بناء الجملة في الشعر العربي - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          الفهم الخطأ للدعوة يحولها من دعوة علمية تربوية ربانية إلى دعوة انفعالية صدامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          معالجة الآثار السلبية لمشاهد الحروب والقتل لدى الأطفال التربية النفسية للأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر

ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-11-2022, 08:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي بناء الجملة في الشعر العربي

بناء الجملة في الشعر العربي

عبدالإله القاضي








لعل المطَّلع على التراث النحوي العربي يُدرك أن هذا العِلْم الجليل - أي: علم النحو - غايتُه: دراسة الجملة باعتبارها الكلام المفيد فائدةً تامَّة يحسن السكوت عليها، على عكس علم الصرف الذي يدرس بنيةَ الكلمة الثابتة وأحوالها المتغيِّرة، غير أن الفَهم الضيِّق لموضوعِ علمِ النحو انحرف بالبعض إلى الاهتمام بالإعراب؛ فأصبح - بموجب هذا التصوُّر الخاطئ - مجردَ قواعدَ جافَّةٍ ينبغي حفظُها حتى يستقيم الكلام، وقليلًا ما يحصل ذلك؛ لكن النحو العربي أوسع أُفُقًا؛ فالإعراب ليس إلا جزءًا بسيطًا من هذا العلم؛ حيث ينضاف إلى العلم بالإعراب العلمُ بظاهرة الرُّتبة وظاهرتي الارتباط والربط والعناصر الإسنادية والفضلات وظاهرة طول الجملة؛ لهذا لا بد من دراسة الجملة في شموليتها بالكشف عن بنائها والعناصر المكوِّنة له، فضلًا عن تبيان العلاقات القائمة بين هذه العناصر والمعاني النحْوية الناتجة عنها، بل واستنباط أوجه الإبداع في هذا البناء وتفاعله مع مخيلة الأديب ومشاعره.

وبما أن الشعر العربي هو أبرز فنون اللغة العربية، وأخصبها تعبيرًا وتخييلًا؛ فإن مظاهر تفاعُل بناء الجملة العربية تظهَر أكبر ما تظْهَر في الشعر الذي قيل عنه: إنه فنٌّ أداته اللغة، ولمَّا كان ذلك كذلك أصبح لزامًا على دارس هذا الفنِّ الانطلاق من اللغة باعتبارها المادة الخام المكوِّنة له؛ كما أنَّ هذه الخطوة تكشف لنا أوجهَ الإبداع اللغوي في الشعر العربي ومظاهر المرونة في البناء الجُمَلي للغة العربية الذي لطالما وُصف بالصَّرامة والصلابة.

إن التركيب أو البناء الجيِّد للجملة يولد معنًى مبدعًا وشاعريًّا، ألا ترى قول الجرجاني (ت471هـ) - واضع نظرية النظم -: "إن الألفاظ المفردة التي هي أوضاع اللغة لم توضع لتُعرف معانيها في أنفسها؛ ولكن لأن يُضمّ بعضُها إلى بعض، فيعرف فيما بينها فوائد"[1]؛ فالمزية إذًا ليست في اللفظ وحده، ولا المعنى وحده؛ بل في نظم هذه الألفاظ بطريقة مخصوصة يؤدَّى بها معنًى مخصوص، وهذا ما يُفسِّر شيوع بعضِ المعاني عند شاعرٍ ما دون الآخر؛ فالتركيب الجيد يعني المعنى الجيد، ويطوع الشاعر بموجب ذلك بناء الجملة لصالحه، فيتحول من قوانين صارمة إلى أداة طيِّعة تتيح له الرفعَ من قيمة المعنى.

وعليه فكلُّ تركيب وكلُّ وظيفةٍ في البناء الشِّعري مقصودة، وليست موضوعةً بشكلٍ عبثِيٍّ، ولا أدلَّ على ذلك من قصائد الحوليَّات؛ حيث كان يلزم الشاعر القديم حولًا كاملًا لكتابة القصيدة، هذا يُبرِز عنايتهم بتراكيب القصيدة، وجريان الألفاظ على الوزن الشِّعري إلى غير ذلك، وقد بيَّن د. حماسة عبد اللطيف عن طريق قول "ريتشاردز" أن الشاعر: "لا يدرك الأسباب التي تدفع في اختيار لفظةٍ دون سواها؛ إذ تتخذ الألفاظ مكانها في القصيدة دون سيطرته الواعية"[2]؛ فالشعر كما قال الأستاذ الكتاني: "فيض وجدان، وتألُّق خيال"[3]، ومن الضروري علينا دراسةُ بناء الجملة في هذا المعطى الإبداعي الذي يعكس ذكاءَ وحنكة وقدرة الشاعر التعبيرية؛ بل من خلالها قدرة اللغة نفسها على ذلك.

ونظرًا لوظيفته التعبيرية التصويرية في الشعر، تساهل اللغويون مع الشعراء فيما يسمَّى بالضرورات الشعرية؛ حيث إن استقامة المعنى عندهم في أغلب الأحيان أهمُّ من استقامة المبنى؛ فالشعر غيرُ النثر، ليس كلامًا علميًّا أو إخباريًّا صرفًا، بل كلامًا شاعريًّا يصوِّر أشياء قد لا ننتبه لها، فيكون هذا التصوير خلَّابًا مؤثِّرًا في النفوس، وهنا تكمُن الشعرية، ويمكن التدليل على ذلك من خلال نموذج قدَّمه د. حماسة عن طول الجملة في الشعر القديم؛ إذ إن الجملة قد تطول عند الصورة الشعرية؛ حيث نكون إذًا أمام صورتين متقابلتين كما تتيح ذلك أداة التشبيه كأنَّ:
كَأنَّ عَيْنيَّ في غربي مُقَتَّلَة
منَ النَّوَاضِح تسقي جَنَّة سُحُقَا

وخلفها سائقٌ يحدو إذا خَشِيت
منه العذاب تمُدُّ الصلب والعُنُقا

وقابلٌ يتغنَّى كلَّما قدرتْ
على العراقي يداه قائمًا دفقا

يُحيلُ في جدولٍ تَحْبُو ضَفادِعُه
حَبْوَ الجواري تَرَى في مائه نطقَا

يخرجنَ من شرباتٍ ماؤها طحلٌ
على الجُذوع يَخَفْنَ الغَمَّ والغَرَقَا


ويتبين لنا أن الصورة الأولى هي عينا الشاعر، واقتصرت على الوظيفة الإفرادية للمبتدأ، بينما الصورة الثانية شكَّلت خبرًا مركبًا؛ حيث استطالت الجملة عن طريق نعت المضاف إلى الاسم المجرور "مقتلة"، وتعدَّد النعت، وأعقبته الجملة: "تسقي جنة..."، بل قد تُنعت وظائف أخرى داخل النعت الجملة: "وخلفها سائق يحدو إذا خشيت..."؛ حيث عطف النعت الجملة الاسمية "وخلفها سائق" على النعت الجملة الفعلية الأولى "تسقي جنة"، وداخل هذه الجملة الاسمية ذاتها نعتٌ آخر جملة فعلية "سائق يحدو".

وكمثال آخر على ذلك في الشِّعر الحُرِّ نقدِّم نموذجًا من جملة استطالت لتكون مقطعًا شعريًّا كاملًا أدَّى إلى إشباع ما يصطلح عليه بالدفقة الشعورية للشاعر، وهذا ما نجده في قصيدة: "لنكن أصدقاء" للشاعرة نازك الملائكة؛ حيث تقول:
لنكنْ أصدقاءْ
في متاهات هذا الوجود الكئيبْ
حيث يمشي الفناء، ويحيا الدمارْ
في زوايا الليالي البطاءْ
حيث صوت الضحايا الرهيبْ
هازئًا بالرجاءْ

فالشاعرة هنا استهلت قصيدتها بفعل ناقص (لِنَكُنْ) وقد لحقت به لام الأمر، أمَّا اسمها فضمير مستتر تقديره (نحن) في حين (أصدقاءْ) خبرها منصوب، وقد جزمت الشاعرة هذه الوظيفة مُحدِثَة ما يسمَّى بالانزياح النحْوي، وهو حاضرٌ بقوة في القصيدة، وقد شكلت الجملة الاسمية السطر الأول، لكن بما أن الدفقة الشعورية للشاعرة لم تنتهِ بعد؛ فإنها استطاعتْ أن تمدد هذه الجملة عن طريق طول التقييد (في متاهات هذا الوجود الكئيب)، والجار والمجرور متعلق بفعل الأمر (نَكُنْ)، وامتدت شبه الجملة هنا عن طريق الإضافة (هذا الوجود) وتبعية النعت (الكئيب)، وهنا أيضًا انزياح نحوي؛ حيث جزمت الشاعرة النعت الذي من المفروض أن يكون مجرورًا؛ لأنه تابعٌ للبدل (الوجود)، ولم تتوقَّف الشاعرةُ عند هذا الحدِّ؛ بل امتدَّت دفقتُها الشعورية لتطيل الجملة في السطر الثالث طول تقييد عن طريق ظرف الزمان المبني على الضم (حيث) وهو مضاف، والجملة: (يمشي الفناءُ) مضافة إليه، وعطفت عليها جملة أخرى، (ويحيى الدمار)، والدمار هنا فاعل مرفوعٌ جزم انزياحًا، هذا ويتوالى طولُ التقييد في ثلاثة أسطر المتبقِّية من المقطع (في زوايا الليالي البطاء) وهي شبهُ جملةٍ متعلِّقة بالفعل الناقص (نكن)، والمفعول فيه الذي أضيفت إليه جملة اسمية (حيثُ صوتُ الضحايا الرهيب)، ونعت مبتدأ الجملة المضافة إلى الظرف (الرهيب)، وتم تقييده أيضًا بحالٍ في السطر الأخير (هازئًا بالرجاء).

وتقدِّم الشاعرةُ هنا دعوةً للصداقة، وهذه الصداقة موجَّهة للضمير المستتر (نحن)، والمقصود بها الإنسانية؛ فالصداقة ملحَّة في ظلِّ هذه الوضعية المأساوية (الوجود الكئيب/ الدمار والفناء/ الضحايا...)، والجمل طالت هنا لتصوير هذا الواقع المؤلم الذي لا يمكن للمرء الخروجُ منه لوحده، بل لا بد من التآزُر والتعاون بين بني البشر جميعًا لتحقيق المحبَّة الإنسانية، ومن ثَم نشر الطمأنينة والأمن والسِّلم.

وعليه نرى أن الجملة كلما نزعت إلى التصوير طالتْ؛ فالحال المفردة أو النعت المفرد أو الواحد لا يؤثِّران نفس تأثير الحال الجملة والنعت الجملة؛ حيث تتعدَّد الوظائف وتتداخل بشكل محكم، وفي هذا خدمة لدلالة الصورة ودقتها التعبيرية، مما يجعل من الشِّعر مجالًا خصبًا لدراسة بناء الجملة، كما يجعل بناء الجملة منطلقًا أساسيًّا لدراسة الشِّعر، وقدرة المبدع على تطويع اللغة للتعبير عن مشاعره.


[1] عبد القاهر الجرجاني، دلائل الاعجاز، ص: 415، أورده: حماسة عبداللطيف، بناء الجملة العربية، ص: 311.

[2]ريتشاردز، العلم والشعر، ص 36 /47، أورده، المرجع السابق، ص: 312.

[3] محمد الكتاني، الصراع بين القديم والجديد في الأدب العربي الحديث، ص: 247.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 59.38 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 57.49 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (3.19%)]