خاتم النبيين - ملتقى الشفاء الإسلامي
 
اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215326 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          اضطراباتي النفسية دمرتني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          زوجي مصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 182 - عددالزوار : 61192 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 123 - عددالزوار : 29177 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث > ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم

ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم قسم يختص بالمقاطعة والرد على اى شبهة موجهة الى الاسلام والمسلمين

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 09-04-2022, 05:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي خاتم النبيين

خاتم النبيين
الشيخ خالد بن علي الجريش


بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين.
الحلقة الأولى:
حينما يكون الطرحُ عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، فهو لا شك أنه كلامٌ جميلٌ كريمٌ عن أعظم رجل في تاريخ الإنسانية، بل أفضل رُسل الله وأنبيائه، بل إن الرسل يوم القيامة حال الشفاعة كل منهم يقول: نفسي، نفسي، وأما هو عليه الصلاة والسلام، فيقول أنا لها، فالحديث عن سيرته عليه الصلاة والسلام له حلاوة تجذبها القلوب السليمة، وأيضًا كذلك له طلاوة ترغبها العقول الزاكية، كيف لا وهو سيدُ ولد آدم، فما أشرقت الشمسُ على أفضل منه، عليه الصلاة والسلام، فدراسة سيرته عليه الصلاة والسلام هي هدى يهتدي به المسلم في حياته كلها في عباداته وفي عاداته، بل في جميع أحواله، فالاقتداءُ به عليه الصلاة والسلام هو الصراط المستقيم، هو الموصلُ إلى والسعادة في الدنيا والآخرة، فما من شاذةٍ ولا فاذةٍ إلا ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام للأمة تصريحًا وتلميحًا، وبيَّنها وأوضحها، ونحن نشهد أنه بلَّغ الرسالة ونصَح الأمة، وأدى الأمانة عليه الصلاة والسلام.

وقد كان ميلاده عليه الصلاة والسلام باتفاق أهل العلم أنه يوم الاثنين كما اتفقوا أيضًا أنه في عام الفيل، وكذلك اتفقوا أنه وُلد في مكة، لكن أهل العلم اختلفوا في تاريخ اليوم والشهر، فأما الشهر، فرأى جمهور أهل العلم أنه في ربيع الأول، وأما اليوم فقد ذكر ابن كثير أقوالًا عدة لكن رأي الجمهور أنه في الثاني عشر من ربيع الأول، فاليوم الذي ولد فيه ليس فيه إجماع بين أهل العلم، ولا يصح تمييزه بشيءٍ؛ حيث إن سلف الأمة لم يفعلوا ذلك، وكان ميلاده يوافق عام خمسمائة وواحد وسبعين للميلاد، وأما نسبه الشريف، فهو محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانه بن خزيمة بن مدركه بن إلياس بن مضر بن نزار بن عدنان؛ قال الذهبي رحمه الله: وعدنان من ولد إسماعيل بن إبراهيم بالإجماع، وما بعد ذلك فمحل خلاف، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى بني هاشم من قريش، واصطفاني من بني هاشم)؛ رواه البخاري، ولذلك قال هرقل لأبي سفيان: كيف نسبه فيكم؟ قال أبو سفيان: هو ذو نسب، فقال: هرقل وكذلك الرسل تبعث في نسب قومها؛ رواه مسلم، وقد اجتمع له صلى الله عليه وسلم علو النسب من جهة أبويه كليهما، وأما كنيته فأبو القاسم وفي البخاري يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا قاسم أضع حيث أمرت)؛ رواه البخاري، وقد نهى عن التكني بكنيته، وأباح التسمي باسمه؛ حيث يقول عليه الصلاة والسلام، (سَمُّوا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي)؛ رواه البخاري ومسلم.

وبعد ولادته عليه الصلاة والسلام حضنته أم أيمن بركة الحبشية أَمَةُ أبيه، وأول من أرضعته ثويبةُ أَمَة عمه أبي لهب وهي إحدى مرضعاته، وقد كان من مرضعاته حليمه السَّعدية، وقد كان لها خبر عجيب، فعن عبدالله بن جعفر رضي الله عنه، قال: لَما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمت حليمة بنت الحارث في نسوة من بني سعد بن بكر يلتمسون الرضعاء في مكة، قالت حليمة: فخرجت في أوائل النسوة على أتان لي وهي أنثى الحمار، ومعي ناقة ليس فيها لبن، وذلك في سنة قحط قد جاع الناس جوعًا شديدًا ومعي ابن لي لا ينام من الجوع، فلما قدمنا مكة، فما بقيت امرأة منا إلا وعرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم لترضعه فكرِهته؛ حيث قلن جميعًا: إنه يتيم وما عسى أن نحصل عليه من وراء هذا اليتيم، فما من امرأة إلا وأخذت رضيعًا ترضعه، وأما أنا فلم أجد غير هذا اليتيم، فقلت: لا أرجع إلى قومي بلا رضيع، وعسى الله أن ينفعنا به، فأخذته فأتيت به الرحل، فوالله ما هو إلا أن أتيت به الرحل، فأقبل ثدياي باللبن حتى أرويته وأرويت ابني الآخر الذي لم يجد لبنًا في أول الأمر، ونظرت إلى ناقتنا المسنة التي ليس فيها لبن، فإذا هي كثيرة اللبن فحلبناها وشربنا وروينا، فقال زوجي: يا حليمة، تعلمين والله لقد أصبنا نسمة مباركة، قالت: فبتنا بخير ليلة شباعًا، وكنا لا ننام من الجوع، ثم رجعنا إلى بلادنا أنا وصواحبي، فركبت حماري وحملته معي، فوالذي نفسي بيده أننا سبقناهم حتى النسوة ليقلنَ لا تسرعي علينا هل هذه هي أتانك التي خرجت عليها، فقلت نعم، فقالوا إنها كانت ضعيفة فما شأنها؟ فقلت لهن إنها والله حملت غلامًا مباركًا، قالت فخرجنا فما زال يزيدنا الله تعالى كل يوم خيرًا حتى قدمنا بلادنا بني سعد وهي قحط، وكان الرعاة يريحون بأغنامهم جياعًا وتروح غنمي بطانًا، فيقولون ما بال غنمنا جياعًا وغنم حليمةَ بطانًا، اسرحوا حيث تسرح غنم حليمة، قالت وكان عليه الصلاة والسلام يشب شبابًا لا يشبه أحدًا من الغلمان، فلما تم له سنتان قدمنا به مكة فقلنا لأمه والله ما رأينا صبيًّا قط أعظم بركة منه، وإنا نخشى عليه من وباء مكة، فأذني لنا بإرجاعه إلى بلادنا فأذنت، فرجعنا به فأقمنا أشهرًا، وبعد تلك الأشهر المعدودة حصلت حادثة شق الصدر فبينما هو يلعب هو وأخوه مع الصبيان خلف البيوت؛ إذ جاءه رجلان عليهما ثياب بيض، فأخذاه واضجعاه فشقا بطنه، فجاءنا أخوه بالخبر فخرجنا إليه أنا وزوجي فوجدناه قائمًا قد تغير لونه فلما رآنا بكى فسألناه فذكر الحادثة المذكورة فلما حصل ذلك الحدث ذهبنا به إلى أمه مستنكرين ما حصل فاستنكرت أمه قدومنا به في العجلة فقالت إن لكما لشأنًا فأخبراني فلم تزل بنا حتى أخبرناها الخبر فقالت سأخبركما خبره إنني إذ حملت به خرج مني نور أضاء له أعناق الإبل ببصرى.عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - أتَاه جبريل - عليه السلام - وهو يَلْعَب مع الغِلمان، فأخَذَه فصَرَعه، فشقَّ عن قلبه، فاستَخْرَج القلب، فاستخرج منه عَلَقة، فقال: هذا حَظُّ الشيطان منك، ثم غَسَله في طَسْت مِن ذَهَب بماء زمزم، ثم لَأَمَهُ، ثم أعاده في مكانه، وجاء الغِلْمان يَسْعَون إلى أُمِّه - يعني ظِئْرِه - فقالوا: إن محمدًا قد قُتِل، فاستَقْبَلُوه وهو مُنْتَقِعُ اللَّوْن، قال أنس: «وقد كنتُ أَرَى أثر ذلك المِخيط في صدره؛ رواه مسلم.

مستمعي الأكارم سنأخذ بعض الدروس المستفادة مما سبق فالسيرة كلها دروس وعبر.

1- الدرس الأول: أهمية دراسة السيرة والقراءةِ فيها ومناقشتها مع الأقران والجلساء؛ لأنها نبراس كبير يتمثله المسلم؛ إذ إنها سيرة أفضل البشر وخير الخلق وأحبهم إلى الله تعالى عليه الصلاة والسلام، فيمتثل القارئ والمستمع لتلك السيرة الأخلاق والعبادات والعادات الطيبة، فيكون محبوبًا عند الله تعالى وعند خلقة، فكم هو جميل لك أخي المستمع الكريم أن تجعل لك قراءة في تلك السيرة، وأقترح عليك كتابًا شيقًا في هذا المجال وهو كتاب الرحيق المختوم، فهو كتاب جميل في أسلوبه وطرحه، وقد حاز هذا الكتاب على المركز الأول في مسابقة السيرة العالمية لمؤلفه صفي الرحمن المباركفوري، وكم هو جميل أن تجتمع الأسرة على قراءة هذا الكتاب مستخلصة منه الدروس والعبر، وأن تضع عليه المسابقات الدورية وتبني عليه القيم الإيجابية.

2- الدرس الثاني: اليوم الذي ولد فيه النبي صلى الله عليه وسلم لا يتميز بشيء من العبادات، ولو كان ذلك مشروعًا لفعله خلفاؤه الراشدون والصحابة رضي الله عنهم أجمعين، وهو أيضًا غير معلوم بالتحديد، فقد وقع الخلاف بين أهل العلم في تاريخ هذا اليوم بالتحديد على أقوال عدة.

3- الدرس الثالث: كان نسب النبي صلى الله عليه وسلم أرفع الأنساب، ومع ذلك كان عليه الصلاة والسلام مضربَ المثل في التواضع، فرفعة النسب لا تجلب التفاخر على الآخرين أو التكبر عليهم، بل إن الميزان الحقيقي هو قوله تعالى: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13]، فالميزان التقوى وليس النسب إذ إن هذا الميزان وهو التقوى سيبقى يوم القيامة، أما النسيب فإنه سيزول يقول تعالى: ﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ ﴾ [المؤمنون: 101]، فنظرة الاستعلاء على الآخرين في الأنساب هي جاهلية محضة وكِبر لا مبرر له، فما أجمل التواضع مع علو النسب أسوة بالنبي صلى الله عليه وسلم.

4- الدرس الرابع: قوله عليه الصلاة والسلام: (تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي)، كان المنع من التكني بكنيته حال حياته عليه الصلاة والسلام، كما ذكره أهل العلم، أما بعد وفاته فلا بأس بذلك؛ لأنه أذِن لعلي إن ولد له ولد بعد وفاته أن يسميه باسمه ويكنيه بكنيته؛ كما في رواية الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وقال آخرون من أهل العلم إن المنع سائر حتى بعد حياته؛ كما ذكره ابن القيم رحمه الله تعالى: وقال آخرون أيضًا إن النهي في الجمع بين الاسم والكنية جميعًا، وأما إفراد أحدهما فلا بأس، ولعل الأرجح أنه جائز بعد وفاته عليه الصلاة والسلام.

5- الدرس الخامس: ما ذكرته حليمة السعدية في إرضاعها له هو خوارق للعادة فهي كلها دليل على صدق نبوته عليه الصلاة والسلام، وتمهيد لها ومقدمات للبركة الحاصلة فيه صلى الله عليه وسلم؛ حيث كانوا في جوع شديد وقحط، فلما أخذت النبي صلى الله عليه وسلم لإرضاعه ذهب عنهم ذلك الجوع وامتلأت الناقة من اللبن إلى آخر ما في قصتها من الخوارق العجيبة، وبهذا يزيد إيمان العبد عندما يقرأ تلك الخوارق العظيمة ويزداد ثباته على دينه.

6- الدرس السادس: في قصة حليمة السعدية أيضًا أنها لم تجد أحدًا ترضعه إلا ذلك اليتيم وهو محمد صلى الله عليه وسلم؛ حيث جاءت هي وصويحَباتها إلى مكة يردنَ إرضاع المواليد، فكل واحدة أخذت رضيعًا إلا هي لم تأخذ رضيعًا، فأخذت النبي صلى الله عليه وسلم على غير رغبة؛ لأنه يتيم وماذا يستفاد وراء ذلك اليتيم، فأخذته وهي كارهة، بل أخذته حتى لا ترجع وهي ليس معها رضيع، والله تعالى يقول: ﴿ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19]، فقد يكره الإنسان الشيء وفيه خير كثير له، فالحكمة البالغة لله تعالى وهو الذي يقدِّر الأمور ويقضيها وهو أعلم وأحكم، وليس هناك شر محض بحمد الله، فالمرض مثلًا هو مكروه للنفس وفيه خير وهو التكفير للذنوب، فعندما يحصل لك أخي المستمع الكريم أمر تكرهه فتفاءل خيرًا وانظر إلى المعنى الإيجابي فيه، وإياك والتسخط والجزع، بل عليك بالصبر والرضا والتفاؤل.

7- الدرس السابع: ما ذكرته آمنة أم النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث قالت: عندما وضعتُه أضاءت له قصور بصري، فهذا أمر خارق للعادة، وهو من الأدلة على أنه سيكون لهذا المولود شأن كبير، وفعلًا كان له شأن كبير، فهو رسول رب العالمين وأفضل الخلق أجمعين، وهذا مما يجعل الإيمان به عليه الصلاة والسلام يثبت في القلوب ثبوت الجبال الراسيات.

8- الدرس الثامن: في حادثة شق الصدر المشهورة آية عظيمة، وأمر خارق للنبي عليه الصلاة والسلام، وهو تهيئة لما سيكون عليه صلى الله عليه وسلم من النبوة والرسالة وعدم تسلُّط الشيطان عليه، وهو أيضًا تدعيم لأمته في تقوية إيمانهم به عليه الصلاة والسلام؛ حيث تم تنقية قلبه من مغمز الشيطان وتطهيره من كل خلق ذميم، وحتى لا يكون في قلبه إلا التوحيد الخالص؛ كما قاله السهيلي رحمه الله، فهذا الشق هو أمر حسي وقدرة إلهية عظيمة، وقد وردت في الصحيح، وهذا كما يقول ابن حجر رحمه الله تعالى: مما يجب التسليم به دون التعرض لصرفه عن حقيقته، فلا يستحيل شيء على الله عز وجل.

هذا التطهير لقلبه عليه الصلاة والسلام هو إعداد للعصمة من الشر والشرك، وقد دلت أحداث صباه عليه الصلاة والسلام على ذلك، فلم يرتكب إثمًا ولم يسجد لصنم رغم انتشار ذلك عند قريش، وكانت الحادثة بهذا الشكل الحسي؛ ليكون فيه ذلك الإعلان الإلهي بين أسماع الناس وأبصارهم.

9- الدرس التاسع: الخير كله فيما اختاره الله لعبده، فإن حليمة لم تأخذ محمدًا عليه الصلاة والسلام رغبة فيه، فإنه يتيم وقد لا تربح من اليتيم شيئًا، لكن الله صرف النسوة كلهنَّ عنه، وجعله من نصيب حليمة، ولم تفرح حليمة بهذا في مبدأ الأمر، بل كرهته ولكن الله يختار لعبده ما هو خير له، حتى اتضحت نتائج هذا الاختيار مع بداية أخذه، وكان من الخير الذي لحق حليمة الشيء الكثير، فقد درَّ ثدياها أكثر من ذي قبل، وأرضعت طفلها الذي لم ينم من الجوع فشبع وسكن ونام، فبنومه ارتاحت هي وزوجها وظهرت أيضًا البركة على ناقتهم؛ حيث كانت لا تدر اللبن، وبعد ذلك كانت تفيض اللبن الكثير الذي لم يعهد فيها، وظهرت البركة أيضًا على أغنامهم، وكانت هذا الأغنام أول الأمر عجفاوات هزيلات، ثم كانت بعد ذلك على أحسن مرأى ومن البركة أيضًا أن تشرَّف بيت حليمة بإرضاعه عليه الصلاة والسلام، وهو يذكر بهذا الشرف إلى قيام الساعة بخلاف النساء المرضعات الأخريات، وهذا درس عظيم لكل مسلم بأن يطمئن قلبه إلى ما قدره الله واختاره له، فيرضى ولا يندم، ويسلِّم الأمر لله ويحمده عليه.

10- الدرس العاشر: على المسلم أن يؤمن بقدرة الله تعالى القاهرة والعامة بأنه عز وجل على كل شيء قدير، وأنه يفعل ما يشاء، فالخلق خلقه والأمرُ أمره، وهو علام الغيوب يعلم ما ستؤول إليه الأمور، وهو الحكيم العليم فهو يقدِّر الأشياء بعلم وحكمه، ولا يعجزه شيء، وأمر الله تعالى نافذ إذا أراد شيئًا قال له كن فيكون، فهذه التدابير والمقادير في السيرة كلها حصلت بتقدير الله تعالى وعلمه وحكمته، فتأمل كيف صرف النسوة عن محمد عليه الصلاة والسلام، وجعله من نصيب حليمه، وتأمل كيف جاء جبريل وأمسك بمحمد عليه الصلاة والسلام أمام الصبية وشق صدره شقًّا حسيًّا، وغسل قلبه بماء زمزم .... إلخ، كل ذلك بقدرة القدير العظيم، فالإيمان بذلك واجب من واجبات الدين؛ لأن المسلم إذا آمن بهذه القدرة الإلهية، فإنه يعطيه اطمئنانًا وسعادة في الدنيا والآخرة؛ لأنه آمن بهذا الرب العظيم، فالله عز وجل على كل شيء قدير، ولا يُعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 963.46 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 961.65 كيلو بايت... تم توفير 1.81 كيلو بايت...بمعدل (0.19%)]