الأنبياء قبل النبوة - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12495 - عددالزوار : 213276 )           »          أطفالنا والمواقف الدموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          عشر همسات مع بداية العام الهجري الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          وصية عمر بن الخطاب لجنوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          انفروا خفافاً وثقالاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          أثر الهجرة في التشريع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          مضار التدخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          متعة الإجازة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          التقوى وأركانها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30-05-2023, 07:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,873
الدولة : Egypt
افتراضي الأنبياء قبل النبوة

الأنبياء قبل النبوة
ساير بن هليل المسباح




إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أيها المسلمون: إن أكثر الناس كمالًا واتصافًا بصفات الجمال وحُسن الأخلاق، ما كان عليه أنبياء الله تعالى عليهم السلام، وهم الذين أمرنا الله تعالى باتباعهم والتشبه بأخلاقهم؛ فهم قدواتنا وأسوتنا الحسنة في هذه الحياة؛ كما قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ﴾ [الأنعام: 90]، وقال سبحانه للمؤمنين: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21].

وقد يقول قائل: إن هؤلاء أنبياء الله تعالى، والنبوة من لوازمها أن يتصف المرء بصفات حسنة، وأن الله تعالى يُلْهِمه هذه الصفات، وينقيه من صفات السوء، فكيف لنا أن نكون مثلهم، ذلك مطلب عسير، وأمر شاق.

ونقول للذين يرون هذا الرأي، ويستصعبون أن يكونوا مثل صفات الأنبياء، تعالَوا وانظروا إلى الأنبياء قبل أن يكونوا أنبياء، حين يكون بشرًا مثل بقية البشر، لا وحي ينزل عليهم، ولا معجزات تقع بين أيديهم.

وقد ذكر الله تعالى شيئًا من حال بعض أنبيائه قبل أن يكرمهم بالنبوة، فانظروا حالهم وهم بشر كبقية البشر لا يزيدون عليهم بشيء.

وذكر الله من أنبيائه في هذا الأمر أربعة أنبياء؛ لوط عليه السلام، وموسى عليه السلام، ويوسف عليه السلام، وداود عليه السلام.

هذا في القرآن، أما في السنة، فهي زاخرة بصفات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

فماذا كانت صفات الأنبياء قبل النبوة:
فنبي الله لوط عليه السلام كان المؤمن الوحيد الذي آمن بإبراهيم عليه السلام؛ كما قال الله تعالى: ﴿ فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي ﴾ [العنكبوت: 26].

فصفة لوط قبل النبوة أنه صدَّق بالحق وآمن به، وأسرع إليه مع انعدام المؤمنين بإبراهيم، ولم يُرْهِبْه كثرة المعاندين، ولم يمنعه قوتهم وسلطانهم وفعلهم بإبراهيم، من الإيمان بالحق.

فهذه الصفة الأولى: الاستجابة للحق وتصديقه، وإن قلَّ المؤمنون به.

أما نبي الله داود؛ فقد قال تعالى عنه: ﴿ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ ﴾ [البقرة: 251].

وإذا قرأت قصة طالوت وجالوت من بدايتها في سورة البقرة، ورأيت جوَّ الضعف ثم التخاذل والاعتراض على ملك طالوت، ثم عصيان أمر طالوت في شرب الماء، ثم اليأس في مواجهة جالوت وجنوده.

عرفت من هو داود الجنديُّ المقاتل في صفوف طالوت ضد جالوت وجنوده، فهو من القلة القليلة التي امتنعت من شرب الماء، وهو من القلة القليلة التي قال الله عنهم: ﴿ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ * وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 249، 250].

داود هنا لم يكن يطمع في نبوة أو ملك، إنما اصطف مع المقاتلين مجاهدًا في سبيل الله تعالى، وناصرًا للحق، ودافعًا للظلم.

وهذه الصفة الثانية من صفات الأنبياء قبل النبوة: نصرة الحق قبل كل شيء، لا طمعًا في دنيا، ولا استنكافًا عن أصحاب الحق، ولو كانوا أقل مكانة في المال أو النسب أو الجاه، فهو لم يضع الاعتبارات التي وضعها الآخرون: ﴿ قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ ﴾ [البقرة: 247].

فالمقاييس الدنيوية مرفوضة عند العباد الصالحين.

النبي الثالث الذي اهتم القرآن به من حين ولادته هو نبي الله موسى عليه السلام؛ وهو النبي الذي ترافقك سيرته في القرآن وليدًا ورضيعًا وشابًّا، ثم غريبًا وعاملًا، ثم الفضل الكبير بعد ذلك النبوة وما أدراك ما النبوة.

فأولى صفات موسى عليه السلام قبل النبوة هي نصرة الضعفاء والمقهورين؛ حين قال الله تعالى: ﴿ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ ﴾ [القصص: 15] لم يتردد في الاستجابة لطلب الغوث، ونصرة المظلوم، فكان ذا حزم وعزم، ولم يبالِ بأي شيء، ولم يدخل في حسابات الربح والخسارة، وربما ضياع المكانة في قصر فرعون، وذهاب الامتيازات التي سيفقدها جراء موقفه هذا.

وثانية صفات لموسى عليه السلام هي المسارعة في الاستغفار، والتوبة إلى الله عز وجل، لا يتأخر في ذلك ولا يكابر؛ كما قال الله تعالى: ﴿ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ * قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [القصص: 15، 16].

والصفة الثالثة لموسى عليه السلام هي صفة الامتنان لله سبحانه وتعالى على نعمة العفو والغفران؛ فقد تاب توبة صادقة لا عودة بعدها: ﴿ قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ ﴾ [القصص: 17].

والصفة الرابعة التي ذكرها الله تعالى عن نبيه موسى أنه كان وقَّافًا عند التذكير بالله تعالى، وهذا من تعظيم الله عز وجل في نفسه: ﴿ قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ ﴾ [القصص: 19]، فتوقَّف موسى عند هذا القول، ولعل هذه الآية تعطينا صورة عامة عن رؤية الناس لموسى قبل النبوة، فكانوا يَرَونه الرجل الصالح المصلح المتواضع، نصيرَ الضعفاء والمظلومين.

والصفة الخامسة التي ذكرها الله تعالى عن نبيه موسى أنه كان سريع الاستجابة لمن نصحه ودلَّه على طريق النجاة: ﴿ وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ * فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ﴾ [القصص: 20، 21].

فلا مكابرة ولا عناد، بل تقدير الأمور بمقاديرها؛ فإن فرعون وقوة فرعون الهائلة تتربص بموسى، فليس من الحكمة البقاء ومواجهة هذه القوة الجبارة، بل الخروج والحفاظ على النفس هو خير المكاسب في مرحلة موسى هذه خاصة.

والصفة السادسة من صفات موسى، وهي صفة واضحة جلية: التوكل على الله تعالى في كل أحواله، لكنها هنا بارزة: ﴿ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ *وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴾ [القصص: 21، 22].

استصحاب ضعفك أمام الله تعالى في كل أحوالك، وأنه هو الذي يتولى أمرك ويصلح شأنك، هذا يدل على تمكُّن الإيمان من قلبك، أما إن رأيت أنك لست في حاجة لله تعالى، وأنك تستطيع أن تدبر أمورك بنفسك، فاعلم أن هذا من صفات الطغيان؛ ﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ﴾ [العلق: 6، 7].

لا أحد يستغني عن الله تعالى إلا قليل العلم وضعيف الدين.

ومن صفات موسى قبل النبوة مسارعته لمساعدة من يحتاج المساعدة، بلا انتظار مقابل، وبلا معرفة سابقة؛ ﴿ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴾ [القصص: 24].

والصفة الأخيرة لموسى عليه السلام قبل النبوة قيامه بالعمل، وسعيه على نفسه بالرزق، فلم يكن بطَّالًا، ولا كسولًا عن العمل، وهو الذي نشأ في قصر فرعون، ويُعامَل على أنه ابن من أبناء فرعون؛ ﴿ وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [القصص: 9]، فلم يكابر أن يعمل راعيًا بعد أن كان ابنًا لملك، فلم يستنقص العمل، ويطالب أن يكون في نفس المستوى المعيشي الذي كان عليه.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين من كل ذنب وإثم وخطيئة؛ فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الهادي الأمين، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، ومن سار على نهجه، واقتفى أثره، واتبع سنته إلى يوم الدين.

وأما النبي الرابع الذي ذكر الله تعالى صفاته قبل أن يكون نبيًّا، فهو نبي الله يوسف عليه السلام؛ وأولى صفات يوسف عليه السلام قبل النبوة هو برُّه بأبيه واستماعه لأمره، بلا مخالفة له: ﴿ قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [يوسف: 5]، وظلَّت هذه الرؤيا سرًّا بين الابن وأبيه، حتى اللحظات الأخيرة: ﴿ وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ﴾ [يوسف: 100].

والصفة الثانية من صفات يوسف عليه السلام قبل النبوة هي صفة العفاف ومراقبة الله عز وجل: ﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ [يوسف: 23].

هذا يوسف في شبابه وجماله وغربته أمام امرأة العزيز تغريه بالفحشاء، فيمتنع خوفًا من الله عز وجل، فماذا يقول الذين يسعون خلف الفاحشة سعيًا، ويصبحون ويمسون وهي شغلهم الشاغل في إغراء النساء وتصيدهن بكل المجالات الممكنة؛ من أجل الوصول إلى لذة محرمة؟ هذا نبي الله يوسف قبل النبوة، وهذا أنت أيها الساعي نحو الفاحشة، فانظر تخليد الله تعالى لذكر يوسف في كتابه إلى يوم الدين، وانظر إلى سواد وجهك وعظم ذنبك، أمام الله تعالى، تعيش كما تعيش البهائم ركضًا نحو الفاحشة، وإفسادًا في أعراض المسلمين.

والصفة الثالثة من صفات يوسف عليه السلام بذل العلم للناس ونشره بينهم: ﴿ قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي ﴾ [يوسف: 37].

والصفة الرابعة من صفات يوسف عليه السلام الإحسان إلى الناس، ولعل هذه الصفة صفة لازمة ليوسف: ﴿ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 36].

ويتجلى هذا الإحسان في موقفه من الناجي من الموت، وقد طلب منه تذكير صاحب الشأن بحاله في السجن: ﴿ وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ ﴾ [يوسف: 42]، ثم كان موقف يوسف منه لما طلب تأويل رؤيا الملك: ﴿ وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ ﴾ [يوسف: 45]، فأوَّلها يوسف له دون عتاب أو سؤال.

والصفة الخامسة في صفات يوسف عليه السلام صفة العفو؛ كما قال الله تعالى: ﴿ قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 92]، هكذا يُنْهِي معاناة السنين، وآلام الأيام، وغربة السجين، بكلمة واحدة: ﴿ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ [يوسف: 92]، وبعض الناس يؤذى بأقل من ذلك، فيظل حاملًا في صدره على أخيه، مكابرًا على العفو، لا يرضى ولا يتنازل، بل يشترط ويتطلب، فأين هو وأين يوسف عليه السلام؟

هذه بعض صفات الأنبياء عليهم السلام قبل أن يكونوا من الأنبياء، حين كانوا بشرًا مثل الناس، لا يطمعون في نبوة ولا رسالة.

وهذه صفات ليست من الصعوبة بمكان؛ فباستطاعة المرء أن يتمثَّلها ويتصف بها، ويكون حاله حال الأنبياء قبل نبوتهم.

نسأل الله تعالى أن يجمِّلنا بأحسن الصفات، وأن يهدينا إلى أحسن الأخلاق، وأن يصرف عنها سيئها؛ إنه على كل شيء قدير.

اللهم صلِّ على محمد وآل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، وانصر عبادك المجاهدين، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى، والعفاف والغِنى، اللهم إنا نسألك حبك وحب عمل يقربنا إلى حبك، اللهم حبب إلينا الإيمان، وزيِّنه في قلوبنا، وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، اللهم احفظنا بحفظك، ووفقنا إلى طاعتك، وارحمنا برحمتك، وارزقنا من رزقك الواسع، وتفضل علينا من فضلك العظيم، اللهم آتِ نفوسنا تقواها، وزكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.

اللهم أصلح إمامنا ولي أمرنا، واحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كيد الكائدين، وفجور الفاجرين، واعتداء المعتدين.

﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182].

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 63.57 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.67 كيلو بايت... تم توفير 1.90 كيلو بايت...بمعدل (2.98%)]