تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) - الصفحة 171 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تأثير الظاهر على الباطن: رحلة من الخارج إلى الداخل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          حكم الاحتفال بـ " شم النسيم " (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          أعياد الكفار وموقف المسلم منها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          الشخصية المسلمة التي يخشاها الغرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          اليهود... وكيف يحكمون اقتصاديا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          توجيهات قرآنية في مفترق طرق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 159 )           »          غزة رمز للعزة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 901 )           »          نصائح وضوابط إصلاحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 37 )           »          الحيل المحرمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          القلوب أوعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1701  
قديم 10-08-2022, 09:29 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,485
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الإنسان
الحلقة (859)

سورة الإنسان
مدنية وآياتها إحدى وثلاثون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 479الى صــــ 485)




كلا إذا بلغت التراقي (26) وقيل من راق (27) وظن أنه الفراق (28) والتفت الساق بالساق (29) إلى ربك يومئذ المساق (30) فلا صدق ولا صلى (31) ولكن كذب وتولى (32) ثم ذهب إلى أهله يتمطى (33) أولى لك فأولى (34) ثم أولى لك فأولى (35) أيحسب الأنسان أن يترك سدى (36) ألم يك نطفة من مني يمنى (37) ثم كان علقة فخلق فسوى (38) فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى (39) أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى (40)

شرح الكلمات:
إذا بلغت: أي النفس.
التراقي: جمع ترقوة أي عظام الحلق.
وقيل من راق: أي وقال من حوله من عواده أو ممرضيه هل هناك من يرقيه ليشفى؟ .
وظن أنه الفراق: أي أيقن أنه للدنيا لبلوغ الروح الحلقوم.
والتفت الساق بالساق: أي التقت إحدى ساقيه بالأخرى أو التفت شدة فراق الدنيا بشدة إقبال الآخرة وما فيها من أهوال.
إلى ربك يومئذ المساق: أي إذا بلغت الروح الحلقوم تساق إلى ربها وخالقها لتلقى جزاءها.
فلا صدق ولا صلى: أي الإنسان الذي يحسب أن لن يجمع الله عظامه ما صدق ولا صلى.
ولكن كذب: أي بالقرآن.
وتولى: أي عن الإيمان.
يتمطى: أي يتبختر في مشيته إعجابا بنفسه.
أولى لك: أي وليك المكروه أيها المعجب بنفسه المكذب بلقاء ربه.
فأولى: أي فهو أولى بك.
ثم أولى لك فأولى: أي وليك المكروه مرة ثانية فأولى فهو أولى بك أيضا.
أن يترك سدى: أي مهملا لا يكلف في الدنيا ولا يحاسب ويجزى في الآخرة.
تمنى: أي تصب في الرحم.
فخلق فسوى: أي خلق الله منها الإنسان فسواه بتعديل أعضائه.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في تقرير عقيدة البعث والجزاء فقوله تعالى {كلا} أي ليس الأمر كما تحسب أيها الإنسان أن الله لا يجمع عظامك ولا يحييك ولا يجزيك انظر إليك وأنت على فراش الموت إلى أين يكون مساقك إذا بلغت روحك التراقي1 من عظام حلقك وقال عوادك وممرضوك هل من راق يريقك أو طبيب يداويك وأيقنت أنه الفراق لدنياك وأهلك وذويك، والتفت ساقك اليمنى باليسرى2 وشدة فراقك الدنيا بشدة إقبالك على الآخرة هنا انظر إلى أين يذهب بك أما جسمك فإلى مقره في الأرض تواريك، وأما روحك فإلى ربك ليحكم فيك. وقد كذبت بآياته وكفرت بآلائه.
فلا صدقت ولا صليت، ولكن كذبت وتوليت كان هذا نصيبك من دينك، وأما دنياك، فقد كنت تتمطى استكبارا وتتبختر إعجابا. إذا {أولى3 لك فأولى} أي وليك الهلاك في الدنيا {ثم أولى لك فأولى} أي وليك العذاب في الآخرة وعودة إلى تقريعك وتوبيخك يا من كفرت ربك وتنكرت لأصلك اسمع ما يقال لك أحسبت أنك تترك سدى، تعيش سبهللا، لا تؤمر ولا تنهى، لا يؤخذ منك ولا تعطي كلا ألم تك قبل كفرك وجحودك نطفة قطرة ماء من مني تمنى قل بلى أو أولى لك فأولى، ثم كنت علقة فخلقك الله جل جلاله منها فسوى خلقك بتعديل أعضائك فجعل من نوعك الذكر والأنثى. قل لي بربك هل تنكر ذلك فإن قلت لا. قلنا أليس الله بقادر على أن يحي الموتى؟ سبحانك اللهم بلى.4
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- مشروعية الرقية إذا كانت بالقرآن أو الكلم الطيب.
2- التنويه بشأن الزكاة والصلاة فرائض ونوافل.
3- تحريم العجب والكبرياء والتبختر في المشي.
4- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
5- الإنسان لم يخلق عبثا والكون كله كذلك.
6- مشروعية قول سبحانك اللهم بلى لمن قرأ هذه الآية أو سمعها إماما كان أو مأموما وهي {أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى}
__________

1 التراقي جمع ترقوة وهي العظام المكتفة لنقرة النحر موضع الحشرجة قال دريد بن الصمة
ورب عظيمة دافعت عنهم
وقد بلغت نفوسهم التراقي
2 أي التفت شدة فراقك الدنيا بشدة إقبالك على الآخرة هذا أحد وجهين في تفسير الآية وفي التفسير كلا الوجهين إلا أن في هذا خفاء فأوضحته هنا.
3 ما هناك حاجة إلى أن يقال هذا في أبي جهل إذ هو خطاب لكل إنسان كافر مشرك ضال وسواء كان قد مضى أهو حاضر اليوم أو يأتي غدا إذ لفظ الإنسان في قوله تعالى أيحسب الإنسان لفظ عام) .
4 لقد أستمالني الأسلوب الأدبي فأخذت أخاطب الإنسان الهالك مقرعا موبخا بما تضمنته الآيات فهم مدلولها للاتعاظ والاهتداء بهديها، فإن لم يك هذا مرضيا فاعف عني واغفر لي. آمين.

****************************** *******

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1702  
قديم 10-08-2022, 09:29 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,485
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

سورة الإنسان
مدنية وآياتها إحدى وثلاثون آية

بسم الله الرحمن الرحيم
هل أتى على الأنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا (1) إنا خلقنا الأنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا (2) إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا (3) إنا أعتدنا للكافرين سلاسلا وأغلالا وسعيرا (4) إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا (5) عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا (6) يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا (7) ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا (8) إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا (9) إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا (10) فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا (11) وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا (12)

شرح الكلمات:
هل أتى: أي قد أتى.
على الإنسان: أي آدم عليه السلام.
حين من الدهر: أي أربعون سنة.
لم يكن شيئا مذكورا: أي لا نباهة ولا رفعة له لأنه طين لازب وحمأ مسنون وذلك قبل أن ينفخ الله تعالى فيه الروح.
أمشاج: أي أخلاط من ماء المرأة وماء الرجل.
نبتليه: أي نختبر بالتكاليف بالأمر والنهي عند تأهله لذلك بالبلوغ والعقل.
إنا هديناه السبيل: أي بينا له طريق الهدى ببعثة الرسل وإنزال الكتب.
إنا أعتدنا: أي هيأنا.
سلاسل: أي يسحبون بها في نار جهنم.
وأغلالا: أي في أعناقهم.
وسعيرا: أي نارا مسعرة مهيجة.
إن الأبرار: أي المطيعين لله ورسوله الصادقين في إيمانهم وأقوالهم وأحوالهم.
مزاجها: أي ما تمزج به وتخلط.
يفجرونها: أي يجرونها ويسيلونها حيث شاءوا.
شره مستطيرا: أي ممتدا طويلا فاشيا منتشرا.
عبوسا: أي تكلح الوجوه من طوله وشدته.
نضرة وسرورا: أي حسنا ووضاءة في وجوههم وفرحا في قلوبهم.
معنى الآيات:
قوله تعالى {هل أتى1 على الأنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا} يخبر تعالى عن آدم أبي البشر عليه السلام أنه أتى عليه حين من الدهر قد يكون أربعين سنة وهو صورة من طين لا روح فيها، فلم يكن في ذلك الوقت له نباهة أو رفعة فيذكر. هذا الإنسان الأول آدم أخبر تعالى عن بدء أمره. وقوله {إنا خلقنا الأنسان من نطفة أمشاج} يخبر تعالى عن الإنسان الذي هو ابن آدم أنه خلقه من نطفة وهي2ما ينطف ويقطر من ماء الرجل وماء المرأة، ومعنى أمشاج3
أخلاط من ماء الرجل وماء المرأة فهذا مبدأ خلق الإنسان ابن آدم. وقوله {نبتليه4} أي نختبره بالتكاليف بالأمر والنهي وذلك عند تأهله لذلك بالبلوغ والعقل ولذلك جعله سميعا بصيرا إذ بوجود السمع والبصر معا أو بأحدهما يتم التكليف فإن انعدما فلا تكليف لعدم القدرة عليه. وقوله تعالى {إنا هديناه السبيل} أي بينا له طريق الهدى ببعثة الرسل وإنزال الكتب واستبان له بذلك أيضا طريق الغي والردى إذ هما النجدان إن عرف أحدهما عرف الثاني وهو في ذلك إما5 أن يسلك سبيل الهدى فيكون شكورا، وإما أن يسلك سبيل الغي والردى فيكون كفورا، والشكور المؤمن الصادق في إيمانه المطيع لربه،
والكفور المكذب بآيات الله ولقائه. وقوله تعالى {إنا3 أعتدنا للكافرين} الآيات شروع في بيان ما أعد لكل من سالكي سبيل الرشد وسالكي سبيل الغي فقال بادئا بما أعد لسالكي سبيل الغي موجزا في بيان ما أعد لهم من عذاب بخلاف ما أعد لسالكي سبيل الرشد فإنه نعيم تفصيله محبوب والإطناب في بيانه مرغوب فقال {إنا أعتدنا للكافرين سلاسلا وأغلالا} يسحبون بها في النار، وأغلالا تغل بها أيديهم في أعناقهم وسعيرا متأججا وجحيما مستعرا. هذا موجز ما أعد لسالكي سبيل الغي أما سالكي سبيل الرشد فقد بينه بقوله {إن الأبرار4} أي المؤمنين المطيعين في صدق لله والرسول {يشربون من كأس} ملأى شرابا مزاجها كافورا ومزجت بالكافور لبرودته وبياض لونه وطيب رائحته عينا يشرب بها5 عباد الله لعذوبة مائها وصفائه أصبحت كأنها أداة يشرب بها ولذا قال يشرب بها ولم يقل يشرب منها وقوله يفجرونها تفجيرا أي يجرونها ويسيلونها حيث شاءوا من غرفهم وقصورهم ومجالس سعادتهم. وقوله {يوفون بالنذر} قطع الحديث عن نعيمهم ليذكر بعض فضائلهم ترغيبا في فعلهم ونعيمهم، ثم يعود إلى عرض النعيم فقال {يوفون بالنذر} أي كانوا في دار الدنيا يوفون بالنذر وهو ما يلتزمونه من طاعات لربهم كالصلاة والصيام والحج والصدقات تقربا
إلى ربهم وتزلفا إليه ليحرزوا رضاه عنهم وتلك غاية مناهم. وقوله يخافون يوما كان شره مستطيرا10 أي وكانوا في حياتهم يخافون يوم الحساب يوم العقاب يوما كان شره منتشرا ومع ذلك يطعمون الطعام على حبه أي مع حبهم وشهوتهم له ورغبتهم فيه، يطعمونه مسكينا فقيرا مسكنه الفقر وأذلته الحاجة، ويتيما لا عائل له ولا مال عنده، وأسيرا سجينا بعيد الدار نائي المزار لا يعرف له أصل ولا فصل يطعمونهم ولسان حالهم أو قالهم يقول إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء تجازوننا به في يوم ما من الأيام ولا شكورا ينالنا منكم. إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا أي كالح الوجه مسودا ثقيلا طويلا لا يطاق. واستجاب الله لهم وحقق بفضله مناهم فوقاهم الله شر ذلك اليوم العبوس القمطرير، ولقاهم نضرة في وجوههم وسرورا في قلوبهم وجزاهم بما صبروا على فعل الصالحات وعن ترك المحرمات جنة وحريرا، وما سيذكر بعد في الآيات التاليات.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان نشأة الإنسان الأب والإنسان الأبن وما تدل عليه من إفضال الله وإكرامه لعباده.
2- حاستا السمع والبصر وجودهما معا أو وجود إحداهما ضروري للتكليف مع ضميمة العقل.
3- بيان أن الإنسان أمامه طريقان فيسلك أيهما شاء وكل طريق ينتهي به إلى غاية فطريق الرشد يوصل إلى الجنة دار النعيم، وطريق الغي يوصل إلى دار الشقاء الجحيم.
4- وجوب الوفاء بالنذر فمن نذر شيئا لله وجب أن يفي بنذره إلا أن ينذر معصية فلا يجوز له الوفاء11 بنذره فيها فمن قال لله على أن أصوم يوم أو شهر كذا وجب عليه أن يصوم ومن قال لله علي أن لا أصل رحمي، أو أن لا أصلي ركعة مثلا فلا يجوز له الوفاء بنذره وليصل رحمه وليصل صلاته ولا كفارة عليه.
5- الترغيب في إطعام الطعام للمحتاجين إليه من فقير ويتيم وأسير.
__________

1 الاستفهام تقريري بمعنى أتى على الإنسان كذا. وجائز أن يكون المراد من الإنسان غير آدم وكونه آدم هو المراد من الآية أولى.
2 يقال مشج الشيء يمشجه أي خلطه فهو ممشوج ومشيج مثل مخلوط وخليط وهل أمشاج جمع مشج على وزن سبب وأسباب أو هو مفرد خلاف.
3 من نطفة أي من ماء يقطر وهو المني وكل ماء قليل في وعاء فهو نطفة كقول عبد الله بن رواحة:
مالي أراك تكرهين الجنة
هل أنت إلا نطفة في شنة
4 الجملة حالية من الإنسان.
5 إما حرف تفصيل وهو بسيط عند الجمهور وقال سيبويه هو مركب حرف إن الشرطية وما النافية، ولما تجردت إن من الشرطية وما من النفي أصبحت إما حرف تفصيل بسيط في الواقع وليس مركبا.
6 الجملة مستأنفة استئنافا بيانيا لأنها واقعة موقع جواب للسؤال عن حال كل من الشاكر والكفور فكان الكلام بيانا لحال كل منهما.
7 الأبرار جمع بر وبار، وهو المكثر من فعل البر الذي هو الخير ولذا كان البر من أسماء الله تعالى، قال تعالى: إنا كنا ندعوه من قبل إنه هو البر الرحيم ويجمع البر على بررة.
8 جائز أن تكون الباء في بها بمعنى من التبعيضية وجائز أن يكون يشرب مضمنا معنى يروى أي يروى بها عباد الله ومن شواهد هذه الباء قول الشاعر:
شربت بماء البحر ثم تدفقت
متى لجج خضر لهن نئيح
متى بمعنى في والنئيح مر سريع مع صوت والشاهد قي بماء البحر.
9 النذر هو ما يوجبه المكلف على نفسه في الطاعة بحيث لو لم يوجبه لم يلزمه.
10 يقال استطار الحريق إذا انتشر قال حسان
وهان على سراة بني لؤي
حريق بالبويرة مستطير
قال قتادة استطار والله شر ذلك اليوم حتى ملأ السموات والأرض.
11 ما يروى عن فاطمة وعلي رضي الله عنهما في مرض الحسنين وما نذرا لله في شأنهما حديث موضوع باطل رده أهل العلم جملة وتفصيلا.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1703  
قديم 10-08-2022, 09:30 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,485
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الإنسان
الحلقة (860)

سورة الإنسان
مدنية وآياتها إحدى وثلاثون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 486الى صــــ 490)




متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا (13) ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا (14) ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا (15) قوارير من فضة قدروها تقديرا (16) ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا (17) عينا فيها تسمى سلسبيلا (18) ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا (19) وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا (20) عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا (21) إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا (22)

شرح الكلمات:
على الأرائك: أي على الأسرة بالحجلة واحد الأرائك أريكة.
ولا زمهريرا: أي ولا برد شديدا ولا قمرا إذ هي تضاء من نفسها.
ودانية: أي قريبة منهم ظلال أشجار الجنة.
وذللت قطوفها تذليلا: أي بحيث ينالها المؤمن قائما وقاعدا ومضطجعا.
وأكواب: أي أقداح بلا عرا.
من فضة: أي يرى باطنها من ظاهرها.
قدروها تقديرا: أي على قدر الشاربين بلا زيادة ولا نقص.
ويسقون فيها كأسا2: أي خمرا.
كان مزاجها زنجبيلا: أي ما تمزج وتخلط به زنجبيلا.
مخلدون: أي بصفة الولدان لا يشيبون.
لؤلؤا منثورا: أي من سلكه أو من صدفه لحسنهم وجمالهم وانتشارهم في الخدمة.
وإذا رأيت ثم: أي في الجنة رأيت نعيما لا يوصف وملكا واسعا لا يقدر.
ثياب سندس: أي حرير.
وإستبرق: أي ما غلظ من الديباج.
وحلوا: أي تحليهم الملائكة بها.
شرابا طهورا: أي فائقا على النوعين السابقين ولذا أسند سقيه إلى الله عز وجل.
إن هذا: أي النعيم.
مشكورا: أي مرضيا مقبولا.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في ذكر ما أعد الله تعالى للأبرار من عباده المؤمنين المتقين فقال تعالى 1 {متكئين} في الجنة {على الأرائك3} التي هي الأسرة بالحجال {لا يرون فيها} أي في الجنة {شمسا ولا زمهريرا} إن كان المراد بالشمس الكوكب المعروف فالزمهرير القمر، فلا الشمس في الجنة ولا قمر وإن كان المراد بالشمس الحر فالزمهرير البرد وليس في الجنة حر ولا برد وكلا المعنيين مراد وواقع فلا شمس في الجنة ولا قمر لعدم الحاجة إليهما ولا حر ولا برد كذلك.
{ودانية عليهم ظلالها} أي قريبة منهم أشجارها فهي تظللهم ويجدون فيها لذة التظليل وراحته ومتعته وإن لم يكن هناك شمس تستلزم الظل. {وذللت قطوفها تذليلا} أي ما يقطف من ثمار أشجارها مذلل لهم بحيث يناله القائم والقاعد والمضطجع فلا شوك ولا بعد فيه سهل التناول لأن الدار دار نعيم وسعادة وراحة وروح وريحان {ويطاف عليهم بآنية من فضة} أي يطوف عليهم الخدم الوصفاء بآنية من فضة ومن ذهب {وأكواب} أي أقداح لا عرى لها كانت بفضل الله وإكرامه {قواريرا قواريرا من فضة} يرى باطنها من ظاهرها لصفائها مادتها فضة وصفاؤها صفاء الزجاج ولذا سميت قارورة وجمعت على قوارير. {قدروها تقديرا} أي قدرها الخدم الطائفون عليهم بحيث لا تزيد فتفيض4 ولا تنقص فلا يجمل منظرها. وقوله {ويسقون فيها كأسا} أي خمرا {كان مزاجها} أي ما تمزج به {زنجبيلا}
من عين في الجنة {تسمى سلسبيلا5} .
وقوله
تعالى {ويطوف عليهم ولدان مخلدون} أي ويطوف على أولئك الأبرار في الجنة ولدان غلمان مخلدون لا يهرمون ولا يموتون حالهم دائما حال الغلمان لا تتغير {إذا رأيتهم} ونظرت إليهم {حسبتهم} في جمالهم وانتشارهم في الخدمة هنا وهناك {لؤلؤا منثورا} . ويقول تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم {وإذا رأيت ثم} أي هناك في الجنة {رأيت نعيما} لا يوصف {وملكا كبيرا} لا يقادر قدره {عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق} يخبر تعالى أن عاليهم أي فوقهم ثياب سندس أي حرير خضر واستبرق وهو ما غلظ من الديباج. وثياب من استبرق بعضها بطائن وبعضها ظهائر البطائن ما يكون تحت الظهائر وقوله تعالى {وحلوا أساور من فضة} أي وحلاهم ربهم وهم في دار كرامته أساور من فضة ومن ذهب أيضا إذ يحذف6 المقابل لدلالة المذكور عليه نحو سرابيل تقيكم الحر أي وأخرى تقيكم البرد وقوله {وسقاهم ربهم شرابا طهورا} 7 هذا غير ما ذكر فيما تقدم هذا إكرام خاص وهو أن الله تعالى هو الذي يسقيهم وأن هذا الشراب بالغ مبلغا عظيما في الطهارة لوصفه بالطهور. ويقال لهم تكريما لهم وتشويقا لغيرهم من أهل الدنيا الذين يسمعون هذا الخطاب التكريمي إن هذا النعيم من جنات وعيون وأرائك وغلمان وطعام وشراب ولباس وما إلى ذلك {كان لكم جزاء} على إيمانكم وتقواكم {وكان سعيكم} أي عملكم في الدنيا {مشكورا} أي مرضيا مقبولا.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر صور الجزاء الأخروي.
2- حرمة استعمال أواني الذهب والفضة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "هي لهم في الدنيا ولنا في الآخرة".
3- حرمة الخمر لحديث "من شرب الخمر في الدنيا لا يشربها في الآخرة إن مات مستحلا لها"
4- مشروعية اتخاذ خدم صالحين يخدمون المرء ويحسن إليهم.
5- حرمة لبس الحرير على الرجال وإباحته للنساء، وكالحرير الذهب أيضا.
__________

1 في عرف الأولين إطلاق الكأس على الخمر فلا يقال كأس ما لم يكن بها خمر فلذا يطلقون لفظ الكأس على الخمر والآية شاهد ذلك.
2 متكئين منصوب على الحال وصاحب الحال الضمير في وجزاهم.
3 الأريكة السرير بالحجلة والحجلة كله تنصب على السرير لتقي الحر والشمس ولا يقال في السرير أريكة ما لم يكن بالحجال كما لا يقال للسجل سجلا ما لم تكن الدلو ملأى ولا الذنوب ذنوبا ما لم يكن ملأى، ولا يقال للكأس كأس ما لم تكن ملأى بالخمر ولا يقال مهدي للطبق ما لم تكن عليه الهدية.
4 التقدير لكل من أحجامها والمشروب الذي بها.
5 يقال شراب سلس وسلسال وسلسل وسلسبيل ما كان في غاية السلاسة.
6 ومن سورة فاطر يحلون فيها من أساور من ذهب، وفي سورة الحج يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا. قيل حلي الرجل الفضة وحلي النساء الذهب، وقيل تارة يلبسون الفضة وتارة يلبسون الذهب ومن الجائز أن يجمع لهم بين الفضة والذهب ليكون لأحدهم سواران من فضة وسواران من ذهب.
7 قال علي رضي الله عنه في قوله تعالى {وسقاهم ربهم شرابا طهورا} قال: إذا توجه أهل الجنة إلى الجنة مروا بشجرة يخرج من تحت ساقها عينان فيشربون من إحداهما لتجري عليهم بنضرة النعيم فلا تتغير أبشارهم ولا تشعث أشعارهم أبدا ثم يشربون من الأخرى فيخرج ما في بطونهم من الأذى ثم تستقبلهم خزنة الجنة فيقولون سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين.

****************************** *******

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1704  
قديم 10-08-2022, 09:30 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,485
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا (23) فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا (24) واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا (25) ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا (26) إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا (27) نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا (28) إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا (29) وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما (30) يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما (31)
شرح الكلمات:
نزلنا عليك القرآن تنزيلا: أي شيئا فشيئا ولم ننزله جملة واحدة لحكمة بالغة.
فاصبر لحكم ربك: أي عليك بحمل رسالتك وإبلاغها إلى الناس.
ولا تطع منهم آثما أو كفورا: الآثم هنا عتبة بن ربيعة والكفور الوليد بن المغيرة.
واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا: أي صل الصبح والظهر والعصر.
ومن الليل فاسجد له: أي صل صلاة المغرب والعشاء.
وسبحه ليلا طويلا: أي تهجد بالليل نافلة لك.
يحبون العاجلة: أي الدنيا.
ويذرون وراءهم يوما ثقيلا: أي يوم القيامة.
وشددنا أسرهم: أي قوينا أعضاءهم ومفاصلهم.
وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا: أي جعلنا أمثالهم في الخلقة بدلا منهم بعد أن نهلكهم.
إن هذه تذكرة: أي عظة للناس.
اتخذ إلى ربه سبيلا: أي طريقا إلى مرضاته وجواره بالإيمان والعمل الصالح وترك
الشرك والمعاصي.
في رحمته: أي الجنة.
أعد لهم عذابا أليما: أي في النار والأليم ذو الألم الموجع.
معنى الآيات:
لقد عرض المشركون على رسول الله صلى الله عليه وسلم عرضا مفاده أن يترك دعوة الله تعالى إلى عبادته وتوحيده ويعبد ربه وحده ويترك المشركين فيما هم فيه وله مقابل ذلك مال أو أزواج أو رئاسة وما إلى ذلك فأبى الله تعالى له ذلك وأنزل قوله {إنا نحن1 نزلنا عليك القرآن تنزيلا فاصبر2 لحكم ربك} على تحمل رسالتك وتبليغها إلى الناس {ولا تطع منهم} أي من مشركي قريش {آثما} كأبي جهل وعتبة بن ربيعة {ولا كفورا} كالوليد بن المغيرة أي لا تطعهما فيما طلبا إليك وعرضا عليك، وواصل دعوتك واستعن بالصلاة والتسبيح والذكر والدعاء، وفي قوله تعالى {بكرة وأصيلا} 3 إشارة إلى صلاة الصبح والظهر والعصر، وفي قوله {ومن4 الليل فاسجد له} إشارة إلى صلاة المغرب والعشاء، وقوله {وسبحه ليلا طويلا} صريح في انه التهجد إذ الصلاة نعم العون للعبد ولذا كان صلى الله عليه وسلم إذا حز به أمر فزع إلى الصلاة وقوله تعالى {إن هؤلاء يحبون5 العاجلة} أي الدنيا يعني بهم كفار قريش يحبون الدنيا وسميت بالعاجلة لأنها ذاهبة مسرعة، {ويذرون 6وراءهم يوما ثقيلا} هو يوم القيامة قلم يؤمنوا ولم يعملوا بما يسعدهم فيه ويذكرهم تعالى بأنه خالقهم وقادر على تبديلهم بغيرهم فيقول {نحن خلقناهم} أي أوجدناهم من العدم {وشددنا أسرهم7} أي قوينا ظهورهم وأعضاءهم ومفاصلهم {وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا} أي جعلنا أمثالهم في الخلقة بدلا عنهم وأهلكناهم ولو شاء تعالى ذلك لكان ولكنه لم يشأ مع أنه في كل قرن يبدل جيلا بجيل هذا يميته وهذا يحييه وهو على كل شيء قدير. وفي خاتمة هذه السورة المشتملة على أنواع من الهدايات الكثيرة يقول تعالى {إن هذه تذكرة} أي هذه السورة موعظة {فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا} طريقا إلى رضاه أولا ثم مجاورته في الملكوت الأعلى
ثانيا، ولما أعطى تعالى المشيئة قيدها بأن يشاء الله ذلك المطلوب أولا، ومن هنا وجب الافتقار إلى الله تعالى بدعائه والضراعة إليه وهو قوله {وما تشاءون إلا أن يشاء الله} إن الله كان عليما بخلقه وبما يصلحهم أو يفسدهم حكيما في تدبيره لأوليائه خاصة ولباقي البشرية عامة فله الحمد وله المنة. وقوله {يدخل من يشاء في رحمته والظالمين8 أعد لهم عذابا أليما} إنه بهذا يدعوا كافة البشرية إلى الافتقار إليه ليغنيهم وإلى عبادته ليزكيهم وإلى جواره فيطهرهم ويرفعهم هؤلاء هم أولياؤه من أهل الإيمان والتقوى {والظالمين} أي المشركين {أعد لهم عذابا أليما} أي أهانهم لكفرهم به وشركهم في عبادته فأعد لهم عذابا مؤلما موجعا نعوذ بالله من عذابه وشديد عقابه.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- حرمة طاعة ذوي الإثم وأهل الكفر في حال الاختيار.
2- على المؤمن أن يستعين بالصلاة والذكر والدعاء فإنها نعم العون.
3- استحباب نافلة الليل.
4- مشيئة الله عز وجل قبل فوق كل مشيئة.
5- القرآن تذكرة للمؤمنين.
__________

1 إنا نحن نزلنا: أي ما افتريته ولا جئت به من عندك ولا من تلقاء نفسك كما يقول المشركون.
2 الفاء هي الفصيحة إذ هي واقعة في جواب شرط مقدر أي إذا كان الأمر ما علمت وهي ردهم دعوتك ومطالبتهم بتركها والتخلي عنها مقابل عارض من الدنيا فاصبر لحكم ربك فيهم ولا تطع منهم آثما أو كفورا واستعن بالصبر والصلاة.
3 الأصيل جمعه الأصائل والأصل كقولك سفائن وسفن قال الشاعر:
ولا بأس منها إذا دنا الأصل
وقال آخر:
لعمري لأنت البيت أكرم أهله
وأقعد في أفيائه بالأصائل
4 من الليل: من للتبعيض أي من بعض الليل لا كله.
5 الجملة تحمل التوبيخ والتقريع لأهل مكة لحنهم العاجلة وتركهم الآخرة.
6 جائز أن يكون وراءهم بمعنى بين أيديهم ولما لم يعملوا له كانوا كالتاركين له وراءهم غير ملتفتين إليه.
7 الأسر: الخلق يقال شديد الأسر أي الخلق والمراد بالخلق الأوصال والمفاصل وفقار الظهر ومن ذلك الشرج فإنه إذا خرج البول أو الغائط تقبض الموضع ولولا هذا التماسك لبقي البول سائلا والعذرة متناثرة.
8 والظالمين مفعول لفعل محذوف تقديره ويعذب الظالمين وجملة أعد لهم عذابا أليما تفسير للفعل المحذوف.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1705  
قديم 10-08-2022, 09:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,485
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الإنسان
الحلقة (861)

سورة المرسلات
مكية وآياتها خمسون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 490الى صــــ 495)


سورة المرسلات
مكية وآياتها خمسون آية

بسم الله الرحمن الرحيم
والمرسلات عرفا (1) فالعاصفات عصفا (2) والناشرات نشرا (3) فالفارقات فرقا (4) فالملقيات ذكرا (5) عذرا أو نذرا (6) إنما توعدون لواقع (7) فإذا النجوم طمست (8) وإذا السماء فرجت (9) وإذا الجبال نسفت (10) وإذا الرسل أقتت (11) لأي يوم أجلت (12) ليوم الفصل (13) وما أدراك ما يوم الفصل (14) ويل يومئذ للمكذبين (15)

شرح الكلمات:
والمرسلات عرفا: المرسلات الرياح الطيبة والعرف المتتابعة.
فالعاصفات عصفا: فالرياح الشديدة الهبوب المضرة لشدتها.
والناشرات نشرا: الرياح تنشر المطر وتفرقه في السماء نشرا.
فالملقيات ذكرا: أي فالملائكة تلقى بالوحي على الأنبياء للتذكير به.
عذرا أو نذرا: أي للأعذار بالنسبة إلى أقوام أو إنذار بالنسبة إلى آخرين.
إنما توعدون لواقع: أي إنما توعدون أيها الناس لكائن لا محالة.
فإذا النجوم طمست: أي محي نورها وذهبت.
وإذا السماء فرجت: أي انشقت وتصدعت.
وإذا الجبال سيرت: أي نسفت فإذا هي هباء منبث مفرق هنا وهناك.
وإذا الرسل أقتت: أي جمعت لوقت حدد لها لتحضر فيه.
ليوم الفصل: أي اليوم الذي يفصل الله تعالى فيه بين الخلائق.
معنى الآيات:
قوله تعالى {والمرسلات عرفا} 1 هذا بداية قسم لله تعالى أقسم فيه بعدة أشياء من مخلوقاته ولله أن يقسم بما شاء، والحكمة من الإقسام أن تسكن النفوس للخبر وتطمئن إلى صدق المخبر فيه وبذلك يحصل الغرض من إلقاء الخبر على السامعين والمقسم به هنا المرسلات وهي الرياح المتتابعة الطيبة العذبة والعاصفات2 منها وهي الشديدة الهبوب التي قد تعصف بالأشجار وتقتلعها وبالمباني وتهدمها والناشرات نشرا وهي الرياح المعتدلة التي تنشر السحاب وتفرقة أو تسوقه
للإمطار وإنزال المطر والفارقات فرقا وهي آيات القرآن الكريم تفرق بين الحق والباطل والملقيات ذكرا عذرا3 أونذرا وهي الملائكة تلقى بالوحي على من اصطفى الله تعالى من عباده للاعذار والانذار أي تعذر أناسا وتنذر آخرين هذا هو القسم والمقسم هو الله والمقسم عليه هو قوله جل ذكره إن ما توعدون أيها الناس من خير أو شر لواقع أي كائن لا محالة وعليه فأصلحوا أعمالكم بعد تصحيح نياتكم فإن الجزاء واقع لا يتخلف أبدا ولا يتغير ولا يتبدل ومتى يقع هذا الموعود الكائن لا محالة والجواب يقع في يوم الفصل إذا فما هو يوم الفصل والجواب يوم يحضر الله الشهود من الملائكة والرسل ويفصل بين الناس ومتى يكون يوم الفصل والجواب إذا النجوم طمست أي ذهب نورها ومحي وإذا السماء فرجت أي انشقت وتصدعت وإذا الجبال نسفت4 أي فتت وإذا الرسل اقتت أي حدد لها وقت معين تحضر فيه وهو يوم الفصل وما أدراك5 ما يوم الفصل تفخيم لشانه وإعلام بهوله وقوله تعالى {ويل يومئذ} أي يوم يقع الفصل العذاب الهائل الكبير {للمكذبين} بالله وبآيته ولقائه ورسوله.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
2- لله تعالى أن يقسم بما شاء من خلقه وليس للعبد أن يقسم بغير خالقه عز وجل.
3- علامات القيامة وظاهرة الانقلاب الكوني العام وهي انطماس ضوء النجوم وانفراج السماء ونسف الجبال.
4- الوعيد الشديد بالويل الذي هو واد في6جهنم تستغيث جهنم من حره للمكذبين بما يجب التصديق به من أركان الإيمان الستة، والوعد والوعيد الإلهيين.
__________

1 روى البخاري عن ابن عباس قال قرأت سورة والمرسلات عرفا فسمعتني أم الفضل (امرأة العباس) فبكت وقالت: بني أذكرتني بقراءتك هذه السورة إنها لآخر ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في صلاة المغرب.
2 العصف: قوة هبوب الريح، والنشر: ضد الطي واستعمل في الإظهار والايضاح. والعصف حالة المضرة والنشر حالة النفع جائز أن يراد بالمرسلات والعاصفات والناشرات الملائكة وكونها الرياح أظهر في التفسير وهو اختيار ابن جرير.
3 قرأ نافع عذرا بإسكان الذال وبضمها في نذرا وسكن الذال فيهما معا حفص والنذر اسم مصدر بمعنى الإنذار وكذا عذرا وهما مفعولان لأجله أي لأجل الإعذار والإنذار أي الإعذار للمحقين والإنذار للمبطلين أو البشرى للمؤمنين والنذارة للكافرين.
4 نسف الجبال دكها وتصييرها ترابا مفرقا وتسييرها كالهباء في الهواء.
5 ما أدراك: استفهام، وكذا ما يوم الفصل والمراد من الاستفهام الأول الاستبعاد والإنكار ومن الثاني التهويل من شأن يوم الفصل الذي هو يوم القيامة حيث تم الفصل فيه بين الخلائق ويتم بأن يكون فريق في الجنة وفريق في السعير.
6 قيل أن هذا الوادي هو مستنقع صديد أهل الشرك والكفر ليعلم أهل العقول أنه لا شيء أقذر منه قذارة ولا أنتن منه نتنا ولا أشد مرارة ولا أشد سوادا منه وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه أعظم واد في جهنم.

****************************** ***

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1706  
قديم 10-08-2022, 09:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,485
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

ألم نهلك الأولين (16) ثم نتبعهم الآخرين (17) كذلك نفعل بالمجرمين (18) ويل يومئذ للمكذبين (19) ألم نخلقكم من ماء مهين (20) فجعلناه في قرار مكين (21) إلى قدر معلوم (22) فقدرنا فنعم القادرون (23) ويل يومئذ للمكذبين (24) ألم نجعل الأرض كفاتا (25) أحياء وأمواتا (26) وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيناكم ماء فراتا (27) ويل يومئذ للمكذبين (28)
شرح الكلمات:
ألم نهلك الأولين: أي كقوم نوح وعاد وثمود ومن بعدهم إلى البعثة النبوية وذلك بتكذيبهم.
ثم نتبعهم الآخرين: أي إن أصروا على التكذيب ككفار مكة.
كذلك نفعل بالمجرمين: أي مثل ذلك الهلاك نهلك المجرمين.
ويل يومئذ للمكذبين: أي إذا جاء وقت الهلاك ويل فيه للمكذبين.
من ماء مهين: أي المني والمهين الضعيف.
في قرار مكين: أي حريز وهو الرحم.
إلى قدر معلوم: أي إلى وقت الولادة.
فقدرنا: أي خلقه.
فنعم القادرون: أي نحن على الخلق والتقدير.
كفاتا: أي تكفت الناس أي تضمهم أحياء فوق ظهرها وأمواتا في بطنها.
رواسي شامخات: أي جبال عاليات.
فراتا: أي عذبا.
معنى الآيات:
قوله تعالى {ألم نهلك الأولين ثم نتبعهم الآخرين كذلك نفعل بالمجرمين} إنه لما أقسم تعالى على وقوع ما أوعد به المكذبين من عذاب يوم القيامة وذكر وقت مجيئه وعلامات ذلك وذكر أن
الرسل أقتت ليوم الفصل وهو اليوم الذي يفصل فيه تعالى بين الخلائق فيقتص من الظالم للمظلوم، ويجزي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته وتوعد المكذبين بذلك فقال ويل يومئذ للمكذبين دلل هنا على قدرته على إهلاك المكذبين بما سبق له أن فعله بالمكذبين فقال في استفهام تقريري لا ينكر {ألم نهلك الأولين} من الأمم السابقة كعاد وثمود وقوم إبراهيم وقوم لوط إلى زمن البعثة النبوية {ثم نتبعهم الآخرين} فقد أهلك أكابر مجرمي قريش في بدر وقوله {كذلك نفعل بالمجرمين1} وهو وعيد صريح وحقا والله لقد أهلك المجرمين ولم ينج من الهلاك مجرم وويل2 يومئذ للمكذبين وقوله تعالى {ألم نخلقكم3 من ماء مهين فجعلناه في قرار مكين إلى قدر معلوم فقدرنا فنعم القادرون} .
هذا استدلال آخر على قدرة الله وعلمه اللذين لا يتم البعث والجزاء إلا عليهما قدرة لا يعجزها شيء وعلم لا يخفى معه شيء فقال مستفهما استفهاما تقريريا {ألم نخلقكم من ماء مهين} أي ضعيف هو المني {فجعلناه4} أي الماء {في قرار مكين} أي حريز حصين وهو الرحم {إلى قدر معلوم} وهو زمن الولادة {فقدرنا5} أي خلق الجنين على أحسن صورة أدق تركيب المسافات بين الأعضاء كما بين العينين كما بين اليدين والرجلين كما بين الأذنين كلها مقدرة تقديرا عجيبا لا تزيد ولا تنقص {فنعم القادرون} على الخلق والتقدير معا والجواب بلى ولم إذا تكفرون وتكذبون؟ {ويل يومئذ للمكذبين} وقوله {ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيناكم ماء فراتا؟} هذا استدلال آخر على قدرة الله على البعث والجزاء والاستفهام فيه للتقرير أيضا {ألم نجعل الأرض كفاتا6} أي مكان كفاية مأخوذ من كفت الشيء إذا ضمه إلى بعضه بعضا والأرض ضامة للناس كافية لهم كافتة الأحياء7 على ظهرها يسكنون ويأكلون ويشربون والأموات في بطنه لا تضيق بهم أبدا كما لم تضق بالأحياء {وجعلنا فيها} أي في الأرض {رواسي شامخات} أي جبال عاليات
{وأسقيناكم ماء فراتا} أي عذبا وهو ماء السماء ناقعا في الأرض وجاريا في الأودية والأنهار والجواب بلى، بلى إذا مالكم أيها المشركون كيف تكذبون؟ {ويل يومئذ للمكذبين} أي ويل لهم إذ حان وقت هلاكهم أي {يوم الفصل وما أدراك ما يوم الفصل؟}
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
2- الاستدلال على البعث والجزاء بالقدرة والعلم إذ هما أساس البعث والجزاء.
3- بيان إنعام الله تعالى على عباده في خلقهم ورزقهم وتدبير حياتهم أحياء وأمواتا.
4- بيان أن الناس أكثرهم لا يشكرون.
5- الوعيد الشديد للمكذبين الكافرين.
__________

1 لفظ الإجرام أصبح كالعلم على أهل الشرك والكفر إذ هم الذين أجرموا على أنفسهم بأعظم الذنوب وأشدها إفسادا للروح وهو الشرك والكفر وما بعد الكفر ذنب كما يقال.
2 هذا التكرار والتقرير والتأكيد وسيتكرر في عدة آيات في هذه السورة ومعناه قد سبق مع أول ذكره.
3 الاستفهام للتقرير وهو لا يخلو من معنى التوبيخ والتقريع للمشركين المكذبين بالبعث والجزاء.
4 فجعلنا: الفاء للتفريع والتفصيل لكيفية الخلق.
5 قرأ نافع فقدرنا بتشديد الدال وقرأها حفص بالتخفيف فالتخفيف بمعنى قدرنا تقديرا أي فعلناه على تقدير معين، وقدرنا بالتخفيف أي جعلنا على مقدار مناسب ولذا معنى القراءتين واحد وشاهده من الحديث قوله صلى الله عليه وسلم في الهلال إذا غم عليكم فاقدروا له أي قدروا له المسير والمنازل ومن الشائع قولهم قدر على فلان الموت وقدر عليه الموت بالتشديد والتخفيف.
6 قال القرطبي كفاتا أي ضامة تضم الأحياء على ظهرها والأموات في بطنها وهذا يدل على وجوب مواراة الميت ودفنه، ودفن شعره وسائر ما يزيله عنه. وهو قوله صلى الله عليه وسلم قصوا أظافركم وادفنوا قلاماتكم.
7 الكفات اسم للشيء الذي يكفت فيه أي يجمع ويضم فيه فهو اسم من كفت إذا جمع فالكفات اسم لما يكفت الوعاء اسم لما يعي والضمام اسم لما يضم.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1707  
قديم 10-08-2022, 09:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,485
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة المرسلات
الحلقة (862)

سورة المرسلات
مكية وآياتها خمسون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 496الى صــــ 499)



انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون (29) انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب (30) لا ظليل ولا يغني من اللهب (31) إنها ترمي بشرر كالقصر (32) كأنه جمالت صفر (33) ويل يومئذ للمكذبين (34) هذا يوم لا ينطقون (35) ولا يؤذن لهم فيعتذرون (36) ويل يومئذ للمكذبين (37) هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين (38) فإن كان لكم كيد فكيدون (39) ويل يومئذ للمكذبين (40)
شرح الكلمات:
انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون: أي من العذاب.
ظل ذي ثلاث شعب: أي دخان جهنم إذا ارتفع انقسم إلى ثلاث شعب لعظمته.
لا ظليل: أي كنين ساتر يكن ويستر.
ولا يغني من اللهب: أي ولا يرد شيئا من الحر.
إنها: أي النار.
بشرر كالقصر: أي الشررة الواحدة كالقصر في عظمته وارتفاعه.
كأنه جمالة صفر: أي الشرر المتطاير من النار الشررة كالقصر في عظمها وارتفاعها
وكالجمل في هيئتها ولونها والجمل الأصفر الأسود الذي يميل إلى صفرة.
هذا يوم لا ينطقون: أي فيه بشيء.
ولا يؤذن لهم: أي في العذر.
جمعناكم والأولين: أي من المكذبين قبلكم.
فإن كان لكم كيد فكيدون: أي حيلة في دفع العذاب فاحتالوا لدفع العذاب عنكم.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في تقرير عقيدة البعث والجزاء التي كان عليها مدار الحياة كلها قوله تعالى {انطلقوا1} هذا يقال للمكذبين يوم القيامة وهم في عرصاتها يقال لهم تقريعا وتبكيتا انطلقوا إلى2 ما كنتم به تكذبون وهو عذاب الآخرة ويتهكم بهم ويسخرون منهم فيقولون انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب وهو دخان النار إذا ارتفع يتشعب إلى ثلاث شعب وذلك لعظمته لا ظليل أي ليس هو ظلا حقيقيا كظل لشجرة والجدار فيكن ويستر ولا يغني3 من اللهب فيدفع الحر وقال تعالى في وصفها {إنها} أي النار {ترمي بشرر كالقصر} الشررة الواحدة كالقصر في كبره وارتفاعه كأنه أي الشرر جمالة صفراء4 أي الشرر كالجمل الأصفر وهو الأسود المائل إلى الصفرة.
ثم قال تعالى {ويل يومئذ للمكذبين} يتوعد المكذبين به وبآياته ولقائه ورسوله صلى الله عليه وسلم وقوله تعالى {هذا يوم لا ينطقون} أي هذا يوم القامة يوم لا ينطقون أي فيه بشيء {ولا يؤذن لهم} أي في الاعتذار فهم يعتذرون لا اعتذار ولا إذن به. ولطول يوم القيامة وتجدد الأحداث فيه يخبر القرآن مرة باعتذارهم وكلامهم في موطن، وينفيه في آخر، إذ هو ذاك الواقع في مواطن يتكلمون بل ويحلفون كاذبين وفي مواطن يغلب عليهم الخوف والحزن فلا يتكلمون بشيء وفي مواطن يطلب منهم أن يتكلموا فيتكلموا وفي أخرى لا، {ويل يومئذ للمكذبين} وعيد لكل المكذبين بهذا وبغيره وقوله تعالى {هذا يوم5 الفصل جمعناكم6 والأولين} أي يقال لهم يوم القيامة وهم
في عرصاتها هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون جمعناكم فيه أيها المكذبون من هذه الأمة والمكذبين الأولين من قبلها، فإن كان لكم كيد أي حيلة على خلاصكم مما أنتم فيه فكيدون أي احتالوا علي وخلصوا أنفسكم يقال لهم تبكيتا لهم وخزيا وهو عذاب روحي أشد ألما من العذاب الجسماني {ويل 7 يومئذ للمكذبين} أي ويل يوم إذ يجيء يوم الفصل للمكذبين.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- التهكم والسخرية والتبكيت من ألم أنواع العذاب الروحي يوم القيامة.
2- عرصات القيامة واسعة والمقام فيها طويل والبلاء فيها شديد.
3- تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر بعض ما يتم فيه.
4- التكذيب هو رأس الكفر، وبموجبه يكون العذاب.
__________

1 هذا الخطاب للمكذبين في يوم الفصل وهو مقول قول محذوف دل عليه صيغة الخطاب ولذا قلت في التفسير هذا يقال للمكذبين.
2 وأعيد لفظ انطلقوا على طريقة التكرير قصد التوبيخ والإهانة.
3 الاغناء جعل الغير غنيا أي غير محتاج في ذلك الغرض وعدي الفعل بمن هنا على معنى البدلية أو لتضمينه معنى يبعد.
4 قرأ نافع جمالات جمع جمالة بكسر الجيم وقرأ حفص جمالة بالإفراد والجملة اسم جمع لطائفة من الجمال أي الشررة الواحدة في عظمها كأنها جمالة صفر، والصفرة لون الشرر والصفر جمع أصفر كحمر جمع أحمر.
5 تكرير لتوبيخهم، والإشارة في هذا إلى المشهد الذي يشاهدونه في يوم فصل القضاء الذي كانوا ينكرونه ويكذبون به.
6 هذا كقوله تعالى (قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم) والمخاطبون في قوله جمعناكم المشركون المكذبون بيوم الفصل.
7 تكرير للوعيد والتهديد وهو متصل بما قبله اتصال نظائره فيما سبق وفيما يلحق.

****************************

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1708  
قديم 10-08-2022, 09:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,485
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

إن المتقين في ظلال وعيون (41) وفواكه مما يشتهون (42) كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون (43) إنا كذلك نجزي المحسنين (44) ويل يومئذ للمكذبين (45) كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون (46) ويل يومئذ للمكذبين (47) وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون (48) ويل يومئذ للمكذبين (49) فبأي حديث بعده يؤمنون (50)
شرح الكلمات:
إن المتقين: أي الذين اتقوا ربهم فآمنوا به وأطاعوه بفعل ما يحب وترك ما يكره.
في ظلال: أي في ظلال الأشجار الوارفة.
وعيون: أي من ماء ولبن وخمر وعسل.
مما يشتهون: لا مما يجدون كما هي الحال في الدنيا.
إنا كذلك نجزي المحسنين: أي كما جزينا المتقين نجزي المحسنين.
كلوا وتمتعوا: أي في هذه الحياة الدنيا.
وإذا قيل لهم اركعوا: أي صلوا لا يصلون.
بعده يؤمنون: أي بعد القرآن إذ الكتب غيره ليست معجزة والقرآن هو المعجز بألفاظه ومعانيه فمن لم يؤمن بالقرآن ما آمن بغيره بحال من الأحوال.
معنى الآيات:
من باب الترغيب والترهيب وهو أسلوب أمتاز به القرآن الكريم ذكر تعالى ما للمتقين من نعيم مقيم بعد ذكر ما للمكذبين الضالين من عذاب الجحيم فقال تعالى {إن المتقين} وهم الذين اجتنبوا الشرك والمعاصي {في ظلال وعيون} في ظلال أشجار الجنة وعيونها من ماء ولبن وخمر وعسل وفواكه كثيرة منوعة مما يشتهون1 على خلاف الدنيا إذ الناس يأكلون مما يجدون فلوا اشتهوا شيئا ولم يجدوه ما أكلوه وأما دار النعيم فإن المرء ما اشتهى شيئا إلا وجده وأكله وهذا هو السر في التعبير في غير موضع بكلمة مما يشتهون.
ومن إتمام النعيم أن يقال لهم تطييبا لخواطرهم كلوا واشربوا2 هنيئا أي متهنئين بما كنتم تعملون من الصالحات وتتركون من السيئات. وقوله تعالى إنا كذلك3 نجزي المحسنين أي كهذا الجزاء الذي جزينا به المتقين نجزي به المحسنين. ويل يومئذ للمكذبين أي بهذا الوعد الكريم.
قوله تعالى {كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون} . هذا قول الله تعالى لمشركي قريش وكفارها يهددهم الرب تبارك وتعالى ناعيا عليهم إجرامهم حتى يحين وقتهم وقد حان حيث أعلمهم أنهم لا يتمتعون إلا قليلا وقد أهلكوا في بدر. وقوله {ويل يومئذ للمكذبين} هو توعد بالعذاب الأليم لمن يكذب بوعيد الله هذا ووعده ذاك. وقوله تعالى {وإذا قيل لهم اركعوا4} أي صلوا {لا يركعون} أي لا يصلون ولا يخشعون ولا يتواضعون فيقبلون الحق ويؤمنون به، ويل يومئذ للمكذبين بشرائع الله وهداه التاركين للصلاة وقوله تعالى {فبأي 5حديث بعده يؤمنون} أي فبأي كتاب يؤمن هؤلاء المكذبون إذا لم يؤمنوا بالقرآن وذلك لما فيه من الخير والهدى ولما يدعوا إليه من السعادة والكمال كما أنه معجز بألفاظه ومعانيه بخلاف الكتب غيره فمن لم يؤمن به لا يرجى له أن يؤمن بغيره بحال من الأحوال.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر ما أعد الله تعالى لأوليائه المؤمنين المتقين المحسنين.
2- بيان نعيم أهل التقوى والإحسان وفضلهما أي فضل التقوى والإحسان.
3- صدق القرآن في أخباره إذ وعيد الله لأكابر مجرمي مكة نفذ بعد أقل من خمس سنوات.
4- من دخل مسجدا وأهله يصلون فليدخل معهم في صلاتهم وإن كان قد صلى حتى لا يكون غيره راكعا لله وهو غير راكع وقد جاء في الصحيح هذا المعنى.
__________

1 أي يتمنون إذ أكلهم للذة الأكل لا للحفاظ على الجسم كما هي الحال في الدنيا يأكل الآدمي للبقاء على حياته إذ لو ترك الغذاء هلك.
2 هذا مقول قول محذوف أي يقال لهم كلوا واشربوا.
3 إن المحسنين هم المتقون، وإنما ذكر صفة الإحسان لأن التقوى التي هي فعل وترك متوقفة على الإحسان الذي هو مراقبة الله تعالى المنتجة إحسان النيات والأعمال الصالحات.
4 يذكر أن مالكا رحمه الله تعالى: دخل المسجد بعد صلاة العصر وهو ممن لا يرى الركوع بعد العصر فجلس ولم يركع، فقال له صبي يا شيخ قم فاركع فقام فركع فقيل له في ذلك قال خشيت أن أكون من الذين (إذا قيل لهم اركعوا لا يركعون) .
5 الفاء هي الفصيحة أي إن لم تؤمنوا بهذا القرآن فبأي حديث بعده تؤمنون والاستفهام إنكاري تعجبي.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1709  
قديم 10-08-2022, 09:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,485
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)

- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة النبأ
الحلقة (863)

سورة النبأ
مكية وآياتها أربعون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 499الى صــــ 504)


سورة النبأ
مكية وآياتها أربعون آية

بسم الله الرحمن الرحيم
عم يتساءلون (1) عن النبأ العظيم (2) الذي هم فيه مختلفون (3) كلا سيعلمون (4) ثم كلا سيعلمون (5) ألم نجعل الأرض مهادا (6) والجبال أوتادا (7) وخلقناكم أزواجا (8) وجعلنا نومكم سباتا (9) وجعلنا الليل لباسا (10) وجعلنا النهار معاشا (11) وبنينا فوقكم سبعا شدادا (12) وجعلنا سراجا وهاجا (13) وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا (14) لنخرج به حبا ونباتا (15) وجنات ألفافا (16)

شرح الكلمات:
عم1: أي عن أي شيء؟
يتساءلون: أي يسأل بعض قريش بعضا.
عن النبأ العظيم: أي ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من التوحيد والنبوة والبعث الآخر.
الذي هم فيه مختلفون: أي ما بين مصدق ومكذب.
سيعلمون: عاقبة تكذيبهم عند نزع أرواحهم وعند خروجهم من قبورهم.
أوتادا: أي تثبت بها الأرض كما تثبت الخيمة بالأوتاد.
سباتا: أي راحة لأبدانكم.
لباسا: أي ساترا بظلامه وسواده.
وجعلنا النهار معاشا: أي وقتا للمعاش كسبا وأكلا.
شدادا: أي قوية محكمة الواحدة شديدة والجمع شداد.
سراجا وهاجا: أي ضوء الشمس وهاجا وقادا.
المعصرات: أي السحابات التي حان لها أن تمطر كالجارية المعصر التي دنا وقت حيضها.
ثجاجا: أي صبابا.
وجنات ألفافا: أي بساتين ملتفة.
معنى الآيات:
قوله تعالى {عم يتساءلون} أي عن أي شيء يتساءل رجال قريش فيسأل بعضهم بعضا إنهم يتساءلون عن2 النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون إنه ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من التوحيد والنبوة والبعث الآخر
. قال تعالى ردعا لهم وتخويفا كلا سيعلمون3 عند نزع أرواحهم عاقبة تكذيبهم لرسولنا وإنكارهم لتوحيدنا ولقائنا، ثم كلا سيعلمون4 يوم يبعثون من قبورهم ويحشرون إلى نار جهنم حين لا ينفعهم علم ولا يجديهم إيمان. وقوله تعالى {ألم نجعل الأرض مهادا} الآيات فذكر تعالى من مظاهر القدرة والعلم والرحمة والحكمة ما يوجب الإيمان به وبتوحيده ورسوله ولقائه لو كان القوم يعقلون فقال {ألم نجعل الأرض5 مهادا} أي فراشا ووطاء للحياة عليها؟ وهل يتم هذا بدون علم وقدرة والجبال أوتادا تثبت الأرض بها فيأمنون على حياتهم من الميدان وسقوط كل بناء وخلقناكم أزواجا الخلق مظهر من مظاهر القدرة والعلم وكونهم أزواجا مظهر6 من مظاهر الحكمة والرحمة وجعلنا نومكم سباتا أي راحة لأبدانكم. وجعلنا الليل لباسا ساترا بظلامه.
وجعلنا النهار معاشا للعيش كسبا وتمتعا به. وبنينا فوقكم سبعا شدادا وهي السموات السبع الشديدة القوية البناء لا تفنى ولا تزول إلى أن يأذن هو سبحانه وتعالى بزوالها، وجعلنا سراجا وهاجا هو الشمس المشرقة المضيئة. وأنزلنا من المعصرات أي السحابات التي حان لها أن تمطر تشبيها لها بالجارية المعصر التي قاربت الحيض ماء ثجاجا صبابا وابلا، وذلك لنخرج به حبا ونباتا وجنات ألفافا الحب كالبر والذرة لطعامكم، والنبات كالكلأ والعشب لحيواناتكم، وجنات أي بساتين ملتفة الأشجار غناء بالثمار المختلف الألوان، والطعوم كل هذه المذكورات مفتقرة إلى قدرة لا يعجزها شيء وعلم أحاط بكل شيء وحكمة لا يخلو منها شيء ورحمة تعم كل شيء والله وحده ذو القدرة والعلم والحكمة والرحمة فكيف ينكر توحيده ويكذب رسوله، ويستبعد بعثه للناس يوم القيامة لحسابهم ومجازاتهم على أعمالهم في هذه الدار وهي مختلفة منها الصالح ومنها الفاسد هل من الحكمة في شيء أن يظلم الظالمون ويفسد المفسدون، ويعدل العادلون ويصلح المصلحون ويموتون سواء ولا يكون هناك حياة أخرى يجزي فيها المسيء بإساءته والمحسن بإحسانه اللهم لا لا إنه لابد من حياة أخرى.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- مظاهر القدرة والعلم والحكمة والرحمة الإلهية في كل الآيات من قوله ألم نجعل الأرض مهادا إلى قوله وجنات ألفافا.
2- تقرير عقيدة البعث والجزاء والنبوة والتوحيد وهي التي اختلف الناس فيها ما بين مثبت وناف، ومصدق ومكذب.
3- سيحصل العلم الكامل بهذه المختلف فيها بين التاس عند نزع الروح ساعة الموت، ولكن لا فائدة من العلم ساعتها إذ قضي الأمر وانتهى الخلاف.
__________

1 عم أصلها عن ما فأدغمت النون في الميم فصارت عما وحذفت الألف تخفيفا فصارت عم فعن حرف جر وما حرف استفهام، وقدم الاستفهام لما له من حق الصدارة وأصل التركيب يتساءلون عن أي شيء؟
2 عن النبأ العظيم متعلق بمحذوف تقديره يتساءلون عن النبأ العظيم وهو الخبر الكبير وهو البعث بعد الموت إذ العرب فيه ما بين مصدق ومكذب، ويدل عليه السياق.
3 كلا حرف ردع ومعمول سيعلمون محذوف تقديره"سيعلمون" بما فيه تكذيبهم بالبعث والنبوة والتوحيد.
4 كلا هنا بمعنى حقا سيعلمون صحة ما هم به مكذبوه وله منكرون.
5 هذا الاستئناف المبدوء باستفهام تقريري جاء لعرض مظاهر قدرة الله وعلمه وحكمته ورحمته وهي موجبات إيمان به وبلقائه ونبوة رسوله وعبادته وحده دون سواه.
6 الزوج: هو مكرر الواحد وشاع إطلاق الزوج على كل من الذكر والأنثى فالرجل زوج لأنثاه والمرأة زوج لزوجها.

****************************** *

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1710  
قديم 10-08-2022, 09:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,485
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

إن يوم الفصل كان ميقاتا (17) يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا (18) وفتحت السماء فكانت أبوابا (19) وسيرت الجبال فكانت سرابا (20) إن جهنم كانت مرصادا (21) للطاغين مآبا (22) لابثين فيها أحقابا (23) لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا (24) إلا حميما وغساقا (25) جزاء وفاقا (26) إنهم كانوا لا يرجون حسابا (27) وكذبوا بآياتنا كذابا (28) وكل شيء أحصيناه كتابا (29) فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا (30)
شرح الكلمات:
إن يوم الفصل: أي الفصل بين الخلائق ليجزي كل امرىء بما كسب.
كان ميقاتا: أي ذا وقت محدد معين لدى الله عز وجل فلا يتقدم ولا يتأخر.
يوم ينفخ في الصور: أي يوم ينفخ اسرافيل في الصور.
فتأتون أفواجا: أي تأتون أيها الناس جماعات جماعات إلى ساحة فصل القضاء.
وفتحت السماء: أي لنزول الملائكة.
وسيرت الجبال: أي ذهب بها من أماكنها.
فكانت سرابا: أي مثل السراب فيتراءى ماء وهو ليس بماء فكذلك الجبال.
إن جهنم كانت مرصادا: أي راصدة لهم مرصدة للظالمين مرجعا يرجعون إليها.
لابثين فيها أحقابا: أي دهورا لا نهاية لها.
لا يذوقون فيها بردا: أي نوما ولا شرابا مما يشرب تلذذا به إذ شرابهم الحميم.
وغساقا: أي ما يسيل من صديد أهل النار، جوزوا به عقوبة لهم.
جزاء وفاقا: إذ لا ذنب أعظم من الكفر، ولا عذاب أعظم من النار.
كذابا: أي تكذيبا.
فلن نزيدكم إلا عذابا: أي فوق عذابكم الذي أنتم فيه.
معنى الآيات:
بعد أن ذكر تعالى آيات قدرته على البعث والجزاء الذي أنكره المشركون واختلفوا فيه ذكر في هذه الآيات عرضا وافيا للبعث الآخر وما يجري فيه، وبدا بذكر الأحداث للانقلاب الكوني، ثم ذكر جزاء الطاغين تفصيلا فقال عز وجل {إن يوم الفصل} أي بين الخلائق كان ميقاتا1 لما أعد الله للمكذبين بلقائه الكافرين بتوحيده المنكرين لرسالة نبيه فيه، يجزيهم الجزاء الأوفى، ثم ذكر تعالى أحداثا تسبقه فقال {يوم ينفخ في الصور} أي يوم ينفخ إسرافيل نفخة البعث وهي الثانية فتأتون أيها الناس أفواجا أي جماعات.
{وفتحت السماء} أي انشقت {فكانت أبوابا} لنزول الملائكة منها {وسيرت الجبال فكانت سرابا} هباء منبثا كالسراب في نظر الرائي. وقوله تعالى {إن جهنم كانت مرصادا2} أي إنه بعد الحساب يأتي الجزاء وهاهي ذي قد أرصدت واعدت فهي مرصاد، مرصاد لمن؟ للطاغين المتجاوزين الحد الذي حدد لهم وهو أن يؤمنوا بربهم ويعبدوه وحده ويتقربوا إليه بفعل محابه وترك مكارهه فتجاوزوا ذلك إلى الكفر بربهم والإشراك به وتكذيب رسوله وفعل مكارهه وترك محابه هؤلاء هم الطاغون الذي أرصدت لهم جهنم فكانت لهم مرصادا ومرجعا ومآبا {لابثين فيها أحقابا3} أي دهورا، {لا يذوقون فيها بردا4} أي نوما لأن النوم يسمى البرد في لغة بعض العرب، {ولا شرابا} ذا لذة {إلا حميما} وهو الماء الحار {وغساقا} وهو ما يسيل من صديد أهل النار {جزاء وفاقا} أي موافقا لذنوبهم لأنه لا أعظم من الكفر ذنبا ولا من النار عذابا ثم ذكر تعالى مقتضى هذا العذاب فقال {إنهم كانوا لا يرجون حسابا} أي ما كانوا يؤمنون بالحساب ولا بالجزاء ولا يخافون من ذلك {وكذبوا بآياتنا كذابا} أي بآياته وحججه تكذيبا زائدا.
وقوله تعالى {وكل شيء أحصيناه كتابا} إذ كانت الملائكة تكتب أعمالهم وتحصيها عليهم فهم يتلقون جزاءهم العادل ويقال لهم توبيخا وتبكيتا وهم في أشد العذاب وأمره {فذوقوا 5فلن نزيدكم إلا عذابا} فيعظم عندهم الكرب ويستحكم من نفوسهم اليأس. وهذا جزاء من تنكر لعقله فكفر بربه وآمن بالشيطان وعبد الهوى. والعياذ بالله تعالى.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- التنديد بالطغيان وبيان جزاء الظالمين.
2- التنديد بالتكذيب بالبعث والمكذبين به.
3- أعمال العباد مؤمنهم وكافرهم كلها محصاة عليها ويجزون بها.
4- تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر آثارها.
5- أبدية العذاب في الدار الآخرة وعدم إمكان نهايته.
__________

1 قال القرطبي: أي وقتا مجمعا للأولين والآخرين لما وعد الله من الجزاء وسمي بيوم الفصل لأن الله تعالى يفصل فيه بين الخلائق.
2 قال الحسن: إن على النار رصدا لا يدخل أحد الجنة حتى يجتاز عليه فمن جاء بجواز جاز ومن لم يجيء بجواز حبس والمرصاد: المكان للرصد أي الرقابة.
3 قال القرطبي: أي ماكثين في النار ما دامت الأحقاب وهي لا تنقطع كلما مضى حقب جاء حقب والحقب بضمتين والأحقاب الدهور والحقبة بالكسرة السنة والجمع حقب قال الشاعر:
كنا كندماني جذيمة حقبا
من الدهر حتى قيل لنا يتصدعا
فلما تفرقنا كأني ومالك
لطول اجتماع لم نبت ليلة معا
والحقب بالضم والسكون ثمانون سنة.
4 من شواهد البرد بمعنى النوم قول العرب منع البرد البرد. أي منع البرد النوم ومنه قول الشاعر:
ولو شئت حرمت النساء سواكم
وإن شئت لم أطعم نقاخا ولا بردا
5 قال أبو برزة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أشد آية في القرآن؟ فقال: قوله تعالى: {فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا} .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 227.42 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 221.54 كيلو بايت... تم توفير 5.89 كيلو بايت...بمعدل (2.59%)]