رسائل من المغرب القديم - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         وما أدراك ما ناشئة الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          كف الأذى عن المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          انشراح الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          فضل آية الكرسي وتفسيرها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          المسارعة في الخيرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          أمة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          الصحبة وآدابها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          البلاغة والفصاحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          مختارات من كتاب " الكامل في التاريخ " لابن الأثير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          ماذا لو حضرت الأخلاق؟ وماذا لو غابت ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 09-07-2021, 03:35 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رسائل من المغرب القديم

رسائل من المغرب القديم
رياض منصور







كان شابًّا وسيمًا أنيقًا ظريفًا، ممتلئًا جدًّا وحيويَّة ونشاطًا، لا تراه إلا غارقًا بين أكوام الكتب، يستنشق هواءها وغبارَها، ويَلبَس حروفها، وينام بين سطورها، ثم اختفى.

وبقيت تَصِلُني رسائله الواحدة تلوَ الأخرى، مِن أين، كيف، لماذا، متى؟
لستُ أدري، كلُّ ما أعرفه أني سأعرض عليك رسائله فورَ وصولها.

الرسالة الأولى:
لا تسَلْني كيف جاءت
لا تسَلْني مَن كتبْ
إن هذا يا صَديقي
نبض تاريخ الأدب
فيه سحر وحَكايا
فيه حرفٌ مِن ذهبْ
التوقيع: صديقك مِن المَغرب القديم.

الرسالة الثانية:
جلست صبيحة هذا اليوم أمام بحيرة عظيمة، لا تشبه بُحَيرة الزيتون لأبي العيد دودو، ولا بحيرة طبرية التي لم تسمع لنزار، تأملتُها مليًّا فوجدتُ مياهَها قد تلونت بلونين متباينَين؛ يُغطِّيها الأزرق السماوي جهة اليمين، وعلى يَسارها يرقد أزرق مُشرب بخضرة.

والبحيرات أو البحار أو الأنهار أو الجبال أو الهِضاب عادةً ما تفصل بين مَظهرَينِ مِن مَظاهر الطبيعة مختلفين.

أما بحيرة "تريتونيا" هذه، فقد فصلت بين أجناس وألوان بشرية مُختلفة سكنت هذه المنطقة منذ آلاف السنين، ولا تُهمُّني هذه الأجناس إن كانت هندوأوروبية أو كنعانية شرقية، المُهمُّ أني وجدت المنطقة آهلة بالسكان.

وعندما مالت الشمس نحو المغيب، تراقصَت أشعَّتها على صفحة البحيرة مشكلة منظرًا رهيبًا حملت معه أمتعتي، واتجهت شرقًا صوب دِلتا النيل، لست أدري، سحرٌ ما جذبني نحو الشرق.

وما هي إلا سويعات حتى التقيتُ أقوامًا بدوًا رعاةً يأكلون لحوم البقر، ويَشربون اللبن، بشرتهم سمراء، عيونهم سوداء، سمعتُ منهم وعنهم قصصًا أغرب من الخيال.

الرسالة الثالثة:
في خيمة من خيام " الأوزيس" بمحاذاة البُحيرة قضيتُ أسبوعًا كاملًا، أتنفس هواء عليلًا نقيًّا، ويُطعمني أهل الخيمة لحمًا طريًّا شهيًّا؛ فسَرَتْ فيَّ دماءُ الشباب، وامتلأتُ قوة وبأسًا، فأحببت الخروج معهم إلى الرَّعي والصَّيد.

أسبوع واحد هنا، يكفيك لتفهم لماذا يعمِّر "الأوزيس" في الأرض، ولماذا لا تُهاجم أجسامَهم القوية الأمراضُ والأوبئة، تفهم لماذا لا يموتون إلا بالشيخوخة.

آه... كدتُ أنسى... اليوم تعرَّفت على صديق ظريف جاء محمَّلًا بالكتُب يدعى "تيتليف".

الرسالة الرابعة:
سعيد جدًّا أنا بصُحبة تيتليف، وإن كان قليلَ الكلام، فهو مَشغول طَوالَ الوقت بتدوين كل ما يرى ويُشاهد ويسمع دون كلَل أو ملَل.

واليوم ونحن في طريقنا إلى " الغمفنزات" قال لي:
أتعلم يا صديقي؟ إني لأجد متعة وراحة كبيرتين وأنا أسجِّل الوقائع والأحداث، ومن يدري ربما أفدت بها أهلي وعشيرتي، وأقوامًا سيأتون من بعدي.

قلت له والحيرة تملأ كلامي:
تفيد أهلك؟ ربما... ولكن أقوامًا سيأتون من بعدك؟

ربَّت على كتفي وقال:
أجل، أفيدهم عندما يقرؤون ويَفهمون، ثم لا يُكرِّرون أخطاء من سبقهم.

يُدوِّن كل شيء يا صديقي، وها هو ذا يسجِّل ملاحظاته عن الغمفنزات:
"الغمفنزات قوم مُسالمون، لا يُخالطون الناس، ولا يتشابَكون في المعارك، وتراهم يضربون في الأرض دون سلاح".
إيه يا صديقي، ولماذا لا نَكتب نحن؟ أخوفًا من النقد؟

الرسالة الخامسة:
وصلْنا ظهيرة اليوم إلى منطقة واسعة كثيرة العشب والكلأ، يَسكُنها أقوام أشداء أقوياء، عضلاتُهم مفتولة، وشعورهم مَسدولة.

تحدَّثنا إلى رجل منهم فقال لنا:
إنَّ هذه الأرض هي أرض "النزامون" أكبر القبائل الليبية وأقواها.

ثم ابتسم قائلًا:
وأنتم ضيوفنا ونسعَد بخدمتكم.
فتح لنا كل الأبواب، وأكرمَنا وأحسَنَ ضيافتنا.
وفي زاوية من زوايا الخيمة راح "تيتليف" يقلب كتبه بحثًا عن كلمة "ليبية".

اقتربت منه ثم همست في أذنه:
ماذا لو سألنا الرجل؟

التفت إليَّ والعرَق يتصبَّب مِن جَبينه، ثم قال:
لقد مرَّت عليَّ هذه الكلمة في كتابة من الكتابات القديمة، وأريد... آه ها هي، وجدتها.
وأشار بإصبعه إلى كلمة مكتوبة في التوراة "لوبيم".
ثم ارتسمت على وجهه ملامح الانتصار.

قلت له:
ولكني سمعت غير واحد يتكلم عن هذه المنطقة فيقول: "إفريقية".

حكَّ مؤخرة رأسه ثم قال:
أجل أجل، يسمونها كذلك إفريقية، ومعناها كما هو عندنا في اللاتينية بلاد الفاكهة أو بلاد المناخ الحار.
هاه... هل أعجبك صديقي تيتليف؟
على فكرة، يُنادونه في روما "تتيس ليفييس".

الرسالة السادسة:
ودَّعنا "النزامون" فجرًا قاصدين مشرق الشمس، مزوَّدين ببعض الماء والأوراق والأقلام.

تيتليف يكتب للرومان، وأنا أكتُب لك يا صديقي كل تفاصيل الرحلة.

ولا تُبدِ كثيرًا من التعجُّب إذا أخبرتك أننا وصلنا إلى أرض مستوية، استقبلتْنا فيها عربات تجرُّها أربعةُ جيادٍ، وهو ما لم نُشاهده مِن قبل.

تقدَّم مِنَّا الجنود، وعندما تأكَّدوا بأننا لسنا جواسيس، وأننا مجرد رحالة مُغامرين مُستكشفين، رحَّبوا بنا، وقال لنا قائدهم بصوته الجَهْوَرِيِّ الذي ملأ المكان:
إن "الأسبيت" ترحب بكم وتفتح لكم أبوابَها، تَمكثون بيننا قدر ما شئتُم، لا يَنقصكم مأكلٌ أو مشرب أو مبيت.

أهلًا وسهلًا بضُيوفنا الكرام.
ياه... ما أروع أرض "الأسبيت"، وما أكرم سكانها!


الرسالة السابعة:
في اليوم الثالث غادرنا "الأسبيت"، وشيَّعَنا أهلُها الطيبون إلى مشارف "الجليغام"، التي مررنا عليها مرور الكرام.

لم نتوقف إلا عندما وصلنا إلى "الأديرماشيد"، التي ظنناها في بداية الأمر جزءًا من الأراضي الفرعونية؛ ذلك أن الناس هنا يشبهون المصريين في كل شيء ما خلا اللباس.

استضفْنا أهلَها فضيَّفونا، وعندما قررنا مغادرتها ومواصلة رحلتنا صوب دلتا النيل، منَعَنا زعيم "الأديرماشيد"، وقال لنا بالحرف الواحد:
أنا لا أوافق على رحيلكما إلى مصر؛ خوفًا عليكما، وحرصًا على سلامتكما.

نظرنا إلى بعضنا ثم قُلنا بلسان واحد:
خيرًا، ما الأمر سيدي؟

أجلسَنا إلى جانبه وعانَقَنا، ثم قال:
اسمعاني جيدًا، لقد خرجت قبائل "المشوش" قبل أسابيع إلى مصر، ويوجد بينهم صديقي "شيشناق" العنيد، وهو ينوي تأسيس مملكة له هناك على أنقاض الأسرة الحاكمة في مصر، وأنا لا أستبعد نشوب حرب طاحنة هناك هذه الأيام.
لذلك أنصحكما بالبقاء هنا، بعيدًا عن صهيل الخيول، وصلصلة السيوف، وقصف الرماح.

ولما أكمل كلامه التفت إلى رجل كان جالسًا معَنا يلبس لباس الإغريق، ثم قال له:
وستمكث معهما كذلك يا "هيرودوت".


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 114.10 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 112.34 كيلو بايت... تم توفير 1.76 كيلو بايت...بمعدل (1.54%)]