|
|
ملتقى التنمية البشرية وعلم النفس ملتقى يختص بالتنمية البشرية والمهارات العقلية وإدارة الأعمال وتطوير الذات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
التنمية البشرية.. حق أم باطل؟
التنمية البشرية.. حق أم باطل؟ فاطمة عبدالمقصود لم يعُد في زماننا هذا أكثرُ ممن يتحدثون عن تنمية النفس وتطويرها، ومن يوجِّهون غيرَهم في مجال الحياة وإدارة النفس والآخرين، وإذا كنا كغيرنا نتحدث أحيانًا عن بعض ما يتعلق بالنفس وتطوُّرها، وخروجها من أثر العادات أو الأفكار التي تودي بها نفسيًّا وشعوريًّا، فقد أحببتُ أن أوضح أن هناك خيطًا رفيعًا يربط بين ما هو حق ومفيد في هذا الميدان الفسيح - ميدان النفس - وما يتعلق بها من نظريات وتجارب وخلاصات، وبين ما يروَّج له من باطلٍ مستمَد من ثقافات بعيدة عن الفطرة ومنهج الله في فَهْم النفس وترقيتها. وخلاصة ما يَجري في هذا الأمر أننا كعادتنا تأخرنا في الأبحاث والتجارب والدراسات التي تنطلق مما لدينا من الوحي الصادق الذي لم يخلُ من منهج سديد للنفس والمجتمع والأمة، منهج في ترقى النفس وتزكيتها ومقاومتها لشهواتها، ورؤية واضحة لمسارب الشيطان المتعددة ودركات السقوط وقوانين ربانية، وسنن واضحة تصلح إذا فهِمناها واتخذناها دليلًا لإدارة تلك النفس وإدارة البيوت والمجتمعات. فلما احتاج الغرب إلى حلٍّ لمعضلة الإنسان لديه، وهو الذي تفوق في المنجزات المادية حتى صار ميزانًا للتقدم وللحضارة، لكنه سقط في أن يترقى بالإنسان، أو أن يمنحه القيمة والمعنى، فصارت الأخلاق عنده نسبية نفعية، وصار النجاح والإنجاز خاضعًا للتجارب والخيرات الذاتية، دفع ذلك بعض المهتمين هناك أن يدرسوا خصائص الإنسان ويقوموا بتجاربهم الأكاديمية التي تصلح من واقعهم، لكن ذلك لم يكن كافيًا، فنقَّب البعض الآخر فيما حولهم من ثقافات وأديان وضعية لا تلزمهم بشعائر، ولا تضع لهم منهجًا، بُغية الوصول إلى معنى وقيمة ينقذ إنسانهم من فراغ قلبه، فظهرت علوم الطاقة والتأمل الباطني وغيرها؛ مما يصفي ذهن الإنسان، أو يُشعره بالترقي الزائف، أو ببلوغ الغاية. ومع بُعدنا عن مصدر العلم اليقيني بالإنسان وصلاحه في أولاه وأخراه، نُقلت إلينا تلك التجارب والأفكار بما تحمل من مدلولات، وبما تتشبع به من ثقافات، وما تنطلق به من فلسفات يغيب عنها رؤية الله خالقًا ومدبرًا، ويغيب عنها قبول الشرع حاكمًا وضابطًا.. لكن مما يسهل لنا التحديد وأخذ المواقف أن لدينا ميزانًا نزن به سائر ما يرد علينا، نقيِّمه بأنفسنا، ونحدِّد مدى حاجتنا إليه، ومدى توافقه لما لدينا، خاصة في مجال متشعب مختلط فيه الحق بالباطل، مثل مجال النفس وإصلاحها وتنميتها، ولعل أبرز العناصر التي يمكن القياس عليها وتحديد مدى قبولنا لها ما يلي: • ألا تضع الإنسان أولًا قبل الله، فكل فكرة تؤكد للإنسان أنه قادر ومتمكن لا يُعجزه شيء، وتتجاهل أقدار الله التي قد يقدِّرها لحكمة ما، أو تنسى أن أمر الإنسان كله بيد ربه، وأن دعاء الله التوفيق وقبول حكمه يأتي قبل كل حركة أو شغل هي فكرة لا تتفق معنا. • أن يكون البعد الغيبي حاضرًا متمثلًا في التسليم، والتوكل والرضا، فليس بالضرورة أن تأتي النتائج كما توقعنا أو موافقة لتطلعاتنا، بل لله الأمر أولًا وآخرًا. • ألا تكون دائرة السعي مرتبطة بعمران الدنيا ونيل الدرجات فيها، مع الغفلة عن الاختبارات التي تأتى لتقيس إيماننا بالأجر المؤجل والعاقبة في الآخرة، لذلك تكون كل فكرة تستبعد الله واليوم الآخر في تعاملها مع النفس هي فكرة بعيدة عنا، ولا يصح اعتمادُها أصلًا ندورُ حوله. • أن تقبَل ضعفَ الإنسان وقصوره عن الكمال؛ لأنه مهما علا فهو مخلوق ومؤتمن، يسعى في الأرض لأداء أمانته بحسب ما زوِّد من إمكانات وطاقات، فلا يأسى ولا يصارع من حوله لإثبات تفوقه أو قدرته الاستثنائية. • ألا يكون دافع العمل والبذل والتميز غايات دنيوية تنتهي بانتهاء مراحلها، ثم يستحسر الإنسان بعدها على خوائه الروحي والفكري، وفِقدانه القيمة النابعة من رسالة تربطه بخالقه ومدبر أمره. إلا أنه يبقى أن تراثنا غني ونبعنا ثَرٌّ، فليس من الحكمة أو العقل أن نذهب نستخرج شربة ماء من مجرى يكتنفه الكدر، ونترك صفاء ما لدينا، فيصدق فينا قول الشاعر: كالعيس في البيداء يقتُلها الظَّما والماءُ فوقَ ظهورها مَحمولُ
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |