|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#81
|
||||
|
||||
رد: أحكام خطبة الجمعة وآدابها***متجدد
الصحيح من الأثر في خطب المنبر – الجزء الثاني (PDF) أبو عبدالله فيصل بن عبده قائد الحاشدي لا اله الا اللله
__________________
|
#82
|
||||
|
||||
رد: أحكام خطبة الجمعة وآدابها***متجدد
الصحيح من الأثر في خطب المنبر – الجزء الثالث (PDF) أبو عبدالله فيصل بن عبده قائد الحاشدي لا اله الا الله
__________________
|
#83
|
||||
|
||||
رد: أحكام خطبة الجمعة وآدابها***متجدد
الصحيح من الأثر في خطب المنبر – الجزء الرابع (PDF) أبو عبدالله فيصل بن عبده قائد الحاشدي لا اله الا الله
__________________
|
#84
|
||||
|
||||
رد: أحكام خطبة الجمعة وآدابها***متجدد
__________________
|
#85
|
||||
|
||||
رد: أحكام خطبة الجمعة وآدابها***متجدد
أدب التناصح والخطابة منال محمد أبو العزائم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. لقد أمرنا الله تعالى بالتناصح لبعضنا البعض، كما أمرنا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتبديله ما استطعنا. قال صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة. قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)[i]. وقال الله تعالى: {(كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)} [ii]. فلأن تنصح أخاك في الدنيا خير ليه من أن يصير إلى حساب عسير في الآخرة. حتى وإن تضايق منك وأسمعك ما لا يرضيك فإنه سيرجع إلى كلامك ويعيد حساباته فيما بعد فيتوب وينتهي. وتكون بذلك نفعته وأسديت له معروفا لا ينساه لك. وتنال دعاءه بظهر الغيب. ولك الأجر من الله على النصح، والصبر على الأذى وحب الخير للناس. قال صلى الله عليه وسلم: (خيرُ الناسِ أنفعُهم للناسِ)[iii]. كما تكون بذلك حققت أمر الله تعالى بخلافتة في الأرض وكونك جزء من الأمة الوسط الشهيدة على الناس. قال تعالى: {(وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)} [iv]. أدلة حث الإسلام على التناصح: لقد وردت نصوص كثيرة تحث على التناصح في القرآن والسنة، منها:
كل هذا الكم من الأدلة والنصوص يدل على أهمية التناصح في الإسلام. ولو تُرِك الناس دون تناصح لإنتشر الفساد والمعاصي وجهالات الناس وتماديهم في الغي والفجور. ونرى هذا بوضوح في مجتمعات الكفار، بل حتى في مجتمعات المسلمين التي يغيب فيها التناصح. وكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابين. فكلنا نذنب، ولكن عندما نسمع موعظة أو نصح نرجع ونتوب ونستغفر بفضل الله تعالى. وهذا ليس عيب، ولكن العيب التمادي في المعاصي وترك التناصح وتجاهل الأوامر والنواهي الربانية. وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى، أنه قال: "يا عبادي، إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعا، فاستغفروني أغفر لكم)[xi]. والتناصح خير ما يقدمه المرء لأخيه. فالنفس تغفل وينتبه غيرها، وتنسى ويذكرها غيرها، وتعصي وينصحها غيرها. كما يتشجع المسلمون على الطاعة مع بعضهم البعض. ولذا حث الإسلام على إلتزام الجماعة، وأمر بصلاة الجماعة، ونهى عن كل ما يجلب الفرقة والشتات. قال تعالى: {(وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)} [xii]. قال صلى الله عليه وسلم: (ما من ثلاثة في قرية، ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان، فعليك بالجماعة؛ فإنما يأكل الذئب القاصية)[xiii]. أي أن الشيطان أقدر على الذي يخالف الجماعة وينفرد. النصح عند الأنبياء عليهم السلام وكان الأنبياء عليهم السلام ينصحون أممهم. وعلى النصح والموعظة قامت دعوتهم. ومن ذلك:
وعلى الناصح أن يتبع مجموعة من الآداب حتى لا يثير بنصحه النفور والضرر لمن نصحه، ومن ذلك:
الغيرة على محارم الله وحقوق العباد من العدل في المؤمن، ولا يجدها في قلبه إلا إنسان طيب، يحب الخير للناس ولا يرضى لهم الظلم. وهي صفة يحبها الله تعالى. قال صلى الله عليه وسلم: «(ما من أحد أغير من الله، من أجل ذلك حرم الفواحش)» [xxix]. وقال القائل "الساكت عن الحق شيطان أخرس". وهي عبارة منتشرة بين الناس، لم أجدها في حديث، ولكن معناها يتماشى مع موقف الشريعة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وكذلك مع تحريم كتم العلم، وتحريم شهادة الزور، وتحريم الظلم والكذب وأكل مال الغير وأذى المسلمين. ومن يدافع عن الناس لحفظ حقوقهم يفك بذلك كربهم وينال الأجر من الله. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لقد أمر الإسلام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في قوله تعالى: {(كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ)} [xxx]. وهي مهمة جليلة تخدم إصلاح المجتمع وبث الأمن الديني والإجتماعي والتشريعي. وبه يتطهر المجتمع من براثن الجريمة وهتك الأعراض وسرقة الأموال وغيرها من الجرائم التي تعج بها البلاد التي ليس بها أي نوع من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وهي من أسس الرسالة والتعاليم الإسلامية. وقد وردت نصوص كثيرة تحث على الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في القرآن والسنة، مثل قوله تعالى: {(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)} [xxxi]. وقوله: { (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ)} [xxxii] [xxxiii]. وقوله صلى الله عليه وسلم: «(أنصر أخاك ظالما أو مظلوما. فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلوما، أفرأيت إذا كان ظالما، كيف أنصره؟ قال: تحجزه -أو تمنعه- من الظلم؛ فإن ذلك نصره)» [xxxiv]. آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
إن التناصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كثيرا ما يكون عن طريق الخطابة في خطب الجمعة أو العيدين أو غيرها. حيث يقف الخطباء سوى كانوا من أئمة المساجد أو من علماء الأمة أو القراء أو العموم المتفقهون في الدين ويلقون الخطب المنبرية. وهي مصدر جيد للتعليم خاصة في بلاد الغرب. حيث يحرص كثير من المسلمين سواء كانوا رجالاً أو نساءً أو أطفالاً لحضور خطبة الجمعة. وتكون بمثابة المصدر الرئيسي للعلم لكثير من المسلمين الجدد الذين يحتاجون من يدلهم ويرشدهم الطريق. فتكون أكثر تلك الخطب مترجمة وبلغة سهلة يفهمها المستجدين في الإسلام. كما تكون كإجتماع إسبوعي للمسلمين في بلاد الغربة يجتمعون فيه وتناقش فيه قضايا تهمهم. ولذا ينبغي أن يكون الخطباء متمكنين من الخطابة ليستطيعوا إلقاء الخطب المنبرية الجيدة. وتبدأ الخطبة عادة بالإستعاذة والإستعانة بالله ثم الصلاة والسلام على رسول الله وصحبة وآله. ثم يتلوها خطبتين، واحدة تلو الأخرى. يقول فيها الخطيب مواعظ ونصح وتوجيهات على شكل مختصر وجذاب يدخل لعقول الناس دون الحوجة لكثير من التركيز أو الإنتباه. فهي من السهل الذي قل ودل. ولذا قد أفرد العلماء الخطابة كعلم له أصوله وآدابه التي أُلِّفت فيها الكتب والمصنَّفات. وهي من أقوى وسائل التناصح، حيث يتهيأ المستمعين وينصتوا لما يقوله الخطيب ويتلقونه بصدور رحبة نتيجة لتلك التهيئة المسبقة. ولذا على الخطيب تخير الكلمات التي تصيب سهامها القلوب وتحقق المرجو منها. قال صلى الله عليه وسلم: (إن من البيان سحرا)[xli]. ما ينبغي توفره في الخطيب
المراجع والمصادر
[ii] آل عمران 110. [iii] أخرجه ابن حبان في ((المجروحين)) (2/1)، والقضاعي في ((مسند الشهاب)) (1234) واللفظ لهما، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (5787) مطولاً. [iv] البقرة 143. [v] صححه الألباني في صحيح الجامع (2324). [vi] التوبة 91. [vii] البخاري 1401. [viii] صححه الألباني في صحيح ابن ماجه (188). [ix] البخاري 2550، ومسلم 1664. [x] أخرجه الترمذي (1642) واللفظ له، وأحمد (9492) مطولا. [xi] مسلم 2577. [xii] المائدة 2. [xiii] ذكره شعيب الأرناؤوط في تخريج سنن أبي داود (547)، وقال إسناده حسن. [xiv] الأعراف 62. [xv] هود 34. [xvi] الأعراف 79. [xvii] الأعراف 93. [xviii] الأعراف 65-68. [xix] البخاري 1. [xx] آل عمران 159. [xxi] النحل 125. [xxii] البقرة 44. [xxiii] أخرجه البخاري (6125)، ومسلم (1734). [xxiv] اللؤلؤ المرصوع 202. [xxv] آل عمران 134. [xxvi] أخرجه أحمد (2136) واللفظ له، والبزار (4872) باختلاف يسير، والطبراني (11/33) (10951) مطولاً. [xxvii] أخرجه أحمد (2136) واللفظ له، والبزار (4872) باختلاف يسير، والطبراني (11/33) (10951) مطولاً. [xxviii] آل عمران 103. [xxix] البخاري 5220. [xxx] آل عمران 110. [xxxi] التوبة 71. [xxxii] الأعراف 157. [xxxiii] موضوعات القرآن، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. [xxxiv] البخاري 6952. [xxxv] مسلم 49. [xxxvi] آل عمران 104. [xxxvii] الجامع الصحيح للسنن والمسانيد، من أسباب عذاب القبر، الأمر بالمعروف وعدم إتيانه والنهي عن المنكر وإتيانه، 2/119. [xxxviii] الأعراف 199. [xxxix] لقمان 17. [xl] آل عمران 159. [xli] أخرجه البخاري (5767)، وأبو داود (5007)، والترمذي (2028)، وأحمد (5687) واللفظ له. [xlii] أخرجه الترمذي (1987)، وأحمد (21392). [xliii] صححه السيوطي في الجامع الصغير (1742). [xliv] البَقْلُ معروف، الواحدة بَقْلَةٌ. والبَقْلَةُ أيضاً: الرِجْلَةُ، وهي البَقْلَةُ الحمقاء. والمَبْقَلَةُ: موضع البَقْلِ. ويقال: كلُّ نبات اخضرّت له الأرضُ فهو بَقْلٌ. مختار الصحاح. [xlv] أخرجه البخاري (854)، ومسلم (564). [xlvi] أخرجه البخاري (854) مختصرا، ومسلم (564).
__________________
|
#86
|
||||
|
||||
رد: أحكام خطبة الجمعة وآدابها***متجدد
كيف نخاطب الجماهير..؟! دأب عدد كبير من رموز الصحوة الإسلامية على مخاطبة الجماهير من خلال المنابر المختلفة، ووجد كثير منهم - والحمد لله - إقبالاً واسعًا، والتفتت الجموع بين أيديهم، وهذه نعمة عظيمة يفتقدها كثير من رموز الفكر والأدب والثقافة الآخرين. ولهذا فمن الواجب على العاملين في حقل الدعوة إعادة النظر في طروحاتهم وطريقتهم في الخطاب وتقويمها؛ لتحصيل أعلى المصالح ودرء المفاسد قدر الإمكان، والاستفادة من التجربة الماضية. وهاهنا أمور أرى أنه ينبغي مراعاتها في هذا الأسلوب: أولاً: الإيمان بالهدف: من المسلم به بعد الدراسة ومراقبة الواقع أن صلة الجماهير بالدعاة والمصلحين تزداد وترسخ مع الوقت إذا اطمأنوا إلى صدقهم وجديتهم وإيمانهم العميق بأهدافهم التي ينادون بها، واستعدادهم القوي على تحمل تبعات تلك المبادئ والتضحية من أجلها. وفي ا لمقابل نجد أن الجماهير تنفض عن تلك الرموز إذا رأت فيها العجز والهوان، أو أحست ضعف مصداقيتها وجديتها، وقديمًا قال الرافعي: "رؤية الكبار شجعانًا هي وحدها التي تخرج الصغار شجعانًا، ولا طريقة غير هذه في تربية شجاعة الأمة". ثانيًا: الحذر من الخيلاء وحب الرياسة: محبة الناس للمصلح وتجمعهم بين يديه فتنة عظيمة قد تطغى على بعض ذوي النفوس الضعيفة، وتُنبت فيها الخيلاء والاستكبار وحب الرياسة، وتصرفها عن كثير من معالي الأمور. وكم من الرموز التي تساقطت ولَفَظتها الجماهير، أو تناستها حينما غلبت عليها تلك الشهوة، وقد قال رسول الله صَلى الله عليه وسلم: " «ما ذئبان جائعان أُرسلا في زريبة غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه» ". ولهذا قال ابن تيمية: "كان شداد بن أوس يقول: يا بقايا العرب، يا بقايا العرب! إنما أخاف عليكم الرياء والشهوة الخفية. قال أبو داود صاحب السنن: الشهوة الخفية: حب الرياسة. وذلك أن حب الرياسة هي أصل البغي والظلم". وملاحظة النفس ومراجعتها من أعظم أبواب المجاهدة التي ينبغي للمرء أن يأخذ بها، والغفلة عن ذلك قد تؤدي إلى الزلل، ومن تعلق قلبه بحب الظهور صغرت نفسه، وغلبت عليه الأهواء الشخصية، وتردى في سلسلة من الانحراف التي تزيد بزيادة تلك الآفة القلبية، وما أحسن قول الرافعي: "إذا أسندت الأمة مناصبها الكبيرة إلى صغار النفوس كبرت بها رذائلهم لا نفوسهم". ثالثًا: الحذر من الانسياق الأعمى خلف العامة: حينما يتصدر المرء لمخاطبة الجماهير قد يقع - من حيث لا يشعر! - في دائرتهم، فيقودونه ويدفعونه لمحبوباتهم، ويزداد تأثره بمشاعرهم الجياشة عند كثرة الهتاف والتصفيق، وتأخذه النشوة بكثرة الحشود؛ ومعلوم أن نسبة كبيرة من أولئك العامة لا ينظرون إلى أبعد من مواقع أقدامهم، ولا يحيطون بكثير من التداخلات الفكرية والسياسية، ولا يزنون ردود الأفعال بالموازين العلمية. وأحسب أن التأثر بالجماهير نوعان: الأول: التأثر الإيجابي: وهو في غاية الأهمية؛ لأنهم يشعرون بالتفاعل والاهتمام، ويَحِسُّون بأهمية آرائهم، وقيمهم المعنوية، كما يحسون بدورهم في البناء والتغيير؛ مما يزيدهم ارتباطًا بهم ورغبة في الإصلاح، ويحفزهم إلى المزيد من التجاوب والتعاون. الثاني: التأثر السلبي: حيث ينساق المرء وراء عواطفهم، ويقع في شراكهم، ويصبح برنامجه الإصلاحي مرتبطًا برغباتهم، وخطته العملية متأثرة بأهوائهم، وتكون النتيجة أن الجماهير هي التي تقوده، وهو يحسب أنه يقودهم!! رابعًا: الدقة في الخطاب: الخطيب الذي يتصدر لمخاطبة الجماهير لا يسلم من الخطأ والزلل، حاله كحال غيره من المتحدثين، "وليس صنف من الناس إلا وله حشو وشوْب". ولكن خطأ الخطيب يكون على رؤوس المنابر يسمعه الناس كبيرهم وصغيرهم، وقد يطير خطؤه في الآفاق، وبعض أصحاب النفوس المريضة يكون همه أن يتصيد العثرات، ويتسقَّط الزلات، وتكون فاكهته التي يتندر بها ويفرح، ولهذا قال عمر بن الخطاب: "ما كانت على أحد نعمة إلا كان لها حاسد، ولو كان الرجل أقوم من القدح لوجد له غامزًا". ولما قال رجل للحسن البصري: يا أبا سعيد! إن هاهنا قومًا يحضرون مجلسك ليتتبعوا سقط كلامك! فقال الحسن: "يا هذا! إني أطمعت نفسي في جوار الله فطمعت، وأطمعت نفسي في الحور العين فطمعت، وأطمعت نفسي في السلامة من الناس فلم تطمع، إني لما رأيت الناس لا يرضون عن خالقهم علمت أنهم لا يرضون عن مخلوق مثلهم". إن من يتصدر لمخاطبة الناس عليه أن يعتني بما يصدر عنه اعتناءً شديدًا، وينتقي عباراته انتقاءً دقيقًا، ويحرص حرصًا كبيرًا على أن يخرج كلامه بدقة وإتقان، حتى ينفع سامعيه ويسد - قدر الطاقة - منافذ الهوى عند بعض الناس، ومع ذلك كله لن يسلم أحد من الخطأ مهما بلغ حرصه. ويعجبني المتحدث الذي يملك الجرأة والشجاعة على مراجعة أقواله، ويوضح ما استشكله الناس عليهن ويعترف بخطئه إن كان ثمة خطأ. خامسًا: الحذر من التعلق بالأشخاص: من الآفات المزمنة التي تظهر عند كثير من الجماهير؛ سواء أكان ذلك على المستوى الفكري أم الدعوي أم الاجتماعي أم الفقهي.. ونحوها: التعلق بالرموز والانكفاء عليها، والشعور بأن هؤلاء وحدهم القادرون على إحياء الأمة والنهوض بها من كبوتها، فإذا عجز هؤلاء أو حبسهم العذر أصيب الناس بالإحباط، وثارت في كوامنهم دواعي العجز والحيرة، ويؤدي التعلق بالأشخاص أحيانًا إلى ازدراء مصلحين آخرين ربما لا يقلون عن غيرهم أصالة وفهمًا وقدرة، وقد يؤدي هذا التعلق إلى طمر الإمكانات الكامنة في بقية الأفراد، أو عدم استغلال الفرص السانحة لهم. وقد يُرسِّخ هذا المفهومَ بعضُ هؤلاء الرموز، ويدفع الناس إلى تقليده وتعظيمه، بلسان المقال حينًا، وبلسان الحال أحيانًا أخرى، والتقليد قاصمة من القواصم التي تقتل كل ملكات الإبداع والتفكير، وتحوِّل الجماهير إلى مجرد قطعان هائمة يسوقها الراعي ذات اليمين وذات الشمال، وهي تستجيب له بكل دعة وخنوع. والنجاح الحقيقي للمصلحين ليس بالقدرة على أن يصرفوا وجوه الناس إليهم فحسب، بل بالقدرة على إحيائهم واستنبات البصيرة في عقولهم؛ فمن تبعهم تبعهم بحجة وبرهان؛ ولذا فإن الواجب على هؤلاء المصلحين أن يرسخوا ضرورة ارتباط الناس بالمنهج الصحيح وليس بذواتهم. سادسًا: وضوح الرؤية: تتم مخاطبة الجماهير عند بعض المصلحين بطريقة تلقائية راتبة؛ حيث لا توجد لديهم رؤية واضحة، ولا يدرون خلالها ما الأهداف ذات المدى البعيد التي يريدون الوصول إليها؛ وقد ترى أن كثيرًا من طروحاتهم الفكرية والدعوية مبنية على خواطر مشتتة تطرأ على أذهانهم من هنا وهناك، بل تلمس أحيانًا أن بعضهم لا يعطي لنفسه فرصة التفكير في برنامجه العملي، ولهذا تراه يجتر كثيرًا من أقواله وأقوال غيره بدون بصيرة! إن وضوح الأهداف يعين كثيرًا على الاعتبار بالماضي واستبصار الحاضر واستشراف المستقبل، ويدفع المرء إلى رسم أطر واضحة يعرف فيها بدقة: ما الموضوعات التي سوف يتحدث عنها؟! وما القواعد التي يريد بناءها؟! وما الأمراض الفكرية والمنهجية التي يقصد معالجتها؟! وما أنسب السبل لتحقيق ذلك؟ ويعرف في ذلك الأولويات التي ينبغي البدء بها، ويحدد طريقة المعالجة، ونحو ذلك مما يعدُّ من البدهيات المنهجية التي لا غنى عنها. سابعًا: تلمُّس احتياجات المخاطبين: احتياجات الناس المنهجية والفكرية والعملية كثيرة جدًّا، ويتميز المصلح الجاد بقدرته على تلمُّس احتياجات الناس، وكم من الأشخاص الذين اعتادوا على مخاطبة الجماهير تراهم يشرِّقون ويغرِّبون، ويتحدثون عن أشياء كثيرة لكنهم بعيدون عن نبض الشارع واهتمامات الناس. ومعلوم بأن المستمع قد يقترب من المتحدث كثيرًا، ويألفه في بداءة أمره، لكنه يبتعد عنه شيئًا فشيئًا إذا فقد المادة الأصلية المتجددة التي تشبع حاجاته وطموحاته، ولا شك بأن الذي يشدُّ الجمهور ويوثق صلتهم بالمتحدث هو شعورهم بالحيوية والتجدد، وهذا - فيما أحسب - أحد المعايير الرئيسة للاستمرار والبقاء. ثامنًا: الحذر من الاكتفاء بالخطاب العاطفي: يغلب على كثير ممَّن يعتني بمخاطبة الجماهير اعتماد الخطاب العاطفي الذي يُبنى على استثارة المشاعر، ولا شك بأن هذا مطلوب ولا غنى للناس عنه، ولكنه وحده لا يكفي على الإطلاق، بل إن الاكتفاء به وحده قد يؤدي إلى خلل في البناء. نعم قد تجمع العاطفة أناسًا كثيرين، ولكنها وحدها لا تحيي الأمة، ولا تبني رجالاً، ولا تجعلهم يثبتون أمام الأعاصير والفتن. كثيرون أولئك الخطباء والمصلحون الذين يستطيعون تجميع الناس واستثارة عواطفهم، ولكنهم القلة القليلة منهم هي القادرة على إعادة بنائهم وتشكيل عقولهم وصناعتهم من جديد. وإن من أكبر التحديات التي تواجه دعاة الإصلاح: هي القدرة على توظيف الطاقات، واستثمارها في البناء والعطاء، وكم هي الطاقات المهدرة التي طالما استُهلكت في التصفيق والصراخ والهتافات الساخنة أو الباردة! ولذا كان مما ينبغي لدعاة الإصلاح إداركه أن من واجبهم التأثير الفكري والمنهجي في الجماهير، ورفع مستواهم الثقافي، وإحياء الوعي في صفوفهم، وتربيتهم تربية راسخة عميقة، والانتقال بهم من مرحلة تكثير السواد إلى مرحلة العطاء والوعي الإنتاجي. يخيَّل لبعض المصلحين حينما يرى أتباعه يحيطون به من كل جانب أنه لو دعاهم إلى تحرير القدس لما تخلف منهم رجل واحد، ولخاضوا ألوان المخاطر لتحقيق هذه الغاية العظمى، ولكنه يفاجأ بأن كثيرًا منهم سرعان ما يتخلف عنه ويتعذر بمعاذير واهية عند أول عقبة قد تواجهه في مسيرته! ولست هنا أدعو إلى ترك ا لجماهير أو عدم الثقة بهم، ولكنني أدعو إلى تغيير آلية الخطاب ليستوعب المتغيرات الاجتماعية والفكرية الحديثة. لقد ظلت الجماهير عقودًا متتابعة مغيبة يعبث بعواطفها أدعياء التحرر والوطنية، وهاهنا يأتي دور المصلحين من جديد لإعادة تشكيل عقولهم وصناعة أفكارهم، ولا شك بأن هذا يتطلب جهدًا كبيرًا ونفسًا طويلاً. تاسعًا: الارتقاء بمستوى الخطاب: كثير من الطروحات التي نسمعها من الخطباء وأمثالهم تعالج هموم العامة ومشكلاتهم، وتتوافق وطموحاتهم وتطلعاتهم، ولا شك بأن هذه الطموحات محدودة، وتدور في أطر ضيقة، وقد يغفل بعض أولئك الخطباء عن مخاطبة طبقات أخرى في المجتمع، ولا بأس أن يوجد من يتخصص في مخاطبة العامة ويقصر اهتمامه على دائرتهم، ولكن ليس من المقبول على الإطلاق أن يتوجه أكثر خطبائنا إلى هؤلاء ويغفلوا عن الدوائر الأخرى! إننا نعيش في عصر الانفتاح الإعلامي الذي أدى إلى انفتاح اجتماعي وفكري عريضين، وأصبحت قوة الخطاب وجاذبيته والتزامه بالمنهجية العلمية من أهم أدوات التأثير الفكري، وأعتقد بأن الارتقاء بمستوى الطرح والمعالجة في غاية الأهمية، فما يصلح في المدرسة قد لا يصلح في الجامعة، وما يصلح في المسجد لا يصلح في وسائل الإعلام، وما يصلح في البلد قد لا يصلح في البلد الآخر.. وهكذا. وأذكر أنني استمعت ذات يوم إلى برنامج حواري اشترك فيه أحد المفكرين الإسلاميين مع مفكر ليبرالي، فآلمني جدًّا أن صاحبنا كان يتحدث بلغة عاطفية خطابية هزيلة، بينما كان يتحدث ذلك الليبرالي بطريقة مركزة تتسم بالذكاء والمراوغة، شعرت من خلالها أنه يعرف ماذا يريد. ولا شك بأن الفتنة بمثل هذا كبيرة لجمهور عريض من العامة! عاشرًا: إيجاد البرامج العملية الجادة: من الجوانب المهمة في مخاطبة الجماهير: أن ندفعهم إلى برامج عملية مثمرة، فالتفاعل المجرد يبقى أثره محدودًا، ولكن حينما يستثمر تفاعلهم في بناء المجتمع ونشر الدعوة وبذل المعروف، سوف نجد بإذن الله تعالى طاقات كثيرة تبدع وتنفع ما كنا نتوقع منها ذلك. ______________________________________ في البناء الدعوي منقول
__________________
|
#87
|
||||
|
||||
رد: أحكام خطبة الجمعة وآدابها***متجدد
رسالة إلى خطيب وحيد عبد السلام بالي الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد: فإن الدعوة إلى الله تعالى من أفضل الأعمال، وكيف لا تكون كذلك وهي رسالة الرسل والأنبياء، وطريق المصلحين والعلماء، لا يقوم الدين إلا بها، ولا ينتشر إلا عن طريقها. الداعي إلى الله تعالى قائل بأحسن قول: قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت:33]. ولقد بشر الله سبحانه الدعاة إلى الله بالفلاح في الدنيا والآخرة: فقال سبحانه وتعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران:104]. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صفة لازمة لعباد الله المؤمنين: قال سبحانه وتعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة:71]. وحسبك أخي الداعية أن المخلوقات تدعو لك بظهر الغيب؛ فقد روى الترمذي بسند جيد عن أبي أمامة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله وملائكته، حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت في البحر، ليصلون على مُعَلِّمِ الناس الخير». أخي ـ خطيب الجمعة ـ: إن خطبة الجمعة لها أهمية كبرى بين وسائل الدعوة المتاحة للدعاة، فقد يتكاسل الناس عن المحاضرة، وقد يتخلفون عن الدرس، لكنهم لا يتخلفون عن الجمعة، إلا الذين لا يصلون أصلاً، لأن المسلمين مأمورون جميعا بحضور الجمعة. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة:9]. ولذا فقد تجد أمامك جمعا غفيرا من المسلمين، وربما تجد من بينهم من لا يدخل المسجد إلا يوم الجمعة، وستجد فيهم الصالح والطالح، والمفرط والمحافظ، والمتواضع والمتكبر، والمتقبل والمعاند. بل ستجد منهم المتعلم والأمي، والصغير والكبير، والذكر والأنثى، وغير ذلك من فئات المجتمع، فكيف تخاطب هؤلاء جميعا بالأسلوب المناسب، وكيف تستغل هذا الموقف للأخذ بأيدي هؤلاء جميعا إلى طريق الله عز وجل؟ فبات من الواجب عليك ـ أخي الخطيب ـ أن تتعلم فن الدعوة؛ لتقدم تعاليم الإسلام في أبهى منظر وأجمل حلة. أسباب نجاح الخطبة 1ـ التكلم باللغة العربية الفصحى: ينبغي على الخطيب أن يحرص على أن يلقي خطبته بالفصحى قدر جهده، لأنها لغة القرآن الكريم، وشعار الإسلام. والحديث بالفصحى يضفي على خطبتك إشراقا، وعلى كلماتك نوراً، وفي نفوس مستمعيك قبولا. 2ـ التوسط في الإلقاء: بحيث لا يكون كلامك سريعا فلا يفهم، ولا بطيئا فيمله السامعون، ولتعط لكل موقف ما يلزمه، فإذا احتاج إلى انفعال أسرعت، وإن احتاج إلى إقناع أبطأت. 3ـ الاقتصاد في الخطبة: فلا تكون طويلة مملة، ولا قصيرة مخلة، ولا تكون متشعبة الأفكار، كثيرة الشواهد، ركيكة المعاني، بل موجزة مقتصدة، وتلك هي السنة، فقد قال سيد الخطباء صلى الله عليه وسلم: «إنَّ قصر خطبة الرجل، وطول صلاته؛ مئنة من فقهه». (رواه مسلم)، لأن القصر والإيجاز وإيصال المعنى من أقرب طريق؛ دليل على الفصاحة والعلم والفقه. 4ـ ربط الخطبة بالواقع: عليك أن تتحسس مشاكل مدينتك وتعالجها من فوق أعواد منبرك، تعايش الناس وتترك المنبر يجيب عن تساؤلاتهم، فحينما تكون خطبتك منتزعة من الواقع تكون أقرب إلى قلوبهم وأوقع في نفوسهم. 5ـ المخاطبة على قدر الفهم: فلا تخاطب العوام بمنطق علمي مرتفع، ولا المتعلمين المثقفين بمنطق بدائي ممجوج، بل تخاطب الناس على قدر عقولهم وعلومهم. 6ـ الترفع عن الغلظة في القول والبذاءة في اللسان: فلا تحقر مستمعيك، ولا تقلل: من شأنهم، ولا ترميهم بالجهل وقلة الفهم، ولا تقذفهم بالفسق والفجور، أو غير ذلك مما لا يليق بمكانة الداعية ـ حتى ولو كانوا كذلك ـ، بل تتلطف بهم في الحديث، وترفق بهم في القول. قال تعالى ـ مبينا سبب اجتماع الناس حول النبي صلى الله عليه وسلم ـ: {وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران:159]. وقال تعالى ـ مرشداً للطريقة المثلى في الدعوة: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل:125]. 7ـ استثارة همم المدعوين بما يفتح قلوبهم: كان تخاطبهم بـ (يا أخوة الإسلام)، (يا أيها المؤمنون)، (يا من آمنتم بالله ربا، وبمحمد نبيا، وبالإسلام دينا)، وما شابه ذلك مما يفتح قلوبهم ويقرب نفوسهم، فإن المحبة مفتاح القلوب. فهذا إبراهيم عليه السلام يذكر أباه برابطة الأبوة أثناء دعوته، فيقول: {يا أبت..} [مريم: 42]، ويكررها كثيراً. وهذا لقمان يذكر ابنه برابطة البنوة ليكون أدعى لقبول الموعظة، فيقول: {يا بني لا تشرك بالله...} [ لقمان: 13]. وهذا هود عليه السلام يذكر قومه برابطة القرابة فيقول: {يا قوم..} [ هود: 50]. وربنا تبارك وتعالى يذكر المؤمنين بإيمانهم، ليردهم وازع الإيمان إلى الاستجابة والطاعة،فيقول سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا...} [ البقرة: 153]. 8 ـ الابتعاد عن الحركات الكثيرة: ينبغي أن تتسم بالاتزان أثناء الإلقاء، فلا تتحرك أو تشير إلا في الموقف الذي يدعو إلى ذلك، وعليك بتجنب الحركات التي تسقط هيبتك من أعين الناس، مثل كثرة بلع الريق، وفتل الأصابع، والسعال المتكلف، وكثرة الالتفات، وما شابهها. 9 ـ حسن المظهر: ينبغي أن تصعد المنبر بالمظهر اللائق بالداعية، فلا تلبس ثيابا رثة، أو ممزقة، ولا تلبس ثياب المترفين الرقيقة الشفافة. فعليك أن تكون نظيف الثياب من غير تبرج، طيب الرائحة من غير إسراف، مهيب المنظر من غير تكلف. 10ـ التحضير الجيد للخطبة: لا تصعد المنبر إلا وقد حددت موضوعك، ورتبت أفكارك وانتقيت ألفاظك، حتى لا ترتج عليك العبارات، وتستعجم عليك الكلمات، فلا تتمكن من تبليغ دعوة مولاك. ولا بأس في أن تستمع إلى أشرطة الخطباء المشهورين، والوعاظ المبرزين لتتدرب على طرق الإلقاء، ووسائل التأثير، وأساليب الإقناع. 11. ألا تصعد المنبر وأنت ممتلئ المعدة: لأنه إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة، وخرست الحكمة، وكسلت الأعضاء عن العبادة. وقال محمد بن واسع: من قل طعامه فهم، وأفهم وصفا ورقَّ، وإن كثرة الطعام لتثقل صاحبها عن كثير مما يريد. وقال الشافعي: الشَّبع يثقل البدن، ويزيل الفطنة،ويجلب النوم، ويضعف صاحبه عن العبادة. تلكم هي أسباب نجاح الخطبة، فاحرصوا عليها إخواني الخطباء، وكونوا منها على ذكر دائما، وأسأل الله عز وجل أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه.
__________________
|
#88
|
||||
|
||||
المواعظ الذهبية: زاد للخطيب والواعظ (pdf)
__________________
|
#89
|
||||
|
||||
رد: أحكام خطبة الجمعة وآدابها***متجدد
خطبة الجمعة ومكانتها في الإسلام الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب والفرقان، وجعله بأشرف لغة وأحسن بيان، بهر بجمال أسلوبه أربابَ فصاحة اللسان، وأعجز بنظامه وقوة بيانه أهلَ الكفر والطغيان، وجعله قائمًا ومهيمنًا على جميع الكتب والأديان. والصلاة والسلام على من جعله الله داعيًا ورسولًا، وللناس كافةً بشيرًا ونذيرًا، وأمره أن يعظ قومًه وعظًا حسنًا، ويقول لهم في أنفسهم قولًا بليغًا، فقام برسالة ربه بأحسن وجوه الوعظ وأتمها، ودعا إلى ربه بأفصح لغة وأبلغها، حتى ترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا من ابتعد منها وحاد عنها، فأصبحت أمته خيرَ أمةٍ أُخرجت للناس بنبيها، وفضائلها التي فضلت بها على غيرها، أما بعد: فإن الدعوة إلى الله شرفٌلا يعد له شرف، ومنزلةٌ وكرامة لا تضاهيها أية منزلة، ويغنيك من الكلام عن شرفها وعظيم قدرها ومنزلتها، قول الله: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: 33]، فالدعوة إلى الله هي مقام الأنبياء، والرسل والأصفياء، وحسبها شرفًا أنها وظيفة قادة الأمم من الأنبياء والصالحين والخلفاء، ومن شاكَلهم من العلماء، فلا أحسن كلامًا، ولا أشرف مقامًا ممن دعا إلى الله سبحانه وتعالى. وحسب الخطيب والداعية إلى الله، ومن يقف لوعظ الناس وهدايتهم وإرشادهم - أنه يدعو إلى خالقه، وأنه يدعو ويقف مقام أنبياء الله ورسله، وأن هذا المقام وهذه المنزلة والرفعة لا تساويها كراسي ملوك الدنيا، بل لا تساويها الدنيا، وما حملته على ظهرها. بل إن الداعية إلى الله، وخطيب الجمعة – خاصةً - حين ينزل من على منبره، وبعد أن عرَّف الناس ودعاهم إلى خالقه، ليجدُ سعادةً، وراحة تنزل على قلبه لا يجدها من عاش بين لذة الحياة ومتعتها، بل هي الراحة والسعادة والكرامة بعينها. والداعي إلى الله هو الدليل والطريق الموصل إليه سبحانه وتعالى، فكل من وصل إلى الله، وتعرف عليه، أو تاب ورجع إليه، فللدليل المعَرِّف عليه من الأجر والثواب كما للذي رجع إليه، كما قال سيد الدعاة عليه الصلاة والسلام: «الدال على الخير كفاعله»[1]. فالدعوة إلى الله هي التجارة الرابحة، وهي الحياة الهادفة الناجحة؛ لأن الداعي إلى الله كالغيث أينما حل نفع، وحيثما كان انتفع، فكم هدى الله أممًا بسبب دعاة أقاموا فيها، وكم من قرية كانت ميتة ببعدها عن ربها، فأحياها الله بداعية نزل بها، أو عالم حلَّ فيها، كم من قبيلة اشتد عداؤها، وسالت دماؤها، فألَّف الله بين قلوبها بداعية إلى الله ذكَّرها ووعظها، ورغَّبها ورهَّبها، فأصلح الله به ما عجز غيره عنه. فلا عجب أن يكون العلماء والدعاة إلى الله ورثة أنبياء الله في أرضه، وصفوته من خلقه، ونسأل الله أن يستعملنا في طاعته، وأن يجعلنا من دعاته، وورثة أنبيائه، وحماة دينه وأنصار شريعته! [1] الترمذي (2670)، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه. منقول
__________________
|
#90
|
||||
|
||||
رد: أحكام خطبة الجمعة وآدابها***متجدد
ماذا لو تكلم خطيب الجمعة عن... محمد بوقنطار "م «ر رسول الله صلى الله عليه وسلم على سعد رضي الله عنه وهو يتوضأ فقال له: لا تسرف في الماء، فقال له وهل في الماء من إسراف؟! قال: نعم، وإن كنت على نهر جار» ". إن هذا النص الشريف يقصر المسافات ويختصر الخطب ويبتسر المطولات، وقد أوتي عليه الصلاة والسلام جوامع الكلم، من عظيم معنى وبديع مبنى، وإن أمة تتبع أوامر نبيها في ترشيد استعمال ماء الوضوء وقد علمنا مكانته من الصلاة عماد الدين وركنه الثاني بعد الشهادتين، لحري بها أن تكون بعيدة عن ملمح التبذير وملحظ الإسراف فيما دونه. لقد كان موضوع خطبة الجمعة اليوم عن ترشيد استهلاك واستعمال الماء في ظل ما تشهده البلاد من ترادف سنوات الجفاف، وانتظار ذلك اليوم الذي فيه يغاث الناس وفيه يعصرون، وهو موضوع نرى أن الخوض في تفاصيله أمر قد أملته الحاجة ونادت به الضرورة، نسأل الله غيثا نافعا يحيي به الأرض بعد موتها. والسؤال الذي نحب ونود أن نطرحه في سياق الافتراض هاهنا مفاده: ماذا لو تكلم السيد الخطيب عن مشاكل المواطنين الذين يشكون ويعانون ويتألمون في صمت ومغلوبية من حجم الفواتير المرتفعة السومة، والواجبة الأداء حالا لا مآلا، المقدرة الربح من شركات أجنبية فازت بصفقة بيع الماء لمعشر المؤدين لصلاة الاستسقاء، المتضرعين لله أن يرزقنا الغيث حتى نشتريه من أولئك المضاربين فيه بجشع قل نظيره وعز مثيله حتى في بلدانهم ذات الصقيع القاتل... إن الخطيب لو حام حول حمى هذا البيع الغابن، لكان أن وصلته للتو تلك الرسالة المعلومة السياق، والتي تنعي إليه خبر تعطيل مهمة الخطابة وترجله من على منبره إلى أجل معلق لا رجعة في حكمه، كما تبين وتناهى إلى سمعنا، وتراءى إلى أبصارنا، على بدء متكرر الوقوع، لم نعد نحفل بعد وإحصاء وحساب عدد ضحاياه من خطباء الجمعات بهذه المملكة الآمنة المطمئنة التي يأتيها رزقها رغدا من كل مكان... نسأل الله أن يرفع عنا مقته وغضبه، وأن يردنا إليه ردا جميلا، آمين يا رب العالمين
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |