هل أطلب الطلاق؟

[ابوالوليد المسلم]

هل أطلب الطلاق؟
الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي


السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا متزوجة منذ سنوات، ولديَّ ولدان، وهناك مشاكل بيني وبين زوجي؛ حيث إنه لا يصلي، ودائم المشاهدةِ للأفلامِ الإباحية؛ مما زرع الكرهَ في قلبي له، فأصبحتُ لا أستطيعُ أن أعطيَه حقوقَه، وأنا - والله - لا أريدُ أن يعذِّبني الله بسبب شيءٍ من حقوقِ زوجي، لكني أصبحتُ كارهةً له، والحبُّ والكره ليس بيدي، فأنا أستشيرُكم عن موقفي ووضعي معه، وأتمنَّى منكم الإفادة، مع العلمِ أنه قد طلَّقني طلقةً واحدةً، وأرجعني أهلي إليه رغمًا عنِّي.

ولكم جزيل الشكر.


الجواب
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فلا شك أنَّ زوجَك قد وقع في مصيبةٍ عظيمةٍ بتركه للصلاة التي أجمع الصَّحابةُ على كفرِ تاركها، كما أن مشاهدتَه للأفلام الإباحية من الأمورِ القبيحة التي تجعلُ صاحبَها أسيرَ الشهوة والهوى، يدفعه لهذا الابتعاد عن اللهِ - سبحانه وتعالى - وعدم الإيمان، وهو بحاجةٍ إلى من يرحمه، ويأخذ بيدِه، ليخرجَه من تلك الهُوَّة السحيقة، ويجتازَ المرحلةَ الخطيرة التي يمرُّ بها، وأنتِ أقربُ النَّاسِ إليه، وأولى النَّاس به، فابذُلي الوسعَ في نصْحِه قبل أن تتَّخذي قرارَ الانفصال، واحتسبي الأجرَ عند الله - عزَّ وجلَّ - ولن يضيعَ الله أجرَ من أحسن عملاً، وستجدين أثرَ ذلك في دنياكِ وأُخراكِ.
واستخدِمي كلَّ الطُّرق المتاحة، ولتستعِيني بكلِّ مَن ترجين الخيرَ عنده من أهلِ الخير والصِّدق؛ لنصْحِه وإرْشاده؛ رجاءَ صلاحه، ونجاته في الدُّنيا والآخرة.

وسألخصُ لك بعضَ الطرق التي يحسُن استعمالُها في دعوتِه للخير:
1- إيقاظ الإيمان فيه؛ عن طريقِ المواعظ التي تتحدثُ عن حبِّ الله، والعمل لدين الله، وكذلك التي تُذَكِّره بالدَّارِ الآخرة، ويُستَحسنُ أن تكون عن غيرِ قصد؛ أي: لا يَشعرُ بأنه المقصودُ بها، وتُرَكِّزي على المواعظِ التي فيها ذكرُ الموت، وذكرُ الجنَّةِ والنار، والوقوفِ بين يدي الله - سبحانه وتعالى - وأهوالِ القيامة، وأحوالِ القبر، وستجدين مادةً جيدةً في موقعِنا هذا وغيره من المواقع الإسلامية.
2- الدعاء له - بصدق - في أوقاتِ الإجابة بالهداية والاستقامة، وأن يعينَه الله على نفسِه، ويصلحه، ويرزُقَه المواظبةَ على الصَّلاة، ويُبعِدَه عن الشر؛ فقلوب بني آدم كلُّها بين إصبعين من أصابعِ الرحمن كقلب واحد، يُصرِّفها حيث يشاء؛ كما صحَّ عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم.
3- كثرة الإحسانِ إليه، والتودُّدِ له؛ فالنَّفسُ البشرية مجبولةٌ على حبِّ مَن أحسن إليها، فإذا وجد الزوجُ مع قبيحِ ما يفعل وجهًا بشوشًا، ونصيحةً طيبةً، وأسلوبًا عذبًا رقراقًا، وشعر باللِّينِ والرحمة والحرص على الخير له - فالإجابة حينها تكون قريبة - إن شاء الله.
4- محاولة ربطِه برفقةٍ صالحة من الأهلِ أو المعارف؛ فلذلك تأثيرٌ كبيرٌ على هدايته.
5- تجمَّلي له بقدرِ الاستطاعة، ولا تتعجَّلي النتائج.
6- تغافلي عن بعضِ سيئاته؛ فللتغافُلِ دورٌ عظيمٌ، فاحرصي عليه.
7- شاهدي معه بعضَ البرامج الدينية، وسماعَ المواعظِ الدينية، أو حضورَ بعضِ مجالس العلم، وأرسلي له بعضَ الرسائل الدعوية على هاتفِه المحمول حول بعضِ فضائل الصلاة، إلى غيرِ ذلك من الوسائل، مع اختيارِ الوقت والأجواء المناسبة التي تُرجى استجابتُه فيها.

8- راجعي عَلاقَتك الخاصةِ معه؛ لتعرفي سبَبَ دخوله إلى تلك المواقع، وهل يبحث عن شيءٍ يفقِدُهُ معك؟ فإن كان عندك تقصيرٌ، فأكمليه؛ ليساعدَه على التوقفِ عن دخولِ هذه المواقع.
فإنِ استجاب وتاب، فذلك خيرٌ، وإن أبى، أو يئِسْتِ من إقلاعِه عما ذكرت، فلا خيرَ في البقاءِ معه، ولكِ طَلَبُ الطَّلاق، ومعلومٌ أنَّ الحياة مع زوجٍ كهذا تؤثِّر سلبًا على الزوجةِ والأبناء، فلا يُؤمَن عليكِ أن تتأثري به؛ كما يقال: "المرأة على دين زوجها"، وإيثارُ الدنيا على الآخرة عاقبتُه وخيمةٌ، ولا يؤمَن على الأولادِ أن يتابعوا أباهم.

أسأل الله - تعالى - أن يتوبَ عليه، ويهديَه لكلِّ خير وصلاح.