".
أرادت بكلمة "وحيد" أنها لا تملك سواه، فلا ينهج نهج والده، فهي تعرف ما الذي جاء بسببه؟

طارق: "هي تلك التي تمزق أحشائي وتذيب لحم جسدي".
الأم: "طارق، إنك من أملك في هذه الحياة فلا أنيس آنس به، لقد رفضت كل من تقدم إلي حتى أعيش بقربك؛ فأنت من تبقى لي من أثر حيدر، أتريد أن أمحو ذلك الأثر؟ إنه يمثل بالنسبة لي شريان الحياة، أتوسل اليك ولدي لا تقطعه".

طارق: "وماذا تريدين أن أكون؟".
الأم: "أولا يوجد في الحياة ما تخدم به وطنك غير أن تكون ضابطًا يرميه الأعداء في وادٍ سحيق؟! ألا تخدم وطنك بأن تكون معلمًا ناجحًا أو دكتورًا مخلصًا أو مهندسًا ماهرًا؟".

طارق: "أمي، إنها ما وعدت به والدي أن أسير على دربه".
الأم: "ها أنت ذا قد حكمت على أمك بالإعدام! تذكَّر ذلك".
وما هي إلا أشهر حتى فتحت الكلية الحربية أبوابها لمن يرغب في الالتحاق بها.

وما أن جاء الليل حتى عاد طارق محاورًا أمه لتعدل عن قرارها فيما يخص مستقبله.
وبينما هو يحاورها قالت له: "ولدي، هذا قرارك، لكنك قد سمعت كلامي وعرفت مصيري".
دخلت غرفة طارق لتجهز له ملابسه حتى ينطلق إلى مراده وبغيته.

وبينما هي تجهز له ملابسه، دست في جيب ثيابه ورقة وبعض المال، لم يشعر طارق بما صنعت.
وفي صباح اليوم الثاني، قبّل رأس أمه، مودعًا إياها ومنطلقًا نحو المدينة.
ما إن تخطى بضعة كيلومترات، حتى ترفع الهاتف لتطمئن عليه، حتى وصل إلى ما أراد.

كانت تشعر بشيء يقلقها وينغّص أيامها ولياليها؛ إنها من بعد وداعه تحلم بكوابيس توقظها كلما بدأت عيناها تستقبل النوم.

ذهبت إلى بيت الحاج أحمد تبكي بين يديه؛ حتى يصنع لها معروفًا، فولدها في صنعاء وهو لا يعرف هنالك أحدًا.

رفع الحاج سماعة هاتفه ليتصل بولده، فهو يسكن تلك المدينة ويعرف مسالكها.

أجاب محمد هاتف والده، فقال له: "ولدي، لقد سافر طارق حيدر متوجهًا نحو مدينتك؛ عليك بالحفاظ عليه يا ولدي؛ فأمه تبكي عليه ليل نهار".

أجاب محمد: "لقد وصل إلينا عصرًا، طمئن والدته؛ إنه في رعايتنا فلا تقلق عليه".

وفي تلك الليلة، جلس طارق مع محمد، وبدأا يتحدثان عن البلاد وأهلها، فقال محمد: "لقد تكلمت مع والدي اليوم بسببك؛ أخي طارق، أرجوك لا تقلق والدتك عليك؛ فأنت تعرف أنها من تحملت مرارة العذاب في تربيتك، طمئن فؤادها وأرح بالها".

طارق: "دعني صديقي أذهب؛ حتى أغيّر ملابسي وأعود إليك في الحال".
دخل طارق الغرفة ليبحث له عن ثياب في حقيبته، فقد جهزت له أمه كل ما يحتاج إليه.

فتح الحقيبة ليرى له ثوبًا مناسبًا، قام طارق بارتداء ثيابه، وصدفةً أدخل يده في جيبه فوجد بعض الدنانير ووجد برفقتها ورقة كان مكتوبًا فيها: "ولدي طارق، عام بعد آخر وأنا أخفي عليك ما يكن في فؤادي، وها أنت ترغمني أن أبوح لك بما أكتمه عنك. ولدي الغالي، كان بيني وبين والدك حب لا يساويه حب قيس للعامرية، أتى والدك لينتزعني من بين مخالب الذئاب التي - لا قدر الله - كنت نصيب واحد منهم، عشت معه فترة لا تتجاوز ستة أشهر فقط، ثم تخلى عني ذاهبًا إلى ربه، تخلى عني وأنت في أحشائي، تركني أصارع مخالب الأسود الضارية والذئاب المتوحشة، فلم ينقذني منها إلا سهام توجهت به نحو رب العالمين، كانت سببًا في تخلصي منهم، تركني والدك أتحمل مرارة العيش وكدر الأيام، ولولا حبي له لعشت معززةً مكرمةً في يد غيره، لكن تحملت من أجل أن أحفظ أمانته، هذا ما جعلني أكره العسكرية؛ أنها أخذت أغلى من أحب؛ ولهذا أخاف أن أفقد من تربى في أحشائي".

ذرفت عيناه بالدمع، طوى الورقة وتوجه نحو الحمام ليغسل دموع عينيه.
عاد ليسامر محمد ابن الحاج أحمد، لكنْ محمد قد رأى تغيُّرَ ملامح طارق عند خروجه من الغرفة.

عرف حينها أن دموع عينيه قد انهمرت.
فقال له محمد: "أنت في بيتك أخي طارق، إني أرى على وجهك الحزن والقلق؛ لم كل هذا؟".

طارق: "أمي، صديقي الغالي".
محمد: "ما بالها؟".

أخرج طارق الورقة ودفعها لمحمد.
أخذ محمد الورقة، فما إن قرأها حتى فاضت عيناه بالدمع قائلًا: "ألم أقل لك يا صديقي إن والدتك قد عانت كثيرًا؟!".

طارق: "أسأل الله أن يجعلني أرد إليها معروفها وجميل صنعها".
وفي الصباح توجه طارق نحو الكلية، وهناك حدث ما لا يحمد عقباه، إنه انفجار هز الكلية كان نتيجته عشرات القتلى.

وبينما أم طارق تشاهد التلفاز، إذا بخبر عاجل يعرض على الشاشة "حدث انفجار في الكلية الحربية خلف عشرات القتلى".
خافت أم طارق، رفعت الهاتف، كان الهاتف يرن مرارًا وتكرارًا فلا مجيب، أصيبت أم طارق بجلطة توفيت على إثرها.


خانت طارق الذاكرة في أخذ تليفونه ذلك اليوم، ولم يسمع الانفجار؛ لأنه قد خرج من الكلية قبل ساعة من الحدث.
علم طارق بالخبر، سارع نحو هاتفه، وجد أكثر من خمسين مكالمة لم يرد عليها، اتصل بوالدته فلم تجبه.

اتصل بالحاج أحمد، فقال له الحاج أحمد: "سارع يا ولدي؛ إن أمك مريضة".
خاف طارق وسارع نحو القرية، حينها عرف أنها فارقت الحياة.
صاح بصوتٍ هز وأرعب كل الحاضرين قائلًا: "أنا من قتلها!".



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 65.18 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 63.25 كيلو بايت... تم توفير 1.93 كيلو بايت...بمعدل (2.96%)]