#1
|
||||
|
||||
الكتابة كعمليات عقلية أدائية
الكتابة كعمليات عقلية أدائية إبراهيم علي ربابعة الكتابة مفهوم لغوي واسع، وهي مرتبطة بالتفكير، وبمثابة المختبر الذي يتفاعل فيه كل ما لدى الفرد من خبرات لغوية ومعارف ومهارات عقلية وأدائية وفنية مكتسبة، وهي في الوقت ذاته المرآة التي تعكس شخصية الفرد في مواقف الكتابة. الكتابة عملية ذهنية أدائية، مكونة من مجموعة من العمليات التي تجري في شكل متزامن تقريبًا، وتتسم بالصعوبة والتعقيد؛ لأنها تقوم على الخلق والابتكار من خلال تحول الأفكار والمعاني والصور الذهنية المجردة - التي يمتلكها الكاتب - إلى رموز خطية مؤثرة، وفي جملتها عمليات بنائية تراكمية من حيث الشكل أو المضمون. [1] وتعد الكتابة من أولى مهارات اللغة الأساسية؛ فهي عمليات حقيقية أدائية مركبة، يتم اكتسابها بصورة مقصودة عبر مواقف التعلم اللغوي، التي تؤكد المنحى التكاملي؛ بسبب تشعب مهارات الكتابة وتنوعها، إلى جانب أنها تستند في إتقانها إلى مدخل العمليات الذي يتمثل في أن إنتاج الكتابة يستدعي عمليات التخطيط والبناء والمراجعة، وهي عملية فكرية لغوية إنتاجية مركبة؛ لأن الكاتب يستحضر الأفكار والأمثلة المتنوعة التي يراد نقلها إلى المستقبل. [2] ويرى (الهاشمي وفخري)[3] أن الكتابة عملية معقدة تتم وفق مراحل يستخدم فيها الكاتب اللغة أداةً لاكتشاف المعنى وتوضيحه عن طريق الإسقاطات؛ ليقوم بعد ذلك بسبر أغوار الأفكار التي اكتسبتها، ثم يعيد صياغة الموضوع والمعلومات والحجج وطريقة تنظيم الأفكار، حتى تصل إلى مرحلة يشعر معها أن ما كتبه ينقل إلى القارئ المعنى الذي يريده بوضوح. ويعرف (مدكور)[4] التعبير التحريري بقوله: "هو عمل عقلي شعوري لفظي، يتصل بتكوين الأفكار أو إبداعها، ووضعها على الصفحة البيضاء، وفق قواعد السلامة في التهجي، والتنظيم في الترقيم، والوضوح والجمال في الخط". فالكتابة نمط من حل المشكلات؛ لأن الكاتب يجب أن ينتج وينظم مجموعة من الأفكار على الورق، وذلك عن طريق اختيار عدد من المفاهيم والعلاقات من خلال مجموعة واسعة من المعرفة، وترتيبها بما يتلاءم مع معارف القارئ وحاجاته من جهة، ومع قيود الكتابة الرسمية؛ فالكتابة مهارة معقدة لا يمكن إتقانها بسهولة، وتتطلب أشياء كثيرة لإتقانها، من الجهد والعمل الجاد وتطور المهارات وسنوات من الممارسة. والكتابة الإنشائية عملية خلاقة، تستدعي إعمال الذهن، وعمق المعالجة، ودقة التناول للموضوع مدار الكتابة، زيادةً على أن آلية الكتابة طريقة فاعلة لتعليم الطلبة كيف يستخدمون إستراتيجية التفكير بشكل عام، والنقد على وجه الخصوص. [5] ولا يمكن لأحد أن يتصور أن لغة الكتابة هي الترجمة الحرفية للغة الحوار، والدليل على ذلك: أن الكاتب يقوم بإعداد الإطار والخطة والمسودات؛ ليقوم بمراجعتها وتصويبها وإخضاعها لكثير من الضوابط؛ لأن لغة الكتابة يخاطب فيها الإنسان الغائب عن لغة الحوار الصامت "لغة التفكير"؛ ولذلك يجب أن تكون هذه اللغة الكتابية في صورة محددة الدلالة؛ لأن المتلقي لا يرى إشارات أو حركات لليد أو تغيرات الوجه أو نبرات الصوت. [6] كما أن عملية الكتابة تتطلب التنسيق بين أكثر من جهاز، فهناك القدرة على التحكم في عضلات اليد، والتوافق الحركي والعصبي العضلي لحركة أصابع اليد مع حركة العينين، وهذه تتطلب مستوى من النضج العصبي والعضلي وتدريب على الحركة السليمة في الاتجاه السليم وفي تتابع محدد؛ إذ إن التوافق البصري للطفل مع حركة اليد على الورق يعتبر من ضرورات الكتابة.[7] إذًا، يمكن القول بأن الكتابة هي مجموعة العمليات الذهنية التي تمكِّن الطالب من تحويل الصور الذهنية المجردة إلى رموز خطية في صور من صور التعبير الكتابي المتمثلة في موضوعات مقدمة للطالب. [1] أسس تعليم الكتابة الإبداعية/ رعد مصطفى خصاونة. [2] الكتابة الفنية: مفهومها - أهميتها - مهاراتها - تطبيقاتها/ الهاشمي، وفخري. [3] المصدر نفسه. [4] طرق تدريس اللغة العربية/ علي أحمد مدكور: ص 229. [5] أسس تعليم الكتابة الإبداعية/ رعد مصطفى خصاونة. [6] فن الكتابة وأشكال التعبير/ البكور، والنعانعة. [7] تنمية المهارات اللغوية لأطفال ما قبل المدرسة/ هدى الناشف.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |