عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12495 - عددالزوار : 213403 )           »          أطفالنا والمواقف الدموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          عشر همسات مع بداية العام الهجري الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          وصية عمر بن الخطاب لجنوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          انفروا خفافاً وثقالاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          أثر الهجرة في التشريع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          مضار التدخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          متعة الإجازة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          التقوى وأركانها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 03-04-2023, 03:27 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان




تساؤلات (حول التلاوة والتدبر)
د. عادل باناعمة
(11)

إن قلت: أي أفضل أن يكثر الإنسان التلاوة، أم يقللها مع التدبر، والتفكر؟
قلت لك: اسمع ما قاله
النووي.
قال النووي -رحمه الله-: “والاختيار أن ذلك يختلف بالأشخاص؛ فمن كان من أهل الهم، وتدقيق الفكر؛ استحب له أن يقتصر على القدر الذي لا يختل به المقصود من التدبر، واستخراج المعاني، وكذا من كان له شغل بالعلم، وغيره من مهمات الدين، ومصالح المسلمين العامة، يستحب له أن يقتصر منه على القدر الذي لا يخل بما هو فيه، ومن لم يكن كذلك، فالأولى له الاستكثار ما أمكنه من غير خروج إلى الملل، ولا يقرؤه هذرمة”[1].

وأما حديث ابن عمرو قال: قال رسول الله ï·؛: لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث[2].
فقد أجاب عنه الأئمة –رضي الله عنهم- قال ابن رجب: “إنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك، فأما في الأوقات المفضلة، كشهر رمضان، خصوصًا في الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر، أو الأماك
ن المفضلة، كمكة لمن دخلها من غير أهلها؛ فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن؛ اغتنامًا للزمان، والمكان، وهو قول أحمد، وإسحاق، وغيرهما من الأئمة، وعليه يدل عمل غيرهم كما سبق ذكره”[3].
وقال ابن حجر تعليقًا على هذا الحديث: وثبت عن كثير من السلف أنهم قرؤوا القرآن في دون ذلك… وكأن النهي عن الزيادة ليس على التحريم، كما أن الأمر في جميع ذلك ليس للوجوب، وعرف ذلك من قرائن الحال التي أرشد إليها السياق… وقال النووي: أكثر العلماء أنه لا تقدير في ذلك، وإنما هو بحسب النشاط، والقوة، فعلى هذا يختلف باختلاف الأحوال، والأشخاص -والله أعلم-[4].


وإن قال قائل: بعض هذا الذي ذكر لا يقبله عقل، ولا يقره منطق، فإنني أقول له ما قاله الإمام اللكنوي -رحمه الله- قال: فإن قلت بعض المجاهدات مما لا يعقل وقوعها قلت: وقوع مثل هذا، وإن استبعد من العوام فلا يستبعد من أهل الله تعالى، فإنهم أعطوا من ربهم قوة، وصلوا بها إلى هذه الصفات، ولا ينكر هذا إلا من ينكر صدور الكرامات، وخوارق العادات.
وإن الذاكرين لهذه المناقب ليسوا ممن لا يعتمد عليه، أو ممن لا يكون حجة في النقل، بل هم أئ
مة الإسلام، وعمد الأنام … كأبي نعيم، وابن كثير، والسمعاني، وابن حجر المكي، وابن حجر العسقلاني، والسيوطي، والنووي، والذهبي، ومن يحذو حذوهم[5].
وقد سبق أن ذكرت كلمة الإمام ابن رجب التي قرر فيها أن مثل هذا الاجتهاد سائغ في الأزمنة المفضلة، والأماكن المفضلة، وأما طوال العام، فالأولى للمؤمن ألا يختمه في أقل من ثلاث، وإن لم يكن ذلك ممنوعًا.

قال الذهبي -رحمه الله-: ولو تلا، ورتل في أسبوع، ولا زم ذلك؛ لكان عملًا فاضلًا، فالدين يسر، فوالله إن ترتيل سبع القرآن في تهجد قيام الليل مع المحافظة على النوافل الراتبة، والضحى، وتحية المسجد مع الأذكار المأثورة الثابتة، والقو
ل عند النوم، واليقظة، ودبر المكتوبة، والسحر، مع النظر في العلم النافع، والاشتغال به مخلصًا لله، مع الأمر بالمعروف، وإرشاد الجاهل، وتفهيمه، وزجر الفاسق، ونحو ذلك …

لشغل عظيم جسيم، ولمقام أصحاب اليمين، وأولياء الله المتقين، فإن سائر ذلك مطلوب، فمتى تشاغل العبد بختمة في كل يوم؛ فقد خالف الحنيفية السمحة، ولم ينهض بأكثر ما ذكرناه[6].
المصدر: موقع صيد الفوائد

نقله عنه ابن حجر في الفتح (9/97).
أبو داود (1394)، والترمذي (2949
)، وقال حديث حسن صحيح.
لطائف المعارف (360).
الفتح (9/97).
إقامة الحجة على أن الإكثار من التعبد ليس ببدعة (101).
السير (3/84-86).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 03-04-2023, 03:27 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان



لماذا نحفظ القرآن؟

الاسلام سؤال وجواب
(12)


مجموعة من الأسباب التي تبين أهمية حفظ القرآن الكريم، ومنزلة من يحفظه.
1) التأسي بالنبي ﷺ: فقد كان -عليه الصلاة والسلام- يحفظه، ويراجعه مع جبريل -عليه السلام- ومع بعض أصحابه.
2) التأسي بالسلف: قال ابن عبد البر: “طلب العلم درجات، ورتب لا ينبغي تعديها، ومن تعداها جملة؛ فقد تعدى سبيل السلف -رحمهم الله- فأول العلم حفظ كتاب الله -عز وجل- وتفهمه”[1].

3) حفظه ميسر للناس كلهم، ولا علاقة له بالذكاء، أو العمر، فقد حفظه الكثيرون على كبر سنهم. بل حفظه الأعاجم الذين لا يتكلمون العربية، فضلًا عن الأطفال.

4) حفظ القرآن مشروع لا يعرف الفشل… كيف؟! حين يبدأ المسلم بحفظ القرآن الكريم بعزيمة قوية ثم يدب إليه الكسل، والخمول فينقطع عن مواصلة الحفظ، فإن القدر الذي حفظه منه لا يضيع سدى، بل إنه لو لم يحفظ شيئًا فإنه لن يحرم أجر التلاوة، فكل حرف بعشر حسنات.
5) حملة القرآن هم أهل الله، وخاصته كما في الحديث، وكفى بهذا شرفًا.
6) حامل القرآن يستحق التكريم، ففي الحديث: إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه، والجافي عنه…[2] فأين المشمرون؟

7) الغبطة الحقيقية تكون في القرآن، وحفظه، ففي الحديث: لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله الكتاب، وقام به آناء الليل… الحديث [3].
8) حفظ القرآن وتعلمه خير من متاع الدنيا، ففي الحديث: أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم، أو يقرأ آيتين من كتاب الله -عز وجل- خير له من ناقتين، وثلاث خير من ثلاث، وأربع خير من أربع، ومن أعدادهن من الإبل[4]، ويذكر
أن الإبل في ذلك الزمان أنفس المال، وأغلاه.
9) حافظ القرآن هو أولى الناس بالإمامة، ففي الحديث: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله[5]، ويذ
كر أن الصلاة عمود الدين، وثاني أركان الإسلام.
10) حفظ القرآن الكريم رفعة في الدنيا، والآخرة، ففي الحديث: إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا، ويضع به آخرين[6].
11) حافظ القرآن يقدم في قبره، فبعد معركة أحد، وعند دفن الشهداء كان النبي ﷺ يجمع الرجلين في قبر واحد، ويقدم أكثرهم حفظًا.
12) وفي يوم القيامة يشفع القرآن لأهله، وحملته، وشفاعته مقبولة عند الله تعالى، ففي الحديث: اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه[7]، فهنيئًا لمن يشفع له هذا الكتاب العظيم في ذلك اليوم العصيب.

13) حفظ القرآن سبب للنجاة من النار، ففي الحديث: لو جعل القرآن في إهاب ثم ألقي في النار ما احترق[8]. ويقول أبو أمامة: “إن الله لا يعذب بالنار قلبًا وعى القرآن”[9].

14) أن حفظه رفعة في درجات الجنة، ففي الحديث: يقال لصاحب القرآن: اقرأ، وارتقِ، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها[10] قال ابن حجر الهيتمي: الخبر خاص بمن يحفظه عن ظهر قلب؛ لأن مجرد القراءة في الخط لا يختلف الناس فيها[11].

15) حافظ القرآن مع السفرة الكرام البررة، ففي الحديث -واللفظ للبخاري-: مثل الذي يقرأ القرآن، وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة[12].
فيا له من شرف أن تكون مع من قال الله فيهم: فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ ۝ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ. بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ۝ كِرَامٍ بَرَرَةٍ [عبس: 13- 16].
16) حافظ القرآن أكثر الناس تلاوة له، فحفظه يستلزم القراءة المكررة، وتثبيته يحتاج إلى مراجعة
دائمة، وفي الحديث: من قرأ حرفًا من كتاب الله؛ فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها[13].
17) حافظ القرآن يقرأ في كل أحواله، فبإمكانه أن يقرأ وهو يعمل، أو يقود سيارته، أو في الظلام، ويقرأ ماشيًا، ومستلقيًا، فهل يستطيع غير الحافظ أن يفعل ذلك؟!

18) حافظ القرآن لا يعوزه الاستشهاد بآيات القرآن الكريم في حديثه، وخطبه، ومواعظه، وتدريسه، أما غير الحافظ فكم يعاني عند الحاجة إلى الاستشهاد بآية، أو معرفة موضعها. فهل بعد هذا نزهد في حفظ ما نستطيع من كتاب الله؟!
المصدر: موقع طريق الإسلام.

جامع بيان العلم وفضله (2/ 1129).
أخرجه أبو داود (4843)، وحسنه الألباني في مشكاة المصابيح، (4972).
أخرجه البخاري، رقم: (5026).
أخرجه مسلم، رقم: (803).

أخرجه مسلم (673).
أخرجه مسلم، رقم: (817).
أخرجه مسلم، رقم: (804).
أخرجه أحمد، رقم: (17409)، والطبراني، رقم: (5901)، وحسنه الألباني في السلسلة (7/1521).
أخرجه الدارمي في سننه، رقم: (3362)، وابن أبي شيبة، رقم: (30079).
أخرجه أبو داود، رقم: (1464)، والترمذي، رقم: (2914)، وحسنه الألباني في مشكاة المصابيح، رقم: (2134).
الفتاوى الحديثية لابن حجر الهيتمي (ص: 113).
أخرجه البخاري، رقم: (4937).
أخرجه الترمذي، رقم: (2910)، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (7/970).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 04-04-2023, 01:39 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان





التوسع في التدبر.. وقفة مراجعة
الشيخ الدكتور عمر المقبل
(13)


العودةُ المشاهدةُ لكتاب الله تعالى -تلاوةً، وحفظًا، ومدارسةً، وتدبرًا، وتصنيفًا في علومه- شيءٌ يبعث على البهجة، والفرح؛ إذْ لا عزّ للأمة إلا بالعودة إلى هذا الكتاب العظيم، وسنةِ نبيّه ﷺ.وفيما يخصّ موضوع “التدبر” فإن هذه الفرحة بدا ما ينغّصها، ويكدّرها؛ مِن جرأة بعضِ الناس على خوض غماره، دون اكتمال الآلة التي تخوّله للحديث فيه[1] لذا تنادى جمعٌ من أهل العلم، وطلبته
، وصرّحوا بضرورة التوعية بخطورة هذا التوسع الذي يزداد يومًا بعد يوم، وخطورة فتح الباب على مصراعيه، دون ضوابط، وأصول تعصِمه من الزلل، وتنفي الدخيل عنه.
ويؤكد أهميةَ هذه الدعوة: أنه -وعبر حِقَب التاريخ- ما من مبتدعٍ، أو صاحبِ مذهب منحرف إلا وقد يستدل لباطله من القرآن! على طريقة (اتباع المتشابِه) أو النظر الأعور للأدلة، والانتقائية الجزئية، وسرى هذا الداءُ إلى مقالات بعض الصحفيين، وأطروحات بعض الإعلاميين في عصرنا الحاضر.

إن المتابِع لهذا الموضوع، وخصوصًا في السنوات الأخيرة ـ، ومع انتشار مواقع التواصل، وبعض المقاطع المرئية التي بدأت تنتشر؛ يشهدُ أمورًا تبعث على الخوف، والقلق من جرأة بعض الناس على اقتحام هذا الميدان! والكلامِ في معاني كلام الله -جلّ وعلا- دون ضوابط، أو أصولٍ علمية؛ مما يستوجب من الجميع بذلَ النصح، قبل استفحال الأمرِ، وتف
اقمه.
إننا، وكما نتواصى بتدبر القرآن ـ كما أمر الله ـ فيجب أن نتواصى بأن يكون ذلك وفق الطرق العلمية الصحيحة، ونحن كما نجزم بأن من أراد أن يمتثل الأوامر المجملة في القرآن كقول الله تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ[البقرة: 43] لا يمكنه تحقيقُ ذلك إلا وفق الصلاة الشرعية التي بيّنتها السنة، فكذلك لا يمكن امتثال أمر الله بالتدبر إلا وفق هدي النبي ﷺ وصحابته، ومن سار على نهجهم في فهم القرآن.

وإذا كنا نفرحُ بهيبةِ عموم المسلمين من تفسيرِ كلمةٍ غريبةٍ، دون الرجوع لكلام العلماء؛ فكذلك ينبغي أن يستقر في أذهانهم عدمُ التجرؤ على نشر التدبر إلا بعد التثبت، والتبين من المعنى، فكِلا الأمرين -التفسير، والتدبر- بابهما واحد؛ إذْ المراد منهما الفهم، ثم ما يتبعه مِن عملٍ قلبي، أو بدني.

لقد مرّ بي ألوانٌ من تدبرات بعض الإخوة المنشورة على مواقع التواصل، أو وصلتني عبر رسائل نصية، وبعضُها عبر مكالماتٍ هاتفية، تؤكد وجوب المسارعة لضبط الأمر، والدعوة إلى التريث، وعدمِ العجلة في النشر، ومن ذلك:

– تعليقُ بعضِهم على قوله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ۝ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُم [محمد: 22، 23] حيث قرر أن مِن الناس مَن يصوم، ويصلي، ويقرأ القرآن، وهو ملعون! وأن القاطع لا يستفيد مِن القرآن، ولا مِن المواعظ، ولا من أيّ عبادة، وإن ختم القرآن أكثر من مرة، وقام الليل! لماذا؟ لأنه قاطعٌ لرَحِمه!! وأضاف أن عمَله لا يرتفع إلى الله ما دام قاطعًا! بل يَبقى معلّقًا، مع أن الآية لا تدل على ذلك، ولا يدل عليه الحديثُ الذي استشهد به، وهو قوله ﷺ: تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين، ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئًا، إلا رجلًا كانت بينه، وبين أخيه شح
ناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا الحديث[2].
فالحديث يدل عدم نيل فضيلة المغفرة التي تتكرر كلَّ أسبوع مرتين، ولم يتحدث عن مسألة القبول! فانظر كيف تنقّل هذا الأخ من خطأ إلى خطأ!

علّق أحد الإخوة على قوله تعالى: فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ [طه: 12] فقال: “خلَعَ النعلينِ فأوتي العصا، اخلع الدنيا من رجلك، تمسك الهبات بيدك!” فأين هذا من الآية؟ والآية إنما فيها الأمرُ بخلع النعلين لسبب -ذَكَره بعضُ المفسرين- وهو أن موسى كان يلبس نعلين مِن جلد حمار، فلا ينبغي أن يدخل بهما في الواد المقدس الذي سيكلم ربَّه فيه.

ومِن أعجب ما سمعت، ما قاله لي أحدُهم في مكالمة هاتفية، معللًا تسمية موسى بهذا الاسم، أخذًا من الموس؛ لأجل أن يزيل فرعون من جذوره!! وادّعى هذا الشخصُ أن التدبر يمكن لكل أحد، ولا يوجد حاجة للرجوع إلى كلام العلماء؛ لأن كلامهم غير معصوم، وأن تدبر القرآن مفتوحٌ للجميع؛ لأن الله أمرنا به جميعًا! ولك أن تتصور ما الذي سيصدر عن مثل هذا من تعليقات، بل طوام!

إنّ الدعوة إلى تدبر القرآن حسنةٌ، لكن لا يصح أن تكون بهذا الإطلاق الذي يشيعه بعضُ الفضلاء، لما سبقت الإشارةُ إليه، فبابُ التفسير والتدبر واحد من حيث الأصل، وإن كان في باب التدبر سعةٌ من جهة أن استنباط المعاني والإشارات
يقع، وإن كان معنى اللفظة ليس غريبًا، إلا أن ذلك -أيضًا- لا يعني أن يكون التدبر غير منوط بضوابط -كما سبق- خصوصًا مع فشوّ هذه التعليقات على الآيات في مواقع التواصل، التي صار غالبُ الناس يتلقى منها دون تمحيص.


إنه ليحقُّ لكل غيورٍ على كتاب الله أن يتساءل: إذا كنا نستنكر على الصحفي الذي ليس مؤهلًّا للكلام في معاني الله، فلماذا يخفت هذا الصوت حينما يكون المتكلّم من المنتسبين للمحاضن القرآنية، وهو ليس مؤهلًا؟ مع أن الصورة واحدة!

لقد بذل العلماء جهودًا في صيانة القرآن، ونفيِ الدخيلِ عنه من التفاسير البدعية، والشاذة؛ فعلينا كذلك أن نتعاون على صيانته من التدبرات الشاذة، والخاطئة، فهذا من جملة النصيحة لكتاب الله التي نص عليها النبي ﷺ في حديث تميم الداري المشهور، ولا يصح أن يفسَّر هذا


بأنه تضييقٌ على الناس، بل هو صيانةٌ لكلام رب العباد من العبَث بمعانيه، وتصديرِها للناس عبر هذه الوسائل التي تنقل المعلومةَ لملايين خلال دقائق معدودة، وإذا كنا نستعظم أن يتصدّر لتفسير القرآن من لم تكتمل له أداتُه؛ فلماذا صار التدبر منبرًا سهلًا يصعده كلُّ أحد؟!
المصدر: موقع الشيخ عمر المقبل (بتصرف)
سبق أن كتبتُ مقالةً في العام الماضي عنوانها: “التدبر بين تباشير العودة، وخطر الجرأة”، وهو منشور على الموقع الشخصي.
مسلم ح (2565).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 05-04-2023, 01:01 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان





سر القرآن هو العمل به

(14)


إن تأثير هذا القرآن في النفوس إنما يحصل بالمعاني التي تستقر في القلب، فتملأه نوراً، ثم ينتقل هذا النور إلى باقي الجوارح، ولما فتح الله تعالى بهذا القرآن قلوب وعقول الصحابة، فتحوا به الدنيا، فمن أراد أن يعرف سر القرآن، فليستعن بالله،
وليجتهد في الفهم والعمل، وهذه بعض وصايا سلفنا الصالح في هذا الشأن:
– هذا رجل جاء إلى أبي الدرداء  وقال له: “إن ابني قد جمع القرآن، فانزعج أبو الدرداء وقال له: اللهم اغفر، إنما جمع القرآن من سَمِعَ له وأطاع”.

– وكان ابن مسعود  يقول: “أُنْزِل القرآن ليعملوا به، فاتخذوا تلاوته عملاً، فإنَّ أحدهم ليتلوا القرآن مِنْ فاتحتِه إلى خاتمتِه، ما يسقط منه حرفا، وقد أسقط العمل به”.
– وقال عمر بن الخطاب : “لا يغرَّنَّكُم مَنْ قرأ القرآن، إنما هو كلام يُتكلَّم بِه، ولكن انظروا لمن يعمل به”.

– وقد ضرب السلف الصالح أروع الأمثلة في العمل بالقرآن، والاستجابة لأوامره، والوقوف عند حدوده:
1 – كان أبو بكر الصديق  ينفق على مِسْطح بن أَثَاثَة ؛ لقرابته منه، وبسبب فقره، فلما قال: مِسْطح عن السيدة عائشة رضي الله عنها ما قال في حادثة الإفك، قال أبو بكر: “والله لا أُنْفِق على مِسْطح شيئاً أبداً بعد الذي قال في عائشة، فأنزل الله: وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [سورة النور:22]، فقال أبو بكر: بلى والله، إني أحب أن يغفر لي، فرجع إلى النفقة، وقال: والله لا أَنْزِعْها أبداً”.

2 – يدخل الحُر بن قيس وعمُّه عُيَيْنَة بن حِصْن على عمر بن الخطاب  فيقول عُيَيْنة: هيَّ يا ابن الخطاب، فوالله ما تُعطينا الجَزْل، ولا تحكم فِينا بالعَدْل، فغَضب عُمَرُ حتى همَّ به، فقال له الحُر بن قيس: يا أمير المؤمنين إن الله تعالى قال لنبيه ﷺ: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ [الأعراف:199]، وإنَّ هذا مِن الجاهلين.

قال ابن عباس : والله ما جاوزها عُمَرُ حين تلاها عليه، وكان وقَّافاً عند كتاب الله”.
3 – قال أنس بن مالك : لما نزلت هذه الآية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ [الحجرات:2].

قال ثابت بن قيس : أنا الذي كنت أرفع صوتي على رسول الله ﷺ، وأنا مِنْ أهل النار، حَبَط عملي، وجلس في بيته حزيناً، ففقده رسول الله ﷺ، فانطلق بعض القوم إليه، فقالوا له: تَفَقَّدك رسول الله ﷺ مَالَكْ؟ قال: أنا الذي أَرفعٌ صوتي فوق صوت النبي ﷺ، وأَجْهَرٌ له بالقول، حَبَط عملي، وأنا من أهل النار، فَأَتَوا النبي ﷺ فأخبروه بما قال، فقال النبي ﷺ: لا، بل هو مِن أهل الجنة.

4 – عن مِعْقَل بن يَسار  قال: زَوَّجت أختاً لي من رَجُلٍ فطلَّقها، حتى إذا نقضت عدتها جاء يخطبها، فقلت له: زَوَّجتُك وأَفْرشْتُك وأَكْرمْتُك، فطلقتها ثم جئت تخطبها، لا والله لا تعود إليك أبداً، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، فأنزل الله هذه الآي
ة: وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [سورة البقرة:231] فسمع ذلك مِعْقَل فقال: “سمعاً لربي وطاعة، فدعا زوجها فَزوَّجها إياه”.

5 – عن زيد بن ثابت  أن رسول الله ﷺ أَمْلَى: لَّا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّه، فجاء ابن أم مكتوم وقال: يا رسول الله، والله لو استطيع الجهاد لجاهدت -وكان أعمى- فأنزل الله: غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ، أي: أصبحت، لَّا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَ
ى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا [سورة النساء:95].
المصدر: كتاب: أول مرة أتدبر القرآن، لعادل محمد خليل (ص: 349).
منقول


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 06-04-2023, 12:01 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان





رمضان وتدبر القرآن
د. عويض بن حمود العطوي
(15)


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
تلوح للإنسان في حياته لحظات مهمة، يستطيع أن ينجز فيها ما لا يُنجِز في غيرها، وقد تمتد الآمال بالإنسان وهو يسعى لتحقيق آماله فلا يظفر من ذلك بشيء رغم تطاول الزمن.

ولعل مما يؤرق المسلم كيفية إفادته من كنوز هذا الكتاب العظيم (القرآن)، وبما أننا مقبلون على رمضان وهو شهر القرآن، فهذا من الفرص المتاحة لتحقيق شيء من هذا المطلب العظيم، والسبيل لتحقيق ذلك هو تدبر القرآن، وقد يقول قائل: وكيف ذلك؟
بداية، أود أن أبين أنّ الكلام موجَّهٌ للجميع، لا يختص بمرتبة علمية، ولا بنوعية خاصة، فالمسلمون جميعًا مطالبون بفهم كتاب ربِّهِم، وسأذكر هنا بعضًا مِن الأفكار التي تفيد في إيجاد تدبر عملي في شهر القرآن (رمضان):

1- تحديد سورة معينة، ولتكن سورة متوسطة الطول، ويمكن أن يتم ذلك كما يأتي:
‌أ) تعيين السورة قبل دخول الشهر.
‌ب) قراءة السورة يوميًا أو قدر خاص منها، المهم التواصل اليومي مع السورة المحددة.
‌ج) تجهيز دفتر خاص لكتابة الفوائد واللطائف والاستفهامات.

‌د) محاولة معرفة صُوَر التناسب بين بداية السورة ونهاية السورة التي قبلها.
‌ه) العناية ببداية السورة واستخراج الفوائد منها.

‌و) معرفة أسباب النزول إنْ وجدت.
‌ز) تحديد الكلمات أو الجمل التي تتكرر في السورة، ومحاولة تفسير ذلك.
‌ح) تسجيل الأفكار الرئيسة التي تدور حولها السورة، ووضع عنوان عام يجمعها جميعًا.

‌ط) استخراج الأحكام الواردة، أو الأخلاق، والنظر هل أنت مُطبِّقٌ لها، عامِلٌ بها؟
هذه أفكار ومراحل عملية، تجعلك تعيش مع السورة فترة طويلة، قد تستغرق الشهر كله، ولا تستعجل الثمرة، وقيّد كل ما تراه يستحق التقييد، والله يرعاك ويوفقك.

2- قراءة القرآن كاملاً.
يحرص كثيرٌ من المسلمين على ختم القرآن في رمضان، وهذا أمر طيب، ولا يتنافى مع ما ذكرناه من تحديد سورة معينة، ومع هذا يمكننا أن نستثمر قراءتنا لجزء واحد يوميًّا في رمضان، بحيث نقرأ وفي الوقت ذاته نتدبر، وقد نقول وكيف ذلك؟
الجواب في الخطوات الآتية:

‌أ) احرص على إتمام الجزء المخصص في يومه المخصص.
‌ب) استخرِجْ مِن الجزء الذي تقرأ ما يتعلق بالأخلاق، وإنما قلنا ذلك؛ لأن رمضان دورة عملية لتهذيب سلوكِنا وأخلاقنا، فلمَ لا نجعل الموَجِّه لنا هو القرآن؟

‌ج) سَجِّل الخُلُق على ورقة، سواء أكان مأمورًا به أم منهيًا عنه.
‌د) اسأل نفسك هل تطبق هذا الخُلُق المأمور به، أو تنتهي عن الخُلُق المنهي عنه.
‌ه) عَدِّل سلوكك على ضوء هذه الأخلاق القرآنية، ستجد أنك يوميًا تتحسن، وتطبق آيات القرآن، وهذه ثمرة التدبر الحقيقية.
‌و) إذا كثر عليك الأمر، فاستخرج من الجزء كله صفة واحدة محمودة، وأخرى مذمومة، وافعل المحمودة، واترك المذمومة.

إذا انتهى رمضان وقد التزمت بهذا المنهج، تكون قد مارستَ ثلاثين خلقًا حسنًا، وأنتهَيْتَ عن ثلاثين خلقًا سيئًا، ولا تنزعج من تكرار الخلُق، فلا بأس بذلك؛ لأن تكراره في القرآن يعني أهميته.
‌ز) سجِّل الملحوظات اللطيفة التي تظهر لك في دفترك الذي
خصصته لهذا الغرض.
بإذن الله ستشعر أنك استثمرت القرآن في شهر القرآن، وأن القرآن قد أسهم في تغيير سلوكك.
هاتان فكرتان سريعتان عمليتان، اختَرْهُما جميعًا أو إحداهما، وامضِ على بركة الله، وخطِّط للأمر مبكّرًا، وانقل الفكرة لغيرك، لعل الله أن ينفع بها.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 06-04-2023, 11:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان





صوارف تحول دون التدبر

(16)

من الصوارف التي تحول دون تدبر كتاب الله تعالى:
أمراض القلوب والإصرار على الذنوب:
وهي من أعظم ما يصد القارئ عن اتعاظ قلبه وانشراح صدره لمواعظ القرآن وحِكَمه وأحكامه، وفي
هذا يقول الله سبحانه وتعالى: سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ [الأعراف:146]، قال ابن قدامة رحمه الله: “وليتخلى التالي من موانع الفهم،…، ومن ذلك أن


يكون التالي مصراً على ذنب، أو متصفاً بكبر، أو مبتلى بهوى مطاع، فإن ذلك سبب ظلمة القلب وصداه، فهو كالجرب على المرآة، يمنع من تجلى الحق، فالقلب مثل المرآة، والشهوات مثل الصدأ، ومعاني القرآن مثل الصور التي تتراءى في المرآة، والرياضة للقلب بإماطة الشهوات مثل الجلاء للمرآة”[1].

وقال الزركشي رحمه الله: “لا يحصل للناظر فهم معاني الوحي حقيقة ولا يظهر له أسراره، وفي قلبه بدعة، أو إصرار على ذنب، أو في قلبه كبر، أو هوى، أو حب الدنيا، أو يكون غير متحقق الإيمان” [2].
انشغال القلب وشرود الذهن:

فإنه يصرف عن تدبر القرآن والتأثر به لغفلة القلب، ولو كان قلبه حياً لكنه مشغول عنه بغيره، فهو غائب القلب ليس حاضراً، فهذا لا تحصل له الذكرى مع استعداده ووجود قلبه، ومن كثرة الشواغل التي تذكر حين التلاوة أن يكون هم القارئ إتمام السورة دون أن يكون همه الفهم والاتعاظ والعبرة التي تحويها الآيات، قال الحسن البصري رحم
ه الله: “يا ابن آدم! كيف يرق قلبك وإنما همتك في آخر السورة؟!” [3].
قصر الخشوع على آيات الوعيد:

فمن الناس من يقصر الخشوع في رمضان، أو في القنوت، أو عند خشوع الإمام، أو عند آيات العذاب وذكر النار وأهوال القيامة، ومعلوم أن أسباب الخشوع ودواعيه متعددة، ففعله ﷺ عند التلاوة فيه خشوع وتدبر، فهو ينزه ويسبح عند آيات الأ
سماء والصفات، ويسأل الله من فضله عند ذكر جنته وإنعامه وفضله ورحمته، ويستعيذ عند ذكر النار والعذاب [4].
قصر الهمة على كثرة القراءة ف
قط:
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: “وبعض السلف قال: يستثنى من ذلك أوقات الفضائل، وأنه لا بأس أن يختم كل ليلة أو في كل يوم، كما ذكروا هذا عن الشافعي، وعن غيره، ولكن ظاهر السنة أنه لا فرق بين رمضان وغيره، وأنه ينبغي له أن لا يعجل وأن يطمئن في قراءته، وأن يرتل كما أمر النبي عليه الصلاة والسلام عبد الله بن عمرو فقال: “اقرأه في سبع”[5]، هذا آخر ما أمره به، وقال: “لا يفقه من قرأه


في أقل من ثلاث”[6]، ولم يقل إلا في رمضان، فحمل بعض السلف هذا على غير رمضان محل نظر، والأقرب -والله أعلم- أن المشروع للمؤمن أن يعتني بالقرآن ويجتهد في إحسان قراءته وتدبر القرآن والعناية بالمعاني ولا يعجل، والأفضل أن لا ي
ختم في أقل من ثلاث، هذا هو الذي ينبغي حسب ما جاءت به السنة، ولو في رمضان”[7].
الفهم القاصر لمعاني الآيات.
ومن خلال تلك المفهومات القاصرة تفهم الآيات وتفسر المقاصد، ويخصص العام ويقيد المطلق، ومن خلال خلفيات سابقة يحكم على النصوص فلا ينتفع القارئ بقراءة القرآن، ولا يحصل له التدبر المقصود، فهو يردد الألفاظ وقد زاغ قلبه عن المعنى المراد، أو قصر نظره أو ضل فهمه.
الانشغال بالمبهمات:
وذلك كالبحث عن الأعداد والأسماء والأماكن ونحوها من الأمور المبهمة، وقد هوّن الله من عدد أهل الكهف فقال: قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ [الكهف:22].


المصدر: كتاب: “من أجل تدبر القرآن”، سلمان السنيدي (ص:12-14)، بتصرف يسير.
مختصر منهاج القاصدين (ص: 53-54).
البرهان في علوم القرآن (2/ 180).
مختصر قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر (ص: 150)
انظر: تدبر القرآن، سلمان السنيدي (ص:51).
أخرجه البخاري، برقم (5052)، ومسلم، برقم (1159).
أخرجه أبو داود، برقم (1182)، واللفظ له، والترمذي، برقم (2873).
مجموع فتاوى ابن باز (11/ 350)
منقول



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 07-04-2023, 11:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان





في رمضان… تدبُّر القرآن قبل عدد الختمات

فاطمة زكي
(17)





د. ماهر الحولي: لتتحقق مهمّة القرآن لا بد من التدبر

مصطفى أبو توهة: الفهم القاصر من أسباب صعوبة التدبر
ختم قراءة القرآن يكاد يكون الشكل الأكثر انتشار للعبادة في رمضان، منّا من يكتفي بقراءته مرّة واحدة، ومنّا من ينكبّ على القراءة ليل نهار ليحصي عدداً أكبر من الختمات، ومع الاهتمام بالمقدار ما نقرأ، قد ننسى تدبّر الآيات.
هكذا نتدبَّر

أستاذ الفقه وأصوله بالجامعة الإسلامية - الدكتور ماهر الحولي- يقول: "إن شهر رمضان هو شهر القرآن الكريم، وذلك بنص القرآن، في قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ} [البقرة:185] وبالتالي علاقة المسلم به في هذا الشهر يجب أن تكون وطيدة، فيها مصاحبة حقيقية، والتزام دقيق، بحيث يرتقي بأخلاقه وآد
ابه ويحسّن تعاملاته".
ويضيف: "ويعزز ذلك أن الصيام يشترك في تطهير روح الإنسان وتزكية قلبه وتنقية جوارحه؛ فالمسلم يصاحب القرآن وهو صائم، فيجتمع له فضل القراءة في وقت النزول والبركة التي أعطاها الله للوقت".

وعن سؤال "هل تكفي القراءة؟"، يجيب: "مهمّة القرآن في الأصل هداية الناس، كما في قوله عزّ وجلّ: {إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء:9] ولتتحقق الهداية لا بدّ من التدبر والفهم والتأثر لما جاء فيه؛ لأنه منهج حياة ودستور
لكل التعاملات في الإنسانية جمعاء".
د. ماهر الحولي: بإمكان المسلم أن يقيس تدبّره بأن يلاحظ ردّة فعله عند آيات العذاب والاستبشار ويوض
ح أن القراءة وعدد الختمات مطلوب؛ فبها تطمئن القلوب، وهي فرصة لنيل الثواب، ففي الحديث الشريف: "من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف"، ومن المعلوم أن الحسنة بعشرة أمثالها".

ويبين: "مع ذلك، وبالرغم من أن القراءة مطلوبة، إلا أنها لا تكفي بحد ذاتها، فكلما تدبر المسلم ارتقى، فالغاية هي الفهم فالتدبر فالتأثر، لو وصل المسلم لهذه المرحلة يحقق الغاية والهدف، بأنه يتأثر بما في القرآن، فيقوّم سلوكه ويتقن العبادة ويتقرب لله أكثر".
وعن أثر التدبر على المسلم، يقول الحولي: "من يتأثر بالقرآن يتغير سلوكه للأفضل، فيصبح أميناً، صادق
اً، مخلصاً، كريماً، جواداً، مجاهداً، متقناً للصلاة، باراً بوالديه، محسناً لهما، واصلاً رحمه، حسن المعاملة مع الناس، عادلاً، يبتعد عن الآثام والموبقات من أمراض اللسان والكذب والغيبة والنميمة، عن أمراض القلب من كفر ورياء ونفاق"، مضيفاً: "التدبر يوصلنا إلى درجة الاستقامة".
ولكي يتمكن المسلم من تدبر القرآن، ينصح الحولي بالأخذ بعدة أسباب، أولها الدعاء، ليدعو الشخص الله تعالى أن يعينه على فهم القرآن، وفي ذلك أدعية كثيرة معروفة، منها: "اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا"، وثانياً عليه يعقد نيّة الفهم والتدبر، فنيّات قراءة القرآن متعددة، هناك من يقرأ للرزق، أو للشفاء من مرض، أو لأي سبب آخر، ثم يستحضر الأجر العظيم الذي يناله من التدبر.

ويوضح: "من أراد التدبر، عليه ألا ينتقل من آية إلى أخرى، إلا بعد أن يفهم معناها، وبإمكانه الرجوع للكتب، أو سؤال المختصين، وقد صار ذلك يسيراً في عصر الإنترنت ومع انتشار تطبيقات التفسير المخصصة للهواتف النقالة، ومن الجيد أن يصاحب شخصاً يمكن أن
يتدارس معه القرآن، أو أن يشترك في مجموعات مهتمة بالتدبر والتفسير".
ويبين: "من أهم الأمور، أن يلتزم المسلم بتطبيق ما فهمه من القرآن في حياته؛ كي لا ينطبق قول الله تعالى: {كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الممتحنة:3].
ويشير إلى أنه بإمكان المسلم أن يقيس تدبّره بأن يلاحظ ردّة فعله عند آيات العذاب والاستبشار، فهل يتأثر خوفاً عند آيات العذاب؟ وهل يضحك عند آيات الثواب؟

ويقول الحولي: "نحن بحاجة لأن نجعل رمضان نقطة انطلاق لقراءة من نوع جديد، تصل بنا من خلال الفهم والتفكر للتأثر، ويمكننا أن نجمع بين التدبر والكمّ، فنخصص ختمة للقراءة، وأخرى للتدبر".
فلاح الإنسان مرهونٌ بالفهم


من ناحيته، يقول الداعية مصطفى أبو توهة: "من أكبر النعم التي أنعم الله بها على الإنسان أن أنزل كتاباً -والذي هو بمثابة منهج يضبط حياته؛ لتكون على الصراط المستقيم- وهي نعمة جعلها الله تعالى مقدمة على خلق الإنسان ذاته
، فقد قال جلّ وعلا في كتابه: {الرَّحْمَٰنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ} [الرحمن: 1-3].
مصطفى أبو توهة: لتسهيل المهمة... تذكّر أن القرآن حجّة لك أو عليك ويضيف: "والغريب أن الشارع الحكيم قدّم هذا الكتاب العزيز على الصلاة نفسها، مع عظم شأنها، وذلك في أكثر من موضع، كما في قوله تعالى: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ} [العنكبوت:45].
ويتابع: "ولكي يكون القرآن هادياً للتي هي أقوم، فإنه ينبغي أن يُتلى على الوجه المطلوب، كما تلاه الرعيل الأول فأخرج منهم خير أمةٍ أٌخرجت للناس، فكان لها ذكرٌ في العالمين وشأن لا يُستهان به"، مذكراً بقول الله عزّ وجل: {لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ ۖ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [الأنبياء:10].
ويوضح أبو توهة: "والقرآن لا يمكن أن يؤدي غايته ورسالته في تصويب وتصحيح مسير ومصير الإنسان إلا إذا فُهم على أنه آخر رسالة من الملأ الأعلى إلى هذا الإنسان الذي يطوي صفحات حياته ليلقى الله
مهما امتدت به السنون".
ويبين: "بالتالي، فإن حق الرسالة أن تُقرأ سطورها وما بين السطور وما يريد المرسل أن يقوله لكنه لم يقله، وهذا ما نسميه (التدبر)، والتدبر هو تتبع أعقاب ودبر الكلمات والآيات لفهم المقصود وهو ما يسمى في علوم القرآن (المنطوق والمفهوم).
وبناء على ما سبق، يؤكد أبو توهة: "العبرة ليست بالهدر، ولا بكثرة القراءة، ولا بالتنافس في ختمات القرآن، مع أهمية ذلك لأنه ليس المقصود من تنزيله الآية الكريمة: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص:29].

ويلفت إلى أن: "من مجالات أو أسباب التثريب والدمدمة على الغافلين عن غايات القرآن التي تغيّاها في كلماته وآياته ما أشار إليه الوحي الكريم: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمّد:24].
ويقول: "هذا يدل على أن فلاح الإنسان منوط ومرهون بالفهم عن الله تعالى أولاً، ثم الان
فعال وجدانيا، ثم التطبيق والممارسة بعد مدارسة هذا الكتاب المجيد".
ويشير إلى أن: "رمضان فرصة سانحة للعود والأوبة؛ لتصحيح العلاقة مع هذا الكتاب الذي نزل فيه، ذلك أن فراغ المعدة واليقظة والانتباه مدعاة لأن يستقبل الصائم هدايات القرآن بقلبٍ فارغ إلا من استحضار معية الله تبارك تعالى، وترطيب اللسان بذكر العلي الأعلى، والتفرغ لمائدة القرآن الكريم".
ويرى أن الصائم القارئ بهذه الطريقة تنطبق عليه بشرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم
- الذي قال: "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب، منعته الطعام والشهوات بالنهار، فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل، فشفعني فيه، فيشفعان".
وعن عدم قدرة المسلم على تدبر ما يقرأه من القر أحيانا، يذكر أبو توهة بعض الأسباب، فيقول:


"الغفلة عن أهمية القرآن وإنزاله كأي كتاب أو صحيفة، مضموماً إلى ذلك الاكتفاء والزهد بفهمه القاصر دون العود إلى الكتب التفسير الميسرة لغوامض الكلمات، وربما يدخل عنصر المباهاة والمكاثرة ثم التهوين من سؤال الله تعالى عن موقف القارئ لكتابه يوم القيامة إزاء الأوامر والتوجيهات يوم القيامة والذي هو شكل من أشكال الهجران المعنوي، وذلك ما أشار إليه قوله تعالى: {وَقَ
الَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} [الفرقان:30] ثم الفهم السيء للعلاقة الواجبة والأمانة المنوطة بعنق المسلم أمام القرآن".
ويضيف: "كل هذا يجعله بعيداً عن الفهم، فضلاً عن التدبر والعمل بكتابه، وعلاج ذلك أن يَقرّ في قلب المسلم أن هذا القرآن سيكون دليلاً له أو عليه يوم القيامة"، مذكراً بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "والقرآن حجة لك أو عليك".



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 09-04-2023, 12:32 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان




مجالس القرآن الأسرية

الشيخ الدكتور فريد الأنصاري
(18)


أنتما أيها الزوجان، أو الأبوان، عندما تختل موازين الحياة بينكما داخل البيت، وتضطرب شؤونه، ولا يستقيم بناؤه، فلا تصفو المودة، ولا تخلص المحبة؛ فهذه وَصْفَةُ الإيمان جاهزة من صيدلية الرحمن: دواء كامل، وشفاء شامل، لا يغادر سقما، القرآن!
نعم القرآن، فهل فكرتما في وَصْفَةِ القرآن؟ إن تِرْيَاقَ القرآن للجسم الأُسري خاصة لا يكون بمنهج التل
اوة التبركية فقط، بل يكون أساسًا بمنهج التدارس، والتدبر الجماعي، كما سنبينه بعدُ بحول الله. عندما يجتمع الزوجان على آيات بينات من كتاب الله؛ تلاوةً، وتدارسًا، وتدبرًا؛ فمعنى ذلك أن القلوب قد انفتحت للتلقي عن الله، واستعدت أتمّ الاستعداد؛


لإعادة ترتيب الوجدان على موازين القرآن، ومفاهيم القرآن؛ فإذا بالنور ينـزل ليطهر الخواطر من وساوس الشيطان، ويطرد الغشاوة التضليلية عن الأبصار، والبصائر، ويعيد بناء الثقة بين الزوجين، على أحسن مما كانت عليه في أي وقت مضى بإطلاق.
وجرب تَرَ النتيجة بعينك -إن شاء الله- قبل هذا وذاك “مجالس القرآن الأسرية” هي لبناء الأسرة ع
لى مفاهيم الإسلام، وتكوين الأبناء بمختلف أعمارهم على مواجيد الإيمان، وقيم الدين، والتخلق بجماله، وأنواره.
إن التربية القائمة على منهج القرآن لهي أيسر الوسائل التربوية، وأضمنها للوصول بالأبوين أنفسهما، والأبناء معهما -داخل الأسرة الواحدة- إلى الاستفادة الفعلية من مقاصد القرآن العالية، والتخلق بأخلاقه الراقية؛ ذلك أن القرآن يربي النفس
بصورة تلقائية، لا كلفة فيها، ولا تعقيد، بشرط أن يقود الأبوان أنفسُهُما إدارةَ “مجلس القرآن” داخل البيت؛ فإذًا يحصدان نتائج الخير، والبركة -بإذن الله- بما لا يخطر لهما على بال؛ لأن ذلك -ببساطة- هو منهج الفطرة حيث تنبت القيم،


والحقائق الإيمانية في أعماق الأنفس؛ تمامًا كما ينبت الزرع في الحقل، وتدبَّرْ حديثَ رسول الله ﷺ عن أهمية حضور الأبوين في العملية التربوية، قال -عليه الصلاة والسلام-: كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ين
صرانه، أو يمجسانه[1] متفق عليه.
ومعلوم أن الإسلام هو دين الفطرة، وأن القرآن هو ديوان الفطرة، ومن هنا فليس أقدر من كتاب الله تعالى على بناء الأنفس، والمجتمعات على الفطرة، أو إعادة بنائها على موازينها، أو ترميمها؛ إذا كان قد حصل فيها انحراف، أو ضلال.
وما كان أصحاب رسول الله ﷺ يجعلون أبناءهم، وأهليهم بمعزل عن القرآن، بل كانوا يحض
رونهم مجالسَه، ويشركونهم موائدَه، ويعيشون معهم لحظات استدرار أنواره، وأوقات التعرض لأسراره، فهذا الصحابي الجليل أنس بن مالك -رضي الله عنه- كان إذا ختم القرآن؛ جمع أهله، وولده، فدعا لهم[2].

أورده الهيثمي بمجمع الزوائد في باب الدعاء عند ختم القرآن، وقال: رواه الطبراني، ورجاله ثقات[3].
وكم من أبٍ، أو أمِّ تعبت وراء السراب؛ بحثًا عن منهج قويم لتربية الأبناء، والبنات، فتستغرق ما شاء الله من الأيام
، في المطالعات للكتب التربوية، والمتابعات للبرامج التلفزيونية، والإعلامية، مسائلةً هذا العالم، أو ذاك، وقاصدةً الأخصائيين هنا، أو هناك؛ للحصول على وصفة تداوي بها انحراف أبنائها، وتمرد بناتها، أو تعنت زوجها، وقسوة حماتها… إلخ! حتى إذا قيل لها ما قيل، وكانت النظريات ذات اصطلاح أنيق، والكلمات ذات ألوان، وبريق؛ أخذتها فرحة مسرورة كأنما عثرت على كنز ثمين، لكنها عندما تشرع في التطبيق والتجريب لا تجد من مفهوم التربية فيها إلا السراب.

وإنما هي كلمات جوفاء، ونظريات خرقاء، لا تسمن ولا تغني من جوع! وعجبًا لمن يطلب العلاج النفسي، والحل الاجتماعي في أقصى الدنيا، وأبعد الحدود، وهذا الشفاء الرباني أقرب إليه من حبل
الوريد: القرآن!
فهل عرفت حقيقة ما معنى القرآن؟! هل حاولت اكتشاف عالم القرآن؟! ذلك هو السؤال الْمُرُّ! ا
لذي يظن أغلب الناس أنهم على قدرة للإجابة عنه بالإيجاب، ولكن أكثرهم -مع الأسف- أبعد ما يكونون عن الصواب! وليس كتدارس القرآن وتلاوته شيء أنفع وأجدى -في العالم كله- لتمتين العلاقات الزوجية، ورعاية الطفولة، وتربية الشباب. وإن بيتًا يُتَدارَسُ فيه القرآن، ويتلى لَهُوَ بيتٌ لا يسكنه الشيطان أبدًا.

المصدر: موقع طريق الإسلام.
أخرجه البخاري، رقم: (1385)، وم
سلم، رقم: (2658).
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (1/242)، رقم: (674).
مجمع الزوائد (11713).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #19  
قديم 09-04-2023, 10:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان




كيف يكون رمضان شهرا للقرآن؟

أسامة شحادة
(19)


رمضان شهر القرآن، ففيه أنزل من عند الله عز وجل، قال تعالي: “شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن هدى للناس وبيّنات من الهدى والفرقان” (البقرة: 185)، وقال تعالى: “إنا أنزلناه في ليلة القدر” (القدر: 1)، بل تشير ب
عض الروايات إلى نزول كل الكتب السماوية في رمضان، منها ما أخرجه الإمام أحمد عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “أُنزلت صحف إبراهيم عليه السلام في أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان، والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان، وأُنزل الفرقان لأربع وعشرين خلت من رمضان” صححه الألباني.

ولما كان رمضان شهر القرآن كان النبي صلى الله عليه وسلم يعرض القرآن ويتدارسه مع جبريل عليه السلام في رمضان، وتدارسه مع جبريل مرتين في آخر رمضان من حياته صلى الله عليه وسلم كما روى البخاري ذلك في صحيحه.
وقد فهم السلف الصالح من الصحابة الكرام والتابعين والأئمة من ذلك أولوية الإقبال على الق
رآن الكريم في رمضان فيزيّنون به ليلهم ونهارهم، ولمعرفة المزيد عن ذلك أنصح بقراءة كتاب (هكذا عاشوا مع القرآن قصص ومواقف) للدكتورة أسماء الرويشد.
والمقصود مِن صلة المؤمنين بالقرآن الكريم، والذي هو كلام الله عز وجل التلقي عن الله عز وجل أوامره ونواهيه واعتقاد ما دلنا عليه من أخبار في الماضى والمستقبل والتزام صراطه المستقيم، ولذلك أمرنا الله عز وجل بتدبّر كلامه في القرآن الكريم “كتابٌ أنزلناه إليك مبارك ليدّبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب” (ص: 29).

وفي زماننا هذا الذي ضعفت فيه صلة الكثير من المسلمين والمسلمات بالقرآن الكريم واللغة العربية أصبح تدبر القرآن الكريم والفهم لأوامر الله غائبا رغم كثرة قراءة القرآن الكريم وسماعه، وهي حالة يجب علاجها وإصلاحها فورا، لأنها تحجب هداية الله عز وجل ونوره عن الناس، وتمنع كثيرا من الخير والفلاح أن يعمّ الب
لاد والعباد.
والمسلم الموفّق والمسلمة الموفقة مَن يبادر ليجعل من رمضان فرصة للعيش مع القرآن الكريم بالتلاوة والتدبر وتخصيص هذا الشهر للتزود من كنوزه والتعلم من مائدة القرآن المجيد التي أبدع علماؤنا في عرض كنوزها ونفائسها، لجعل رمضان شهر القرآن فعلا وواقعا حقيقياً، ويكون ذلك من خلال المقترحات التالية:

1 – عقد العزم على مطالعة تفسير كامل للقرآن الكريم في شهر رمضان، والبدء بتفسير مختصر مثل زبدة التفسير للشيخ محمد الأشقر، وتفسير القرآن تدبر وعمل إصدار مركز المنهاج، أو تفسير السعدي، بحيث تطالع كل يوم تفسير جزء في حوالى 20 صفحة وهو أمر سهل أمام عظمة الأجر والعلم الذي ستناله بفهم كلام الرب سب
حانه وتعالى.
2 – مَن سبق له مطالعة تفسير كامل مختصر يمكنه البدء في مطالعة تفسير متوسط التوسع، بحيث يطالع تفسير نصف القرآن أو ثلثه في رمضان ثم يتمّه بعد ذلك، وهذا فيه فائدة ونفع كبير، ولعل تفسير الشيخ عمر الأشقر (المعاني الحسان) مناسب.
3 – مطالعة تفسير آيات الأحكام لفهم مراد الرب من عباده، وهناك كتب عديدة في هذا الباب ومن أبرز ما صدر مؤخرا كتاب (الإلمام ببعض آيات الأحكام) للشيخ ابن عثيمين.
4 – قراءة كتب متعددة عنيت بتوضيح مجمل هداية ومقاصد القرآن الكري
م منها: الوحي المحمدي لرشيد رضا، تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن الكريم للشيخ عبد الرحمن السعدي، المدخل إلى مقاصد القرآن للدكتور عبد الكريم حامدي.
5- ألّف بعض العلماء والمفكرين والدعاة كتبا حول تدبراتهم وتأملاتهم في القرآن الكريم ومنها: قواعد قرآنية (50 قاعدة قرآنية في النفس والحياة) للدكتور عمر المقبل، إشراقة آية للدكتور عبدالكريم بكار، ليدبروا آياته لعصام العويد، ثلاثون مجلسا في التدبر إعداد اللجنة العلمية في مركز تدبر، مجالس القرآن للدكتور فريد الأنصاري، المواهب الربانية من الآيات القرآنية للشيخ عبدالرحمن السعدي، ونفائس التدبر لجمال القرش.

6 – أيضا هناك كتب عنيت بتعليم تدبر القرآن الكريم ككتاب المراحل الثمان لطالب فهم القرآن للدكتور عصام العويد، وتدبر القرآن لسلمان السنيدي، ومنهج تدبر القرآن الكريم للدكتور حكمت بشير، والخلاصة في تدبر القرآن الكري
م للشيخ خالد السبت، وكتاب نمّ تفكيرك في تدبر القرآن لجمال القرش.
7- وأيضا مما يفيد الراغب حقا في جعل رمضان شهر القرآن استغلال وقت قيادة السيارة للاستماع للدروس المحاضرات المتميزة في التفسير وعلوم القرآن والتدبر وكيفيته من خلال تنزيل هذه المحاضرات على الهاتف الجوال والاستماع لها بدون حاجة لشبكة الانترنت، واستغلال فترة الذهاب والعودة للعمل والازدحام في تعلم المزيد من هدايات القرآن الكريم، وبحمد الله هناك مئات المحاضرات والدروس والسلاسل متوفرة مجانا على مواقع مثل طريق الإسلام، وإسلام ويب، والشبكة الإسلامية.

8 -هناك جهات متخصصة بتفسير القرآن وتدبره ولها مواقع نشيطة على شبكة الإنترنت ومنها الهيئة العالمية لتدبر القرآن الكريم، ومركز تفسير، وموقع القرآن الكريم التابع لوزارة الأوقاف السعودية، وفي هذه المو
اقع الكثير من الإصدارات والبرامج المتميزة والتي تخدم القرآن الكريم والباحثين عن هدايته وأنواره، وتوجد أكاديمية التفسير الإلكترونية للدراسة عن بعد.
9 – من التطبيقات الرائدة في خدمة القرآن الكريم تطبيق آية، وهو مما يساعد المسلم والمسلمة على الارتباط بالقرآن الكريم.
10 – متابعة برنامج أو أكثر مما يتعلق بالتفسير وتدبر القرآن في الفضائيات أو الإذاعات المحافظة.

هذه بعض المقترحات والأفكار لاستغلال شهر رمضان ليكون شهرا للقرآن الكريم، تلاوة وفهما ودراسة وتعلما وتدبرا وعملا بأحكامه والتزاما بأخلاقه ومفاهيمه وتصوراته.
فكن جادا وإيجابيا، واعْمل على أن تختلي بنفسك اليوم ساعة من الزمن وتحدد لك هدفا قرآنيا في رمضان من هذه الأفكار أو غيرها، ثم اكتب هذا الهدف بشكل علمي بحيث يكون: واضحا ومحددا، وله وقت معلوم بداية ونهاية، وممكنا تحقيقه وقابلا للقياس والتقويم، ثم تحدد ما يلزمك لتحقيق الهدف من شراء أو استعارة بعض الكتب، أو تنزيل بعض المواد من شبكة ال
انترنت، أو تنزيل تطبيق، أو عمل بحث بخصوص ذلك.
ثم تبدأ تتمرن هذه الأيام على تنفيذ الهدف حتى يدخل عليك شهر رمضان وأنت مستعد ومهيأ لتحقيق هدف رمضان القرآني.
ولو أنك بحثت في شبكة الإنترنت في هذه الأيام قبل رمضان عن مقالات أو مواد تتعل
ق بتدبر القرآن الكريم وأهمية ذلك وعظيم الأجر والفائدة في ذلك مما يكون محفزا لك فهو خير على خير.

وفي الختام؛ شهر رمضان غايته تقوى الله عز وجل، وخير ما يحقق التقوى ويرسّخها في القلب والبدن الإقبال على كلام الله وكتابه بالتلاوة والتدبر، فإياك إياك أن تغفل عن غاية رمضان الكبرى ويكون حالك في رمضان مع القرآن كحالك م
عه في غيره من الشهور، وإياك أن يكون حالك مع القرآن في رمضان كرمضان الماضي، بل لا بد أن تتقدم في العلاقة مع القرآن في كل رمضان يتجدد، وبذلك ترتقي في عالم القرآن الكريم وتغوص في أعماق التدبر وتفكر الوحي الرباني المقدس، تقبل الله منا ومنكم وجعلنا من التالين لكتابه والمتدبرين لوحْيه.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #20  
قديم 10-04-2023, 11:49 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: عبادة التدبر..مع القرآن في رمضان





رمضان وتدبر القرآن
محمد فقهاء
(20)


الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:102]، وقال: { يَا أَيُّهَا
النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1]، وقال أيضًا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:71].
ثم أما بعد:

أيها الموحدون إنه قد أشرق علينا في هذا اليوم شهر من أعظم الشهور يمنا وبركة، وأعمها منفعة وفائدة، وأرفعها منزلة ومكانة، فهذا الشهر الذي أجله الله، وعظمه رسول الله، وقدسه المسلمون، إنه شهر رمضان، هذا الشهر الذي اختصه الله دون سائر الشهور، بخصال الخير والمعروف، فهو شهر التوبة والأوبة، وشهر التربية الروحية وتزكية النفس، شهر رمضان هو شهر التزود ليوم الميعاد. وكما هو معروف لدينا أنه في هذا الشهر الكريم الوعظ والإرشاد، وفيه يكثر التحدث عن فضل هذا الشهر وبركاته، وعن فضل صي
امه وقيامه، وعن مضاعفة الأجور فيه للعاملين، ومن الأمور التي يكثر الحديث فيها والحث عليها هي تلاوة القرآن، ومدعمًا هذا بآيات الله وأحاديث رسول الله، ونقول من أقوال الصحابة والتابعين، وغيرهم من العلماء كثير، وكانت غفلة الناس هي الدافع الأساسي لهذا الحث، ويكرر كثيرًا ويعاد مزيدًا، ولا شك يا عباد الله ولا ريب، في فضل تلاوة القرآن وكثرة أجورها، فالقرآن بركة، كيف لا وهو الكتاب المبين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو تنزيل الله ومعجزته إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

وباختصار فإن كلام الله سبحانه وتعالى، لا يدانيه كلام وحديثه لا يشابهه حديث، قال تعالى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} [النساء:87]، وكما وضح لنا الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام أن قراءة القرآن، يطيب بها المخبر والمظهر، فيكون المؤمن القارئ للقرآن، طيب الباطن والظاهر، إن خبرت باطنه وجدته صافيًا نقيًا، وإن شاهدت سلوكه، وجدته حسنًا طيبًا.
وقد أخبر الرسول يا رحمكم الله بما أعده الله لقارئ القرآن، من أجر كبير وثواب عظيم، وذلك بما رواه عبد الله بن مسعود قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ حرفًا من كتاب الله، فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول الم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرم، وميم حرف».
وهناك كثير من الأحاديث تدل على ذلك، وهناك أيضًا كثير من الآيات والأحاديث تبين أهمية تعلم القرآن وتعليمه، وأدب تلاوته واستماعه، وكيفية قراءته، إلا أن هناك يا عباد الله صنف من الناس وقعوا في إشكالية، جعلت الله سبحانه وتعالى، أن يعيب على هذا الصنف من الناس مع قراءتهم لكتابه، وما ذلك إلا لأنهم
قرؤوا القرآن بدون تدبر، وهو موضوعنا لهذا اليوم، فحديثنا عن تدبر القرآن وخصوصًا في هذا الشهر، قال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد:24] فعلى الرغم من أنهم يقرءون ويسمعون، إلا أن الله عاب عليهم بهذه القراءة، أتدرون لماذا؟ لأن الله أراد منهم أن يستشعروا هذه العظمة، وذلك الإجلال حين قراءته، لا حين التحدث عن فضائله.
وهذا لا يكون إلا بالتدبر، لهذا عاب عليهم وقال: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد:24]، لم يكن التدبر في القديم درسًا يسمع، ولا كتابًا يقرأ، بقدر ما كان شعورًا ينبض في قلوبهم.
لهذا يا عباد الله فإن المتدبر للقرآن، في قلبه حاجة ماسة لغاية، لا يجدها إلا في القرآن، إن أهل القرآن هم الذين وجدوا
في القرآن، شفاء قلوبهم، ودواء نفوسهم، ومنهل عقولهم، وهذا التدبر يا رحمكم الله، لا يكون إلا بمعرفة ألفاظه وما يراد بها، وتأمل ما تدل عليه آياته، وبهذا يعتبر العقل بحججه، ويتحرك القلب ببشائرة، ويخاف العبد من زواجره، والتدبر لا يكون إلا بالخضوع لأوامره، واليقين بأخباره، وبمعرفة معاني الكلام ومرادها.
ولهذا لا بد أن يكون هذا القرآن، باللسان ذكرًا، وبالقلب تدبرًا، وبالعقل تفكرًا، وبالجوارح عملًا، قال
تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص:29] إن الأمة بحاجة ماسة لفهم القرآن، لصلاح قلوب أفرادها، وبالقرآن على الحق والدين يكون ثباتها.

أيها الأخوة الكرام، إن الله سبحانه عندما عاب على ذلك الصنف، وعاتبهم في عدم خشوع قلوبهم بالتأثر بكلامه، حذرهم من التمادي في هجر تدبر القرآن، لأن هذا التمادي يؤدي إلى قسوة القلوب، قال تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد:16].
عباد الله قد أخبر ابن مسعود رضي الله عنه، كما ورد في صحيح مسلم عن الحالة التي ينتفع فيها القلب بالقرآن فيقول: "إن أقوامًا يقرؤون القرآن، لا يتجاوز حناجرهم، ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع" ومصداق ذلك قوله تعالى: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ . وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ} [التوبة:124-125].
فالتدبر حال سماع القرآن وتلاوته، يزيد القلب نورًا وإيمانًا، قال جندب بن عبد الله رضي الله عنه: "كنا مع النبي
صلى الله عليه وسلم ونحن قتيان فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازددنا إيمانًا".
فمن قرأ بخشوع وخضوع، فبه تنشرح الصدور، وتستنير القلوب، قال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الزمر:23]، تلين أي ترق قلوبهم وتسكن، فالقرآن ربيع القلوب، كما أن الغيث ربيع الأرض.

ولقد أثنى الله في كتابه على من تدبر القرآن، وهذه الآيات نفسها تحمل في طياتها صورًا وأحوالًا، لتدبر القرآن والتأثر به، ومنها قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال:2]، قال القرطبي رحمه الله: "فكانت حالهم
-يعني رسول الله وأصحابه- عند المواعظ: الفهم عن الله، والبكاء من الله، ولذلك وصف الله أحوال أهل المعرفة، عند سماع ذكر الله، وتلاوة كتابه، فقال: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [المائدة:83]، فهذا هو وصف حالهم، وحكاية مقالهم، وقال القرطبي في قوله تعالى: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الحشر:21]" حث على تأمل مواعظ القرآن، وتبين أنه لا عذر في ترك تدبر القرآن، فإنه لو خوطب بهذا القرآن، الجبال مع تركيب العقل فيها، لانقادت لمواعظه، ولرأيتها على صلابتها ورزانتها، خاشعة متصدعة متشققة من خشية الله.
وأنتم أيها المقهورون بإعجازه، لا ترغبون في وعده ولا ترهبون من وعيده لقد ذم الله سبحانه وتعالى من هجر تدبر القرآن، ولم يتفقه الآيات، ولم يتدبر القول في صيغ مختلفة، {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ * وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمد:17]. قال ابن كثير رحمه الله: "وترك تدبره من هجرانه"، لقد مثل الله حال اليهود مع التوراة أقبح تمثيا فقال: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُ
وهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [الجمعة:5]. وقال الطرطوشي رحمه الله: "فدخل في عموم هذا من يحفظ القرآن من أهل ملتنا ولا يفهمه ولا يعمل به".

عباد الله، إن الله أراد لهذه الأمة، أن تقرأ وتعمل، بل تكفل لمن قرأ وعمل بما قرأ، أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، قال ابن عباس رضي الله عنهما: "تكفل الله لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، ودليل ذلك قوله تعالى: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى . وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى . قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا . قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه:123-126].
إن هناك كثير من الأمور تترتب على تدبر القرآن، فإذا وجدت فقد تم حصولها، وإذا فقدت امتنع حصولها أو قل وجودها، ومن هذه الأمور:
1- عظم أجر التلاوة: قال ابن الجوزي رحمه الله: "والصحيح بل الصواب ما عليه معظم السلف، وهو الترتيل والتدبر مع قلة القراءة، أفضل من السرعة مع كثرتها".
2- حصول بركة القرآن وانتفاع القلب به، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ومن أصغى إلى كلام الله، وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعقله، وتدبر بقلبه، وجد فيه الفهم والحلاوة والهدى، وشفاء القلوب، والبركة والمنفعة، ما لا يجده في شيء من الكلام لا منظومة ولا منثورة".
لهذا أيها الأخوة من هجر التدبر فقد حرم نفسه خيرات كثيرة. أقو
ل قولي هذا واستغفر الله لي ولكم...

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن سار على الدرب المستقيم من بعدهم إلى يوم الدين.
أما بعد:
إن أمر التدبر ليس صعبًا، ولكن هناك أمور تحول بين المرء وتدبر القرآن، بل
تمنعه من تدبر القرآن، وتحرمه من كثير الخير، ومنها أمراض القلوب والإصرار على الذنوب.
فهذا يا عباد الله من أعظم ما يصد عن اتعاظ القلب وانشراح الصدر لمواعظ القرآن وحكمه وأحكامه، وفي هذا يقول تعالى: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ} [الأعراف:146].

وإن من أعظم المعاصي التي تصد القلب عن التدبر، تعلقه بشهوات الدنيا، ومن صور ذلك، النظر إلى الحرام، وسماع الحرام، كالأغاني والتلذذ بكلماتها، ويقول لنا ابن القيم في نونيته عن أثر سماع الأغاني على القلب والإيمان: والله إن سماعهم في القلب والإيمان مثل السم في الأبدان فالقلب بيت الرب جل جلاله حبًا وإخلاصًا مع الإحسان فإذا تعلق بالسماع أماله عبدًا لكل فلانة وفلان حب الكتاب وحب ألحان الغنا في قلب عبد ليس يجتمعان كما أن هناك أنواع لهجران القرآن، أعظمها هجران العمل بالقرآن، ومنها هجران تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه.
قال الحسن البصري رحمه الله: نزل القرآن ليتدبر ويعمل به، فاتخذوا تلاه عملًا، وتدبر آياته: اتباعه والعمل بعلم
ه، أما والله ما هو بحفظ حروفه وإضاعة حدوده، حتى أن أحدهم ليقول: لقد قرأت القرآن كله، فما أسقط منه حرفا، وقد والله أسقطه كله، ما يرى له القرآن في خلق ولا عمل، ومن أحب أن يعلم ما هو فليعرض نفسه على القرآن، وأن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل وينفذونها بالنهار. فيا أبناء الإسلام عليكم بالقرآن، باللسان ذكرًا، وبالقلب تدبرًا، وبالعقل تفكرًا، وبالجوارح عملًا.
وتل بفهم كتاب الله فيه أتت كل العلوم تدبر تر العجبا أكرر.

وأختم بقوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد:24]، وقال تعالى: {أَلَا بِذِكْرِ‌ اللَّـهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:28]، صدق الله العظيم، وبلغ رسوله الكريم، ونحن على ذلك من الشاهدين.
اللهم اجعلنا من القائمين بالقسط، واسلكنا في حزبك المعلمين، ومن جندك القائلين، فإياك نعبد وإياك نستعين، اللهم اجعل
نا من الذين يحفظون حروفه ويقيمون حدوده، أسأل الله القدير أن ينفعنا بالقرآن، وأن يجعله ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا، وأن يجعله حجة لنا لا علينا، إنه هو السميع مجيب الدعوات.
اللهم علمنا ما ينفعنا وأنفعنا بما علمتنا، اللهم علمنا من القرآن ما يرفع به جهلنا، اللهم اجعلنا ممن يسمعون فيعملون، وسبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 168.33 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 162.25 كيلو بايت... تم توفير 6.08 كيلو بايت...بمعدل (3.61%)]