الهجرة...والمدينة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         خطر الدعاء على الأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          دعاء تفريج الهم والكرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          ترك الدعاء لتأخُّر الإجابة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          المؤسسات الفكرية والأكاديمية وأثرها في نهضة الأمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 125 - عددالزوار : 31147 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12772 - عددالزوار : 224615 )           »          منهج الإسلا م في معالجة الأزمات الاقتصادية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 70 )           »          تحقيق العبودية هي الغاية الكبرى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 76 )           »          خواطر الكلمة الطيبة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 20 - عددالزوار : 1405 )           »          قواعد نبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 1787 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث > ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم قسم يختص بالمقاطعة والرد على اى شبهة موجهة الى الاسلام والمسلمين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20-04-2024, 08:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,671
الدولة : Egypt
افتراضي الهجرة...والمدينة

الهجرة...والمدينة

د.هبة رءوف عزت


تأتي ذكري الهجرة مع مطلع كل عام هجري جديد لتحمل لنا معاني جديدة لم ندركها بعد لأن أحوالنا تختلف فنقرأ من جديد سيرة المصطفي ونكتب عنها بوعي العقل وحب القلب.

أتت الذكري هذا العام ونحن نواصل النضال اليومي في مواجهة المدينة، ونعايش في قلوبنا ونستلهم نموذج يثرب المدينة.

لم تكن هجرة الرسول- صلي الله عليه وسلم- فراراً بل قرار، وخرج وهو يناجي مكة أحب أرض الله إليه، و سبقتها بيعة أهل يثرب له ودعوته المرة بعد المرة أن يهاجر إليهم، وكان القرار السياسي، والمسير الإنساني،
والتفاعل مع المكان والكون، وغار وصحبة، ودليل واحتياط، ثم وفد النبي علي مجتمع يصبو أن يكون مدينة فاضلة كما وصف الفارابي، أملاً في المساهمة في بناء معمورة فاضلة.

والنظر في خصائص المجتمع الذي هاجر إليه الرسول يعطينا دروساً كثيرة في كنه المدينة التي هاجر إليها الرسول ليتخذها منطلقاً لدعوة تخاطب العالمين. كان ينبغي وهو الذي ترك وراءه مكة التي تآمرت عليه قبائلها أن يهاجر لمجتمع متجانس لا يواجه فيه تعددية تقيد خيارات أو تفرض توازنات، مجتمع متحد علي رؤية كي يستقوي به ويسبك بالعقيدة نسيجه سبكاً، لكن يثرب لم تكن كذلك، بل كانت مجتمعاً تعددياً، تتنوع فيه الأعراق والأديان، وجاء دستور المدينة ليعلمنا أن الأمم لا تقوم بالضرورة علي وحدة رؤية بل علي الانتظام في بنيان والالتفاف حول عقد اجتماعي يكونون فيه شركاء في وطن، وحين تخرق طائفة الميثاق تكون قد نقضت العقد، وتتحرك عجلة التغيير والإصلاح، أو المواجهة والحسم.

نموذج المجتمع ذاته نموذج فريد، كانت الهجرة لمجتمع يثرب سعياً لبناء مجتمع أخلاقي بالأساس وليس بناء إمبراطورية، مجتمع أخلاقي يكون نواة لنشر الدين بتفرد من يحملونه في صفاتهم ، انظر كيف وصف القرآن أهل المدينة بأنهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في أنفسهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة هؤلاء الذين استقبلوا المهاجرين باقتسام الأموال والبيوت ، وبحب صاف وافر ويقين.

هاجر الرسول لمجتمع يحترم النساء، فدعم نساء المدينة وكان يكرر الدعاء لهن، وأفسح المجال لتفاعل اجتماعي تمكنت نساء المدينة فيه من تغيير العقليات نحو مزيد من تفعيل دور المرأة، وضربت نساء الأنصار المثل الأعلي في صدق العقيدة والوفاء بالبيعة وصولا للمشاركة في الجهاد.

أعاد الرسول تأسيس المدينة علي بناء اجتماعي تكافلي ، ومركزية لمساحة المسجد، لا كبقعة مقدسة، بل كمجال عام يقابل فيه الوفود من خلفيات وأديان، ويتحول لمكان يلعب في الحبشة، وتلتقي الجماعة لمناقشة أمورها، وتتعلم النساء.

المدينة هي مولود الهجرة، التفحص في ملامحها يبين مقصود الهجرة وغايتها، والتصور الحاكم الذي أرادت الهجرة أن تحققه. لا ينبغي أن نتذكر فقط لماذا هاجر الرسول؟ بل لأي مدينة هاجر وأي مجتمع أسس وربي.

اليوم نعيش في مدن تأخذ وتعطي، وتشوه بنيان الإنسان الأخلاقي، وتحرمه من شبكته الاجتماعية، فكيف يمكن أن نأخذ من درس الهجرة درس البناء، لا الترك والهجر، وحكمة السعي لرباط اجتماعي وعقد سياسي؟.

الهجرة كانت من مدينة تحكمها عقلية القبيلة إلي تأسيس تمدُّن يحكمه دستور وتنظم حياته عقيدة تقوم علي التقوي، لا علي القمع، علي تفعيل حكمة الحدود، لا الهوس بإقامة الحد ذاته، لذا كان دفع العقوبة بالشبهة وبالستر، فالأخلاق قبل القانون، والكرامة والخصوصية قبل الحكم علي الناس وتشويه السمعة. مجتمع يحفظ الناس فيه ألسنتهم لا يطلقونها علي صفحات الجرائد والفضائيات تخوض في أعراض النساء وصولا للطعن في أنساب الأمم، ويحفظ الناس فيه روابط الرحم، وليس مجتمعاً يتنافسون فيه علي المال حتي يقيل بعضهم بعضاً، ويرعي فيه الحاكم الناس والحيوانات والحجر وليس يحكمه فرعون قلبه حجر، مجتمع يستوعب اختلاف الدين ويحمي أماكن الرهبنة، لا مجتمع يفزعه التنوع ويشغله القضاء علي الاختلاف الذي هو حكمة الله من الخلق، وهو الذي يحكم بينهم يوم القيامة.

دروس الهجرة هي دروس التمدن الإسلامي.

اللهم صلِّ علي محمد وآله وأصحابه، وارزقنا هجرة إليك باتباع سنته ، لنتمم مكارم الأخلاق ونكون أهل الرحمة، حتي نصير أهلاً للرحمة


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 48.07 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 46.36 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.56%)]