|
ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() "الكِتَابة" نورة سليمان عبدالله مفهوم الكتابة: تُعَدُّ الكتابة شكلًا من أشكال التواصل البشري التي تحمل مجموعة من العلامات المرئية، والتي تشكِّل لغة معينة حسب الاتفاق والعُرْف، ومن ثَمَّ فهي في حقيقتها تمثِّل اللغة في مستوياتها المتعددة، بما في ذلك الجمل والكلمات المختلفة، بالإضافة للمقاطع الصوتية، كما تشكِّل تمثيلًا مباشرًا للفكر؛ حيث إن لها مجموعةً من الوظائف ذات القيمة الاجتماعية، كما يمكن تعريف الكتابة بنظام يتكون من الرموز المرسومة، التي يمكن استخدامها للتعبير عن المعنى ونقله. والكتابة شيء جميل يُبْرِز الكاتب من خلاله قدراته الكتابية واﻷدبية والدعوية ونحو ذلك، ولا بد من الاختيار السليم المبنيِّ أولًا على الحلال والحرام، وثانيًا احترام ومراعاة الذوق العام للمتلقي؛ لأننا محاسَبون شرعًا وعرفًا على ما نكتب أو ننشر؛ قال تعالى: ﴿ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ﴾ [الإسراء: 13، 14]. وقد ورد لفظ الكتابة في القرآن في عدة مواضع؛ فمنها قوله تعالى: ﴿ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ﴾ [البقرة: 282]، وقال تعالى: ﴿ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ﴾ [الأعراف: 157]، وقال سبحانه: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الانفطار: 10 - 12]. ومن السنة: عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أول ما خلق الله القلمُ، قال له: اكتب، فقال: يا رب وما أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة))، وفي لفظ: ((لما خلق الله القلم، قال له: اكتب، فجرى بما هو كائن إلى قيام الساعة)). فالموفَّق - يا عباد الله - من هُدِيَ إلى الطيب من القول، والصالح من العمل، والجميل من السلوك، كانت جِبْلَةً فيه أو اكتسبها؛ قال تعالى في سياق وصفه أهل الجنة: ﴿ وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ ﴾ [الحج: 24]، فلا تكتب إلا المفيد الذي ينير صفحتك يوم القيامة. قال ابن القيم متحدثًا عن الكتابة: "التعليم بالقلم هو من أعظم نِعَمِ الله على عباده؛ إذ به تخلُد العلوم، وتثبُت الحقوق، وتُعلَم الوصايا، وتُحفَظ الشهادات، ويضبط حساب المعاملات الواقعة بين الناس، وبه تقيد أخبار الماضين للباقين اللاحقين، ولولا الكتابة لانقطعت أخبار بعض الأزمنة عن بعض، ودرست السنن، وتخبَّطت الأحكام، ولم يعرفِ الخَلَفُ مذاهب السلف. وقال أيضًا: فكم لله من آية نحن عنها غافلون في التعلم بالقلم، فقِفْ وقفةً في حال الكتابة، وتأمَّل حالك، وقد أمسكت القلم وهو جماد، ووضعته على القرطاس وهو جماد، فتولد من بينهما أنواع الحِكَمِ، وأصناف العلوم، وفنون المراسلات والخطب، والنظم والنثر، وجوابات المسائل. وقد قال عنه ابن كثير رحمه الله واصفًا كتبه وكتاباته: "وكتب بخطِّه الحسن شيئًا كثيرًا"، وقال ابن رجب: "وكتب بخطِّه ما لا يُوصَف كثرةً". وهناك أنواع للكتابة؛ فمنها: الكتابة الصحفية، وهناك الكتابة الأدبية التي تتنوع فيما بينها. الكتابة أجدى الوسائل لمخاطبة النفس، عندما لا تُساوِرُك نفسك الحديث مع أحدٍ، فالورقة أفضل حافظ لِما كتبت، وأفضل مُصْغٍ لِما قلت، فضِيقُك ضيقها، وحزنك حزنها، وفرحك فرحها، الكتابة وسيلة لبَوح النفس للنفس، أن ترى النفس هاربة نحو ورقة لتفشي أسرارها، ورقة واحدة فقط لا تريد أن يقرأها، أو يراها أحد. وكلنا يوم القيامة سنرى ما كتبته أيدينا؛ إن خيرًا فخيرٌ، وإن شرًا فشرٌّ؛ يقول الجاحظ: "يذهب الحكيم وتبقى كتبه، ويذهب العقل ويبقـى أثره"، ويقول الشاعر أمين الجندي: وما من كاتب إلا سيفنى ![]() ويبقى الدهر ما كتبت يداه ![]() فلا تكتب بكفِّك غير شيء ![]() يسرُّك في القيامة أن تراه ![]() نسأل الله أن يجعل ما نكتب حُجَّةً لنا. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |