|
|
ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم قسم يختص بالمقاطعة والرد على اى شبهة موجهة الى الاسلام والمسلمين |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
العهد المكي وبناء الأخلاق والقيم
العهد المكي وبناء الأخلاق والقيم إدريس أحمد كان النبي صلى الله عليه وسلم في العهد المكي بين فترة البعثة المحمدية حتى الهجرة النبوية المباركة إلى المدينة يركز في دعوة الناس والصحابة على وجه الخصوص على تربية المسلمين الأوائل على الأخلاق الفاضلة والقيم النبيلة، وكان المسلمون في هذه المرحلة الأولى من الدعوة مستضعفين، وكانوا الكفة الضعيفة في صراعهم مع الكفار، لذلك كان التركيز في هذه المرحلة على بيان أصول الدين، كالإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر، وعلى مبادئ الأخلاق ومكارمها كالعدل والإحسان والوفاء بالوعد وأخذ العفو والخوف من الله وحده، والشكر له على امتنانه، وتجنب مساوئ الأخلاق من الكذب والزنا والقتل ووأد البنات والتطفيف في الكيل والميزان، والنهي عن كل ما هو كفر أو شرك وما يتصل بهما من الذبح لغير الله والاستقسام بالأزلام والطيرة وغير ذلك. بدأ النبي صلى الله عليه وسلم هذه المرحلة المكية بالدعوة سرا إلى الله تعالى، كان يدعو إلى ذلك سرّا حذرا من وقع المفاجأة على قريش التي كانت متعصبة لشركها ووثنيتها، فلم يكن عليه الصلاة والسلام يظهر الدّعوة في المجالس العمومية لقريش، ولم يكن يدعو إلا من كانت تشدّه إليه قرابة أو معرفة سابقة[1]. وكان في أوائل من دخل الإسلام من هؤلاء: خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وهي زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن حارثة مولاه عليه الصلاة والسلام ومتبنّاه، وأبو بكر بن أبي قحافة، وعثمان بن عفان، والزّبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص.. وغيرهم، رضي الله عنهم جميعا. ويلاحظ أن أغلب الأوائل الذين دخلوا في الإسلام خليط من الفقراء والضعفاء وبعض الأقارب، وهذه الثمرة الطبيعية لدعوة الأنبياء في فترتها الأولى. ألم تر إلى قوم نوح كيف كانوا يعيّرونه بأن أتباعه الذين من حوله ليسوا إلا من أراذل الناس ودهمائهم: (ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ) [هود: 27]. وكان فرعون فرعون وشيعته يحقرون أتباع موسى ويستصعفونهم، يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص: 4]. ونبي الله صالح عليه السلام تولى عنه الزعماء مستكبرين، وآمن به الناس المستضعفون، حتى قال الله في ذلك: (قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ، قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ). [الأعراف: 75- 76]. والسّرّ في ذلك، أن حقيقة هذا الدّين الذي بعث الله به عامة أنبيائه ورسله، إنما هي الخروج عن سلطان الناس وحكمهم إلى سلطان الله وحكمه وحده. وهي حقيقة تخدش أول ما تخدش ألوهية المتألهين وحاكمية المتحكمين وسطوة المتزعمين، وتناسب أول ما تناسب حالة المستضعفين والمستذلين والمستعبدين. ولا يفهم من هذا الكلام أن المستضعفين الذين أسرعوا إلى الإسلام قبل غيرهم لم يكن دخولهم فيه عن إيمان بل عن قصد ورغبة في التخلص من أذى المستكبرين وسلطانهم. ذلك لأن الإيمان بالله وحده والتصديق بما جاء به محمد عليه الصلاة والسلام، كان قدرا مشتركا بين زعماء قريش ومستضعفيها، فما منهم أحد إلا وهو يعلم صدق النّبي صلّى الله عليه وسلم فيما يخبر عن ربّه، غير أن الزعماء والكبراء فيهم كانت تصدّهم زعامتهم عن الانقياد والاتّباع له[2]. وأما كفار قريش فقد عاملوا النبي صلى الله عليه وسلم ومعه الصحابة رضوان الله عليهم – وهم في مكة المكرمة- بالإساءة والأذى، ومارسوا ضدهم أساليب الضغط المختلفة تصل في بعضها إلى درجة تشويه السمعة[3]، والتهديد[4]، والتعذيب كما فعلوا بالصحابي الجليل بلال بن رباح، وبيت آل ياسر، بلغ بهم العذاب والنكال الشديد حتى استشهد والدا عمار وهما ياسر وسمية تحت وطأة التعذيب والاعتداء[5]، وقد يلجؤون إلى الترغيب والإغراء بالمال والمنصب والنساء، حتى وصل بهم الأمر إلى المقاطعة. لكن رغم كل هذه المصائب والمكائد، كان الصحابة صابرين مثابرين ومتماسكين لا تزعزعهم هذه الأحداث، وضربوا المثل الأعلى في الثبات والتمسك بالمبادئ وعدم الاغترار بالوعود أو الرضوخ للضغوطات. وكان نتيجة هذا الصبر والثبات في مواجهة مكائد الأعداء، دخول الناس في الإسلام بعد فترة وجيزة أرسالا من النساء والرجال حتى فشا ذكر الإسلام بمكة وتحدّث به. وهنا أمر الله رسوله أن يصدع بما جاءه من الحق، وأن يبادي الناس بأمره وأن يدعو إليه، وكان بين ما أخفى رسول الله أمره واستتر به إلى أن أمره الله بإظهار دينه ثلاث سنين من مبعثه. تعلم الصحابة رضوان الله عليهم خلال مراحل الدعوة السرية والجهرية في مكة المكرمة حتى الهجرة النبوية المباركة، منهاج الحياة ومعاملة غير المسلمين، القيم الأخلاقية الرائعة ومنها:
[1] فقه السيرة النبوية مع موجز لتاريخ الخلافة الراشدة (ص68). [2] «فقه السيرة النبوية مع موجز لتاريخ الخلافة الراشدة» (ص71). [3] جاء في البداية والنهاية: عن ابن عباس أن الوليد بن المغيرة اجتمع ونفر من قريش، وكان ذا سن فيهم، وقد حضر الموسم، فقال: إن وفود العرب ستقدم عليكم فيه، وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا، فأجمعوا فيه رأيا واحدا .. ولا تختلفوا فيه فيكذب بعضكم بعضا، ويرد قول بعضكم بعضا. فقيل: يا أبا عبد شمس: فقل وأقم لنا رأيا نقول به. قال: بل أنتم فقولوا وأنا أسمع. فقالوا: نقول كاهن. فقال: ما هو بكاهن، رأيت الكهان، فما هو بزمزمة الكهان. فقالوا: نقول مجنون. فقال: ما هو بمجنون، ولقد رأينا الجنون وعرفناه، فما هو بخنقه ولإ تخالجه ولا وسوسته. فقالوا: نقول شاعر. فقال: ما هو بشاعر، قد عرفنا الشعر برجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه، فما هو بالشعر. قالوا: فنقول هو ساحر. قال: ما هو بساحر، قد رأينا السحار وسحرهم، فما هو بنفثه ولا عقده. قالوا: فما نقول يا أبا عبد شمس؟ قال: والله إن لقوله لحلاوة، وإن أصله لغدق، وإن فرعه لجنى، فما أنتم بقائلين شيئا من هذا إلا عرف أنه باطل. وإن أقرب القول لأن تقولوا هذا ساحر، فتقولون هو ساحر يفرق بين المرء ودينه، وبين المرء وأبيه، وبين المرء وزوجته، وبين المرء وأخيه، وبين المرء وعشيرته .. فتفرقوا عنه بذلك فجعلوا يجلسون للناس حتى قدموا الموسم، فلا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه، وذكروا لهم أمره). [4] قال محمد بن إسحاق: (أبو جهل الفاسق الذي يغري بهم في رجال من قريش، إذ سمع بالرجل قد أسلم له شرف ومنعة أنبه وأخزاه، وقال: تركت دين أبيك وهو خير منك، لنسفهن حلمك، ولنقيلن رأيك، ولنضعن شرفك، وإن كان تاجرا قال: والله لنكسدة تجارتك، ولنهلكن مالك، وإن كان ضعيفا ضربه وأغرى به). [5] قال ابن مسعود رضي الله عنه: (كان أول من أظهر الإسلام سبعة رسول الله (ص)، وأبو بكر، وعمار، وأمه سمية، وصهيب، وبلال، والمقداد، فأما رسول الله (ص) فمنعه الله بعمه، وأبو بكر منعه الله بقومه، وأما سائرهم فأخذهم المشركون فألبسوهم دروع الحديد، وصهروهم في الشمس فما منهم من أحد إلا وقد أتاهم على ما أرادو، إلا بلالا فإنه هانت عليه نفسه في الله تعالى، وهان على قومه فأخذوه، فأعطوه الولدان فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة وهو يقول: أحد، أحد). رواه ابن ماجه وقال: في الزوائد إسناده ثقات، رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك. [6] راغب السرجاني، https://www.islamstory.com/ar/artical [7] أخرجه البخاري، في فضائل القرآن، باب تأليف القرآن (4707). [8] المطلق، إبراهيم، التدرج في دعوة النبي (55): وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد – مركز البحوث والدراسات الإسلامية، الطبعة: الأولى، ١٤١٧هـ. [9] فقه السيرة النبوية (75).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |