![]() |
|
|
من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ما زلت واقفا (قصة) فاطمة بلحاج أنا هنا وحدي واقفًا فوق التلة، انظر إلى ما وراء الوادي، البنادق مصوبة نحوي، ولا أدري كيف أعبر ذاك الوادي. ليس لي مركب، وأجهل السباحة في الأودية. أرفع رأسي إلى السماء، أحدق بالنجوم المتلألئة وأفكر فيكِ يا أقحوانتي، وفي أطفالنا الذين لم ننجبهم بعد! أتخيلني عائدًا إليكِ، عابرًا مسالك الحقول، أقطف الأقْحُوان والبَنَفْسَج والياسمين، وأضع لك باقة معطرة بأنفاسي، وقد حلَّقت أشواقي إليكِ، فألقاكِ كما كنتِ في ليلة عرسنا، واقفة عند عتبة بيتنا، تخطينَ بقدمكِ اليمنى، وأمي في يدها صينية مملوءة بقطع السكر واللوز والحلوى، تحملين قبضات منها بيدكِ المنقوشة بالحناء، وتنثرينها خلفنا، كي تكون حياتنا قطعة سكر وحباتِ لوز وحلوى. ونحتفل مع أشيائنا القديمة، التي لم تغيِّريها يومًا، فأنتِ مثلي ما زلتِ هناك تنتظرينني بفستانكِ الأخضر. وأنا ما زلت هنا يا أقحوانتي واقفًا، قلبي يخفق بشدة وأرتجف خوفًا، وانظر إلى حاملي البنادق، فأقرأ في عيونهم شهوة قتلي، وأتساءل: أين من كانوا معي هنا بالأمس؟! هل عبروا الوادي وصاروا معهم، أم رحلوا بعيدًا حيث الأشياء أوضح؟! وأراكِ عروسًا بين النجوم، فيغادرني فؤادي إليكِ، متخيلًا غرفتنا كما كانت بالأمس، الشراشف المزخرفة، والستائر الوردية، والفنار العجوز يضيء وسط الغرفة، وكل شيء معطر بالطيب، وأنتِ تجلسين فوق المرتبة، شعركِ الأشقر منسدل فوق كتفكِ، وعينكِ تتلألأ شوقًا، وزوايا الغرفة الموحشة تحكي عن غيابي الطويل. وأسمع صوت رصاصٍ يقطع حبل أفكاري، ويزيد من خفقات قلبي، وسؤال يحيرني: أما زلت واقفًا، أم إنني سقطت أرضًا وصرت ترابًا، وروحي قد غادرتني وصارت مسكًا يفوح ويعبر الوادي؟ يا أقحوانتي، تذكري أني ما زلت هنا واقفًا، ولم أسقط يومًا، وسأعود لنحتفل مع أشيائنا القديمة، ولو مرَّ على غيابي ألف ليلة قمرية.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
••• جميع المشاركات والآراء المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع ••• |
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |