|
ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
النفاق
النفاق (1) د. أمين بن عبدالله الشقاوي الحَمدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، أما بَعدُ: فإن من أعظم الذنوب عند الله تعالى النفاق؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ﴾ [النساء: 145]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ﴾ [النساء: 140]. والنفاق منه باطن خفي ومنه ظاهرٌ، فمن الباطن الخفي: تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم، أو تكذيب بعض ما جاء به، أو بُغض الرسول صلى الله عليه وسلم، أو بغض بعض ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، أو المسرة بانخفاض دين الرسول صلى الله عليه وسلم، أو الكراهية لانتصار دين الرسول صلى الله عليه وسلم، أو الاستهزاء بالله أو بدينه وكتابه ورسوله والمؤمنين. فالمنافق في هذا القسم مؤمن الظاهر، كافر الباطن، أما إيمانه الظاهر، فإنه يشهد شهادة الحق، ويصلي ويجاهد ويشارك المسلمين في شعائر الدين الظاهرة، كما هو حال المنافقين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وفي كل زمن يكون فيه الحق منصورًا، وأما كفره باطنًا فما يخفيه من التكذيب بالحق، وإضمار العداوة لله ولرسوله وللمؤمنين؛ قال تعالى: ﴿ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ﴾ [المنافقون: 1]. وهذا الصنف من الناس هم أشدُّ أعداء الله ورسوله، ولهذا كان جزاؤهم أعظم من جزاء الكافرين؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ﴾ [النساء: 145]. وقال تعالى:﴿ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: 80]، وقال تعالى: ﴿ وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [التوبة: 84]. وقد فضَحهم الله تعالى في القرآن الكريم في سورة النساء وبراءة والمنافقين، وغيرها من السور؛ وذلك لعِظم شرهم وكثرة خداعهم، ووصفهم بأنهم كذابون يصدون عن سبيل الله، وأنهم يستكبرون، كما وصفهم بأنهم لا يفقهون ولا يعلمون ولا يعقلون، ومن أبرز سماتهم - قاتلهم الله - موالاتهم للكفار، وعقدهم اللقاءات معهم في العلَن تارة، وفي السر تارات لرسم المكائد لهدم دين الإسلام والمكر بأهله؛ قال تعالى: ﴿ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ ﴾ [المائدة: 52]. وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ * فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ﴾ [محمد: 25 - 28]. اللهم طهِّر قلوبنا من النفاق، وألسنتنا من الكذب، وأعيننا من الخيانة، وأعمالنا من الرياء، اللهم إنا نعوذ بك من سيئ الأخلاق، اللهم كما حسنت خَلْقَنَا فحسِّن أخلاقنا يا ذا الجلال والإكرام. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. الأسئلة: 1- عدِّد أقسام النفاق. 2- عرِّف النفاق الباطن أو الاعتقادي، مع التمثيل. 3- اذكر صفات المنافقين، مع ذكر الدليل. 4- ما عقوبة المنافقين؟
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
رد: النفاق
النفاق (2) د. أمين بن عبدالله الشقاوي الحَمدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أما بَعدُ: فإن ثمة أعمالًا وصف النبي صلى الله عليه وسلم من يعملها بأنه منافق؛ روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ»، وقال مسلم في صحيحه: «إِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ» مكان «إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ»[1]، وفي رواية: «وإنْ صَامَ وصَلَّى وزَعَمَ أنَّهُ مُسْلِم»[2]. ولقد كان الصحابة رضوان الله عليهم والتابعون لسَعة علمهم وعميق إيمانهم، يخشون على أنفسهم من النفاق؛ قال البخاري رحمه الله في صحيحه، باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر، قَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ: «مَا عَرَضْتُ قَوْلِي عَلَى عَمَلِي إِلَاّ خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ مُكَذِّبًا». وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: «أَدْرَكْتُ ثَلَاثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ، مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يَقُولُ إِنَّهُ عَلَى إِيمَانِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ»، وَيُذْكَرُ عَنِ الْحَسَنِ رحمه الله أَنَّهُ قَالَ: مَا خَافَهُ إِلَاّ مُؤْمِنٌ، وَلَا أَمِنَهُ إِلَاّ مُنَافِقٌ، وَمَا يُحْذَرُ مِنَ الإِصْرَارِ عَلَى النِّفَاقِ وَالْعِصْيَانِ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍلِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 135][3]. ورُوي عن الحسن أنه كان يحلف في هذا المسجد بالله الذي لا إله إلا هو: ما مضى مؤمن قط، ولا بقي إلا وهو من النفاق مشفق، ولا مضى منافق قط ولا بقي إلا وهو من النفاق آمن، وكان يقول: من لم يخف النفاق فهو منافق؛ اهـ[4]. وهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول لحذيفة: أسألك بالله يا حذيفة هل عدّني رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنافقين؟ قال: لا، ولا أزكي أحدًا بعدك[5]. فعمر رضي الله عنه لم يقُل ذلك رياءً، ولكن العبد كلما ازداد علمًا، زاد خوفه من ربه، والصحابة رضي الله عنهم لعِظَم خوفهم من ربِّهم، وسَعة علمهم لم يكونوا يحتقرون الذنوب، بل كانوا يستعظمونها، ويخافون عواقبها، ففي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه أنه قال: «إِنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أَعْمَالًا هِيَ أَدَقُّ فِي أَعْيُنِكُمْ مِنَ الشَّعْرِ، إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمُوبِقَاتِ»[6]. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: يَعْنِي بِذَلِكَ الْمُهْلِكَاتِ، وفي صحيح البخاري من حديث زيد بن عبد الله بن عمر عن أبيه: قال أناس لابن عمررضي الله عنهما: «إِنَّا نَدْخُلُ عَلَى سُلْطَانِنَا فَنَقُولُ لَهُمْ خِلَافَ مَا نَتَكَلَّمُ إِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِمْ، قَالَ: كُنَّا نَعُدُّهَا نِفَاقًا»[7]. اللهم أرنا الحقَّ حقًّا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه، اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاك. والحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. الأسئلة: 1- اذكر الأعمال التي وصف النبي صلى الله عليه وسلم من يعملها بأنه منافقٌ. 2- لماذا كان الصحابة رضوان الله عليهم يخافون على أنفسهم من النفاق؟ 3- ما الموبقات؟ =========================== [1] البخاري برقم (34)، ومسلم برقم (58). [2] صحيح مسلم برقم (59) [3] صحيح البخاري، باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر. [4] جامع العلوم والحكم (2/ 492). [5] جامع العلوم والحكم (2/ 491)، وانظر: رسالة الشيخ عبدالرحيم المالكي (النصيحة والتحذير من الوقوع في الخطر الكبير) (ص: 12 - 16). [6] برقم (6492). [7] برقم (7178).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |