لا أبحث عن ملجأ أيتها الروح (قصة) - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4408 - عددالزوار : 847707 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3938 - عددالزوار : 384681 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 163 - عددالزوار : 59483 )           »          المستشرقون.. طلائع وعيون للنهب الاستعماري الحلقة الثالثة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 596 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          أبواب الجنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          المتسولون (صناعة النصب والاحتيال) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          إلى كل فتاة.. رمضان بوابة للمبادرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          أســـرار الصـــوم ودرجات الصائمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13-09-2021, 11:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,300
الدولة : Egypt
افتراضي لا أبحث عن ملجأ أيتها الروح (قصة)

لا أبحث عن ملجأ أيتها الروح (قصة)
د. أسعد أحمد السعود







بل كل ما أعلمه عن جزئيات الحياة؛ حياة نفس لا زالت روحها تتجول، وتنتعش بتغلغُلِها الدائب في خلايا الجسد الذي تقطن فيه، رغم كل أكوام الهم والقلق التي تكلل النفس، وتحيط بها من كل جانب؛ من جراء البحث والتفكير في كيفية الحصول على أي نوع من أنواع الغذاء.

قالت لي: لا يمكن لي أن أكون غريبة في جسدك، وأنت قد أصبحت غريبًا في حارتك ومدينتك، تعالَ لنكوِّن وطنًا صغيرًا، لا يراه أحد غيرنا نحن الاثنين، نهرب فيه من الدمار والحصار، أنت تبعث فيَّ غذاء الذاكرة، وأنا أرتضي لك الكفاف والعناد!

سألتها: والروح بيننا؟
أجابت واثقة: اتركها في تبخترها غير عابئة بما يجري خارجَنا!

وعللتها بالبحث عن رغيف خبز، أو ما يقاربه في الشبه، رغم يقينها الذي ترسخ في تاريخ بنائها أنني أحاول الالتفاف على ما تعاهدنا عليه، وغضت الطرف لما فشلت في الحصول عليه، واختفى ذلك الرغيف.

ظهر بعده شيء ينتمي إلى جنسه، اعتراه حب الظهور لفترة، ثم ما لبث أن أخذ يتبع سبيل سابقيه، يختفي أيامًا، ويظهر يومًا، ولا بأس به حين يبعث قليلًا من الاطمئنان، ويقوض الخوف المتزايد من تشديد الحصار.

تبقى تلك الروح تتبختر في كينونتها، غير عابئة بالكيف الذي يأتيها لتستمر في غرورها.
♦♦♦♦


أحس باستنفار نفسي حينما تبدأ بمناكفتي وهي مضطربة، قبل أن تكتحل عيني برؤية جنس يتبع فصيلة (الحزم الخضراء) أيًّا كان اسم عائلتها، فالحصار أصدر (فرمانه) بالاستغناء عن التسميات، والاكتفاء بالتوصيف بشكل الشيء ووجوده، أو لربما هو النسيان القسري لكل الأسماء التي لم تعد تراها عيوني الذابلة، ومع ذلك فقد غدت هي الأخرى (الشتلات الخضراء) من النوادر بعد عدة استعراضات وجودية غذائية بدائلية، بعدما حثت وشجعت وظيفة غدد اللعاب على العودة إلى وظيفتها التاريخية، ويأتي دوري لأناكف نفسي التوَّاقة لأي غذاء عندما أذكرها بمثل حكمة: (القوة والضعف)، يوم كانت تضرب لنا أيام مقاعد الدرس، وتقدم بزينتها الحماسية المذهبة المزركشة، فلا أرى القوة هنا إلا بتفرق أي شيء فرادى، والقوة بالسعر الباهظ؛ (فالغصن) أو الفرع الصغير من حزمة البقدونس، أو نبات (السلق) أو (الرِّجلة) يتجاوز سعره ثمن خمسة أرغفة من الخبز الأبيض المنقرض!
♦♦♦♦


أخاف أن يسمعني أحدهم وهو يمر من جانبي، ويقول لي: إن هذا التشبيه فيه إجحاف وغلو، بالرغم من أني أسير وحدي، ولا أرفع صوتي، ولا أكلم إلا نفسي التي ترافقني كشخص صديق أوجدته عَنوة اكتسب القوة بتحمل مناكفتي القاسية له، مثلما اكتسبت أي نفس أخرى في هذا المكان التحمل نفسه، فوجود هذه النفس الآن في أضعف حلقة من الحياة الإجبارية، وفيها ما يدل على إكسير بقائها في أدنى قيمتها؛ ألا وهو (الغصن الأخضر) الذي يعود بمردوده عندما يؤكل (بشهية مصيرية) بنصف كيلو من اللحم القائم، إذا ما تناوله حيوان معدٌّ للغذاء الآدمي في مدة أقصاها أسبوع واحد، بينما هو الآن (غصن من البقدونس أو السلق) إن وجد في هذا (السوق المقفر) قد تحولت وظيفته في عملية الغذاء البيولوجية إلى الغذاء الآدمي الرئيس مباشرة، ومن دون واسطته الدورية الطبيعية، ومع ذلك لا يستطيع هذا المخلوق البشري في هذا الحصار الإجرامي الحصول عليه (إن وجد) إلا ( بمقايضته) سعريًّا بخمسة أرغفة خبز (مجهول التركيب والتصنيع)، أو ما يعادل ثمنها من العملة المحلية ذات فئة الأرقام المتقدمة الغابرة، التي ولَّت هي الأخرى منذ زمن إلى خزائنها الدافئة إلى غير رجعة!
♦♦♦♦


لا أدري ما الذي يفيدني أيتها النفس من كل هذا التأويل؟!
ولكن قرِّي واطمئني؛ فلا أجده إلا وهو يصنع لي حاجزًا وهميًّا مؤقَّتًا ينتزع مني قليلًا من القلق والخوف، عندما أتبع الطرق الملتوية بين أكوام الدمار، ومن تحت أبنية خاوية منكوبة الجدران؛ لتسهيل الوصول إلى أي مكان بأقصر الطرق وأسرعها وآمنها، لم يلبث هذا القلق أن يعيدني إلى واقع نفسي القابعة في داخلي، عندما أمرُّ بساترٍ قماشي متقطع ممزَّق، يكون جل مهمته منع الرؤيا من قنَّاص رابض في الطرف الخارجي، ينتظر فرصة مرور هيكل عظمي مثلي، يلمح (بناظوره) ما قد غنمته يداي المرتعشتان من غلال (سوق الوادي) المقفر الحزين، لا أرغب من ذاك المتربص الحصول على مبتغاه، ولكنها أمنية نفسي الأخيرة ألا تزهق روحها بخسارة ما غنمته من بضعة أغصان من البقدونس أو السلق، أو رغيف مشوَّه كان قد عزم أمره أن يبعث فيَّ أمل نوم هادئ لليلة بلا تضوُّر من جوع وقلق راعب مخيف من غدٍ مجهول.
♦♦♦♦


وحيث لم يذهب تأثير ما عايشته قبل قليل، وما ترك على عقد مفاصل أرجلي، ولكنها فرحة غريبة، تزور النفس المنتظرة القلقة للحظة، عندما رأيت شابًّا ناتئ العظام قد أكل الحصار من قوامه ما أكل، مشرئِبَّ العروق، امتلكته شجاعة غريبة، وقد فرش على غطاء محرك سيارة شحن محترقةٍ بضع شتلات من البقدونس والرجلة، ولا يسأله أحد من أين أتى بهذه الغنائم الفريدة؛ فهو في أوج فرحته بحلم يعيشه حتمًا، حتى يبيع غصنًا أو اثنين من البقدونس أو الرجلة، بثمن يعادل السعر التاريخي لرغيف خبز أيام مجده الغابر، حتى يموِّه على المشترين - إن كان المال متوفرًا لديهم - أنه غير جشع ولا محتكر، ويا لسعادة ذلك الشاب وتلك العجوز المتكئة بهيكلها العظمي المنحني على ماسورة مياه قد أتى الصدأ عليها تريد غلبته بمديد عمرها وتنال منه ما يسدُّ رمقها!

وجهان متماثلان في ملامح محنة الحصار، تفرق بينهما سنون عمر متلونة كئيبة، تحمل على قدر كل منهما تجاعيد بآثار شتى، تجمدت على وجه كل منهما ابتسامة مغدورة هي قد حصلت على ما يبقي روحها تتراقص على ثنايا سنيها المتبقية!

والشاب مازال يعوم في حلمه، وقد حصل على مال قليلٍ ربما ليطعم به أمًّا أو صغارًا قد نجَوْا من شبح الموت الهائم حول ما تبقَّى من ركام بيوت مشقَّقة الجدران، آيلة للسقوط.

كانت يد ذلك المتربص الآثم تحمل قذيفة المورتر وقد ضبط إحداثيات الفجيعة المجرمة!

ها قد تلاقت الأيدي الثلاث بذات اللحظة، التي هللت زغاريد الأرواح المتصاعدة المتلألئة إلى بارئها:
يد الغدر حين ألقت بالقذيفة في أسطوانة مدفعها.
ويد الشاب الحالم حين تناول المال من يد العجوز المرتعشة، وفيها غصن البقدونس الإكسير.
وأولئك الهائمون، الذين كانوا ينتظرون أمرًا ما، لا ليشتروا ولا ليأكلوا ...! تفرقت أشلاؤهم، وتجمَّعت أرواحهم!
♦♦♦♦


لا ورب الأرواح لم يكن واحدٌ من هؤلاء ولا أنا ولا الذين كانوا يجاورونهم في لحظتها، ويعايشون آمالهم بعيونهم الحائرة الغائرة - لم يكن أيٌّ منهم يبحث عن ملجأ ليهرب من الموت، ولكن هي الروح آثرت أن تأوي إلى ملجئها المقدَّس، وأما العيون التي شهدت المجزرة المأثرة، فقد جحظت لتتَّسع من ألوان مأساة الحصار ما شاء مفتعِلها، لتعيش نفس أخرى وترى أي الأرواح قد أخذت دورها في مشهد جديد يصنعه شيطان أخرس آخر؟!



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 58.19 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 56.31 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (3.24%)]