شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام --- متجدد فى رمضان - الصفحة 4 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4413 - عددالزوار : 850999 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3944 - عددالزوار : 386988 )           »          شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 225 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 117 - عددالزوار : 28455 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 175 - عددالزوار : 60077 )           »          خطورة الوسوسة.. وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          إني مهاجرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          الضوابط الشرعية لعمل المرأة في المجال الطبي.. والآمال المعقودة على ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 848 )           »          صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > رمضانيات

رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #31  
قديم 02-04-2022, 06:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام --- متجدد فى رمضان



شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام
تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية
من صــ 545الى صــ 555
(31)
المجلد الثانى
كتاب الصيام
(1)


باب صيام التطوع
مسألة:
أفضل الصيام صيام داوود عليه السلام, كان يصوم يوماً ويفطر يوماً.
هذا لفظ النبي صلى الله عليه وسلم, و
هو لفظ الإِمام أحمد.
قال في رواية صالح: «أحب الصيام إلى الله عز وجل صيام داوود عليه السلام, كان يصوم يوماً ويفطر يوماً».
585 - وذلك لما روى عمرو بن أوس, عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أحب الصيام إلى الله صيام داوود, وإن أحب الصلاة إلى الله صلاة داوود, كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه, وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً». رواه الجماعة إلا الترمذي.

586 - وعن سعيد وأبي سلمة: أن عبد الله بن عمرو قال: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أني أقول: والله لأصومن النهار ولأقومنَّ الليل ما عشت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنت الذي تقول ذلك؟». فقلت له: قد قلته بأبي أنا وأمي يا رسول الله! قال: «فإنك لا تستطيع ذلك؛ فصم وأفطر, ونم وقم, وصم من الشهر ثلاثة أيام؛ فإن الحسنة بعشر أمثالها, وذلك مثل صيام الدهر». قال: قلت: إني أطيق أفضل من ذلك. قال: «فصم يوماً وأفطر يومين». قال: قلت: فإني أطيق أفضل من ذلك. قال: «فصم يوماً وأفطر يوماً؛ فذلك صيام داوود عليه السلام, وهو أعدل الصيام (وفي رواية: هو أفضل الصيام»). قال: قلت: فإني أطيق أفضل م
ن ذلك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا أفضل من ذلك». وفي رواية: قال عبد الله بن عمرو: ولأن أكون قبلت الثلاثة أيام التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليَّ من أهلي ومالي. رواه الجماعة إلا الترمذي وابن ماجه.

وفي رواية عن أبي سلمة [عنه]؛ قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنك تصوم النهار وتقوم الليل؟». قال: قلت: بلى يا رسول الله! قال: «فلا تفعل؛ صم وأفطر؛ ونم وقم؛ فإن لجسدك عليك حقّاً, وإن لعينك عليك حقّاً, وإن لزوجك عليك حقّاً, وإن لزورك عليك حقّاً, وإن بحسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام؛ فإن لك بكل حسنة عشر أمثالها؛ فإن ذلك صي
ام الدهر». فشدَّدت فشدد عليَّ. قلت: يا رسول الله! إني أجحد قوة. قال: «صم صيام نبي الله داوود لا تزد عليه». قلت: وما كان صيام داوود؟ قال: «نصف الدهر». وكان عبد الله يقول بعدما كبر: يا ليتني قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم. متفق عليه.
587 - وعن أبي المليح بن أسامة, عن عبد الله بن عمرو؛ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر له صومي, فدخل عليَّ, فألقيت وسادة من أدم حشوها ليف, فجلس على الأرض, وصارت الوسادة بيني وبينه, وقال: «أما يكفيك من كل شهر ثلاثة أيام؟». قال: قلت: يا رسول الله! قال: «خمساً». قال: قلت: يا رسول الله! قال: «سبعاً». قال: قلت: يا رسول الله! قال: «تسعاً». قلت: يا رسول الله! قال: «إحدى عشرة». ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صوم فوق صوم داوود, شطر الدهر, صم يوماً وأفطر يوماً». أخرجاه.

مسألة:
وأفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم.
588 - هذا لفظ الحديث الذي رواه أبو هريرة؛ قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ قال: «الصلاة في جوف الليل». فقيل: فأي الصيام أفضل بعد رمضان؟ قال: «شهر الله المحرم»
. رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجه.
ويحتمل معنيين:
أحدهما: أن يكون اسم جنس, وأن يكون مختصّاً بالش
هر الذي هو الحول. . . .
وهذا في أفضل الصيام لمن يصوم شهراً واحداً, والأولى أفضل الصيام لمن يصوم صوماً دائماً في كل وقت. . . .

* فصل:
وجاء في صوم الأشهر الحرم مطلقاً.
589 - ما روي عن أبي السليل, عن مجيبة الباهلي, عن أبيه أو عمه؛ قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم, فقلت: يا رسول الله! أنا الرجل الذي أتيتك عام الأول. قال: «فما لي أرى جسمك ناحلاً؟». قال: يا رسول الله! ما أكلت طعاماً بالنهار ما أكلته إلا بالليل. قال: «من أمرك أن تعذب نفسك؟». فقلت: يا رسول الله! إني أقوى. قال: «صم شهر الصبر ويوماً بعده». قلت: إني أقوى. قال: «صم شهر الصبر ويومين بعده». قلت: إني أقوى. قال: «صم شهر الصبر وثلاثة أيام بعده وصم أشهر الحرم». رواه الخمسة إلا الترمذي, وهذا لفظ ابن ماجه.
ولفظ أبي داوود: عن أبي السليل, عن أبي مجيبة الباهلية, عن أبيها أو عمها: أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم انطلق فأتاه بعد سنة وقد تغيرت حاله وهيئته, فقال: يا رسول الله! أما تعرفني؟ قال: «ومن أنت؟». قا
ل: أنا الباهلي الذي جئتك عام الأول. قال: «فما غيَّرك وقد كنت حسن الهيئة؟». قال: ما أكلت طعاماً منذ فارقتك إلا بليل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لم عذبت نفسك». ثم قال: «صم شهر الصبر ويوماً من كل شهر». قال: زدني؛ فإن في قوة. قال: «صم يومين». قال: زدني. قال: «صم ثلاثة أيام». قال: زدني. قال: «صم من الحرم واترك, صم من الحرم واترك, صم من الحرم واترك». وقال بأصابعه الثلاثة فضمها ثم أرسلها.

* فصل:
ويكره إفراد رجب بالصوم.
قال أحمد في رواية حنبل: يفطر في رجب ولا يشبه برمضان.
وقال في روايته: من كان يصوم السنة؛ صامه, وإلا؛ فلا يصومه متوالياً.
590 - وقال في رواية ابن الحكم: يروى في صوم رجب عن عمر أن
ه كان يضرب على صوم رجب.
591 - وابن عباس قال: لا يصومه؛ إلا يوم أو أيام.
وقال: يروى عن وبرة, عن خرشة بن الحر, عن عمر رضي الله عنه: «أنه كان يضرب على صوم رجب».
وإن صامه رجل؛ أفطر فيه يوماً أو أياماً بقدر ما لا يصومه كله.
592 - وروي عن أبي بكرة: «أنه دخل على أهله, فرأى عندهم سلالاً جُدداً وكيزاناً, فقال: ما هذا؟ قالوا: رجب نصومه. قال: أجعلتم رجب رمضان؟! فأكفأ السلال وكسر الكيزان».

593 - وذلك لما روى داوود بن عطاء, حدثني زيد بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب, عن سلمان, عن أبيه, عن ابن عباس: «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام رجب». رواه ابن ماجه.
قال أحمد: لا يُحدث عن داوود بن عطاء بشيء.
واعتمد أحمد على ما روي عن وبرة عن خرشة بن الحر: «أن عمر بن الخطاب كان يضرب أيدي الرجال في رجب إذا رفعوا عن طعامه حتى يضعوا فيه, ويقول: إنما هو شهر كانت الجا
هلية يعظمونه».
594 - وعن عطاء, عن ابن عباس؛ قال: «لا تتخذوا رجب عيداً ترونه حتماً مثل شهر رمضان, إذا أفطرتم اليوم قضيتموه». رواهما سعيد.
وروى أحمد عن خرشة؛ قال: «رأيت عمر يضرب أيدي المترجِّبين حتى يضعوها في الطعام, ويقول: كلوا؛ فإنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية».
595 - وعن ابن عمر: أنه كان إذا رأى الناس وما يعدون لرجب؛ كرهه, وقال: «صوموا منه وأفطروا».
وعن ابن عباس نحوه.
وعن أبي بكرة: «أنه دخل على أهله وعندهم سلالاً جدد وكيزان, فقال: ما هذا؟ فقالوا: رجب نصومه. قال: أجعلتم رجب رمضان؟ فألقى السلال وكسر الكيزان». رواهن أحمد.
596 - عن حصين بن أبي [الحر]؛ قال: أتيت عمران بن حصين لحاجة وأنا صائم, فدعا بطعام, فقلت
: إني صائم. فقال: لا تصومن يوماً تجعله صوم عليك حتماً ليس شهر رمضان».
597 - وقال إبراهيم: «كانوا يكرهون أن يوقتوا شهراً معلوماً أو يوماً معلوماً أن يصوموه». رواهما سعيد.
قال أبو حكيم وغيره: إذا صام قبله أو بعده؛ لم يكره, وإنما يكره إفراده بالصوم.

مسألة:
وما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله عز وجل من عشر ذي الحجة.
. . . قال أصحابنا: «ويستحب صوم عشر ذي الحجة».
وفي الحقيقة المعنى صوم تسع ذي الحجة, وآكدها يوم التروية وعرفة.
598 - وعن حفصة؛ قالت: أربع لم يكن يدعهن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ص
يام عاشوراء, والعشر, وثلاثة أيام من كل شهر, والركعتين قبل الغداة». رواه أحمد والنسائي.
وعن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم؛ قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع من
ذي الحجة, ويوم عاشوراء, وثلاثة أيام من كل شهر؛ أول اثنين من شهر وخميس». رواه أحمد وأبو داوود والنسائي.
599 - وعن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة, يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة, [وقيام كل ليلة منها بليلة القدر». رواه الترمذي وابن ماجه, وفيه ضعف].
600 - وقد روي عن عائشة؛ قالت: «ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائماً في العشر قط». رواه الجماعة إلا البخاري.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #32  
قديم 23-01-2023, 08:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام --- متجدد فى رمضان






شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام
تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية
من صــ 556الى صــ 565
(32)
المجلد الثانى
كتاب الصيام
(2)

مسألة:
ومن صام رمضان وأتبعه بست من شوال؛ فكأنما صام الدهر.
وجملة ذلك أن إتباع رمضان بست من شوال مستحب, نص عليه أحمد في غير موضع, وقال في رواية الأثرم: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من ثلاثة أوجه, عن أبي أيوب وجابر وثوبان: «م
ن صام ستّاً من شوال؛ فكأنما صام السنة كلها».
فالصيام بعد الفطر من أوله إلى آخره؛ لأن ستة أيام بشهرين, وشهر بعشرة أشهر.
601 - وذلك لما روى أبو أيوب, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: «من صام رمضان, ثم أتبعه ستّاً من شوال؛ فذلك صيام الدهر». رواه الجماعة إلا البخاري.

ويقال: هو من حديث سعد بن سعيد عن عمرو بن ثابت عن أبي أيوب.
وقد رواه أبو داوود والنسائي من حديث صفوان بن سليم عن عمر بن ثابت أيضاً.
602 - وعن جابر؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من صام رمضان وستّاً من شوال؛ فكأنما صام السنة كلها». رواه أحمد.
603 - وعن ثوبان, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: «من ص
ام رمضان وستة أيام بعد الفطر؛ كان تمام السنة, ومن جاء بالحسنة؛ فله عشر أمثالها». رواه ابن ماجه.
604 - وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فذلك صيام الدهر» , و «كان كصيام الدهر»: هو مثل قوله لعبد الله بن عمرو: «صم من الشهر ثلاثة أيام؛ فإن الحسنة بعشر أمثالها, وذلك مثل صيام الدهر».
605 - وكذلك قوله في حديث أبي قتادة: «ثلاثة أيام من كل شهر, ورمضان إلى رمضان؛ فهذا صيام الدهر كله».
وذلك أن صيام الدهر وهو استغراق العمر بالعبادة, وذلك عمل صالح, لكن لما فيه من صوم أيام النهي والضعف عن ما هو أهم منه؛ كره؛ فإذا صام ستة مع الشهر الذي هو ثلاثون؛ كتب له صيام ثلاث م
ئة وستين يوماً؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها, وكذلك فسره النبي صلى الله عليه وسلم, فحصل له ثواب من صام الدهر من غير مفسدة, لكنْ بصومه رمضان, ومن صام ثلاثة أيام من كل شهر؛ حصل له ثواب صيام الدهر بدون رمضان, ويبقى رمضان له زيادة.
606 - وهذا كما قال الله سبحانه للنبي صلى الله عليه وسلم في الصلوات: «هي خمس, هي خمسون؛ لا يبدل القول [لديّ]

فهي خمس في العمل وخمسون في الأجر.
وكان أحمد ينكر على من يكرهها كراهة أن يلحق برمضان ما ليس منه؛ لأن السنة وردت بفضلها والحض عليها, ولأن الإِلحاق إنما خيف في أول الشهر؛ لأنه ليس بين رمضان وغيره فصل, وأما في آخره؛ فقد فصل بينه وبين غيره بيوم العيد, وكان نهيه صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم العيد وحده دليلاً على أن النهي مختص به, وأن ما بعده وقت إذن وجواز, ولو شاء؛ لنهى عن أكثر من يوم؛ كما قال في أول الشهر: «لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين».
وسواء صامها عقيب الفطر أو فصل بينهما, وسواء تابعها أو فرقها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وأتبعه بست من شوال» , وفي رواية: «ستّاً من شوال» , فجعل شوالاً كله محلاً لصومها, ولم يخصص بعضه من بعض, ولو اختص ذلك ببعضه؛ لقال: «ستّاً من أول شوال أو من آخر شوال» , وإتباعه بست من شوال يح
صل بفعلها من أوله وآخره؛ لأنه لا بد من الفصل بينها وبين رمضان بيوم الفطر, وهو من شوال, فعلم أنه لم يرد بالإِتباع أن تكون متصلة برمضان, ولأن تقديمها أرجح, [رجحه] كونه أقرب وأشد اتصالاً, وتأخيرها أرجح؛ لكونه لا يلحق برمضان ما ليس منه, أو يجعل عيد ثان كما يفعله بعض الناس, فاعتدلا.


مسألة:
وصوم عاشوراء كفارة سنة, وعرفة كفارة سنتين.
607 - الأصل في ذلك ما روى عبد الله بن معبد الزِّمَّاني, عن أبي قتادة؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صوم عرفة يكفر سنتين ماضية ومستقبلة, وصوم عاشوراء يكفر سنة ماضية». رواه الجماعة إلا البخاري وأبا داوود.
وفي لفظ: «أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم, فقال: كيف تصوم؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله, فلما رأى غضبه؛ قال: رضينا بالله ربّاً وبالإِسلام ديناً وبمحم
د نبيّاً».
وفي لفظ: وبيعتنا بيعة, نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله.
فجعل عمر يردد الكلام حتى سكن غضبه, فقال عمر: يا رسول الله! كيف بمن يصوم الدهر كله؟ قال: «لا صام ولا أفطر (أو قال: لم يصم ولم يفطر»). قال: كيف بمن يصوم يومين ويفطر يوماً؟ قال:
«ويطيق ذلك أحد؟!». قال: كيف من يصوم يوماً ويفطر يوماً؟ قال: «ذلك صوم داوود عليه السلام». قال: كيف من يصوم يوماً ويفطر يومين؟ قال: «وددت أني طوقت ذلك». ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كل شهر, ورمضان إلى رمضان؛ فهذا صيام الدهر كله, وصيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله [والسنة التي بعده, وصيام يوم عاشوراء أحتسب الله أن يكفر السنة التي قبله]».
وفي رواية: أنه سئل عن صوم يوم الاثنين؟ فقال: «فيه
ولدت, وفيه أنزل عليَّ».
وفي رواية:" «والخميس».
رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي.
فصل:
ولا يستحب صومه لمن بعرفه
قال أحمد في رواية حنبل: يستحب صيام عرفة ها هنا, وأما بعرفة؛ فلا, يروون عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أفطر, وقال: «لا يصام يوم عرفة بعرفة, وعرفة صيامها كفارة سنتين؛ سنة ماضية , وسنة مستقبلة». ورواه عبد الله عن أبيه.

608 - وعن أبي الخليل, عن أبي قتادة, عن النبي صلى الله عليه وسلم: «كفارة سنتين».
609 - ورواه عكرمة عن أبي هريرة: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم عرفة بعرفة». رواه الخمسة إلا الترمذي.
610 - وذلك لما روي عن ميمونة: «أن الناس شكوا في صيام النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة, فأرسلت إليه بحلاب وهو واقف في الموقف, فشرب منه والناس
ينظرون».
611 - وعن أم الفضل: «أنهم شكوا في صوم النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة, فأرسلت إليه بلبن, فشرب وهو يخطب الناس بعرفة».
متفق عليهما.
612 - وعن ابن عمر: «أنه سئل عن صوم يوم عرفة, فقال: حججت مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يصمه, [ومع أبي بكر] فلم يصمه, ومع عمر فلم يصمه, ومع عثمان فلم يصمه, وأنا لا أصومه ولا آمر به ولا أنهى عنه». رواه النسائي والترمذي وقال: حديث حسن.
613 - ورواه النسائي, عن أبي [السوار]؛ قال: «سألت ابن عمر عن صوم يوم عرفة فنهاني». ولم يرفعه.
فإن صامه؛ فظاهر كلامه أنه يكره.
614 - لأنه قال: لا يصام.
واحتج بالنهي لما روى عكرمة عن أبي هريرة؛ قال: «نهى رسول الله صلى الل
ه عليه وسلم عن صوم يوم عرفة بعرفات». رواه الخمسة إلا الترمذي.
فقد احتج به أحمد؛ لأن الصوم يضعفه عن الدعاء والذكر الذي هو مقصود التعريف.
ولأن الحاج مسافر قد رخص له القصر والجمع. . . .
ولأن هذا يوم عيد في ذلك المكان.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #33  
قديم 27-01-2023, 10:48 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام --- متجدد فى رمضان




شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام
تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية
من صــ 566الى صــ 575
(33)
المجلد الثانى
كتاب الصيام
(3)


615 - وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فيما رواه عقبة بن عامر؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإِسلام, وهي أيام أكل وشرب». رواه الخمسة إلا ابن ماجه, وقال الترمذي: حسن صحيح.
فأما صومه للمتمتع الذي لا يجد الهدي آخر الثلاثة. . . .
وقال القاضي: الاختيار له, والفضل أن يفطر ولا يقف بعرفة صائماً.

* فصل:
وأما صوم يوم عاشوراء؛ فقد تقدم قوله صلى الله عليه وسلم: إنه يكفر السنة الماضية.
فإن قيل: إنما أمر بصيامه قبل رمضان؛ فأما بعد رمضان؛ فهو يوم من الأيام.
616 - بدليل ما روى علقمة: أن الأشعث بن قيس دخل على عبد الله وهو يطعم يوم عاشوراء, فقال: يا أبا عبد الرحمن! إن اليوم يوم عاشوراء. فقال: «قد كان يصام قبل أن ينزل رمضان, فلما نزل رمضان؛ ترك؛ فإن كنت مفطراً؛ فأطعم». أخرجاه.
ولمسلم: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومهم قبل أن ينزل رمضان, فلما ن
زل رمضان تركه».
617 - وعن عبد الله؛ قال: ذكرنا يوم عاشوراء عند رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوم كان يصومه أهل الجاهلية؛ فمن أحب منكم أن يصومه؛ فليصمه, ومن كرهه؛ فليدعه».
618 - وعن ابن عمر: أن أهل الجاهلية كانوا يصومون يوم عاشوراء, وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صامه والمسلمون قبل أن يفرض رمضان, فلما فرض رمضان؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن عاشوراء يوم من أيام الله؛ فمن شاء صامه» , وكان ابن عمر لا يصومه؛ إلا أن يوافق صيامه. متفق عليه.
619 - وعن جابر بن سمرة؛ قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم يوم عاشوراء, ويحثنا عليه, ويتعاهدنا عنده, فلما فرض رمضان؛ لم يأمرنا ولم ينهنا عنه, ولم يتعاهدنا عنده». رواه أحمد ومسلم.
قلنا: استحباب صومه ثابت بعد رمضان لحديث أبي قتادة المقدم.
620 - ولما روى معاوية بن أبي سفيان؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن هذا يوم عاشوراء, ولم يكتب عليكم صيامه, وأنا صائم؛ فمن شاء صام, ومن شاء أفطر». متفق عليه.
وفي رواية سفيان عن الزهري, عن حميد, [عن معاوية بن أبي سفيان؛ قال]: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بصيام هذا اليوم».

وهذا خطاب يخاطب به النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه, ولم يؤكد عليهم صيامه, وهذا إنما يكون بعد فرض شهر رمضان؛ لأن ما قبل شهر رمضان كان مؤكداً.
ومعاوية لم ير النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة يوم عاشوراء إلا وهو مسلم؛ لأنه قبل ذلك كان بم
كة, والنبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة, وإنما أسلم بعد الفتح, وقد فرض قبل ذلك بست سنين.
وحديث ابن عباس الآتي ذكره صريح بأن النبي صلى الله عليه وسلم صامه وأمر بصيامه قبل موته بعام.
(وأما هذه الأحاديث) معناها أن التوكيد الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤكد في صومه نسخ شهر رمضان, ولم يؤكد شأنه بعد الهجرة؛ إلا عاماً واحداً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة في شهر ربيع الأول, فأدركه عاشوراء من السنة الثانية, وفرض رمضان تلك السنة فلم يجئ عاشوراء آخر إلا ورمضان فرض.
وقد اختلف هل كان هذا التوكيد إيجاباً؟

فقال القاضي: لا يعرف عن أصحابنا رواية بأن صوم عاشوراء كان فرضاً في ذلك الوقت. قال: وقياس المذهب أنه لم يكن مفروضاً؛ لأن من شرط صيام الفرض النية من الليل, والنبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالنية من النهار.
وذكر هو وأصحابه وأبو حفص البرمكي وغيرهم أنه لم يكن مفروضاً؛ احتجاجاً بحديث معاوية المتقدم, وبأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر مَنْ أكل بإمساك بقية اليوم, ولم يأمرهم بالقضاء, ولو كان واجباً لأمرهم بالقضاء؛ كما يجب القضاء على مَنْ أكل يوم الشك ثم قامت البينة بأنه رمضان.

والتزموا على هذا أن الإِمساك بعد الأكل في يوم شريف فيه فضل يكون قربة كما يكون الإِمساك في اليوم الواجب واجباً.
واعتذروا عما ورد من النسخ بأن المنسوخ تأكيد صيامه وكثرة ثوابه؛ فإنه كان قبل رمضان أوكد وأكثر ثواباً منه بعد رمضان.
وذكر بعض أصحابنا عن أحمد: أنه كان مفروضاً.
وهو الذي ذكره أبو بكر الأثرم؛ قال في «ناسخ الحديث ومنسوخه»: وقد روي من أكثر من عشرين وجهاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بصوم عاشوراء. وذكر الأحاديث الأخر. قال: وهذا عندنا من الناسخ والمنسوخ, وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم وكَّد صومه في أول الأمر قبل نزول شهر الصوم, حتى أمرهم بأن يتموا بقية يومهم, وإن كانوا قد أكلوا, وإنما يفعل ذلك في الفريضة, ثم جاءت الأحاديث لما بين أن ذلك كله كان قبل شهر رمضان, فلما فرض في شهر رمضان؛ كان ما سواه تطوعاً.
ومما يؤكد ذلك حديث معاوية؛ ففيه وفيما اشتهر من الأحاديث بيان نسخ إيجاب صوم عاشوراء, وفيه أيضاً بيان أن النسخ لم يكن على تركه ألبتة, ولكن على أنه صار تطوعاً, وهو اختيار أبي محمد, وهو أشبه.

621 - وهذا لما روى سلمة بن الأكوع رضي الله عنه؛ قال: «أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً أن أذن في الناس أن من كان أكل؛ فليصم بقية يومه, ومن لم يكن أكل؛ فليصم؛ فإن اليوم يوم عاشوراء». متفق عليه.
والأمر يقتضي الإِيجاب, خصوصاً في الصوم؛ فإنه لم يكن يأمر بصيام التطوع، وإنما يرغب فيه ويحض عليه, ثم أذانه بذلك في الناس أذاناً عاماً وأمره للآكل بصوم بقية يومه توكيد ومبالغة لا يكون مثله لصوم مستحب.
622 - وعن هند بن أسماء؛ قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومي من اسلم, فقال: «مُرْ قومك؛ فليصوموا هذا اليوم؛ يوم عاشوراء؛ فمن وجدته منهم قد أكل أول يومه؛ فليصم آخره». رواه أحمد.
623 - وعن الربيع بنت معوذ رضي الله عنها؛ قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى [الأنصار] التي حول المدينة: «من كان أصبح صائماً؛ فليتم صومه, ومن كان أصبح مف
طراً؛ فليتم بقية يومه». فكنا بعد ذلك نصومه, ونصومه صبياننا الصغار منهم, ونذهب إلى المسجد, فنجعل لهم اللعبة من العهن؛ فإذا بكى أحدهم على الطعام؛ أعطيناها إياه حتى يكون عند الإِفطار». أخرجاه.
وفي لفظ. . . .

624 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما؛ قال: «أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل قرية على أربع فراسخ (أو قال: فرسخين) يوم عاشوراء, فأمر من أكل أن لا يأكل بقية يومه, ومن لم يأكل أن يتم بقية صومه». رواه أحمد.
625 - وعن محمد بن صيفي؛ قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم عاشوراء, فقال: «أصمتم يومكم هذا؟». فقال بعضهم: نعم. وقال بعضهم: لا. قال: «فأتموا بقية يومكم هذا». وأمرهم أن يؤذنوا أهل العوالي أن يتموا بقية يومهم.

626 - وعن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: كان يوم عاشوراء يوماً تصومه قريش في الجاهلية, وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه, فلما قدم المدينة؛ صامه وأمر بصيامه, لما فرض رمضان؛ قال: «من شاء ص
امه, ومن شاء تركه». متفق عليه.
627 - وعن أبي موسى؛ قال: كان يوم عاشوراء تعظمه اليهود وتتخذه عيداً, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فصوموه أنتم». [متفق عليه.
وفي رواية لمسلم: كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء؛ يتخذونه عيداً, ويلبسون نساءهم فيه حليهم وشارتهم, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فصوموه أنتم»].
628 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم, فرأى اليهود تصوم عاشوراء, فقال: «ما هذا؟». فقالوا: يوم صالح نجى الله فيه موسى وبني إسرائيل من عدوهم, فصامه موسى عليه السلام. فقال: «أنا أحق بموسى منكم». فصامه وأمر بصيامه.
629 - وعن ابن عباس أيضاً: وسئل عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال: «ما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صام يوماً يطلب فضله على الأيام إلا هذا اليوم, ولا شهراً إلا هذا الشهر (يعني: رمضان
»). متفق عليهما.
فقد بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن النبي أمر بصيامه ووكده, وجعلوا في نفسه كفضل رمضان, وأخبروا أن ذلك كان قبل أن يفرض رمضان, ولما فرض رمضان؛ لم يأمر به, وبينوا أنه كان يصومه بعد فرض رمضان ويأمر بذلك أمر استحباب.
630 - ويدل على أنهم قصدوا ترك صومه وجوباً ما روى علقمة؛ قال: «أتيت ابن مسعود ما بين رمضان إلى رمضان, ما من يوم إلا أتيته فيه, فما رأيته في يوم صائماً؛ إلا يوم عاشوراء».
وقد تقدم عنه أنه ترك صومه.

631 - وقال الأسود بن يزيد: «لم أر رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين كانوا بالكوفة آمر بصوم عاشوراء من علي والأشعري». رواهما سعيد.
ومعلوم أن هذا التوكيد لا يليق بمستحب؛ لأن يوم عرفة أفضل منه؛ فإنه يكفر سنتين, ومع هذا فلم يؤمر به, فثبت أن ذلك [إنما هو لوجوبه إذْ ذاك, ولأنه صلى الله عليه وسلم صامه أولاً بناء على اعتيادهم صومه قبل الإِسلام؛ كما ذكرت عائشة, وموافقة لموسى عليه السلام في صومه؛؛ لأنا أحق به من بني إسرائيل؛ كما ذكر أبو موسى وابن عباس, ثم نسخ التشبيه بأهل الكتاب في صومه صوم يوم آخر.
وأما حديث معاوية؛ فهو متأخر بعد فرض رمضان, وإذ ذاك لم يكن واجباً بالاتفاق.
632 - وأما كونه لم يأمر بالقضاء؛ فقد روى قتادة, عن عبد الرحمن بن مسلمة, عن عم
ه: أن أسلم أتت النبي صلى الله عليه وسلم, فقال: «صمتم يومكم هذا؟». قالوا: لا. قال: «فأتموا بقية يومكم واقضوه». رواه أبو داوود والنسائي.
ثم إنما لم يأمر بالقضاء لأن الوجوب إنما ثبت بالنهار. . . .


* فصل:
وعاشوراء هو اليوم العاشر من المحرم.
والسنة لمن صامه أن يصوم تاسوعا معه.
قال في رواية الميموني وأبي الحارث: من أراد أن يصوم عاشوراء؛ فليصم التاسع والعاشر؛ إل
ا أن يشكل الشهر, فيصوم ثلاثة أيام, ابن سيرين يقول ذلك.
وقال في رواية الأثرم: أنا أذهب في عاشوراء أن يصام يوم التاسع والعاشر, حديث ابن عباس: «صوموا التاسع والعاشر».
وقال حرب: سألت أحمد عن صوم عاشوراء؟ فقال: يصوم التاسع والعاشر.
633 - وذلك لما روى ابن عباس؛ قال: لما صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه؛ قالوا: يا رسول الله! إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى. فقال: «فإذا كان العام المقبل إن شاء الله؛ صمنا يوم التاسع
». قال؛ لم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم وأبو داوود.
وفي لفظ: «لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع (يعني: يوم عاشوراء»). رواه أحمد ومسلم وابن ماجه.











__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #34  
قديم 29-01-2023, 11:42 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام --- متجدد فى رمضان







شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام
تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية
من صــ 576الى صــ 585
(34)
المجلد الثانى
كتاب الصيام
(4)




643 - وعن الحكم بن الأعرج؛ قال: «انتهيت إلى ابن عباس وهو متوسد رداءه في زمزم, فقلت له: أخبرني عن صوم عاشوراء؟ فقال: إذا رأيت الهلال المحرم؛ فاعدد وأصبح يوم التاسع صائماً. قلت: هكذا كان محمد يصو
مه. قال: نعم». رواه مسلم وأبو داوود والنسائي والترمذي وقال: حسن صحيح.
ومعنى هذا والله أعلم: صم التاسع والعاشر كما ذكره الإِمام أحمد عنه رواه سعيد وغيره.
635 - [وما روى عمرو بن دينار] , سمع عطاء, سمع ابن عباس يقول: «صوموا التاسع والعاشر خالفوا اليهود».
636 - وعن شعبة مولى ابن عباس؛ قال: «كان ابن عباس يصوم عاشوراء في السفر,
ويوالي بين اليومين؛ فرقاً أن يفوته». رواه حرب.
637 - عن إسماعيل بن علية؛ قال: ذكروا عند ابن أبي نجيح [أن ابن عباس كان يقول: يوم عا
شوراء يوم التاسع. فقال ابن نجيح:] إنما قال ابن عباس: «أكره أن يصوم يوماً فارِداً, ولكن صوموا قبله يوماً أو بعده يوماً».
رواه داوود بن عمرو عنه.

638 - وعن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: «أنه كان يصوم يومين لعاشوراء احتياطاً أن لا يفوته». رواه أبو زرعة الدمشقي عن أبي صالح عن معاوية بن صالح عنه.
639 - يحقق ذلك ما روى. . . عن ابن عباس؛ قال: «أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصوم يوم عاش
وراء العاشر من المحرم». رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
640 - وقد روى داوود بن علي, عن أبيه, عن جده ابن عباس؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صوموا يوم عاشوراء, وخالفوا فيه اليهود, صوموا قبله يوماً أو بعده يوماً».
[رواه أحمد وسعيد ولفظه: «صوموا يوماً قبله أو بعده»].
فإن صام عاشوراء مفرداً؛ فهل يكره؟
قال بعض أصحابنا: لا يكره. . . .
والأشبه بكلامه أنه يكره:
لأنه أمر بصوم اليومين لمن أراد صوم عاشوراء, وأخذ بأثر ابن عباس,
وابن عباس كان يكره إفراده, ويأمر بصوم اليومين مخالفة لليهود.

ولأنه إفراد يوم يعظمه غير أهل الإِسلام, فكره؛ كإفراد النيروز والمهرجان.
ولأن التشبه بأهل الكتاب مكروه, وقطع التشبه بهم مشروع ما وجد إلى ذلك سبيل؛ فإذا صيم وحده؛ كان فيه تشبيه بأهل الكتاب. . . .
قال أبو الخطاب: ويستحب صوم عشر المحرم, وآكدها تاسوعا وعاشوراء. . . .


* فصل:
قال أحمد في رواية إسحاق بن إبراهيم: سمعنا في الحديث: «من وسع على عياله يوم عاشو
راء؛ أوسع الله عليه سائر سنته».
قال ابن عيينة: قد جربناه منذ خمسين سنة أو ستين سنة فما رأينا إلا خيراً.
641 - وقال في رواية صالح: ابن عيينة عن جعفر الأحمر عن إبراهيم ابن المنتشر - قال أبي: ثقة صدوق - أنه بلغه: «من وسع على عياله يوم عاشوراء؛ وسع الله عليه سائر سنته».
642 - وقد روي في حديث مرفوع من حديث أيوب, عن سليمان بن مينا, عن رجل, عن أبي سعيد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من وسع على أهله يوم عاشوراء؛ وسع الله عليه سائر
سنته». رواه حرب.
643 - وروى أيضاً من حديث إبراهيم بن علقمة, عن عبد الله؛ مثله مرفوعاً, و
قال: هذا حديث منكر.
وقال: سئل أحمد عن هذا الحديث «من وسع على أهله يوم عاشوراء»؟ فلم يره شيئاً.
مسألة:

ويستحب صيام أيام البيض.
وجملة ذلك أنه يستحب صيام ثلاثة أيام من كل شهر؛ فإنها تعدل صوم الدهر, ويستحب أن يكون يوم الاثنين والخميس, وأفضل ذلك أن يكون من أوسطه, وهي أيام البيض.
قال حرب: سمعت أحمد يقول: من صام ثلاثة أيام من الشهر فقد صام الشهر ك
له. يقول بتوكيد.
644 - وقال في رواية عبد الله, [عن] عبد الملك بن قتادة بن ملحان, عن أبيه: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بصيام أيام البيض: ثلاث عشرة, وأربع عشرة, وخمس عشرة».
قيل له: فصيام ثلاثة أيام من كل شهر يصام من أول الشهر؟ قال: «نعم, ولكن يك
ون قصده لهذه».
وقال في رواية عبد الله, [عن] هنيدة الخزاعي, عن أمه؛ قالت: دخلت على أم سلمة, فسألتها عن الصيام؟ فقالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني أن أصوم ثلاثة أيام من كل شهر أولها الاثنين والخميس». . . .
645 - وذلك لما تقدم عن عبد الله بن عمرو: أن النبي صلى الله عليه و
سلم قال له: «صم من الشهر ثلاثة أيام؛ فإن الحسنة بعشر أمثالها, وذلك مثل صيام الدهر». متفق عليه.
646 - وتقدم أيضاً عن أبي قتادة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «ثلاث من كل شهر, ورمضان إلى رمضان؛ فهذا صيام الدهر». رواه مسلم وغيره.

وتقدم أيضاً قوله للباهلي: «صم ثلاثة أيام من كل شهر». . . .
647 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه؛ قال: أوصاني خليلي بثلاث لن أدعهن. . . .
648 - وعن أبي هريرة مثله.

649 - وعن معاوية بن قرة, عن أبيه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر [وقيامه]». رواه أحمد.
650 - وعن أبي العلاء بن الشخير, عن رجل من بني أقيش؛ قال: معه كتاب للنبي صلى الله عليه وسلم, ويقال: اسمه النمر بن تولب؛ قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:«من سره أن يذهب كثير من وحر صدره؛ فليصم شهر الصبر وثلاثة أيام من
كل شهر». وفي رواية: «صيام ثلاثة أيام من الشهر يذهبن وحر الصدر». رواه أحمد والنسائي وفيه قصة رواها أبو داوود.
651 - وعن أبي نوفل بن أبي عقرب, عن أبيه: سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ع
ن الصوم؟ فقال: «صم يوماً من كل شهر». فاستزاده قال: بأبي وأمي إني أجدني أقوى؛ فزدني. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني أجدني قويّاً, إني أجدني قويّاً». فما كاد أن يزيده, فاستزاده, فقال: «صم يومين من كل شهر». قال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! إني أجدني قويّاً, فما كاد أن يزيده, فلما ألحَّ عليه؛ قال: «صم ثلاثة أيام من كل شهر». رواه أحمد والنسائي.
652 - وعن معاذة العدوية: أنها سألت عائشة رضي الله عنها: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام؟ قالت: «نعم». فقلت لها: من أي أيام الشهر كان يصوم؟ قالت: «لم يكن يبالي من أي أيام الشهر كان يصوم».
رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي, وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وقد تقدم عنه من رواية حفصة وغيرها أنه لم يكن يدع صيام ثلاثة أيام من كل شهر.
653 - وعن عبد الله؛ قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم ثلاثة أيام من غرة كل [هلال] , وقلما كان يفطر يوم الج
معة». رواه الخمسة وقال الترمذي حسن غريب. إلا أن أبا داوود لم يذكر إلا صوم الثلاثة, وابن ماجه لم يذكر إلا صوم الجمعة.
654 - وعن هنيدة الخزاعي, عن أمه؛ قالت: دخلت على أم سلمة, فسألتها عن الصيام؟ فقالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني أن أصوم ثلاثة أيام من كل شهر, أولها الاثنين والخميس». رواه أبو داوود, وذكره أحمد.
655 - وقد تقدم من حديث هنيدة, عن امرأته, عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان يصوم نحو ذلك.
656 - وعن حفصة؛ قالت: «كان رسول الله صلى الله عل
يه وسلم يصوم ثلاثة أيام من الشهر: الاثنين والخميس والاثنين من الجمعة الأخرى». رواه أبو داوود والنسائي.
وإنما اختيرت البيض.
657 - ولما روي عن أبي ذر؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا ذر! إذا صمت من الشهر ثلاثة؛ فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة». رواه أحمد والنسائي وقال الترمذي: حديث حسن.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #35  
قديم 30-01-2023, 10:23 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام --- متجدد فى رمضان






شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام
تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية
من صــ 586الى صــ 595
(35)
المجلد الثانى
كتاب الصيام
(5)




658 - وعن [قتادة] بن ملحان العبسي؛ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بصيام أيام البيض: ثلاث عشرة, وأربع عشرة, وخمس عشرة, وقال: «هي كهيئة الدهر». رواه الخمسة إلا الترمذي, واحتج به أحمد. وفي لفظ: «أن يصوم الليالي البيض»؛ أي: بصيام أيام الليالي البيض؛ كما قال: «وأتبعه بست»؛ [أي: بأيام من
ست].
659 - وعن موسى بن طلحة: أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أيام يصومهن؟ فقال: «أين أنت من البيض؟». رواه سعيد.
قال القاضي: قيل: إنما سميت البيض لأن ليلها كنهارها يضيء بالقمر جميع ليلها, والجيد
أن يقال: أيام البيض لأن البيض صفة لليالي البيض [أي: أيام الليالي البيض] , وهذا جاء في الحديث وكلام أكثر الفقهاء.
ووقع في كلام بعضهم ابن عقيل وأبي الخطاب: الأيام البيض, فعدوه لحناً؛ لأن كل الأيام بيض.
660 - وقيل: سُميت البيض؛ «لأن الله تعالى تاب على آدم فيها وبيض صحيفته». رواه أبو الحسن التميمي في كتاب «اللطف».
مسألة:

والاثنين والخميس.
هذان اليومان يستحب صومهما من بين أيام الأسبوع؛ لأن أعمال العباد تعرض فيها؛ كما استحب صوم شعبان؛ لأن أعمال العباد تعرض فيه:
661 - 662 - لما تقدم عن أم سلمة وحفصة: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحرى أن يصوم الثلاثة يوم الاثنين والخميس».
663 - وتقدم أنه لما سئل عن صوم الاثنين؟ فقال: «ذاك يوم ولدت فيه, وأنزل عليَّ فيه
». رواه مسلم.
664 - وعن عائشة رضي الله عنها: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتحرى صيام الاثنين والخميس». رواه الخمسة إلا أبا داوود, وقال الترمذي: حديث حسن.
665 - وعن أبي سعيد المقبري, عن أسامة بن زيد؛ قال: قلت: يا رسول الله! إنك تصوم لا تكاد
تفطر, وتفطر لا تكاد تصوم؛ إلا يومين إن دخلا في صيامك وإلا صمتهما, الاثنين والخميس؟ قال: «ذانك يومان تعرض فيهما الأعمال على رب العالمين, فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم». رواه أحمد والنسائي.

وفي رواية عن عمر بن الحكم بن ثوبان, عن مولى قدامة بن مظعون, عن مولى أسامة بن زيد: أنه انطلق مع أسامة إلى وادي القرى في طلب مال له, فكان يصوم يوم الاثنين ويوم الخميس, فقال له مولاه: لِمَ تصوم يوم الاثنين ويوم الخميس وأنت شيخ كبير؟ فقال: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم يوم الاثنين ويوم الخميس, وسئل عن ذلك؟ فقال: «إن أعمال العباد تعرض يوم الاثنين ويوم الخميس». رواه أحمد وأبو داوود والنسائي.

666 - وعن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أكثر ما يصوم الاثنين والخميس, فقيل له, فقال: «إن الأعمال تعرض في كل اثنين وخميس, فيغفر الله لكل مسلم؛ إلا المتهاجرين؛ يقول الله تعالى: أخروهما». رواه أحمد وابن ماجه والترمذي, وقال: «تعرض الأعمال كل اثنين وخميس, فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم». حديث حسن غريب.
* فصل:

قال أحمد في رواية محمد بن يحيى الكحال: ليس في الصوم رياء.
قال القاضي: وهذا يدل على فضيلة الصوم على غيره؛ لأن الرياء لا يدخله؛ لأنه إمساك ونية, وهذا المعنى لا يصح إظهاره, فيقع الرياء فيه. . . .


مسألة:
والصائم المتطوع أمير نفسه, إن شاء صام, وإن شاء أفطر, ولا قضاء عليه.
وجملة ذلك أن منْ شرع في صيام التطوع؛ فإنه يجوز الخروج منه ولا قضاء عليه, لكن المستحب أن يتمه وأن يقضيه إذا أفطر. . . .
وهل يكره فطره لغير حاجة؟ وهل يستحب فطره مع الحاجة؟ وهل يقضي مع الح
اجة؟
قال ابن أبي موسى: من أفطر في تطوعه عامداً؛ فالاحتياط له أن يقضيه من غير أن يجب ذلك؛ فعلى هذا لا يستحب له القضاء إذا أفطر بعذر, بل يكون بمنزلة صوم مبتدأ, [والأول].
وقال في رواية الأثرم فيمن أصبح صائماً متطوعاً فبدا له فأفطر يقضيه؟ قال: إن قضاه فحسن
, وأرجو أن لا يجب عليه.
وقال حرب: سئل أحمد قيل: ما تقول فيمن نوى الصيام من الليل, ثم أصبح فأفطر؟ قال: إن قضى فهو أحب إليَّ, وإلا؛ فليس عليه شيء.
وسئل عن رجل صام تطوعاً, فأراد أن يفطر: أعليه قضاء أم لا؟ قال: إذا كان من نذر أو قضاء رمضان يقضي, وإلا فلا.
وكذلك نقل ابن منصور. . . .

وهذا هو المذهب.
وروى عنه حنبل: إذا أجمع على الصيام من الليل, فأوجبه على نفسه, فأفطر من غير عذر؛ أعاد ذلك اليوم.
فاختلف أصحابنا في هذه الرواية:

فقال القاضي: هذا محمول على صوم النذر دون التطوع, وقد صرح به في مسائل حنبل, فقال: إذا كان [نذراً]؛ قضى وأطعم لكل يوم مسكيناً, وإن كان. . . .
وقال غيره: يحمل ذلك على استحباب القضاء دون إيجابه؛ ليوافق سائر الروايات, وأقرها طائفة رواية.
قال أبو بكر عبد العزيز: تفرد حنبل بهذه الرواية, وجميع أصحابنا على أن لا قضاء عليه, وبه أقول.

وهذه طريقة ابن البناء وغيره, وهي أصح؛ لأن أحمد فرق بين الأمر بالإِعادة وبين المعذور وغيره, وقضاء النذر لا [يختلف] , ولم يتعرض لوجوب الكفارة, ولو كانت نذراَ؛ لذكر الكفارة.

ووجه ذلك: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33].
وهذا يعم إبطالها بعد إكمالها وفي أثنائها؛ فإن ما مضى من الصوم والصلاة والإِحرام ونحوها عمل صالح يثاب عليه؛ بحيث لو مات في أثنائه؛ أجر على ما مضى أجر من قد عمل لا أجر من قصد ونوى, وإذا كان عملاً صالحاً؛ فقد نهى الله عن إبطاله
.
667 - وعن شداد بن أوس؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أتخوف على أمتي الشرك والشهوة الخفية». قال: قلت: يا رسول الله! أتشرك أمتك بعدك؟ قال: «نعم؛ أما إنهم لا يعبدون شمساً ولا قمراً ولا حجراً ولا وثناً, ولكن يراؤون بأعمالهم, والشهوة الخفية أن يصبح أحدهم صائماً, فتعرض له شهوة من شهواته, فيترك صومه». رواه أحمد وابن ماجه من حديث رواد بن الجراح, عن عامر بن عبد الله, عن الحسن بن ذكوان, عن عبادة بن نسي, عن شداد بن أوس.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #36  
قديم 31-01-2023, 05:27 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام --- متجدد فى رمضان







شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام
تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية
من صــ 596الى صــ 605
(36)
المجلد الثانى
كتاب الصيام
(6)




668 - وعن الزهري, عن عروة, عن عائشة؛ قالت: كنت أنا وحفصة صائمتين, فعرض لنا طعان اشتهيناه, فأكلنا منه, فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم, فبدرتني إليه حفصة, وكانت ابنة أبيها, فقالت: يا رسول الله! إن كنا صائمتين, فع
رض لنا طعام اشتهيناه, فأكلنا, فقلنا: «اقضيا يوماً آخر مكانه». رواه أحمد والنسائي والترمذي [من حديث] جعفر بن برقان الزهري, وقال الترمذي: وروى صالح بن أبي الأخضر ومحمد بن أبي حفص هذا الحديث عن الحديث عن الزهري عن عروة عن عائشة.
669 - قال: وروى مالك بن أنس ومعمر وعبيد الله بن عمر وزياد بن [سعد] وغير واحد من الحفاظ, عن الزهري, عن عائشة؛ مرسلاً, ولم يذكر فيه عروة, وهذا أصح.
670 - وروي بإسناده عن ابن جريج؛ قال: سألت الزهري, فقلت: أحدثك عروة عن عائشة؟ فقال: لم أسمع من عروة في هذا شيئاً, ولكن سمعت في خلافة سليمان بن عبد الملك من ناس عن بعض منْ سأل عائشة عن هذا الحديث.

ورواه أحمد والنسائي من حديث سفيان بن حسين عن الزهري.
ورواه النسائي أيضاً, من حديث صالح بن أبي الأخضر, عن الزهري؛ قال: وصالح بن أبي الأخضر ضعيف في الزهري وفي غير الزهري, وسفيان بن حسين وجعفر بن برقان ليسا بقويين في الزهري, ولا بأس بهما في غير الزهري, ثم روا
ه مرسلاً من حديث معمر ومالك وعبيد الله بن عمر.
ورواه عن سفيان؛ قال: سألوا الزهري وأنا شاهد: أهو عن عروة؟ قال: لا.
ورواه سعيد عن سفيان بن عيينة [فثنا الزهري؛ قال: قالت عائشة: فذكره, وفيه: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم, وقال: «صوما يوماً مكانه». قال سفيان: فسألت الزهري: عن عروة؟ فغضب وأبى أن يسنده.
671 - قال سعد: ثنا عاطف بن خالد, عن زيد بن أسلم؛ قال: قالت عائشة: مثله, وقال لنا: «صوما مكانه ولا تعودوا».
وفي حديث مالك وغيره: أن عائشة وحفصة أصبحتا صائمتين متطوعتين.

672 - وعن ابن الهاد, عن زميل مولى عروة, عن عروة بن الزبير, عن عائشة؛ قالت: أهدي لحفصة طعام, وكنا صائمتين, فأفطرنا, ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقلنا: يا رسول الله! إنا أهديت لنا هدية, واشتهيناها, فأفطرنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا عليكما, صوما يوماً آخر». رواه أبو داوود والنسائي وقال: زميل ليس بالمشهور. وقال البخاري: لا يعرف لزميل سماعاً عن عروة, ولا تقوم به الحجة.

673 - وعن جرير بن حازم, عن يحيى بن سعيد, عن عمرة, عن عائشة: نحوه. رواه النسائي وقال: هذا خطأ.
وقال الأثرم: قلت لأبي عبد الله: تحفظ عن يحيى عن عمرة عن عائشة: «أصبحت أنا وحفصة صائمتين»؟ فأنكره و
قال: مَنْ رواه؟ قلت: جرير. فقال: جرير يحدث بالتوهم, وأشياء عن [قتادة] يسندها جرير بن حازم باطلة.
674 - وعن سعيد بن جبير: «أن حفصة وعائشة أصبحتا صائمتين تطوعاً, فأفطرتا, فأمرهما رسول الله أن يقضياه». رواه سعيد.
675 - وعن أنس بن سيرين؛ قال: «صمت يوماً, فأجهدت, فأفطرت, فسألت ابن عمرو وابن عباس؟ فأمران
ي أن أقضي يوماً مكانه». رواه سعيد.
676 - وعن محمد بن أبي حميد, عن إبراهيم عن عبيد؛ قال: صنع أبو سعيد الخدري طعاماً, فدعا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه, فقال رجل من القوم: إني صائم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صنع لك أخوك, وتكلف لك أخوك؛ أفطر وصم يوماً مكانه». رواه الدارقطني وقال: هذا مرسل.

ورواه حرب وقال: «كل وصم يوماً مكانه إن أحببت».
وقد تكلم في محمد بن أبي حميد.

677 - وعن ابن عيينة, عن طلحة بن يحيى, عن عائشة بن طلحة, عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها؛ قالت: دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً, فقربت له حيساً, فأكل منه وقال: «إني كنت أريد الصيام, ولكن أصوم يوماً مكانه». رواه عبد الرزاق عنه.
ورواه الدارقطني, ولفظه: قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: «إني أريد الصيام». و
أهدي إليه حيس, فقال: «إني آكل وأصوم يوماً مكانه».
قال الدارقطني: لم يروه بهذا اللفظ غير ابن عيينة عن محمد بن عمرو بن العباس الباهلي, ولم يتابع على قوله: «وأصوم يوماً مكانه» , ولعله شبه عليه, والله أعلم, لكثرة من خالفه عن ابن عيينة.

ورواية عبد الرزاق التي ذكرناها تدل على خلاف قول الدارقطني.
فهذا الحديث غايته أن يكون مرسلاً.

لكن قد أرسله الزهري وزيد بن أسلم وسعيد بن جبير, وعمل به الصحابة, والمرسل إذا تعدد مرسلوه وعمل به الصحابة؛ صار حجة بلا تردد, وقد أسند من غير حديث الزهري كما تقدم.
ولأنها عبادة, فلزمت بالشروع فيها ووجب القضاء بالخروج منها لغير عذر؛ كالحج, ولأن الشروع في العباد
ة التزام لها, فلزم الوفاء به كالنذر.
يحقق التماثل: أن الله تعالى قال في آية الصوم: {أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] كما قال في آية الحج: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196].

فإذا كان عليه إتمام ما دخل فيه من الحج والعمرة؛ فكذلك عليه إتمام ما دخل فيه من الصيام.
فعلى هذه الرواية: إنما تقضى إذا أفطر لغير عذر.
فأما إن أفطر لعذر من مرض أو سفر ونحو ذلك؛ فلا إعادة عليه.

وإن أفطر لكون الصوم مكروهاً, مثل أن يفرد يوماً بالصوم. . . .

678 - ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دعي أحدكم إلى طعام؛ فإن كان مفطراً؛ فليطعم, وإن كان صائماً؛ فليصل».
ولو كان الأكل جائزاً؛ لبينه, ولاستحبه في الدعوة.
679 - ولأنه صلى الله عليه وسلم قال: «لا تصومن امرأة وزوجها شاهد إلا بإذنه».
ولو كان التفطير جائزاً؛ لم يكن في شروعها في الصوم عليه ضرر.
والأول المذهب:


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #37  
قديم 01-02-2023, 03:39 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام --- متجدد فى رمضان







شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام
تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية
من صــ 606الى صــ 615
(37)
المجلد الثانى
كتاب الصيام
(7)




680 - لما روى شعبة, عن جعدة, عن أم هانئ وهي جدته.
وفي لفظ: قال شعبة: كنت أسمع سماك بن حرب يقول: أحد بني أم هانئ حدثني, فلقيت أنا أفضلهما, وكان اسمه جعدة, وكانت أم هانئ جدته, فذكره عن جدته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها, فدعا بشراب فشرب, ثم ناولها فشربت, وقالت: يا رسول الله! أما إني كنت صائمة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصائم المتطوع أمير نفسه
, إن شاء صام, وإن شاء أفطر».
وفي رواية: قلت له: سمعته من أم هانئ؟ قال: لا. حدثنيه أبو صالح وأهلنا عن أم هانئ.
رواه أحمد والنسائي والترمذي وقال: في إسناده مقال.

وفي رواية لأحمد والنسائي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الفتح.
ورووه أيضاً من حديث سماك بن حرب, عن ابن أم هانئ
, عن أم هانئ.
وفي لفظ: سمعه منها.
وفي لفظ: عن هارون ابن بنت أم هانئ أو ابن ابن أم هانئ عن أم هانئ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب شراباً, فناولها لتشرب, فقالت: إني صائمة, ولكن كرهت أن أرد سؤرك. فقال: «إن كان قضاء من رمضان؛ فاقضي يوماً مكانه, وإن كان تطوعاً؛ فإن شئت فاقضي, وإن كان تطوعاً؛ فإن شئت فاقضي, وإن شئت فلا تقضي».
قال النسائي: اختلف فيه على سماك, وسماك ليس ممن يعتمد علي
ه إذا انفرد بالحديث.
ورواه أحمد وأبو داوود: عن يزيد بن أبي زياد, عن عبد الله بن الحارث, عن أم هانئ؛ قالت: لما كان يوم الفتح؛ فتح مكة؛ جاءت فاطمة, فجلست عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم, وأم هانئ عن يمينه. قالت: فجاءت الوليدة بإناء فيه شراب, فناولته
فشرب منه, ثم ناوله أم هانئ فشربت منه, فقالت: يا رسول الله! لقد أفطرت وكنت صائمة. فقال لها: «أكنت تقضين شيئاً؟». قالت: لا. قال: «فلا يضرك إن كان تطوعاً».
فقد عاد الحديث إلى إسنادين:

أحدهما: رواته أهل بيت أم هانئ عنها, رواه عنهم شعبة وسماك, ولم ينفرد به سماك.
والثاني: رواته عبد الله بن الحارث.
وأهل البيت [عدة] نفر, منهم أبو صالح؛ فروايتهم أوكد من رواية الواحد, ورواية ذريتها عنهم دليل
على ثقتهم وأمانتهم.
فإن قيل: النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة يوم الفتح في رمضان, ولا يجوز أن تكون صائمة في رمضان عن قضاء ولا تطوع.
681 - قيل: «النبي صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بضع عشرة ليلة بعد الفتح, وهذه ا
لأيام كلها تسمى أيام الفتح». . . . .
ولا يجوز أن يعتقد أنها أفطرت ناسية؛ لأنها أخبرت أنها كانت صائمة, وإنما كرهت أن ترد سؤر النبي صلى الله عليه وسلم, ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن التطوع لا قضاء فيه بحال, وأنه إن كان قضاء من رمضان؛ فعليها القضاء, ولأنه لم يقل: فالله أطعمك وسقاك.
682 - وأيضاً [روى] طلحة بن يحيى, عن عائشة بنت طلحة, عن عائشة؛ قالت: دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم, فقال: «هل عندكم من شيء؟». فقلنا: لا. فقال: «فإني إذاً صائم». ثم أتانا يوماً آخر, فقلنا: يا رسول الله! أهدي لنا حيس. ف
قال: «أرينيه؛ فلقد أصبحت صائماً». فأكل. رواه الجماعة إلا البخاري.

زاد النسائي: ثم قال: «إنما مثل صوم التطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة؛ فإن شاء أمضاها, وإن شاء حبسها».
وفي لفظ له: قال: «يا عائشة! إنما بمنزلة من صام في غير رمضان أو في قضاء رمضان أو في التطوع بمنزلة رجل أخرج صدقة من ماله, فجاد منها بما شاء فأمضاه, وبخل منها بما شاء فأمسكه».
وفي رواية لمسلم؛ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم: «يا عائشة! هل عندكم شيء؟». قالت: فقلت: يا رسول الله! ما عندنا شيء. قال: «فإني إذاً صائم». قالت: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم, فأهديت لنا هدية (أو: جاءنا زور). قالت: فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قلت: أهديت لنا هدية (أو: جاءنا زور) , وقد خبأت لك شيئاً. قال: «ما هو؟
». قلت: حيس. قال: «هاتيه». فجئت به, فأكل, ثم قال: «قد كنت أصبحت صائماً». قال طلحة: فحدثت مجاهداً بهذا الحديث, فقال: ذلك بمنزلة الرجل يخرج الصدقة من ماله؛ فإن شاء أمضاها, وإن شاء أمسكها.
والحيس: تمر وسمن وأقط يطبخ.
قال الشاعر:

التمر والسمن جميعاً والقط الحيس إلا أنه لم يختلط
فهذا نص في جواز الإِفطار بعد إِجماع الصيام.
683 - وعن عكرمة؛ قال: قالت عائشة: دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم, فقال: «هل عندكم شيء؟». فقلت: لا. فقال: «إني إذاً أصوم». ودخل يوماً آخر, فقال: «هل عندكم شيء؟». قلت: نعم. قال: «إذاً أطعم, وإن كنت فرضت الصوم». رواه الدارقطني وقال أيضاً: إسناد حسن صحيح.

684 - وعن أبي جحيفة؛ قال: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء, فزار سلمان أبا الدرداء, فرأى أم الدرداء متبذلة, فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا. فجاء أبو الدرداء, فصنع ل
ه طعاماً, فقال: كل؛ فإني صائم. فقال: ما أنا بآكل حتى تأكل. فأكل فلما كان الليل؛ ذهب أبو الدرداء يقوم. قال: نم. فنام, ثم ذهب يقوم, فقال: نم. فلما كان من آخر الليل؛ فقال: قم الآن. فصلَّيا, فقال له سلمان: إن لربك عليك حقّاً, ولنفسك عليك حقّاً, ولأهلك عليك حقّاً؛ فأعط لكل ذي حق حقه. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «صدق سلمان». رواه البخاري.
فقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم سلمان على تفطير أبي الدرداء و
لم يأمره بالقضاء.
685 - وعن سالم؛ قال: صنع عطاء طعاماً, فأرسل إلى سعيد بن جبير, فأتاه, فقال: إني صائم. فحدثه بحديث سلمان أنه أفطر أبا الدرداء, فأفطر. رواه البغوي.

686 - وعن عمرو, عن سعيد؛ قال: «لأن أضرب بالخناجر أحب إليَّ من أن أفطر من تطوع بالنهار». رواه سعيد البغوي.
فقد رجع سعيد إلى حديث سلمان هذا, وهو ممن روى حديث عائشة وحفصة.
687 - وعن جويرية بنت الحارث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على جويرية في يوم جمعة وهي صائمة, فقال لها: «أصمت أمس؟». قالت: لا. قال: «أتصومين غداً؟». قالت: لا. قال: «فأفطري». رواه الجماعة إلى مسلماً وابن ماجه والترمذي.
688 - ورواه أحمد من حديث عبد الله بن عمرو.
إلا أن هذين الحديثين إنما يدلان على الفطر في موضع يكون الصوم مكروهاً؛ كإفراد يوم الجمعة, وسرد الصوم الذي يضعف به حقوق أهله, ونحو ذلك.

وأيضاً؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أفطر في شهر رمضان هو وأصحابه وهو مسافر بعد أن أصبحوا صياماً لما كان جائزاً لهم ترك الصوم؛ فلن يجوز الفطر في صيام التطوع أولى وأحرى.
وأيضاً؛ فإنه إجماع ذكرناه عن سلمان وأبي الدرداء.
689 - وعن الحارث, عن علي؛ قال: «إذا أصبحت وأنت تريد الصيام؛ فأنت بالخيار: إن شئت صمت, وإن شئت أفطرت؛ إلا أن تفرض الصيام عليك من الليل». [يعني والله أعلم بالنذر]

690 - وعن عبد الله: «متى أصبحت وأنت تريد الصوم؛ فأنت على خير النظرين: إن شئت صمت, وإن شئت أفطرت».
وفي رواية عنه؛ قال: «أحدكم بأخير الفطرين ما لم يأكل أو يشرب».
691 - وعن عكرمة, عن ابن عباس؛ قال: «الصائم بالخيار: إن شاء صام, وإن شاء أفطر».
692 - وعن عطاء, عن ابن عباس؛ قال: «إذا صام الرجل تطوعاً, ثم شاء أن يقطعه؛ قطعه, وإذا دخل في صل
اة تطوعاً, ثم شاء أن يقطعها؛ قطعها, وإذا طاف بالبيت تطوعاً, ثم شاء أن يقطعه؛ قطعه, غير أنه لا ينصرف إلا على وتر خمساً أو ثلاثاً أو شوطاً, وإذا أخرج الرجل صدقة تطوعاً, ثم شاء أن يحبسها؛ حبسها».
693 - وعن ابن عمر: أنه أصبح صائماً, ثم أتى بطعام, فأكل, فقيل له: ألم تكن صائماً؟ فقال: «لا بأس به؛ ما لم يكن نذراً أو قضاء رمضان». رواهن سعيد.
694 - وعن جابر: «أنه كان لا يرى [بالإِفطار] في صيام التطوع بأساً». رواه الشافعي.
وأيضاً؛ فإن الرجل إذا أصبح صائماً؛ لم يوجد منه إلا مجرد النية والقصد, والنية المجردة لا يجب بها شيء.
695 - لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل به».
يبقى الفرق بينه وبين الإِحرام وبين أن يتكلم بالنية أو لا يتكلم بها.
ولأنها عبادة يخرج منها بالإِفساد, فلم يجب قضاؤها إذا أفسدها؛ كالوضوء, وكما لو صام يعتقد أن عليه فرضاً؛ فإنه بخلافه, وعكسه الإِحرام؛ فإنه لا يخرج منه بالفساد. . . .
ولأنه إذا كان له أن لا يفعل؛
كان له أن يخرج منه قبل الإِتمام. . . .
وأما قوله سبحانه: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33]؛ فإنه ما لم يتم فليس بعمل.
وأما الأحاديث التي فيها الأمر بالقضاء إن كانت صحيحة؛ فإنما هو أمر استحباب, وبيان أن الصوم لم يفت, وأن المفطر إذا صام يوماً مكان هذا اليوم؛ فقد عمل بدل ما ترك.
696 - وهذا كما قضت عائشة عمرة بدل العمرة التي أدخلت عليها الحج وصارت قارنة.
وكما قضى النبي صلى الله عليه وسلم اعتكافه حتى لا يعتقد المعتقد أن المتطوع إذا أفطر؛ فقد بطلت حسنته على وجه لا يمكن تلافيه؛ كالمفطر في رمضان ونحوه.

ويدل على ذلك أشياء:
أحدها أن الرواية المسندة قال فيها: «لا عليكما صوما مكانه يوماً» , مع إخبارهما أنهما أكلتا بشهوة ولم يفطرا لعذر.
وبقوله: «لا عليكما»؛ أي: لا بأس عليكما, ولو كان الفطر حراماً والقضاء واجباً؛ لكان عليهما بأس.
ثانيهما: أن في رواية سفيان عن الزهري: أنهما لما أخبرتاه؛ تبسم النبي صلى الله عليه وسلم, ولو كانتا قد أذنبتا؛ لغضب أو لبيَّن لهما أن هذا حراماً؛ لئلا يعودا إليه.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #38  
قديم 03-02-2023, 05:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام --- متجدد فى رمضان







شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام
تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية
من صــ 616الى صــ 625
(38)
المجلد الثانى
كتاب الصيام
(8)



وأما قوله: «ولا تعودا»؛ فهي رواية مرسلة, ثم معناها - والله أعلم - لا تعودا إلى فطر تريدان قضاؤه؛ فإ
ن إتمام الصيام أهون من التماس القضاء, وهذا لما رأى حزنهما على ما فوتاه من الصوم؛ قال: فلا تفعلاه شيئاً تحزنا عليه.
وثالثهما: أن في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الحيس: أنه قال: «إني آكل وأصوم يوماً مكانه» , ولولا أن الخروج جائز والقضاء مستحب؛ لما أفطر.

ورابعهما: أن في حديث المدعو إلى طعام أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أفطر وصم يوماً مكانه». وفي رواية: «إن أحببت» , ولو كان القضاء واجباً؛ لما قيل هذا.

وخامسها: أن ابن عمر وابن عباس قد أمرا بالقضاء, وصح عنهما جواز الإِفطار لغير عذر, فعلم أن ذلك أمر استحباب.
697 - فروى يوسف بن ماهك؛ قال: «وطئ ابن عباس جارية له وهو صائم, فقال: إنما هو تطوع وهي جارية اشتهيتها».
698 - وفي رواية عن سعيد بن جبير؛ قال: «دخلنا على ابن عباس صدر النهار فوجدناه صائماً, ثم دخلنا فوجدناه
مفطراً, فقلنا: ألم تك صائماً؟ قال: بلى, ولكن جارية لي أتت عليَّ, فأعجبتني, فأصبتها, وإنما هو تطوع, وسأقضي يوماً مكانه, وسأزيدكم: إنها كانت بغيّاً فحصنتها, وإنه قد عزل عنها». قال سعيد بن جبير: «فعلمنا أربعة أشياء في حديث واحد». رواهما سعيد.
وأما حديث شداد بن أوس إن صح؛ فيشبه - والله أعلم - أن يكون ذلك فيمن يعتاد أبداً الصوم ثم تركه لشهوته؛ فإن هذا مكروه.
ويحتمل أن يكون تفسير الشهوة الخفية من جهة بعض الرواة مدرجاً في الحديث.
يدل على ذلك ثلاثة أشياء.
أحدها: أن الشهوة الخفية قد فسرها أبو داوود وغيره بأنها حب الرئاسة, ولو كان تفسيرها مرفوع
ا؛ لما أقدموا على ذلك.
الثاني: أن تفسيرها بحب الرئاسة أشبه؛ لأن حب الرئاسة يكون في الإِنسان, ويظهر الأعمال الصالحة ولا نعلم أن مق
صوده درك الرئاسة.
الثالث: أن الأكل شهوة ظاهرة؛ فإنه إن لم تكن هي الشهوة الظاهرة؛ لم يكن لها شهوة ظاهرة.
الرابع: أن قرانه بالرياء دليل على أنه أراد ما هو من جنسه, والذي هو من جنسه هو حب الشرف لا أكل الطعام. والله تعالى أعلم.
* فصل:

في المواضع [التي يكره فيها الفطر أو يستحب أو يباح]
قال القاضي: يكره الخروج من الصوم والصلاة لغير عذر. . . .
وقال في رواية أبي الحارث في رجل يصوم التطوع فيسأله أبواه أو أحدهما أن يفطر؛ قال:
699 - يروى عن الحسن: أنه يفطر, وله أجر البر وأجر الصوم إذا افطر.

وقال في رواية عبد الله: إذا نهاه أبوه عن الصوم؛ ما يعجبني أن يصوم إذا نهاه, ولا أحب لأبيه أن ينهاه؛ يعني: في التطوع.
وقال في رواية يوسف بن موسى: إذا أمره [أبواه]؛ لا يصلي إلا المكتوب
ة. قال: يداريهما ويصلي.
وقال المروذي: قلت لأبي عبد الله: فإن دعاه والداه وهو في الصلاة؟
700 - قال: قد روى ابن المنكدر؛ قال: «إذا دعتك أمك وأنت في الصلاة؛ فأجبها, وإذا دعاك أبوك؛ فلا تجبه».
وفي موضع آخر: قلت: تدعوه أمه وهو في الصلاة. قال: يروى عن ابن المنكدر أنه قال: «إن كان في التطوع؛ فليجبها».

* فصل:
ومن تلبس بصيام رمضان أو بصلاة في أول وقتها أو بقضاء رمضان أو بقضاء الصلاة أو بصوم نذر أو كفارة؛ لزمه المضي فيه, ولم يكن له الخروج منه؛ إلا عن عذر؛ بخلاف المتلبس بالصوم في السفر؛ فإن العذر المب
يح للفطر قائم. . . .
مسألة:
وكذلك سائر التطوع؛ إلا الحج والعمرة؛ فإنه يجب إتمامهما وقضاء ما أفسد منهما.
فيه مسألتان:

أحدهما: أن سائر التطوعات من الصلاة والطواف والاعتكاف والهدي والأضحية والصدقة والعتق: إذا شرع فيه؛ [فالأولى] أن يتمه, وإن قطعه؛جاز ولا قضاء عليه, وإن قضاه بعد قطعه؛ فهو أحسن.
هذا الذي عليه أصحابنا, وقد أفتى أبو عبد الله بما ذكره عن ابن المنكدر إذا دعته أمه وهو في الصلا
ة إن كان في التطوع؛ فليجبها.
وقال أحمد في رواية الأثرم وقد سئل عن الرجل يصبح صائماً متطوعاً: أيكون بالخيار؟ والرجل يدخل في الصلاة: أله أن يقطعها؟ فقال: الصلاة أشد لا يقطعها, فإن قطعها وقضاها؛ فليس فيه اختلاف.
قال القاضي: ظاهر هذا أنه لم يوجب القضاء, وإنما استحبه؛ لأنه يخرج من ا
لخلاف.
وقال غير القاضي: هذه الرواية تقتضي الفرق بين الصلاة والصيام, وأن الصلاة تلزم بالشروع.
وهذا الفرق اختيار أبي إسحاق والجوزجاني.
لأن الصلاة ذات إحرام وإحلال, فلزمت بالشروع كالحج.

701 - ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مفتاح الصلاة الطهور, وتحريمها التكبير, وتحليلها التسليم».
وهذا يعم جميع الصلوات, ويقتضي أنه ليس له أن يتحلل منها إلا بالتسليم؛ كما ليس له أن يفتتحها إلا بالطهور, ولا أن تحرم بها إلا بالتكبير.
ويؤيد الفرق: أنه لو أمره أحد أبويه بالفطر في صومه التطوع؛ أجابه, ولو دعاه أحدهما في صلاة التطوع؛ أجاب الأم ولم يجب الأب. . . .

المسألة الثانية: إذا أحرم بحجة أو عمرة؛ لزمه المضي فيها, ولا يجوز له أن يقصد الخروج منها, ولو نوى الخروج منها ورفضها؛ لم يخرج بذلك.
[ولو أفسدها؛ لزمه المضي فيها, وإتمام ما أفسده, وعليه قضاؤها من العام المقبل إن كانت] حجة, وعل الفور إن كانت. . . , حتى لو دخل فيها يعتقدها واجبة عليه بنذر أو قضاء ونحو ذلك, ثم تبين أنها ليست عليه؛ لزمه المضي فيها, ومتى أفسدها؛ كان عليه القضاء. . . .
والأصل في ذلك قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196].
702 - وفي حرف عبد الله: «إلى البيت».
وقد أجمع أهل التفسير إلى أنها نزلت عام الحديبية, لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أحرم هو وأصحابه
بالعمرة, وساقوا الهدي, فصده المشركون, فأنزل الله تعالى هذه الآية يأمر فيها بإتمام الحج والعمرة, ويذكر شأن الإِحصار.
وهذا أمر بالإِتمام لمن دخل متطوعاً؛ لأن الحج لم يكن قد فرض بعد؛ فإن الآية نزلت سنة ست, والحج إنما فرض بعد فتح مكة.
ثم إن الله تعالى أمر بالإِتمام مطلقاً, فدخل فيه كل منشئ للحج والعمرة, بخلاف الآية التي فيها إتمام الصيام؛ فإنها تفارق هذه من وجهين:
أحدهما: أنه قال في أولها: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ. . .} , واللام هنا لتعريف الصيام المعهود الذي تقدم ذكره, وهو صيام رمضان, ثم قال: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} , فعاد الكلام إلى الصيام المتقدم الذي كان الأكل والنكاح في ليلته محظوراً بعد النوم, ثم أبيح, وهذا صفة صيام الواجب.
نعم؛ سائر الصيام لا يتم إلا بذلك على سبيل التبع والإِلحاق.

الثاني: أن قوله: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}: أمر بأن يكون إتمام الصيام إلى الليل, وبيان لكون الصوم لا يتم إلا بالإِمساك إلى الليل, فتفيد الآية أن من أفطر قبل الليل؛ لم يتم الصيام, وهذا حكم شامل [يجمع] أنواع الصوم, ثم ما كان واجباً كان الإِتمام فيه إلى الليل واجباً, وما كان مستحبّاً كان مستحبّاً, وما كان مكروهاً كان مكروهاً, وما كان محرماً كان محرماً؛ لقوله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49] , وهو أمر بأن يكون حكمه بما أنزل اتلله لا أمر بنفس الحكم؛ بخلاف آية الحج والعمرة؛ فإنه أمر بإتمامهما, فيكون نفس الإِتما
م مأموراً به, وهنا الإِتمام إلى الليل هو المأمور به, وفرق بأن يكون الأمر بنفس الفعل أو بصفة في الفعل؛ فإنه لو قال: [صل] بوضوء, أو: صلِّ مستقبل القبلة, ونحو ذلك؛ كان أمراً بفعل هذا الشرط في الصلاة لا أمراً بنفس الصلاة.
والفرق بين الحج والعمرة من وجوه:أحدها: أن الحج والعمرة يمضي في فاسدها ولا يخرج منهما بالإِفساد ولا بقطع النية, وغيرهما ليس كذلك.

فإن قيل: الصوم القضاء والمنذور والكفارة والصلاة في أول الوقت يخرج منها بالفساد مع وجوب إتمامها.
قيل: الصوم المتعيِّن مثل شهر رمضان والنذر المعين إذا أفطر لزمه المضي في فاسده, وأما غيره؛
فإنه حين إفساده يمكن إنشاؤه صحيحاً, فلم يكن حاجة إلى المضي في فاسده.
الثاني: أن الكفارة تجب في إفساد فرضهما ونفلهما بخلاف الصوم.
الثالث: أنه لو دخل فيهما معتقداً. . .


مسألة:
ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يومين؛ يوم الفطر ويوم الأضحى.
703 - وذلك لما روى أو سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنه نهى عن صوم يومين: يوم الفطر ويوم النحر». متفق عليه.
وفي لفظ لمسلم: «لا يصلح الصوم في يومين».
وفي لفظ للبخاري: «لا صوم في يومين: الفطر والأضحى».

704 - وعن ابن عمر نحوه. متفق عليه.
705 - 706 - وعن عائشة وأبي هريرة نحوه. رواهما مسلم.
707 - وعن أبي عبيد مولى ابن أزهر؛ قال: «شهدت العيد مع عمر بن الخطاب؛ فقال: يا أيها الناس! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهاكم عن صيام هذين العيدين».
وفي رواية: «اليومين الفطر والأضحى: أما أحدهما؛ فيوم فطركم من صيامكم, وأما الآخر؛ فيوم تأكلون فيه من نسككم». رواه الجماعة.
708 - وعنه أيضاُ؛ قال: شهدت عليّاً وعثمان رضي الله عنهما في يوم الفطر والنحر يصليان ثم ينصرفان يذكران الناس. قال: وسمعتهما يقولان: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام هذين اليومين». رواه أح
مد والنسائي.
ولا يجوز صوم يومي العيدين عن كفارة ولا قضاء ولا نذر في الذمة.
فإن نذر صوم يوم أحد العيدين قصداً؛ انعقد نذره موجباً لكفارة يمين في إحدى الروايات. نص عليه في رواية حنبل بناء على أنه نذر معصية, وموجب نذر المعصية كفارة يمين.
وفي الأخرى: عليه مع الكفارة قضاء يوم. نص عليه في رواية أبي طالب, وهو. . .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #39  
قديم 04-02-2023, 04:22 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام --- متجدد فى رمضان







شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام
تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية
من صــ 626الى صــ 635
(39)
المجلد الثانى
كتاب الصيام
(9)



مسألة:
ونهى عن صوم أيام التشريق إلا أنه أرخص في صومها للمتمتع إذا لم يجد الهدي.
709 - الأصل في ذلك ما روي عن نبيشة الهذلي؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله تعالى». رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي.

710 - وروى كعب بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه وأوس بن الحدثان أيام التشريق, فناديا: «أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن, وأيام منى أيام أكل وشرب». رواه مسلم.
711 - وعن أبي مرة مولى أم هانئ: «أنه دخل مع عبد الله بن عمرو على أبيه عمرو بن العاص, فقرب إليهما طعاماً, فقال: كل. قال: إني صائم. فقال عمرو: كل؛ فهذه الأيام التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بإفطارها ونهى عن صيامها». قال مالك: وهي أيام التشريق. رواه مالك في «الموطأ» وأبو داوود.

712 - وعن عمر ن سليم, عن [أمه]؛ قالت: بينما نحن بمنى, إذا علي بن أبي طالب يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن هذه الأيام أيام أكل وشرب؛ فلا يصومها أحد». رواه أحمد والنسائي.
713 - وعن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم عب
د الله بن حذافة السهمي أن يركب راحلة أيام منى, فيصيح في الناس: «لا يصومن أحد؛ فإنها أيام أكل وشرب». رواه أحمد.
714 - وعن عبد تالله بن حذافة: «أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن ينادي في أيام التشريق أنها أيام أكل وشرب». رواه النسائي والإِسماعيلي في «صحيحه».
واحتج به أحمد:

قال في رواية المروذي: أيام التشريق قد نُهي عن صيامها.
ويروى عن سليمان بن يسار, عن عبد الله بن حذافة: «أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن ينادي في أيام التشريق: إنها أيام أكل وشرب».


* فصل:
وأما المتمتع إذا لم يجد الهدي, ولم يصم الأيام الثلاثة قبل يوم النحر؛ فهل يصوم أيام التشريق؟ على روايتين.
إحداهما: يجب عليه صومها. وهي اختيار الشيخ.
715 - لما روي عن ابن عمر وعائشة؛ قالا: «لم يرخص في أيام التشريق أن يُصمن إلا لمن يجد الهدي». رواه البخاري.
وفي رواية عن ابن عمر؛ قال: «الصيام لمن تمتع بالعمرة إلى الحج إلى يوم عرفة, فإن لم يجد هد
ياً ولم يصم؛ صام أيام منى».
وعن عائشة مثله. رواه البخاري.
والثانية: لا يصومها. قال ابن أبي موسى: وهي أظهرهما لعموم النهي, ولأنها أيام النهي,
فلم تصم عن واجب ولا غيره؛ كيومي العيدين.
وذكر الخرقي والقاضي وأصحابه وغيرهم الروايتين في صومهما عن جميع الواجبات من النذر والقضاء والكفارات؛ كفارات الأيمان ونحوها, وكفارات الحج؛ كالمتمتع إذا لم يجد الهدي.

* فصل:
ويكره صوم يوم الشك في حال الصحو. رواية
واحدة.
واختلف أصحابنا هل هي كراهة تنزيه أو تحريم على وجهين:

أحدهما: أنها كراهة تحريم. قاله ابن البناء وغيره.
والثاني: كراهة تنزيه, وهو ظاهر قول القاضي.
وكذلك الإِمساك في نهاره, وسواء صامه عن رمضان أو صامه تطوعاً أو أطلق النية؛ إلا أن يوافق عادة مثل إن كانت عادته صوم يوم الاثنين نذراً [قال القاضي] أو كان سرد الصوم؛ فلا يكره له. . . .

فإن صام عن قضاء أو نذر أو كفارة:
فقال القاضي وابن البناء: لا يكره؛ كما لو وافق عادة, مثل ما قلنا في الجمعة, وكذلك يوم [الإِغمام] إذا قلنا: لا يصام من رمضان. ذكره ابن الجوزي.

وقال بعض:. . . يكره صومه عن فرض غير رمضان الحاضر, ويحرم
عن رمضان أو عن تطوع لم يوافق عادة.
وقال أبو حكيم: لا يجوز صوم يوم الشك تطوعاً, ولا عن فرض.
قال في رواية الأثرم إذا لم يكن علة؛ قال: يصبح عازماً عل الفطر.
وقال في روايته: ليس ينبغي أن يصبح صائماً إذا لم يحل دون منظر الهلال شيء م
ن سحاب ولا غيره.
وقال في رواية المروذي, وقد سئل عن نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الشك؟ فقال: هذا إذا كان صحواً؛ لم يصم, فأما إن كان في السماء غيم؛ صام.
ونقل عنه أبو داود الشك على ضربين:

فالذي لا يصام إذا لم يحل دون منظره سحاب ولا قتر, والذي يصام إذا حال دون منظره سحاب أو قتر.
وأما إذا وافق عادة؛ فأخذه أصحابنا من كراهة إفراد الجمعة.
فعلى هذا؛ لو نذر صوم السنة كلها؛ دخل فيه يوم الشك.

وقال ابن عقيل: لا يدخل فيه يوم الشك؛ كالأيام الخمسة.
وهذا يقتضي المنع منه مفرداً أو مجموعاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم يوم الشك مطلقاً, ونهى عن استقبال رمضان بيوم أو يومين إلا أن يوافق عادة.
وقد روى أحمد بإسناده عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ قال: لو صمت السنة كلها؛ لأفطرت اليوم الذي يشك فيه.
والشك إذا تقاعد الناس أو تشاغلوا عن رؤية الهلال أو شهد برؤيته فاسق؛ فأما مع عدم ذلك؛ ف
هو من شعبان. قاله في «الخلاف».
وابن عقيل وأبو حكيم قال: لا يكون شكّاً مع الصحو؛ إلا أن [شهد] برؤيته فاسق, فترد شهادته, فيوقع في قلوب الناس شكّاً أو يتتارك الناس رؤية الهلال, فيصبحون لا يعلمون هل هو من رمضان أو شعبان.
وإذا كانت السماء مطبقة بالغيم بحيث لا يجوز رؤية الهلال, وقلنا: لا يصام؛ فهو يوم شك على ظاهر كلامه.

وذكر في «المجرد»: أنه شك أيضاً؛ لجواز أن يجيء الخبر بالرؤية من مكان آخر.
وقال ابن الجوزي: إذا كانت السماء مصحية؛ فشعبان موجود حقيقة وحكماً, ولم يوجد شك ولا شبهة.
وإذا تراءاه الناس فلم يروه:
فقال ابن الجوزي: لم يُسمِّ أحد ذلك يوم شك.
فعلى هذا يجوز صومه تطوعاً.

والصواب أنه يوم شك؛ لإِمكان الرؤية في مكان آخر.
وقال أبو محمد: ليس لهم صيام آخر يوم من شعبان مع الصحو بحال؛ إلا أن يوافق عادة,
أو يكون صائماً قبله أياماً.

* فصل:
ويكره استقبال رمضان باليوم واليومين.
716 - لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «
[لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين]؛ إلا أن يكون رجل كان يصوم صوماً؛ فليصمه». رواه الجماعة.
فأما حديث عمران ومعاوية. . . .

فأما استقباله بالثلاثة؛ فالمشهور في المذهب أنه لا بأس به.
وقال بعض أصحابنا: لا يستحب الصوم بعد منتصف شعبان إلا لمن قد صام قبله.

717 - لما روى العلاء بن عبد الرحمن, عن أبيه, عن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان النصف من شعبان؛ فأمسكوا عن الصوم حتى يكون رمضان». رواه الخمسة, وقال الترمذي: حديث حسن. وقال النسائي: لا نعلم أحداً روى هذا الحديث غير العلاء.
وقد أجاب أحمد عن هذا الحديث:
قال حرب: سمعت أحمد يقول في الحديث الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا كان النصف من شعبان؛
فلا صوم إلا رمضان»؛ قال: هذا حديث منكر. قال: وسمعت أحمد يقول: لم يحدث (يعني: العلاء) حديثاً أنكر من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا كان النصف من شعبان؛ فلا صوم إلا رمضان» , وأنكر أحمد هذا الحديث, وقال: كان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث بهذا الحديث عن سهيل, ورواية محمد بن يحيى الكحال هذا الحديث ليس بمحفوظ, والمحفوظ الذي يروى عن أبي سلمة [عن أم سلمة]: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان ورمضان.
واعتمد في رواية عبد الله على حديث أبي هريرة المتقدم: «لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين»؛ فإن مفهوم هذا الحديث يجوز التقدم بالثلاثة.
ولأنه إنما كره التقدم خشية أن يزاد في الشهر ويلحق به ما ليس منه, وهذا أكثر ما يقع في اليوم واليومين, فأما الثلاثة؛ فلا يقع فيها لبس. والله أعلم.
فأما صيام اليوم واليومين قبل رمضان قضاء أو نذراً أو كفارة. . . .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #40  
قديم 05-02-2023, 11:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام --- متجدد فى رمضان





شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام
تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية
من صــ 636الى صــ 645
(40)
المجلد الثانى
كتاب الصيام
(10)


* فصل:
ويكره استقبال رمضان باليوم واليومين.
716 - لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «[لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين]؛ إلا أن يكون رجل كان يصوم صوماً؛ فليصمه». رواه الجماعة.
فأما حديث عمران ومعاوية. . . .

فأما استقباله بالثلاثة؛ فالمشهور في المذهب أنه لا بأس به.
وقال بعض أصحابنا: لا يستحب الصوم بعد منتصف شعبان إلا لمن قد صام قبله.
717 - لما روى العلاء بن عبد الرحمن, عن أبيه, عن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان النصف من شعبان؛ فأمسكوا عن الصوم حتى يكون رمضان». رواه الخمسة, وقال الترمذي: حديث حسن. وقال النسائي: لا نعلم أحداً روى هذا الحديث غير العلاء.
وقد أجاب أحمد عن هذا الحديث:

قال حرب: سمعت أحمد يقول في الحديث الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا كان النصف من شعبان؛ فلا صوم إلا رمضان»؛ قال: هذا حديث منكر. قال: وسمعت أحمد يقول: لم يحدث (يعني: العلاء) حديثاً أنكر من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا كان النصف من شعبان؛ فلا صوم إلا رمضان» , وأنكر أحمد هذا الحديث, وقال: كان عبد الرح
من بن مهدي لا يحدث بهذا الحديث عن سهيل, ورواية محمد بن يحيى الكحال هذا الحديث ليس بمحفوظ, والمحفوظ الذي يروى عن أبي سلمة [عن أم سلمة]: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان ورمضان.
واعتمد في رواية عبد الله على حديث أبي هريرة المتقدم: «لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين»؛ فإن مفهوم هذا الحديث يجوز التقدم بالثلاثة.
ولأنه إنما كره التقدم خشية أن يزاد في الشهر ويلحق به ما ليس منه, وهذا أكثر ما يقع في اليوم واليومين, فأما الثلاثة؛ فلا يقع فيها لبس. والله أعلم.

فأما صيام اليوم واليومين قبل رمضان قضاء أو نذراً أو كفارة. . . .
* فصل:
ويكره إفراد يوم الجمعة بالصوم.
718 - لما روى محمد بن عباد بن جعفر؛ قال: «سألت جابر بن عبد الله: أنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الجمعة؟ قال: نعم». متفق عليه.

وفي رواية للبخاري: «أن ينفرد بصومه».
719 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تصوموا يوم الجمعة؛ إلا وقبله يوم, أو بعده يوم». رواه الجماعة إلا النسائي.
وفي رواية لمسلم: «لا تختصوا ليلة الجمعة بالقيام من بين الليالي, ولا تخصوا يوم الجمعة بص
يام من بين الأيام؛ إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم».
وفي رواية لأحمد: «يوم الجمعة يوم عيد, ولا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم؛ إلا أن تصوموا قبله أو بعده».
720 - وقد تقدم عنه صلى الله عليه وسلم أنه دخل على جويرية يوم جمعة وهي صائمة, فقال لها: «أصمت أمس؟». قالت: لا. قال: «تصومين غداً؟». قالت: لا. قال: «فأفطري».

721 - وعن ابن عباس؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تصوموا يوم الجمعة وحده». رواه أحمد.
واحتج به في رواية حنبل, فقال عكرمة عن ابن عباس: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تصوموا يوم الجمعة وحده». قال أبو عبد الله: ولا أحب لرجل أن يتعمد صيامه, فإن وافق نذراً؛ صامه؛ لأن هذا أسهل من العيدين,
ولا يخصه رجل بصيام.
فأما يوم الفطر ويوم النحر؛ فهما مخصوصان بالنهي من رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولا نعلم أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في صومهما, وقد استثنى في يوم الجمعة, فقال: «إلا رجل كلن يصوم صوماً فليصمه».
فأما إن لم يقصده بعينه, بل صام قبله يوماً [أو] بعده يوماً, أو كان يصوم يوماً ويفطر يوماً؛ [فإنه يصوم]
يوم الجمعة دون ما قبله وما بعده, لكن في جملة أيام, أو أراد أن يصوم يوم عرفة أو يوم عاشوراء, فكان يوم جمعة ونحو ذلك؛ لم يكره؛ فإن النهي إنما هو عن تعمده بعينه: كما قال في رواية حنبل.

وقال في رواية الأثرم, وقد سئل عن صيام يوم الجمعة, فذكر حديث النهي أن يفرد, ثم قال: إلا أن يكون في صيام كان يصومه؛ فأما أن يفرد؛ فلا. فقيل له: فإن كان يصوم يوماً ويفطر يوماً, فوقع فطره يوم الخميس وصومه الجمعة وفطره السبت, ف
صام الجمعة مفرداً؟ فقال: هذا الآن لم يتعمد صومه خاصة, وإنما كره أن يتعمد, وهذا لم يتعمد.
وقال أيضاً في رواية إبراهيم, وقد سأله عن صوم الجمعة, وهو يوم عرفة, ولا يتقدمه بيوم ولا يومين؟ فقال: لا يبالي, إنما أراد يوم عرفة, وإنما نهى عن صوم عرفة بعرفات.

وهذا لما تقدم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أذن في صومه إذا صام قبله أو بعده.
ولأنه جعل أفضل الصيام صيام داوود, ومعلوم أن من صام يوماً وأفطر يوماً؛ صام يوم الجمعة, وكذلك من صام يومين وأفطر يوماً, أو من صام يوماً وأفطر يومين.

وقد تقدم عن ابن مسعود رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم قلما كان يفطر يوم الجمعة».
لأنه كان يصوم الخميس فيصله بالجمعة.
ولا يكره صوم وحده عن فرض من قضاء أو نذر ونحو ذلك. قاله القاضي.
فأما صومه بعينه؛ فينبغي أن يكون مكروهاً.

فإن صام معه يوماً من أيام الأسبوع, لا يليه, مثل الاثنين والأحد ونحو ذلك. . . .

* فصل:
ويكره إفراد يوم السبت بالصيا
م عند أكثر أصحابنا.
قال الأثرم: قال أبو عبد الله: أما صيام يوم السبت ينفرد به؛ فقد جاء فيه حديث الصماء, وكان يحيى بن سعيد يتقيه, وأبى أن يحدثني به, وسمعته من أبي عاصم.
وقال في رواية الأثرم, وقد سأله عن صيام يوم السبت بغير فرض؟ فقال: قد جاء فيه الحديث: «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم».
وعنه ما لا يدل على أنه لا يكره.
قال في رواية الأثرم: قد جاء في صيام يوم السبت ذاك الحديث مفرد, حديث الصماء عن النبي صلى الله عليه وسلم, وكان يحيى يتقيه.
وهذا يدل على توقفه عن الأخذ به؛ لأن ظاهر
الحديث خلاف الإِجماع.
ولذلك قال الأثرم في «مختلف الحديث»: جاء هذا الحديث ثم خالفته الأحاديث كلها, وذكر ال
أحاديث في صوم المحرم وشعبان, وفيهما السبت, والأحاديث في إتباع رمضان بست من شوال, وقد يكون فيها السبت, وأشياء كثيرة توافق هذه الأحاديث. وقد روي عن السلف أنهم أنكروه: فروى أبو داود عن ابن شهاب: أنه كان إذا ذُكر له أنه نهي عن صيام يوم السبت؛ يقول ابن شهاب: هذا حديث حمصي. وعن الأوزاعي؛ قال: ما زلت له كاتماً حتى رأيته انتشر (يعني: حديث ابن بسر في صوم يوم السبت). قال أبو داود: قال: مالك: هذا [كذب]. وقال أبو داوود: هذا الحديث منسوخ.
ووجه الأول:

722 - ما روى ثور بن يزيد, عن خالد بن معدان, عن عبد الله بن بسر السلمي، عن أخته الصماء: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم, وإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنب أو عود شجرة (وفي لفظ: إلا لحاء عنب أو عود شجرة)؛ فليمصه». رواه الخمسة, وقال الترمذي: حديث حسن.

وقد رواه أحمد والنسائي من وجوه أخرى عن خالد عن عبد الله بن بسر.
723 - ورواه أيضاً عن الصماء, عن عائشة. وإسناده إسناد جيد.
وقول أبي داوود: وهو منسوخ: يدل على جودة إسناده.
724 - ورواه أحمد من حديث ابن لهيعة؛ قال: ثنا موسى بن وردان, عن عبيد الأعرج؛ [قال: حدثتني جدتي]: أن
ها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم السبت وهو يتغدى, فقال: «تعالي فكلي». فقالت: إني صائمة. فقال لها: أصمت أمس؟ قالت: لا. قال: «كلي؛ فإن صيام يوم السبت لا لك ولا عليك».
وإنما حُمل على الإِفراد؛ لأن في حديث جويرية وغيره: «أصمت أمس؟». قالت: لا. قال: «أتصومين غداً؟». قالت: لا.
فعلم أن صومه مع الجمعة لا بأس به.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 190.01 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 183.91 كيلو بايت... تم توفير 6.10 كيلو بايت...بمعدل (3.21%)]