الخنجر المسموم (قصة) - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4418 - عددالزوار : 855034 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3949 - عددالزوار : 389887 )           »          معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13-09-2021, 11:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي الخنجر المسموم (قصة)

الخنجر المسموم (قصة)
عبدالحكيم فرحي









ذهول يتعقبني، وحيرة تطاردني، أينما يمَّمت إلا وأجد هذا الشبح شاخصًا أمامي، هناك خلف الهضبة ينبعث أُوَار نار من بعيد، ذهبت إليه مهرولًا؛ عسى أن أجد من ينقلني من هذا العالم المظلم الذي انغمست فيه، ويأخذ بيدي من دوامة التِّيه هذه، تحسست المكان جيدًا، ظللت أرصد أين ينبعث الدخان، اقتربت رويدًا رويدًا حتى دنوت من المكان، فإذا بي أرى شيخًا طاعنًا في السن لا زال هو الآخر سامرًا في هذا الليل، لم يكتحل جَفنه بالنوم بعدُ، بات ينعم بالحياة في ليل أكثر أهله ماتوا موتتهم الأولى، وغابوا عن عالم الأحياء، ممتطين صَهْوةَ جواد النوم، يمسك بقضيب من خيزران، وبصره شاخص نحو النجوم، تفطَّن لوجودي وربت على كتفي بعدما سمع شهيقي المتصاعد الذي لم أستَطِع أن أكتمه، فقال لي: "رويدَك رويدَك، على رِسْلِك"، كانت إلى جانبه جَرَّة ماء، فناولني إيَّاها بعدما كاد أن يفتك بي العطش، ثم أردف قائلًا: ما الذي ألمَّ بك؟ ما قصتُك؟".







لم أقدر أن أصبر؛ فالعَبرات تسبقني، من أين أبدأ؟ هل من البداية؟ أم من نهاية البداية؟ تنفَّسْتُ الصُّعَداء، واستجمعت ما بقي من أنفاسي الخائرة، فقصتي طويلة، ومحاولة جمعها كمن يحاول جمعَ بحرٍ في كفٍّ، لكن سأختصر ما وسعني ذلك.







قلت: أنا يا سيدي شابٌّ من أسرة بلغت من الثراء مبلغًا عظيمًا، تربيت فيها، درست وتعلمت الشيء الكثير ... تمضي الأيام والليالي سريعًا، فكَّرت في أن تكون لي أسرة وبيت آوي إليه؛ قررت أن أبحث عن شريكة حياة، أمضي ساعات طوالًا وأنا أرسم معالمَ زوجة الأحلام: كيف ستكون؟ ما شكلها؟ ما لونها؟ أين تعمل؟...







شعرت بميل عجيب نحو فتاةٍ تعمل معي في نفس الشركة، لم أدرِ كيف سحرتني بنظراتها، أخلاق عالية، إخلاص وجدٌّ في العمل، الابتسامة لا تفارق شفتيها، ملكت عليَّ كل مشاعري فلم أعد أرَ إلا هي بين النساء، ولا أبتغي غيرها زوجًا لي، فاتحت أبي في الموضوع، وقلت له: أريد أن أتزوَّج فلانة، لكنه تنكَّر، وأقسم بأيمانه الغلاظ أني لن أتزوَّج بها ولو انطبقت السماء مع الأرض، طعنني بخَنجر أدمَى قلبي، وتركني أنزفُ، بل كأن كلامه هذا كسهمٍ وُجِّه إلى سويداء قلبي، صعقت في تلك اللحظة، كيف لأبي أن يرفض طلبي؟ أريد أن أتحصَّن وأتعفَّف لكنه يأبى عليَّ ذلك؟! أردتها بالحلال بطَرْقِ بيت أهلها لكنه رفض، فما أسهل أن أحصل عليها بالحرام، وهذه أول مرة أرى فيها أبي غاضبًا ومكشِّرًا عن أنيابه، ومتحدِّثًا بهذا الأسلوب الفظيع؛ فما زادني كلامه هذا إلا عزمًا في أن أصل إليها بأي وجه كان، ومهما كانت الظروف حالكة.







فاتحت أمي هي الأخرى في الموضوع؛ عساها تتوسَّط لي عند أبي، لكنه تجهَّم لطلبها، وعبس في وجهها، فأنكر عليها كما لو أرادت أن تقتلع له ضرسًا بكلامها في هذا الموضوع، فلم تنَلْ منه أي شيء، ورجعت ويداها صفر...







تحيَّنت الفرصة التي أكون فيها أنا وأبي على انفراد، وجهًا لوجه، وانتظرت إلى أن يعود هيجانه إلى سكون، فكان لي ذلك، قلت له: تعلَمُ يا أبي ماذا صنعت بابنك المسكين؟ لقد مزَّقت قلبه، وأضحى جثة هامدة من غير روح، فالروح التي كان يمتلكها قد ذبحتَها بسكينِ غلظتك وجفائك!







أبي، إن لم تقبل زواجي بتلك الفتاة، فلن تراني بعد اليوم أبدًا، حينها لا تلومنَّنِي إن وجدتني صريعًا في قنطرة، أو مسجًّى على رأسي في شاطئ البحر، أو تجدني قد صرت أشلاء متناثرة في سكة القطار.







أرقب ملامحَ وجه أبي، فإذا بي أراه قد تلبَّدت غيومه، وبرزت عروقه، طأطأ رأسه وأطرق حينًا من الزمن لا ينبس ببنت شفةٍ! قلت في نفسي: ما الذي حصل؟ كيف تغيَّر أبي من عُقاب كاسر إلى عصفور قد بلَّله المطر ما بين عشيَّة وضحاها؟ أهي صحوة ضمير؟ هل بدا له وجهُ ظلمِه لي؟



فقال: يا بني! (شخصت ببصري نحوه أرقب ماذا سيقول، لكنه ما لبث أن سكت).



قلت: ماذا يا أبي؟



قال: يا بني، سأكون صادقًا معك اليوم.



قلت: يا أبي، لكني لم أجرِّب عليك كذبًا قطُّ.



قال أبي: هي... قاطعته مسرعًا بعدما تمتم ولم يكمل كلامه.



قلت: مَن هي يا أبي؟ لقد راودني الشك والحيرة مما تقول، إني أراك متردِّدًا، كأنك تخفي شيئًا.



قال أبي: هي أمُّك.



قلت: ما بالها أمي؟



قال: لقد صبرت واحتسبت وذاقت معي حلو الزمان ومرَّه، وقاست معي لفح الحر وقرس الزمهرير.



قلت: أعلم ذلك، ومن الذي سينكر ما قدَّمته أمي من تضحيات جسام في سبيل ضمان استقرار عائلتنا.







نظرت إلى أبي، فرأيت وجهه قد تمعَّر فجأة، يحاول أن يحبس العبرات من عينيه، لكنها تأبى إلا أن تشق لها طريقًا في خدِّه، تسمر مكانه كأنما يعالج أمرًا عظيمًا، وهذه أول مرة أرى فيها أبي يستعبر، يحاول أن ينطق، لكنه ما يلبث يعود له الخرس من جديد، أطرق كثيرًا، عمَّ الصمت المكان، فما أسمع بين الفينة والأخرى سوى تنهيدة عميقة كأنما يصعد بها من بئر! صار خده مخضبًا بالدموع كأم ثَكْلى تبكي وحيدَها، أما أنا فكأن على رأسي الطير، أنتظر بلهف ماذا سيقول؛ لأن الأمر صار على المحكِّ، وهذه لحظات حاسمة في مسار حياتي.







أخيرًا شخص ببصره نحوي، وقال بصوت متقطع يغالبه البكاء ولا يكاد يسمع: أتعلمُ لماذا رفضت زواجك من تلك الفتاة؟



قلت: لأجل هذا أتيت، أريدك أن تبين لي لماذا رفضت بادئ الأمر، ولم تورِدْ أي سبب يذكر؟



قال وهو يغالبه البكاء من جديد: لقد ظلمتك وظلمتُ أمَّك!



قلت كالمستنكر للخبر: وما وجه ظلمك لنا؟







قال وهو يستجمع ما بقي له من أنفاس: منذ أكثر من عشرين سنة قادني غروري، وسوَّلت لي نفسي أمرًا، وأملَتْ عليَّ شرًّا، تعرفت على فتاة في مقتبل العمر وشغفت بها حبًّا، وكنت حينها قد تزوجت أمَّك، فقامت بيني وبين تلك الفتاة علاقة حميمية طالت لمدة، فتناسيت العقد الغليظ الذي بيني وبين أمك.







قلت وأنا لا أصدق ما أسمع: لقد كنت خائنًا طوال هذه المدة؟! لكن ما وجه إخراجك لهذه الخرقة البالية من تاريخ شقاوتك البئيس؟ ما إن سمع كلامي حتى أجهش بالبكاء.







قال والدموع تنهمر من خده بغزارة: سيأتيك الخبر، لقد أنجبت من تلك المرأة التي واقعتها بنتًا.







قلت كالمستغيظ: وما شأني أنا بتلك الفتاة؟



قال وهو ينفجر باكيًا: تلك الفتاة التي تريد أن تتزوجها هي أختُك.







طعنني بخنجر مسموم ثانيةٍ، فسرى سمُّه في أحشائي يمزِّقها شلوًا شلوًا، ذُقْتُ غصص الموت بلا موت، وقع الخبر عليَّ كالصاعقة، فأحرق كل شيء في قلبي، تمنيت لو انشقت الأرض وابتلعتني ولم أسمع هذا الخبر، لم أصدق، ولم أُرِدْ أن أصدِّق، مزقني إلى أشلاء، وألقى بكل أجزائي في أتون مستعر، تحجَّر بصري، خرس لساني، شعرت بيبس في أطرافي.







لماذا يا أبي جنَيْتَ عليَّ؟ لماذا طعنتني في مَقاتلي؟ لماذا مزَّقت شمل أسرتي؟ أريد أن أسعد ولو لحظة في حياتي، لكنك حرمتني، أريد أن أشعر بدفء بيت الزوجية، لكنك استدعيت هذه الخطيئة المنحطة التي لن ينساها لك التاريخ أبدًا، لماذا دنست عرضَ العائلة، وجعلتنا سنهوي إلى الحضيض بعد أن كنا في كرامة وعزة، أي عيش سيطيب؟! وأي طعم سيكون للحياة بعدما نغصتها علينا...؟!







سمعت أمي بالخبر، فوقعت صريعةً على الفور، وأصيبت بجلطة دماغية، نُقلت على إثرها إلى قسم المستعجلات... فمن هذا القلب الذي سيقوى على تحمل سهام الخيانة؟







أما أنا، فتركت البيت منذ ذلك الحين، تائه في الغابات حافي القدمين، وعليَّ أسمال بالية أحاول أن أنسى هذا الكابوس، أحاول أن أدفنَ هذا الماضي التعيس، لكن لم أقدر، في بعض الأحيان أجري وكأني بشيء يطاردني، صرت أعيشُ في ذُعْر وهلع مستمرَّيْنِ، أخاف حتى من ظلي، إلى أن قادتني قدماي إليك.







ربت الشيخ على كتفي، وما لبث أن احتضنني، فشعرت كأن روحي تنبث تنبعث من جديد، تسلل إليها الدفء، وبدأ يدب الانتعاش في أطرافي التي يبست، نظر الشيخ إليَّ وقال: يا بني، لم يقدر الله لك أن تجتمع بتلك الفتاة، التي هي أختُك في الأصل، وأبوك أخطأ خطأ عظيمًا، لكن توبته قد ظهرت، وأمره إلى ربه، وأنت لم تخلق في هذه الدنيا لتعيش تعيسًا، بل لتعيش سعيدًا.







يا بني، لا تنتظر السعادة من أحد، فمِفتاحُها في يدك، هي راكدة في أعماقك تنتظر من يبعث فيها الروح من جديد، فمثلًا: مروحة الهواء لا ينبعث منها هواء، لكن حينما تتحرك تفعل الأعاجيب، هكذا يجب أن تفعل، تسافر في أعماق روحك السحيقة، لتثير حبيبات السعادة وتنثرها من جديد، هكذا سيبزغ فجرك، وتطوي صفحاتك المظلمة، لتنطلق مرة أخرى وكلُّك نشاط وحيوية، ثِقْ بي إن فعلت هذا، سترى العجب العجاب، سترفل في أثواب السعادة كلَّ يوم، سترمق شمس الأمل تشع في قلبك من جديد؛ فاللهُ لن يخيبك، لقد كان مقصدك شريفًا؛ أن تتحصن وتعفَّ نفسك، فهذا بإذن الله سيتحقق إن سلكت الطريق الصحيح، لقد عاينت وسمعت ماذا حصل لأبيك حينما حاد عن الجادَّة، يجب أن تعتبر مما حصل له؛ لكي لا تُلدَغ من نفس الجحر الذي لُدغ منه أبوك، أنا أتوسم فيك رجلًا شهمًا، لا ترضى بالذل، عزيز النفس، رقيق القلب، تحب الخير لكل مَن حولك.







كانت كلمات هذا الشيخ - الذي حسبته يُلْهَم - كترياق يقضي على بقايا السمِّ التي كانت عالقة في جسدي جراء طعنات الخنجر المسموم الذي طعنني به أبي، بدأت الحياة تدب في عروقي من جديد، نصائح الشيخ جعلتني أضرب صفحًا عن صفحات مظلمة في حياتي، وأن أبدأ من جديد بعزم وحزم لا ينثني، فالقادم أفضل بإذن الله.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 68.01 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 66.11 كيلو بايت... تم توفير 1.90 كيلو بايت...بمعدل (2.79%)]